وأيضا فإن نعم
الله غير متناهية إذا أمعن العبد النظر في نعمه تعالى عليه قبل خلقه وعند إعادته
في آخرته وما يقع عليه من الطاعات بآلات بدنية متناهية ، وإذا أقيس المتناهي الى
غير المتناهي كان في غاية الصغر والحقارة.
والحصر : العي والبكم ، وهو ضد الفصاحة والبلاغة ، وهو مأخوذ من الحصر
وهو التضيق بقوله حصرته إذا ضيقت عليه.
والشكر : صرف
العبد ما أعطاه الله فيما خلق لأجله ، كصرف القلب في الفكر واللسان في الذكر ، وهو
: قد يكون باللسان ، وقد يكون بالجوارح والأركان ، ولا يكون إلا في مقابلة النعمة.
وأما الحمد ،
فهو الثناء على الممدوح بذكر صفات الكمال وحده ، والشكر بأنه الاعتراف بنعمة
المنعم. والاعتراف أعم من وقوعه بشهادة اللسان أو شهادة الجوارح ، ولهذا قال :
الحمد لله الذي صغرت في عظمته عبادة العابدين. فاستعمله عند ذكر صفات الكمال ، ثم
قال : وحصرت عن شكر نعمته. فاستعمل الشكر عند ذكر النعمة.
والفرق بين
الحمد والشكر من وجهين :
الأول : أن
الحمد يستعمل حيث يستحق الممدوح المدح بذكر صفاته المحمودة وان لم تصل الحامد ،
والشكر لا يكون إلا في مقابلة نعمه على الشاكر.
الثاني : أن الحمد
لا يكون الا باللسان وحده ، وأما الشكر فقد يكون بالجوارح ، قال تعالى : « اعملوا
آل داود شكرا » وقال الشاعر :
__________________