ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وابن الجنيد لم يصرّح به ولكن ظاهر كلامه ذلك ، حيث قال : تلزم الصلاة عند كل مخوف سماوي (١) ، وكذا ابن زهرة (٢) ، وأمّا أبو الصلاح فلم يعرض لغير الكسوفين (٣) .

لنا : فتوىٰ الاصحاب ، وصحاح الاخبار ، كرواية عمر بن أُذينة عن رهط عن كليهما عليهما‌السلام ، ومنهم من رواه عن أحدهما عليهما‌السلام ، أنّ صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات (٤) .

وروىٰ العامّة : أنّ علياً علیه‌السلام صلّىٰ في زلزلة جماعة (٥) .

قال الشافعي : إن صح قلت (٦) به .

الثانية : الرجفة ، وقد تضمّنته الرواية (٧) وصرّح به ابن أبي عقيل (٨) وهو ظاهر الأصحاب أجمعين .

الثالثة : الرياح المخوفة . ومنهم من قال : الرياح العظيمة (٩) . وقال المرتضىٰ : الرياح العواصف (١٠) . وأطلق المفيد الرياح (١١) .

__________________

= ٣٢٩ ، مختلف الشيعة : ١١٦ .

(١) مختلف الشيعة : ١١٦ .

(٢) راجع الغنية : ٥٠٠ .

(٣) راجع : الكافي في الفقه : ١٥٥ .

(٤) التهذيب ٣ : ١٥٥ ح ٣٣٣ .

(٥) الام ٧ : ١٦٨ ، السنن الكبرىٰ ٧ : ١٦٨ .

(٦) الام ٧ : ١٦٨ ، السنن الكبرىٰ ٧ : ١٦٨ .

(٧) تقدمت في الهامش ٤ .

(٨) مختلف الشيعة : ١١٦ .

(٩) راجع الخلاف ١ : ١٥٩ المسألة ٩ ، نهاية الاحكام ٢ : ٧٦ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٤ .

(١٠) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٦ .

(١١) المقنعة : ٣٥ .

٢٠١
 &

الرابعة : الظلمة الشديدة ، ذكره الشيخ (١) وابن البراج (٢) وابن إدريس (٣) .

الخامسة : الحمرة الشديدة ، ذكرها الشيخ في الخلاف (٤) .

السادسة : باقي الآيات المخوفة ، ذكره الشيخ (٥) والمرتضىٰ في ظاهر كلامه (٦) وصرّح ابن أبي عقيل بجميع الآيات (٧) وابن الجنيد علىٰ ما نقلناه عنه (٨) وابن البراج (٩) وابن إدريس (١٠) وهو ظاهر المفيد (١١) .

ودليل الوجوب في جميع ما قلناه ـ مع فتوىٰ المعتبرين من الاصحاب ـ ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح ، قالا : قلنا لأبي جعفر علیه‌السلام : هذه الرياح والظلم التي تكون ، هل يصلّىٰ لها ؟ فقال : « كل أخاويف السماء ، من ظلمة أو ريح أو فزع ، فصل له صلاة الكسوف حتىٰ يسكن (١٢) وظاهر الأمر الوجوب .

وعن علي بن الحسين عليهما الصلاة والسلام في الكسوفين : « إنّه

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٢ ، النهاية : ١٣٦ .

(٢) المهذب ١ : ١٢٤ ، وفيه : والرياح السود المظلمة و . . .

(٣) السرائر : ٧١ .

(٤) الخلاف ١ : ١٥٩ المسألة ٩ .

(٥) الخلاف ١ : ١٥٩ المسألة ٩ .

(٦) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٦ .

(٧) مختلف الشيعة : ١١٦ .

(٨) تقدم في ص ٢٠١ الهامش ١ .

(٩) المهذب ١ : ١٢٤ .

(١٠) السرائر : ٧١ .

(١١) المقنعة : ٣٥ .

(١٢) الكافي ٣ : ٤٦٤ ح ٣ ، الفقيه ١ : ٣٤٦ ح ١٥٢٩ ، التهذيب ٣ : ١٥٥ ح ٣٣٠ .

٢٠٢
 &

لا يفزع للآيتين ولا يرهب إلّا من كان من شيعتنا ، فإذا كان كذلك فافزعوا إلىٰ الله وراجعوه » (١) .

وقال ابن بابويه : إنّما يجب الفزع إلىٰ المساجد والصلاة ، لأنّه آية تشبه آيات الساعة ، وكذلك الزلازل والرياح والظلم هي آيات تشبه آيات الساعة ، فآمر أن يتذكر القيامة عند مشاهدتها (٢) بالتوبة والانابة والفزع إلىٰ المساجد التي هي بيوته في الأرض ، والمستجير بها محفوظ في ذمة تعالىٰ (٣) .

ثم هنا مسائل :

الاولىٰ : ووقتها في الكسوفين منذ ابتداء الاحتراق إلىٰ الأخذ في الانجلاء عند المعظم (٤) .

وإلىٰ تمامه عند الشيخ المحقّق ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلىٰ ذلك الله تعالىٰ والصلاة حتىٰ ينجلي » .

ولأنّ كسوف البعض في الابتداء سبب في الوجوب ، فكذا في الاستدامة . وروىٰ معاوية بن عمار عن الصادق علیه‌السلام : « إذا فرغت قبل أن ينجلي فاعد » ، ولو خرج الوقت قبل تمام الانجلاء لم يؤمر بالإعادة وجوباً ولا استحباباً . ولأنّ وقت الخوف ممتد فيمتد وقت الصلاة لاستدفاعه (٥) .

للاكثر رواية حماد بن عثمان عن الصادق علیه‌السلام ، قال : ذكروا انكساف الشمس وما يلقىٰ الناس من شدته ، فقال : « إذا انجلىٰ منه شي‌ء فقد

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٠ ح ١٥٠٩ .

(٢) في المصدر زيادة : والرجوع إلىٰ الله تعالىٰ .

(٣) الفقيه ١ : ٣٤١ .

(٤) المبسوط ١ : ١٧٢ ، النهاية : ١٣٧ ، والمراسم : ٨٠ ، نهاية الاحكام ٢ : ٧٦ .

(٥) المعتبر ٢ : ٣٣٠ .

٢٠٣
 &

انجلىٰ » (١) .

قال في المعتبر : لا حجة فيه ، لاحتمال ان يريد تساوي الحالين في زوال الشدة لا بيان الوقت (٢) .

والفائدة في نيّة القضاء لو شرع في الانجلاء أو الاداء ، وكذا في ضرب زمان التكليف الذي يسع الصلاة وفي إدراك ركعة .

اما الاعادة فانّها مشروعة ـ علىٰ ما يأتي ان شاء الله ـ ما لم يتم الانجلاء .

الثانية : وقّت الاصحاب الزلزلة بطول العمر ، وصرّحوا انّه لا يشترط سعة الزلزلة للصلاة ، فكانّ مجرد الوجود سبب في الوجوب .

وشك فيه الفاضل ، لمنافاته القواعد الاصولية من امتناع التكليف بفعل في زمان لا يسعه .

وباقي الأخاويف عند الاصحاب يشترط فيها السعة .

ولا نرىٰ وجهاً للتخصيص إلّا قصر زمان الزلزلة غالباً ، فاذا اتفق قصر زمان تلك الآيات ـ بل قصر زمانها أيضاً غالب ـ احتمل الفاضل وجوب الصلاة اداء دائما كما يحتمل في الزلزلة ذلك (٣) .

وحكم الاصحاب بان الزلزلة تصلىٰ اداء طول العمر لا بمعنىٰ التوسعة ، فان الظاهر وجوب الامر هنا علىٰ الفور بل علىٰ معنىٰ نيّة الاداء وان اخلّ بالفورية لعذر أو غيره .

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٧ ح ١٥٣٥ وفيه : ذكروا عنده انكساف القمر ، التهذيب ٣ : ٣٢١ ح ٨٧٧ وفيه : ذكرنا انكساف القمر .

(٢) المعتبر ٢ : ٣٣٠ .

(٣) انظر التذكرة ٤ : ١٨٠ مسألة ٤٨٤ ، ونهاية الأحكام ٢ : ٧٧ .

٢٠٤
 &

الثالثة : لو فات المكلف صلاة أحد الكسوفين مع علمه بها وتعمّده وجب القضاء ، لاشتغال الذمة ، وعموم روايات وجوب قضاء الصلوات ، مثل :

قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من نام عن صلاة ، أو نسيها ، فليقضها إذا ذكرها » (١) .

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من فاتته صلاة فريضة ، فليقضها إذا ذكرها » (٢) .

الرابعة : لو فاتت نسياناً أو بنوم وشبهه بعد علمه بها ، وجب القضاء ، لما رواه زرارة عن الباقر علیه‌السلام : « إن اعلمك أحد وأنت نائم ، فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل ، فعليك قضاؤها » (٣) . وهذا يصلح دليلاً خاصاً علىٰ وجوب القضاء مع تعمد الترك ، من باب التنبيه بالأدنىٰ علىٰ الأعلىٰ .

ولا فرق في هاتين الصورتين بين احتراق الكلّ أو البعض ، لعموم الأدلّة .

وقال الشيخ في النهاية والمبسوط لا تقضىٰ مع النسيان (٤) ، وتبعه ابن حمزة (٥) وأراد به مع عدم الإيعاب ، وكذا ابن البراج (٦) .

وأطلق المرتضىٰ عدم القضاء لو احترق البعض ، ووجوب القضاء لو احترق الجميع ، ذكره في الجمل ، قال : وقد رُوي وجوب ذلك علىٰ كل

__________________

(١) مسند أحمد ٣ : ١٠٠ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٤٧١ ح ٦٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٢٨ ح ٦٩٨ ، سنن أبي داود ١ : ١١٩ ح ٤٣٥ ، الجامع الصحيح ١ : ٣٣٤ ح ١٧٧ ، سنن النسائي ١ : ٢٩٤ ، مسند أبي يعلىٰ ٥ : ٤٠٩ ح ٣٠٨٦ ، السنن الكبرىٰ ٢ : ٢١٨ .

(٢) المعتبر ٢ : ٣٣١ .

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩١ ح ٨٧٦ ، الاستبصار ١ : ٤٥٤ ح ١٧٦٠ .

(٤) المبسوط ١ : ١٧٢ ، النهاية : ١٣٦ .

(٥) الوسيلة : ١١٢ .

(٦) المهذب ١ : ١٢٤ .

٢٠٥
 &

حال (١) . وكذا فصّل في المسائل المصرية (٢) .

الخامسة : لو لم يعلم بالكسوف ، فان كان موعبا وجب القضاء وإلّا فلا ، لرواية زرارة ومحمد بن مسلم عن الصادق علیه‌السلام قال : « إذا كسفت الشمس كلها واحترقت ، ولم تعلم ثم علمت بعد ذلك ، فعليك القضاء . وإن لم تحترق كلها ، فليس عليك قضاء » (٣) . وهذا ايضا دليل خاص ، وتقريره ما تقدم .

فان قلت : فقد روىٰ ـ في الصحيح ـ علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الكسوف ، هل على من تركها قضاء ؟ فقال : « اذا فاتتك فليس عليك قضاء » (٤) .

قلت لما وردت روايات مفصّلة ، وكان هذا الخبر مجملا ، وجب حمله علىٰ المفصّل ، فيحمل علىٰ الجهل .

وربما كان هذا حجّة الشيخ ومن تبعه علىٰ عدم قضاء الناسي (٥) وهو غير متعيّن له ، لان الناسي في معنىٰ النائم ، وقد دلت الرواية علىٰ وجوب قضائه (٦) .

تنبيه‌

قال المفيد رحمه‌الله اذا احترق قرص القمر كله ، ولم يعلم به حتىٰ اصبح ،

__________________

(١) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٦ .

(٢) وكذا فصّل في جوابات المسائل الموصلية الثالثة ٢ : ٢٢٣ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٥ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ١٥٧ ح ٣٣٩ ، الاستبصار ١ : ٤٥٤ ح ١٧٥٩ .

(٤) التهذيب ٣ : ٢٩٢ ح ٨٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٥٣ ح ١٧٥٦ .

(٥) تقدم في ص ٢٠٥ الهامش ٤ ـ ٦ .

(٦) تقدمت في ص ٢٠٥ الهامش ١ .

٢٠٦
 &

صلّاها جماعة . وإن احترق بعضه ، ولم تعلم به حتىٰ أصبحت ، صلّيت القضاء فرادىٰ (١) .

وقال علي بن بابويه : إذا انكسف الشمس أو القمر ولم تعلم فعليك أن تصليها إذا علمت به ، وإن تركتها متعمّداً حتىٰ تصبح فاغتسل وصلّها ، وإن لم يحترق كلّه فاقضها ولا تغتسل (٢) . وكذا قال ولده في المقنع (٣) .

وظاهر هؤلاء وجوب القضاء علىٰ الجاهل وان لم يحترق جميع القرص ، ولعلّه لرواية لم نقف عليها أو لأنّ مجرد الاحتراق سبب تام فلا يعذر فيه الجاهل ، إلّا أنّ رواية زرارة السالفة تدفعه (٤) .

وتفصيل المفيد بالجماعة والفرادىٰ في القضاء يأتي الكلام فيه (٥) .

وابن الجنيد ذكر في سياق من تركها لنوم أو غفلة ولم يعلم به حتىٰ انجلىٰ إنّها تقضىٰ ، وقال : القضاء إذا احترق القرص كلّه الزم منه إذا احترق بعضه (٦) .

السادسة : لو فاتت بقية الصلوات للآيات عمداً وجب القضاء ، وكذا نسياناً . ويحتمل انسحاب الخلاف فيها بطريق الاولىٰ ، للاجماع علىٰ وجوبها .

وإن جهل احتمال أيضاً انسحاب الخلاف ، وعدم القضاء أوجه : أمّا لعدم القضاء في الكسوف ـ وهو أقوىٰ ـ وأمّا لامتناع تكليف الغافل .

السابعة : لو غابت الشمس أو القمر بعد الكسوف وقبل الشروع في

__________________

(١) المقنعة : ٣٥ .

(٢) مختلف الشيعة : ١١٦ .

(٣) لم نلاحظه في المقنع ، وحكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١١٦ ، وراجع مفتاح الكرامة ٣ : ٢٢٦ .

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٥ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ١٥٧ ح ٣٣٩ ، الاستبصار ١ : ٤٥٤ ح ١٧٥٩ .

(٥) سيأتي ص ٢١٧ ، ضمن المسألة الثانية .

(٦) مختلف الشيعة : ١١٦ .

٢٠٧
 &

الانجلاء ، وجبت الصلاة اداء ، وكذا لو سترها غيم أو طلعت الشمس علىٰ القمر عندنا . ويصلي اداء في الصورتين الاوليين ، عملا بالاستصحاب .

ولو اتفق اخبار رصديين عدلين بمدة المكث ، أمكن العود اليهما .

ولو اخبرا بالكسوف في وقت مترقب ، فالأقرب أنهما ومن اخبراه بمثابة العالم ، وكذا لو اتفق العلم بخبر الواحد للقرائن .

النظر الثاني : في كيفية الصلاة .

وهي ركعتان كسائر الصلوات ، وتنفرد باُمور :

احدها : ان الركوع في كل ركعة خمس مرات .

وثانيها : وجوب تكرار الحمد والسورة خمساً ان اكمل السورة ، وان بعّض لم يجب تكرار الحمد .

وقال ابن ادريس : لا يجب تكرار الحمد مع اكمال السورة بل يستحب (١) وهو قول نادر .

وثالثها : استحباب الجهر فيها ، سواء كانت خسوفاً أو كسوفاً ، وقد رواه العامة (٢) . وكذا باقي الآيات .

ورابعها : استحباب القنوت علىٰ كل قراءة ثانية .

وقيل : اقلّه علىٰ الخامسة والعاشرة ، رواه ابن بابويه رحمه‌الله وقال : إنّ الخبر ورد به (٣) .

__________________

(١) السرائر : ٧٢ .

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٤٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٠ ح ٩٠١ ، سنن ابي داود ١ : ٣٠٩ ح ١١٨٨ ، الجامع الصحيح ٢ : ٤٥٢ ح ٥٦٣ .

(٣) الفقيه ١ : ٣٤٧ ، الهداية : ٣٦ .

٢٠٨
 &

وخامسها : انه لا يقول : ( سمع الله لمن حمده ) إلّا في الرفع من الركوع الخامس والعاشر ، بل يقتصر في باقي الركوعات علىٰ التكبير للانتصاب ، كما يكبّر للاخذ في الركوع .

وسادسها : تساوي زمان قرائته وركوعه وسجوده وقنوته في التطويل .

وسابعها : تطويل الصلاة بقراءة السور الطوال ـ مثل : الانبياء ، والكهف ـ إذا علم أو ظن سعة الوقت .

وثامنها : الاعادة لو فرغ قبل الانجلاء .

ولنشر الىٰ المدارك :

فروىٰ زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما عن الباقر والصادق عليهما‌السلام : « تبدأ فتكبّر لافتتاح الصلاة ، ثم تقرأ اُمّ الكتاب وسورة ثم تركع ثم ترفع رأسك فتقرأ اُمّ الكتاب وسورة ، ثم تركع الثالثة فتقرأ اُمّ الكتاب وسورة ثم تركع الرابعة ثم ترفع رأسك فتقرأ اُمّ الكتاب وسورة ثم تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثم تخرّ ساجداً سجدتين ، ثم تقوم فتصنع كما صنعت في الأوّل » . قلت : وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ففرقها بينها ؟ قال : « أجزأته اُمّ القرآن في أول مرة ، وإن قرأ خمس سورة فمع كل سورة اُمّ القرآن » (١) . وفي أخبار كثيرة دالة علىٰ هذا التفصيل (٢) .

فان احتج ابن ادريس برواية عبد الله بن سنان عن الصادق علیه‌السلام ، قال : « انكسفت الشمس علىٰ عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّىٰ ركعتين : قام في الاُولىٰ

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥٥ ح ٣٣٣ .

(٢) راجع : الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ ح ٣٣٥ .

٢٠٩
 &

فقرأ سورة ، ثم ركع فاطال الركوع ، ثم رفع رأسه فقرأ سورة ، ثم ركع فاطال الركوع ، ثم رفع رأسه فقرأ سورة ، ثم ركع فاطال الركوع ، ثم رفع رأسه فقرأ سورة ، ثم ركع ـ فعل ذلك خمس ركعات قبل أن يسجد ـ ثم سجد سجدتين ، ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك ، فكان له عشر ركعات واربع سجدات » والتوفيق بينها وبين باقي الروايات بالحمل علىٰ استحباب قراءة الفاتحة مع الاكمال .

فالجواب ان تلك الروايات اشهر واكثر ، وعمل الاصحاب بمضمونها ، فتحمل هذه الرواية علىٰ ان الراوي ترك ذكر الحمد للعلم به ، لتوافق تلك الروايات الاُخر .

فروع :

لو بعّض وجب اكمال سورة في الخمس ، لانّها ركعة من صلاة واجبة .

ولو بعّض بسورتين أو ثلاث أو أربع ، فالظاهر الجواز ، غير انه إذا اتمّ السورة وجب ان يقرأ بعدها الحمد .

ولو قرأ السورة في القيام الاول ، وبعّض بسورة أو ازيد في القيام الباقي ، جاز . والظاهر عدم وجوب اكمال السورة ثانياً هنا ، لحصول مسمّىٰ السورة في الركعة . ويحتمل ان ينحصر المجزئ في سورة واحدة أو خمس سور ، لانها ان كانت ركعة وجبت الواحدة ، وان كانت خمساً فالخمس ، فيمكن استناد ذلك إلىٰ تجويز الامرين وليس بين ذينك واسطة .

ولو قرأ في القيام الاول بعض السورة ثم قام الىٰ الثاني ، فالاقرب تخيّره بين ثلاثة اشياء : بين رفضها واعادة الحمد ، وبين القراءة من موضع

٢١٠
 &

القطع ، وبين القراءة من أي موضع شاء من السورة . مع احتمال منع هذا الأخير ، لمخالفته المعهود .

وحينئذ لو اقتصر علىٰ شي‌ء من هذه السورة في الخمس لم يجز ، لما بيّنا من وجوب اكمال سورة .

وتوقّف الفاضل في وجوب قراءة الحمد لو رفض السورة التي قرأ بعضها ، من ان وجوب الحمد مشروط باكمال السورة قبلها ، ومن انه في حكم الاكمال ، ويجي‌ء ذلك في العدول عن الموالاة في السورة الواحدة .

ويحتمل أمراً رابعاً وهو : أن له إعادة لبعض الذي قرأه من السورة بعينه . فحينئذ ، هل تجب قراءة الحمد ؟ يحتمل ذلك ، لابتدائه بسورة . ويحتمل عدمه ، لان قراءة بعضها مجز فقراءة جميعها أولىٰ . هذا ان قرأ جميعها ، وان قرأ بعضها فاشدّ اشكالاً .

وروىٰ القنوت في كل ثانية زرارة ومحمد بن مسلم أيضاً عن الامامين عليهما‌السلام (١) .

وروي تطويل الركوع والسجود عن الباقر علیه‌السلام (٢) .

وروىٰ تطويل القنوت بقدر الركوع والسجود زرارة ومحمد بن مسلم عن الصادق علیه‌السلام (٣) .

وروىٰ الشيخ في الخلاف عن علي علیه‌السلام انه جهر في الكسوف ، قال الشيخ : وعليه اجماع الفرقة (٤) .

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥٥ ح ٣٣٣ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ ح ٣٣٥ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ ح ٣٣٥ ، عن الامام الباقر علیه‌السلام .

(٤) الخلاف ١ : ١٥٩ المسألة ٦ .

٢١١
 &

وروىٰ التكبير في كل رفع من الركوع غير الخامس والعاشر محمد بن مسلم عن الصادق علیه‌السلام (١) .

وروىٰ ايضاً التسميع في الخامس والعاشر (٢) .

وروىٰ تطويل الصلاة عمار عنه علیه‌السلام قال : « اذا صليت الكسوف فإلىٰ ان يذهب الكسوف عن الشمس والقمر ، وتطوّل في صلاتك ، فان ذلك افضل » (٣) .

وروىٰ العامة ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي الصحاح : ( خسفت الشمس علىٰ عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي ، فأطال القيام جداً ، ثم ركع وأطال الركوع جداً ، ثم رفع رأسه وأطال القيام جداً وهو دون القيام الاول ، ثم ركع فأطال الركوع جداً ، وهو دون الركوع الاول ، ثم سجد . ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الاول ، ثم ركع واطال الركوع وهو دون الركوع الاول ، ثم رفع رأسه فقام فأطال القيام وهو دون القيام الاول ، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ، الىٰ قوله : ثم انصرف وقد تجلت الشمس ) (٤) .

وعن جابر قال : انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم مات ابراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال الناس : إنما انكسفت لموت ابراهيم . فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى بالناس ، فكبّر ، فأطال القراءة ، ثم ركع نحواً مما قام ، ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ دون القراءة الاُولىٰ ، ثم ركع نحواً مما

__________________

(١) راجع الهامش ٣ ، المتقدم .

(٢) راجع الهامش ٣ ، المتقدم .

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩١ ح ٨٧٦ .

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٦١٨ ح ٩٠١ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٢ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٣٨ .

٢١٢
 &

قام ، الىٰ قوله : ثم انصرف وقد اضاءت الشمس . فقال : « يا ايها الناس . انما الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالىٰ لا تنكسفان لموت أحد من الناس ، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلّوا حتىٰ تنجلي » (١) .

وروىٰ الاصحاب عن عبد الله بن ميمون القداح عن الصادق علیه‌السلام عن آبائه قال : « انكسفت الشمس في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلىٰ بالناس ركعتين ، وطوّل حتىٰ غُشي علىٰ بعض القوم ممن كان وراءه من طول القيام » (٢) .

وروىٰ أبو بصير قال : سألته عن صلاة الكسوف ، فقال : « عشر ركعات واربع سجدات ، تقرأ في كل ركعة مثل يس والنور ، ويكون ركوعك مثل قراءتك ، وسجودك مثل ركوعك » . قلت : فمن لم يحسن يس واشباهها ؟ قال : « فليقرأ ستين آية في كل ركعة » (٣) . وذكر الاصحاب الانبياء والكهف (٤) .

واما الاعادة ، فاختلف الاصحاب فيها علىٰ اقوال ثلاثة :

انها واجبة ، وهو ظاهر المرتضىٰ (٥) وابي الصلاح (٦) وسلار (٧) وهؤلاء كالمصرحين بان آخر وقتها تمام الانجلاء كما ذهب إليه المحقق (٨) .

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٢٣ ح ٩٠٤ ، سنن ابي داود ١ : ٣٠٦ ح ١١٧٨ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٢٥ .

(٢) التهذيب ٣ : ٢٩٣ ح ٨٨٥ .

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٤ ح ٨٩٠ .

(٤) راجع : المقنعة : ٣٥ ، المبسوط ١ : ١٧٣ ، المهذب ١ : ١٢٤ ، الوسيلة : ١١٢ .

(٥) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٦ .

(٦) الكافي في الفقه : ١٥٦ .

(٧) المراسم : ٢٨ .

(٨) المعتبر ٢ : ٣٣٠ .

٢١٣
 &

وبقولهم تشهد رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن ابي عبد الله علیه‌السلام : « اذا فرغت قبل ان ينجلي فاعد » (١) . فان ظاهر الامر الوجوب . ولان العلّة في الصلاة الواجبة دائم فيدوم المعلول .

وذهب معظم الاصحاب الىٰ استحباب الاعادة (٢) لقضية الاصل النافية للوجوب ، وعدم اقتضاء الامر التكرار ، وصدق الامتثال ، وللجمع بين هذه الرواية وصحيحة محمد بن مسلم وزرارة عن الباقر علیه‌السلام : « فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد وادع الله حتىٰ ينجلي » (٣) فان هذا صريح في جواز ترك الصلاة ، فيحمل الاول علىٰ الندب حتىٰ تتوافق الاخبار .

فان قلت قوله : « فاقعد وادع » صيغتا أمر ، واقل احوال الأمر الاستحباب ، واستحباب الصلاة ينافي استحباب غيرها مما ينافيها ، فلا يتحقق الجمع بين الخبرين .

قلت : قد يكون الامر للاباحة ، كقوله تعالىٰ : ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) (٤) إلّا انه يبعد حمله هنا على الاباحة ، لان الدعاء لا يكون إلّا راجع الفعل ، بل الحق انه للاستحباب ، ولا ينافي استحباب الصلاة ، فان الاستحباب يدخل فيه التخيير كما يدخل في الواجب ، فكأنّه مخيّر بين الصلاة وبين الدعاء ، وأيّهما فعل كان مستحباً .

فائدة :

قوله : « حتى ينجلي » يمكن كون « حتىٰ » فيه لانتهاء الغاية ، فلا دلالة

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥٦ ح ٣٣٤ .

(٢) راجع : المبسوط ١ : ١٧٣ ، المهذب ١ : ١٢٥ ، الوسيلة : ١١٢ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ ح ٣٣٥ .

(٤) سورة المائدة : ٢ .

٢١٤
 &

فيها علىٰ التعليل . ويمكن ان تكون تعليلية بمعنىٰ : كي ، كما تشعر به اخبار كثيرة (١) ، فيكون الدعاء سبباً في الانجلاء ، ولهذا قال الفقهاء المطلوب بالصلاة . ردّ النور الىٰ الشمس والقمر (٢) . ويحتج بهذا علىٰ شرعية الاعادة وتكريرها ، ليحصل الغرض من الصلاة .

وذهب ابن ادريس الىٰ ان الاعادة غير واجبة ولا مستحبة (٣) ولا نرىٰ له ماخذا مع مخالفته فتاوىٰ الاصحاب والاخبار . وهب ان الاخبار من باب الآحاد أليس ان الاصحاب مطبقون قبله علىٰ شرعية الاعادة ، والاحكام الشرعية تثبت بمثل هذا عنده وعند غيره .

والمعتمد الاستحباب . وقول المرتضىٰ ومن تبعه (٤) يمكن حمله عليه أيضاً ، فتصير المسألة متفقاً عليها .

وقد روىٰ عمار عن ابي عبد الله علیه‌السلام فضيلة تطويل الصلاة ، ثم قال : « وان احببت ان تصلي ، فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب الكسوف ، فهو جائز » (٥) وهذا الحديث ينفي وجوب الاعادة صريحاً .

لا يقال : نحن نقول بموجبه ، فان المراد جواز الفراغ من صلاة واحدة قبل انجلائه ، ولا يلزم منه عدم وجوب اُخرىٰ .

لانا نقول : أمره بتطويل الصلاة الىٰ ان يذهب الكسوف عن الشمس

__________________

(١) لعله أراد إشعار الأمر بالفزع والمبادرة إلىٰ المساجد ، الموجود في : التهذيب ٣ : ٢٩٣ ح ٨٨٧ والفقيه ١ : ٣٤٠ ح ١٥٠٩ و ٣٤١ ح ١٥١٠ . وفي الفقيه ١ : ٣٤٢ ح ١٥١٣ : « ليصرف عنهم شرها » فلعل المراد صرف الشر بالانجلاء ، فتأمل .

(٢) راجع : المعتبر ٢ : ٣٣٢ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٤ .

(٣) السرائر : ٧٢ .

(٤) تقدم في ص ٢١٣ الهامش ٥ ـ ٧ .

(٥) التهذيب ٣ : ٢٩١ ح ٨٧٦ .

٢١٥
 &

والقمر ، ثم اردفه بقوله : « وان احببت » إلىٰ آخره ، فكما ان الاولىٰ لا تكرار فيها فكذا الثانية . ولان المفهوم من صلاته التي خوطب بها ، فلو كان وراءها صلاة مخاطب بها لزم تأخر البيان عن وقت الحاجة وانه باطل ، وقد تقرر في الاصول .

لا يقال : هذا يصلح حجّة لابن ادريس ، لأنّه قسّم الحال إلىٰ قسمين : تطويل الصلاة بحيث تطابق الانجلاء ، وعدم تطويلها . ولم يذكر الاعادة ، فلو كانت مستحبة لم تكن القسمة حاصرة .

لانا نقول : حكم بالجواز علىٰ قسم الفراغ قبل الانجلاء ولا نزاع فيه وجعله مقابل التطويل المستحب ، فكأنّ غرض السائل كان منحصراً في هذين الشيئين وذلك لا ينافي استحباب الاعادة بدليل اخر وانما يتوجه طلب القسمة الحاصرة أن لو أُريد حصر جميع الاقسام الممكنة وهنا اقتصر علىٰ القسمين بحسب المقام .

مسائل‌

الاولىٰ : يستحب ان تصلّىٰ تحت السماء ، رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه‌السلام قال : « وإن استطعت أن تكون صلاتك بارزاً لا تحت (١) بيت فافعل » (٢) .

ولو صليت في المسجد صليت في رحبته المكشوفة . وهل هي الفضل من الصحراء ؟ الظاهر نعم ، تأسياً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانّه صلاها في

__________________

(١) في المصدرين : « يجنك » اي : يسترك ، الصحاح ـ مادة جنن ـ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ ح ٣٣٥ .

٢١٦
 &

مسجده (١) . وروىٰ يونس بن يعقوب عن ابي عبد الله علیه‌السلام : « انه خرج مع ابيه إلىٰ المسجد الحرام فصليا فيه لخسوف القمر » (٢) .

ولعلّ رجحان البروز لعلم حال الانجلاء به .

الثانية : يستحب فيها الجماعة ، سواء كانت كسوفاً أو خسوفاً أو غيرها ، لما روىٰ الخاصة والعامة ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّاها في جماعة (٣) .

وتتأكد الجماعة اذا اوعب الاحتراق ، لما رواه ابن أبي يعفور عن الصادق علیه‌السلام ، قال : « اذا انكسفت الشمس والقمر ، فانه ينبغي للناس ان يفزعوا الىٰ امام يصلي بهم ، وايهما كسف بعضه فانه يجزئ الرجل ان يصلي وحده » (٤) .

وقال الصدوقان : اذا احترق القرص كله فصلّها في جماعة ، وان احترق بعضه فصلها فرادىٰ (٥) .

فان أرادا نفي تأكد الاستحباب مع احتراق البعض فمرحباً بالوفاق ، وان أرادا نفي استحباب الجماعة وترجيح الفرادىٰ طولبا بالدليل . وهذه الرواية غير ناهضة به ، فانها انما تدل علىٰ اجزاء صلاته وحده لا علىٰ استحبابها ، بل ظاهرها ان الجماعة افضل من الانفراد ـ وان كانت دون الجماعة في الفضل ـ إذا عمّ الاحتراق .

وليست الجماعة شرطاً في صحتها عندنا وعند الأكثر . وخالف فيه بعض

__________________

(١) سنن ابي داود ١ : ٣٠٧ ح ١١٨٠ ، سنن النسائي ٣ : ١٢٨ .

(٢) التهذيب ٣ : ٢٩٢ ح ٨٨٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥٣ ح ١٧٥٤ .

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٣ ح ٨٨٥ ، سنن ابي داود ١ : ٣٠٩ ح ١١٨٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٢٨ .

(٤) التهذيب ٣ : ٢٩٢ ح ٨٨١ .

(٥) المقنع : ٤٤ ، مختلف الشيعة : ١١٨ .

٢١٧
 &

العامة ، حيث قال : لا تصلّىٰ إلّا في الجماعة (١) . وقد روىٰ الاصحاب عن روح بن عبد الرحيم عن الصادق علیه‌السلام وسأله عن صلاة الكسوف ، أتصلّى جماعة ؟ قال : جماعة وفرادىٰ (٢) .

الثالثة : لا منع من هذه الصلاة في الاوقات الخمسة‌ التي تكره فيها الصلاة المبتدأة نافلة ، لأنّها فرض ذو سبب . وقد روىٰ محمد بن حمران وجميل عن الصادق علیه‌السلام فعلّها عند طلوع الشمس وغروبها (٣) .

النظر الثالث (٤) : في اللواحق .

وفيه مسائل :

الاولىٰ : لا خطبة لهذه الصلاة وجوباً ولا استحباباً ، للاصل ، ولعدم ذكرها في أكثر الاخبار .

وروايتهم عن عائشة : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما فرغ منها خطب الناس ، فحمد الله تعالىٰ واثنىٰ عليه ثم قال : « إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالىٰ ، وانّهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموهما فكبّروا وادعوا وصلّوا وتصدقوا . يا اُمّة محمد إن ما من أحدٍ أغْيرَ من الله ان يزني عبده أو تزني أمَتُه . يا اُمّة محمد لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً . ألّا هل بلّغت » (٥) حكاية حال وهي ولا تعم ، ولعل ذلك

__________________

(١) قال الثوري ومحمد بن الحسن ، راجع : المغني ٢ : ٢٧٤ ، حلية العلماء ٢ : ٢٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧٤ .

(٢) التهذيب ٣ : ٢٩٢ ح ٨٨٢ .

(٣) رواية محمد في التهذيب ٣ : ١٥٥ ح ٣٣١ . ورواية جميل في الكافي ٣ : ٤٦٤ ح ٤ .

(٤) في النسخ : الرابع . ولعله سهو لعدم ذكر الثالث فيما تقدم .

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٦١٨ ح ٩٠١ ، سنن النسائي ٣ : ١٣٢ ، الاحسان بترتيب صحيح

=

٢١٨
 &

الكسوف كان مقروناً بما اقتضىٰ هذه الخطبة ، لانه قد رُوىٰ في الصحيح انها كُسفت يوم مات ابراهيم ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كما سلف (١) ـ فقال ذلك ليزيل وهمهم .

وفي رواية جابر ـ في صحاحهم أيضاً ـ انه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انه عرض عليّ كل شي‌ء تولجونه ، فعُرضت عليّ الجنة حتىٰ لو تناولت منها قِطفاً أخذته ، أو قد (٢) تناولت منها قِطفا فقصرت يدي عنه ، وعُرضت عليّ النار فرأيت فيها امرأة من بني اسرائيل تُعذّب في هرّة لها ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خِشاش الارض ، ورأيت ابا ثمامة عمرو بن مالك يجر قُصْبَه في النار ، وانهم كانوا يقولون : ان الشمس والقمر لا يخسفان إلّا لموت عظيم ، وانهما آيتان من آيات الله يريكموهما ، فاذا خسفا فصلّوا حتىٰ ينجلي » (٣) وفي هذا دليل علىٰ إزاحة ما كانوا يعتقدونه من الجهالة وحكاية ما رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من المبشرات والمنذرات فلا يكون ذلك شرعاً عاماً .

والقِطف : العنقود من العنب ـ بكسر القاف ـ وهو اسم لما قطف ، كالذبح والطحن . وخشاش الارض : هو امُّها ، يقال بكسر الخاء وقد تُفتح . والقصب : المعي ، بضم القاف وسكون الصاد المهملة ، وجمعه : اقصاب .

الثانية : لا تجوز ان تصلّىٰ هذه الصلاة علىٰ الراحلة إلّا مع الضرورة كسائر الفرائض .

__________________

= ابن حيان ٤ : ٢٢٠ ح ٢٨٣٤ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٢٢ .

(١) تقدم في ص ٢١٢ ـ ٢١٣ الهامش ١ .

(٢) في المصدرين : قال .

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٦٢٢ ح ٩٠٤ ، كنز العمال ٨ : ٤٢٤ ح ٢٣٥١١ عن ابن جرير .

٢١٩
 &

وقد روىٰ عبد الله بن سنان عن الصادق علیه‌السلام : أنّه لا يصلّىٰ علىٰ الراحلة شي‌ء من الفروض (١) .

وروىٰ علي بن فضل الواسطي ، قال : كتبت إلىٰ الرضا علیه‌السلام : إذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر علىٰ النزول ، فكتب : صلِّ علىٰ مركبك الذي أنت عليه » (٢) .

وقال ابن الجنيد : هي واجبة علىٰ كل مخاطب ، سواء كان علىٰ الارض أو راكب سفينة أو دابة ، ويستحب أن يصليها علىٰ الأرض وإلّا فبحسب حاله (٣) . وربما احتجّ له بجواب المكاتبة . فإنّه لم يقيّد فيه بالضرورة ، وهو ضعيف ، لأنّ الجواب مقيّد بالسؤال .

الثالثة : لو شرع في صلاة الكسوف ، فتبين في الأثناء ضيق وقت الحاضرة ، قطعها وصلّىٰ الحاضرة ، ثم صلّىٰ الكسوف من أولها .

وفي النهاية : إن بدأ بصلاة الكسوف ودخل عليه وقت فريضة ، قطعها وصلّىٰ الفريضة ، ثم رجع فتمّم صلاته (٤) . وهو قول المفيد (٥) والمرتضىٰ في المصباح (٦) وابني بابويه (٧) وابن البراج (٨) وابن حمزة (٩) .

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٠٨ ح ٩٥٤ .

(٢) قرب الأسناد : ١٧٤ ، الكافي ٣ : ٤٦٥ ح ٧ ، الفقيه ١ : ٣٤٦ ح ١٥٣١ ، التهذيب ٣ : ٣٩١ ح ٨٧٨ .

(٣) مختلف الشيعة : ١١٨ .

(٤) النهاية : ١٣٧ .

(٥) حكاه عنه المحقق في المعتبر ٢ : ٣٤١ .

(٦) حكاه عنه المحقق في المعتبر ٢ : ٣٤١ .

(٧) الفقيه ١ : ٣٤٧ ، المقنع : ٤٤ ، مختلف الشيعة : ١١٨ .

(٨) المهذب ١ : ١٢٥ .

(٩) في الوسيلة : ١١٢ لم يذكر البناء ، ولعل ذكر ذلك في كتابه الآخر « الواسطة » .

٢٢٠