ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

في العيدين ، فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصلّ وحده كما يصلي في الجماعة » (١) .

الثانية : قال الشيخ : لا بأس بخروج العجائز ومن لا هيئة لهنّ من النساء في صلاة الاعياد ليشهدن الصلاة ، ولا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهنّ والجمال (٢) . وفي هذا الكلام أمران :

احدهما : انّ ظاهره عدم الوجوب عليهن ، ولعله لما رواه ابن ابي عمير ـ في الصحيح ـ عن جماعة منهم : حماد بن عثمان وهشام بن سالم ، عن الصادق علیه‌السلام ، انّه قال : « لا بأس بان تخرج النساء بالعيدين للتعرض للرزق » ، إلّا أنه لم يخص فيه العجائز : وقد روىٰ عبد الله بن سنان قال : « انما رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للنساء العواتق في الخروج في العيدين للتعرض للرزق (٣) . والعواتق : الجواري حين يدركْنَ .

لكنّه معارض بما رواه أبو اسحاق ابراهيم الثقفي في كتابه باسناده الىٰ علي علیه‌السلام ، انه قال : « لا تحبسوا النساء عن الخروج في العيدين ، فهو عليهنّ واجب » ، ولان الأدلة عامة للنساء .

الامر الثاني : ان الشيخ منع خروج ذوات الهيئات والجمال . والحديث دالّ علىٰ جوازه للتعرض للرزق ، اللهم إلّا أن يريد به المحصنات أو المملكات ، كما هو ظاهر كلام ابن الجنيد حيث قال : وتخرج إليها النساء

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ح ١٤٦٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٦ ح ٢٩٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ح ١٧١٦ .

(٢) المبسوط ١ : ١٧١ .

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ح ٨٥٨ .

١٦١
 &

العوائق والعجائز (١) ونقله الثقفي عن نوح بن دراج من قدماء علمائنا .

الثالثة : لو فاتت هذه الصلاة بخروج وقتها ، ففي قضائها خلاف .

فقال الشيخ في التهذيب : من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب القضاء ، ويجوز له أن يصلي إن شاء ركعتين ، وإن شاء أربعاً ، من غير ان يقصد بها القضاء (٢) .

وقال أبو الصلاح : إذا فاتت لم يجز قضاؤها واجبة ولا مسنونة (٣) .

وقال ابن إدريس : يستحب قضاؤها (٤) .

وقال ابن حمزة : اذا فاتت لا يلزم قضاؤها إلّا اذا وصل الىٰ الخطبة وجلس مستمعاً (٥) لها .

وقال ابن الجنيد : من فاتته ولحق الخطبتين صلاها اربعاً كالجمعة (٦) .

وقال أيضاً : تصلّىٰ مع الشرائط ركعتين ، ومع اختلالها اربعاً (٧) . وكذا قال علي بن بابويه (٨) .

وفي صحيح زرارة : « من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد ، فلا صلاة له ، ولا قضاء عليه » (٩) ويؤيده ما تقرر في الاصول ان الإخلال لا يستتبع القضاء في المؤقت .

__________________

(١) مختلف الشيعة : ١١٥ .

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٤ .

(٣) الكافي في الفقه : ١٥٥ .

(٤) السرائر : ٧٠ .

(٥) الوسيلة : ١١١ .

(٦) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة : ١١٤ .

(٧) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة : ١١٤ .

(٨) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة : ١١٤ .

(٩) الكافي ٣ : ٤٥٩ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٨ ح ٢٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ح ١٧١٤ .

١٦٢
 &

وحديث عبد الله بن المغيرة (١) قد يلوح منه القضاء ، لإطلاق الأمر . وروىٰ أبو البختري عن الصادق علیه‌السلام قال : « من فاته العيد فليصل اربعاً » (٢) . وربما يحتج بعموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته » (٣) .

والمشهور عدم القضاء بالكلية .

تنبيه :

قال ابن الجنيد : يصلّىٰ اربعاً مفصولات ، يعني بتسليمتين (٤) .

وقال علي بن بابويه : يصليها بتسليمة (٥) .

ولم نقف علىٰ مأخذهما ، اذ رواية الاربع (٦) مع ضعف سندها مطلقة .

الرابعة : وقتها من طلوع الشمس الىٰ الزوال .

وفي المبسوط : اذا طلعت الشمس وانبسطت (٧) .

وقال ابن أبي عقيل : بعد طلوع الشمس (٨) .

وهما متقاربان ، ويفهمان من رواية سماعة ، قال : سألته عن الغُدوّ الىٰ المصلى في الفطر والاضحىٰ ، فقال : « بعد طلوع الشمس » (٩) .

__________________

(١) تقدم في ص ١٦٠ الهامش ٤ .

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٥ ح ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ ح ١٧٢٥ .

(٣) عوالي اللآلي ٣ : ١٠٧ ، المهذب البارع ١ : ٤٦٠ .

(٤ و ٥) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة : ١١٤ .

(٦) راجع الهامش ٢ .

(٧) المبسوط ٢ : ١٦٩ .

(٨) المعتبر ٢ : ٣١٠ .

(٩) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ح ٨٥٩ .

١٦٣
 &

وفي رواية زرارة عن أبي عبد الله علیه‌السلام : « ليس في الفطر ولا الاضحىٰ أذان ولا اقامة ، اذانهما طلوع الشمس ، فإذا طلعت خرجوا » (١) .

الخامسة : وقت الخروج بعد طلوع الشمس ، لانه أول الوقت ، ولرواية سماعة وزرارة المذكورتين . وهو قول الشيخ (٢) وابن الجنيد (٣) .

وظاهر المفيد انه يخرج قبل طلوعها ، فاذا طلعت صبر هنيهة ثم صلىٰ (٤) ، لعموم : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) (٥) .

وعارض الفاضل بان التعقيب في الصبح في المساجد الىٰ طلوع الشمس أولىٰ (٦) .

وفي قوله ـ رحمه‌الله ـ : في المساجد ، إشارة إلىٰ دفع سؤال هو : إنّ التعقيب ممكن في طريقه وجلوسه في مصلّىٰ العيد ، فيكون جامعاً بين التكبير والتعقيب . فاجاب بان ذلك وان كان ممكناً إلّا ان فعله في المساجد أفضل ، وقد تقدم ان الافضل للمعقّب ملازمة مصلّاه الىٰ فراغه ، وان تعقيب صلاة الصبح منتهاه مطلع الشمس .

السادسة : لو ثبتت الرؤية من الغد ، فإن كان قبل الزوال صلّيت العيد ، وان كان بعده سقطت إلّا علىٰ القول بالقضاء .

وقال ابن الجنيد : ان تحققت الرؤية بعد الزوال افطروا وغدوا الىٰ

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٥٩ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٦ .

(٢) الخلاف ١ : ١٥٧ المسألة ٢٧ .

(٣) مختلف الشيعة : ١١٣ .

(٤) المقنعة : ٣٢ .

(٥) سورة آل عمران : ١٣٣ .

(٦) مختلف الشيعة : ١١٤ .

١٦٤
 &

العيد (١) لما روي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : « فطركم يوم تفطرون ، واضحاكم يوم تضحون ، وعرفتكم يوم تعرفون » (٢) . ورُوي : ان ركباً شهدوا عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم رأوا الهلال ، فامرهم ان يفطروا ، واذا أصبحوا أن يغدوا الىٰ مصلاهم (٣) . وهذه الاخبار لم تثبت من طرقنا .

السابعة : يحرم السفر علىٰ المخاطب بها بعد طلوع الشمس ، لاستلزام الاخلال بالواجب .

ويكره بعد الفجر ، لعدم تعيّن الوجوب حينئذ ولكن فيه تفويت الوجوب ، ولرواية عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله علیه‌السلام : « اذا اردت الشخوص في يوم عيد ، فانفجر الصبح وانت في البلد ، فلا تخرج حتىٰ تشهد ذلك العيد » (٤) ولما لم يثبت الوجوب حمل النهي علىٰ الكراهة .

الثامنة : يستحب الاصحار بها إلّا بمكة‌ ـ زادها الله شرفاً ـ تأسياً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانّه كان يصليها خارج المدينة . فروىٰ عن الصادق علیه‌السلام معاوية بن عمار : « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخرج حتىٰ ينظر الىٰ آفاق السماء » (٥) .

وروىٰ أيضاً معاوية انه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخرج الىٰ البقيع فيصلي بالناس (٦) .

__________________

(١) مختلف الشيعة : ١٤٤ .

(٢) الام : ٢٣٠ ، السنن الكبرىٰ ٥ : ١٧٦ .

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٥٢٩ ح ١٦٥٣ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ ح ١١٥٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٠ .

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٣ ح ١٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٢٨٦ ح ٨٥٣ .

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ح ٨٤٩ .

(٦) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٨ .

١٦٥
 &

وقال : « لا تصلّين يومئذ علىٰ بساط ولا بارية » (١) .

وفي مرفوعة محمد بن يحيىٰ الىٰ الصادق علیه‌السلام : « السنّة علىٰ أهل الامصار ان يبرزوا في امصارهم في العيدين ، إلّا أهل مكة فانهم يصلون في المسجد الحرام » (٢) .

وقال ابن الجنيد : ذلك لحرمة البيت ، وكذلك استحب لأهل المدينة ، لحرمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) . وهو محجوج بما تقدم ، وبما رواه محمد بن الفضل الهاشمي عن الصادق علیه‌السلام ، قال : « ركعتان من السنّة ليس تصليان في موضع إلّا بالمدينة ، يصلّي في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في العيد قبل ان يخرج إلىٰ المصلّىٰ ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فعله » (٤) .

فرع :

لو كان هناك عذر من مطر أو وحل أو خوف ، صلّيت في البلد ، حذراً من المشقة الشديدة المنافية لليسر في التكليف . وروىٰ هارون بن حمزة عن أبي عبد الله علیه‌السلام ، قال : « الخروج يوم الفطر والاضحىٰ الىٰ الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها » (٥) .

التاسعة : روىٰ عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله علیه‌السلام انه قال : « علىٰ الإمام أن يخرج المحبسين في الدَّين يوم الجمعة ويوم العيد الىٰ

__________________

(١) راجع الهامش ٥ ، المتقدم .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦١ ح ١٠ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ح ٣٠٧ .

(٣) مختلف الشيعة : ١١٥ .

(٤) الكافي ٣ : ٤٦١ ح ١١ ، الفقيه ١ : ٣٢٢ ، ح ١٤٧٥ ، التهذيب ٣ : ١٨٣ ح ٣٠٨ .

(٥) الفقيه ١ : ٣٢١ ح ١٤٦٤ ، التهذيب ٣ : ٢٨٨ ح ٨٦٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٥ ح ١٧٢١ . والجبّانة : الصحراء ، مجمع البحرين ـ مادة جبن ـ .

١٦٦
 &

العيد ويرسل معهم ، فاذا قضوا الصلاة ردّهم الىٰ السجن » (١) . وفيه تنبيه علىٰ ان المحبوس في غير الدَّين كالدم لا يخرج ، ولعله للتغليظ في الدماء ، وعلىٰ ان المحبوس لِما هو أخفّ من الدَّين يخرج ، لانه من باب التنبيه بالادنىٰ علىٰ الأعلىٰ . وظاهره الوجوب ، لأنّ لفظة « علىٰ » يشعر به .

العاشرة : يكره التنفل قبلها وبعدها الىٰ الزوال ، إلّا بمسجد المدينة‌ فانه يصلي ركعتين ، للرواية السالفة (٢) . وروىٰ زرارة عن الباقر علیه‌السلام : ليس قبلهما ولا بعدهما صلاة » (٣) والمطلق يحمل على المقيد .

واطلق ابن بابويه في المقنع كراهة التنفل (٤) وكذا الشيخ في الخلاف (٥) لظاهر هذا الحديث (٦) .

والحق ابن الجنيد المسجد الحرام ، وكل مكان شريف يجتاز به المصلّي ، وانه لا يحب اخلاؤه من ركعتين قبل الصلاة وبعدها . قال وقد روي عن أبي عبد الله علیه‌السلام : « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك في البدأة والرجعة في مسجده » (٧) . وهذا كأنّه قياس وهو مردود .

وقال أبو الصلاح : لا يجوز التطوع ولا القضاء قبل صلاة العيد ، ولا بعدها ، حتىٰ تزول الشمس (٨) . وكأنه اراد به قضاء النافلة ، كما قال الشيخ

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ح ٨٥٢ ، وأولَه : « ان على » .

(٢) تقدمت ص ١٦٦ الهامش ٤ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٩ ح ١ ، الفقيه ١ : ٣٢٠ ح ١٤٥٨ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٦ .

(٤) المقنع : ٤٦ .

(٥) الخلاف ١ : ١٥٤ المسألة ١٦ .

(٦) راجع الهامش ٣ .

(٧) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة : ١١٤ .

(٨) الكافي في الفقه : ١٥٥ .

١٦٧
 &

في المبسوط (١) ، اذ من المعلوم انه لا منع من قضاء الفريضة .

والفاضلان جوّزا صلاة التحية إذا صليت في مسجد ، لعموم الأمر بالتحية (٢) .

قلنا : الخصوص مقدّم على العموم .

وابن زهرة وابن حمزة قالا : لا يجوز التنفل قبلها وبعدها (٣) .

ويدل علىٰ كراهة قضاء النافلة ما رواه الصدوق والشيخ ـ في الصحيح ـ عن زرارة عن أبي عبد الله علیه‌السلام : « لا تقض وتر ليلتك ـ يعني في العيدين ـ ان كان فاتك شي‌ء ، حتىٰ تصلي الزوال في ذلك اليوم » (٤) .

الحادية عشرة : مذهب الشيخ في الخلاف ومختار صاحب المعتبر : أنّ الإمام لا يجوز له أن يخلف من يصلي بضعفة الناس في البلد ، لما روىٰ محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه‌السلام ، قال : « قال الناس لأمير المؤمنين علیه‌السلام : ألّا تخلّف من يصلي العيدين الناس ؟ قال : لا اُخالف السنّة » (٥) .

ونقل في الخلاف عن العامة : أنّ علياً علیه‌السلام خلّف من يصلي

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٠ .

(٢) المعتبر ٢ : ٣٢٤ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٢ ، نهاية الاحكام ٢ : ٥٨ .

وعموم الأمر في : معاني الأخبار : ٣٣٢ ح ١ ، الخصال : ٥٢٣ ح ١٣ ، أمالي الطوسي ٢ : ١٥٢ ، صحيح البخاري ٢ : ٧٠ ، صحيح مسلم ١ : ٤٩٥ ح ٧١٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٢٣ ح ١٠١٢ ، ١٠١٣ ، مسند احمد ٥ : ٣٠٥ .

(٣) الغنية : ٥٠٠ ، الوسيلة : ١١١ .

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٢ ح ١٤٧٤ عن حريز عن ابي عبد الله علیه‌السلام ، التهذيب ٢ : ٢٧٤ ح ١٠٨٨ عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر علیه‌السلام ، وليس فيهما « شي‌ء » .

(٥) الخلاف ١ : ١٥٥ المسألة ١٨ ، المعتبر ٢ : ٣٢٧ . والرواية في : التهذيب ٣ : ١٢٧ ح ٣٠٢ .

١٦٨
 &

بالضعفة (١) وأهل البيت أعرف .

الثانية عشرة : قد روينا انه يستحب مباشرة الارض في صلاة العيد بلا حائل (٢) .

وقد روىٰ الفضيل عن الصادق علیه‌السلام انّه اُتي بخمرة يوم الفطر فأمر بردّها وقال : « هذا يوم كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحب أن ينظر إلىٰ آفاق السماء ، ويضع جبهته علىٰ الارض » (٣) .

وهما دليلان علىٰ استحباب مباشرة الارض بجميع اعضاء المصلي ، وان كان في هذا الخبر تخصيص للجبهة لمكان شرفها .

الثالثة عشرة : يستحب أن يطعم قبل خروجه في الفطر ، وبعد عوده في الاضحىٰ ، لوجوب الافطار في يوم الفطر للفصل بينه وبين الصوم ، فيستحب المبادرة إليه .

وروىٰ جراح المدائني عن أبي عبد الله علیه‌السلام ، قال : « اطعم يوم الفطر قبل أن تصلي ، ولا تطعم يوم الأضحىٰ حتىٰ ينصرف الإمام » (٤) .

وروىٰ العامة عن بريدة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه كان لا يخرج يوم الفطر حتىٰ يفطر ، ولا يطعم يوم الأضحىٰ حتىٰ يصلي (٥) .

ولان الأكل من الاضحية مستحب ، وهي لا تكون إلّا بعد الصلاة . وروىٰ زرارة عن الباقر علیه‌السلام قال : « لا تأكل يوم الأضحىٰ إلّا من ضحيتك ان

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٥٥ المسألة ١٨ . والرواية في السنن الكبرىٰ ٣ : ٣١٠ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٨ . وراجع ص٧٠٣ الهامش ٣ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦١ ح ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٨٤ ح ٨٤٦ ، وفيهما : « اُتي ابي » .

(٤) الكافي ٤ : ١٦٨ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ١١٣ ح ٤٨٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ح ٣١٠ .

(٥) الجامع الصحيح ٢ : ٤٢٦ ح ٥٤٢ .

١٦٩
 &

قويت ، وان لم تقو فمعذور » (١) .

الرابعة عشرة : يستحب خروج المصلي بعد غسله والدعاء متطيّباً لابساً احسن ثيابه ، متعمّماً ، شتاءً كان أو قيظاً ، لما سبق في الجمعة .

وروىٰ العامة عن الحسن علیه‌السلام قال : « أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان نتطيب باجود ما نجد في العيد » (٢) .

اما العجائز اذا خرجن فيتنظّفن بالماء ولا يتطيّبن ، لما رُوي انه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن تفلات » (٣) أي : غير متطيبات ، وهو بالتاء المثناة فوق والفاء المكسورة .

وروىٰ عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله علیه‌السلام ، قال : يجهر الإمام بالقراءة ، ويعتمّ شاتياً وقائظاً ، فان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك (٤) .

وروىٰ العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : « ما علىٰ احدكم ان يكون له ثوبان ، سوىٰ ثوبي مهنته ، لجمعته وعيده » (٥) .

الخامسة عشرة : يستحب خروج الامام ماشياً حافياً ، بالسكينة في الاعضاء ، والوقار في النفس ، لما رُوي : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يركب في عيد ولا جنازة (٦) .

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢١ ح ١٤٦٩ .

(٢) المستدرك علىٰ الصحيحين ٤ : ٢٣٠ ، مجمع الزوائد ٤ : ٢٠ عن الطبراني في الكبير .

(٣) سنن ابي داود ١ : ١٥٥ ح ٥٦٥ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٣ : ٣١٦ ح ٢٢٠٨ .

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٠ ح ٢٨٢ .

(٥) المغني ٢ : ٢٢٨ .

(٦) الام ١ : ٢٣٣ .

١٧٠
 &

وان علياً علیه‌السلام قال : « من السنّة أن تأتي العيد ماشياً ، وترجع ماشياً » (١) .

ولما خرج الرضا علیه‌السلام لصلاة العيد في عهد المأمون خرج حافياً (٢) وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : « من أغبرت قدماه في سبيل الله حرّمهما الله علىٰ النار » (٣) .

ويستحب ان يكون مشغولاً بذكر الله تعالىٰ في طريقه ، كما نقل عن الرضا علیه‌السلام ، وتبعه المأمون في المشي والحفاء والتواضع والذكر (٤) .

السادسة عشرة : لا أذان لصلاة العيدين ، بل يقول المؤذن : الصلاة ، ثلاثاً . ويجوز رفعها باضمار خبر أو مبتدأ ، ونصبها باضمار احضروا أوْ ائتوا .

وقال ابن أبي عقيل : يقول : الصلاة جامعة (٥) .

ودلّ علىٰ الأول رواية اسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله علیه‌السلام ، قال : قلت أفيها أذان واقامة ؟ قال : « لا ، ولكن ينادي : الصلاة ، ثلاث مرات » (٦) .

__________________

(١) سنن الترمذي ٢ : ٤١٠ ح ٥٣٠ ، المصنف لابن أبي شيبة ٢ : ١٦٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤١١ ح ١٢٦٩ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٨١ ، باسقاط « وترجع ماشياً » في الجميع .

(٢) الكافي ١ : ٤٠٨ ح ٧ ، عيون اخبار الرضا ٢ : ١٤٩ ، الارشاد للمفيد ٢ : ٢٦٥ .

(٣) مسند احمد ٣ : ٤٧٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠٢ ، صحيح البخاري ٢ : ٩ ، الجامع الصحيح ٤ : ١٧٠ ح ١٦٣٢ ، سنن النسائي ٦ : ١٤ .

(٤) الكافي ١ : ٤٠٨ ح ٧ ، عيون اخبار الرضا ٢ : ١٤٩ ، الارشاد للمفيد ٢ : ٢٦٥ .

(٥) المعتبر ٢ : ٣١٦ .

(٦) الفقيه ١ : ٣٢٢ ح ١٤٧٣ ، التهذيب ٣ : ٣٩٠ ح ٨٧٣ ، وفيهما « الصلاة » مكررة مرتين .

١٧١
 &

وقد سبق قول الصادق علیه‌السلام : « أذانها طلوع الشمس » (١) وهو لا ينافي قول الصلاة ثلاثاً ، لجواز الجمع بينهما .

وقد روت العامّة أن جابراً ـ رضىٰ‌ الله عنه ـ قال : لا أذان يوم الفطر ، ولا إقامة ، ولا نداء ، ولا شي‌ء (٢) وهو محمول علىٰ نفي الوجوب ، أو نفي التأكيد في الاستحباب .

تنبيه :

ظاهر الاصحاب انّ هذا النداء ليعلم الناس بالخروج الىٰ المصلّىٰ ، لانه اُجري مجرىٰ الاذان المعلِم بالوقت . وسيأتي كلام أبي الصلاح رحمه‌الله (٣) .

السابعة عشرة : يستحب تأخّر صلاة عيد الفطر شيئاً عن صلاة الاضحىٰ ، قاله الشيخ (٤) لاستحباب الافطار قبل خروجه هنالك ، ولاشتغاله باخراج زكاة الفطر قبل الصلاة ، وليتسع الزمان للتضحية بتقديم صلاة الاضحىٰ .

الثامنة عشرة : الظاهر ان الوحدة المعتبرة في الجمعة معتبرة هنا بطريق الاولى ، وصرّح به أبو الصلاح (٥) وابن زهرة رحمهما‌الله (٦) لان اجتماع الناس في موضع واحد في السنة مرتين يكون أكثر غالباً من الجمعات ،

__________________

(١) تقدم في ص ١٦٤ الهامش ١ .

(٢) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٢٧٧ ح ٥٦٢٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٠٤ ح ٨٨٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٨٤ .

(٣) سيأتي في ص ١٩٦ الهامش ٢ .

(٤) المبسوط ١ : ١٦٩ .

(٥) الكافي في الفقه : ١٥٤ .

(٦) الغنية : ٥٠٠ .

١٧٢
 &

وليتوفّر اجتماع القلوب في المكان الواحد ، ولما رويناه عن علي علیه‌السلام انه لم يخلف أحداً ليصلي بالضعفة (١) ولأنّه لم ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه صُلّي في زمانه عيدان في بلد ، كما لم ينقل أنه صُلّيت جمعتان ، فلا وجه للتوقف في هذا .

نعم ، لو لم تجتمع الشرائط ، وصليت مستحباً جماعة ، لم يمتنع التعدد . وكذا من كان له عذر عن الخروج يصليها في منزله ولو جماعة ، وان اُقيمت فرضاً مع الإمام .

التاسعة عشرة : المشهور بين الاصحاب في ظاهر كلامهم استحباب الخطيتين فيها ، وصرّح به في المعتبر (٢) .

واوجبهما ابن إدريس (٣) والفاضل (٤) .

والروايات مطلقة ، مثل : ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله علیه‌السلام قال : « ليس فيهما منبر ، ولكن يصنع للإمام شي‌ء شبه المنبر من طين ، يقوم عليه فيخطب الناس ثم ينزل » (٥) . وفي رواية معاوية : « والخطبة بعد الصلاة » (٦) . وكذا في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد الله علیه‌السلام (٧) .

والعمل بالواجب أحوط . نعم ، ليستا شرطاً في صحة الصلاة بخلاف

__________________

(١) تقدم في ص ١٦٨ الهامش ٥ .

(٢) المعتبر ٢ : ٣٢٤ .

(٣) السرائر : ٧٠ .

(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ١٥٩ ، نهاية الاحكام ٢ : ٦١ .

(٥) الفقيه ١ : ٣٢٢ ح ١٤٧٣ ، التهذيب ٣ : ٢٩٠ ح ٨٧٣ .

(٦) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٨ .

(٧) التهذيب ٣ : ١٣٠ ح ٢٨١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ح ١٧٣٥ .

١٧٣
 &

الجمعة .

ويستحب الخطبة بما روي عن أمير المؤمنين علیه‌السلام فيه ، وقد أوردها الصدوق رحمه‌الله في كتابه لعيد الفطر خطبة وللأضحىٰ أخرىٰ (١) .

ومحلهما بعد الصلاة اجماعاً .

وفي خبر معاوية : « إنّما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان » (٢) . وروىٰ محمد بن مسلم عن أبي عبد الله علیه‌السلام أو أبي جعفر علیه‌السلام : « انّ عثمان لما أحدث أحداثه ، كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ، فلما رأىٰ ذلك قدم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة » (٣) .

وقيل : إنّ بني اُمية فعلوا ذلك (٤) ، وكذلك ابن الزبير (٥) ثم انعقد الاجماع من المسلمين علىٰ كونهما بعد الصلاة .

وفي صحاح العامة عن ابن عباس قال : شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وعمر وعثمان وكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب (٦) .

وعن جابر : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّىٰ قبل الخطبة (٧) .

وعن أبي سعيد الخدري : أنّ مروان جرّه إلىٰ الخطبة قبل الصلاة ،

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٥ ح ١٤٨٦ ، ٣٢٨ ح ١٤٨٧ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ح ٢٧٨ ، وراجع المغني ٢ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٢ .

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ح ٨٦٠ .

(٤) المغني ٢ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٢ .

(٥) المغني ٢ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٢ .

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٢٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٠٢ ح ٨٨٤ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٩٦ .

(٧) صحيح البخاري ٢ : ٢٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٠٣ ح ٨٨٥ ، السنن أبي داود ١ : ٢٩٧ ح ١١٤١ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٢ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٩٦ .

١٧٤
 &

فجرّه أبو سعيد الىٰ الصلاة قبل الخطبة . فقال له مروان : قد تُرك ما تَعلم . قال : كلا ، والذي نفسي بيده ! لا تأتون بخير مما أعلم ، ثلاث مرات (١) .

ورووا أيضاً أن مروان قدّم الخطبة ، فقال له رجل : خالفت السنة ! فقال : تُرك ذاك ! فقال أبو سعيد الخدري : اما هذا فقد قضىٰ ما عليه ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « من رأىٰ منكم منكراً فلينكره بيده ، فمن لم يستطع فلينكره بلسانه ، فمن لم يستطع فلينكره بقلبه ، وذلك أضعف الايمان » (٢) .

المسألة الموفّية العشرين : الخطبتان هنا كخطبتي الجمعة في جميع ما تقدم ، غير أن الإمام يذكر في خطبة الفطر ما يتعلق بالفطرة من الشرائط والقدر والوقت ، وفي الاضحىٰ ما يتعلق بالاضحية .

ولا يجب حضورهما ولا استماعهما اجماعاً . ونقل هذا الاجماع أيضاً الفاضل ، مع انه قائل بوجوب الخطبتين (٣) .

الحادية والعشرون : قال كثير من الاصحاب : يستحب الافطار يوم الفطر علىٰ الحلواء (٤) لما رُوي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل قبل خروجه في الفطر تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً ، أو أقل أو أكثر (٥) .

ولو أفطر علىٰ التربة الحسينية صلوات الله علىٰ مشرفها لعلّة به

__________________

(١) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٢٨٤ ح ٥٦٤٨ ، صحيح البخاري ٢ : ٢٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٠٥ ح ٨٨٩ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٩٧ .

(٢) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٢٨٥ ح ٥٦٤٩ ، مسند أحمد ٣ : ٢٠ ، صحيح مسلم ١ : ٦٩ ح ٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٦ ح ١٢٧٥ ، سنن ابي داود ١ : ٢٩٦ ح ١١٤٠ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٩٦ .

(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ١٥٩ ، نهاية الاحكام ٢ : ٦١ .

(٤) راجع : المبسوط ١ : ١٦٩ ، المهذب ١ : ١٢١ ، المعتبر ٢ : ٣١٧ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٠ .

(٥) المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٢٩٤ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٨٣ .

١٧٥
 &

فحسن ، وإلّا فالاقرب التحريم . وعلىٰ الجواز لا يتجاوز قدر الحمّصة .

والافضل الافطار علىٰ الحلاوة ، وافضلها السكر . وروي من تربة الحسين علیه‌السلام (١) . والاول أظهر ، لشذوذ الرواية ، وتحريم الطين علىٰ الاطلاق ، إلّا ما خرج بالدليل من التربة للاستشفاء .

الثانية والعشرون : لا ينقل المنبر من الجامع اجماعاً ، بل يعمل شبهه من طين ، لما سبق في الرواية (٢) .

ويستحب الذهاب بطريق والعود باُخرىٰ ، تأسياً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علىٰ ما رويناه (٣) ورووه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ليشهد له الطريقان ، ويتساوىٰ أهلهما في التبرك به ، أو للصدقة علىٰ أهل الطريقين ، أو ليسأله أهلهما عن الأمور الشرعية .

وقيل : انّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسلك الطريق الأبعد في خروجه ، ليكثر ثوابه بكثرة خطواته الىٰ الصلاة ، ويرجع بالاقرب ، لانه أسهل اذ رجوعه الىٰ المنزل (٥) .

الثالثة والعشرون : يكره الخروج بالسلاح ، لمنافاته الخضوع والاستكانة . ولو خاف عدواً لم يكره ، لما روي عن السكوني عن الصادق علیه‌السلام عن الباقر علیه‌السلام انه قال : « نهىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يخرج السلاح في العيدين ، إلّا ان يكون عدوّ ظاهراً » (٦) .

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١١٣ ح ٤٨٥ .

(٢) تقدمت في ص ١٧٣ الهامش ٥ .

(٣) الكافي ٥ : ٣١٤ ح ٤١ ، الفقيه ١ : ٣٢٣ ح ١٤٧٩ .

(٤) سنن ابي داود ١ : ٣٠٠ ح ١١٥٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٠٩ .

(٥) راجع : المجموع ٥ : ٥٦ ، المغني ٢ : ٢٤٣ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٢ .

(٦) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ ح ٣٠٥ .

١٧٦
 &

الرابعة والعشرون : يستحب إحياء ليلتي العيدين بالصلاة والدعاء والذكر ، لما روىٰ الشيخ عن وهب عن أبي عبد الله علیه‌السلام عن أبيه علیه‌السلام عن علي علیه‌السلام قال : « كان يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال من السنة ، وهي : أول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان ، وليلة الفطر ، وليلة النحر » (١) . ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب » (٢) . وموت القلب الكفر في الدنيا ، والفزع في الآخرة ، واضافة الموت إلىٰ القلب مبالغة ، كقوله ( فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) (٣) .

وقال بعض العامة : لم يرد في شي‌ء من الفضائل مثل هذه الفضيلة ، لأنّها تقتضي نزع الكفر وأهوال القيامة (٤) .

وقال الشافعي : بلغنا أنّ الدعاء مستجاب في خمس ليال : ليلة الجمعة ، والعيدين ، وأول رجب ، ونصف شعبان (٥) .

فرع :

تحصل فضيلة الإحياء بمعظم الليل ، تنزيلا لاكثر الشي‌ء منزلته . وعن ابن عباس : الإحياء أن تصلّي العشاء في جماعة (٦) .

__________________

(١) مصباح المتهجد : ٧٣٥ ، وفي قرب الاسناد : ٢٦ .

(٢) ثواب الأعمال : ١٠١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٧ ح ١٧٨٢ ، الفردوس بمأثور الخطاب ٣ : ٦١٩ ح ٥٩٣٦ ، مجمع الزوائد ٢ : ١٩٨ عن الطبراني في الاوسط والكبير .

(٣) سورة البقرة : ٢٨٣ .

(٤) فتح العزيز ٥ : ٢٠ .

(٥) الام ١ : ٢٣١ .

(٦) راجع : سنن الدارمي ١ : ٢٧٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٥٢ ، صحيح مسلم ١ : ٤٥٤ ح ٦٥٦ ، سنن الترمذي ١ : ٤٣٣ ح ٢٢١ ، مسند أحمد ١ : ٥٨ ، وفي الجميع عن عثمان : كقيام نصف ليلة . وفي سنن الدارمي ١ : ٢٧٨ ، مسند أحمد ١ : ٥٨ عن

=

١٧٧
 &

الخامسة والعشرون : يستحب التكبير في العيدين ، وفيه مباحث .

أحدها : الأشهر أنه مستحب ، وعليه معظم الاصحاب (١) ، للاصل ، ولرواية سعيد النقاش عن أبي عبد الله علیه‌السلام : « أمّا أن في الفطر تكبيراً ولكنه مسنون » . قال قلت : واين هو ؟ قال : « في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة ، وفي صلاة الفجر ، وصلاة العيد » (٢) .

وقال المرتضىٰ : مما انفردت به الامامية أنّ على المصلّي التكبير في ليلة الفطر ، وابتداؤه من دبر صلاة المغرب إلىٰ أن يرجع الامام من صلاة العيد ، وفي عيد الاضحىٰ يجب التكبير علىٰ من كان بمنىٰ عقيب خمس عشرة صلاة ، وعلىٰ غيره عقيب عشر ، لقوله تعالىٰ : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ) ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) والامر للوجوب ، ونقل فيه الاجماع أيضاً (٣) . واختاره ابن الجنيد (٤) .

وأُجيب بأنّ الأمر قد يرد للندب فيثبت مع اعتضاده بدليل آخر ، والاجماع حجّة علىٰ من عرفه .

فرع :

هذا التكبير مستحب للمنفرد والجامع ، والحاضر والمسافر ، والبلدي والقروي ، والذكر والانثىٰ ، والحر والعبد ، للعموم .

__________________

= عثمان : من صلىٰ الصبح في جماعة فهو كمن قام الليل كله . نعم في المجموع ٥ : ٤٣ حكىٰ ما في المتن عن ابن عباس مع اضافة « ويعزم أن يصلي الصبح في جماعة » .

(١) راجع : النهاية : ١٣٥ ، المهذب ١ : ١٢٣ ، المعتبر ٢ : ٣١٩ .

(٢) الكافي ٤ : ١٦٦ ح ١ ، الفقيه ٢ : ١٠٨ ح ٤٦٤ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ح ٣١١ .

(٣) الانتصار : ٥٧ . والآيتين في سورة البقرة : ١٨٥ ، ٢٠٣ .

(٤) مختلف الشيعة : ١١٥ .

١٧٨
 &

وثانيها : في محله .

وقد تضمنت رواية سعيد تكبير الفطر (١) .

وروىٰ حريز عن محمد بن مسلم ، قال : سألت ابا عبد الله علیه‌السلام عن قول الله عزّ وجل ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) . قال : « التكبير في ايام التشريق عقيب صلاة الظهر من يوم النحر إلىٰ صلاة الفجر يوم الثالث ، وفي الامصار عشر صلوات » (٢) ، ومثله رواه زرارة عن الباقر علیه‌السلام (٣) .

وقال ابن بابويه : يكبّر في الفطر عقيب الظهر والعصر يوم الفطر أيضاً (٤) . ولم نقف الآن علىٰ ماخذه مع أن الأصل العدم والشهرة تؤيده .

وقال ابن الجنيد : التكبير عقيب الفرائض واجب ، وعقيب النوافل مستحب (٥) لما رواه حفص بن غياث باسناده إلىٰ علي علیه‌السلام قال : « علىٰ الرجال والنساء ان يكبّروا أيام التشريق في دبر الصلوات ، وعلىٰ من صلّىٰ وحده ، ومن صلىٰ تطوعاً » (٦) .

ولو فاتته صلاة فقضاها كبّر عقيبها ولو خرجت أيامه ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فليقضها كما فاتته » (٧) .

ولو تركه الإمام كبّر المأموم .

__________________

(١) تقدمت في ص ١٧٨ الهامش ٢ .

(٢) الكافي ٤ : ٥١٦ ح ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦٩ ح ٩٢٠ .

(٣) الكافي ٤ : ٥١٦ ح ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٦٩ ح ٩٢١ .

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٧ ، وهو ظاهر الفقيه ٢ : ١٠٨ ح ٤٦٤ . وفي المقنع المطبوع : ٤٦ في عشر صلوات والظاهر انه تصحيف ست صلوات راجع في ذلك الحدائق الناظرة ١٠ : ٢٧٧ ، وانظر : ٢٨٥ ، مفتاح الكرامة ٣ : ١٨٥ .

(٥) مختلف الشيعة : ١١٥ .

(٦) التهذيب ٣ : ٢٨٩ ح ٨٦٩ .

(٧) عوالي اللآلي ٣ : ١٠٧ ، المهذب البارع ١ : ٤٦٠ .

١٧٩
 &

وثالثها : في كيفيته .

فروىٰ ابن بابويه أنّ علياً علیه‌السلام كان يقول في دبر كل صلاة في عيد الأضحىٰ : « الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر (١) ولله الحمد » (٢) .

وقال المفيد في تكبير الفطر : الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله إلّا الله ، والله اكبر ، والحمد لله علىٰ ما هدانا ، وله الشكر علىٰ ما اولانا . وفي الاضحىٰ : الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله إلّا الله ، والله أكبر ، والحمد لله علىٰ ما رزقنا من بهيمة الانعام (٣) .

وفي النهاية : الله اكبر ، الله اكبر ، الله اكبر ، لا إله إلّا الله ، والله اكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله علىٰ ما هدانا ، وله الشكر علىٰ ما اولانا . وفي الاضحىٰ كذلك إلّا انه يزيد فيه : ورزقنا من بهيمة الانعام (٤) .

وقال ابن ابي عقيل في الاضحىٰ : الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله إلّا الله ، والله اكبر ( الله اكبر ) (٥) ولله الحمد علىٰ ما هدانا ، الله اكبر علىٰ ما رزقنا من بهيمة الانعام ، والحمد لله علىٰ ما ابلانا (٦) .

وقال ابن الجنيد : في الفطر : الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله إلّا الله ، والله اكبر (٧) ولله الحمد علىٰ ما هدانا . وفي الاضحىٰ : الله اكبر ، الله اكبر ، الله

__________________

(١) في المصدر زيادة : « الله أكبر » .

(٢) الفقيه ١ : ٣٢٨ ح ١٤٨٧ .

(٣) المقنعة : ٣٣ .

(٤) النهاية : ١٣٥ والتكبير في اوله مرتان ، وليس فيه : ولله الحمد . راجع في ذلك : جامع المقاصد ٢ : ٤٥٠ ، مفتاح الكرامة ٣ : ١٨٥ .

(٥) هذا التكبير ليس موجوداً في بعض الكتب التي حكت قول ابن ابي عقيل ، كمختلف الشيعة : ١١٥ ، وجامع المقاصد ٢ : ٤٥١ .

(٦) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة ، ١١٥ ، وراجع المعتبر ٢ : ٣٢١ .

(٧) في مختلف الشيعة زيادة : الله اكبر .

١٨٠