علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-611-0
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٢٨

ومنها : أنّ الصلاة فيها عناء وتعب واشتغال الأركان ، وليس في الصوم شيء من ذلك ، إنّما هو ترك الطعام والشراب ، وليس فيه اشتغال الأركان (١) .

ومنها : أنّه ليس من (٢) وقت يجيء إلاّ ويجب (٣) عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها ، وليس الصوم كذلك ؛ لأنّه ليس كلّما حدث عليها يوم وجب عليها الصوم ، وكلّما حدث وقت الصلاة وجبت عليها الصلاة.

فإن قال : فلِمَ إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه حتّى يدخل عليه شهر رمضان آخَر وجب عليه الفداء للأوّل وسقط القضاء ، وإذا أفاق (٤) بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء ؟

قيل : لأنّ ذلك الصوم إنّما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر ، فأمّا الذي لم يفق فإنّه لمّا مرّت عليه السنة كلّها وقد غلب الله عليه ، فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه ، وكذلك كلّ ما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه في يوم وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات ، كما قال الصادق عليه‌السلام : «كلّما غلب الله على العبد فهو أعذر له» ؛ لأنّه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته للمرض الذي كان فيه ووجب عليه الفداء ؛ لأنّه بمنزلة مَنْ وجب عليه

__________________

(١) في «ج ، ل» : الأعضاء.

(٢) في «ج ، ل ، ع» : في ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة كما في المتن.

(٣) في النسخ : ويحدث ، وما في المتن كما في المطبوع.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : أفاق من مرضه رجعت الصحّة إليه ، أو رجع إلى الصحّة كاستفاق. القاموس المحيط ٣ : ٣٧٧.

١٢١

الصوم فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء ، كما قال الله عزوجل : ( فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) (١) ، وكما قال : ( فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ ) (٢) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه.

فإن قال : فإن لم يستطع إذ ذاك فهو الآن يستطيع ؟

قيل : لأنّه لمّا دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء (٣) للماضي ؛ لأنّه كان بمنزلة مَنْ وجب عليه صوم في كفّارة فلم يستطعه ، فوجب عليه الفداء ، وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم ، والصوم ساقط والفداءلازم ، فإن أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته .

فإن قال : فلِمَ جعل صوم السُّنّة ؟

قيل : ليكمل به صوم الفرض.

فإن قال : فلِمَ جعل في كلّ شهر ثلاثة أيّام في كلّ عشرة يوماً ؟

قيل : لأنّ الله تعالى يقول : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (٤) فمن صام في كلّ عشرة يوماً واحداً فكأنّما صام الدهر كلّه ، كما قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه : صوم ثلاثة أيّام في الشهر صوم الدهر كلّه ، فمن وجدشيئاً غير الدهر فليصمه.

فإن قال : فلِمَ جعل أوّل خميس في العشر الأوّل ، وآخر خميس في

__________________

(١) سورة المجادلة ٥٨ : ٤.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : ولا يجمع البدل مع عدم التقصير. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) سورة الأنعام ٦ : ١٦٠.

١٢٢

العشر الآخر ، وأربعاء في العشر الأوسط ؟

قيل : أمّا الخميس فإنّه قال الصادق عليه‌السلام : «يعرض كلّ خميس أعمال العباد على الله عزوجل » فأحبّ أن يعرض عمل العبد على الله وهو صائم.

فإن قال : فلِمَ جعل آخر خميس ؟

قيل : لأنّه إذا عرض عمل العبد ثلاثه أيّام والعبد صائم كان أشرف وأفضل من أن يعرض عمل يومين وهو صائم ، وإنّما جعل أربعاء في العشر الأوسط ؛ لأنّ الصادق عليه‌السلام أخبر بأنّ الله تعالى خلق النار في ذلك اليوم ، وفيه أهلك الله القرون الاُولى ، وهو يوم نحس مستمرّ ، فأحبّ أن يدفع العبد عن نفسه نحس ذلك اليوم بصومه.

فإن قال : فلِمَ وجب في الكفّارة على مَنْ لم يجد تحرير رقبة الصيام دون الحجّ والصلاة وغيرهما من الأنواع ؟

قيل : لأنّ الصلاة والحجّ وسائر الفرائض مانعة للإنسان من التقلّب في أمردنياه ومصلحة معيشته مع تلك العلل التي ذكرناها في الحائض التي تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.

فإن قال : فلِمَ وجب عليه صوم شهرين متتابعين دون أن يجب عليه شهرواحد ، أو ثلاثه أشهُر ؟

قيل : لأنّ الفرض الذي فرضه الله تعالى على الخلق هو شهر واحد ، فضوعف هذا الشهر في الكفّارة توكيداً وتغليظاً عليه.

فإن قال : فلِمَ جعلت متتابعين ؟

قيل : لئلاّ يهون عليه الأداء فيستخفّ به ؛ لأنّه إذا قضى متفرّقاً هانَ عليه القضاء ، واستخفّ بالإيمان.

فإن قال : فلِمَ أمر بالحجّ ؟

١٢٣

قيل : لعلّة الوفادة إلى الله عزوجل ، وطلب الزيادة (١) ، والخروج من كلّ مااقترف العبد تائباً ممّا مضى ، مستأنفاً لما يستقبل ، مع ما فيه من إخراج الأموالوتعب الأبدان ، والاشتغال عن الأهل والولد ، وحظر (٢) النفس عن اللّذّات ، شاخصاً في الحرّ والبرد ، ثابتاً عليه (٣) ذلك دائماً مع الخضوع والاستكانة والتذلّل مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع ، كلّ ذلك لطلب الرغبة إلى الله والرهبة منه ، وترك قساوة القلب ، وخساسة الأنفس ، ونسيان الذكر ، وانقطاع الرجاء والأمل ، وتجديد الحقوق ، وحظر الأنفس عن الفساد مع ما في ذلك من المنافع لجميع مَنْ في شرق الأرض وغربها (٤) ومَنْ في البرّ والبحر ممّن يحجّ وممّن لم يحجّ من بين تاجر وجالب ، وبائعومشتري ، وكاسب ومسكين ، ومُكار وفقير ، وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيه ، مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الأئمّة عليهم‌السلام إلى كلّ صقع وناحية ، كما قال الله عزوجل : ( فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (٥) ( لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) (٦) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الوفد قوم يجتمعون ويردون البلاد ، الواحد : وافد ، وكذا مَنْ يقصد الاُمراء بالزيارة والاسترفاد والانتجاع ، وفد يفد وأوفدته فوفد. (مجمع - البحار) ، مجمع البحرين ٣ : ١٦٣ / وفد ، بحار الأنوار ٦ : ٩٣.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الحظْر : المنع. النهاية في غريب الحديث والأثر ١ : ٣٩٨ / حظر.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي في مدّة مديدة.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : قوله : كلّ ذلك ، إلى قوله : في شرق الأرض وغربها ، ليس في العيون ، وهو الظاهر. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) سورة التوبة ٩ : ١٢٢.

(٦) سورة الحجّ ٢٢ : ٢٨.

١٢٤

فإن قال : فلِمَ اُمروا بحجّة واحدة لا أكثر من ذلك ؟

قيل : لأنّ الله تبارك وتعالى وضع الفرائض على أدنى القوم قوّةً كما قال الله عزوجل : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ ) (١) ، يعني شاة ليسع القويّ والضعيف ، وكذلك سائر الفرائض إنّما وضعت على أدنى القوم قوّةً ، فكان من تلك الفرائض الحجّ المفروض واحداً ، ثمّ رغّب بعد أهل القوّة بقدر طاقتهم.

فإن قال : فلِمَ اُمروا بالتمتّع (في الحجّ) (٢) ؟

قيل : ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة ؛ لأن يسلم الناس في إحرامهم (٣) ، ولا يطول ذلك عليهم ، فيدخل عليهم الفساد ، وأن يكون الحجّوالعمرة واجبين جميعاً ، فلا تعطّل العمرة وتبطل ، ولا يكون الحجّ مفرداًمن العمرة ، ويكون بينهما فصل وتمييز ، وأن لا يكون الطواف بالبيت محظوراً ؛ لأنّ المُحرم إذا طاف بالبيت قد أحلّ إلاّ لعلّة ، فلولا التمتّع لم يكن للحاجّ أن يطوف ؛ لأنّه إن طاف أحلّ وفسد إحرامه ويخرج منه قبل أداء الحجّ ، ولأن يجب على الناس الهدي والكفّارة فيذبحون وينحرونويتقرّبون إلى الله جلّ جلاله ، فلا تبطل هراقة الدماء والصدقة على المسلمين (٤) .

فإن قال : فلِمَ جعل وقتها عشر ذي الحجّة ، ولم يقدّم ولم يؤخّر ؟

قيل : قد يجوز أن يكون لمّا أوجب الله عزوجل أن يُعبد بهذه العبادة

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ش ، ن».

(٣) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : من إحرامهم.

(٤) في حاشية «ج ، ل ، ش» عن نسخة : المسكين.

١٢٥

وضعَ البيت ، والمواضع في أيّام التشريق ، فكان أوّل ما حجّت لله الملائكة (١) وطافت به في هذا الوقت ، فجعله سُنّةً ووقتاً إلى يوم القيامة ، فأمّاالنبيّون (٢) : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلوات الله عليهم وغيرهم من الأنبياء عليهم‌السلام إنّما حجّوا في هذا الوقت فجعلت سُنّة في أولادهم إلى يوم الدين.

فإن قال : فلِمَ أُمروا بالإحرام ؟

قيل : لأن يخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه ، ولئلاّ يلهوا ويشتغلوا بشيء من اُمور الدنيا وزينتها ولذّاتها ، ويكونوا صابرين فيما هم فيه قاصدين نحوه ، مقبلين عليه بكلّيّتهم مع ما فيه من التعظيم لله عزوجل ، والتذلّل لأنفسهم عند قصدهم إلى الله تعالى ، ووفادتهم إليه ، راجين ثوابه ، راهبين من عقابه ، ماضين نحوه ، مقبلين إليه بالذلّ والاستكانة والخضوع.

وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين (٣) .

حدّثنا عبدالواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطّار رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري ، قال : قلت للفضل بن شاذان ، لمّا سمعت منه هذه العلل : أخبرني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج ، أو هي من نتائج العقل ، أو هي ممّا سمعته ورويته ؟

فقال لي : ما كنت أعلم مراد الله بما فرض ولا مراد رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : كذا في العيون : قيل : لأنّ الله عزوجل أحبّ أن يُعبد بهذه العبادة في أيّام التشريق ، وكان أوّل ما حجّت إليه الملائكة.

(٢) في «ج» : فالنبيّون ، وفي هامشها عن نسخة كما في المتن.

(٣) ذكره المصنّف في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٠١ - ٢٣٥ / ١ ، الباب ٣٤ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٦ : ٥٨ ٨٥ / ١.

١٢٦

شرّع وسنّ ، ولا أُعلّل (١) من ذات نفسي ، بل سمعتها من مولاي أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام مرّة بعد مرّة ، والشيء بعد الشيء ، فجمعتها ، فقلت : فأُحدّث بها عنك عن الرضا عليه‌السلام ؟

فقال : نعم (٢) .

- ١٨٣ -

باب علّة الغائط ونتنه

[ ٤٥٥ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الغائط ، فقال : «تصغيراً لابن آدم ؛ لكي لا يتكبّر وهو يحمل غائطه معه» (٣) .

[ ٤٥٦ / ٢ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني ، قال كتبت إلى أبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى عليه‌السلام أسأله عن علّة الغائط ونتنه.

قال : «إنّ الله عزوجل خلق آدم عليه‌السلام وكان جسده طيّباً وبقي أربعين سنة ملقى ، تمرّ به الملائكة فتقول : لأمر ما خلقت ؟ وكان إبليس يدخل

__________________

(١) في المطبوع زيادة : ذلك.

(٢) ذكره المصنّف في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٣٥ / ٢ ، الباب ٣٤ مختصراً ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار ٦ : ٨٥.

(٣) أورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٨٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ١٦٣ / ١.

١٢٧

من (١) فيه ويخرج من دبره ، فلذلك صار ما في جوف آدم منتناً خبيثاً غير طيّب» (٢) .

- ١٨٤ -

باب علّة نظر الإنسان إلى سفله وقت التغوّط

[ ٤٥٧ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر ، عن داوُد الجمّال (٣) ، عن العيص بن أبي مُهينة (٤) ، قال : شهدت أباعبدالله عليه‌السلام وسأله عمرو بن عبيد فقال : ما بال الرجل إذا أراد أن يقضي حاجة إنّما ينظر إلى سفله (٥) وما يخرج منه ثَمّ ؛ فقال : «إنّه ليس أحد يريد ذلك إلاّ وكّل الله عزوجل به ملكاً يأخذ بعنقه ليريه ما يخرج منه أحلال أو حرام» (٦) (٧) .

[ ٤٥٨ / ٢ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ،

__________________

(١) في نسخة «ج ، ل» : في ، وفي حاشيتهما عن نسخة كما في المتن.

(٢) أورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٤١٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ١٦٣ ١٦٤ / ٢ ، و٦٣ : ٢٠٠ / ١٦.

(٣) في النسخ : الحمّار ، وفي هامش «ج ، ل» عن نسخة كما في المتن.

(٤) في النسخ ما عدا «ج ، ل» : مهيبة.

(٥) في النسخ ما عدا «ع ، س» : سفليه.

(٦) ورد في حاشية «ج ، ل» : أبى ليرى أنّ هذا عاقبة ما أكل ، فيسعى أن لا يكون حراماً ؛ ليبقى عليه وزره ، ويضيع ما يأكله ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٧) أورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٨٠ ٢٨١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ١٦٤ / ٣.

١٢٨

عن جدّه عليهم‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : عجبت لابن آدم أوّله نطفة وآخره جيفة ، وهو قائم بينهما وعاء للغائط ، ثمّ يتكبّر» (١) .

[ ٤٥٩ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن عليّ الكوفي ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل ابن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «وقع بين سلمان وبين رجل كلام ، فقال له : مَنْ أنت وما أنت ؟

فقال سلمان : أمّا أُولاي وأُولاك فنطفة قذرة ، وأمّا اُخراي واُخراك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة ونصبت الموازين فمن خفّ ميزانه فهو اللئيم ، ومَنْ ثقل ميزانه فهو الكريم» (٢) .

[ ٤٦٠ / ٤ ] أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن صالح الحذّاء ، عن أبي اُسامة قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فسأله رجل من المغيريّة عن شيء من السنن .

فقال : «ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلاّ وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سُنّة عرفها مَنْ عرفها وأنكرها مَنْ أنكرها».

قال : فما السُّنّة في دخول الخلاء ؟

قال : «تذكر الله (٣) وتتعوّذ (٤) من الشيطان ، وإذا فرغت قلت : الحمدلله

__________________

(١) ورد ذلك في نهج البلاغة ٣ : ١٨٠ / الحكمة ١٢٦ ، وعيون الحكم والمواعظ : ٣٢٩ / ٥٦٤٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٣ : ٢٣٤ / ٣٣.

(٢) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٠٤ / ٥٨٧٤ ، والأمالي : ٧٠٨ - ٧٠٩ / ٩٧٦ ، ومعاني الأخبار : ٢٠٧ - ٢٠٨ / ١ ، وأورده الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ٢ : ٣٤٠ / ١٢٨٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٠ : ٢٩١ / ٢٨.

(٣) لفظ الجلالة لم يرد في النسخ ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة كما في المتن.

(٤) في «ج ، ل» زيادة : بالله.

١٢٩

على ما أخرج منّي من الأذى في يسر وعافية».

قال الرجل : فالإنسان يكون على تلك الحال ولا يصبر حتّى ينظر إلى مايخرج منه ؟

فقال : «إنّه ليس في الأرض آدمي إلاّ ومعه ملكان موكّلان به ، فإذا كان على تلك الحال ثنّيا رقبته ثمّ قالا : يابن آدم ، انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر» (١) .

- ١٨٥ -

باب العلّة التي من أجلها نهي عن التغوّط

تحت الأشجار المثمرة

والعلّة التي من أجلها يكون للأشجار

التي عليها الثمار اُنساً

والعلّة التي من أجلها سُمّيت : سدرة المنتهى

[ ٤٦١ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عيينة ، عن حبيب السجستاني ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قوله عزوجل : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى ) (٢) ، فقال لي : «ياحبيب ، لا تقرأ هكذا ، اقرأ : ثمّ دنا فتدانا فكان قاب قوسين

__________________

(١) أورده البرقي في المحاسن ١ : ٤٣٣ ٤٣٤ / ١٠٠٤ ، والكليني في الكافي ٣ : ٦٩ ٧٠ / ٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ١٦٤ ١٦٥ / ٤.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٨ ١٠.

١٣٠

في القرب أوأدنى فأوحى الله إلى عبده يعني : رسول الله ما أوحى.

يا حبيب ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا فتح مكّة أتعب نفسه في عبادة الله تعالى والشكر لنعمه في الطواف بالبيت ، وكان عليٌّ - صلّى الله عليه - معه» ، قال : «فلمّا غشيهم الليل انطلقا إلى الصفا والمروة يريدان السعي» ، قال : «فلمّا هبطا من الصفا إلى المروة وصارا في الوادي دون العلم الذي رأيت غشيهما من السماء نور فأضاءت لهما جبال مكّة ، وخشعت أبصارهما» قال : «ففزعا لذلك فزعاً شديداً» ، قال : «فمضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى ارتفع عن الوادي وتبعه عليٌّ عليه‌السلام ، فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إلى السماء فإذا هو برمّانتين على رأسه» ، قال : «فتناولهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأوحى الله عزوجل إلى محمّد : يامحمّد ، إنّها (١) من قطف (٢) الجنّة فلا تأكل منهما إلاّ أنت ووصيّك عليّ بن أبي طالب».

قال : «فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إحداهما وأكل عليٌّ عليه‌السلام الاُخرى ، ثمّ أوحى الله عزوجل إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أوحى».

قال أبو جعفر عليه‌السلام : «يا حبيب ، ولقد رآه (٣) نزلة اُخرى عند سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى» يعني : عندها وافى به جبرئيل حين صعد الى السماء. قال : «فلمّا انتهى إلى محلّ السدرة وقف جبرئيل دونها ، وقال : يا محمّد ، إنّ هذا موقفي الذي وضعني الله عزوجل فيه ، ولن أقدر على أن أتقدّمه ، ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة فقِف (٤) عندها».

__________________

(١) في هامش «ل» عن نسخة : إنّهما.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : قطف العنب يقطفه جناه كقطّفه ، والقطِف - بالكسر - : العنقود ، واسم للثمار المقطوفة. القاموس المحيط ٣ : ٢٥٠ / قطف.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي الضمير في «رآه» راجع إلى جبرئيل. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) في «ج ، س» ونسخة بدل في هامش «ل» : فوقف.

١٣١

قال : «فتقدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السدرة ، وتخلّف جبرئيل عليه‌السلام » ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إنّما سُمّيت سدرة المنتهى ؛ لأنّ أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محلّ السدرة والحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما ترفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض».

قال : «فينتهون بها إلى محلّ السدرة» ، قال «فنظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرأى أغصانها تحت العرش وحوله» ، قال : «فتجلّى بمحمّد صلّى الله عليه نورالجبّار عزوجل ، فلمّا غشي محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله النور شخص ببصره (١) وارتعدت فرائصه» (٢) ، قال : «فشدّ الله تعالى لمحمّد قلبه ، وقوّى له بصره حتّى رأى من آيات ربّه ما رأى ، وذلك قول الله عزوجل : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ *‏ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ *‏ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ) (٣) ».

قال : «يعني الموافاة» ، قال : «فرأى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما رأى ببصره من آيات ربّه الكبرى ، يعني : أكبر الآيات».

قال أبو جعفر عليه‌السلام : «وإنّ غلظ السدرة بمسيرة مائة عام من أيّام

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : شخص الرجل بصره : فتح لا يطرف. المصباح المنير : ١٦٠ / شخص.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الفريصة : لحمة بين جنب الدابّة وكتفها لا تزال ترعد ، ومنه : فجيء بهما ترعد فرائصهما ، أي : ترجف من الخوف. النهاية في غريب الحديثوالأثر ٣ : ٣٨٦ / فرص.

(٣) سورة النجم ٥٣ : ١٣ ١٥.

١٣٢

الدنيا ، وإنّ الورقة منها تغطّي أهل الدنيا ، وإنّ لله تعالى ملائكة وكّلهم بنبات الأرض من الشجر والنخل ، فليس من شجرة ولا نخلة إلاّ ومعها ملك من الله تعالى يحفظها وما كان فيها ، ولولا أنّ معها مَنْ يمنعها لأكلها السباع وهوامّ الأرض إذاكان فيها ثمرها» ، قال : «وإنّما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاه تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكّلين بها» ، قال : «ولذلك يكون للشجرة والنخل اُنساً إذا كان فيه حمله ؛ لأنّ الملائكة تحضره» (١) .

- ١٨٦ -

باب علّة التوقّي عن البول (٢)

[ ٤٦٢ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ الناس توقّياً عن البول ، كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع أو مكان

__________________

(١) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٣٧ / ٦٤ ، وأورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦١ ٦٢ / ١١٧٤ والطبرسي في مشكاة الأنوار ١ : ١٦٥ / ٣٥٣ ، وفيهما قسم من الحديث ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣ : ٣١٥ ٣١٧ / ١١ ، و١٨ : ٣٦٤ ٣٦٦ / ٧٠.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : ينبغي أن يقول : علّة كون الإنسان عند البول على مكان مرتفع ، كما لا يخفى. (م ق ر رحمه‌الله ).

١٣٣

من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير ، كراهة أن ينضح (١) عليه البول» (٢) .

- ١٨٧ -

باب العلّة التي من أجلها يكره طول الجلوس على الخلاء

[ ٤٦٣ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن الفضل بن عامر ، عن موسى بن القاسم البلخي ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : «طول الجلوس على الخلاء يورث البواسير» (٣) .

- ١٨٨ -

باب العلّة التي من أجلها يكره صبّ الماء على المتوضّئ

[ ٤٦٤ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا محمّدبن أحمد (٤) ، قال : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله ابن حمّاد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن شهاب بن عبد ربّه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين إذا توضّأ لم يدع أحداً يصبّ

__________________

(١) في هامش «ش» عن نسخة : ينتضح ، أي يترشرش.

(٢) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٢٢ / ٣٦ ، وأورده الشيخ الطوسي في التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ١٦٨ / ٤.

(٣) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٢٨ / ٥٦ ، والهداية : ٧٦ ، والمقنع : ٨ ، ونقله المجلسي عن علل الشرائع في بحار الأنوار ٨٠ : ١٧٣ ١٧٤ / ١٤.

(٤) في «ج ، ل» : محمّد بن عبد ربّه.

١٣٤

عليه الماء ، قال : لا أُحبّ أن أُشرك في صلاتي أحداً» (١) .

- ١٨٩ -

باب العلّة التي من أجلها جعل الوضوء (٢)

[ ٤٦٥ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبدالله ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّما الوضوء حدٌّ من حدود الله عزوجل ليعلم الله مَنْ يطيعه ومَنْ يعصيه ، وأنّ المؤمن لا ينجسّه شيء وإنّما يكفيه مثل الدهن» (٣) (٤) .

[ ٤٦٦ / ٢ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «مَنْ تعدّى في الوضوء كان كناقضه» (٥) (٦) .

__________________

(١) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٤٣ / ٨٥ ، وأورده الطوسي في التهذيب ١ : ٣٥٤ / ١٠٥٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ٣٣٠ / ٣.

(٢) في «ج ، ل» عن نسخة زيادة : واجباً.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : حُمل على أقلّ الجريان.

(٤) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٣٨ / ٧٨ ، وأورده الكليني في الكافي ٣ : ٢١ / ٢ ، والطوسي في التهذيب ١ : ١٣٨ / ٣٨٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨ : ٢٨٨ / ٤٤ .

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : الأصوب : كناقصه ، بإهمال الصاد ، من نقصه ينقصه نقصاً ، فذاك منقوص ، وهو ناقص إيّاه ، ومنه في التنزيل الكريم ( نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوص ) [ سورة هود ١١ : ١٠٩ ] لا من نقص ينقص نقصاً فهو ناقص. (م ح ق رحمه‌الله ).

(٦) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٣٩ / ٧٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٨٠ : ٢٩٢ / ٤٦.

١٣٥

- ١٩٠ -

باب العلّة التي من أجلها صار المسح

ببعض الرأس وبعض الرجلين

[ ٤٦٧ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : «إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين» ؟.

فضحك ثمّ قال : «يا زرارة ، قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل به الكتاب من الله ؛ لأنّ الله عزوجل يقول : ( فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ) فعرفنا أنّ الوجه كلّه ينبغي له أن يغسل ، ثمّ قال : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) ثمّ فصل بين الكلامين فقال : ( وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ ) فعرفنا حين قال : برؤوسكم أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثمّ وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) فعرفنا حين وصلها بالرأس أنّ المسح على بعضها ، ثمّ فسّر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للناس فضيّعوه ، ثمّ قال : ( فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ ) فلمّا وضع عمّن لم يجد الماء أثبت مكان الغسل مسحاً ؛ لأنّه قال : ( وُجُوهَكُمْ ) ، ثمّ وصل بها ( وَأَيْدِيَكُمْ ) ثمّ قال : ( مِنْهُ ) أي من ذلك التيمّم ، لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه ؛ لأنّه يعلق من

١٣٦

ذلك الصعيد ببعض الكفّ ولايعلق ببعضها ، ثمّ قال : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَج ) (١) ، والحرج : الضيق» (٢) .

- ١٩١ -

باب العلّة التي من أجلها تُوضّأ الجوارح الأربع دون غيرها

[ ٤٦٨ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ ابن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه عن مسائل ، فكان فيما سألوه : أخبرنا يامحمّد  لأيّ علّة تُوضّأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد ؟

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا أن وسوس الشيطان إلى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ، ثمّ قام ومشى إليها وهي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة ، ثمّ تناول بيده منها ممّا عليها فأكل فطار الحليّ والحلل عن جسده فوضع آدم يده على أُمّ رأسه وبكى ، فلمّا تاب الله عليه فرض عليه وعلى ذرّيّته غسل هذه الجوارح الأربع ، وأمره بغسل الوجه لمّا نظر إلى الشجرة وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لمّا تناول منها ، وأمره بمسح الرأس لمّا وضع يده على أُمّ رأسه ، وأمره بمسح القدمين لمّا مشى بهما إلى

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٦.

(٢) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ١٠٣ ١٠٤ / ٢١٢ ، وأورده الطوسي في التهذيب ١ : ٦١ / ١٦٨ ، والاستبصار ١ : ٦٢ ٦٣ / ١٨٦ ، والكليني في الكافي ٣ : ٣٠ / ٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ٢٨٩ / ٤٦.

١٣٧

الخطيئة» (١) .

[ ٤٦٩ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن عليّ الكوفي ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن الرضا عليه‌السلام كتب إليه في جواب كتابه : «إنّ علّة الوضوء التي من أجلها صار غسل الوجه والذراعين ومسح الرأس والرجلين فلقيامه بين يدي الله تعالى ، واستقباله إيّاه بجوارحه الظاهرة (٢) ، وملاقاته بها الكرام الكاتبين ، فغسل الوجه للسجود والخضوع ، وغسل اليدين ليقلبهما (٣) (٤) ، ويرغب بهما ، ويرهب ويتبتّل ، ومسح الرأس والقدمين ؛ لأنّهما ظاهران مكشوفان مستقبل بهما (٥) في كلّ حالاته ، وليس فيها من الخضوع والتبتّل ما في الوجه والذراعين» (٦) .

__________________

(١) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٥٥ ٥٦ / ١٢٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ٢٣٠ / ١.

(٢) في «ج ، ل» : الطاهرة ، وفي هامشهما ورد : في بعض نسخ الحديث بالظاء المعجمة.

(٣) في النسخ إلاّ «ج ، ل» : ليقلبها.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : روي في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري فقال : ياعبدالله بيمينك ؟ فقلت : ياعبدالله ، إنّ لله تبارك وتعالى حقّاً على هذه كحقّه على هذه ، وقال : الرغبة : تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة : تبسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرّع : تحرّك السبّابة اليمنى يميناً وشمالاً ، والتبتّل : تحرّك السبّابة اليسرى ترفعها في السماء رِسْلاً وتضعها ، والابتهال : تبسط يدك وذراعيك إلى السماء ، والابتهال حين ترى أسباب البكاء. [ الكافي ٢ : ٣٤٨ / ٤ ] (م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) في «ج ، ل ، ح ، س» : بها.

(٦) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ٢ : ١٨٩ / ٢ ، الباب ٣٣ ، ومَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٥٦ ٥٧ / ١٢٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ٢٣١ / ٣.

١٣٨

- ١٩٢ -

باب العلّة التي من أجلها يستحبّ

فتح العيون عند الوضوء (١)

[ ٤٧٠ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن أبي همّام ، عن محمّد بن سعيد بن غزوان ، عن السكوني ، عن ابن جريح (٢) ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلّها لا ترى نار جهنّم» (٣) .

- ١٩٣ -

باب العلّة التي من أجلها يستحبّ

صفق الوجه بالماء في الوضوء

[ ٤٧١ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن معاوية بن حكيم ، عن ابن المغيرة ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إذا توضّأ

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : يُفهم منه استحباب فتح العين عند الوضوء ، ولايُفهم إيصال الماء إلى باطن العينين كما روي النهي عنه ، وإنّ ابن عبّاس عمي بسببه ؛ لأنّ فتح العين أعمّ من إيصال الماء إليها ، ويمكن أن يكون بملاحظة إيصال الماء أو كناية عن إيصال الماءإلى الجميع والمبالغة فيه. (م ت ق رحمه‌الله ).

(٢) في النسخ : أبو جريح ، والصحيح ما في المتن ، انظر الخلاصة للعلاّمة : ٣٧٥ / ١٤٩٧.

(٣) ذكره المصنّف في ثواب الأعمال : ٣٣ / ١ ، ومَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٥٠ / ١٠٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ٣٣٦ / ٨.

١٣٩

الرجل فليصفق وجهه بالماء ؛ فإنّه إن كان ناعساً فزع واستيقظ ، وإن كان البرد فزع فلم يجدالبرد» (١) .

- ١٩٤ -

باب العلّة التي من أجلها يكره استعمال

الماء الذي تسخنه الشمس

[ ٤٧٢ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا محمّد ابن عيسى ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : «دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عائشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس ، فقال : ياحميراء ، ما هذا ؟

قالت : أغسل رأسي وجسدي.

قال : لا تعودي (٢) ، فإنّه يورث البرص» (٣) .

[ ٤٧٣ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الماء الذي تسخنه الشمس لاتتوضّؤا به ، ولا تغسّلوا به ،

__________________

(١) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٥١ / ١٠٦ ، وأورده الطوسي في الاستبصار ١ : ٦٨ / ٢٠٧ ، والتهذيب ١ : ٣٥٧ / ١٠٧١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٠ : ٣٣٧ ٣٣٨ / ٩.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : من العود أو العادة. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ٢ : ١٧٨ / ١٨ ، الباب ٣٢ ، وأورده الطوسي في التهذيب١ : ٣٦٦ / ١١١٣ ، والاستبصار ١ : ٣٠ / ٧٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨١ : ٣٠ ٣١ / ٩.

١٤٠