وبالتالي يقولون : وإنمّا قصده التخفيف عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. كما مرّ عن البيهقي.
ويقولون : كان ما أختاره عمر صواباً ، كما مرّ عن العيني.
وهكذا ظهرت كوامن نفوسهم على ألسنتهم فخطوها بأقلامهم ، وبانت عمريّتهم أكثر من عمر. إنّ ذلك لعجيب. وأعجب من ذلك كلّه ما سال به قلم العقاد في عبقرياته من مكابراته ولابدّ من المرور به ولنقرأ ما يقول ، فإنّه جاوز القوم في عمريته وأتى بالعجاب في عبقريته.
« يكفي أن نستحضر اليوم ما قيل عن الخلافة بعد النبيّ عليهالسلام ، لنعلم مبلغ ذلك الذكاء العجيب في مقتبل الشباب ، ونُكبر ذلك النظر الثاقب إلى أبعد العواقب ، ونلتمس لها العذر الّذي يجمل بامرأة أحبّها محمّد ذلك الحب وأعزها ذلك الإعزاز.
فقد قيل في الخلافة بعد النبيّ كثير : قيل : فيها ما يخطر على بال الأكثرين ، وما يخطر على بال الأقلين ، وما ليس يخطر على بال أحد إلّا أن يجمَحَ به التعنّت والاعتساف أغرب جماح. قيل : أنّ وصول الخلافة إلى أبي بكر إنّما كان مؤامرة بين عائشة وأبيها ؟
وقيل : انّه كان مؤامرة بين رجال ثلاثة
أعانتهم عائشة على ما تآمروا فيه ، بما كان لهما من الحظوة عند رسول الله ، وكان هؤلاء الرجال على زعم أولئك القائلين : أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح ، وهم الّذين أسرعوا ـ من