ثانياً ـ وجود أبناء قصي الذين استأثرت مكة بهم زعامة وفضلاً وشرفاً ومنعة ، ممّا جعل لهم من المكانة في نفوس الآخرين أن أقروا لهم بالزعامة فكانوا يقصدونهم للحكومة وفصل التخاصم ، وينعموا في ظلهم بأمنٍ ورغد عيش.
وأصبحت زعامة قريش بين العرب زعامة حقيقية لا شك فيها قبل الإسلام ، وأبرز مثل يوضح هذه الزعامة القرشية هو أنه حين وقفت قريش موقف المعارضة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يجد استجابة ـ كاملة ـ لدعوته بين العرب ، فلمّا ألقت قريش لواء المعارضة بعد فتح مكة سنة ٨ ه لم يلبث العرب أن دخلوا في الإسلام طائعين (١).
وقد أظهرت قريش قدرة على التنظيم ، فاستطاعت أن تقيم نوعاً من التنظيم الحكومي في مكة ، هو في جوهره تنظيم قبلي تطور بحسب مقتضيات ظروف الاستقرار في مكة ، وبحسب اتصالاتها الواسعة وقيامها على التجارة واحتكاكها بالعالم المتحضر.
وقد تميزت الوظائف الحكومية إلى نوعين رئيسين :
الأول : الوظائف المتعلقة بالكعبة وهي السدانة والسقاية والرفادة.
الثاني : ما يتعلق بإدارة الشؤون العامة في البلد الحرام.
_______________________
(١) دور الحجاز في الحياة السياسية د. أحمد إبراهيم الشريف.