محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة في جماعة بدعة ، وصلاة الضحىٰ بدعة ، الا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلوا صلاة الضحى فان ذلك معصية ، إلّا وإن كان بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها الىٰ النار . ثم نزل وهو يقول : قليل في سنّة خير من كثير في بدعة » (١) .
وفي رواية عمار عن أبي عبد الله علیهالسلام : « انه لما قدم أمير المؤمنين علیهالسلام الكوفة ، أمر الحسن علیهالسلام أن ينادي في الناس : لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة ، فنادىٰ في الناس الحسن علیهالسلام بما أمره به أمير المؤمنين علیهالسلام ، فلما سمع الناس مقالة الحسن ابن علي صاحوا : وا عمراه وا عمراه ، فلما بلغ ذلك علي علیهالسلام قال : قل لهم صلّوا » (٢) .
ويستحب ان يصلّي ليلة الفطر ركعتان ، يقرأ في الاُولىٰ الحمد و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ألف مرة ، وفي الثانية الحمد و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) مرة واحدة ، رواه في التهذيب بالسند الىٰ أحمد بن محمد السياري ، رفعه الىٰ أمير المؤمنين علیهالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : « انه اذا صلاهما لم يسئل الله شيئاً إلّا اعطاه اياه » (٣) والسياري في عدد (٤) الضعفاء إلّا انّ الاصحاب تلقوها بالقبول .
ومن الصلوات المستحبة صلاة يوم الغدير ، وهي مشهورة بين الاصحاب . روىٰ علي بن الحسين العبدي ، قال : سمعت الصادق علیهالسلام يقول : « صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا ، لو عاش انسان ثم
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٨٧ ح ٣٩٤ ، التهذيب ٣ : ٦٩ ح ٢٢٦ ، الاستبصار ١ : ٤٦٧ ح ١٨٠٧ .
(٢) التهذيب ٣ : ٧٠ ح ٢٢٧ .
(٣) المقنعة : ٢٨ ، التهذيب ٣ : ٧١ ح ٢٢٨ .
(٤) كذا في النسخ ، ولعلها : عداد .
صام ما عمّرت الدنيا لكان له ثواب ذلك ، وصيامه يعدل عند الله عزّ وجلّ في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات مقبولات ، وهو عيد الله الأكبر ، وما بعث الله عزّ وجلّ نبياً إلّا وتعيّد في هذا اليوم وعرف حرمته . واسمه في السماء : يوم العهد المعهود ، وفي الارض : يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود .
ومن صلّىٰ فيه ركعتين ، يغتسل من قبل ان تزول الشمس مقدار نصف ساعة ، ويقرأ في كل ركعة الحمد مرة ، وعشر مرات ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، وعشر مرات آية الكرسي ، وعشر مرات ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) عدلت عند الله عزّ وجل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة ، وما سأل الله عزّ وجل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيت كائناً ما كانت الحاجة . وإن فاتتك الركعتان والدعاء قضيتهما بعد ذلك .
ومن فطّر فيه مؤمناً كان كمن أطعم فئاماً وفئاماً وفئاماً » فلم يزل يعدّ الىٰ أن عقد بيده عشراً ، ثم قال : « أو تدري ما الفئام ؟ » قلت : لا . قال : « مائة ألف كل فئام ، والدرهم فيه بألف ألف درهم » . ويستحب الدعاء بعدها بالمنقول ، ثم يسأل حاجته ، وفي تمام الحديث : « فانها والله مقضيّة » (١) .
ومنها : صلاة يوم المباهلة ، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة في اظهر الروايات . وروي : أنّه الخامس والعشرون منه .
ويستحب الاكثار فيه من الصلاة ، والاستغفار عقيب كل ركعتين سبعين مرة ، والدعاء بعدها بالمأثور ، روىٰ ذلك محمد بن صدقة عن
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٤٣ ح ٣١٧ .
الكاظم علیهالسلام (١) .
وروىٰ عن الصادق علیهالسلام : انه يصلّي فيه ركعتان بصفة صلاة يوم الغدير ، الا انه قال في آية الكرسي : « إلىٰ قوله ( هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، وانها تعدل عند الله مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة » ، وذكر ما سلف (٢) .
ومنها : صلاة أول ذي الحجة ، وفيه ولد الخليل ابراهيم صلىاللهعليهوآله ، وفيه اتخذه الله خليلاً ، وفيه زوّج رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة عليهماالسلام من أمير المؤمنين علیهالسلام . ويستحب ان يصلّي فيه صلاة فاطمة عليهاالسلام .
ومنها : صلاة يوم المبعث ، وهو السابع والعشرون من رجب . روىٰ الكليني عن علي بن محمد ، رفعه الىٰ ابي عبد الله علیهالسلام : « من صلّىٰ فيه أي وقت شاء اثنتي عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة باُمّ القرآن وسورة ، فاذا فرغ وسلّم جلس مكانه ثم قرأ اُمّ القرآن أربع مرات ، فإذا فرغ وهو في مكانه قال : لا اله إلّا الله ، والله اكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله ، أربع مرات . ثم يقول : الله اكبر ربي لا اُشرك به شيئاً ، أربع مرات . ثم يدعو فلا يدعو بشيء إلّا استجيب له في كل حاجة ، إلّا ان يدعو في جائجة قوم أو قطيعة رحم » (٣) .
ومنها : صلاة ليلة المبعث ، وقد رواها صالح بن عقبة عن أبي الحسن علیهالسلام ، قال : « صلّ ليلة سبعة وعشرين من رجب ـ أي وقت شئت في الليل ـ اثنتى عشرة ركعة ، تقرأ في كل ركعة الحمد والمعوذتين ، و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) أربع مرات ، فإذا فرغت قلت وانت في مكانك ـ أربع
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٧٠٨ .
(٢) مصباح المتهجد : ٧٠٣ .
(٣) الكافي ٣ : ٤٦٩ ح ٧ ، المقنعة : ٣٧ ، التهذيب ٣ : ١٨٥ ح ٤١٩ .
مرات ـ : لا إله إلّا الله والله اكبر والحمد لله وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله ، ثم ادع بما شئت » (١) . وروي غيرها ايضاً (٢) .
ومنها : صلاة النصف من شعبان ، وهي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة ، فاذا فرغ دعا بالمأثور .
ومنها : صلاة طلب الرزق . روىٰ الكليني باسناده الىٰ الحلبي محمد ابن علي ، قال : شكىٰ رجل الىٰ ابي عبد الله علیهالسلام الفاقة والحرفة في التجارة بعد يسار كان فيه ، فامره أبو عبد الله علیهالسلام أن يأتي مقام رسول الله صلىاللهعليهوآله بين القبر والمنبر ، فيصلي ركعتين ويقول مائة مرة : اللهم اني أسألك بقوتك وقدرتك وبعزتك ، وما احاط به علمك ، ان تيسّر لي من التجارة أوسعها رزقاً ، واعمّها فضلاً وخيرها عاقبة . ففعل ذلك فما توجّه في وجه إلّا رزقه الله (٣) .
ومنها : صلاة الاستطعام ، رواها الكليني باسناده الىٰ شعيب العقرقوفي ، قال : قال أبو عبد الله علیهالسلام : « من جاع فليتوضّأ ويصلّي ركعتين ، ثم يقول : يا رب اني جائع فاطعمني ، فانه يطعم من ساعته » (٤) .
ومنها : صلاة الحَبَلْ ، رواها باسناده الىٰ محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیهالسلام ، قال : « من أراد ان يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة ، يطيل فيهما الركوع والسجود ، ثم يقول : اللهم اني اسألك بما سألك زكريا اذ قال : « رب لا تَذَرني فرداً وأنت خَيرُ الوارثين » . اللهم هب لي ذرية طيبة انك
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٧٤٩ .
(٢) مصباح المتهجد : ٧٤٩ .
(٣) الكافي ٣ : ٤٧٣ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٣١١ ح ٩٦٥ .
(٤) الكافي ٣ : ٤٧٥ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٣٧ ح ٩٣٩ ، ٣ : ٣١٢ ح ٩٦٨ .
سميع الدعاء . اللهم باسمك استحللتها ، وفي أمانتك أخذتها ، فإن قضيت في رحمها ولداً فاجعله غلاماً ، ولا تجعل للشيطان فيه نصيباً ولا شركاً » (١) .
ومنها : صلاة الدخول بالزوجة . روىٰ أيضاً عن أبي بصير ، قال : سمعت رجلاً وهو يقول لأبي جعفر علیهالسلام : جعلت فداك إنّي قد أسننت وقد تزوجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخل بها ، وأنا أخاف إذا اُدخلت عليَّ أن تكرهني لخضابي وكبري ، فقال أبو جعفر علیهالسلام : « إذا دخلت فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة ، ثم أنت لا تصل إليها حتىٰ تتوضأ وتصلي ركعتين ، ثم مجّد الله وصل علىٰ محمد وآل محمد ، ثم ادع الله ومر من معها أن يؤمّنوا علىٰ دعائك ، وقل : اللهم ارزقني إلفها وودّها ورضاها ، ورضني بها ، ثم اجمع بيننا بأحسن اجتماع وأسرّ ائتلاف ، فإنّك تحب الحلال وتكره الحرام » (٢) .
ومنها : صلاة الاهتمام بالتزويج ، رواها أيضاً باسناده إلىٰ أبي بصير عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « إذا همّ بذلك فليصل ركعتين ويحمد الله ، ثم يقول : اللهم إنّي اُريد أن أتزوج ، فقدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً ، واحفظهنّ لي في نفسها وفي مالي ، واوسعهنّ رزقاً ، واعظمهنّ بركةً . وقدّر لي ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد مماتي » (٣) .
ومنها : صلاة السفر . روىٰ باسناده إلىٰ السكوني عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما استخلف عبد علىٰ أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد سفراً ، ويقول : اللهم إنّي
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٨٢ ح ٣ ، مصباح المتهجد : ٣٣٧ ، التهذيب ٣ : ٣١٥ ح ٩٧٤ . والآية في سورة الانبياء : ٨٩ ، والاقتباس من سورة آل عمران : ٣٨ .
(٢) الكافي ٣ : ٤٨١ ح ١ .
(٣) الكافي ٣ : ٤٨١ ح ٢ .
استودعك نفسي وأهلي ومالي ، وديني ودنياي وآخرتي ، وأمانتي وخواتيم عملي ، إلّا أعطاه الله ما سأل » (١) .
ومنها : صلاة من خاف شيئاً ، رواها باسناده إلىٰ حريز عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « اتخذ مسجداً في بيتك ، فإذا خفت شيئاً فالبس ثوبين غليظين من أغلظ ثيابك وصل فيهما ، ثم اجث علىٰ ركبتيك فاصرخ إلىٰ الله وسله الجنة ، وتعوّذ بالله من شر الذي تخافه ، وإياك أن يسمع الله منك كلمة بغي وإن أعجبتك نفسك وعشيرتك » (٢) .
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : كان علي علیهالسلام إذا هاله شيء فزع إلىٰ الصلاة ، ثم تلا هذه الآية : ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) (٣) .
ومنها : الصلاة للعافية . روىٰ باسناده إلىٰ اسماعيل بن الأرقط ـ واُمه اُم سلمة اُخت أبي عبد الله علیهالسلام ورضي عنها ـ قال : مرضت في شهر رمضان مرضاً شديداً حتىٰ ثقلت ، واجتمعت بنو هاشم ليلاً للجنازة وهم يرون أنّي ميت ، فجزعت اُمي عليّ فقال لها أبو عبد الله علیهالسلام خالي : « اصعدي إلىٰ فوق البيت ، وفابرزي إلىٰ السماء وصلّي ركعتين ، فإذا سلمت فقولي : اللهم إنّك وهبته لي ولم يك شيئاً . اللهم وإني استوهبه (٤) مبتدئاً فأعرنيه » . قال : ففعلت ، فافقت وقعدت ، ودعوا بسحور لهم هريسة فتسحّروا بها فتسحّرت معهم » (٥) .
__________________
(١) الكافي ٥ : ٥٠٠ ح ١ ، الفقيه ٣ : ٢٤٩ ح ١١٨٧ ، التهذيب ٧ : ٤٠٧ ح ١٦٢٧ .
(٢) الكافي ٣ : ٤٨٠ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ٣١٤ ح ٩٧٣ .
(٣) الكافي ٣ : ٤٨٠ ح ١ والآية في سورة البقرة : ٤٢ .
(٤) في الكافي : « استوهبكه » .
(٥) الكافي ٣ : ٤٧٨ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ٣١٣ ح ٩٧٠ .
وباسناده عن جميل ، قال : كنت عند أبي عبد الله علیهالسلام ، فدخلت عليه امرأة وذكرت انها تركت ابنها وقد قالت بالملحفة علىٰ وجهه ميتاً ، فقال لها : « لعله لم يمت ، فقومي فاذهبي الىٰ بيتك فاغتسلي وصلّي ركعتين ، وادعي وقولي : يا من وهبه لي ولم يك شيئاً جدّد هبته لي ، ثم حرّكيه ولا تخبري بذلك احدا » . قالت : ففعلت ، فحرّكته فاذا هو قد بكىٰ (١) .
وروىٰ باسناده الىٰ الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « اذا كانت لك حاجة ، فتوضّأ وصل ركعتين ، ثم احمد الله واثن عليه واذكر من آلائه ، ثم ادع تجب » (٢) . وفي رواية اُخرىٰ عنه علیهالسلام ـ بعد الصلاة ـ . « وصل علىٰ محمد وآله ، وسل تعطه » (٣) .
ومنها : صلاة الزيارة للنبي صلىاللهعليهوآله أو أحد الائمة عليهمالسلام ، وهي ركعتان بعد الفراغ من الزيارة تصلّىٰ عند الرأس ، واذا زار أمير المؤمنين علیهالسلام صلّى ست ركعات ، لانّ معه آدم ونوحاً علىٰ ما ورد في الأخبار (٤) .
قال ابن زهرة ـ رحمهالله ـ من زار وهو مقيم في بلده ، قدّم الصلاة ثم زار عقيبها (٥) .
وستأتي صلاة الاحرام إن شاء الله .
وقد تقدّمت صلاة التحية للمسجد .
ولا يستحب عندنا صلاة الضحىٰ ، بل هي بدعة لا يجوز فعلها ، ونقل
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٧٩ ح ١١ .
(٢) الكافي ٣ : ٤٧٩ ح ١٠ .
(٣) الكافي ٣ : ٤٧٩ ح ٩ .
(٤) فرحة الغري ٤٩ ، ٥٠ ، ٦٥ ، ٧٠ ، ٧٣ ، التهذيب ٦ : ٢٢ ح ٥١ ، ٣٤ ح ٦٨ .
(٥) الغنية : ٥٠٣ .
في الخلاف فيه الاجماع (١) ، ولما رُوي عن النبي صلىاللهعليهوآله انه قال : « صلاة الضحىٰ بدعة » (٢) . وما رووه من الاخبار فيها (٣) لو صحت فهي منسوخة .
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٢٠ المسألة ٣ .
(٢) الكافي ٣ : ٤٥٣ ح ٩ ، الفقيه ٢ : ٨٧ ح ٣٩٤ ، التهذيب ٣ : ٦٩ ح ٢٢٦ ، الاستبصار ١ : ٤٦٧ ح ١٨٠٧ .
(٣) صحيح مسلم ١ : ٤٩٧ ح ٧١٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٣٩ ح ١٣٨٠ ، الجامع الصحيح ٢ : ٣٣٧ ح ٤٧٣ .
الركن الخامس : في اللواحق
وفيه فصول ثلاثة :
الفصل الأوّل في صلاة السفر ، وفيه مطالب
الأول : في محله ، وهو الرباعيات من الصلوات الخمس إذا كان أداؤها في السفر بالاجماع والآية (١) .
وروىٰ عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « الصلاة في السفر ركعتان ، ليس قبلهما ولا بعدهما شيء ، إلّا المغرب ثلاث ركعات » (٢) .
وامر علیهالسلام بالاعادة لمن صلّىٰ الظهر أربعاً في السفر (٣) ، فعلىٰ هذا يكون القصر عزيمة لا رخصة .
ومحله أيضاً نوافل النهار والوتيرة ـ لما تقدم ـ والصوم الواجب . فيجب الافطار فيه للآية (٤) ، ولقول النبي صلىاللهعليهوآله : « ليس من البر الصيام في
__________________
(١) سورة النساء : ١٠١ .
(٢) التهذيب ٢ : ١٣ ح ٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٢٠ ح ٧٧٨ .
(٣) التهذيب ٢ : ١٤ ح ٣٣ .
(٤) سورة البقرة : ١٨٥ .
السفر » (١) . وروىٰ جابر : أنّ اُناساً صاموا علىٰ عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله في السفر فسمّاهم العصاة (٢) .
وانفرد الاصحاب بالتخيير في الصلاة في أربعة أماكن : مسجد مكة ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، والحائر . وهو في روايات ، منها : رواية حماد بن عيسىٰ عن أبي عبد الله علیهالسلام ، قال : « من مخزون علم الله الإتمام في أربعة مواطن : حرم الله ، وحرم رسوله ، وحرم أمير المؤمنين ، وحرم الحسين علیهالسلام (٣) .
وفي رواية عنه علیهالسلام : « تتم الصلاة : في المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ، ومسجد الكوفة ، وحرم الحسين علیهالسلام » (٤) .
وقال ابن بابويه : يقصر فيها ما لم ينو مقام عشرة ، وتستحب له نيّة المقام ليتمّ ، لرواية محمد بن اسماعيل عن الرضا علیهالسلام ، قلت : الصلاة بمكة تمام أو تقصير ؟ فقال : « قصّر ما لم يعزم مقام عشرة » (٥) ومثله رواية معاوية بن وهب عن الصادق علیهالسلام وذكر منها الحرمين (٦) .
__________________
(١) ترتيب مسند الشافعي ١ : ٢٧١ ح ٧١٨ ، مسند الطيالسي : ٢٣٨ ح ١٧٢١ ، مسند أحمد ٣ : ٢٩٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨٦ ح ١١١٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٧ ح ٢٤٠٧ ، سنن النسائي ٤ : ١٧٧ ، مسند أبي يعلى ٣ : ٤٠٢ ح ١٨٨٣ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٦٢ .
(٢) ترتيب مسند الشافعي ١ : ٢٦٨ ح ٧١٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨٥ ح ١١١٤ ، الجامع الصحيح ٣ : ٨٩ ح ٧١٠ ، سنن النسائي ٤ : ١٧٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٦٥ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٥ : ٢٢٥ ح ٣٥٤١ .
(٣) كامل الزيارات : ٢٤٩ ، الخصال : ٢٥٢ ، التهذيب ٥ : ٤٣٠ ح ١٤٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٣٤ ح ١١٩١ .
(٤) الكافي ٤ : ٥٨٧ ح ٥ ، كامل الزيارات : ٢٤٩ ، مصباح المتهجد : ٦٧٤ ، التهذيب ٥ : ٤٣١ ح ١٤٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٥٥ ح ١١٩٣ .
(٥) الفقيه ١ : ٢٨٣ ، الخصال : ٢٥٢ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ١٨ ، التهذيب ٥ : ٤٣٦ ح ١٤٨٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٣١ ح ١١٧٨ .
(٦) التهذيب ٥ : ٤٢٨ ح ١٤٨٥ ، الاستبصار ٢ : ٣٣٢ ح ١١٨١ .
وأُجيب : بأنّ المراد لا يجب التمام عيناً حتىٰ يعزم علىٰ المقام عشرة ، وبأنّ الشهرة في الفتوىٰ والرواية لا تعارض بالضد .
إذا عرفت ذلك ، فهل الاتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان ؟ ظاهر أكثر الروايات أنّ مكة والمدينة محل لذلك ، فعلىٰ هذا يتمّ في البلدين .
أمّا الكوفة ففي مسجدها خاصة ، قاله في المعتبر (١) .
والشيخ ظاهره الإتمام في البلدان الثلاثة (٢) .
وأمّا الحائر فقال ابن إدريس : هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه ، دون ما دار سور البلد عليه ، لأن الحائر لغة : هو المكان المطمئن ، وذلك إنّما هو فيما ذكرناه ، وفيه حار الماء (٣) يعني به : لما أمر المتوكل باطلاق الماء علىٰ قبر الحسين علیهالسلام ليعفيه فكان لا يبلغه (٤) .
وأفتىٰ ابن إدريس بأنّ التخيير إنّما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها (٥) واختاره في المختلف (٦) .
وقول الشيخ هو الظاهر من الروايات ، وما فيه ذكر المسجد منها فلشرفه لا لتخصيصه .
والشيخ نجيب الدين يحيىٰ بن سعيد ـ في كتاب السفر له ـ حكم بالتخيير في البلدان الأربعة حتىٰ في الحائر المقدس ، لورود الحديث بحرم الحسين علیهالسلام ، وقدّر بخمسة فراسخ وبأربعة وبفرسخ . قال : والكل حرم وإن
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٤٧٧ .
(٢) المبسوط ١ : ١٤١ .
(٣) السرائر : ٧٦ .
(٤) نقله المجلسي في البحار ٤٥ : ٤٠٤ عن بعض مؤلفات الأصحاب .
(٥) السرائر : ٧٧ .
(٦) مختلف الشيعة : ١٦٨ .
تفاوتت في الفضيلة .
واعلم أنّ ابن الجنيد والمرتضىٰ قالا : لا يقصّر في مشاهد الأئمّة عليهمالسلام (١) فاجرياها مجرىٰ الأربعة . وظاهرهما نفي التقصير ، ولعلهما ارادا نفي تحتّمه ، ولم نقف لهما علىٰ مأخذ في ذلك ، والقياس عندنا باطل .
بقي هنا موضعان آخران قيل فيهما بعدم تحتّم القصر :
الاول : إذا كان قصد المسافر أربعة فراسخ فزائداً إلىٰ ما دون الثمانية ، ولم يرد الرجوع ليومه .
قال المفيد ـ رحمهالله ـ وابن بابويه : يتخيّر في قصر الصلاة والصوم (٢) .
وقال الشيخ : يتخيّر في قصر الصلاة ، ولا يجوز قصر الصوم (٣) .
والاكثرون علىٰ التمام فيهما (٤) .
واطلق ابنا بابويه وسلار التخيير في القصر والاتمام (٥) .
والمأخذ أنّ هناك أخباراً صحاحاً تقدّر المسافة بثمانية فراسخ أو مسير يوم ، كخبر عبد الله الكاهلي عن الصادق علیهالسلام (٦) ، وخبر أبي بصير عنه علیهالسلام : « بياض يوم أو بريدان » (٧) . وخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن علیهالسلام : « مسير يوم » (٨) .
__________________
(١) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٧ ، مختلف الشيعة : ١٦٨ .
(٢) المقنعة : ٥٥ ، الفقيه ١ : ٢٨٠ ، ٢ : ٩٢ .
(٣) المبسوط ١ : ٢٨٤ ، النهاية : ١٦١ .
(٤) منهم ابن إدريس في السرائر : ٧٣ والسيد المرتضىٰ علىٰ ما في السرائر : ٧٣ ، وابن البراج في المهذب ١ : ١٠٦ ، ١٩٣ .
(٥) الفقيه ١ : ٢٨٠ ، المراسم : ٧٥ وحكاية قول علي بن بابويه في المختلف : ١٦٢ .
(٦) الفقيه ١ : ٢٧٩ ح ١٢٦٩ ، التهذيب ٣ : ٢٠٧ ح ٤٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢٢٣ ح ٧٨٧ .
(٧) التهذيب ٤ : ٢٢٢ ح ٦٥١ ، الاستبصار ١ : ٢٢٣ ح ٧٨٩ .
(٨) التهذيب ٣ : ٢٠٩ ح ٥٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢٢٥ ح ٧٩٩ .
وهناك اخبار فيها تقدير التقصير بأربعة فراسخ ، كخبر أبي ايوب عن الصادق علیهالسلام (١) ، وخبر زيد الشحام عنه علیهالسلام : « اثنا عشر ميلاً » (٢) .
واخبار شتىٰ تتضمّن انّ اهل مكة يقصرون في سفرهم الىٰ عرفات (٣) ، وفي بعضها : « ويلهم ـ أو ويحهم ـ وأي سفر اشدّ منه ، لا تتم » (٤) .
واسانيد هذه الاخبار كلها معتبرة ، فجمع الشيخان بينهما بالتخيير (٥) .
قال الفاضل : في بعض هذه الاخبار تصريح بتحتّم القصر ، كخبر معاوية بن عمار الصحيح عن الصادق علیهالسلام الذي فيه « ويلهم » الىٰ آخره (٦) .
واعلم انّ الشيخ في التهذيب ذهب الىٰ التخيير لو قصد أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه (٧) وكذا في المبسوط (٨) جمعاً بين الاخبار ، وذكره ابن
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٣٣ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ٢٠٧ ح ٤٩٥ ، ٤ : ٢٢٣ ح ٦٥٤ ، الاستبصار ١ : ٢٢٣ ح ٧٩١ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٠٨ ح ٤٩٨ ، ٤ : ٢٢٣ ح ٦٥٥ ، الاستبصار ١ : ٢٢٤ ح ٧٩٤ .
(٣) راجع : الكافي ٤ : ٥١٨ باب الصلاة في مسجد منى ، التهذيب ٣ : ٢٠٨ ح ٩٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٢٤ ح ٧٩٥ .
(٤) الكافي ٤ : ٥١٩ ح ٥ ، الفقيه ١ : ٢٨٦ ح ١٣٠٢ ، التهذيب ٣ : ٢١٠ ح ٥٠٧ .
(٥) راجع ص ٢٩٢ هامش ٢ و ٣ .
(٦) المختلف : ١٦٢ .
(٧) التهذيب ٣ : ٢٠٧ ـ ٢٠٨ .
(٨) الموجود في المبسوط ١ : ١٤١ وجوب التقصير ، قال في مفتاح الكرامة ٣ : ٥٠٣ : نقل التخيير في الذكرىٰ عن المبسوط وعبادة المبسوط صريحة في المشهور . وقال المحقق في المعتبر ٢ : ٤٦٧ : للشيخ قولان : التقصير والآخر في التهذيب : التخيير .
بابويه في كتابه الكبير (١) . وهو قوي ، لكثرة الأخبار الصحيحة بالتحديد بأربعة فراسخ ، فلا أقل من الجواز .
وقال ابن أبي عقيل : كل سفر كان مبلغه بريدين وهو ثمانية فراسخ ، أو بريداً ذاهباً وجائياً وهو أربعة فراسخ ، في يوم واحد أو ما دون عشرة أيام ـ ظاهره أنّه إذا قصد بريداً ذاهباً وجائياً فيما دون عشرة أيام ـ يقصر (٢) .
الثاني : لو سافر بعد دخول الوقت ، وصلّىٰ بعد مفارقة الجدران وخفاء الأذان . وفيه أقوال :
أحداها : قول الشيخ في الخلاف ، إنّه يجوز له القصر ، ويستحب له الاتمام (٣) .
وقال ابن أبي عقيل والصدوق : يجب الاتمام (٤) قاله في المقنع (٥) .
وقال في من لا يحضره الفقيه : يتم مع السعة ويقصر مع الضيق (٦) وهو اختيار الشيخ في النهاية (٧) .
وقال المفيد والمرتضىٰ وابن إدريس يقصر (٨) وهو قول علي بن بابويه (٩) .
والمأخذ الأخبار المختلفة :
__________________
(١) الظاهر أنّ الكتاب الكبير هو المسمىٰ بمدينة العلم . وهو مفقود . قال الشيخ عند عد كتب الصدوق في الفهرست : « وكتاب مدينة العلم أكبر من كتاب من لا يحضره الفقيه » .
(٢) مختلف الشيعة : ١٦٢ .
(٣) الخلاف ١ : ١٣٠ المسألة ١٤ .
(٤) مختلف الشيعة : ١٦٥ .
(٥) المقنع : ٣٧ .
(٦) الفقيه ١ : ٢٨٤ .
(٧) النهاية : ١٢٣ .
(٨) السرائر : ٧٤ ، وحكاه عن المفيد والمرتضىٰ العلّامة في مختلف الشيعة : ١٦٥ .
(٩) مختلف الشيعة : ١٦٥ .
ففي خبر محمد بن مسلم عن الصادق علیهالسلام : يتم ، ولو دخل بلده بعد وجوبها في سفره قصر (١) .
وفي خبر بشير النبال عنه علیهالسلام : اتمام من خرج بعد الوقت (٢) وكذا رواية الحسن بن الوشاء عن الرضا علیهالسلام (٣) .
ويؤيده انه خوطب بالصلاة بدخول الوقت ، وبمضي قدر ادائها استقرت تماماً ، والاصل بقاء ما كان .
ويعارضها رواية اسماعيل بن جابر عن الصادق علیهالسلام : اعتبار حال الاداء في خروجه ودخوله ، وقال : « ان لم تفعل فقد والله خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآله » (٤) .
ويدل علىٰ التفصيل رواية اسحاق بن عمار ، قال : سمعت ابا الحسن علیهالسلام يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة ، فقال : « ان كان لا يخاف فوت الوقت فليتم ، وان كان يخاف خروج الوقت فليقصر » (٥) .
ويقرب من هذا ما لو حضر بعد وجوبها في سفره ، وقد تضمّنته الاخبار (٦) واختلف فيه الاصحاب :
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٣٤ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٢٨٤ ح ١٢٨٩ ، التهذيب ٣ : ٢٢٢ ح ٥٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٣٩ ح ٨٥٣ .
(٢ و ٣) الكافي ٣ : ٤٣٤ ح ٢ ، ٣ ، التهذيب ٣ : ١٦١ ح ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، الاستبصار ١ : ٢٤٠ ح ٨٥٤ ، ٨٥٥ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٨٣ ح ١٢٨٨ ، التهذيب ٢ : ١٣ ح ٢٩ ، ٣ : ١٦٣ ح ٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ٢٤٠ ح ٨٥٦ .
(٥) التهذيب ٣ : ٢٢٣ ح ٥٥٩ ، الاستبصار ١ : ٢٤٠ ح ٨٥٧ .
(٦)
التهذيب ٢ : ١٣ ح ٢٩ و ٣ : ١٦٣ ح ٣٥٣ و ٣ : ٢٢٣ ح ٥٥٩ ، ٥٦٠ ، ٢٢٢ :
=
فاوجب الاتمام (١) ابن بابويه ـ في الرسالة ـ والمفيد وابن إدريس ، لانهم يعتبرون حال الاداء (٢) .
وخيّر فيه الشيخ (٣) .
وفي رواية العيص بن القاسم عن الصادق علیهالسلام « يتمّ » (٤) . وفي رواية محمد بن مسلم عنه علیهالسلام : « يقصّر » (٥) . وهما صحيحتان .
وابن الجنيد يقول بالتخيير هنا (٦) لرواية منصور بن حازم عنه علیهالسلام : « إذا دخل وقت الصلاة علىٰ المسافر قبل أن يدخل اهله ثم دخل ، إن شاء قصّر ، وان شاء أتمّ ، والاتمام أحب اليّ » (٧) .
قال في المعتبر : رواية اسماعيل بن جابر اشهر واظهر في العمل ، مع ميله إلىٰ التخيير (٨) .
تنبيه :
لو فاتت هذه الصلاة ، قال ابن الجنيد والمرتضىٰ : يقضيها بحسب
__________________
= ٥٥٧ ، الكافي ٣ : ٤٣٤ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٢٨٣ ح ١٢٨٨ ، ٢٨٤ ح ١٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٢٣٩ ح ٨٥٣ ، ٢٤٠ ح ٨٥٦ ، ٢٤١ ح ٨٥٨ ، ٨٥٩ . وقد تقدمت اكثر هذه المصادر وسيأتي بعضها .
(١) في النسخ الثلاث : القصر ، وهو سهو بيّن لمخالفته التعليل ورأي الثلاثة في المسألة . وانظر : مفتاح الكرامة ٣ : ٤٩٠ .
(٢) السرائر : ٧٤ ، وحكاه عن ابن بابويه والمفيد العلامة في مختلف الشيعة : ١٦٦ .
(٣) المبسوط ١ : ١٤١ ، النهاية : ١٢٣ .
(٤) التهذيب ٣ : ١٦٢ ح ٣٥٢ .
(٥) الكافي ٣ : ٤٣٤ ح ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٢٢ ح ٥٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٣٩ ح ٨٥٣ .
(٦) مختلف الشيعة : ١٦٦ .
(٧) التهذيب ٣ : ٢٢٣ ح ٥٦١ ، الاستبصار ١ : ٢٤١ ح ٨٥٩ .
(٨) المعتبر ٢ : ٤٨٠ .
حالها في أول الوقت (١) واختاره ابن إدريس (٢) ، ويظهر من الشيخ في التهذيب (٣) .
وفي المبسوط : يقضي من خرج من وطنه وفاتته في سفره تماما ، ولو صلاها اداء كانت قصراً (٤) ورواه زرارة عن الباقر علیهالسلام في القادم من السفر الى بلده ثم تفوته الصلاة بعد وجوبها عليه في السفر (٥) .
وحمله في المعتبر علىٰ من دخل ولم يبق من الوقت ما يسع أربعاً ، واختار قضاؤها تماماً ، لرواية زرارة عنه علیهالسلام : « يقضي ما فاته كما فاته ، إن كانت صلاة السفر ادّاها في الحضر مثلها ، وان كانت صلاة الحضر فليقضها صلاة الحضر » ، ولانّ الاستقرار في الذمة لا يتحقق الا عند الفوات ، فتعيّن الحال الذي حصل فيه الفوات (٦) .
وقال الفاضل : الاداء والقضاء تمام في الموضعين (٧) .
ولا اشكال في قضاء نافلتي الظهرين لو سافر بعد دخول الوقت .
ولا بد في أصل المسألة من مضي زمان يسع الطهارة والصلاة ، فلو وسع إحداهما خاصة فهي محل الخلاف ، بخلاف الاُخرىٰ فانها تتعين بحال الاداء قطعاً .
__________________
(١) حكاه عنهما المحقق في المعتبر ٢ : ٤٨ .
(٢) السرائر : ٧٤ .
(٣) التهذيب ٣ : ١٦٣ .
(٤) المبسوط ١ : ١٤٠ .
(٥) التهذيب ٣ : ١٦٢ ح ٣٥١ .
(٦) المعتبر ٢ : ٤٨٠ . ورواية زرارة في الكافي ٣ : ٣٤٥ ح ٧ ، التهذيب ٣ : ١٦٢ ح ٣٥٠ .
(٧) نهاية الاحكام ٢ : ١٦٣ ، ١٦٤ .
ويلحق بذلك موضعان آخران قيل فيهما بتخلف القصر عن السفر في الجملة :
الاول : اذا سافر لصيد التجارة ، فالاكثر على انه يقصر في الصوم ويتمّ الصلاة (١) ، حتىٰ نقل فيه ابن إدريس الاجماع (٢) .
وفي المبسوط قال : روىٰ اصحابنا انّه يتمّ الصلاة ويفطر الصوم (٣) .
والمرتضىٰ وابن ابي عقيل وسلار اطلقوا التقصير (٤) .
ولم نقف على دليل للأولين من كتاب ولا سنّة مصرّح بها ، وظاهر القرآن يشهد بالمساواة (٥) ورواية معاوية بن وهب عن الصادق علیهالسلام حيث قال : « اذا قصرت افطرت ، واذا افطرت قصرت » (٦) . ومن ثم جنح الفاضلان الىٰ التقصير فيهما (٧) .
ونقل عن ابن بابويه في المعتبر : انه لو مال الىٰ الصيد حال سفره ، أتمّ في حال ميله ، فاذا عاد الىٰ طريقه قصر .
قال المحقق : وهو حسن (٨) .
والظاهر أنّه أراد به إذا كان السفر معصية ، بناءً علىٰ أصله من عدم تأثير صيد التجارة في ذلك ، وتبعه ولده في كتابه الكبير ، والشيخ ، قاله في
__________________
(١) راجع : النهاية : ١٢٢ ، المهذب ١ : ١٠٦ .
(٢) السرائر : ٧٤ .
(٣) المبسوط ١ : ١٣٦ .
(٤) جمل العلم والعمل ٣ : ٤٧ ، المراسم : ٧٤ ، مختلف الشيعة : ١٦١ .
(٥) سورة البقرة : ١٨٤ ـ ١٨٥ ، سورة النساء : ١٠١ .
(٦) الفقيه ١ : ٢٨٠ ح ١٢٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٢ ح ٥٥١ .
(٧) المعتبر ٢ : ٤٧١ ، نهاية الاحكام ٢ : ١٨٢ .
(٨) المعتبر ١ : ٤٧٢ .
المبسوط (١) . وقد روىٰ في التهذيب رواية مرسلة أنّه قد خرج عن أبي الحسن علیهالسلام : « أن صاحب الصيد يقصر ما دام علىٰ الجادة ، فإذا عدل عن الجادة أتمّ ، فإذا رجع إليها قصّر » (٢) . وهذه يظهر منها أن السفر للصيد ، وإن الاتمام مشروط بأن يخرج عن الجادة ، أي : الطريق .
ولابن الجنيد هنا قول غريب ، حيث قال : والمتصيد مشياً إذا كان دائراً حول المدينة غير متجاوز حدّ التقصير لم يقصر يومين ، وإن تجاوز الحدّ واستمر به دورانه ثلاثة أيام قصر بعدها (٣) . والذي رواه أبو بصير عن الصادق علیهالسلام أنه قال : « ليس علىٰ صاحب الصيد تقصير ثلاثة أيام ، وإذا جاوز الثلاثة لزمه » (٤) لا حجة له فيه ، لعدم دلالته علىٰ جميع ما ادعاه ، علىٰ إنا لم نقف علىٰ سنده .
الموضع الثاني : إذا صار سفره أكثر من حضره ثم أقام عشرة أيام بنيّة المقام ، أو كان في بلده ثم سافر ، قصّر الصلاة والصوم .
وإن أقام دون خمسة فلا حكم له .
وإن أقام خمسة حكم الشيخ ومن تبعه بأنّه يقصر بالنهار ، ويتمّ صلاة الليل (٥) .
ويصوم شهر رمضان لرواية عبد الله بن سنان عن الصادق علیهالسلام ، قال : « المكاري إن لم يستقر في منزلة إلّا خمسة أيام واقل (٦) قصرّ في سفره
__________________
(١) لاحظ : الفقيه ١ : ٢٨٨ . والمبسوط ١ : ١٤٢ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢١٨ ح ٥٤٣ ، الاستبصار ١ : ٢٣٧ ح ٨٤٦ .
(٣) مختلف الشيعة : ١٦٢ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٨٨ ح ١٣١٣ ، التهذيب ٣ : ٢١٨ ح ٥٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٣٦ ح ٨٤٤ .
(٥) انظر : النهاية : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، المبسوط ١ : ١٤١ ، المهذب ١ : ١٠٦ ، الوسيلة : ١٠٨ .
(٦) في الفقيه والتهذيب : « أو أقل » .
بالنهار ، وأتم بالليل ، وعليه ؟ صوم شهر رمضان . وان اقام عشرة وأكثر قصّر في سفره وافطر » (١) .
واجيب : بانها متروكة الظاهر ، لان الاقل من خمسة لا عبرة به قطعاً ، مع معارضتها باصالة بقائه علىٰ التمام حتىٰ يثبت المزيل .
وعلىٰ ذلك الحليون رحمهمالله (٢) .
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨١ ح ١٢٧٨ بزيادة عما في المتن ، التهذيب ٣ : ٢١٦ ح ٥٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٣٤ ح ٨٣٦ .
(٢) السرائر : ٧٦ ، شرائع الاسلام ١ : ١٣٤ ، نهاية الاحكام ٢ : ١٧٩ .