ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

الركن الرابع : في نفل الصلوات‌

قد مضىٰ القول في الرواتب والباقي لا حصر له ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصلاة خير موضوع ، فمن شاء استكثر ، ومن شاء استقل » (١) . ولنذكر المهم من ذلك .

فمنها : صلاة جعفر بن أبي طالب علیه‌السلام ، وتسمىٰ : صلاة الحبوة ، وصلاة التسبيح .

وهي مشهورة ، وممن رواها أبو حمزة الثمالي عن ابي جعفر علیه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر بن ابي طالب : يا جعفر ألا امنحك ، ألا اعطيك ، ألا احبوك ، ألا اعلمك صلاة إذا أنت صليتها ، وكنت فررت من الزحف ، وكان عليك مثل زبد البحر ورمل عالج ذنوباً غفرت لك . قال : بلىٰ لك رسول الله .

قال : تصلي أربع ركعات إن شئت كل ليلة ، وإن شئت كل يوم ، وان شئت ففي كل جمعة ، وان شئت ففي كل شهر ، وان شئت ففي كل سنة ، تفتتح الصلاة ثم تكبّر خمس عشرة مرة تقول : الله اكبر وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلّا الله ، ثم تقرأ الحمد وسورة ، وتركع فتقولها عشر مرات ، ثم ترفع رأسك فتقولها عشر مرات ، ثم تخرّ ساجداً فتقولها عشر‌ مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشر مرات ، ثم تخرّ ساجداً فتقولها عشر

__________________

(١) مسند أحمد ٥ : ١٧٨ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ١ : ٢٨٧ ح ٣٦٢ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ٢ : ٥٩٧ .

٢٤١
 &

مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشر مرات ، ثم تنهض قائماً فتقولها خمس عشرة مرة ، ثم تقرأ الحمد وسورة ثم تركع فتقولها عشر مرات ، ثم وصف كما وصف أولاً ، ثم تتشهد وتسلم عقيب الركعتين ، ثم تصلى ركعتين اُخرتين مثل ذلك » . هكذا أوردها الصدوق ـ رحمه‌الله ـ في كتابه (١) .

وروىٰ الشيخ أبو جعفر الكليني بسند معتبر إلىٰ أبي بصير ، عن أبي عبد الله علیه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر : يا جعفر ألا أمنحك ، ألا أعطيك ، ألا أحبوك . فقال جعفر : بلى يا رسول الله . قال : فظنّ الناس انه يعطيه ذهباً أو فضة ، فتشرف الناس لذلك ، فقال له : اني اُعطيك شيئاً إن أنت صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما ، أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة ، غفر لك ما بينهما ، تصلّي أربع ركعات تبتدئ فتقرأ وتقول إذا فرغت : سبحان الله والحمد لله ولا اله إلّا الله والله أكبر ، خمس عشرة مرة بعد القراءة ، فإذا ركعت قلته عشرة مرات » . ثم وصف ما سلف وقال : « في كل ركعة ثلاثمائة تسبيحة ، في أربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميدة ، إن شئت صليتها بالنهار ، وإن شئت صليتها بالليل (٢) . وهذه الرواية اشهر ، وعليها معظم الاصحاب .

ومثله رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن بسطام ، عن أبي عبد الله علیه‌السلام ، قال : قلت له : أيلتزم الرجل أخاه ؟ فقال : « نعم ، انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم افتتح خيبر أتاه الخبر أنّ جعفراً قد قدم ، فقال : والله ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سروراً ، أبقدوم جعفر أو بفتح خيبر ؟ فلم يلبث

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٧ ح ١٥٣٦ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٥ ح ١ .

٢٤٢
 &

إن جاء فوثب رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فالتزمه وقبّل ما بين عينيه ، وقال له : يا جعفر ألا اعطيك » الحديث (١) .

قال الصدوق ـ رحمه‌الله ـ : باي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب (٢) .

وروىٰ ابراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن علیه‌السلام : « يقرأ في الاُولىٰ ( إِذَا زُلْزِلَتِ ) ، وفي الثانية ( وَالْعَادِيَاتِ ) ، وفي الثالثة ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ ) ، وفي الرابعة بـ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ ) . قلت : فما ثوابها ؟ قال : « لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوباً غفر له » . ثم نظر اليّ فقال : « انما ذلك لك ولاصحابك » (٣) .

وروىٰ اسحاق بن عمار ، قلت لابي عبد الله علیه‌السلام : من صلّىٰ صلاة جعفر كتب الله عزّ وجل له من الأجر مثل ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر ؟ قال : « أي والله » (٤) .

وروىٰ عبد الله بن المغيرة انّ الصادق علیه‌السلام قال : اقرأ في صلاة جعفر بـ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) (٥) .

ورُوي : في كل ركعة بالاخلاص والجحد (٦) .

وروي : القراءة بالزلزلة والنصر والقدر والتوحيد (٧) .

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٨٦ ح ٤٢٠ ، عن الحسين بن سعيد عن بسطام . وفي وسائل الشيعة ٥ : ١٩٥ ح ١٠٠٧٣ ، والوافي ٢ : ٢٠٧ كما في المتن .

(٢) الفقيه ١ : ٣٤٨ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٦ ح ١ ، المقنع : ٤٣ ، التهذيب ٣ : ١٨٧ ح ٤٢٣ .

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٧ ح ٧ ، الفقيه ١ : ٣٤٩ ح ١٥٤٠ ، التهذيب ٣ : ١٨٨ ح ٤٢٦ .

(٥) الفقيه ١ : ٣٤٩ ح ١٥٤٠ .

(٦) التهذيب ٣ : ١٨٦ ح ٤٢٠ .

(٧) الفقيه ١ : ٣٤٨ ح ١٥٣٩ ، ثواب الاعمال : ٩٥ ، التهذيب ٣ : ١٨٦ ح ٤٢١ .

٢٤٣
 &

فوائد : يجوز جعلها من النوافل الراتبة ، رواه ذريح عن أبي عبد الله علیه‌السلام (١) .

ويجوز جعلها من قضاء النوافل ، لان في هذه الرواية من التهذيب : « وإن شئت جعلتها من قضاء صلاة » (٢) .

قال ابن الجنيد : يجوز جعلها من قضاء النوافل ، ولا أحب الاحتساب بها من شي‌ء من التطوع الموظف عليه (٣) . ويظهر من بعض الأصحاب جواز جعلها من الفرائض أيضاً (٤) اذ ليس فيه تغيير فاحش .

ويجوز تجريدها من التسبيح ، ثم قضاؤه بعدها وهو ذاهب في حوائجه ، لمن كان مستعجلاً ، رواه ابان وابو بصير عن أبي عبد الله علیه‌السلام (٥) .

وتصلّىٰ سفراً وحضراً . وتجوز في المحمل مسافراً .

ولو صلّىٰ منها ركعتين ، ثم عرض له عارض ، بنىٰ بعد إزالة عارضه ، رواه ابن بابويه ـ رحمه‌الله ـ (٦) .

وروىٰ الحسن بن محبوب رفعه ، قال : « تقول في آخر ركعة من صلاة جعفر علیه‌السلام : يا من لبس العز والوقار ، يا من تعطّف بالمجد وتكرّم به ، يا من لا ينبغي التسبيح إلّا له ، يا من أحصىٰ كل شي‌ء علمه ، يا ذا النعمة والطول ، يا ذا المن والفضل ، يا ذا القدرة والكرم ، أسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهىٰ الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم الأعلىٰ

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٨٧ ح ٤٢٢ .

(٢) التهذيب ٣ : ١٨٧ ح ٤٢٢ .

(٣) مختلف الشيعة : ١٢٧ .

(٤) لعله يحيىٰ بن سعيد في الجامع للشرايع : ١١٢ .

(٥) الكافي ٣ : ٥٦٦ ، ح ٣ ، الفقيه ١ : ٣٤٩ ح ١٥٤٣ ، التهذيب ٣ : ١٨٧ ح ٤٢٤ .

(٦) الفقيه ١ : ٣٤٩ ح ١٥٤١ ، التهذيب ٣ : ٣٠٩ ح ٩٥٧ .

٢٤٤
 &

وكلماتك التامة ، أن تصلّي علىٰ محمد وآل محمد ، وان تفعل بي كذا وكذا » (١) .

وعن أبي سعيد المدائني عن أبي عبد الله علیه‌السلام : تقول في آخر سجدة من أربع ركعات إذا فرغت من تسبيحك ـ يعني صلاة جعفر ـ : « سبحان من لبس العز والوقار ، سبحان من تعطّف بالمجد وتكرّم به ، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلّا له ، سبحان من احصىٰ كل شي‌ء علمه ، سبحان ذي المن والنعم ، سبحان ذي القدرة والكرم ، اللهم اني اسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهىٰ الرحمة من كتابك ، واسمك الاعظم وكلماتك التامة التي تمت صدقاً وعدلاً ، صلّ علىٰ محمد وأهل بيته ، وافعل بي كذا وكذا » (٢) .

ويدعو عقيبها بالمنقول .

وهي بتسليمتين علىٰ الاظهر ، ويظهر من الصدوق في المقنع انّه يرىٰ انها بتسليمة واحدة (٣) ، وهو نادر .

تنبيه :

زعم بعض مبغضي العامة ان الخطاب بهذه الصلاة وتعليمها كان للعباس عمّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ورواه الترمذي (٥) . ورواية أهل البيت أوثق ، اذ اهل البيت أعلم بما في البيت ، علىٰ انّه يمكن أن يكون قد خاطبهما بذلك

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٦ ح ٥ ، الفقيه ١ : ٣٤٩ ح ١٥٤٤ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٧ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ١٨٧ ح ٤٢٥ .

(٣) لم نلاحظه في المقنع ، وحكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة ١٢٧ ، وراجع : الحدائق الناضرة ١٠ : ٥٠٥ ، مفتاح الكرامة ٣ : ٢٦٥ .

(٤) المغني ١ : ٨٠٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٧٨ .

(٥) الجامع الصحيح ٢ : ٣٥٠ ح ٤٨٢ .

٢٤٥
 &

في وقتين ، ولا استبعاد فيه .

ومنها : صلاة سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي : ركعتان يقرأ في كل ركعة الحمد وإنّا أنزلناه خمس عشرة مرة ، فإذا ركع قرأها خمس عشرة مرة ، فإذا انتصب قرأها خمس عشرة مرة ، فإذا سجد قرأها خمس عشرة مرة ، فإذا رفع رأسه من السجود قرأها خمس عشرة مرة ، فإذا سجد ثانياً قرأها خمس عشرة مرة ، ثم يرفع رأسه من السجود الىٰ الثانية ويصلّي كذلك . فإذا سلم دعا بالمنقول في المصباح (١) فينصرف وليس بينه وبين الله ذنب إلّا غفره له . وفعلها يوم الجمعة .

ومنها : صلاة علي علیه‌السلام يوم الجمعة أيضاً ، وهي : اربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة الاخلاص ، ثم يدعو بالمنقول ، فعن الصادق علیه‌السلام : « من صلاها خرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمه ، وقضيت حوائجه » (٢) .

ومنها : صلاة فاطمة عليها‌السلام ، وهي : ركعتان في الاُولىٰ الحمد مرة والقدر مائة مرة ، وفي الثانية الحمد والاخلاص مائة مرة .

ونقل ابن بابويه أنّ صلاة فاطمة عليهما‌السلام ـ وتسمّىٰ : صلاة الاوابين ـ أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في كل ركعة الفاتحة و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) خمسين مرة (٣) . وروىٰ عن عبد الله بن سنان : ان من توضّأ فاسبغ الوضوء وصلاها ، انفتل حين ينفتل وليس بينه وبين الله عز وجل ذنب إلّا غفر له (٤) .

__________________

(١) مصباح المتهجد : ٢٥٥ .

(٢) مصباح المتهجد : ٢٥٦ .

(٣) الفقيه ١ : ٣٥٦ ح ١٥٥٩ .

(٤) الفقيه ١ : ٣٥٦ ح ١٥٦٠ .

٢٤٦
 &

ومنها : صلاة الحسين علیه‌السلام يوم الجمعة اربع ركعات : يقرأ في الاُولىٰ ـ بعد التوجّه ـ الحمد خمسين مرة وكذا الاخلاص ، فإذا ركع قرأ الحمد عشراً وكذا الاخلاص ، وكذا في الاحوال ففي كل ركعة مائتي مرة ، ثم يدعو بالمنقول (١) .

ومنها : صلاة الاعرابي ، رواها الشيخ عن زيد بن ثابت مرسلا ، قال : أتىٰ رجل من الاعراب الىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : بأبي أنت واُمي يا رسول الله إنا نكون في هذه البادية بعيداً من المدينة ، ولا نقدر أن نأتيك في كل جمعة ، فدلّني علىٰ عمل فيه فضل صلاة الجمعة اذا مضيت الىٰ اهلي خبرتهم به ؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كان ارتفاع النهار فصلّي ركعتين ، تقرأ في أول ركعة الحمد مرة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) سبع مرات ، واقرأ في الثانية الحمد مرة واحدة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) سبع مرات ، فاذا سلمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرات . ثم تصلي ثماني ركعات وتسليمتين ، فاقرأ في كل ركعة منها الحمد مرة و ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) مرة و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ ) خمساً وعشرين مرة .

فاذا فرغت من صلاتك فقل : « سبحان الله رب العرش الكريم لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ، فو الذي اصطفىٰ محمداً بالنبوة ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول إلّا وانا ضامن له الجنة ، ولا يقوم من مقامه حتىٰ يغفر له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما » (٢) .

ومنها : صلاة الاستسقاء . عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « خمس بخمس : ما نقض

__________________

(١) جمال الاسبوع : ٢٧١ .

(٢) مصباح المتهجد : ٢٨١ .

٢٤٧
 &

العهد قوم إلّا سلّط الله عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما انزل الله إلّا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت ، ولا طففوا الكيل إلّا مُنعوا النبات واُخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلّا حبس عنهم القطر » (١) .

وعن الصادق علیه‌السلام : « اذا فشت أربعة ظهرت أربعة : إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل ، واذا امسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكّام في القضاء امسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون علىٰ المسلمين » (٢) .

ولما كان الدعاء في الصلاة وبعدها أقرب الىٰ الاجابة ، شرع الاستسقاء عند فتور الأمطار وغور الآبار والانهار .

ولا خلاف في شرعية الاستسقاء ، وقد كان مشروعاً في الملل السالفة . قال الله تعالىٰ : ( وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ) (٣) وقال تعالىٰ : ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) (٤) .

واستسقىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلي علیه‌السلام ، والائمة ، والصحابة ، وصلّوا ركعتين (٥) .

__________________

(١) مجمع الزوائد ٣ : ٦٥ ، كنز العمال ١٦ : ٧٩ ح ٤٤٠٠٦ ، عن الطبراني في الكبير .

(٢) الفقيه ١ : ٣٣٢ ح ١٤٩١ ، التهذيب ٣ : ١٤٧ ح ٣١٨ .

(٣) سورة البقرة : ٦٠ .

(٤) سورة نوح : ١٠ ـ ١١ .

(٥) استسقاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلاته سيأتي في الهوامش ٣ ـ ٥ في ص : ٢٤٩ واستسقاء الإمام علي علیه‌السلام والصحابة وصلاتهم في : الام ١ : ٢٤٩ ، المصنّف لعبد الرزاق ٣ : ٨٥ ح ٤٨٩٥ واستسقاء الرضا علیه‌السلام في عيون أخبار الرضا علیه‌السلام ٢ : ١٦٧ باب ٤١ ح ١ ، ولكن ليس فيه ذكر للصلاة .

٢٤٨
 &

فبطل قول بعض العامة ببدعية الصلاة ، وإنّما هو دعاء واستغفار ، قالوا : استسقىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علىٰ المنبر ولم يصلّ لها (١) .

قلنا : نحن لا نمنع جوازه بغير صلاة ، وكما أنّه نقل ذلك أيضاً أنّه صلّىٰ ركعتين للاستسقاء ، رواه أبو هريرة (٢) وعائشة (٣) وابن عباس وعقبة (٤) . وروت عائشة : أنّه بعد دعائه علىٰ المنبر نزل فصلّىٰ ركعتين (٥) .

وهنا مسائل :

الاولىٰ : يستحب أن يأمر الامام الناس في خطبة الجمعة وغيرها بتقديم التوبة والاخلاص لله تعالىٰ والانقطاع اليه ، ويأمرهم بالصوم ثلاثاً عقيبها ، ليخرجوا يوم الاثنين صائمين ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ دعوة الصائم لا ترد (٦) وأمر الصادق علیه‌السلام محمد بن خالد والي المدينة بالخروج يوم الاثنين ، فإن لم يتفق فيوم الجمعة (٧) .

__________________

(١) قاله أبو حنيفة ، راجع : المجموع ٥ : ١٠٠ ، المغني ٢ : ٢٨٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٦ ، اللباب ١ : ١٢٠ .

وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في : صحيح البخاري ٢ : ٣٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٦١٢ ح ٨٩٧ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٤ ح ١١٧٤ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٩ .

(٢) سنن ابن ماجة : ٣٠٤ ح ١٢٦٨ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٤٧ .

(٣) سنن أبي داود ١ : ٣٠٤ ح ١١٧٣ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٤ : ٢٢٧ ح ٢٨٤٩ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٣٢٨ .

(٤) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٨٤ ح ٤٨٩٣ ، مسند أحمد ١ : ٣٥٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٣ ح ١٢٦٦ سنن أبي داود ١ : ٣٠٢ ح ١١٦٥ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٦٨ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٣٢٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٤٧ .

(٥) راجع الهامش ٣ .

(٦) مسند أحمد ٢ : ٣٠٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٥٧ ح ١٧٥٢ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٤٥ .

(٧) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٨ ح ٣٢٢ .

٢٤٩
 &

وأبو الصلاح ـ رحمه‌الله ـ لم يذكر سوىٰ الجمعة (١) .

والمفيد ـ رحمه‌الله ـ وابن ابي عقيل ، وابن الجنيد ، وسلار لم يعيّنوا يوماً (٢) .

ولا ريب في جواز الخروج سائر الايام ، وانما اختير الجمعة لما ورد : « ان العبد ليسأل الحاجة فتؤخّر الاجابة الى يوم الجمعة » (٣) .

ولا يحتاج الىٰ صوم أربعة والخروج في الرابع ، لقضية الأصل .

الثانية : يستحب أن يخرج الناس حفاة بالسكينة والوقار ، مبالغة في الخضوع ، وليكونوا مطرقي رؤوسهم مخبتين ، مكثرين ذكر الله عزّ وجل ، والاستغفار من ذنوبهم وسيء اعمالهم .

قال بعض الاصحاب : وليكن في ثياب بذلته وتواضعه ، تأسياً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

ويخصّ الامام بأمره اهل الورع والصلاح ، لانّ دعاءهم أقرب الىٰ الاجابة . والشيوخ والشيخات والاطفال ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لولا أطفال رضّع ، وشيوخ ركع ، وبهائم رتع ، لصببنا عليكم العذاب صبا » (٥) . وابناء الثمانين احرىٰ ، لما روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر له ما تقدّم من ذنوبه وما تأخّر » (٦) .

__________________

(١) لاحظ : الكافي في الفقه : ١٦٢ .

(٢) لاحظ : المقنعة : ٣٤ ، المراسم : ٨٣ ، مختلف الشيعة : ١٢٥ .

(٣) الكافي ٢ : ٣٥٥ ح ٦ .

(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٦ .

(٥) نثر الدرر ١ : ١٥٣ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٤٥ ، مجمع الزوائد ١٠ : ٢٢٧ ، الجامع الصغير ٢ : ٤٤٣ ح ٧٥٢٣ عن الطبراني في الكبير والبيهقي .

(٦) مسند احمد ٣ : ٢١٧ ، مسند ابي يعلىٰ الموصلي ٦ : ٣٥٢ ح ٣٦٧٨ ، وفيهما : « اذا بلغ الرجل التسعين » .

٢٥٠
 &

ويمنع من الخروج الشواب من النساء خوف الفتنة ، والكفار لانّه مغضوب عليهم ، ولقوله تعالىٰ : ( وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ) (١) والمتظاهر بالفسق والمنكر من المسلمين .

وتخرج معهم البهائم ، لقوله علیه‌السلام : « وبهائم رتع » (٢) . ورُوي ان سليمان علیه‌السلام خرج ليستسقي فرأىٰ نملة قد استلقت علىٰ ظهرها ، وهي تقول : « اللهم إنا خلق من خلقك ، ولا غنىٰ بنا عن رزقك ، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم » ، وهي رافعة قائمة من قوائمها الىٰ السماء ، أورده الصادق علیه‌السلام عن سليمان علیه‌السلام ، فقال سليمان : « ارجعوا فقد سقيتم بغيركم » (٣) .

ويأمرهم بالخروج من المظالم ، والاستغفار ، والصدقة ، وترك الشحناء ، لقوله تعالىٰ : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَـٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٤) .

ويفرق بين الاطفال وامهاتهم ، استجلاباً للبكاء والخشوع .

وقال السيد المرتضىٰ ـ رحمه‌الله ـ وابن الجنيد ، وابن ابي عقيل : ينقل المنبر فيحمل بين يدي الامام إلىٰ الصحراء (٥) وقد رواه قرة مولىٰ خالد عن

__________________

(١) سورة غافر : ٥٠ .

(٢) تقدم في الهامش ٦ .

(٣) الكافي ٨ : ٢٤٦ ح ٣٤٤ ، الفقيه ١ : ٣٣٣ ح ١٤٩٣ ، ونحوه في سنن الدارقطني ٢ : ٦٦ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٣٢٥ .

(٤) سورة الأعراف : ٩٦ .

(٥) حكاه عنهم العلامة في مختلف الشيعة : ١٢٥ .

٢٥١
 &

الصادق علیه‌السلام (١) .

وقال ابن ادريس : الأظهر في الرواية أنّه لا ينقل ، بل يكون كمنبر العيد معمولاً من طين (٢) .

ولعل الاول أولىٰ ، لما رُوي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخرج المنبر في الاستسقاء (٣) ولم يخرجه في العيد (٤) .

الثالثة : يستحب الاصحار بها اجماعاً‌ ـ ومن أنكر الصلاة قال : يستسقىٰ علىٰ المنبر بالجامع (٥) ـ لما رُوي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلىٰ المصلّىٰ (٦) .

وعن أمير المؤمنين علیه‌السلام : « قضت السنّة أنّه لا يستسقىٰ إلّا بالبراري حيث ينظر الناس إلىٰ السماء ، ولا يستسقىٰ في المساجد إلّا بمكة » (٧) واختصاص مكة لمزيد الشرف في مسجدها .

ولو حصل مانع من الصحراء ـ كخوف وشبهه ـ جازت في المساجد .

ويستحب أن يخرج المؤذنون بين يدي الامام بأيديهم العَنز . وليكن

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٨ ح ٣٢٢ ، عن مرة مولىٰ خالد .

(٢) السرائر : ٧٢ .

(٣) سنن أبي داود ١ : ٣٠٤ ح ١١٧٣ .

(٤) السنن الكبرىٰ ٣ : ٢٩٨ وفيه : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب يوم عيد علىٰ ناقة خرماء ، مسند احمد ٣ : ١٠ ، ٥٢ ، سنن ابي داود ١ : ٢٩٦ ح ١١٤٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٦ ح ١٢٧٥ وفيها : يا مروان خالفت السنة ، أخرجت المنبر يوم عيد ولم يكن يخرج به .

(٥) قاله أبو حنيفة : علىٰ ما في المغني ٢ : ٢٨٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٣٨٣ ، والمبسوط للسرخسي ٢ : ٧٦ ، والمجموع ٥ : ١٠٠ .

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٦١١ ح ٨٩٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٣ ح ١٢٦٧ ، سنن ابي داود ١ : ٣٠٣ ح ١١٦٧ ، الجامع الصحيح ٢ : ٤٤٢ ح ٥٥٦ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ٦٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٤٤ .

(٧) قرب الاسناد : ٦٤ ، التهذيب ٣ : ١٥٠ ح ٣٢٥ .

٢٥٢
 &

الاستسقاء في مكان نظيف ، وعليهم السكينة والوقار والخشوع وخصوصاً الامام ، لرواية هشام بن الحكم عن الصادق علیه‌السلام (١) .

وابن أبي عقيل والمفيد وجماعة لم يستثنوا المسجد الحرام (٢) .

وظاهر ابن الجنيد استثناء المسجدين (٣) .

الرابعة : أذانها أن يقول : الصلاة ، ثلاثاً . ويجوز النصب باضمار احضروا وشبهه ، والرفع باضمار مبتدأ أو خبر ، كما سبق في العيد .

وقال بعض العامة : يقول : الصلاة جامعة (٤) ولا مانع منه . ويصح فيه رفعهما ونصبهما ، ونصب الاول ورفع الثاني ، وبالعكس .

ووقتها وقت العيد في ظاهر كلام الاصحاب .

وصرّح ابن أبي عقيل بأنّ الخروج في صدر النهار (٥) .

وأبو الصلاح : عند انبساط الشمس (٦) .

وابن الجنيد بعد صلاة الفجر (٧) .

والشيخان : لم يعينا وقتاً إلّا إنّهما حكما بمساواتها العيد (٨) ، كما في رواية تعليم الصادق علیه‌السلام (٩) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٣ .

(٢) راجع : المقنعة : ٣٤ ، المراسم : ٨٣ ، مختلف الشيعة : ١٢٦ .

(٣) مختلف الشيعة : ١٢٦ .

(٤) المغني ٢ : ٢٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٨٥ و ٢٩٧ ، المهذب ١ : ١٣١ ، المجموع ٥ : ٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٩٧ .

(٥) مختلف الشيعة : ١٢٦ .

(٦) الكافي في الفقه : ١٦٢ .

(٧) مختلف الشيعة : ١٢٦ .

(٨) المقنعة : ٣٤ ، المبسوط ١ : ١٣٤ ، النهاية : ١٣٨ .

(٩) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٣ .

٢٥٣
 &

وقال في التذكرة : توقع بعد الزوال (١) ، ونقله ابن عبد البر عن جماعة العلماء من العامة (٢) .

وتجوز جماعة وفرادىٰ ، والجماعة أفضل ، لانّ الاجتماع علىٰ الدعاء فمن بالإجابة ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من صلّىٰ صلاة جماعة ، ثم سأل الله حاجة ، قضيت له » (٣) ولانه صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّاها جماعة (٤) . ولا يشترط في الجماعة اذن الامام .

الخامسة : صفتها كصفة صلاة العيد ، فيقرأ الحمد وسورة ، ويكبّر في الاُولىٰ بعد القراءة خمساً ، وفي الثانية أربعاً ، غير التكبيرات المعهودة في الصلاة .

والاقرب استحباب ما يقرأ في العيد من السور . وروىٰ العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه كان يقرأ في العيدين ، والاستسقاء ، في الاُولىٰ بالأعلىٰ وفي الثانية بالغاشيه (٥) .

والقنوت هنا بالاستغفار ، والدعاء بانزال الرحمة وتوفير المياه .

وليبدأ بالصلاة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويختم بها ، لما رُوي عن علي علیه‌السلام : « اذا سألتم الله حاجة فصلّوا علىٰ النبي وآله ، فان الله تعالىٰ إذا سئل عن

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٨ .

(٢) نقله عنه في : المغني ٢ : ٢٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٨٥ . ولكن الموجود في الاستذكار ٧ : ١٣٩ ح ٩٩٦٢ : والخروج الىٰ الاستسقاء وقت خروج الناس إلىٰ العيد عند جماعة العلماء إلّا ابا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فإنه قال : الخروج إليها عند زوال الشمس ، وانظر بداية المجتهد ١ : ٢١٩ .

(٣) أورده المحقق في المعتبر ٢ : ٣٦٣ ، والعلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ١٦٨ .

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٣ ح ١٢٦٨ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٤٤ .

(٥) المغني ٢ : ٢٨٥ عن غريب الحديث لابن قتيبة .

٢٥٤
 &

حاجتين يستحيي أن يقضي احداهما دون الاُخرىٰ » (١) .

وليقدّم الثناء علىٰ الله تعالىٰ ، لرواية هشام بن الحكم عن الصادق علیه‌السلام : « انه يحمد الله ويمجده ، ويثني عليه ، ويجتهد في الدعاء » (٢) .

ويستحب ان يعترف بذنبه طالباً من الله تعالىٰ الرحمة والمغفرة .

وفي القرآن العزيز اشارة الىٰ ذلك كله . قال الله تعالىٰ : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ) (٣) .

وحكىٰ : عن آدم وحواء : ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (٤) .

وعن نوح علیه‌السلام : ( وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (٥) .

وعن يونس : ( لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٦) .

وعن موسىٰ علیه‌السلام : ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ) (٧) .

وليلح في الدعاء ، للخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّ الله يحب الملحين في الدعاء » (٨) .

__________________

(١) نهج البلاغة ، الحكمة رقم ٣٦١ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٣ .

(٣) سورة الاعلىٰ : ١٤ ـ ١٥ .

(٤) سورة الاعراف : ٢٣ .

(٥) سورة هود : ٤٧ .

(٦) سورة الانبياء : ٨٧ .

(٧) سورة القصص : ١٦ .

(٨) الكامل لابن عدي ٧ : ٢٦٢١ ، وعنه وعن الحكيم والبيهقي في شعب الايمان اخرجه السيوطي في الجامع الصغير ١ : ٢٨٦ ح ١٨٧٦ .

٢٥٥
 &

ولو تأخّرت الاجابة كرروا الخروج حتىٰ يجابوا ، اما بصوم مستأنف ، أو بالبناء علىٰ الاول .

وقال ابن الجنيد : إن لم يمطروا ، ولا اظلتهم غمامة ، لم ينصرفوا إلّا عند وجوب صلاة الظهر . ولو أقاموا بقية نهارهم كان أحبّ اليّ ، فان اُجيبوا وإلّا تواعدوا علىٰ الغدوة يوماً ثانياً وثالثاً (١) .

السادسة : يستحب للامام انّ يحوّل ردائه ، فيجعل ما علىٰ المنكب الأيمن علىٰ الأيسر ، وما علىٰ الأيسر علىٰ الأيمن ، تأسياً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وفي رواية رفعها محمد بن يحيىٰ عن الصادق علیه‌السلام : تحويل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ردائه علامة بينه وبين اصحابه يحوّل الجدب خصبا (٣) .

ووقت التحويل عند فراغه من الصلاة ، رواه هشام بن الحكم عنه علیه‌السلام من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) وفي استسقاء محمد بن خالد عن أمر الصادق علیه‌السلام : ثم يصعد المنبر ـ يعني بعد الفراغ من الصلاة ـ فيقلب ردائه (٥) .

وقال بعض الاصحاب : يحوله بعد فراغه من الخطبة (٦) .

ولا مانع من تحويله في هذه المواضع كلها ، لكثرة التفاؤل بقلب الجدب خصبا ، وقد قال المفيد وسلار وابن البراج : يحوّل الامام ردائه

__________________

(١) مختلف الشيعة : ١٢٦ .

(٢) سنن ابي داود ١ : ٣٠٢ ح ١١٦٣ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٣٥٠ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٣ ، الفقيه ١ : ٣٣٨ ح ١٥٠٦ ، التهذيب ٣ : ١٥٠ ح ٣٢٤ .

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٣ .

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٨ ح ٣٢٢ .

(٦) قاله أبو الصلاح في الكافي : ١٦٣ ، والعلامة في نهاية الاحكام ٢ : ١٠٤ .

٢٥٦
 &

ثلاث مرات (١) .

وهل يستحب للمأموم التحويل ؟ اثبته في المبسوط (٢) . وفي الخلاف : يستحب للامام خاصة (٣) . والاول قوي ، للاشتراك في التفاؤل ، ولقوله تعالىٰ : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٤) .

ولا فرق بين كون الرداء مربعاً ، أو مقوراً ، أو مدوراً . ولا يشترط تحويل الظاهر باطناً وبالعكس ، والاعلىٰ اسفل وبالعكس ، ولو فعل ذلك فلا بأس .

السابعة : تستحب الخطبتان‌ ـ كخطبتي العيد ـ بعد الصلاة ، لما في رواية قرة في أمر الصادق علیه‌السلام (٥) .

وروىٰ اسحاق بن عمار عن الصادق علیه‌السلام تقديم الخطبة علىٰ الصلاة (٦) .

وقال ابن الجنيد يصعد الامام المنبر قبل الصلاة وبعدها (٧) . وفي رواية هشام بن الحكم ايماء اليه (٨) إلّا ان الاشهر الاول ، لرواية طلحة بن خالد عن الصادق علیه‌السلام من فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك (٩) .

__________________

(١) المقنعة : ٣٤ ، المهذب ١ : ١٤٤ ، المراسم : ٨٣ .

(٢) المبسوط ١ : ١٣٥ .

(٣) الخلاف ١ : ١٦٠ المسألة ٤ .

(٤) سورة الاحزاب : ٢١ .

(٥) تقدم في ص ٢٥٢ الهامش ١ .

(٦) التهذيب ٣ : ١٥٠ ح ٣٢٧ ، الاستبصار ١ : ٤٥١ ح ١٧٤٩ .

(٧) مختلف الشيعة : ١٢٥ .

(٨) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٣ .

(٩) التهذيب ٣ : ١٥٠ ح ٣٢٦ ، الاستبصار ١ : ٤٥١ ح ١٧٤٨ .

٢٥٧
 &

وقال الشيخ في رواية اسحاق : هي شاذة مخالفة لاجماع الطائفة (١) .

الثامنة : يستحب ان يكبّر الامام مائة مرة‌ رافعاً بها صوته الىٰ القبلة .

ثم يسبّح عن يمينه مائة مرة يرفع بها صوته .

ثم يهلّل عن يساره مائة يرفع بها صوته .

ثم يحمد الله مائة مستقبل الناس ، قال الاصحاب : يرفع بها صوته (٢) ، ولم يذكره في تعليم الصادق علیه‌السلام (٣) .

ويتابعه الناس علىٰ ذلك ويرفعون أصواتهم ، قاله أبو الصلاح (٤) ويظهر من كلام ابن بابويه (٥) وابن البراج (٦) .

وقال ابن الجنيد : إذا كبّر رفع صوته ، وتابعوه في التكبير ولا يرفعون أصواتهم (٧) .

والمفيد ـ رحمه‌الله ـ : يكبّر إلىٰ القبلة مائة ، وإلىٰ اليمين مسبّحاً ، وإلىٰ اليسار حامداً ، ويستقبل الناس مستغفراً ، مائة مائة (٨) .

والصدوق وافق في التكبير والتسبيح ، وجعل التهليل مستقبلاً للناس ، والتحميد الىٰ اليسار (٩) .

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٤٥٢ .

(٢) راجع : الكافي في الفقه : ١٦٢ ، المهذب ١ : ١٤٤ .

(٣) راجع ص ٢٥٢ الهامش ١ .

(٤) الكافي في الفقه : ١٦٣ .

(٥) الفقيه ١ : ٣٣٤ .

(٦) المهذب ١ : ١٤٤ .

(٧) مختلف الشيعة : ١٢٥ .

(٨) المقنعة : ٣٤ .

(٩) في المقنع : ٤٧ ، والفقيه ١ : ٣٣٤ جعل التهليل الىٰ اليسار والتحميد مستقبلاً للناس ، راجع مفتاح الكرامة ٣ : ٢٥٢ .

٢٥٨
 &

وتعليم الصادق علیه‌السلام يشهد للاول (١) .

والمشهور ان هذا الذكر يكون بعد الخطبتين .

وقال ابن ابي عقيل والشيخ وابن حمزة : قبلهما (٢) .

وفي تعليم الصادق علیه‌السلام محمد بن خالد : أنّه يصعد المنبر فيقلب ردائه ، ثم يأتي بالاذكار ، قال : ثم يرفع يديه ويدعو ، ولم يذكر الخطبة بعد ذلك (٣) . وظاهره ان هذه الاذكار تفعل علىٰ المنبر ، فكانها من جملة الخطبة ، ولو فعل ذلك جاز .

التاسعة : يستحب ان يخطب بالمأثور عن اهل البيت عليهم‌السلام ، وقد ذكر في التهذيب خطبة بليغة لأمير المؤمنين علیه‌السلام : « الحمد لله سابغ النعم » الىٰ آخرها (٤) . ولو خطب بغير ذلك ، ممّا يتضمن حمداً وثناءً ووعظاً ، جاز .

والظاهر انّ الخطبة الواحدة غير كافية بل يخطب اثنتين ، تسوية بينها وبين صلاة العيد .

ويستحب المبالغة في التضرع والالحاح في الدعاء في الخطبتين وخصوصاً الثانية . وقد ذكر ابن بابويه دعوات حسنة عن اهل البيت عليهم‌السلام (٥) .

العاشرة : يستحب الجهر بالقراءة فيها وبالقنوت ، لما مر في صلاة العيد .

قال الكليني : وفي رواية ابن المغيرة : « ويجهر بالقراءة ، ويستسقي

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٢ .

(٢) المبسوط ١ : ١٣٤ ، النهاية : ١٣٩ ، الوسيلة : ١١٣ ، مختلف الشيعة : ١٢٥ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٢ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ح ٣٢٢ .

(٤) التهذيب ٣ : ١٥١ ح ٣٢٨ .

(٥) الفقيه ١ : ٣٣٨ ح ١٥٠٧ .

٢٥٩
 &

وهو قاعد ، ويصلّي قبل الخطبة » (١) ورواه ابن بابويه عن أبي جعفر علیه‌السلام (٢) .

الحادية عشرة : لو سقوا قبل الخروج لم يخرجوا ، وكذا لو خرجوا فسقوا قبل الصلاة . وفي الموضعين تستحب صلاة الشكر ، وسؤال الزيادة من الله تعالىٰ ، وعموم الغيث خلقه . ولو سقوا في أثناء الصلاة أتمّوها ، والظاهر سقوط باقي الافعال من الخطبة والاذكار .

الثانية عشرة : يستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء ، لما رُوي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رفعهما حتىٰ رُئي بياض اُبطيه (٣) والظاهر ان هيئتهما كهيئة أيدي القانتين ، بان يقلب ظهرهما إلىٰ الأرض ، ووجههما الىٰ السماء ، ويجعلهما بإزاء وجهه .

وروى العامة عن أنس انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله استسقىٰ فاشار بظهر كفيه الىٰ السماء (٤) ، وهكذا دعاء دفع البلاء ، ويمكن ان يكون في بعض الاحيان فعل صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك .

الثالثة عشرة : يجوز الاستسقاء بغير صلاة ، اما في خطبة الجمعة والعيدين ، أو في أعقاب المكتوبات ، أو يخرج الامام الىٰ الصحراء فيدعو والناس يتابعونه .

ويستحب لاهل الخصب الاستسقاء لاهل الجدب بهذين النوعين من

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ٤ .

(٢) الفقيه ١ : ٣٣٨ ح ١٥٠٥ .

(٣) مسند احمد ٣ : ١٨١ ، صحيح البخاري ٢ : ٤٠ ، صحيح مسلم ٢ : ٦١٢ ح ٨٩٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧٣ ح ١١٨٠ ، سنن ابي داود ١ : ٣٠٣ ح ١١٧٠ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٨ ، سند أبي يعلىٰ ٥ : ٣١١ ح ٢٩٣٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ٦٨ .

(٤) مسند احمد ٣ : ١٥٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٦١٢ ح ٨٩٦ ، مسند ابي يعلىٰ ٥ : ٢٩ ح ٢٩١١ .

٢٦٠