لقد مرّت في بعض صور الحديث لمحات عابرة ، ذات دلالة معينة ، وهي تكفي لإدانة منكري الغيبة والرجعة ، والذين كثر منهم الهرج والمرج على الشيعة لقولهم بالغيبة وبالرجعة ، فنسبوا اليهم كلّ قبيح ، وأكثروا التشنيع والتبديع ، ولسنا في مقام اثبات صحة عقيدة الغيبة والرجعة ، وامكان وقوعها ، ومن نافلة القول الخوض فيما أثبته الله سبحانه في كتابه بقوله تعالى : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) (١) وليس يعني ذلك الحشر يوم القيامة ، لأن ذلك قال فيه : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) (٢) فإذن هو حشر خاص (٣). كما قال في الغيبة في موسى عليهالسلام واستدل بذلك عمر نفسه لقوله تعالى : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (٤).
_______________________
(١) النمل / ٨٣.
(٢) الكهف / ٤٧.
(٣) يستدل القائلون بالرجعة على إثباتها بآيات من القرآن المجيد مثل قوله تعالى : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ) المؤمن / ١١. وقوله تعالى : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ) البقرة / ٢٥٩. وقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) البقرة / ٢٤٣. وقوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ). وقوله تعالى في أصحاب الكهف في الآية / ٢٥ ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) فقال فيهم ( ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) الكهف / ١٢.
(٤) الأعراف / ١٤٢.