العمل بالجميع.
وفيه أولا : منع العلم الإجمالي. وثانيا : أنه يلزم الاقتصار على الأخذ بالمشكوكات أو الموهومات التي تكون كاشفة عن المرادات في مظنون الاعتبار ، ولا موجب للأخذ بجميع المشكوكات والموهومات ، فهذا الوجه لا يقتضي تعميم النتيجة إلى كل ظن.
الوجه الثالث :
ما حكى عن بعض المشايخ : من أن قاعدة الاشتغال تقتضي العمل بجميع أفراد الظنون ، لأن الثابت من دليل الانسداد وجوب العمل بالظن في الجملة ، وحيث إنه لم يكن في أفراد الظن ما يكون قدرا متيقنا وافيا بالأحكام ، فلابد من العمل بكل ما يحتمل الحجية.
وفيه : أن الاحتياط في المسائل الأصولية يرجع إلى الاحتياط في المسائل الفقهية (١) وقد تقدم ( في المقدمة الثالثة من مقدمات الانسداد ) بطلان الاحتياط في المسائل الفقهية.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : أنه على فرض كون النتيجة مهملة لا سبيل إلى تعميمها بأحد الوجوه الثلاثة ، ولكن قد عرفت : أنه لا وجه لأن تكون النتيجة مهملة بعد البناء على بطلان الاحتياط في كل واقعة واقعة وعدم جواز الرجوع إلى البراءة كذلك ، وعلى فرض كون النتيجة مهملة ، فلابد من الاقتصار على العمل بالخبر الموثوق به ، لأنه هو القدر المتيقن في حال الانسداد
________________________
١ ـ أقول : كم فرق بين دائرة الاحتياط في كلية الأحكام وبين دائرة الاحتياط بين الأمارات المثبتة ، وربما لا يستلزم الثاني حرجا بخلاف الأولى ، وقيام الإجماع على بطلان الاحتياط في الأولى أيضا لا يكاد يشمل الثاني ، لوجود القائل به هنا وكلامه هناك ، فتدبر.
فالأولى في الجواب عنه أن يقال : بأن ايكال الشارع بالمقدمة الرابعة كما يعين الظن يوجب بطلان الاحتياط في إجراء الانسداد الثاني أيضا ، كما أشرنا إليه كراراً.