أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-611-0
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٢٨
حدّثنا أبوالفرج المظفّر بن أحمد القزويني) (١) قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي الأسدي ، قال : حدّثنا سهل بن زياد الآدمي ، قال : حدّثنا سليمان بن عبدالله الخزّاز الكوفي ، قال : حدّثنا عبدالله بن الفضل الهاشمي ، قال : قلت لأبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام : يابن رسول الله ، كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغمّ وجزع ، وبكاء ، دون اليوم الذي قُبض فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليهاالسلام ، واليوم الذي قُتل فيه أمير المؤمنين عليهالسلام ، واليوم الذي قُتل فيه الحسن عليهالسلام بالسمّ ؟
فقال : «إنّ يوم قتل الحسين عليهالسلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيّام ، وذلك أنّ أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة ، فلمّا مضى عنهم النبيّ صلىاللهعليهوآله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، فكان فيهم للناس عزاء وسلوة ، فلمّا مضت فاطمة عليهاالسلام كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهماالسلام للناس عزاء وسلوة ، فلمّا مضى منهم أمير المؤمنين عليهالسلام كان للناس في الحسن والحسين عليهماالسلام عزاء وسلوة ، فلمّا مضى الحسن عليهالسلام كان للناس في الحسين عليهالسلام عزاء وسلوة ، فلمّا قُتل الحسين عليهالسلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعد عزاءوسلوة ، فكان ذهابه كذهاب جميعهم ، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم ، فلذلك صار يومه أعظم الأيّام مصيبة».
قال عبدالله بن الفضل الهاشمي : فقلت له : يابن رسول الله ، فَلِم لم يكن للناس في عليّ بن الحسين عليهماالسلام (عزاء وسلوة مثل) (٢) ما كان لهم في آبائه عليهمالسلام ؟
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «ح».
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «س ، ع ، ش».
فقال : «بلى ، إنّ عليّ بن الحسين كان سيّد العابدين ، وإماماً ، وحجّةً على الخلق بعد آبائه الماضين ، ولكنّه لم يلق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولم يسمع منه ، وكان علمه وراثة عن أبيه ، عن جدّه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكان أميرالمؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في أحوال في آن يتوالى ، فكانوا متى نظروا إلى أحد منهم تذكّروا حاله مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقول رسول الله صلىاللهعليهوآله له وفيه ، فلمّا مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على الله عزوجل ، ولم يكن في أحد منهم فقدُ جميعهم إلاّ في فَقْد الحسين عليهالسلام ؛ لأنّه مضى في آخرهم ، فلذلك صار يومه أعظم الأيّام مصيبة».
قال عبدالله بن الفضل الهاشمي : فقلت له : يابن رسول الله ، فكيف سمّت العامّة يوم عاشوراء يوم بركة ؟
فبكى عليهالسلام ثمّ قال : «لمّا قُتل الحسين عليهالسلام تقرّب الناس بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الأخبار ، وأخذوا عليها الجوائز من الأموال ، فكان ممّا وضعواله أمر هذا اليوم ، وأنّه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرّك والاستعداد فيه ، حَكَم الله بيننا وبينهم».
قال : ثمّ قال عليهالسلام : «يابن عمّ ، وإنّ ذلك لأقلّ ضرراً على الإسلام وأهله ممّاوضعه قوم انتحلوا مودّتنا ، وزعموا أنّهم يدينون بموالاتنا ، ويقولون بإمامتنا ، زعموا أنّ الحسين عليهالسلام لم يُقتل ، وأنّه شبّه للناس أمره كعيسى بن مريم فلالائمة إذَنْ على بني اُميّة ولا عتب على زعمهم.
يابن عمّ ، مَنْ زعم أنّ الحسين عليهالسلام لم يُقتل فقد كذّب رسول الله صلىاللهعليهوآله
وعليّاً ، وكذّب من بعده الأئمّة عليهمالسلام في إخبارهم بقتله ، ومَنْ كذّبهم فهو كافر بالله العظيم ، ودمه مباح لكلّ مَنْ سمع ذلك منه».
قال عبدالله بن الفضل : فقلت له : يابن رسول الله ، فما تقول في قوم من شيعتك يقولون به ؟
فقال عليهالسلام : «ما هؤلاء من شيعتي وإنّي بريء منهم».
قال : فقلت : فقول الله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) (١) .
قال : «إنّ اُولئك مسخوا ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا ولم يتناسلوا ، وإنّ القردة اليوم مثل اُولئك ، وكذلك الخنازير وسائر المسوخ ، ما وجد منها اليوم من شيءفهو مثله لا يحلّ أن يؤكل لحمه».
ثمّ قال عليهالسلام : «لعن الله الغُلاة والمفوّضة فإنّهم (٢) صغّروا عصيان الله ، وكفروا به ، وأشركوا وضلّوا وأضلّوا فراراً من إقامة الفرائض وأداء الحقوق» (٣) .
[ ٤٠٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام قال : «مَنْ ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومَنْ كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه يجعل الله عزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه ، ومَنْ سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر لمنزله شيئاً
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٦٥.
(٢) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : لأنّهم.
(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٤ : ٢٦٩ / ١.
لم يبارك له فيما ادّخر ، وحُشر يوم القيامة (١) (٢) مع يزيد وعبيدالله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله إلى أسفل درك من النار» (٣) .
[ ٤٠٥ / ٣ ] حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمهالله ، قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن سعيد (٤) ، عن أرطاة بن حبيب ، عن فضيل الرسّان ، عن جبلة المكّيّة ، قالت : سمعت ميثم التمّار قدّس الله روحه يقول : والله ، لتقتل هذه الاُمّة ابن نبيّها في المحرّم لعشر يمضين منه ، وليتّخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة ، وإنّ ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره ، أعلم ذلك بعهد (٥) عهده إلى مولاي أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحر ، والطير في السماء ، ويبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجنّ ، وجميع ملائكة السماوات والأرضين ورضوان ومالك وحملة العرش ، وتمطر السماء دماًورماداً .
ثمّ قال : وجبت لعنة الله على قتلة الحسين عليهالسلام كما وجبت على
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد ادّخار قوت السنة في هذا اليوم تبرّكاً كما كانوا عليهم اللعنة يفعلون ، لا أن يخلي منزله في هذا اليوم من الطعام كما فهمه جماعة. (م ق ر رحمهالله ).
(٢) ورد في حاشية «ج» : الظاهر أنّ المراد من الحديث المزبور ترك الكسب والتجارة في هذااليوم ؛ لدلالة الاستلزام عليه ؛ لأنّ لازم التجارة في هذا اليوم ادّخار.
(٣) ذكره المصنّف في الأمالي : ١٩١ / ٢٠١ ، والعيون ١ : ٤٠٧ / ٥٦ ، الباب ٢٨ ، وأورده مرسلاًابن طاووس في إقبال الأعمال ٣ : ٨١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١٠١ : ١٠٢ / ١.
(٤) في النسخ : عمرو بن سعد.
(٥) في النسخ : لعهد ، وفي هامشهما عن نسخة كما في المتن.
المشركين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.
قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم ، فكيف يتّخذ الناس ذلك اليوم الذي قُتل فيه الحسين عليهالسلام يوم بركة ؟
فبكى ميثم رضياللهعنه ، ثمّ قال : يزعمون لحديث يضعونه أنّه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم ، وإنّما تاب الله على آدم في ذي الحجّة.
ويزعمون أنّه اليوم الذي قَبِل الله فيه توبة داوُد ، وإنّما قَبِل الله عزوجل توبته في ذي الحجّة.
ويزعمون أنّه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ، وإنّما أخرج الله عزوجل يونس من بطن الحوت في ذي الحجّة.
ويزعمون أنّه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليهالسلام على الجودي ، وإنّمااستوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجّة.
ويزعمون أنّه اليوم الذي فلق الله تعالى فيه البحر لبني إسرائيل ، وإنّما كان ذلك في ربيع الأوّل.
ثمّ قال ميثم : يا جبلة ، اعلمي ، أنّ الحسين بن عليّ عليهالسلام سيّد الشهداء يوم القيامة ولأصحابه على سائر الشهداء درجة.
يا جبلة ، إذا نظرت السماء حمراء كأنّها دم عبيط فاعلمي أنّ سيّد الشهداءالحسين قد قُتل.
قالت جبلة : فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة فصحت (١) حينئذ وبكيت ، وقلت : قد والله قُتل سيّدنا
__________________
(١) في «ج ، ل ، س ، ح» : فضجّت.
الحسين عليهالسلام (١) .
- ١٦٣ -
باب علّة إقدام أصحاب الحسين عليهالسلام على القتل
[ ٤٠٦ / ١ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضياللهعنه ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا الجوهري ، قال : حدّثنا جعفربن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسين عليهالسلام وإقدامهم على الموت ؟
فقال : «إنّهم كُشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنّة ، فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها ، وإلى مكانه من الجنّة» (٢) .
- ١٦٤ -
باب العلّة التي من أجلها يقتل القائم عليهالسلام
ذراري قتلة الحسين عليهالسلام بفعال آبائها
[ ٤٠٧ / ١ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضياللهعنه ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام بفعال آبائها» ؟
__________________
(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ١٨٩ / ١٩٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٥ : ٢٠٢ / ٤ .
(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٤ : ٢٩٧ / ١.
فقال عليهالسلام : «هو كذلك».
فقلت : فقول الله عزوجل : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ) (١) مامعناه ؟
فقال : «صدق الله في جميع أقواله ، لكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه ، ولو أنّ رجلاً قُتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل ، وإنّما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم».
قال : فقلت له : بأيّ شيء يبدأ القائم فيكم (٢) إذا قام ؟
قال : «يبدأ ببني شيبة ويقطع أيديهم ؛ لأنّهم سُرّاق بيت الله عزوجل » (٣) .
- ١٦٥ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي عليّ بن الحسين عليهالسلام
زين العابدين
[ ٤٠٨ / ١ ] حدّثنا عبدالله بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني رضياللهعنه ، قال : حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد المكّي ، قال : حدّثنا أبو الحسن عبدالله بن محمّد بن (٤) عمر الأطروش الحرّاني ، قال : حدّثنا صالح بن زياد
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ١٦٤.
(٢) في المطبوع : فيهم.
(٣) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ١ : ٣٧١ / ٥ ، الباب ٢٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٥ : ٢٩٥ / ١ ، و٥٢ : ٣١٣ / ٦.
(٤) في «ح ، ش ، ع ، ج ، ل» : عن ، بدل : بن ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة كما في المتن.
أبوسعيد الشوني ، قال : حدّثنا أبو عثمان عبدالله بن ميمون السكّري ، قال : حدّثنا عبدالله بن معن الأودي ، قال : حدّثنا عمران بن سليم ، قال : كان الزهري إذا حدّث عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال : حدّثني زين العابدين عليّ بن الحسين ، فقال له سفيان بن عيينة : ولِمَ تقول له : زين العابدين ؟
قال : لأنّي سمعت سعيد بن المسيّب يحدّث عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إذا كان يوم القيامة ينادي مناد : أين زين العابدين ؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطر (١) (٢) بين الصفوف» (٣) .
[ ٤٠٩ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، قال : حدّثني العبّاس بن معروف ، عن محمّد بن سهل البحراني (٤) ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : «ينادي مناد يوم القيامة : أين زين العابدين ؟ فكأنّي أنظر إلى عليّ بن الحسين عليهالسلام يخطر بين الصفوف» (٥) .
[ ٤١٠ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترابادي ، قال : حدّثنا عليّ بن
__________________
(١) في المطبوع و«س ، ع» : يخطو ، وكذلك المورد التالي.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» كما يلي : خطران الرجل : اهتزازه في الشيء وتبختره. الصحاح ٢ : ٣٠٩ / خطر .
إنّه كان يخطر في مشيته ، أي : يتمايل ويمشي مشيته. النهاية في غريب الحديث ٢ : ٤٦.
(٣) ذكره المصنّف في الأمالي : ٤١٠ / ٥٣٢ عن الإمام الصادق عليهالسلام ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٢ / ١.
(٤) في المطبوع : الحرّاني.
(٥) أورده ابن شهر آشوب في المناقب ٤ : ١٨٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٤٦ : ٣ / ٣.
محمّد بن سنان (١) ، قال : حدّثنا أبو يحيى محمّد بن يزيد المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، قال : قيل للزهري : مَنْ أزهد الناس في الدنيا ؟
قال : عليّ بن الحسين عليهماالسلام حيث (كان ، و) (٢) قد قيل له - فيما بينه وبين محمّد بن الحنفية من المنازعة في صدقات عليّ بن أبي طالب عليهالسلام - : لوركبت إلى (٣) الوليد بن عبدالملك ركبة لكشف عنك من غرر شرّه وميله عليك بمحمّد ، فإنّ بينه وبينه خلّة.
قال : وكان هو بمكّة والوليد بها.
فقال : «ويحك ، أفي حرم الله أسأل غير الله عزوجل ، إنّي آنف (٤) (٥) أن أسأل الدنيا خالقها فكيف أسألها مخلوقاً مثلي ؟ !».
وقال الزهري : لا جرم أنّ الله تعالى ألقى هيبته في قلب الوليد حتّى حكم له على محمّد بن الحنفيّة (٦) .
[ ٤١١ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترابادي ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّدبن سنان (٧) ، عن أبي يحيى محمّد بن يزيد المنقري ، عن سفيان بن عيينه ، قال : قلت للزهري : لقيتَ عليّ بن الحسين عليهماالسلام ؟
__________________
(١) في المطبوع : سيّار.
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ش ، س ، ع ، ح ، ل».
(٣) في النسخ زيادة : أبي.
(٤) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : لأنف.
(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : وفيه : فحمي من ذلك أنفاً ، من أنف منه إذا كرهه ، وشرفت نفسه عنه يعني أخذته الحميّة من الغيرة والغضب. النهاية في غريب الحديث والأثر ١ : ٧٦ - ٧٧ .
(٦) أورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٨٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٢ : ٧٥ / ٣ ، و٤٦ : ٦٣ / ٢٠.
(٧) في المطبوع : سيّار.
قال : نعم ، لقيته وما لقيتُ أحداً أفضل منه ، والله ما علمتُ له صديقاً في السرّ ولا عدوّاً في العلانية ، فقيل له : وكيف ذلك ؟
قال : لأنّي لم أر أحداً وإن كان يحبّه إلاّ وهو لشدّة معرفته بفضله يحسده ، ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلاّ وهو لشدّة مداراته له يداريه (١) .
[ ٤١٢ / ٥ ] وبهذا الإسناد عن سفيان بن عيينة ، قال : رأى الزهري عليّ ابن الحسين عليهالسلام ليلة باردة مطيرة وعلى ظهره دقيق وحطب ، وهو يمشي ، فقال له : يابن رسول الله ، ما هذا ؟
قال : «أُريد سفراً أعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز».
فقال الزهري : فهذا غلامي يحمله عنك ، فأبى.
قال : أنا أحمله عنك ، فإنّي أرفعك عن حمله.
فقال عليّ بن الحسين : «لكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجّيني في سفري ، ويحسن ورودي على ما أرد عليه ، أسألك بحقّ الله لمّا مضيت لحاجتك (٢) وتركتني» ، فانصرف (٣) عنه ، فلمّا كان بعد أيّام قلت له : يابن رسول الله ، لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثراً.
قال : «بلى يا زهري ، ليس ما ظننت (٤) ولكنّه الموت ، وله كنت أستعدّ ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام ، وبذل الندى والخير» (٥) .
__________________
(١) ورد ذلك في تفسير الإمام الحسن العسكري : ٣٥٥ / ٢٤٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٤ / ٢١.
(٢) في «ج ، ل» : بحاجتك ، وفي هامشهما عن نسخة : لحاجتك .
(٣) في المطبوع : فانصرفت.
(٤) في المطبوع : ظننته.
(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٥ / ٢٧
[ ٤١٣ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهالله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليّ بن أسباط ، عن إسماعيل بن المنصور ، عن بعض أصحابنا ، قال : لمّا وُضع عليّ بن الحسين عليهالسلام على السرير ليغسل نُظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين (١) .
[ ٤١٤ / ٧ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن محمّد بن عمر ، عن أبيه ، عن عليّ بن المغيرة ، عن أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : إنّي رأيت عليّ بن الحسين عليهالسلام إذا قام في الصلاة غشي لونه لون آخَر ، فقال لي : «والله ، إنّ عليّ بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه» (٢) .
[ ٤١٥ / ٨ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رضياللهعنه ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى قال : حدّثني بعض أصحابنا ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : رأيت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يصلّي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه ، قال : فلم يسوِّه حتّى فرغ من صلاته ، قال : فسألته عن ذلك.
فقال : «ويحك ، أتدري بين يدي مَنْ كنتُ ، إنّ العبد لا يُقبل من صلاته إلاّ ما أقبل عليه منها بقلبه» ، وكان عليّ بن الحسين عليهماالسلام ليخرج في
__________________
(١) ذكره المصنّف في الخصال : ٥١٧ / ٤ ، بسند آخر ، وأورده ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٦٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٦ / ٢٩.
(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٦ / ٣٠.
الليلة الظلماء (١) فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتّى يأتي باباً باباً فيقرعه ثمّ يناول مَنْ يخرج إليه ، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهماالسلام فقدوا ذلك ، فعلموا أنّ عليّ بن الحسين عليهماالسلام الذي كان يفعل ذلك (٢) .
[ ٤١٦ / ٩ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا الحسين بن الهيثم ، قال : حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، قال : سألت مولاة لعليّ بن الحسين عليهالسلام بعدموته ، فقلت : صفي لي اُمور عليّ بن الحسين عليهالسلام .
فقالت : أطنب أو أختصر ؟
فقلت : بل اختصري.
قالت : ما أتيته بطعام نهاراً قطّ ، ولا فرشت (٣) له فراشاً بليل قطّ (٤) .
[ ٤١٧ / ١٠ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضياللهعنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا محمّد بن حاتم ، قال : حدّثنا أبو معمّر إسماعيل بن إبراهيم بن معمّر ، قال : حدّثنا عبد العزيز ابن أبي حازم ، قال : سمعت أبا حازم يقول : ما رأيت هاشميّاً أفضل من عليّ بن الحسين ، وكان عليهالسلام يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة حتّى خرج
__________________
(١) في «س» : مظلمة.
(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٦ / ٢٨.
(٣) في حاشية «ج ، ل» : لعبادته بالليل.
(٤) ذكره المصنّف في الخصال : ٥١٨ / ٤ ، وأورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب٤ : ١٦٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٧ / ٣٣.
بجبهته وآثارسجوده مثل كركرة (١) البعير (٢) .
- ١٦٦ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي
عليّ بن الحسين عليهالسلام السجّاد
[ ٤١٨ / ١ ] حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني رضياللهعنه ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن الحسني (٣) ، وعليّ بن محمّد بن عبدالله جميعاً ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الرحمن بن عبدالله (٤) الخزاعي ، عن نصر بن مزاحم المنقري ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : «إنّ أبي عليّ بن الحسين عليهماالسلام ما ذكرنعمة لله عليه إلاّ سجد ، ولا قرأ آية من كتاب الله عزوجل فيها سجود إلاّسجد ، ولا دفع الله تعالى عنه سوءاً يخشاه أو كيد كائد إلاّ سجد ، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ سجد ، ولا وُفّق لإصلاح بين اثنين إلاّ سجد ، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده ، فسُمّي السجّاد لذلك» (٥) .
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الكِرْكِرَةُ : رحى زور البعير ، وهي إحدى الثفنات الخمس. الصحاح٢ : ٥٣٢ / كرر.
(٢) أورده أبو نعيم الإصفهاني في حلية الأولياء ٣ : ١٤١ ، والبيهقي في لباب الأنساب ١ : ٢٢٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٢ : ٣٠٩ / ١١.
(٣) في «ج ، ل» : الحسين بن الحسين الحسيني.
(٤) في «ج ، ل ، ع ، ش» : عبدالرحمن أبي عبدالله.
(٥) نقله المجلسي عن علل الشرائع في بحار الأنوار ٤٦ : ٦ / ١٠.
- ١٦٧ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي
عليّ بن الحسين عليهالسلام ذا الثفنات
[ ٤١٩ / ١ ] حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضياللهعنه ، قال : حدّثنامحمّد بن يعقوب الكليني ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد ، عن أبي عليّ محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن محمّد بن عليّ الباقر عليهمالسلام ، قال : «كان لأبي عليهالسلام في موضع سجوده آثار ناتئة وكان يقطعها في السنة مرّتين في كلّ مرّة خمس ثفنات ، فسُمّي ذا الثفنات (١) لذلك» (٢) .
- ١٦٨ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي
أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهالسلام الباقرَ
[ ٤٢٠ / ١ ] حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضياللهعنه ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن يحيى البصري بالبصرة ، قال : حدّثني المغيرة بن محمّد ، قال : حدّثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، قال : سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له : لِمَ سُمّي الباقر (٣)
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الثفنة واحدة ثفنات البعير ، وهو مايقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ ، كالركبتين وغيرهما. الصحاح ٥ : ٥٠٢ / ثفن.
(٢) نقله المجلسي عن علل الشرائع في بحار الأنوار ٤٦ : ٦ / ١٢.
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : بَقَره كمَنَعه : شقّه ووسّعه ، القاموس المحيط ٢ : ٢٣ ،
باقراً ؟
قال : لأنّه بقر العلم بقراً أي : شقّه شقّاً ، وأظهره إظهاراً ولقد حدّثني جابربن عبدالله الأنصاري أنّه سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «ياجابر ، إنّك ستبقى حتّى تلقى ولدي محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام».
فلقيه جابر بن عبدالله الأنصاري في بعض سكك المدينة ، فقال له : ياغلام مَنْ أنت ؟
قال : «أنا محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب».
قال له جابر : يابُنيّ ، أقبل ، فأقبل ، ثمّ قال له : أدبر ، فأدبر ، فقال : شمائل رسول الله وربّ الكعبة. ثمّ قال : يابُنيّ ، رسول الله يقرؤك السلام.
فقال : «على رسول الله صلىاللهعليهوآله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلّغت السلام».
فقال له جابر : ياباقر ياباقر (ياباقر) (١) ، أنت الباقر حقّاً ، أنت الذي تبقر العلم بقراً ، ثمّ كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمه وربّما غلط جابرفيما يُحدّث به عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيردّ عليه ويذكّره فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله ، وكان يقول : ياباقر ياباقر ياباقر ، أشهد بالله أنّك قد أُوتيت الحكم صبيّاً (٢) .
__________________
بقرت الشيء بقراً : فتحته ووسّعته ، والتبقُّر : التوسّع في العلم والمال ، وكان يقال لمحمّد بن عليّ بن الحسين عليهمالسلام : الباقر ؛ لتبقُّره في العلم. الصحاح ٢ : ٢٣٣ / بقر.
(١) ما بين القوسين أثبتناه من النسخ.
(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٢٢٥ / ٤.
- ١٦٩ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي أبوعبدالله
جعفر بن محمّد عليهماالسلام الصادقَ
[ ٤٢١ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي ، قال : حدّثنا أبوبكر عبيدالله بن موسى الحبّال الطبري ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين الخشّاب ، قال : حدّثنا محمّد بن الحصين ، قال : حدّثنا المفضّل بن عمر ، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، عن عليّ ابن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فسمّوه الصادق ، فإنّه سيكون في ولده سميٌّ له يدّعي الإمامة بغير حقّها ، ويُسمّى كذّاباً» (١) .
[ ٤٢٢ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن أحمد السناني رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي بشير (٢) ، قال : حدّثنا الحسين بن الهيثم (٣) ، قال : حدّثنا سليمان بن داوُد المنقري ، قال : كان حفص بن غياث إذاحدّثنا عن جعفر بن محمّد قال : حدّثني خير الجعافر (٤) : جعفر بن محمّد عليهالسلام (٥) .
__________________
(١) ذكره المصنّف في كمال الدين : ١٩ / ٢ ، وأورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب٤ : ٢٩٤ ، والطبرسي في إعلام الورى ٢ : ١٩٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٧ : ٨ / ٢.
(٢) في «ج ، ل ، ن ، ش» : كثير.
(٣) في «س ، ج ، ل» : أبي الهيثم.
(٤) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : الجعافير.
(٥) ذكره المصنّف في الأمالي : ٣١٥ / ٣٦٦ ، وأورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب٤ : ٢٦٩.
[ ٤٢٣ / ٣ ] حدّثنا الحسن بن محمّد العلوي رضياللهعنه قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن أبي بشير قال : حدّثنا الحسين بن الهيثم ، عن سليمان بن داوُد المنقري قال : كان عليّ بن غراب إذا حدّثنا عن جعفر بن محمّد يقول : حدّثني الصادق عن الله جعفر بن محمّد عليهماالسلام (١) .
[ ٤٢٤ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضياللهعنه ، قال : حدّثنا عليّ ابن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبوأحمد محمّد بن زياد الأزدي ، قال : سمعت مالك بن أنس (٢) فقيه المدينة يقول : كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام فيقدّم لي مخدّةويعرف لي قدراً ويقول : «يامالك ، إنّي أُحبّك» ، فكنت أسرّ بذلك ، وأحمدالله تعالى عليه ، قال : وكان عليهالسلام لايخلو من إحدى ثلاث خصال إمّا صائماً وإمّاً قائماً وإمّا ذاكراً ، وكان من عظماء العبّاد وأكابر الزهّاد الذين يخشون الله عزوجل ، وكان كثير الحديث طيّب المجالسة كثير الفوائد ، فإذا قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله ، اخضرّ مرّة واصفرّ (٣) اُخرى حتّى ينكره من يعرفه ، ولقد حججتُ معه سنة ، فلمّا استوت به راحلته عند الإحرام كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد أن يخرّ من راحلته ، فقلت : قل يابن رسول الله ، ولابُدّ لك من أن تقول.
فقال : «يابن أبي عامر ، كيف أجسر أن أقول : لبّيك اللّهمّ لبّيك ،
__________________
(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ٣١٥ / ٣٦٧ ، وأورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب٤ : ٢٦٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٧ : ١٩ / ١١.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : هو إمام المالكيّة.
(٣) في «ح ، ل» زيادة : مرّة.
وأخشى أن يقول تعالى لي : لا لبّيك ولا سعديك» (١) .
- ١٧٠ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي موسى (٢) الكاظم
[ ٤٢٥ / ١ ] حدّثنا عليّ بن عبدالله الورّاق رضياللهعنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن ربيع بن عبد الرحمن (٣) ، قال : كان والله موسى بن جعفر عليهماالسلام من المتوسّمين ، يعلم من يقف عليه بعد موته ، ويجحد الإمام (٤) بعد إمامته ، وكان يكظم غيظه عليهم ولا يبدي لهم ما يعرفه منهم ، فسُمّي الكاظم لذلك (٥) .
- ١٧١ -
باب العلّة التي من أجلها قيل بالوقف
على موسى بن جعفر عليهماالسلام
[ ٤٢٦ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن محمّد ابن جمهور ، عن أحمد بن الفضل ، عن يونس بن عبدالرحمن ، قال : مات
__________________
(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ٢٣٤ / ٢٤٧ ، والخصال : ١٦٧ / ٢١٩ ، وأورده ابن طاووس في فلاح السائل : ٤٧٠ ، والفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ١ : ٤٧٩ / ٤٧٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٧ : ١٦ / ١.
(٢) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة زيادة : ابن جعفر.
(٣) في النسخ : ربيع عن عبدالرحمن.
(٤) في المطبوع : الإمامة.
(٥) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ١ : ١٤٣ / ١ ، الباب ١٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٨ : ١٠ / ١.
أبوالحسن عليهالسلام وليس من قوّامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير ، فكان (١) سبب وقفهم وجحودهم لموته ، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند عليّ بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار ، قال : فلمّا رأيت ذلك وتبيّن الحقّ ، وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا عليهالسلام ما علمت تكلّمت ودعوت الناس إليه.
قال : فبعثا إليَّ وقالا لي : ما يدعوك إلى هذا إن كنت تريد المال فنحن نغنيك (٢) وضمنا لي عشرة آلاف دينار ، وقالا لي : كفّ ، فأبيت وقلت لهم : إنّا روينا عن الصادقين عليهمالسلام أنّهم قالوا : «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان» ، وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله على كلّ حال ، فناصباني وأضمرا لي العداوة (٣).
[ ٤٢٧ / ٢ ] وبهذا الإسناد عن محمّد بن جمهور ، عن أحمد بن حمّاد ، قال : أحد القوّام عثمان بن عيسى وكان يكون بمصر ، وكان عنده مال كثير وستّة جواري ، قال : فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليهالسلام فيهم وفي المال ، قال : فكتب إليه : إنّ أباك لم يمت.
قال : فكتب إليه : «إنّ أبي قد مات ، وقد اقتسمنا ميراثه ، وقد صحّت الأخبار بموته» واحتجّ عليه فيه.
قال : فكتب إليه : إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء ، وإن كان قد مات على ما تحكي فلم يأمرني بدفع شيء إليك ، وقد أعتقت
__________________
(١) في المطبوع زيادة : ذلك.
(٢) في «ج ، ل ، ح ، ن» : نعينك.
(٣) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ١ : ١٤٣ / ٢ ، الباب ١٠ ، وأورده الطوسي في كتاب الغيبة : ٦٤ / ٦٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٨ : ٢٥٢ / ٢.
الجواري وتزوّجتهنّ (١) .
قال : محمّد بن عليّ بن الحسين مصنّف هذا الكتاب : لم يكن موسى بن جعفر عليهماالسلام ممّن يجمع المال ، ولكنّه حصل في وقت الرشيد وكثرأعداؤه ولم يقدر على تفريق ما كان يجتمع إلاّ على القليل ممّن يثق بهم في كتمان السرّ ، فاجتمعت هذه الأموال لأجل ذلك وأراد أن لا يتحقّق على نفسه قول من كان يسعى به إلى الرشيد ، ويقول : إنّه تحمل إليه الأموال ، ويعتقدله الإمامة ويحمل على الخروج عليه ، ولولا ذلك لفرّق مااجتمع من هذه الأموال على أنّها لم تكن أموال الفقراء ، وإنّما كانت أموالاً تصله به مواليه لتكون له إكراماً منهم له ، وبرّاً منهم به صلّى الله عليه.
- ١٧٢ -
باب العلّة التي من أجلها سُمّي
عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام
[ ٤٢٨ / ١ ] حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم رضياللهعنه ، قال : حدّثني أبي ، عن جدّي إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن أبي نصر البزنطي ، قال : قلت لأبي جعفرمحمّد بن عليّ الثاني عليهماالسلام: إنّ قوماً من مخالفيكم يزعمون أنّ أباك صلوات الله عليه إنّما سمّاه المأمون الرضا لما رضيه لولاية عهده ، فقال : «كذبوا والله وفجروا ، بل الله تعالى سمّاه الرضا ؛ لأنّه كان عليهالسلام رضى لله تعالى ذكره في سمائه ، ورضى لرسوله والأئمّة بعده عليهمالسلام في أرضه».
قال : فقلت له : ألم يكن كلّ واحد من آبائك الماضين عليهمالسلام رضى لله
__________________
(١) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ١ : ١٤٤ / ٣ ، الباب ١٠ ، وأورده الطوسي في كتاب الغيبة : ٦٤ / ٦٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٨ : ٢٥٣ / ٥.