دروس في مسائل علم الأصول - ج ٣

آية الله الميرزا جواد التبريزي

دروس في مسائل علم الأصول - ج ٣

المؤلف:

آية الله الميرزا جواد التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: نگين
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-94850-9-1
ISBN الدورة:
978-964-94850-1-0

الصفحات: ٤٤٥

١
٢

٣
٤

وينبغي التنبيه على أمور :

الأول : إن الاضطرار إلى ارتكاب الحرام ، وإن كان يوجب [١] ارتفاع حرمته ، والعقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه ـ لو كان ـ مؤثرا له ، كما إذا لم يكن بحرام بلا كلام ، إلّا أنه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار ، بأن يختار ما يؤدي إليه لا محالة ، فإن الخطاب بالزجر عنه حينئذ ، وإن كان ساقطا ، إلّا أنه حيث يصدر عنه مبغوضا عليه وعصيانا لذاك الخطاب ومستحقا عليه العقاب ، لا يصلح لأن يتعلق به الإيجاب ، وهذا في الجملة مما لا شبهة فيه ولا ارتياب.

وإنما الإشكال فيما إذا كان ما اضطر إليه بسوء اختياره ، مما ينحصر به التخلص عن محذور الحرام ، كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسطها بالاختيار في كونه منهيا عنه ، أو مأمورا به ، مع جريان حكم المعصية عليه ، أو بدونه ، فيه أقوال ، هذا على الامتناع.

وأما على القول بالجواز ، فعن أبي هاشم أنه مأمور به ومنهي عنه ، واختاره الفاضل القمي ، ناسبا له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء.

______________________________________________________

الاضطرار إلى ارتكاب الحرام

[١] كان الأولى للماتن قدس‌سره تغيير هذه العبارة فإنّها لا تخلو عن التعقيد ودأبه قدس‌سره في الكتاب هو الإيجاز بلا تعقيد.

وقوله : «مؤثرا له» راجع إلى بقاء ملاك وجوبه ، يعني يبقي ملاك وجوبه مؤثرا في الوجوب لو كان فيه ملاكه.

فمراده أنّه لا كلام ولا تأمّل في ارتفاع حرمة الفعل وارتفاع استحقاق العقاب

٥

والحق أنه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه ، وعصيان له بسوء الاختيار ، ولا يكاد يكون مأمورا به ، كما إذا لم يكن هناك توقف عليه ، أو بلا انحصار به ، وذلك ضرورة أنه حيث كان قادرا على ترك الحرام رأسا ، لا يكون عقلا معذورا في مخالفته فيما اضطر إلى ارتكابه بسوء اختياره ، ويكون معاقبا عليه ، كما إذا كان ذلك بلا توقف عليه ، أو مع عدم الانحصار به ، ولا يكاد يجدي توقف انحصار التخلص عن الحرام به ، لكونه بسوء الاختيار.

إن قلت : كيف لا يجديه ، ومقدمة الواجب واجبة؟

قلت : إنما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة ، ولذا لا يترشح الوجوب من الواجب إلّا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراكهما في المقدمية.

______________________________________________________

عليه في مورد الاضطرار إليه ومع ارتفاع حرمته والعقاب على ارتكابه لو كان فيه ملاك الوجوب يؤثر ذلك الملاك في وجوبه فعلا كتأثير ملاك الوجوب في وجوب فعل لم يكن بحرام أصلا.

ولكن هذا ينحصر بما إذا لم يكن الاضطرار إلى ـ الفعل الذي فيه ملاك الوجوب ـ بسوء الاختيار وأمّا لو كان بسوء الاختيار كما إذا اضطر إليه بارتكاب محرم آخر ، أو ارتكاب فعل يعلم بأنّ ارتكابه ينجرّ إلى ارتكاب الحرام فحرمته الفعلية وإن كانت ترتفع أيضا إلّا أنّ مبغوضيته واستحقاق العقوبة عليه يبقيان على حالهما ولا يمكن أن يؤثر ملاك الوجوب في وجوبه ولا شبهة في ارتفاع الحرمة وبقاء المبغوضية وعدم تأثير ملاك الوجوب في وجوبه في الموارد التي لا ينحصر التخلّص عن الحرام الأهمّ في ارتكاب الحرام المضطرّ إليه بسوء الاختيار.

وأمّا في مورد انحصار التخلّص عنه في ارتكابه ، ففيه خلاف كما في الخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسّطها بسوء الاختيار فهل التصرف الخروجي فيها

٦

وإطلاق الوجوب بحيث ربما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها ، إنما هو فيما إذا كان الواجب أهم من ترك المقدمة المحرمة ، والمفروض هاهنا وإن كان ذلك إلّا أنه كان بسوء الاختيار ، ومعه لا يتغير عما هو عليه من الحرمة والمبغوضية ، وإلّا لكانت الحرمة معلّقة على إرادة المكلف واختياره لغيره ، وعدم حرمته مع اختياره له ، وهو كما ترى ، مع أنه خلاف الفرض ، وأن الاضطرار يكون بسوء الاختيار.

إن قلت : إن التصرف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام ، بلا إشكال ولا كلام ، وأما التصرف بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم ، ويتوقف عليه التخلص عن التصرف الحرام ، فهو ليس بحرام في حال من الحالات ، بل حاله حال مثل شرب الخمر ، المتوقف عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات.

______________________________________________________

منهي عنه ، أو مأمور به مع جريان حكم المعصية عليه ، أو لا يجري عليه حكم المعصية وجوه ، هذا على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي.

وأمّا بناء على جواز الاجتماع قيل إنّه مأمور به ومنهي عنه واختاره الفاضل القمي قدس‌سره ناسبا له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء وقد اختار قدس‌سره أنّ التصرف الخروجي فيها منهي عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار ويستحق العقاب عليه لكونه عصيانا بالنهي السابق ولا يمكن أن يكون مأمورا به شرعا كما إذا لم يكن في البين توقف عليه للتخلّص عنه أو لم ينحصر التخلّص به ؛ لأنّ المكلف كان متمكنا من تركه بترك الدخول ولا يكون عند العقل معذورا في مخالفة النهي حتى مع اضطراره إلى ارتكابه بسوء اختياره ، وأنّ توقف انحصار التخلّص عن الحرام عليه لا يجدي في وجوبه لكونه بسوء الاختيار هذا بالإضافة إلى مراد الماتن قدس‌سره.

لا يقال : إذا كان الحرام مضطرا إليه بحيث لا بدّ للمكلف من ارتكابه فلا يكون ملاك وجوبه مؤثرا في وجوبه فإنّ ايجابه مع الاضطرار إليه من طلب الحاصل.

٧

ومنه ظهر المنع عن كون جميع انحاء التصرف في أرض الغير مثلا حراما قبل الدخول ، وأنه يتمكن من ترك الجميع حتّى الخروج ، وذلك لأنه لو لم يدخل لما كان متمكّنا من الخروج وتركه ، وترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلّا ترك الدخول ، فمن لم يشرب الخمر ، لعدم وقوعه في المهلكة التي يعالجها به مثلا ، لم يصدق عليه إلّا أنه لم يقع في المهلكة ، لا أنه ما شرب الخمر فيها ، إلّا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ، كما لا يخفى.

وبالجملة لا يكون الخروج ـ بملاحظة كونه مصداقا للتخلص عن الحرام أو سببا له ـ إلّا مطلوبا ، ويستحيل أن يتصف بغير المحبوبية ، ويحكم عليه بغير المطلوبية.

______________________________________________________

فإنّه يقال : الاضطرار إلى الارتكاب لا يخرج الفعل عن الاختيار بل يمكن عقلا تركه مع ارتفاع حرمته عقلا كما إذا توقف حياته على أكل الميتة فإنّ إيجاب أكلها لا يكون من طلب الحاصل.

أضف إلى ذلك أنّ الحرام الساقط حرمته بالاضطرار كثيرا ما لا يكون تمام الواجب بل بعضه فيكون الأمر بذلك الواجب بعد سقوط الحرمة بالاضطرار إلى الحرام أمرا ممكنا كما في الأمر بالصلاة مع الركوع والسجود الاختياريين للمحبوس في الدار المغصوبة ظلما ونظير ذلك ما إذا أكره على التصرف في الماء المملوك للغير ودار الأمر بين أن يستعمله في وضوئه أو في تصرف آخر فإنّه يتعين عليه صرفه في وضوئه وبتعبير آخر يخرج بالإكراه عن عنوان فاقد الماء.

حكم الصلاة حال الخروج

ثمّ يقع الكلام في التصرف في الدار المغصوبة بالخروج عن الغصب والتخلّص عنه فيما إذا توسّطها بسوء الاختيار فهل هو واجب شرعا حيث التزم صاحب الفصول قدس‌سره أنّه واجب شرعا مع جريان حكم المعصية عليه ، والتزم الشيخ

٨

قلت : هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلص مأمورا به ، وهو موافق لما أفاده شيخنا العلامة (أعلى الله مقامه) ، على ما في تقريرات بعض الأجلّة ، لكنه لا يخفى أن ما به التخلص عن فعل الحرام أو ترك الواجب ، إنما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل ، وإن كان قبيحا ذاتا إذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه ، ولم يقع بسوء اختياره ، إما في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام ، وإما في الإقدام على ما هو قبيح وحرام ، لو لا أن به التخلص بلا كلام كما هو المفروض في المقام ، ضرورة تمكنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.

وبالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا ، كما يتمكن منه دخولا ، غاية الأمر يتمكن منه بلا واسطة ، ومنه بالواسطة ، ومجرد عدم التمكن منه إلّا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا ، كما هو الحال في البقاء ، فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الأوقات ، فكذلك الخروج ، مع أنه مثله في الفرعية على الدخول ، فكما لا تكون الفرعية مانعة عن مطلوبيته قبله وبعده ، كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيته ، وإن كان العقل يحكم بلزومه إرشادا إلى اختيار أقل المحذورين وأخف القبيحين.

______________________________________________________

الأنصاري قدس‌سره بوجوبه من غير جريان حكم المعصية عليه ، واختاره المحقق النائيني قدس‌سره ، أو أنّه غير مأمور به شرعا بل منهي عنه بالنهي السابق الساقط فيقع عصيانا ولكن العقل يرشد إلى اختياره من باب ارشاده إلى ارتكاب أقل المحذورين كما عليه الماتن قدس‌سره.

فالصحيح هو قول الماتن قدس‌سره بتقريب : أنّ الحركة في الدار المغصوبة ولو للتخلّص عن الغصب داخل في التصرف في مال الغير بلا رضاه وكان المكلّف متمكّنا عن تركه ولو بتركه الدخول فيها ولذلك كان منهيا عنه كالتصرف بالدخول فيها ، وكما أنّ الدخول كان عصيانا للنهي عن التصرف فيها كذلك الخروج عنها بعد

٩

ومن هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا وتخلصا عن المهلكة ، وأنه إنما يكون مطلوبا على كل حال لو لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار ، وإلّا فهو على ما هو عليه من الحرمة ، وإن كان العقل يلزمه إرشادا إلى ما هو أهم وأولى بالرعاية من تركه ، لكون الغرض فيه أعظم ، [ف] من ترك الاقتحام فيما يؤدي إلى هلاك النفس ، أو شرب الخمر ، لئلا يقع في أشد المحذورين منهما ، فيصدق أنه تركهما ، ولو بتركه ما لو فعله لأدّى لا محالة إلى أحدهما ، كسائر الأفعال التوليدية ، حيث يكون العمد إليها بالعمد إلى أسبابها ، واختيار تركها بعدم العمد إلى الأسباب ، وهذا يكفي في استحقاق العقاب على الشرب للعلاج ، وإن كان لازما عقلا للفرار عما هو أكثر عقوبة.

ولو سلم عدم الصدق إلّا بنحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ، فهو غير ضائر بعد تمكنه من الترك ، ولو على نحو هذه السالبة ، ومن الفعل بواسطة تمكنه مما هو من قبيل الموضوع في هذه السالبة ، فيوقع نفسه بالاختيار في المهلكة ، أو يدخل الدار فيعالج بشرب الخمر ويتخلص بالخروج ، أو يختار ترك الدخول والوقوع فيهما ، لئلا يحتاج إلى التخلص والعلاج.

______________________________________________________

الدخول ، عصيان لذلك النهي السابق ومع وقوع الحركة المزبورة عصيانا لا يتعلّق بها الوجوب ، فإنّ الشارع لا يأمر بما نهى عنه ولا بعصيان نهيه.

لا يقال : كيف يكون التصرف فيها بالخروج كالتصرف فيها بالدخول عصيانا مع أنّ التصرف الخروجي فيها مقدمة للواجب وهو ترك الغصب وكونه خارج الدار المغصوبة ، فالمفروض في المقام نظير ما إذا اضطرّ إلى شرب الماء المتنجس حفاظا على نفسه عن الهلاك حتى فيما كان اضطراره إلى شربه بسوء اختياره كما إذا علم قبل دخوله في المكان أنّه يضطرّ إلى شرب الماء المتنجس فيه إذا دخل فيه ، ولو بني على أنّ الحركة الخروجية عصيان للنهي السابق المتعلّق بالدخول فكيف يجب إفراغ

١٠

إن قلت : كيف يقع مثل الخروج والشرب ممنوعا عنه شرعا ومعاقبا عليه عقلا؟ مع بقاء ما يتوقف عليه على وجوبه ، ووضوح سقوط الوجوب مع امتناع المقدمة المنحصرة ، ولو كان بسوء الاختيار ، والعقل قد استقل بان الممنوع شرعا كالممتنع عادة أو عقلا.

قلت : أولا : إنما كان الممنوع كالممتنع ، إذا لم يحكم العقل بلزومه إرشادا إلى ما هو أقل المحذورين ، وقد عرفت لزومه بحكمه ، فإنه مع لزوم الإتيان بالمقدمة عقلا ، لا بأس في بقاء ذي المقدمة على وجوبه ، فإنه حينئذ ليس من التكليف بالممتنع ، كما إذا كانت المقدمة ممتنعة.

______________________________________________________

دار الغير عن نفسه حيث إنّ الواجب لا ينحصر مقدمته على الحرام ومع الانحصار إمّا أن يسقط وجوب الواجب أو يرتفع حرمة المقدمة ، ولو فرض بقاء الواجب على وجوبه فيكون ارتكاب تلك المقدمة حسنا عقلا وواجبا غيريا بالفعل شرعا ومع قطع النظر عن توقّف الواجب عليها يكون قبيحا ذاتا ومحرّما شرعا.

والحاصل أنّ الالتزام بوقوع الحركة الخروجية في الدار المغصوبة عصيانا للنهي السابق الساقط مساوق للالتزام بسقوط التكليف عن إفراغ نفسه عن الغصب.

فإنّه يقال : يلتزم بفعليّة التكليف بالأهمّ وهو إفراغ نفسه عن الغصب ، ويكفي في وجوبه فعلا سقوط حرمة مقدّمته بالفعل وإرشاد العقل إلى اختيارها اقتصارا على أقلّ المحذورين ، وليس المراد أنّ الحركة الخروجية لم تكن محرّمة أصلا أو لم تصدر عن المكلّف مبغوضا فإنّ ذلك ينافي حرمة الغصب مطلقا ، بل لا يمكن الالتزام بعدم حرمة التصرّف الخروجي على تقدير الدخول بأن تكون تلك الحركة على تقدير الدخول غير محرّم لا يستحقّ المكلّف عليها عقابا فإنّ هذا بمعنى تحريم الشيء على تقدير تركه ، فالحركة الخروجية محرّمة على تقدير ترك الدخول ، وهذا من قبيل

١١

وثانيا : لو سلم ، فالساقط إنما هو الخطاب فعلا بالبعث والإيجاب لا لزوم إتيانه عقلا ، خروجا عن عهدة ما تنجز عليه سابقا ، ضرورة أنه لو لم يأت به لوقع في المحذور الأشد ونقض الغرض الأهم ، حيث إنه الآن كما كان عليه من الملاك والمحبوبية ، بلا حدوث قصور أو طروء فتور فيه أصلا ، وإنما كان سقوط الخطاب لأجل المانع ، وإلزام العقل به لذلك إرشادا كاف ، لا حاجة معه إلى بقاء الخطاب بالبعث إليه والإيجاب له فعلا ، فتدبر جيدا.

______________________________________________________

طلب الحاصل ، والمفروض أنّ الحركة الخروجية والاضطرار إليها بسوء الاختيار ومعه لا ينتفي العقاب عليها وتقع مبغوضا عليها لا محالة.

غاية الأمر يسقط النهي الفعلي عنها لعدم كونه رادعا عنها لاضطراره إلى التصرّف في الدار المغصوبة. ومع إرشاد العقل إلى اختيارها لكونها أقلّ محذورا لا مانع عن أمر الشارع بما يتوقّف عليها أو نهيه عمّا يتوقّف تركه على ارتكابها.

ولا يكون أمره بذلك الواجب إيجابا غيريا للحركة الخروجية ، فإنّ الوجوب الغيري لا يتعلّق بالمنهي عنه من المقدّمة ، هذا أوّلا.

وثانيا : لو سلّم أنّ الأمر بذلك الواجب الأهم أيضا يسقط لعدم إمكان إيجاب مقدّمته لكن سقوط إيجابه أيضا كسقوط النهي عن الحركة الخروجية بسوء الاختيار حيث إنّه لو لم يدخل في الدار المغصوبة لكان متمكّنا من ترك الغصب بأقسامه ، كما أنّه لو لم يذهب إلى المكان المزبور لم يرتكب شرب النجس ولم يوقع نفسه في المهلكة ، والعقل في مثل ذلك يرشد إلى شرب الماء المتنجّس اقتصارا على أقل المحذورين ، فالساقط إيجاب ذي المقدّمة بالبعث إليه فعلا لا لزوم رعايته عقلا ، حيث كان وجوب التحفّظ على النفس من الهلكة وحرمة إيقاعها في الهلكة منجّزين قبل الدخول في المكان المزبور.

١٢

وقد ظهر مما حققناه فساد القول بكونه مأمورا به ، مع إجراء حكم المعصية عليه [١] نظرا إلى النهي السابق ، مع ما فيه من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب والحرمة ، ولا يرتفع غائلته باختلاف زمان التحريم والإيجاب ، قبل الدخول وبعده ، كما في الفصول ، مع اتحاد زمان الفعل المتعلق لهما ، وإنما المفيد اختلاف زمانه ولو مع اتحاد زمانهما ، وهذا أوضح من أن يخفى ، كيف؟ ولازمه وقوع الخروج بعد الدخول ، عصيانا للنهي السابق ، وإطاعة للأمر اللاحق فعلا ، ومبغوضا ومحبوبا كذلك بعنوان واحد ، وهذا مما لا يرضى به القائل بالجواز ، فضلا عن القائل بالامتناع.

______________________________________________________

[١] ذكر فى الفصول أنّ التصرّف في الدار بالحركة الخروجية موجب لاستحقاق العقاب عليها لكونها مخالفة للنهي السابق عنه الساقط بالدخول فعلا للاضطرار إليها ، ولكنّها مقدّمة للتخلّص عن الغصب فتكون واجبة بالفعل ولا منع عن كون الفعل الواحد متعلّقا لكلّ من الحرمة والوجوب بحسب زمانين (١).

وأورد على ذلك الماتن قدس‌سره بأنّ الفعل الواحد لا يمكن أن يتعلّق به تكليفان ولو في زمانين ولا يرتفع محذور التكليف المحال بتعدّد زماني التكليفين مع وحدة المتعلّق ، وإنّما ترتفع الغائلة بتعدّد المتعلّق وإن كان زمان التكليفين واحدا ، والمفروض في المقام وحدة المتعلّق وعدم التعدّد فيه حتّى من جهة العنوان حيث إنّ عنوان المقدّمة عنوان تعليلي يتعلّق الوجوب الغيري بذات المقدّمة لا بعنوانها ، كما تقرّر في بحث المقدّمة.

أقول : يستفاد من كلامه قدس‌سره أنّ الحركة الخروجية منهيّ عنها بالنهي السابق

__________________

(١) الفصول : ١١١.

١٣

كما لا يجدي في رفع هذه الغائلة ، كون النهي مطلقا وعلى كل حال ، وكون الأمر مشروطا بالدخول ، ضرورة منافاة حرمة شيء كذلك ، مع وجوبه في بعض الأحوال.

وأما القول بكونه مأمورا به ومنهيا عنه ، ففيه ـ مضافا إلى ما عرفت من امتناع الاجتماع فيما إذا كان بعنوانين ، فضلا عما إذا كان بعنوان واحد كما في المقام ، حيث كان الخروج بعنوانه سببا للتخلص ، وكان بغير إذن المالك ، وليس التخلص إلّا منتزعا عن ترك الحرام المسبب عن الخروج ، لا عنوانا له ـ أن الاجتماع هاهنا لو سلم أنه لا يكون بمحال ، لتعدد العنوان ، وكونه مجديا في رفع غائلة التضاد ، كان محالا لأجل كونه طلب المحال ، حيث لا مندوحة هنا ، وذلك لضرورة عدم صحة تعلق الطلب والبعث حقيقة بما هو واجب أو ممتنع ، ولو كان الوجوب أو الامتناع بسوء الاختيار ، وما قيل إن الامتناع أو الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، إنما هو في قبال استدلال الأشاعرة للقول بأن الأفعال غير اختيارية ، بقضية أن الشيء ما لم يجب لم يوجد.

______________________________________________________

الساقط ولا تجب شرعا مع كونها مقدّمة منحصرة للواجب الأهمّ تكليفا أو ملاكا ، وإنّما يرشد العقل إلى اختيارها للابتلاء بأقلّ المحذورين فيعاقب عليها كما يعاقب على الدخول.

أمّا ما ذكره من كون الحركة الخروجيّة كانت قبل الدخول في الدار منهيا عنها ويسقط النهي عنها بالدخول للاضطرار إليها ولو بسوء الاختيار وكون السقوط بسوء الاختيار موجبا لاستحقاق العقاب عليها لاستحقاقه على الدخول فيها ، فهو أمر صحيح ، لأنّ بقاء النهي عن تلك الحركة بعد الدخول في الدار لغو محض ، فإنّ التكليف إنّما يصحّ فيما إذا صحّ عند وصوله إلى المكلف أن ينضمّ إليه حكم العقل بلزوم رعايته وموافقته ، وهذا الانضمام كان قبل الدخول في الدار ، وأمّا بعده فالعقل يرشد إلى اختيار تلك الحركة لا بلزوم رعاية النهي عنها الذي كان قبل الدخول ،

١٤

فانقدح بذلك فساد الاستدلال لهذا القول ، بأن الأمر بالتخلص والنهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما ، ولا موجب للتقييد عقلا ، لعدم استحالة كون الخروج واجبا وحراما باعتبارين مختلفين ، إذ منشأ الاستحالة : إما لزوم اجتماع الضدين وهو غير لازم ، مع تعدد الجهة ، وإما لزوم التكليف بما لا يطاق وهو ليس بمحال إذا كان مسببا عن سوء الاختيار ، وذلك لما عرفت من ثبوت الموجب للتقييد عقلا ولو كانا بعنوانين ، وأن اجتماع الضدين لازم ولو مع تعدد الجهة ، مع عدم تعددها هاهنا ، والتكليف بما لا يطاق محال على كل حال ، نعم لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب بسقوط التكليف بالتحريم أو الإيجاب.

______________________________________________________

وسقوط النهي عنها بعد الدخول في الدار ليس معناه تعليق تحريم الحركة الخروجية على ترك الدخول في الدار ليقال إنّ النهي المعلّق على ترك الدخول من قبيل طلب الحاصل ، بل سقوطه نظير سقوطه بالإضافة إلى الدخول لكون الغاية من النهي عنها تركها بترك الدخول فيها وكون بقائه بعد الدخول فيها لغوا مع إرشاد العقل إلى اختيارها لدفع الأفسد على ما تقدّم.

وأمّا الالتزام بكونها مقدّمة منحصرة للواجب الأهمّ ومع ذلك لا يتعلّق بها الوجوب الغيري لعدم إمكان الأمر بالمنهي عنه ولو كان النهي والأمر في زمانين ، فلا يمكن المساعدة عليه.

أمّا أوّلا ، فلأنّ الدخول في الدار والخروج عنها والبقاء فيها كلّها محرّمة بعنوان التصرّف في ملك الغير وما له بلا طيب نفسه ، حيث إنّ التصرّف كذلك في ملك الغير ظلم وعدوان عليه ، فكون المكلّف تاركا للتصرف في ملك الغير وماله ليس واجبا شرعيا وإنّما يكون ترك التصرّف تركا للحرام ، ولكن الحركة الخروجية ملازمة لترك فرد آخر من الحرام وهو التصرّف البقائي لا أنّها مقدّمة لترك فرد آخر حتّى يقال بأنّ

١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الواجب لا يمكن أن تنحصر مقدّمته على المحرّم فعلا.

وبالجملة سقوط النهي الفعلي عن الحركة الخروجية لكون بقاء النهي عنها لغوا مع إرشاد العقل إلى اختيارها.

ومن هنا يظهر أنّه لا مجال لما ذكره قدس‌سره من سقوط التكليف خطابا بالإضافة إلى الواجب الأهمّ ، فإنّ تحريم التصرّف المكثى في الدار المغصوبة لا يسقط ، لأنّ بقاء النهي بالإضافة إليه ليس بلغو ، بل ينضمّ إليه حكم العقل بلزوم رعايته.

وأمّا ثانيا ، لو أغمضنا عمّا ذكرنا وفرضنا المقدّمية في حرام سقطت حرمته بالعصيان أو بالاضطرار اليه ، فالفعل الواحد لا يمكن أن يكون منهيا عنه في زمان ومأمورا به في زمان آخر فيما إذا كان الأمر به نفسيّا كالنهي عنه في السابق ، لأنّ النهي عن الحركة الخروجية نفسيا ينشأ عن مفسدة غالبة فيها ومع حفظ هذا الفساد الغالب كما هو المفروض لا يمكن الأمر بها نفسيا لاقتضائه الصلاح الغالب ولو كان الأمر بها بعد الدخول في الدار.

بخلاف ما إذا كان الأمر بها غيريا كما هو الحال في وجوب المقدّمة ، فلا بأس بالأمر بها لسقوط النهي عنها ، فإنّ النهي عنها قبل الدخول كان يستدعى تركها بترك الدخول ومع سقوطه فلا بأس بالأمر الغيري بها الذي ملاكه توقّف الواجب الأهمّ عليها.

وبالجملة كما ذكرنا مرارا أنّ المنافاة بين الأمر بالشيء والنهي عنه تنشأ إمّا عن ملاك التكليفين أو عن مقتضاهما ، والمفروض أنّ النهي السابق قد سقط عن الاقتضاء بعد الدخول فلا مانع من الأمر بها ولو مع صدورها مبغوضة لأنّ هذا الأمر غيري يقتضي الفعل ، ولكن لم ينشأ عن الصلاح في المتعلّق.

١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وبتعبير آخر : منافاة التكليف النفسي للغيري تنشأ عن الاقتضاء ، وإذا فرض سقوط التكليف النفسي عن الاقتضاء فلا بأس بالأمر الغيري.

لا يقال : قد ذكر في مبحث كون الاجازة كاشفة أو ناقلة في العقد الفضولي إمكان جعل المبيع ملكا لشخصين من حين العقد إلى زمن الاجازة ، فبناء على الكشف يكون المبيع ملكا للبائع واقعا قبل الاجازة وبعدها ملكا للمشتري واقعا ، ولا منافاة بينهما لتعدّد زمانهما ، وكما يمكن اعتبار المال الواحد ملكا لاثنين بحسب اختلاف زمان الجعلين كذلك يمكن جعل تكليفين وتعلّقهما بفعل واحد في زمانين.

فإنّه يقال : ما ذكر في مثل الملكية من أحكام الوضع مما يكون الصلاح في نفس اعتبارها لا بأس به ، حيث يمكن الصلاح في اعتبار الملكية للمالك الأصلي إلى زمان إجازته البيع الفضولي ويكون اعتبارها بعد إجازته للمشتري صلاحا ، وهذا بخلاف الأحكام التكليفية التي يكون الغرض منها الانبعاث أو الزجر عن المتعلّق ، فلو كان الزجر عن فعل في زمان فالغرض منه المنع عن إيجاده ، ومع هذا الفرض كيف يمكن البعث إلى نفس ذلك الفعل المنهي عنه في زمان آخر أو على تقدير.

نعم إذا أمكن اختصاص النهي بغير ذلك التقدير فيمكن الأمر بذاك الفعل على التقدير الآخر ، والمفروض أنّ اختصاص النهي عن الحركة الخروجية على تقدير عدم الدخول في الدار المغصوبة غير ممكن لأنّ لازمه النهي عن الشيء مشروطا بتركه ، فيدخل في طلب الحاصل في كون النهي لغوا ، وهذا بخلاف الأحكام الوضعية التي يكون الصلاح في نفس جعلها ولو لخصوصية في موضوعها ، فيمكن اختصاص تلك الخصوصية ما لم يحصل تقدير آخر ، ومع حصوله يكون الصلاح في تغيير الاعتبار.

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

نعم لا بأس بذلك عند سقوط النهي بعد الدخول لكون بقائه لغوا بالأمر الغيري بالحركة الخروجية.

بقي الكلام فيما ذكره المحقّق النائيني قدس‌سره لتأييد ما اختاره الشيخ الأنصاري قدس‌سره من عدم كون الحركة الخروجية محرّمة أصلا ، حيث قال : الحركة الخروجية حتّى بعد الدخول في الدار لا تكون من الاضطرار إلى الحرام بسوء الاختيار ، بل تكون واجبة من جهة ردّ المال إلى مالكه فإنّ ردّه إليه في غير المنقول بالتخلية بينه وبين مالكه ويشهد لكونها من ردّ المال إلى مالكه لا من الاضطرار إلى الحرام بسوء الاختيار أمور :

الأوّل : أنّ في موارد الاضطرار إلى الحرام بسوء الاختيار لا بدّ من أن يكون الفعل خارجا عن سلطان العبد واختياره ، وبما أنّ الخروج لم يخرج عن الاختيار فلا يكون موجبا لسقوط العقاب ، بخلاف ترك الحج بتركه المسير إليه في زمان لا يتمكّن مع المسير في غير ذلك الزمان من إدراك الحج ، فيكون ترك الحج مع ترك المسير إليه في الزمان المزبور ضروريا ، وأمّا الحركة الخروجية فإنّه بعد الدخول في الدار تكون تلك الحركة في اختيار العبد لتمكنه من ترك الخروج بالمكث.

نعم يكون مع الدخول مضطرا إلى مقدار ما من التصرّف في تلك الدار بالمكث أو بالحركة الخروجية ، وهذا غير الاضطرار إلى الحركة الخروجية فالجامع مضطر اليه لا الخصوصية ، بل هذه الحركة تدخل في ردّ المال إلى مالكه نظير ردّه اليه في المنقولات في عدم كونه غصبا وتعدّيا على المالك في ماله ليكون منهيا عنه قبل الدخول في الدار ، وتسقط حرمتها بالدخول بخطابها ، لا بملاكها ليوجب استحقاق العقاب عليها (١).

__________________

(١) أجود التقريرات ١ / ٣٧٦.

١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وربّما يجاب عن هذا الوجه بأنّ الاضطرار إلى الحركة الخروجية من الاضطرار إلى الحرام بسوء الاختيار ، فإنّ مع حرمة التصرّف في الدار المغصوبة بالبقاء والمكث بغير الحركة الخروجية يكون على المكلّف اختيار الحركة الخروجية حسب إرشاد العقل ، وهذا كاف في صدق الاضطرار إليها ، ولذا لو كان الدخول لا بسوء الاختيار كما إذا دخل جهلا أو نسيانا أو إكراها كان المضطر إليه هي الحركة الخروجية لا البقاء والمكث بغيرها ، ولا يعتبر في الاضطرار بسوء الاختيار أو بغيره خروج الشيء إلى الامتناع ، وإنّما يعتبر ذلك في الاضطرار إلى ترك الواجب ، حيث إنّ المكلّف إذا ترك ما يتوقّف عليه فعل الواجب يكون تركها مع ترك مقدّمتها ضروريا ، بخلاف الاضطرار إلى الحرام.

أقول : قد أشرنا إلى اختلاف الاضطرار وأنّه قد لا يوجب خروج الشيء إلى الامتناع ، بلا فرق بين الواجب والحرام ، كما إذا أحرز المكلف في نهار شهر رمضان أنّه لو وقف في مكان حارّ يضطر إلى شرب الماء لدفع عطشه العارض عليه ، فإنّ مع وقوفه في المكان المزبور لا يكون إفطاره ضروريا وإنّما يترك صومه للتحفظ على نفسه الذي وجوب حفظها أهمّ فيكون ترك الصوم من باب دفع الأفسد بالفاسد ولذا لو أمر الشارع بالصوم وترك الإفطار حتّى في هذه الحال لم يكن من التكليف بالممتنع.

نعم لا يمكن الأمر بالصوم فعلا مع الأمر بالتحفّظ على النفس فإنّه من التكليف بما لا يطاق ، ومع ذلك لتفويته ملاك الصوم الواجب يعاقب عليه.

وإذا تبيّن عدم الملازمة بين الاضطرار إلى الشيء بسوء الاختيار وخروجه إلى الامتناع فنقول التصرّف في الدار بالدخول فيها والحركة الخروجية والبقاء فيها كلّها من التصرّف في ملك الغير بلا رضا صاحبه ومقتضى كون حرمة التصرّف انحلاليا

١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

حرمة كلّ منهما.

غاية الأمر التكليف المستفاد من الخطاب مع انحلاله يسقط بالإضافة إلى الدخول فيها بالعصيان ، وكذا بالإضافة إلى الحركة الخروجية فإنّه بعد إرشاد العقل إلى اختيارها دفعا للأفسد بالفاسد يكون نهي الشارع بالفعل لغوا ولكن يكون المكلف معاقبا على ارتكاب الفاسد وإيقاع نفسه في فساده.

وردّ المال إلى مالكه يجب شرعا فيما لم يكن الاستيلاء عليه عدوانا كما في ردّ الأمانات والاستيلاء على مال الغير غفلة أو إكراها أو جهلا. وأمّا إذا كان عدوانا وظلما فالفعل يرشد إليه لتعنونه ـ ما لم يصل إلى يد المالك ـ بالعدوان عليه لا الإحسان إليه.

وبالجملة يجري على التصرّف في مال الغير زمن الردّ إلى مالكه ـ فيما كان وضع اليد عليه عدوانا ـ ما ذكر في الحركة الخروجية فيما إذا كان الدخول في دار الغير عدوانا من كونه من دفع الأفسد بالفاسد وأنّه يسقط النهي عن التصرّف المزبور لإرشاد العقل إلى اختياره مع أنّ المكلّف يعاقب على التصرّف المزبور بالنهي السابق الساقط ، نعم لا بأس بالأمر به غيريا بناء على كونه مقدّمة للتخلّص عن الحرام الأشد ، ولكن قد تقدّم منع المقدّمية.

الثاني : أنّ الموجب للدخول في قاعدة الامتناع بالاختيار المسقط للتكليف دون سقوط العقاب ، أن يكون في الفعل ملاك ملزم على تقدير القدرة عليه بالإتيان بمقدّمته الإعدادية وعدم القدرة عليه بترك مقدّمتها كالحج في الموسم ، فإنّ بعد تحقّق الاستطاعة للمكلّف يكون في حجّه ملاك ملزم ، سواء خرج إليه المكلّف أم ترك الخروج إليه حتّى امتنع إدراك الموقفين في زمانهما فيكون المكلّف معاقبا على ترك الحج بسوء الاختيار وهذا بخلاف الحركة الخروجية فإنّها لا يمكن أن تتحقّق

٢٠