ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

نعم ، لو كان ساجداً في الثانية ، ولما يرفع رأسه وتعلّق الشك ، لم استبعد صحته ؛ لحصول مسمّى الركعة .

الثاني : لا بد في الاحتياط من النية ، وتكبيرة الاحرام ، وجميع شرائط الصلاة واركانها ؛ لانّه : اما جزء من الصلاة ، أو صلاة منفردة ، فيجب فيه مراعاة ما يعتبر في الصلاة .

الثالث : هل يجزئ فيه التسبيح ؟ الاكثر على اعتبار الحمد ولم يذكروا التسبيح ، واثبت التخيير المفيد (١) وابن ادريس (٢) .

والذي في صحيح محمد بن مسلم عن الصادق علیه السلام : « فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب » (٣) . وكذا في صحيح ابن أبي يعفور عنه علیه السلام (٤) وزرارة عن احدهما عليهما السلام (٥) وكثير من الاخبار . نعم ، في بعضها اطلاق الصلاة (٦) مع العلم بانها شرعت للبدلية فيمكن ثبوت التخيير فيها كالمبدل ، وهو اعتبار مرغوب عنه مع عدم تيقّن البراءة به .

الرابع : ظاهر الفتاوى والاخبار وجوب تعقيب الاحتياط للصلاة من غير تخلل حدث أو كلام أو غيره ، حتى ورد وجوب سجدتي السهو للكلام قبله ناسياً كما مر (٧) .

وقال ابن ادريس : لا تفسد الصلاة بالحدث قبله ؛ لخروجه من الصلاة

__________________

(١) المقنعة : ٢٤ .

(٢) السرائر : ٥٤ .

(٣) التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٢ ح ١٤١٤ .

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٥ .

(٥) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٦ .

(٦) راجع : الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٩ ، ٣٥٠ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٤٩ ح ١٤٤٨ ، ١٨٤ ح ٧٣٤ ، ١٩٢ ح ٧٥٩ .

(٧) تقدم في ص ٧٥ الهامش ٣ .

٨١
 &

بالتسليم وهذا فرض جديد (١) . وهو ضعيف ؛ لان شرعيته ليكون استدراكاً للفائت من الصلاة ، فهو على تقدير وجوبه جزء من الصلاة ، فيكون الحدث واقعاً في الصلاة فيبطلها .

واورد على ابن ادريس التناقض بين فتواه بعدم البطلان بالحدث المتخلل وبجواز التسبيح ؛ لانّ الاول يقتضي كونها صلاة منفردة ، والثاني يقتضي كونها جزءا (٢) . ويمكن دفعه بان التسليم جعل لها حكماً مغايراً للجزء باعتبار الانفصال عن الصلاة ، ولا ينافي تبعية الجزء في باقي الاحكام .

الخامس : لو ذكر بعد الاحتياط تمام الصلاة كان له ثواب النافلة ، كما ورد به النقل (٣) . ولو ذكر النقصان صحّ وكان مكملاً للصلاة .

ويشكل في صورة الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع اذا لم يطابق الاول منهما ـ كأن بدأ بالركعتين قائماً ثم يذكر انها كانت ثلاثاً ، أو بدأ بالركعة قائماً ثم تذكر انها كانت اثنتين ـ من حيث الحكم بصحة الصلاة والانفصال منها بالكلية فلا عبرة بما يطرأ من بعد ، ومن اختلال نظم الصلاة .

والاول أقوى ؛ لان امتثال الأمر يقتضي الاجزاء ، والاعادة خلاف الاصل ، ولانه لو اعتبر المطابقة لم يسلم لنا احتياط يذكر فاعله الاحتياج إليه ؛ لحصول التكبير الزائد المنوي به الافتتاح .

ولو تذكر في اثنائه الحاجة اليه ، ففيه أوجه :

احدها : الاجزاء مطلقاً ؛ لانه من باب امتثال المأمور به .

والثاني : الاعادة ؛ لزيادة التكبير .

والثالث : الصحة اذا طابق .

__________________

(١) السرائر : ٥٤ .

(٢) اورده العلامة في مختلف الشيعة : ١٣٩ .

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢٩ ح ١٠١٥ .

٨٢
 &

وهذا انما يتصور في الفرض المذكور . وحينئذ لو بدأ بالركعتين من قيام ، ثم تذكر في اثنائها انها كانت ثلاثاً ، فانه تنقدح الصحة ما لم يركع في الثانية ، أو ركع وكان قد قعد عقيب الآولىٰ ؛ لما سبق في مثله . اما لو ركع ولما يسبق له الجلوس فالبطلان قوي ؛ لانه ان اعتبر كونه مكملاً للصلاة فقد زاد ، وان اعتبر كونه صلاة منفردة فقد صلّى زيادة عما في ذمته بغير فاصل .

ولو تذكر في أثناء الركعتين جالساً انها ثلاث فالاقرب الصحة ؛ لان الشرع اعتبرها مجزئة عن ركعة . ويحتمل البطلان لان ذلك حيث لا علم للمكلف ، اما مع علمه فيكون قد صلّى جالسا ما هو فرض معلوم له ، وهذا يقدح في صحة الصلاة وان كان قد فرغ منهما وتذكر انها ثلاث .

وابعد في الصحة لو تذكر انها اثنتان ؛ لانه يلزم منه اختلال النظم .

ووجه الصحة امتثال الامر ، والحكم بالاجزاء على تقدير كلّ محتمل ؛ اذ المكلف لا يؤاخذ بما في نفس الامر ، فاذا كان الحكم بالاجزاء حاصلاً مع البقاء على الشك ، ومن الممكن ان لا يكون مطابقاً للامر نفسه ، فلا فرق بينه وبين التذكر .

اما لو تذكر ولما يركع جالساً في الركعة الاُولى ، فالاقرب عدم الاعتداد بما فعله من النية والتكبير والقراءة ، ويجب عليه القيام لاتمام الصلاة ، ولا تضرّه تلك التكبيرة وذلك القعود الزائد .

ولو تذكر قبل الشروع في الاحتياط النقصان ، أتمّ ما لم يكن قد أتى بالمنافي عمداً وسهواً .

اذا عرفت ذلك ، فانّه في كل موضع حكم بالصحة يحتمل وجوب سجدتي السهو حيث يكون موجبها حاصلاً ، كالتسليم والعقود في موضع قيام .

السادس : لو صلّى قبل الاحتياط غيره بطل ، فرضا كان أو نفلاً ، ترتّب على الصلاة السابقة أوْ لا ؛ لان الفورية تقتضي النهي عن ضده وهو عبادة . هذا اذا كان متعمدا .

٨٣
 &

ولو فعل ذلك سهواً وكانت نافلة بطلت ، وكذا اذا كانت فريضة لا يمكن العدول فيها : اما لاختلاف نوعها كالكسوف ، واما لتجاوز محل العدول . ويحتمل الصحة ، بناءً على انّ الاتيان بالمنافي قبله لا يبطل الصلاة .

وان أمكن العدول احتمل قوياً صحته ، كما يعدل الى جميع الصلاة .

السابع : لو لزمه احتياط في الظهر ، فضاق الوقت الّا عن العصر ، زاحم به اذا كان يبقى بعده ركعة للعصر ، وان كان لا يبقى صلّى العصر . وفي بطلان الظهر الوجهان في فعل المنافي قبله ، وأولى بالبطلان هنا ؛ للفصل بين أجزاء الصلاة بصلاة اجنبية .

ولو كان في اثناءه فعلم الضيق ، فالاقرب العدول الى العصر ؛ لانّه واجب ظاهراً . ويحتمل عدمه ؛ لانه يجوز كونه نفلاً فلا يعدل عنه الى الفرض .

الثامن : يترتّب الاحتياط ترتّب المجبورات ، وهو بناء على انه لا يبطله فعل المنافي ، وكذا الاجزاء المنسية تترتب . ولو فاتته سجدة من الاُولى وركعة احتياط قدّم السجدة . ولو كانت من الركعة الأخيرة احتمل تقديم الاحتياط لتقدمه عليها ، وتقديم السجدة ؛ لكثرة الفصل بالاحتياط بينها وبين الصلاة .

التاسع : لو اعاد الصلاة من وجب عليه الاحتياط لم يجز ؛ لعدم اتيانه بالمأمور به . وربما احتمل الاجزاء ؛ لاتيانه على الواجب وزيادة .

العاشر : تجب نيّة الركعة أو الركعتين ؛ ليتحقق الامتياز والاداء أو القضاء بحسب الفريضة ، وكذا لو خرج الوقت وقلنا لا يقدح في صحة الصلاة .

تتمة :

لو فاتته السجدة أو التشهد أو الصلاة على النبي وآله عليهم السلام ، ففعل المنافي قبل فعلها ، ففيها الوجهان المذكوران في الاحتياط ، وأولى بالبطلان عند بعضهم ؛ للحكم بالجزئية هنا يقيناً .

ولا خلاف انه يشترط فيها ما يشترط في الصلاة حتى الاداء في الوقت ،

٨٤
 &

فان فات الوقت ولما يفعلها تعمداً بطلت الصلاة عند بعض الاصحاب ؛ لانه لم يأت بالماهية على وجهها . وان كان سهواً لم تبطل عنده ونوى بها القضاء ، وكانت مترتبة على الفوائت قبلها ، ابعاضاً كانت أو صلوات مستقلة (١) .

ولو فاته الاحتياط عمداً احتمل كونه كالسجدة بل أولى ؛ لاشتماله على أركان . ويحتمل الصحة ، بناءً على ان فعل المنافي قبله لا يبطله ، فان قلنا به نوى القضاء بعد خروج الوقت وترتب على ما سلف .

ويحتمل قوياً صحة الصلاة بتعمّد ترك الابعاض وان خرج الوقت ؛ لعدم توقّف صحة الصلاة في الجملة عليها ، بخلاف الاحتياط لتوقّف صحة الصلاة عليه .

وعلى القول بان فعل المنافي قبله لا يبطله ، لا يضر خروج الوقت .

وعلى تقدير القول بالصحة ، فالاثم حاصل ان تعمد المنافي ؛ للاجماع على وجوب الفورية فيه .

ويلحق بذلك النظر في سجدتي السهو ، وفيه خمسة مباحث :

الاول : في موجبهما ، واختلف فيه الاصحاب :

فقال ابن الجنيد : تجبان : لنسيان التشهد الاول أو الثاني اذا كان قد تشهد أولاً والّا أعاد ، وللشك بين الثلاث والاربع أو بين الاربع والخمس اذا اختار الاحتياط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً ، ولتكرير بعض أفعال الركعتين الاخيرتين سهواً ، والسلام سهواً اذا كان في مصلّاه فأتمّ صلاته ، وللشك بين الاثنتين والثلاث والاربع بعد الاحتياط .

قال : وسجدتا السهو تنوبان عن كل سهو في الصلاة .

وقال الجعفي : تجب للشك بين الاربع والخمس ، وهما النقرتان . وسمّى ركعتي احتياط الشك بين الثلاث والاربع : المرغمتين .

__________________

(١) هو العلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ١٤٠ .

٨٥
 &

وقال المفيد ـ رحمه الله ـ في المقنعة : فوات السجدة والتشهد حتى يركع ، والكلام ناسياً (١) . وفي العزية أوجبهما على من لم يدرِ أزاد ركوعاً أو نقصه ، أو زاد سجدة أو نقصها وكان قد تجاوز محلها (٢) .

وقال ابن ابي عقيل : تجب للشك بين الاربع والخمس فما عداها ، والكلام سهواً خاطب المصلي نفسه أو غيره (٣) .

وقال ابو جعفر بن بابويه : لا تجبان الّا على من قعد في حال قيامه ، أو قام في حال قعوده ، أو ترك التشهد ، أو لم يدرِ زاد أو نقص . واوجبهما أيضاً بالكلام ناسياً (٤) .

وقال والده تجب في نسيان التشهد ، والشك بين الثلاث والاربع مع ظن الرابعة (٥) . ووافقه ابنه فيه كما مرّ .

وقال المرتضى ـ قدس الله روحه ـ : تجبان في خمسة : نسيان السجدة والتشهد ، والكلام ساهياً ، وفي القعود حالة قيام وبالعكس ، وفي الشك بين الأربع والخمس (٦) . وتبعه ابن البراج وزاد : التسليم في غير موضعه (٧) . وابن حمزة تبعه وزاد : السهو عن السجدتين من الاخيرتين (٨) .

وقال الشيخ في النهاية : تجبان : لنسيان السجدة ، والتشهد ، والشك بين الاربع والخمس ، وللسلام ناسياً في غير موضعه ، والتكلم ناسياً . وسماهما

__________________

(١) المقنعة : ٢٤ .

(٢) حكاه عنهما العلّامة في مختلف الشيعة : ١٤٠ .

(٣) حكاه عنهما العلّامة في مختلف الشيعة : ١٤٠ .

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٢ ، المقنع : ٣١ .

(٥) مختلف الشيعة : ١٤٠ .

(٦) جمل العلم والعمل ٣ : ٣٧ .

(٧) المهذب ١ : ١٥٦ .

(٨) الوسيلة : ١٠٠ .

٨٦
 &

المرغمتين (١) .

وفي المبسوط عدّ هذه ثم قال : وفي أصحابنا من قال : انّ من قام في حال قعود ، أو قعد في حال قيام ، فتلافاه كان عليه سجدتا السهو . وكذا نَقل انهما تجبان في كل زيادة ونقصان ، وفرّع عليه وجوبهما بزيادة فرض أو نفل ونقصانهما ، فعلاً كانا أو هيئة . ثم قال : الاظهر في الروايات والمذهب الاول (٢) .

وفي نهاية الفاضل والتذكرة : لو زاد فعلاً مندوباً أو واجباً في غير محله نسياناً سجد للسهو . قال : ولو عزم على فعل مخالف للصلاة ، أو على ان يتكلم عمداً ولم يفعل ، لم يلزمه سجود لان حديث النفس مرفوع عن امتنا ، وانما السجود في عمل البدن (٣) .

وفي الجمل كالذي قال في المبسوط ، الا انه لم يذكر التشهد (٤) .

وفي الخلاف : لا تجبان الا في أربعة : الشك ، والكلام ، والسلام ، ونسيان السجدة أو التشهد . ونقل عن بعض الاصحاب الوجوب في كل زيادة ونقصان (٥) .

وقال ابو الصلاح : تجبان للسلام ، والكلام ، والقعود في موضع القيام وبالعكس ، ونسيان السجدة ، وللشك في كمال الفرض ، وزيادة ركعة عليه ، واللحن في الصلاة نسياناً (٦) .

وقال سلار : تجبان للكلام ، ونسيان السجدة ، وللتشهد ، والقعود في حال

__________________

(١) النهاية : ٩١ ، ٩٣ .

(٢) المبسوط ١ : ١٢٣ ، ١٢٥ .

(٣) نهاية الاحكام ١ : ٥٤٧ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٤١ .

(٤) الجمل والعقود : ١٨٩ .

(٥) الخلاف ١ : ٤٥٩ المسألة : ٢٠٢ ، ١٤٩ .

(٦) الكافي في الفقه : ١١٨ ، ١٤٨ .

٨٧
 &

القيام وبالعكس (١) . ولا ريب ان السلام ناسياً يدخل في قوله وقول المرتضى ـ رحمه الله ـ .

وقال ابن زهرة : للسجدة المنسية والتشهد ، وللقعود والقيام في غير موضعهما ، وللشك بين الاربع والخمس ، والكلام سهواً (٢) .

وقال ابن ادريس : تجبان بستة : نسيان السجدة والتشهد ، والكلام ، والقعود والقيام في غير موضعهما ، والشك بين الأربع والخمس (٣) .

والشيخ نجم الدين أوجبهما في نسيان السجدة والتشهد ، والسلام والكلام والشك بين الاربع والخمس . وحكى القيام والقعود ، وردّه برواية سماعة عن أبي عبد الله علیه السلام : « من حفظ سهوه فاتمّه فليس عليه سجدتا السهو » . وحكى الزيادة والنقصان والمتمسّك من الجانبين ولم يرجّح شيئا (٤) .

وقال ابن عمه الشيخ نجيب الدين ـ في الجامع ـ بمقالته ، وحكى القيام والقعود (٥) .

والفاضل ـ رحمه الله ـ اختار ذلك واضاف اليه القعود والقيام في غير موضعهما ، والزيادة والنقيصة معلومة كانت أو مشكوكة (٦) .

ولنشر الى بعض الروايات :

فالتشهد المنسي قد ذكر مأخذه في التاسعة من مسائل السهو . وروى محمد بن علي الحلبي عن الصادق علیه السلام في ناسي التشهد : يرجع

__________________

(١) المراسم : ٨٩ .

(٢) الغنية : ٥٠٤ .

(٣) السرائر : ٥٥ وزاد فيه : من سلّم في غير موضع التسليم ، وبه تتم الشروط الستة .

(٤) المعتبر ٢ : ٣٩٨ .

ورواية سماعة في الكافي ٣ : ٣٥٥ ح ١ .

(٥) الجامع للشرائع : ٨٦ .

(٦) مختلف الشيعة : ١٤٠ .

٨٨
 &

فيتشهد وليس عليه سجدتا السهو (١) وهو ظاهر فيما يتلافى في الصلاة ، فلا ينافي وجوبهما فيما يؤتى به بعدها .

واما السجدة فلم نقف فيها على خصوص نص بالوجوب . نعم ، تدخل فيما رواه سفيان بن السمط عنه علیه السلام : « تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان » (٢) الّا انّ هذا العموم يعارضه رواية ابي بصير سألته عمن نسي ان يسجد سجدة ، « اذا انصرف قضاها وليس عليه سهو » (٣) وربما تحمل على سهو يوجب احتياطاً أو اعادة .

واما الكلام نسياناً فيشهد له صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق علیه السلام (٤) . ولا يعارضها صحيح زرارة عن الباقر علیه السلام : « لا شي‌ء عليه » (٥) لا مكان حمله على نفي الاعادة أو الاثم .

واما التسليم فلانّه كلام ليس من الصلاة وزيادة . وفي صحيح محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام : لا شي‌ء فيه (٦) وجوابه كالاول .

واما القيام والقعود في غير محلهما فللزيادة ، ورواية عمار عن أبي عبد الله علیه السلام فيما يجب به سجدتا السهو : « اذا أردت ان تقعد فقمت ، أو تقوم فقعدت ، أو أردت ان تقرأ فسبّحت ، أو أردت ان تسبّح فقرأت ، فعليك سجدتا السهو » (٧) .

قلت : يمكن ان تحمل على من تلافى القراءة أو التسبيح المراد ، فيكون

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٨ ح ٦٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ح ١٣٧٦ .

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٥ ح ٦٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦١ ح ١٣٦٧ .

(٣) الفقيه ١ : ٢٢٨ ح ١٠٠٨ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ح ٥٩٨ ، الاستبصار ١ : ٣٥٨ ح ١٣٦٠ .

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٦ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٩١ ح ٧٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٨ ح ١٤٣٣ .

(٥) التهذيب ٢ : ١٩١ ح ٧٥٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٨ ح ١٤٣٤ .

(٦) التهذيب ٢ : ١٩١ ح ٧٥٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٩ ح ١٤٣٦ .

(٧) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ح ١٤٦٦ .

٨٩
 &

من باب الزيادة . ويمكن ان تحمل على من فعل ذلك وفات محل التلافي ، فيكون من باب النقيصة ، فمن ثم لم يعد شيئاً خارجاً .

واما الزيادة والنقصية فلما مر ، ولما روى ابن الجنيد في النقيصة (١) . وروى عبيد الله الحلبي ـ في الصحيح ـ عن أبي عبد الله علیه السلام ، قال : « اذا لم تدرِ اربعاً صليت أو خمساً ، أم نقصت أم زدت ، فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهد فيهما تشهداً خفيفاً » (٢) . وروى الفضيل بن يسار عنه علیه السلام : « من حفظ سهوه فاتمّ فليس عليه سجدتا السهو ، وانما السهو على من لم يدرِ زاد في صلاته أو نقص » (٣) .

واما الشك بين الاربع والخمس فلما ذكر ، ولما روى عبد الله بن سنان عن علي علیه السلام : « اذا كنت لا تدري أربعاً صليت أو خمساً ، فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم تسلم بعدهما » (٤) .

وبالجملة : ما اختاره الفاضل أعدل الاقوال .

البحث الثاني : في اتحاد السبب وتكثّره .

لا ريب في الوجوب عند اتحاد السبب ، وكذا اذا كثر في صلوات متباعدة . ولا ريب في انتفائه اذا خرج الى حد الكثرة في صلاة أو صلوات .

اما لو تعدّد سبب السجدتين في صلاة واحدة ، ولم يخرج الى حد الكثرة المقتضية للعفو ، فالاقرب عدم التداخل ؛ لقيام السبب ، واشتغال الذمة ، ولما رُوي عن النبي صلّى الله عليه وآله انّه قال : « لكل سهو سجدتان » (٥) . ولا فرق

__________________

(١) سيأتي في ص ٩٣ .

(٢) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠١٩ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ ح ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٤١ .

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠١٨ .

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٥ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٩٥ ح ٧٦٧ ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله علیه السلام .

(٥) مسند احمد ٥ : ٢٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٥ ح ١٢١٩ ، سنن ابي داود ١ : ٢٧٣ ح ١٠٣٨ ،

=

٩٠
 &

بين ان يختلف السبب ـ كالسلام والقيام ـ أو يتحد ـ كالتسليم مراراً ـ مع اختلاف أوقات النسيان .

والشيخ جعل عدم التداخل أحوط (١) .

وابن ادريس فصّل ، فأوجب التداخل اذا تجانس السبب ؛ لانه صادق على القليل والكثير ، بخلاف ما اذا اختلف السبب ؛ لان كل واحد لا يدخل تحت لفظ الأمر بالآخر (٢) .

وجوابه : ان كل واحد لو انفرد لأوجب حكماً ، فعند الاجتماع لا يزول ما كان ثابتاً حال الانفراد .

نعم ، لو نسي القراءة مثلا لم تجب عليه لكل حرف منسي سجدتان ، وان كان لو انفرد لاوجب ذلك ؛ لان اسم القراءة يشملها .

ولو نسيها في الركعات نسياناً مستمراً لا يذكر فيه ، فالظاهر انها سبب واحد .

ولو تذكر ثم عاد الى النسيان ، فالاقرب تعدّد السبب . وكذا لو تكلم بكلمات متوالية أو متفرقة ولم يتذكر النسيان فكلام واحد ، فلو تذكر تعدّد .

فروع :

ينبغي ترتيبه بترتّب الاسباب . ولو كان هناك ما يقضى من الاجزاء ، قدّمه على سجدتي السهو وجوباً على الاقوى .

ولو تكلم ونسي سجدة ، سجدها أولاً ثم سجد لسهوها وان كان متأخراً عن الكلام ؛ لارتباطه بها . ويحتمل تقديم سجود الكلام ؛ لتقدّم سببه .

__________________

=

السنن الكبرى ٢ : ٣٣٧ .

(١) المبسوط ١ : ١٢٣ ، الخلاف ١ : ٤٥٨ المسألة : ٢٠١ .

(٢) السرائر : ٥٥ .

٩١
 &

ولو ظن سهوه كلاماً فسجد له ، فتبيّن انه كان نسيان سجدة ، فالاقرب الاعادة ؛ بناءً على ان تعيين السبب شرط . وهو اختيار الفاضل (١) .

ولو نسي سجدات أتى بها متتالياً ، وسجد للسهو بعدها ، وليس له ان يخلله بينها ـ على الأقرب ـ صوناً للصلاة عن الاجنبي .

البحث الثالث : محلهما بعد التسليم ، سواء كانتا للزيادة أو النقيصة ـ على المشهور ـ حذراً من الزيادة في الصلاة ، ولما تقدم في رواية ابن الحجاج (٢) وموثقة عبد الله بن ميمون عن الصادق علیه السلام عن علي علیه السلام (٣) .

ويحتج على الشافعي (٤) بما رووه عن النبي صلّى الله عليه وآله : « لكل سهو سجدتان بعد ان يسلم » (٥) وان النبي صلّى الله عليه وآله سجدهما بعد التسليم (٦) .

ويعارضها صحيحة سعد بن سعد الاشعري عن الرضا علیه السلام : « اذا نقصت قبل التسليم ، واذا زدت فبعده » (٧) . وفي رواية ابي الجارود عن الباقر علیه السلام : « انهما قبل التسليم » (٨) واطلق . وحملهما الاصحاب على التقية ، قال الصدوق : اني افتي به حال التقية (٩) .

__________________

(١) نهاية الاحكام ١ : ٥٥٢ .

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٦ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٩١ ح ٧٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٨ ح ١٤٣٣ .

وتقدمت اجمالاً في ص ٨٩ الهامش ٣ .

(٣) التهذيب ٢ : ١٩٥ ح ٧٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٣٨ .

(٤) الاُم ١ : ١٣٠ ، المجموع ٤ : ١٥٣ .

(٥) تقدم في ص ٩٠ الهامش ٥ .

(٦) صحيح مسلم ١ : ٤٠٤ ح ٥٧٣ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٣٥ .

(٧) التهذيب ٢ : ١٩٥ ح ٧٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٣٩ .

(٨) التهذيب ٢ : ١٩٥ ح ٧٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٤٠ .

(٩) الفقيه ١ : ٢٢٥ .

٩٢
 &

واما رواية العامة انّ النبي صلّى الله عليه وآله سجد قبل السلام (١) وان الزهري قال : آخر الأمرين السجود قبل التسليم (٢) ، فلم يثبت عندنا ، كيف واهل البيت أعرف بحال صاحب البيت !

وقال ابن الجنيد : ان كرّر بعض أفعال الصلاة في الأخيرتين ساهياً سجد للسهو بعد سلامه ، وان عدل من النفل الى الفرض استحب ان يسجد للسهو قبل سلامه ؛ لسهوه عن نية الفرض الذي قضاه ؛ لانه نقص الصلاة .

قال : وقد رُوي عن النبي صلّى الله عليه وآله : « من ترك شيئاً من صلاته فليسجد سجدتي السهو بعد سلامه ، وان كان بنقصان فيها سجد قبل سلامه » .

وليس في هذا كله تصريح بما يرويه بعض الاصحاب ان ابن الجنيد قائل بالتفصيل (٣) . نعم ، هو مذهب أبي حنيفة من العامة (٤) .

فروع :

لو قلنا بفعله قبل التسليم ، فظن موجبه ففعله ثم تبين ان لا موجب ، لم يسجد له ، قاله الفاضل ، معللاً بانه لا سهو في سهو (٥) .

قلت : يشكل على القول بوجوب التسليم ؛ لانه تبين انه زاد في الصلاة سجدتين .

ولو سجد ثم سها سجد ثانياً ؛ لان سجود السهو انما يجبر ما قبله .

__________________

(١) الموطأ ١ : ٩٦ ، سنن الدارمي ١ : ٣٥٣ ، صحيح البخاري ٢ : ٨٥ ، صحيح مسلم ١ : ٣٩٩ ح ٥٧٠ ، سنن النسائي ٣ : ١٩ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٣٤ .

(٢) السنن الكبرى ٢ : ٣٤١ .

(٣) قاله العلامة في مختلف الشيعة : ١٤٢ .

(٤) حلية العلماء ١ : ١٥٠ ، اللباب ١ : ٩٤ .

(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ١٤١ .

٩٣
 &

ولو سلّم قبل السجود متعمداً ، بطلت صلاته على القول بوجوبهما قبله . ولو كان ناسياً فالاقرب الصحة ، ويأتي بهما بعده . وهل يجب سجود السهو هنا ؟ وجهان : من تحقق الاخلال به في غير موضعه ، ومن انه لا سهو في سهو .

البحث الرابع : تجب فيهما النية لانهما عبادة ، وتعيين السبب ، وجميع ما يعتبر في سجود الصلاة الا الذكر ، فانه يقول فيهما : « بسم الله وبالله ، وصلّى الله على محمد وعلى آل محمد » ، أو يقول : « بسم الله وبالله ، والسلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته » ؛ لرواية عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله علیه السلام انّه سمعه مرة يقول فيهما الاول ومرة اُخرى الثاني (١) ولا يستلزم سهو الامام ؛ لجواز كونه اخباراً عن حكمه فيهما .

وفي الكليني عبارة الحلبي « بسم الله وبالله ، اللهم صلّى على محمد وآل محمد » وفي المرة الاُخرى « بسم الله وبالله ، السلام عليك ايها النبي ورحمة الله (٢) » (٣) . والكل مجز . ثم يتشهد تشهدا خفيفاً ويسلم ، للحديثين السالفين (٤) وفتوى الاصحاب (٥) .

الّا ان ابا الصلاح ، قال : ينصرف منهما بالتسليم على محمد صلوات الله عليه وآله (٦) .

وجوّز الشيخ ـ في المبسوط ـ فيهما ما شاء من الاذكار (٧) .

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٩٦ ح ٧٧٣ .

(٢) في المصدر الزيادة : « وبركاته » .

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٦ ح ٥ ، ومثله في الفقيه ١ : ٢٢٦ ح ٩٩٧ الا في عبارة « اللهم صلّ » ، ففيه كما في التهذيب « وصلّىٰ الله » .

(٤) تقدما في ص ٦٧ الهامش ٤ ، ص ٩٠ الهامش ٢ .

(٥) راجع : المقنعة : ٢٤ ، المبسوط ١ : ١٢٥ ، المعتبر ٢ : ٤٠٠ .

(٦) الكافي في الفقه : ١٤٨ .

(٧) المبسوط ١ : ١٢٥ .

٩٤
 &

والفاضل في المختلف لم يوجب سوى السجدتين وجعل الباقي مستحباً ؛ تعويلا على رواية عمار عن الصادق علیه السلام : « هما سجدتان فقط ، فان كان الذي سها هو الامام كبّر اذا سجد واذا رفع رأسه ، ليعلم من خلفه انه قد سها ، وليس عليه ان يسبّح فيهما ، ولا فيهما تشهد بعد السجدتين » (١) .

وهو معارض بما تقدم ، وبرواية الحلبي ايضا الصحيحة عن الصادق علیه السلام : « يتشهد فيهما تشهدا خفيفا » (٢) وبفتوى الاصحاب ، مع ضعف عمار .

وفي المعتبر أوجب التشهد والتسليم ولم يوجب الذكر فيهما (٣) .

والعمل بالمشهور بين الاصحاب أولى .

البحث الخامس : يجب البدار بهما على الفور ؛ لما رُوي من انهما قبل الكلام (٤) ولانّ النبي صلّى الله عليه وآله سجد عقيب الصلاة (٥) على ما روي ، والتأسي به واجب .

فلو تركهما لم يقدح في صحة الصلاة ، بل يجب الاتيان بهما بعد وان طالت المدة ؛ لما رواه عمار عن الصادق علیه السلام في ناسيهما : « يسجدهما متى ذكر » (٦) .

وفي الخلاف : هما شرط في صحة الصلاة (٧) . فعلى قوله تركهما يقدح

__________________

(١) مختلف الشيعة : ١٤٣ .

ورواية عمار في الفقيه ١ : ٢٢٦ ح ٩٩٦ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ ح ٧٧١ ، الاستبصار ١ : ٣٨١ ح ١٤٤٢ .

(٢) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠١٩ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ ح ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٤١ .

(٣) المعتبر ٢ : ٤٠٠ .

(٤) التهذيب ٢ : ١٩٥ ح ٧٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ح ١٤٣٨ .

(٥) تقدم في ص ٩٢ الهامش ٦ .

(٦) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ح ١٤٦٦ .

(٧) الخلاف ١ : ٤٦٢ المسألة : ٢٠٣ .

٩٥
 &

في الصحة ، وهو مع ذلك قائل بوجوب الاتيان بهما وان طالت المدة (١) . ومنع الشرطية الفاضلان (٢) .

وقال بعض العامة : لو نسيهما قضاهما ما لم يخرج عن المسجد أو يتكلم (٣) وآخرون ما لم يقم عن مجلسه أو يطل الزمان عرفاً (٤) . وليسا شيئاً ؛ اذ الثابت الوجوب والتقدير تحكّم .

فروع :

الأول : لو نسي أربع سجدات من أربع ركعات ، قضاها وسجد لكل واحدة سجدتين . ويحتمل الاجتزاء بسجدتين : اما على القول بالتداخل فظاهر ، واما على عدمه فلدخوله في حيز الكثرة ان تعدّد السهو . اما لو كان في سهو متصل فالظاهر انه لا يدخل في الكثرة .

وقال بعض العامة : تخلص له ركعتان إن جلس جلسة فصل أو جلسة الاستراحة ، أو قلنا بان القيام يقوم مقام الجلسة ، والّا خلص له ركعة الّا سجدة ، فيتم بسجدة ثم ثلاث ركعات (٥) .

وقال بعضهم : لا تسلم له سوى التحريمة (٦) .

وقال آخرون : ليس عليه سوى أربع سجدات متتالية (٧) .

وفي الخلاف : لا نص لأصحابنا فيها ، وقضية المذهب بطلان الصلاة ان

__________________

(١) الخلاف ١ : ٤٦٢ المسألة : ٢٠٤ .

(٢) المعتبر ٢ : ٤٠٢ ، مختلف الشيعة : ١٤٣ .

(٣) المجموع ٤ : ١٦١ ، المغني ١ : ٧٢٢ .

(٤) المجموع ٤ : ١٥٨ ، ١٥٦ ، المغني ١ : ٧٢٣ .

(٥) المجموع ٤ : ١٢٠ ، المغني ١ : ٧٢٧ .

(٦) المجموع ٤ : ١٢١ .

(٧) المجموع ٤ : ١٢١ ، المغني ١ : ٧٢٧ .

٩٦
 &

قلنا باشتراط سلامة الركعتين الاوليين ، والا أتى بأربع وسجد للسهو أربع مرات (١) .

الثاني : لو جلس في موضع قيام ناسياً ولما يتشهد ـ كالجلوس على الاُولى أو الثالثة ـ صرف الى جلسة الاستراحة ولا سجود عليه على الاقوى ، وان تشهد وجب السجود للتشهد لا للجلوس على الاصح .

وفي الخلاف : ان كان الجلوس بقدر الاستراحة ولم يتشهد فلا سجود عليه ، وان تشهد أو جلس بقدر التشهد سجد على القول بالزيادة والنقيصة (٢) .

وفي المختلف : ان جلس ليتشهد ولم يتشهد ، فالزائد على جلسة الاستراحة يوجب السجود (٣) ، والظاهر انه مراد الشيخ . ولكن في وجوب السجود للزائد عن قدرها للتشهد اشكال ؛ لان جلسة الاستراحة لا قدر لها بل يجوز تطويلها وتركه ، فان صرف الجلوس للتشهد اليها فلا يضر طولها ، وان لم يصرف لم ينفع قصرها في سقوط سجود السهو .

الثالث : لا سجود لترك السنن ، سواء كانت قنوتاً أو غيره .

وقال ابن الجنيد : لو نسي القنوت قضاه في التشهد قبل التسليم وسجد سجدتي السهو (٥) . ورواية سفيان السالفة تدل عليه (٦) ، ولكن يدخل فيها ترك جميع السنن ، كما قاله الشيخ ـ رحمه الله ـ في المبسوط (٧) .

الرابع : تسمّى هاتان السجدتان : المرغمتين ، لانهما ترغمان الشيطان ،

__________________

(١) الخلاف ١ : ٤٥٦ المسألة : ١٩٩ .

(٢) الخلاف ١ : ٤٥٨ المسألة ٢٠٠ .

(٣) مختلف الشيعة : ١٤٣ .

(٤) تقدمت في ص ٨٩ الهامش ٢ .

(٥) مختلف الشيعة : ١٤٠ .

(٦) تقدمت في ص ٨٩ الهامش ٢ .

(٧) المبسوط ١ : ١٢٥ .

٩٧
 &

كما دل عليه الحديث من طرقنا (١) وطرق العامة (٢) . وسماهما الجعفي : النقرتين ، وهو في بعض الاخبار (٣) وفي بعضها النهي عن تسميتهما بالنقرتين (٤) . ومن النوادر انهما ركعتان كما ورد في بعض الاخبار .

خاتمة :

روى الصدوق باسناده الى اسماعيل بن مسلم ، عن الصادق علیه السلام : « انّ النبي صلّى الله عليه وآله قال لمن شكا اليه كثرة الوسوسة حتى لا يعقل ما صلّى من زيادة أو نقصان : اذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك اليسرى باصبعك اليمنى المسبحة ، ثم قل : بسم الله وبالله ، توكلت على الله ، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، فانك تزجره وتطرده عنك » (٥) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٧ ح ٩ ، التهذيب ٢ : ٣٤٩ ح ١٤٤٩ .

(٢) المصنف لعبد الرزاق ٢ : ٣٠٥ ح ٣٤٦٦ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ ح ٥٧١ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٧٥ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٣٩ .

(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٥ ح ١٤٣١ .

(٤) التهذيب ٢ : ١٥٦ ح ٦٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ ح ١٣٦٦ .

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٣ ح ٩٨٤ ، وفي الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ٤ .

٩٨
 &

الركن الثالث : في بقية الصلوات الواجبة‌

وفصوله اربعة :

الفصل الاول : في صلاة الجمعة .‌

وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الاول : في الشرائط‌ .

مقدّمة :

تجب صلاة الجمعة ـ بالنص والاجماع ـ ركعتان بدلاً عن الظهر .

قال الله تعالى : ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ) (١) .

وقال النبي صلّى الله عليه وآله : « الجمعة حق على كل مسلم الّا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض » (٢) .

وقال صلّى الله عليه وآله : « اعلموا انّ الله قد افترض عليكم الجمعة ، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي وله امام عادل ، استخفافا بها أو جحوداً لها ، فلا جمع الله له شمله ، ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ألا ولا زكاة له ، ألا

__________________

(١) سورة الجمعة : ٩ .

(٢) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ١٧٣ ح ٥٢٠٠ ، سنن ابي داود ١ : ٢٨٠ ح ١٠٦٧ ، سنن الدارقطني ٢ : ٣ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ٢٨٨ ، السنن الكبرى ٣ : ١٧٢ .

٩٩
 &

ولا حج له ، ألا ولا صوم له ، ألا ولا برّ له حتى يتوب » (١) .

وقال الصادق علیه السّلام ـ برواية أبي بصير ومحمد بن مسلم ـ : « ان الله تعالى فرض في كل اسبوع خمساً وثلاثين صلاة ، منها صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الا خمسة : المريض ، والمملوك ، والمسافر ، والمرأة والصبي » (٢) .

وروى زرارة عن الباقر علیه السلام ، قال : « فرض الله تعالى على الناس من الجمعة الى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها الله تعالى في جماعة وهي : الجمعة ، ووضعها عن تسعة : عن الصغير ، والكبير ، والمجنون ، والمسافر ، والعبد ، والمرأة ، والمريض ، والاعمى ، ومن كان على رأس فرسخين » (٣) .

وشروطها سبعة :

الشرط الأول : السلطان العادل ، وهو الامام أو نائبه اجماعاً منا ؛ لما مر ، ولان النبي صلّى الله عليه وآله كان يعيّن لامامة الجمعة (٤) .

ويشترط في النائب اُمور تسعة :

الاول : البلوغ ، فلا تنعقد امامة الصبي ؛ لاتصافه بما يرفع القلم ، فلا يؤمن ترك واجب أو فعل محرّم منه اذا كان مميزاً ، وان لم يكن مميزاً فلا اعتبار لافعاله .

الثاني : العقل ، فلا تنعقد امامة المجنون ؛ لعدم الاعتداد بفعله .

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٣ ح ١٠٨١ ، مسند ابي يعلى ٣ : ٣٨١ ح ١٨٥٦ ، السنن الكبرى ٣ : ١٧١ .

(٢) الكافي ٣ : ٤١٨ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٩ ح ٦٩ .

(٣) الكافي ٢ : ٤١٩ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ ح ١٢١٧ ، الخصال : ٤٢٢ ، التهذيب ٣ : ٢١ ح ٧٧ .

(٤) انظر ما يأتي في صحيفة : ١٠٤ هامش ٣ .

١٠٠