دروس في مسائل علم الأصول - ج ١

آية الله الميرزا جواد التبريزي

دروس في مسائل علم الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله الميرزا جواد التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: نگين
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-94850-2-7
ISBN الدورة:
978-964-94850-1-0

الصفحات: ٤٧٧

وأمّا الثاني : فكون شيء شرطا للمأمور به [١] ليس إلّا ما يحصل لذات المأمور به بالإضافة إليه وجه وعنوان ، به يكون حسنا أو متعلقا للغرض ، بحيث

______________________________________________________

فإنّه يقال : إنّما الإشكال كان في ثبوت الحكم متقدّما أو متأخّرا مع عدم الشرط حال ثبوته ، لتقدّمه أو تأخّره ، وقد أجبنا عن ذلك بأنّ ثبوته كذلك يخضع لكيفية جعله ، وقد فرض أنّ الدخيل في جعله لحاظه ، فالمتأخّر أو المتقدّم بلحاظه دخيل في جعل المولى ودخيل في فعلية الحكم إذا كان الجعل بنحو القضية الحقيقة ، ودخله بهذا النحو إنّما كان لتعليق المولى اعتباره على حصوله متقدّما أو متأخرا ، ودخالته ليس بمعنى التأثير ، بل بمعنى ثبوت الجعل على ذلك التقدير.

وأمّا مسألة صلاح الحكم ، فقد يأتي الكلام فيه في الشرط المتقدّم أو المتأخّر للمأمور به إن شاء الله تعالى ، إذ الدخالة في الصلاح لا يفرق فيه بين صلاح الحكم وصلاح متعلّق التكليف ، غاية الأمر متعلّق التكليف فعل العبد ، والحكم فعل المولى ، واتّصافهما بالصلاح وعدمه على حدّ سواء ، وإذا صحّحنا دخالة المتأخّر والمتقدّم في صلاح الفعل من غير لزوم انخرام القاعدة العقلية يصحّ تصوير الدخل في صلاح الحكم أيضا بعين الوجه المفروض.

الثاني ؛ شرط المتعلّق :

[١] وحاصله أنّ إطلاق شرط المأمور به على أمر من فعل أو غيره ليس إلّا باعتبار أنّه يحصل لمتعلّق التكليف بالإضافة إليه عنوان حسن ، ويحسن متعلّق التكليف بتعنونه بذلك العنوان ، مثلا ضرب اليتيم باعتبار مقارنته بقصد تأديبه يتعنون بعنوان التأديب ، وبه يكون حسنا ويتعلّق به الغرض ، ومع عدم مقارنته به لا يكون حسنا ، بل يكون قبيحا ، وليس ذلك إلّا لأجل أنّ إضافة الضرب إلى القصد المزبور يوجب تعنونه بعنوان التأديب الذي يكون الفعل به حسنا عقلا وشرعا ، ومن

٤٦١

لولاها لما كان كذلك ، واختلاف الحسن والقبح والغرض باختلاف الوجوه والاعتبارات الناشئة من الإضافات ، ممّا لا شبهة فيه ولا شك يعتريه ، والإضافة كما تكون إلى المقارن تكون إلى المتأخّر أو المتقدّم بلا تفاوت أصلا ، كما لا يخفى على المتأمل ، فكما تكون إضافة شيء إلى مقارن له موجبا لكونه معنونا بعنوان ، يكون بذلك

______________________________________________________

الظاهر كما أنّ إضافة الفعل إلى أمر مقارن يوجب تعنونه بعنوان حسن ، كذلك إضافته إلى أمر متأخّر أو متقدّم يوجب ذلك ، نظير الكذب ، فإنّه يكون حسنا ويتعلّق به الغرض بالإضافة إلى نجاة النفس عن الهلاكة المتحقّقة بعده ولو فيما بعد ، فإنّ الكذب بالإضافة إلى ترتّبه عليه فيما بعد يتعنون بعنوان حسن.

وبالجملة ، إذا كان المتأخّر أو المتقدّم شرطا للمأمور به فهو باعتبار أنّ إضافة الفعل إلى المتأخّر أو المتقدّم توجب تعنون الفعل بعنوان حسن من زمان الإضافة لا من زمان حصول الشرط ، وليس نفس ما يسمى شرطا بمؤثّر في العنوان الحسن ، بل الموجب له الإضافة الحاصلة من قبل وإنّما يتأخّر طرف الإضافة.

لا يقال : لا يمكن حصول الإضافة قبل حصول طرف الإضافة المتأخّر أو بعد انقضاء المتقدّم ، فإنّه من قبيل حصول الشيء المعلّق بلا متعلّق وقيام الإضافة بالمعدوم ؛ لأنّ المزبور أنّ الإضافة فعليّة مع أنّ طرفها ـ يعني المتقدّم أو المتأخّر ـ معدوم.

وبتعبير آخر : المضاف والمضاف إليه متضائفان ، والمتضائفان متكافئان في الفعلية والقوة.

فإنّه يقال : هذا غير شبهة تأثير المعدوم في الموجود ، والشبهة التي توهم انخرام القاعدة العقلية قد ارتفعت بما تقدّم من أنّ إطلاق الشرط على قيود المأمور به ليس بحسب معناه المصطلح في المعقول الذي هو من أجزاء العلّة التامّة ليقال إنّ المعلول لا يتقدّم على علّته ولا يتأخّر عنها زمانا ، وما ذكر شبهة أخرى وهي قيام

٤٦٢

العنوان حسنا ومتعلقا للغرض ، كذلك إضافته إلى متأخّر أو متقدّم ، بداهة أنّ الإضافة إلى أحدهما ربما توجب ذلك أيضا ، فلو لا حدوث المتأخّر في محلّه ، لما كانت للمتقدّم تلك الإضافة الموجبة لحسنه الموجب لطلبه والأمر به ، كما هو الحال في

______________________________________________________

الإضافة وفعليّتها الموجبة لصلاح الفعل ، مع أنّ أحد طرفيها غير فعلي ، فيكون من فعليّة العرضي بلا فعلية معروضه وفعلية الأمر الانتزاعي بلا فعلية منشأ انتزاعه.

وهذه الشبهة أيضا موهومة ؛ إذ كما أنّ أجزاء الزمان يتّصف فعلا بعضها بالتقدّم وبعضها بالتأخّر مع أنّ الجزء الآخر منه غير موجود ، كذلك الصوم في النهار من المستحاضة يتّصف بأنّه يتعقّبه الغسل في الليل ، مع أنّ الغسل في الليل غير موجود في النهار ، وكما أنّ الجزء المتأخّر من الزمان لو لم يتحقّق لما كان السابق متّصفا بالتقدّم ، كذلك الغسل في الليل لو لم يتحقّق لما كان الصوم في النهار متّصفا بالتعقب بالغسل في الليل ، فيكون معنى كون الغسل في الليل شرطا لصوم النهار أخذ التقيد به في متعلّق الأمر بالصوم ، والتقيّد المزبور واقع التعقب لا عنوانه ، وهذا بخلاف كون شيء جزءا لمتعلّق الأمر ، فإنّ ما يطلق عليه الجزء بنفسه مأخوذ في متعلّق الأمر النفسي.

وربّما يقال كما عن المحقق الاصبهاني قدس‌سره أنّ ظرف اتّصاف الصوم بوصف تعقّبه الغسل هو الخارج وليس من قبيل الاتصاف بالكلية والجزئية والجنسية ونحوها ، ممّا يكون ظرف الاتصاف فيها الذهن إلّا أنّ اتصاف الصوم بالتقدّم أو اتصاف الغسل بالتأخّر لا ينشأ عن خصوصية خارجية زائدة على أصل وجود موصوفه.

وتقريره أنّ الإضافة بين المتضائفين قد تحصل لخصوصية زائدة في كلّ من الموصوفين كما في العاشقية والمعشوقية ، فإنّ للعاشق عشقا وفي المعشوق كمالا ، وقد تحصل لخصوصية في أحدهما فقط ، كالعالمية والمعلومية ، والخصوصية هي العلم للعالم ، وقد لا تكون خصوصية زائدة في شيء من الموصوفين كالمتيامن

٤٦٣

المقارن أيضا ، ولذلك أطلق عليه الشرط مثله ، بلا انخرام للقاعدة أصلا ، لأن المتقدم أو المتأخر كالمقارن ليس إلّا طرف الإضافة الموجبة للخصوصية الموجبة للحسن ، وقد حقق في محله أنّه بالوجوه والاعتبارات ، ومن الواضح أنّها تكون بالإضافات.

______________________________________________________

والمتياسر وثاني الاثنين وثالث الثلاثة ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ نفس الصوم في النهار لو لوحظ مع الغسل في الليل لاستلزم تعقّلهما تعقّل عنوانين متضايفين ، ولكنّ هذا لا يدفع الإشكال ؛ لانّ المتضائفين متكافئان في القوة والفعلية وأنّ ما لم يكن اتصاف المتأخّر بالتأخّر لا يتصف الصوم بالتقدّم عليه.

ولا يقاس بالزمان ، فإنّ تقدّم جزء الزمان على جزئه الآخر ذاتي ، حيث إنّ الزمان الوحداني وجوده تدريجي ، فالتكافؤ في أجزائه إنّما هو لاتصالها ووحدة وجودها ، بخلاف التقدّم في الصوم والتأخّر في الغسل ؛ إذ ليس الاتصاف بهما بالذات بل بالعرض بتبع الزمان ، فما دام لم يكن للغسل تأخّر لم يكن للصوم في النهار تقدّم ، بمقتضى التكافؤ في المتضائفين في الفعلية والقوة ، وعلى ذلك فإن كان الصلاح في الصوم المتصف بالتقدّم ، يكون للمتأخّر دخل في ذلك الصلاح ، ويعود محذور دخالة المتأخّر في المتقدّم.

وذكر في آخر كلامه هذا فيما إذا كان الصلاح حقيقيا ، وأمّا إذا كان اعتباريا كالاحترام والتعظيم ، فلا بأس باعتباره فعلا على تقدير حصول المتأخّر في ظرفه نظير ما تقدّم في اعتبار الحكم على تقدير حصول المتأخّر في ظرفه (١).

أقول : لو صحّ تقدّم الجزء من الزمان وأنّ له عند حصوله تقدّم ذاتي فيكون

__________________

(١) نهاية الدراية : ٢ / ٤٥.

٤٦٤

فمنشأ توهم الانخرام إطلاق الشرط على المتأخر ، وقد عرفت أن إطلاقه عليه فيه ، كإطلاقه على المقارن ، إنّما يكون لأجل كونه طرفا للإضافة الموجبة للوجه ، الذي يكون بذاك الوجه مرغوبا ومطلوبا ، كما كان في الحكم لأجل دخل تصوره فيه ، كدخل تصور سائر الأطراف والحدود ، التي لو لا لحاظها لما حصل له الرغبة في التكليف ، أو لما صح عنده الوضع.

وهذه خلاصة ما بسطناه من المقال في دفع هذا الإشكال ، في بعض فوائدنا ، ولم يسبقني إليه أحد فيما أعلم ، فافهم واغتنم.

______________________________________________________

الصوم المتقيّد به أيضا كذلك بالإضافة إلى المتقيّد بجزئه الآخر ، فإنّه لا فرق بين كون الذاتي لنفس الشيء أو لقيده.

والمتحصّل أنّ الدخالة في اتصاف الشيء بعنوان انتزاعي غير تأثيره في تحقّق المتّصف بذلك العنوان ، بمعنى استناد وجود المتّصف إليه ، فمثلا تحقّق المعلول في رتبته ، له دخالة في اتصاف شيء بالعلية له بحيث لو لا المعلول لما كان الشيء متّصفا بالعلية له ، ولكن من الظاهر أنّ العلة لا تستند في حصولها إلى المعلول ، وإلّا لم يحصلا ، وعلى ذلك فحصول المتأخّر في ظرفه له دخل في اتّصاف الصوم في النهار بتعقّبه به ، إلّا أنّ تحقّق الصوم في النهار لا يستند إلى الغسل في الليل ، بل اللازم حصول الإضافة التى لا تحقّق لها إلّا تحقّق طرفيها عند فعلية كلّ منهما في ظرفه ، لا فعليته في غير ظرفه.

لا يقال : المتضائفان متكافئان في القوة والفعلية.

فإنّه يقال : التضايف بين الوصفين لا بين الموصوفين ، ففي فرض اتصاف الصوم بالتقدّم يكون وصف التأخّر للغسل في الليل فعليا ، كما أنّ اتصاف اليوم بالتقدّم واتصاف الغد بالتأخر فعليّان في هذا اليوم.

٤٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وذكر النائيني قدس‌سره إنّ النزاع في الشرط المتأخّر والمناقشة فيه لا يجري في شرط المأمور به ؛ وذلك لأنّ شرط المأمور به المتأخّر زمانا كالجزء الأخير من العمل لا يكون مورد المناقشة ، كذلك الشرط المتأخّر ، حيث إنّه في أي زمان تحقّق الشرط يتمّ المشروط من ذلك الزمان ، كما هو الحال في الجزء الأخير ، فيحصل الكلّ من حين حصول ذلك الجزء لا قبله.

لا يقال : بين الجزء الأخير والشرط الأخير فرق ، فيمكن الأوّل دون الشرط المتأخّر ، فإنّ الجزء بنفسه يتعلّق به الأمر النفسي ، فما دام لم يتحقّق لا يتمّ العمل ، بخلاف الشرط فإنّ الداخل في متعلّق الأمر النفسي هو التقيّد لا نفس القيد.

وعليه فيقع الكلام في مورد الشرط المتأخّر في أنّه لو كان التقيّد المأخوذ في متعلّق الأمر النفسي حاصلا قبل حصول الشرط يلزم دخالة الشيء وتأثيره حال عدمه ؛ إذ المزبور أنّ الشرط حين حصول التقيّد غير موجود ، وإن حصل التقيّد بعد وجود الشرط يلزم قيام الإضافة بطرف واحد ، حيث إنّ التقيّد في حقيقته إضافة ، وأحد طرفيها الشرط وهو موجود ، والطرف الآخر وهو الفعل معدوم ؛ لانقضائه بانقضاء اليوم على الفرض.

فإنّه يقال : التقيّد أمر انتزاعي لا يتعلّق به الأمر النفسي ، بل الأمر النفسي يتعلّق بمنشإ انتزاعه وهو الشرط ؛ ولذا يعتبر أن يكون الشرط المتأخّر للمأمور به مقدورا ؛ إذ مع خروجه عن الاختيار لا يصلح شرطا ـ سواء كان حصوله قطعيا أم لا ـ فإنّه مع حصوله قطعا يكون أخذه قيدا في متعلّق الأمر لغوا ، ومع عدم حصوله يلزم توقّف الامتثال على أمر غير اختياري.

والحاصل أنّه لا فرق بين الجزء الأخير والشرط المتأخّر للمأمور به ، إلّا كون الجزء

٤٦٦

ولا يخفى أنّها بجميع أقسامها داخلة في محل النزاع [١] ، وبناء على

______________________________________________________

بنفسه وبتقيّده دخيلا في متعلّق الأمر بخلاف الشرط ، فإنّه دخيل فيه بتقيّده فقط (١).

وفيه أنّ المزبور في الشرط المتأخّر للمأمور به حصول التقيّد قبل حصول ما يطلق عليه الشرط المتأخّر ، وهذا التقيّد في حقيقته إضافة كما ذكرنا ، وحصولها للفعل إنّما هو بإضافة الفعل إلى المتأخّر ، بحيث يكون حصول المتأخّر في ظرفه كاشفا عن حصول تلك الإضافة للفعل من الأوّل.

وما ذكر قدس‌سره من عدم إمكان تعلّق الأمر بالانتزاعي ، بل يتعلّق بمنشإ انتزاعه ، صحيح ، ولكن منشأ انتزاع التقيّد في باب الشروط هي الحصة التي يتعلق بها الأمر النفسي ، وتكون تلك الحصة منحلّة بنظر العقلي إلى الطبيعي وتقيّده بما يسمّى بالشرط ، ولو تعلّق الأمر النفسي بنفس الشرط بطل كونه شرطا وانقلب إلى كونه جزءا ، ولم يمكن أن يتعلّق به الأمر الغيري حتّى بناء على القول بالملازمة ، وقد تقدّم جواز كون الشرط خارجا عن الاختيار ، حيث يكفي في جواز الأمر بالحصة كون الحصة مقدورة ، وإلّا جرى الحكم في الشرط المتقدّم والمقارن أيضا.

[١] يعني مقدّمة الوجود للواجب بجميع أقسامها من المتقدّم والمقارن والمتأخّر مورد الخلاف في بحث الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدّمته ، فإنّه بناء على الملازمة يتعلّق بما يطلق عليه المقدّمة وشرط الواجب ، الوجوب الغيري.

لا يقال : تعلّق الوجوب الغيري بما يطلق عليه الشرط المتأخّر للواجب وإن لم يكن فيه إشكال ، إلّا أنّ الوجوب الغيري حيث يتبع الوجوب النفسي في الحصول فبعد انقضاء ظرف الواجب النفسي ـ كما في انقضاء النهار في صوم المستحاضة ـ إمّا

__________________

(١) أجود التقريرات : ١ / ٢٢١.

٤٦٧

الملازمة يتصف اللاحق بالوجوب كالمقارن والسابق ، إذ بدونه لا تكاد تحصل الموافقة ، ويكون سقوط الأمر بإتيان المشروط به مراعيا بإتيانه ، فلو لا اغتسالها في الليل ـ على القول بالاشتراط ـ لما صح الصوم في اليوم.

______________________________________________________

أن يلتزم ببقاء الوجوب الغيري أو بسقوطه ، فإن التزم ببقائه فكيف يكون تبعيا وترشحيا مع سقوط الواجب النفسي ، وإن قيل بسقوطه أيضا كالوجوب النفسي ، فكيف يثبت الوجوب الغيري من الأوّل؟ لعدم إمكان داعويته إلى متعلّقه في ظرف الواجب النفسي لعدم التمكّن عليه ولا بعده لسقوطه تبعا للنفسي ، ولو مع التمكّن على الإتيان بمتعلّقه.

والإشكال في الشرط المتقدّم آكد فيما كان لوجوب الواجب النفسي شرط لم يحصل في ظرف الإتيان بالشرط المتقدّم ، فإنّه كيف يتعلّق الوجوب الغيري بالمقدّمة مع عدم فعلية الوجوب النفسي ، كما في وجوب الغسل على الجنب في الليل مقدّمة لصوم الغد بناء على اشتراط فعلية وجوب الصوم بالفجر.

ولا يجدي الالتزام ببقاء الوجوب النفسي المتعلّق بالصوم إلى أن ينقضي زمان التمكّن على الاغتسال من الليل أو إلى أن يغتسل في الليل ، فإن اغتسلت المرأة في الليل يسقط كلّ من الأمر النفسي والغيري بالامتثال والموافقة ، وإن لم تغتسل سقطا بالعصيان والمخالفة.

فإنّه يقال : لا يمكن الالتزام ببقاء الوجوب النفسي بعد انقضاء النهار ، لأنّه لم يتعلّق بالاغتسال في الليل ليعقل بقائه إلى حصول تمام متعلّقه ، بل يبقى مراعى إلى تحقّق شرطه ، فإنّ المرأة لو اغتسلت في الليل يكون اغتسالها كاشفا عن سبق تحقّق الصوم وتقدّمه على الاغتسال عند انقضاء زمان الصوم ، فلا معنى لبقاء التكليف بالصوم بعده ، وإن لم تغتسل فيكشف عن عدم سبق الصوم على الغسل

٤٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأنّ التكليف قد سقط عند انقضاء النهار بالعصيان.

أقول : وجوب المقدّمة بناء على الملازمة وإن كان غيريّا تبعيّا إلّا أنّه ليس المراد من التبعية حصول وجوب المقدّمة بلا إنشاء بمعنى حصوله قهرا ، نظير تبعية الحرارة للنار ، بل المراد أنّ إرادة إنشاء الوجوب للمقدّمة عند التفات المولى إلى كونها مقدّمة تحصل بتبع إرادته إنشاء الوجوب لذيها ، وعليه فلا مانع من إنشاء الوجوب للمقدّمة بحيث يبقى بعد انقضاء ظرف الإتيان بذيها ، لئلّا ينطبق بالإتيان بمتعلّق الوجوب الغيري عنوان العصيان على سقوط الأمر بذيها في السابق ، بل ينطبق عليه عنوان الامتثال ، وكذلك الحال في الشرط المتقدّم ، كأمر الجنب بالاغتسال في الليل لئلّا يكون التكليف بالصوم عند طلوع الفجر من التكليف بغير المقدور ، بل سيأتي أنّه لو صحّ جعل الوجوب الغيري من المولى ، فهو في مثل هذه الموارد ، وليس هذا من الوجوب النفسي التهيّئي ، كما ذكر في بعض الكلمات ، فلاحظ.

٤٦٩
٤٧٠

الفهرس

٤٧١
٤٧٢

الفهرس

المدخل.................................................................... ٥

موضوع العلم ومسائله....................................................... ٥

تمايز العلوم............................................................... ١٣

موضوع علم الأصول....................................................... ١٥

تعريف علم الأصول....................................................... ١٩

القواعد الفقهية........................................................... ٢٢

الضابطة في المسألة الأصولية................................................ ٢٤

حقيقة الوضع............................................................. ٢٩

أقسام الوضع............................................................. ٣٥

المعنى الحرفي............................................................... ٣٨

الخبر والإنشاء............................................................. ٥١

٤٧٣

الوضع في أسماء الإشارة.................................................... ٦٠

الاستعمال المجازي......................................................... ٦٣

استعمال اللفظ في اللفظ................................................... ٦٥

خروج القصد عن المعنى.................................................... ٧٣

تبعية الدلالة للإرادة....................................................... ٧٦

الوضع في المركبات......................................................... ٧٨

علائم الحقيقة والمجاز......................................................... ٨١

التبادر................................................................... ٨١

صحة الحمل وعدمه وصحة السلب وعدمه................................... ٨٣

الاطّراد.................................................................. ٨٦

أحوال اللفظ.............................................................. ٨٩

الحقيقة الشرعية........................................................... ٩١

الصحيح والأعمّ......................................................... ١٠١

الصحيح والأعم في المعاملات............................................. ١٥٥

أنحاء الدخل في المأمور به................................................. ١٦٦

الاشتراك............................................................... ١٧٢

استعمال اللفظ في أكثر من معنى.......................................... ١٧٧

المشتق................................................................. ١٨٩

حجية القول بوضع المشتق للمتلبس بالحال.................................. ٢٢١

٤٧٤

بساطة معنى المشتق...................................................... ٢٣٧

المقصد الأوّل

في الأوامر

الفصل الأوّل : مادة الأمر................................................. ٢٧٠

معنى مادة الأمر......................................................... ٢٧٠

اعتبار العلوّ في الآمر..................................................... ٢٧٧

دلالة مادة الأمر على الطلب الوجوبي...................................... ٢٧٨

المائز بين الوجوب والندب................................................ ٢٧٩

الطلب والإرادة.......................................................... ٢٨٣

بيان مسلك الجبر وشبه الجبر وإبطالهما...................................... ٢٩١

حقيقة الإرادة من الله (سبحانه) ومن العبد.................................. ٢٩٥

في قاعدة «الشيء ما لم يجب لم يوجد» وموردها............................. ٣٠١

الملاك في اختيارية افعال العباد............................................. ٣٠٣

إبطال مسلك التفويض................................................... ٣٠٨

الفصل الثاني : فيما يتعلق بصيغة الأمر...................................... ٣١٣

معنى صيغة الأمر........................................................ ٣١٣

دلالة صيغة الأمر على الوجوب........................................... ٣١٧

٤٧٥

مدلول الجملة الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء.............................. ٣١٩

التعبدي والتوصلي....................................................... ٣٢٢

أنحاء قيود المتعلّق........................................................ ٣٢٣

أنحاء قصد التقرب....................................................... ٣٣٧

استظهار التوصلية من إطلاق صيغة الأمر................................... ٣٤٠

قصد الوجه والتمييز...................................................... ٣٤٣

في التعبدي بمعنى عدم سقوط التكليف بفعل الغير........................... ٣٤٤

في التعبدي بمعنى سقوط التكليف بالفرد غير العمدي........................ ٣٤٨

في التعبدي بمعنى عدم سقوط التكليف بالفرد المحرم........................... ٣٥٣

مقتضى إطلاق صيغة الأمر............................................... ٣٥٤

مدلول صيغة الأمر بعد الحظر............................................. ٣٦٠

دلالة صيغة الأمر على المرة أو التكرار...................................... ٣٦٢

دلالة صيغه الأمر على الفور أو التراخي.................................... ٣٧٢

مبحث الاجزاء.......................................................... ٣٨١

إجزاء الأمر عن نفسه.................................................... ٣٨٨

تبديل الامتثال.......................................................... ٣٨٩

إجزاء الأمر الاضطراري عن الواقعي........................................ ٣٩٤

أنحاء الفعل الاضطراري................................................... ٣٩٤

إجزاء المأمور به الظاهري عن الواقعي....................................... ٤١١

٤٧٦

الإجزاء في الامارات على السببية........................................... ٤١٨

الإجزاء عند الشكّ في سببيّة الأمارة وطريقيتها............................... ٤١٩

تبدّل فتوى المجتهد....................................................... ٤٢٣

الإجزاء عند تبدّل الفتوى أو العدول........................................ ٤٢٥

مقدمة الواجب.......................................................... ٤٣٩

المقدمة الداخلية والخارجية................................................. ٤٤٣

المقدّمة العقلية والشرعية والعاديّة........................................... ٤٥٠

المقدّمة الوجودية والعلمية و............................................... ٤٥٢

المقدّمة المتقدّمة والمقارنة والمتأخرة........................................... ٤٥٤

الشرط المتأخّر........................................................... ٤٥٤

الأول ؛ شرط الحكم..................................................... ٤٥٦

الثاني ؛ شرط المتعلّق..................................................... ٤٦١

٤٧٧