ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

المطلب الثاني : في التروك المستحبة .

وقد مرّ في تضاعيف الأفعال شطر منها ولنذكر اُموراً :

الاول : يكره الالتفات الى اليمين والشمال ، بحيث لا يخرج الوجه الى حدّ الاستدبار . وكان بعض مشايخنا المعاصرين يرى انّ الالتفات بالوجه يقطع الصلاة (١) كما يقوله بعض الحنفية (٢) لما روي عن النبي صلّى الله عليه وآله انه قال : « لا تلتفتوا في صلاتكم ، فانه لا صلاة لملتفت » رواه عبد الله بن سلام (٣) ويحمل على الالتفات بكله ، وروى زرارة عن الباقر علیه السلام : « الالتفات يقطع الصلاة اذا كان بكلّه » (٤) .

الثاني : يكره ما رواه أبو بصير عن الصادق علیه السلام : « اذا قمت الى الصلاة فاعلم انك بين يدي الله تعالى ، فان كنت لا تراه فاعلم انه يراك ، فاقبل قِبَل صلاتك ، ولا تمتخط ، ولا تبصق ، ولا تنقض أصابعك ، ولا توّرك ، فان قوماً عذبوا بتنقيض الأصابع والتورك في الصلاة » (٥) .

قلت : تنقيض الأصابع الظاهر انّه الفرقعة بها ليسمع لها صوت ، من إنقاض المحامل أي تصويتها .

وعن النبي صلّى الله عليه وآله انه قال لعلي علیه السلام : « لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي » (٦) .

__________________

(١) حكاه العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ١٨ عن فخر المحققين .

(٢) شرح فتح القدير ١ : ٣٥٧ .

(٣) المعجم الاوسط ٣ : ٢٧ ح ٢٠٤٢ .

وذيل الحديث في حلية الاولياء ٧ : ٣٤٤ ، والعلل المتناهية ١ : ٤٤٦ ح ٧٦٤ .

(٤) التهذيب ٢ : ١٩٩ ح ٧٨٠ ، الاستبصار ١ : ٤٠٥ ح ١٥٤٣ .

(٥) التهذيب ٢ : ٣٢٥ ح ١٣٣٢ .

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٣١٠ ح ٩٦٥ .

٢١
 &

وعنه صلّى الله عليه وآله انه سمع فرقعة رجل خلفه في الصلاة ، فلما انصرف قال النبي صلّى الله عليه وآله : « اما انه حظه من صلاته » (١) .

الثالث : روى الحلبي عن الصادق علیه السلام في التمطي والتثاؤب في الصلاة : « من الشيطان » (٢) .

الرابع : التنخم والبصاق . روي : ان النبي صلّى الله عليه وآله كان يأخذ النخامة في ثوبه (٣) .

الخامس : العبث ؛ لفحوى رواية أبي بصير (٤) ولما فيه من منافاة الاقبال على الصلاة وترك الخشوع .

السادس : مدافعة الأخبثين أو الريح أو النوم ؛ لقول النبي صلّى الله عليه وآله : « لا صلاة لحاقن » (٥) ولقوله صلّى الله عليه وآله : « لا تصلّ وانت تجد شيئاً من الأخبثين » (٦) . وروى هشام بن الحكم عن الصادق علیه السلام : « لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة ، وهو بمنزلة من هو في ثوبه » (٧) وفيه دلالة على الريح . واما النوم فلقوله تعالىٰ : ( لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ ) في بعض التفسير (٨) ولما فيه من سلب الخشوع والاقبال على الصلاة ، والتعرّض لابطالها .

ولو عرضت المدافعة في أثناء الصلاة فلا كراهة في الاتمام ؛ لعدم اختيار

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٦٥ ح ٨ .

(٢) التهذيب ٢ : ٣٢٤ ح ١٣٢٨ .

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٨٩ ح ٥٥٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٢٧ ح ١٠٢٤ ، السنن الكبرىٰ ٢ : ٢٩٤ .

(٤) التهذيب ٢ : ٣٢٥ ح ١٣٣٢ .

(٥) مسند أحمد ٥ : ٢٥٠ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٨٠ ، سنن الترمذي ٢ : ١٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٢ ح ٦١٧ ، ٦١٩ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣ ح ٩٠ ، ٩١ .

(٦) التهذيب ٢ : ٣٢٦ ح ١٣٣٣ ، وراجع صحيح مسلم ١ : ٣٩٣ ح ٥٦٠ ، مسند احمد ٦ : ٤٣ ، ٥٤ ، ٧٣ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢ ح ٨٩ .

(٧) المحاسن : ٨٣ ، التهذيب ٢ : ٣٣٣ ح ١٣٧٢ .

(٨) سورة النساء : ٤٣ ، وانظر مجمع البيان ٣ : ٥٢ .

٢٢
 &

المكلف هنا ، ولو عجز عن المدافعة فله القطع . روى عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع الصبر عليه ، أيصلي على تلك الحالة أوْ لا ؟ فقال : « إن احتمل الصبر ولم يخف اعجالاً عن الصلاة ، فليصلّ وليصبر » (١) .

السابع : التخصّر ؛ لنهي النبي صلّى الله عليه وآله (٢) ، وهو الاعتماد باليدين على الوركين ويسمي : التوّرك .

الثامن : لبس الخف الضيق ؛ لما فيه من المنع عن التمكن في السجود وملازمة القيام على سمت واحد .

التاسع : السدل ، وقد ذكر فيما مر . وقيل : انه وضع الثوب على الرأس والكتف وارسال طرفيه . اما لو أرسل طرفي الرداء فلا بأس ؛ لما رواه علي بن جعفر عن اخيه علیه السلام وقال : « لا يصلح جمعهما على اليسار ، ولكن اجمعهما على يمينك أو دعهما » (٣) .

العاشر : التأوّه بحرف واحد والأنين به اختياراً ؛ لقربه الى الكلام .

وكره ابو الصلاح التنخع والتجشؤ ، وادخال اليدين في الكمين وتحت الثياب (٤) .

[ خاتمة ]

ولنختم الفصل بثلاثة مباحث :

احدها : في السلام على المصلّي ، وفيه مسائل تسع :

الْاُولى : لا يكره السلام على المصلّي ؛ للاصل ، ولعموم : ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٦٤ ، الفقيه ١ : ٢٤٠ ح ١٠٦١ ، التهذيب ٢ : ٣٢٤ ح ١٣٢٦ .

(٢) مسند احمد ٢ : ٢٣٢ ، سنن الدارمي ١ : ٣٣٢ ، صحيح البخاري ٢ : ٨٤ ، صحيح مسلم ١ : ٣٨٧ ح ٥٤٥ ، سنن ابي داود ١ : ٢٤٩ ح ٩٤٧ ، الجامع الصحيح ٢ : ٢٢٢ ح ٣٨٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٧ .

(٣) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥١ .

(٤) الكافي في الفقه : ١٢٥ .

٢٣
 &

بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ ) (١) . وروى البزنطي في سياق أحاديث الباقر علیه السلام : « إذا دخلت المسجد والناس يصلّون فسلّم عليهم ، واذا سُلّم عليك فاردد فاني افعله » . وان عمار بن ياسر مرّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يصلّي ، فقال : السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته ، فردّ علیه السلام (٢) .

الثانية : يجب الردّ عليه اذا سلم عليه ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) (٣) والصلاة غير منافية لذلك .

وظاهر كلام الأصحاب مجرد الجواز ؛ للخبرين الآتيين بعد ، والظاهر انهم أرادوا به بيان شرعيته ، ويبقى الوجوب معلوماً من القواعد الشرعية . وبالغ بعض الأصحاب في ذلك ، فقال تبطل الصلاة لو اشتغل بالأذكار ولما يردّ السلام (٤) وهو من مشرب اجتماع الأمر والنهي في الصلاة كما سبق ، والأصحّ عدم الابطال بترك ردّه .

الثالثة : يجب اسماعه تحقيقاً أو تقديراً كما في سائر الردّ . وقد روى منصور بن حازم ، عن الصادق علیه السلام : « يردّ عليه ردّاً خفياً » (٥) . وروى عمار عنه علیه السلام : « ردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ، ولا ترفع صوتك » (٦) . وهما مشعران بعدم اشتراط اسماع المسلِّم ، والاقرب اشتراط اسماعه ؛ ليحصل قضاء حقّه من السلام .

__________________

(١) سورة النور : ٦١ .

(٢) جامع البزنطي : مخطوط ، رواها الشيخ المجلسي في البحار ٨٤ : ٣٠٦ ح ٣١ ؛ والشيخ الحر في الوسائل ٧ : ٢٧١ ح ٣ ب ١٧ من قواطع الصلاة عن الذكرىٰ .

واورد المقطع الثاني منه الشيخ الصدوق في الفقيه ١ : ٢٤١ ح ١٠٦٦ والمحقق في المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، والعلامة في المنتهىٰ ١ : ٢٩٧ والشهيد الاول في اربعينه : ٥٠ ح ٢٢ .

(٣) سورة النساء : ٨٦ .

(٤) قاله العلامة في مختلف الشيعة : ١٠٢ .

(٥) الفقيه ١ : ٢٤٠ ح ١٠٦٥ ، التهذيب ٢ : ٣٣١ ح ١٣٦٦ .

(٦) الفقيه ١ : ٢٤٠ ح ١٠٦٤ ، التهذيب ٢ : ٣٣١ ح ١٣٦٥ .

٢٤
 &

الرابعة : قال المرتضى : يجب ان يقول المصلّي في ردّ السلام مثل ما قاله المسلّم : ( سلام عليكم ) ، ولا يقول : ( وعليكم السلام ) (١) ورواه عثمان بن عيسى عن الصادق علیه السلام (٢) .

وجوّز ابن ادريس الردّ بقوله : ( عليكم السلام ) ، وخصوصاً اذا قال المسلّم : ( عليكم السلام ) (٣) لعموم الآية ، واستضعافاً لخبر الواحد مع انّ عثمان ابن عيسى واقفي شيخ الواقفة ، فتبقى عموم الآية والأصل سالمين عن المعارض .

الخامسة : لا تكفي الاشارة بالردّ عن السلام لفظاً .

واحتج الشافعي على تحريم التلفّظ بانّ أبا مسعود لما قدم من الحبشة سلّم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو في الصلاة فلم يردّ عليه ، قال : فاخذني ما قرب وما بعد ، فلما فرغ قلت : يا رسول الله أنزل فيّ شي‌ء ؟ قال : « لا ، ولكن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وانّ مما أحدث أن لا يتكلموا في الصلاة » . وعلى جواز الاشارة بما روى صهيب وبلال : انّ النبي صلّى الله عليه وآله كان إذا سُلّم عليه أشار بيده (٤) .

وجوابه بعد تسليم النقل انه يجوز تقدّمه على الأمر بردّ السلام ، ويجوز ان يكون قد جمع بين الاشارة والتلفظ خفيّاً كما رويناه .

__________________

(١) الانتصار : ٤٧ .

(٢) الكافي ٣ : ٣٦٦ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٣٢٨ ح ١٣٤٨ .

(٣) السرائر : ٥٠ .

(٤) المجموع ٤ : ٩٣ ، فتح العزيز ٤ : ١١٧ .

والرواية الاولى في : ترتيب مسند الشافعي ١ : ١١٩ ح ٣٥١ ، مسند احمد ١ : ٤٣٥ ، صحيح البخاري ٩ : ١٨٧ ، سنن ابي داود ١ : ٢٤٣ ح ٩٢٤ ، سنن النسائي ٣ : ٩ ، السنن الكبرى ٢ : ٢٤٨ .

والرواية الثانية في : ترتيب مسند الشافعي ١ : ١١٩ ح ٣٥٢ ، مسند احمد ٢ : ١٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٢٥ ح ١٠١٧ ، الجامع الصحيح ٢ : ٢٠٤ ح ٣٦٧ ، سنن النسائي ٣ : ٥ .

٢٥
 &

السادسة : لا يجب ان يقصد القرآن بردّه ، ويظهر من كلام الشيخ اعتباره (١) .

لنا عموم الآية ، ولخبر هشام بن سالم عن محمد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر علیه السلام وهو في الصلاة ، فقلت : السلام عليك . فقال : « السلام عليك » . فقلت : كيف أصبحت ؟ فسكت فلما انصرف قلت له : أيردّ السلام وهو في الصلاة ؟ فقال : « نعم ، مثل ما قيل له » (٢) . وفيه دلالتان :

احداهما : ان لفظ ( السلام عليك ) ليس في القرآن وقد أتى بها .

وثانيها : عدم ذكر الامام قصد القرآن ، فلو كان شرطاً لذكره ؛ لامتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة .

السابعة : لو سلّم بالصباح أو المساء أو التحية لم يجب الردّ عليه ، قاله ابن ادريس (٣) .

والمحقق قال في المعتبر : نعم ، لو دعا له وقصد الدعاء لا ردّ السلام ، لم أمنع منه اذا كان مستحقاً للدعاء ؛ لما بيناه من جواز الدعاء لنفسه ولغيره (٤) .

وقال الفاضل : يجب ردّ كل ما يسمى تحية ؛ لظاهر الآية ، وخبر محمد ابن مسلم . وجوّز الردّ بلفظ المسلِّم وبلفظ ( سلام عليكم ) (٥) .

الثامنة : لو كان في موضع تقية ردّ خفياً واشار ، وقد تحمل عليه الروايتان السابقتان (٦) .

التاسعة : لو ردّ غيره اكتفى به اذا كان مكلفاً . وفي الصبي المميز وجهان

__________________

(١) النهاية : ٩٥ ، المبسوط ١ : ١١٩ ، الخلاف ١ : ٣٨٨ المسألة : ١٤١ .

(٢) التهذيب ٢ : ٣٢٩ ح ١٣٤٩ .

(٣) السرائر : ٤٩ .

(٤) المعتبر ٢ : ٢٦٤ .

(٥) مختلف الشيعة : ١٠٢ .

(٦) تقدمتا في ص ٢٤ الهامش ٥ ، ٦ .

٢٦
 &

مبنيان على صحة قيامه بفرض الكفاية ، وهو مبني على انّ أفعاله شرعية أو لا ، وقد سبقت الاشارة اليه . نعم ، لو كان غير مميز لم يعتدّ به .

ولو ردّ بعد قيام غيره به لم يضرّ ؛ لانه مشروع في الجملة .

وهل هو مستحب كما في غير الصلاة أو تركه أولى ؟ فيه نظر ، من شرعيته خارج الصلاة مستحباً ، ومن انه تشاغل بغير الصلاة مع عدم الحاجة اليه .

البحث الثاني : لو رعف في أثناء الصلاة أو قاء لم تبطل الصلاة ؛ لانهما غير ناقضين للطهارة ، والقي‌ء ليس بنجس ويجب غسل الرعاف إن بلغ قدر الدرهم ، ثم يتمّ صلاته ما لم يفعل المنافي ؛ لرواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام في الرجل يأخذه القي‌ء والرعاف في الصلاة : « ينفتل فيغسل أنفه ويعود في صلاته ، وان تكلم فليعد الصلاة وليس عليه وضوء » (١) .

وروى الكليني عن الحلبي ، عن الصادق علیه السلام فيمن رعف في الصلاة : « إن قدر على ماء عنده يميناً وشمالاً بين يديه وهو مستقبل القبلة فليغسله عنه ، ثم يصلّي ما بقي من صلاته . وان لم يقدر على ماء ، حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم ، فقد قطع صلاته » (٢) .

واما رواية ابي حمزة عن الصادق علیه السلام : « لا يقطع الصلاة الّا رعاف وأزّ في البطن ، فادرؤوهنّ ما استطعتم » (٣) فهي نادرة ، وتحمل على ما اذا احتاج الى فعل المنافي (٤) .

وحملت على استحباب الاعادة (٥) فان اُريد الاعادة بعد البناء فلا بأس ، وان اُريد بدونه ففيه تعرّض لقطع الصلاة ، الا ان يقال : هذا كقطع الصلاة

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٦٥ ح ٩ ، التهذيب ٢ : ٣١٨ ح ١٣٠٢ ، ٣٢٣ ح ١٣٢٣ .

(٢) الكافي ٣ : ٣٦٤ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٠٠ ح ٧٨٣ ، الاستبصار ١ : ٤٠٤ ح ١٥٤١ .

(٣) التهذيب ٢ : ٣٢٨ ح ١٣٤٧ ، الاستبصار ١ : ٤٠٣ ح ١٥٣٩ .

(٤) راجع الهامش السابق .

(٥) حملها المحقق في المعتبر ٢ : ٢٦٩ .

٢٧
 &

لاستدراك الأذان والجماعة . ولا يبعد ان يحمل القطع على استدراك غسل الدم أو الوضوء للازّ ـ وهو الصوت في البطن ، بمعنى : الازيز ـ لما رواه الفضيل بن يسار ، قلت : لأبي جعفر علیه السلام : أكون في الصلاة فأجد غمزاً في بطني أو أذى أو ضرباناً ، فقال : « انصرف ، ثم توضأ وابن على ما مضى من صلاتك » (١) .

تنبيه :

لو تعذّر قطع الرعاف حشا أنفه وصلّى مخففاً لئلا يسبقه الدم ، رواه سماعة عن أبي عبد الله علیه السلام (٢) . ولو سبق الدم وامكن غسله وجب ، والا أتمّها مع ضيق الوقت بحالة .

البحث الثالث : يستحب ( الحمد لله ) عند العطاس في الصلاة ؛ للاصل ، والعموم في استحباب ذلك الشامل للصلاة ، ولقول الصادق علیه السلام في رواية الحلبي : « اذا عطس الرجل في الصلاة فليقل : الحمد لله » (٣) .

ويجوز التحميد والصلاة على النبي وآله عند سماعه العطسة من الغير في الصلاة ؛ لرواية ابي بصير عنه علیه السلام ، قال : « وان كان بينك وبينه اليمّ » (٤) .

ولو سمت العاطس أو شمته فدعا له جاز ؛ لما مرّ من جواز الدعاء للغير في الصلاة . وتردّد فيه في المعتبر ، ثم قال : الجواز أشبه بالمذهب (٥) ، يعني : لقضية الأصل من الجواز وعموم الدعاء للمؤمنين ، وهو يشعر بعدم ظفره بنص

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٤٠ ح ١٠٦٠ ، التهذيب ٢ : ٣٣٢ ح ١٣٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٠١ ح ١٥٣٣ .

(٢) التهذيب ٢ : ٣٣٣ ح ١٣٧١ .

(٣) التهذيب ٢ : ٣٣٢ ح ١٣٦٧ .

(٤) الكافي ٣ : ٣٦٦ ح ٣ .

(٥) المعتبر ٢ : ٢٦٣ .

٢٨
 &

في ذلك .

وروى العامة عن معاوية بن الحكم ، قال : صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله فعطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ! فقلت : ما شأنكم تنظرون إليَّ ؟ فجعلوا يضربون ايديهم على افخاذهم فعرفت انهم يصمتوني ، فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : « ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شي‌ء من كلام الناس ، انما هي التكبير وقراءة القرآن » (١) .

وربما قيل : انّ الانكار على كلامه الثاني لا على التسميت (٢) .

__________________

(١) تقدم في ص ١٢ الهامش ٦ .

(٢) قاله العلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ١٣١ .

٢٩
 &

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة الجزء الرابع ـ الشهيد الأوّل

٣٠
 &

الركن الثاني : في الخلل الواقع في الصلاة .

وهو اما عن عمد أو سهو أو شك ، فهنا مطالب ثلاثة :

الاول : العمد .

وفيه مسائل ثلاث :

الاولى : تبطل الصلاة بتعمّد الاخلال بكل ما يتوقّف عليه صحة الصلاة من الشروط ـ كالطهارة ، والاستقبال ، وستر العورة ، وايقاعها في الوقت ـ والاجزاء ، ركناً كان ـ وهو : النية ، والتكبير ، والقيام ، والركوع ، والسجود ـ أو لا ـ كالقراءة ـ أو صفة ـ كالجهر ، والاخفات ، والطمأنينة ـ لانّ الاخلال بالشرط إخلال بالمشروط ، وبالجزء اخلال بالكل . وقد سبق التنبيه على ذلك كله .

الثانية : لا فرق بين الاخلال بالشروط والابعاض وبين الاخلال بما يجب تركه ؛ لتحقق النهي المفسد للعبادة بفعل ما يجب تركه ، ولا بين العالم والجاهل بالحكم ؛ لانه ضمّ جهلاً الى تقصير ، وقد استثنى الأصحاب الجهر والاخفات لما سبق .

اما لو جهل غصبية الماء أو الثوب أو المكان ، أو نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود ، فلا إعادة في الغصب على الاطلاق ، ولا في النجاسة مع خروج الوقت ، ومع بقائه قولان تقدما .

ولو وجد جلداً مطروحاً فصلّى فيه ، أعاد وان تبيّن بعد انه مذكّىٰ ؛ لانه دخل دخولاً غير مشروع .

الثالثة : تبطل الصلاة بزيادة واجب عمداً ، سواء كان ركناً أو غيره ؛ لعدم الاتيان بالماهية على وجهها . وكذا لو اعتقد وجوب بعض الأذكار المندوبة أو بعض الافعال المندوبة وكان كثيرا ، وقد سبقت الاشارة اليه .

٣١
 &

المطلب الثاني : في السهو .‌

وفيه مسائل :

الاولى : انما تبطل الصلاة بالسهو اذا تضمّن الاخلال بشرط أو ركن ، كمن صلّى بغير طهارة ، أو لا مستقبلاً على ما سبق تفصيله في الاستقبال ، أو صلّى مكشوف العورة ناسياً . وكمن أخلّ بالقيام حتى نوى ، أو بالنية حتى كبّر ، أو بالتكبير حتى قرأ ، أو بالركوع حتى سجد ، أو بالسجدتين حتى ركع بعدهما . وقد تقدم ذلك بدليله .

الثانية : كما تبطل نقيصة الركن سهواً كذا تبطل زيادته سهواً ؛ لاشتراكهما في تغيير هيئة الصلاة ، ولقول الصادق علیه السلام : « من زاد في صلاته فعليه الاعادة » (١) .

وأولى منه زيادة ركعة فصاعدا الّا زيادة الخامسة سهوا ، فانه يشترط في البطلان ان لا يكون جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد عند ابن الجنيد (٢) والفاضل (٣) لصحيح جميل بن دراج عن الصادق علیه السلام (٤) وزرارة عن الباقر علیه السلام (٥) .

وفي رواية محمد بن مسلم عن الصادق علیه السلام : « ان كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس ، فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس فيتشهد ، ثم يصلي ركعتين جالساً ويضيفها الى الخامسة فتكون النافلة » (٦) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٥ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٤ ح ٧٦٤ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٩ .

(٢) مختلف الشيعة : ١٣٥ .

(٣) مختلف الشيعة : ١٣٥ .

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٩ ح ١٠١٦ .

(٥) التهذيب ٢ : ١٩٤ ح ٧٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ ح ١٤٣١ .

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٩ ح ١٠١٧ .

٣٢
 &

وفي رواية اُخرىٰ له : يضيف الى الخامسة ركعة لتكونا نافلة (١) .

وقال ابن ادريس : إن تشهد ثم قام سهوا قبل التسليم وأتى بالخامسة ، صحت على قول من جعل التسليم ندباً ، ونقله عن الشيخ في الاستبصار (٢) .

والاكثرون اطلقوا البطلان بالزيادة (٣) لما اطلق في رواية زرارة واخيه بكير ـ الحسنة ـ عن الباقر علیه السلام ، قال : « اذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها واستقبل صلاته » (٤) ، وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله علیه السلام : « من زاد في صلاته فعليه الاعادة » (٥) .

والشيخ جمع بينهما بحمل الاُولى على من جلس وتشهد ، وبحمل الثانية على من لم يفعل ذينك (٦) وهو حسن ، ويكون فيه دلالة على ندب التسليم .

واوجب في الخلاف الاعادة مطلقاً ؛ لتوقف اليقين بالبراءة عليه ، وقال : انما يعتبر الجلوس بقدر التشهد أبو حنيفة ، بناءً على انّ الذكر في التشهد ليس بواجب ، وعندنا انّه لا بد من التشهد وجوباً (٧) .

اما لو لم يجلس بقدر التشهيد ، فانّها تبطل قولاً واحداً عندنا .

وقال اكثر العامة : تصح الصلاة مطلقاً ؛ لما رووه عن ابن مسعود انّ النبي صلّى الله عليه وآله صلّى بنا خمساً ، فلما اخبرناه انفتل فسجد سجدتين ثم سلّم ، وقال : « انما أنا بشر أنسى كما تنسون » (٨) . وهذا الحديث لم يثبت عندنا ، مع

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٩٤ ح ٧٦٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ ح ١٤٣٠ .

(٢) السرائر : ٥٢ ، وراجع : ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ .

(٣) كابن البراج في : المهذّب ١ : ١٥٥ ، والشيخ في : المبسوط ١ : ١٢١ .

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٤ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٩٤ ح ٧٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٨ .

(٥) الكافي ٣ : ٣٥٥ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٤ ح ٧٦٤ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٨ .

(٦) الاستبصار ١ : ٣٧٦ .

(٧) الخلاف ١ : ٤٥١ المسألة : ١٩٦ .

(٨) صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ ح ٥٧٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٠ ح ١٢٠٥ ، السنن الكبرىٰ ٢ : ٣٤١ .

وسيأتي ذيله في ص ٥٤ الهامش ١ .

٣٣
 &

منافاته للقواعد العقلية .

ويتفرع على ذلك انسحاب الحكم الى زيادة أكثر من واحدة ، والظاهر انه لا فرق ؛ لتحقّق الفصل بالتشهد على ما اخترناه ، وبالجلوس على القول الآخر . وكذا لو زاد في الثنائية أو الثلاثية .

ولو ذكر الزيادة قبل الركوع ، فلا اشكال في الصحة ؛ لعدم كون زيادة القيام سهواً مبطلة ، وعليه سجدتا السهو .

ولو ذكر الزيادة بين الركوع والسجود ، فكالذكر بعد السجود . واحتمل الفاضل الابطال ؛ لانا ان امرناه بالسجود زاد ركناً آخر في الصلاة ، وان لم نأمره به زاد ركناً غير متعبّد به ، بخلاف الركعة الواحدة لامكان البناء عليها نفلاً (١) كما سبق .

وعلى ما قلناه من اعتبار التشهد ، لا فرق في ذلك كلّه في الصحة إن حصل ، وفي البطلان إن لم يحصل .

الثالثة : لو نقص من صلاته ساهياً ركعة فما زاد ، ثم ذكر قبل فعل ما ينافي الصلاة من حدث أو استدبار أو كلام وغيره أتمّها قطعا ، وان كان بعد الحدث اعادهما ، وان كان بعد الاستدبار أو الكلام فقد سلف .

وقال الصدوق ـ رحمه الله ـ في المقنع : ان صليت ركعتين من الفريضة ، ثم قمت فذهبت في حاجة لك ، فاضف الى صلاتك ما نقص منها ولو بلغت الى الصين ، ولا تعد الصلاة فان اعادة الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس ابن عبد الرحمن (٢) .

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٥ .

(٢) في المقنع المطبوع : ٣١ : ( وان صليت ركعتين ، ثم قمت فذهبت في حاجة لك ، فاعد الصلاة ولا تبن على ركعتين ) . وقد حكى العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٣٩١ عبارة المقنع كما في المتن عن المختلف والذكرى وغيرهما ، وقال بعد ايراده العبارة السابقة : وهذا هو الموجود في النسخة التي عندنا من نسخه ، لكن الناقلين غير ذلك كانهم عولوا على المختلف .

٣٤
 &

وروى في الفقيه عن عمار ، عن أبي عبد الله علیه السلام : « انّ من سلّم في ركعتين من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء الآخرة ، ثم ذكر فليبن على صلاته ولو بلغ الصين ولا اعادة عليه » (١) .

وروى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى بالكوفة ركعتين ، ثم ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان انّه صلّى ركعتين ، قال : « يصلي ركعتين » (٢) .

ويعارضه ما رواه الكليني عن سماعة ، عن أبي عبد الله : أرأيت من صلّى ركعتين وظن انها أربع فسلم وانصرف ، ثم ذكر بعد ما ذهب انّه انما صلّى ركعتين ، قال : « يستقبل الصلاة من أولها » وذكر انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لما صلّى ركعتين لم يبرح من مكانه فلذلك اتمّها (٣) .

وما رواه محمد بن مسلم ، عن احدهما ، قال : سُئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة ، فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه فاتته ركعة ، قال : « يعيد ركعة اذا لم يحوّل وجهه عن القبلة ، فاذا حوّل وجهه استقبل الصلاة » (٤) .

وعدّ الكليني في مبطلات الصلاة عمداً وسهواً الانصراف عن الصلاة بكليته قبل ان يتمّها (٥) وهو الأصح ، وتحمل تلك الأخبار على النافلة كما ذكره الشيخ (٦) .

الرابعة : لا حكم للسهو عن غير الركن اذا تجاوز محله ، كنسيان القراءة ،

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٩ ح ١٠١٢ ، التهذيب ٢ : ١٩٢ ح ٧٥٨ ، الاستبصار ١ : ٣٧٩ ح ١٤٣٧ .

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٧ ح ١٤٤٠ ، والاستبصار ١ : ٣٦٨ ح ١٤٠٣ .

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٥ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٣٤٦ ح ١٤٣٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٩ ح ١٤٠٥ .

(٤) التهذيب ٢ : ١٨٤ ح ٧٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٨ ح ١٤٠١ .

(٥) الكافي ٣ : ٣٦٠ .

(٦) التهذيب ٢ : ٣٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٨ .

٣٥
 &

أو أبعاضها ، أو صفاتها من اعراب ، أو ترتيب ، أو جهر ، أو اخفات . أو كنسيان تسبيح الركوع ، أو الطمأنينة فيه ، أو رفع الرأس منه ، أو الطمأنينة فيه . أو الطمأنينة في السجود ، أو الذكر فيه ، أو السجود على بعض الأعضاء ، أو لم يتمّ رفعه من السجود الاول ، أو لم يطمئن في رفعه منه .

لعموم قول النبي صلّى الله عليه وآله : « رفع عن اُمتي الخطأ والنسيان » (١) .

وقول الباقر علیه السلام : « لا تعاد الصلاة الّا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » رواه زرارة (٢) .

وقول أبي الحسن الكاظم علیه السلام في ناسي التسبيح في الركوع والسجود : « لا بأس بذلك » رواه علي بن يقطين (٣) .

وروى عبد الله القداح ، عن الصادق علیه السلام : « ان علياً علیه السلام سئل عن رجل ركع ولم يسبّح ناسياً ، قال : تمّت صلاته » (٤) .

وفي رواية حكم بن حكيم ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل ( نسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي‌ء منها ، ثم تذكر بعد ذلك ، فقال : « يقضى ذلك بعينه » . فقلت له : ايعيد الصلاة ؟ قال : « لا » (٥) . وهي تدل بظاهرها على قضاء ابعاض الصلاة على الاطلاق ، وهو نادر مع امكان الحمل على ما يقضى منها ـ كالسجدة والتشهد وابعاضه ـ أو على انه يستدركه في محله .

وكذا ما روى عبد الله بن سنان ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « اذا

__________________

(١) تقدم في ص ١٣ الهامش ١ .

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ح ٥٩٧ .

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٧ ح ٦١٢ ، ٦١٤ .

(٤) التهذيب ٢ : ١٥٧ ح ٦١٢ .

(٥) التهذيب ٢ : ١٥٠ ح ٥٨٨ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ح ١٣٥٠ .

٣٦
 &

نسيت شيئاً من الصلاة ، ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً ، ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء » (١) .

وكذا رواية الحلبي عنه علیه السلام : « اذا نسيت من صلاتك ، فذكرت قبل ان تسلّم أو بعد ما تسلّم أو تكلمت ، فانظر الذي كان نقص من صلاتك فأتمّه » (٢) . وابن طاوس في البشرى يلوح منه ارتضاء مفهومها .

الخامسة : لو سها عن شي‌ء وهو في محله أتى به ، ركناً كان أو غيره ؛ لانه مخاطب به فلا يسقط بالنسيان مع امكان تداركه . ثم ان كان هناك ترتيب وجب مراعاته ، كما لو ترك الحمد حتى قرأ السورة وجب بعد قراءة الحمد اعادة السورة .

وكذا لو تشهد قبل سجود ثم تذكر أعاد السجود والتشهد ، فان كان ذلك التشهد المعقّب بالتسليم فالحكم كذلك ان قلنا بوجوب التسليم ، وان لم نقل به ففي الاستدراك هنا تردّد ، من الحكم بخروجه بالتشهد كما لو كان المنسي غير السجود ، ومن انّه لما وقع في غير موضعه كان بمثابة تسليم الناسي الذي هو غير مخرج فلا يكون التشهد هنا مخرجاً ، وعسى ان يأتي ما يدل عليه . فان قلنا بعدم التدارك وكان المتروك السجدتين بطلت الصلاة ، وان كانت واحدة أتى بها بعد التشهد .

ولو ذكر ترك الركوع ، وقد انتهى الى حدّ الساجد ولما يسجد ، رجع الى الركوع . والظاهر انه لا يجب الطمأنينة في هذا القيام ؛ لسبقها من قبل .

وكذا يعود لتدارك السجود ما لم يركع فيما بعده ، ويتدارك القراءة أو التسبيح ؛ لفعله على غير الوجه المتعبّد به . ولا فرق بين السجدة الواحدة أو السجدتين ، ورواية اسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله علیه السلام في ناسي

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٨ ح ١٠٠٧ ، التهذيب ٢ : ٣٥٠ ح ١٤٥٠ .

(٢) اوردها المجلسي في بحار الانوار ٨٨ : ١٥٤ عن ذكرى الشيعة .

٣٧
 &

السجدة الثانية : يرجع ويسجد ما لم يركع (١) لا تدلّ على التخصيص .

وقال المفيد ـ رحمه الله ـ : ان ترك سجدتين من ركعة واحدة أعاد على كل حال ، وان نسي واحدة منهما ثم ذكرها في الركعة الثانية قبل الركوع أرسل نفسه وسجدها ثم قام (٢) . ومثله قول أبي الصلاح (٣) .

وصرّح ابن ادريس باعادة الصلاة بترك السجدتين وان ذكر قبل ركوعه ، وباعادة السجدة الواحدة إذا ذكر قبل ركوعه (٤) .

ولم نقف على نص يقتضي التفرقة ، فان القيام إن كان انتقالاً عن المحل لم يعد الى الواحدة ، والّا عاد الى السجدتين . وجزم الفاضلان بالعود في الموضعين (٥) .

وكذا يعود لتدارك التشهد ما لم يركع عندنا ، ورواه الحلبي وعلي بن حمزة عن الصادق علیه السلام (٦) .

السادسة : لا تبطل الصلاة بالسهو عن سجدة من ركعة حتى يركع فيما بعدها .

وقد يظهر من كلام ابن ابي عقيل وجوب الاعادة بترك سجدة ، حيث قال : فالفرض : الصلوات بعد دخول وقتها ، واستقبال القبلة ، وتكبيرة الاحرام ، والسجود . ومن ترك شيئاً من ذلك ، أو قدّم منه مؤخّراً ، أو أخّر منه مقدماً ، ساهياً كان أو متعمداً ، إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً ، بطلت صلاته (٧) .

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٣ ح ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ح ١٣٦١ .

(٢) المقنعة : ٢٢ .

(٣) الكافي في الفقه : ١١٩ .

(٤) السرائر : ٥٠ .

(٥) المعتبر ٢ : ٣٨٣ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٨ .

(٦) الكافي ٣ : ٣٥٧ ح ٧ ، ٨ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ ح ١٤٢٩ ، ١٤٣٠ .

(٧) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة : ١٣١ .

٣٨
 &

وقال : من استيقن انه سجد سجدة وشك في الثانية سجدها ، فان استيقن انه سجد سجدتين أعاد الصلاة (١) .

فظاهر كلامه ان السجدة الواحدة كالسجدتين في الزيادة والنقصان .

وقد روى الشيخ في التهذيب باسناده الى علي بن اسماعيل ، عن رجل ، عن معلى بن خنيس ، قال : سألت أبا الحسن الماضي علیه السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : « اذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ، ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة . ونسيان السجدة في الاوليين والأخيرتين سواء » (٢) .

وهذا الخبر فيه ارسال ، وفي المعلى كلام ، والمشهور انه قتل في حياة الصادق علیه السلام ، فكيف يروى عن أبي الحسن الماضي ! ، والشيخ حمل السجدة على السجدتين معاً (٣) .

وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى فذكر انه زاد سجدة ، فقال : « لا يعيد صلاته من سجدة ، ويعيدها من ركعة » (٤) .

وروى عبيد بن زرارة عنه علیه السلام فيمن شك في سجدة فسجد ثم تيقن انه زاد سجدة ، فقال ، : « لا والله ، لا تفسد الصلاة زيادة سجدة » ، وقال : « لا يعيد صلاته من سجدة ، ويعيدها من ركعة » (٥) . وهما خبران في معنى النهي .

وفي هاتين الروايتين دلالة على صحة الصلاة لو زاد سجدة صريحاً ،

__________________

(١) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة : ١٣١ .

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٤ ح ٦٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ح ١٣٦٣ .

(٣) الهامش السابق .

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٨ ح ١٠٠٩ ، التهذيب ٢ : ١٥٦ ح ٦١٠ .

(٥) التهذيب ٢ : ١٥٦ ح ٦١١ .

٣٩
 &

وكذا لو نقصها ؛ لقوله : « لا يعيد صلاته من سجدة » .

السابعة : حكم الاوليين حكم الأخيرتين في السهو عن غير ركن ، فلا تبطل الصلاة بذلك في المشهور بين الاصحاب .

وقال المفيد والشيخ ـ في التهذيب ـ : تبطل بالسهو فيهما والشك في أفعالهما (١) لرواية البزنطي عن الرضا علیه السلام في رجل يصلي ركعتين ثم ذكر في الثانية وهو راكع انه ترك سجدة في الاُولى ، قال : « كان أبو الحسن يقول : اذا تركت السجدة في الركعة الاولى ، فلم تدر أواحدة أو اثنتين ، استقبلت حتى يصح لك ثنتان . فاذا كان في الثالثة والرابعة ، فتركت سجدة بعد ان تكون قد حفظت الركوع ، أعدت السجود » (٢) .

وقد رُوي ما يعارض ذلك عن محمد بن منصور ، قال : سألته عن الذي ينسي السجدة الثانية من الركعة الثانية أو يشك فيها ، فقال : « اذا خفت ان لا تكون وضعت وجهك الّا مرة واحدة ، فاذا سلمت سجدت سجدة واحدة » (٣) . وتأوّله الشيخ بانّ المراد به من الركعة الثانية من الأخيرتين (٤) وهو بعيد .

واجاب الفاضل عن رواية البزنطي : بانّ المراد بالاستقبال الاتيان بالسجود المشكوك فيه ، ويكون قوله علیه السلام : « واذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة » راجعاً الى من تيقّن ترك السجدة في الاوليين ، فان عليه اعادة السجدة لفوات محلها . ولا شي‌ء عليه لو شك ، بخلاف ما لو كان الشك في الاُولىٰ ؛ لانه لم ينتقل عن محل السجود فيأتي بالمشكوك فيه (٥) .

__________________

(١) المقنعة : ٢٤ ، التهذيب ٢ : ١٥٤ .

(٢) قرب الاسناد : ١٦٠ ، التهذيب ٢ : ١٥٤ ح ٦٠٥ .

وصدره في الكافي ٣ : ٣٤٩ ح ٣ بلفظ : فقال : « كان ابو الحسن علیه السلام . . . استقبلت الصلاة حتى يصح لك انهما اثنتان .

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٥ ح ٦٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ ح ١٣٦٥ .

(٤) الهامش السابق .

(٥) مختلف الشيعة : ١٣٠ .

٤٠