علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-611-0
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٢٨

[ ٨٤٠ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ ابن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام : لِمَ سُمّيت الكعبة بكّة ؟ (١) فقال : «لبكاء الناس حولها وفيها» (٢) .

[ ٨٤١ / ٣ ] أبي (٣) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن عليّ بن النعمان ، عن سعيد بن عبدالله الأعرج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «موضع البيت بكّة ، والقرية مكّة» (٤) .

[ ٨٤٢ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إنّما سُمّيت مكّة بكّة (٥) ؛ لأنّه يبكّ بها الرجال والنساء والمرأة تصلّي بين يديك ، وعن يمينك وعن شمالك ، وعن يسارك ومعك ، ولابأس بذلك ، إنّما يكره في سائرالبلدان» (٦) .

__________________

(١) في «س» : زيادة : قال.

(٢) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٣ / ٢١١٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٧٨ / ٨.

(٣) في «س» : حدّثنا أبي.

(٤) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٣ ، ذيل الحديث ٢١١٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٧٨ / ٩.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : قيل : بكّة موضع البيت ، ومكّة سائر البلد ، وقيل : هما اسم البلدة ، والميم والباء متعاقبان ، وسُمّيت بكّة ؛ لأنّها تبكّ أعناق الجبابرة ، أي تدقّها ، وقيل : لأنّ الناس يبكّ بعضهم بعضاً في الطواف ، أي يزحم ويدفع. النهاية لابن الأثير ١ : ١٤٨ / بكك .

(٦) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٣ : ٣٣٤ / ٢ ، و٩٩ : ٧٨ / ١٣.

٣٨١

[ ٨٤٣ / ٥ ] أبي (١) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام : لِمَ سُمّيت مكّة بكّة ؟ قال : «لأنّ الناس يبكّ بعضهم بعضاً فيها بالأيدي» (٢) .

- ٤٠١ -

باب العلّة التي من أجلها سُمّيت الكعبة كعبة

[ ٨٤٤ / ١ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي الحسن عليّ بن الحسين الرقي ، عن عبدالله بن جبلّة ، عن معاوية بن عمّار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن آبائه ، عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه أن قال له أحدهم : لأيّ شيء سُمّيت الكعبة كعبة ؟

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأنّها وسط الدنيا (٣) » (٤) .

__________________

(١) في «س» : حدّثنا أبي.

(٢) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٣ / ٢١١٨ ، وأورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦٦ / ١١٨٤ ، والحميري في قرب الإسناد : ٢٣٧ / ٩٢٩ ، والعيّاشي في تفسيره ١ : ٣٢٥ / ٧٣٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٧٩ / ١٤.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : قيل : كونها وسطاً استعارة للرفعة المكانيّة للرفعة الرتبيّة ؛ بناءًعلى أنّ وسط الشيء أشرفه ، أو المراد بالوسط الأشرف ، أو أنّه وسط بالنسبة إلى أهل الأقاليم من المعمورة ، فيكون أرفع ملحوظاً بالنظر إلى جميعهم ، ويقال : الكعبة للمرتفع من كلّ شيء ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) ذكره المصنّف في الأمالي : ٢٥٥ / ٢٧٩ ضمن الحديث ، ومَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٠ / ٢١٠٩ ، وأورده المفيد في الاختصاص : ٣٣ ٣٤ ، والفتّال النيشابوري في

٣٨٢

[ ٨٤٥ / ٢ ] وروي عن الصادق عليه‌السلام أنّه سئل : لِمَ سُمّيت الكعبة كعبة (١) ؟ قال : «لأنّها مربّعة» ، فقيل له : ولِمَ صارت مربّعة ؟ قال : «لأنّها بحذاء البيت المعمور وهو مربّع» ، فقيل له : ولِمَ صار البيت المعمور مربّعاً ؟ قال : «لأنّه بحذاء العرش وهومربّع» ، فقيل له : ولِمَ صار العرش مربّعاً ؟ قال : «لأنّ الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع (٢) : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر» (٣) .

- ٤٠٢ -

باب العلّة التي من أجلها سُمّي بيت الله الحرام

[ ٨٤٦ / ١ ] أخبرني عليّ بن حاتم ، قال : أخبرنا القاسم بن محمّد ، عن حمدان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن حنّان ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : لِمَ سُمّي بيت الله الحرام ؟ قال : «لأنّه حرم على المشركين أن يدخلوه» (٤) .

__________________

روضة الواعظين ٢ : ٣٢٧ / ١٢٥٣ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن الأمالي والعلل في بحارالأنوار ٩٩ : ٥٧ / ٨ من دون ذكر السند.

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : كعّبته تكعبياً : ربّعتُه ، والكعبة البيت الحرام زاده الله تشريفاً ، والغرفة وكلّ بيت مربّع. القاموس المحيط ١ : ١٦٥ / الكعب.

وأيضاً في حاشيتهما : كلّ شيء علا وارتفع فهو كعب ، ومنه سُمّيت الكعبة البيت الحرام . وقيل : سُمّيت به لتكعيبها ، أي تربيعها. النهاية لابن الأثير ٤ : ١٥٥ / كعب.

(٢) في المطبوع زيادة : وهي.

(٣) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٠ / ٢١١٠ ، وأورده الطبرسي في مجمع البيان ١ : ٤٠٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥٨ : ٥ / ٢ ، و٩٩ : ٥٧ / ٩.

(٤) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩١ / ٢١١١ ، وأورده الطبرسي في مجمع البيان ١ : ٤٠٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٥٩ / ٢٠.

٣٨٣

- ٤٠٣ -

باب العلّة التي من أجلها سُمّي البيت العتيق

[ ٨٤٧ / ١ ] أبي (١) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ (٢) ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قلت له : لِمَ سُمّي البيت العتيق ؟ قال : «إنّ الله عزوجل أنزل الحجر الأسود لآدم عليه‌السلام من الجنّة وكان البيت درّة بيضاء ، فرفعه الله عزوجل إلى السماء وبقي اُسّه فهو بحيال هذا البيت يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبداً ، فأمر الله إبراهيم وإسماعيل يبنيان البيت على القواعد ، وإنّما سُمّي البيت العتيق ؛ لأنّه أُعتق من الغرق (٣) » (٤).

[ ٨٤٨ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعاً ، عن محمّد بن أحمدبن يحيى بن عمران الأشعري ، عن الحسن بن عليّ ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام في المسجد الحرام : لأيّ شيء سمّاه الله العتيق ؟

__________________

(١) في «س» : حدّثنا أبي.

(٢) في «ح» : أحمد بن أبي عايد.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : والبيت العتيق : الكعبة شرّفها الله تعالى ، قيل : لأنّه أوّل بيت وُضع بالأرض ، أو أُعتق من الغرق ، أو من الجبابرة ، أو من الحبشة ، أو لأنّه حرم لم يملكه أحد . القاموس المحيط ٣ : ٣٥٤ / العتق.

(٤) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٤٢ / ٣٣٠٢ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ١٨٨ / ٢ ، والطبرسي في مجمع البيان ٢ : ٤٢٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٥٨ : ٥٧ / ٢ ، و٩٩ : ٥٨ / ١٢.

٣٨٤

قال : «ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلاّ له ربّ وسُكّان يسكنونه ، غير هذا البيت ، فإنّه لا يسكنه أحد ، ولا ربّ له إلاّ الله وهو الحرم» ، وقال : «إنّ الله خلقه قبل الخلق ثمّ خلق الله الأرض من بعده فدحاها من تحته» (١) .

[ ٨٤٩ / ٣ ] أبي (٢) رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن حمّاد ، عن أبان بن عثمان ، عمّن أخبره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : لِمَ سُمّي البيت العتيق ؟ قال : «لأنّه بيت حرّعتيق من الناس ولم يملكه أحد» (٣) .

[ ٨٥٠ / ٤ ] أبي (٤) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن عليّ بن النعمان ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّما سُمّي البيت العتيق ؛ لأنّه اُعتق من الغرق واُعتق الحرم معه ، كفّ عنه الماء» (٥) .

[ ٨٥١ / ٥ ] أبي (٦) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ١٨٩ / ٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٥٨ / ١٣ .

(٢) في «س» : حدّثنا أبي.

(٣) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩١ / ٢١١٣ ، وأورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦٦ / ١١٨٥ ، والكليني في الكافي ٤ : ١٨٩ / ٦ ، ونقله المجلسي عن العلل والمحاسن في بحار الأنوار ٩٩ : ٥٨ - ٥٩ / ١٦ و١٧.

(٤) في «س» : حدّثنا أبي.

(٥) رواه البرقي في المحاسن ٢ : ٦٦ / ١١٨٣ ، ونقله المجلسي عن العلل والمحاسن في بحارالأنوار ٩٩ : ٥٩ / ١٨ و١٩.

(٦) في «س» : حدّثنا أبي.

٣٨٥

محمّد ، عن عليّ بن الحسن الطويل ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ذريح بن يزيد المحاربي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ الله عزوجل غرّق (١) الأرض كلّها يوم نوح إلاّ البيت ، فيومئذ سُمّي العتيق ؛ لأنّه اُعتق يومئذ من الغرق» ، فقلت له : أصعد إلى السماء ؟ فقال : «لا ، لم يصل إليه الماء ودُفع عنه» (٢) .

- ٤٠٤ -

باب العلّة التي من أجلها سُمّي الحطيم (٣) حطيماً

[ ٨٥٢ / ١ ] حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الحطيم ؟

فقال : «هو ما بين الحجر الأسود وباب البيت».

قال : وسألته : لِمَ سُمّي الحطيم ؟ قال : «لأنّ الناس يحطم بعضهم بعضاً هنالك» (٤) .

__________________

(١) في المطبوع : أغرق.

(٢) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٨٣ / ٧٣ ، ونقله المجلسي عن العلل وقصص الأنبياءفي بحار الأنوار ٩٩ : ٥٨ / ١٤ و١٥.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الحطم : الكسر ، أو خاصٌّ باليابس ، والحطيم : حِجْر الكعبة أوجداره أو ما بين الركن وزمزم والمقام ، وزاد بعضهم : الحِجْر أو من المقام إلى الباب ، أوما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام حيث يتحطّم الناس للدعاء. القاموس المحيط ٤ : ٣٩ / الحطم.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٥٢٧ / ١٢ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ٤٥١ / ١٥٧٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٩ / ٢.

٣٨٦

- ٤٠٥ -

باب علّة وجوب الحجّ والطواف بالبيت وجميع المناسك

[ ٨٥٣ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عليّ بن سليمان الرازي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، قال : حدّثنا محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، وعبدالكريم بن عمرو ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أراد أن يتوب على آدم عليه‌السلام أرسل إليه جبرئيل ، فقال له : السلام عليك ياآدم الصابر على بليّته ، التائب عن خطيئته ، إنّ الله تبارك وتعالى بعثني إليك لأُعلّمك المناسك التي يريد أن يتوب عليك بها ، وأخذ جبرئيل بيده وانطلق به حتّى أتى البيت ، فنزل عليه غمامة من السماء ، فقال له جبرئيل : خطّ برجلك حيث أظلّك هذا الغمام .

ثمّ انطلق به حتّى أتى به منى ، فأراه موضع مسجد منى ، فخطّه وخطّ الحرم بعد ما خطّ مكان البيت ، ثمّ انطلق به إلى عرفات فأقامه على المُعرف ، وقال له : إذا غربت الشمس فاعترف بذنبك سبع مرّات ، ففعل ذلك آدم ، ولذلك سُمّي المعرف ؛ لأنّ آدم عليه‌السلام اعترف عليه بذنبه ، فجعل ذلك سُنّة في ولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف أبوهم ، ويسألون الله عزوجل التوبة كما سألها أبوهم آدم ، ثمّ أمره جبرئيل فأفاض من عرفات فمرّعلى الجبال السبعة ، فأمره أن يكبّر على كلّ جبل أربع تكبيرات ، ففعل ذلك آدم .

ثمّ انتهى به إلى جمع ثلث الليل فجمع فيها بين صلاة المغرب وبين صلاة العشاء الآخرة ، فلذلك سُمّيت جمعاً ؛ لأنّ آدم جمع فيها بين

٣٨٧

الصلاتين ، فوقت العتمة تلك الليلة ثلث الليل في ذلك الموضع. ثمّ أمره أن ينبطح (١) في بطحاء (٢) جمع ، فتبطّح حتّى انفجر الصبح.

ثمّ أمره أن يصعد على الجبل جبل جمع وأمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه سبع مرّات ، ويسأل الله تعالى التوبة والمغفرة سبع مرّات ، ففَعَل ذلك آدم كما أمره جبرئيل عليه‌السلام ، وإنّما جعل اعترافين ليكون سنّة فيولده ، فمن لم يدرك عرفات وأدرك جمعاً فقد وفى بحجّه ، فأفاض آدم من جمع إلى منى فبلغ منى ضحىً ، فأمره أن يصلّي ركعتين في مسجد منى ، ثمّ أمره أن يقرّب إلى الله عزوجل قرباناً ليتقبّل الله منه ، ويعلم أنّ الله قد تاب عليه ، ويكون سنّة في ولده بالقربان ، فقرّب آدم عليه‌السلام قرباناً ، فتقبّل الله منه قربانه ، وأرسل الله عزوجل ناراً من السماء فقبضت قربان آدم عليه‌السلام ، فقال له جبرئيل : إنّ الله تبارك وتعالى قد أحسن إليك ، إذ علّمك المناسك التي تاب عليك بها ، وقبل قربانك ، فاحلق رأسك تواضعاً لله تعالى ؛ إذ قبل

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : بطحه كمنعه : ألقاه على وجهه فانبطح ، والأبطح مسيل واسع فيه دُقاق الحَصى. القاموس المحيط ١ : ٢٩٥ / بَطَحَهُ.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : اعلم أنّه يظهر من الأخبار : أنّ المراد بالأبطح : الفضاء الذي في المشعر ، لا الذي هو المشهور ، ويمكن أن يكون تسمية المشهور أيضاً باعتبار انبطاحه أخيراً فيه أو غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم ؛ لما سيجيء من استحباب التحصيب فيه لمن أفاض في النفر الأخير ، أو لأنّه لما كان آدم عليه‌السلام انبطح في جمع ، وبتكرّر مجيء السيل جاءت الحصيات من المشعر إلى الأبطح ، لأنّه مسيل المشعر ، فيستحبّ الاستلقاء هنا أيضاً ، أو يكون المراد بالأبطح المشهور وتكون الإضافة إلى الجمع باعتبار أنّه مسيل المشعر ، والانبطاح : النوم على الوجه ، وهو مكروه كما هو يظهر من الأخبار ، فيمكن أن يراد به مطلق النوم أو السجود على الوجه بدون النوم ، أويكون مخصوصاً به عليه‌السلام ، أو بذلك الموضع. (م ت ق رحمه‌الله ).

٣٨٨

قربانك ، فحلق آدم رأسه تواضعاً لله تبارك وتعالى.

ثمّ أخذ جبرئيل بيد آدم فانطلق به إلى البيت فعرض له إبليس عندالجمرة ، فقال له : يا آدم أين تريد ؟ قال جبرئيل : يا آدم ارمه بسبع حصيات وكبِّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ففَعَل ذلك آدم كما أمره جبرئيل ، فذهب إبليس .

ثمّ أخذ بيده في اليوم الثاني فانطلق به إلى الجمرة فعرض له إبليس ، فقال له جبرئيل : ارمه بسبع حصيات وكبِّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ففَعَل آدم ذلك فذهب إبليس.

ثمّ عرض له عند الجمرة الثانية ، فقال له : يا آدم أين تريد ؟ فقال له جبرئيل : ارمه بسبع حصيات وكبِّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ففَعَل ذلك آدم فذهب إبليس.

ثمّ عرض له عند الجمرة الثالثة فقال له : يا آدم أين تريد ؟ فقال له جبرئيل : ارمه بسبع حصيات وكبِّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ففَعَل ذلك آدم فذهب إبليس .

ثمّ فَعَل ذلك به في اليوم الثالث والرابع فذهب إبليس ، فقال له جبرئيل : إنّك لن تراه بعد مقامك هذا أبداً.

ثمّ انطلق به إلى البيت فأمره أن يطوف بالبيت سبع مرّات ، ففَعَل ذلك آدم ، فقال له جبرئيل : إنّ الله تبارك وتعالى قد غفر لك وقبل توبتك وحلّت لك زوجتك» (١) .

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ١٩١ / ٢ ، باختلاف في السند ، وزيادة في صدر الحديث ، وكذا أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٤٥ / ١٢ مع زيادة ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ١٦٧ / ١٥ ، و٩٩ : ٢٩ - ٣١ / ٥.

٣٨٩

[ ٨٥٤ / ٢ ] أخبرنا عليّ بن حبشي بن قوني رحمه‌الله فيما كتب إلَيَّ ، قال : حدّثنا حميد بن زياد ، قال : حدّثنا القاسم بن إسماعيل ، قال : حدّثنا محمّد ابن سلمة ، عن يحيى بن أبي العلاء الرازي : إنّ رجلاً دخل على أبي عبدالله عليه‌السلام ، فقال : جُعلت فداك ، أخبرني عن قول الله تعالى : ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) (١) ، وأخبرني عن قول الله عزوجل لإبليس : ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ *‏ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) (٢) ، وأخبرني عن هذا البيت كيف صار فريضة على الخلق أن يأتوه ؟

قال : فالتفت أبو عبدالله عليه‌السلام إليه ، وقال : «ما سألني عن مسألتك أحد قطّ قبلك ، إنّ الله عزوجل لمّا قال للملائكة : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٣) ضجّت الملائكة من ذلك وقالوا : يا ربّ ، إن كنت لابُدّ جاعلاً في أرضك خليفة فاجعله منّا مَنْ يعمل في خلقك بطاعتك ، فردّ عليهم : ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (٤) ، فظنّت الملائكة أنّ ذلك سخط من الله عزوجل عليهم ، فلاذوا بالعرش يطوفون به ، فأمر الله عزوجل لهم ببيت من مرمر سقفه ياقوتة حمراء وأساطينه الزبرجد ، يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يدخلونه بعد ذلك إلى يوم الوقت المعلوم».

قال : «ويوم الوقت المعلوم يوم ينفخ في الصور نفخة واحدة فيموت إبليس ما بين النفخة الأُولى والثانية.

وأمّا ( ن ) فكان نهراً في الجنّة أشدّ بياضاً من الثلج ، وأحلى من العسل ، قال الله عزوجل له : كن مداداً ، فكان مداداً ، ثمّ أخذ شجرة فغرسها

__________________

(١) سورة القلم ٦٨ : ١.

(٢) سورة الحجر ١٥ : ٣٧ و٣٨.

(٣و٤) سورة البقرة ٢ : ٣٠.

٣٩٠

بيده» ثمّ قال : «واليد القوّة ، وليس بحيث تذهب إليه المشبّهة ، ثمّ قال لها : كوني قلماً ، ثمّ قال له : اكتب ، فقال له : يا ربّ وما أكتب ؟ قال : اكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة ، ففَعَل ذلك ، ثمّ ختم عليه وقال : لا تنطقنّ إلى يوم الوقت المعلوم» (١) .

[ ٨٥٥ / ٣ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن حديد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنّه سئل عن ابتداء الطواف ، فقال : «إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أراد خلق آدم عليه‌السلام قال للملائكة : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) ، فقال ملكان من الملائكة : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) (٢) فوقعت الحجب فيما بينهما وبين الله عزوجل ، وكان تبارك وتعالى نوره (٣) ظاهراً للملائكة ، فلمّا وقعت الحجب بينه وبينهما علما أنّه قدسخط قولهما ، فقالا للملائكة : ما حيلتنا وما وجه توبتنا ؟ فقالوا : ما نعرف لكما من التوبة إلاّ أن تلوذا بالعرش ، قال : فلاذا بالعرش حتّى أنزل الله عزوجل توبتهما ورفعت الحجب فيما بينه وبينهما ، وأحبّ الله تبارك وتعالى أن يُعبد بتلك العبادة ، فخلق الله البيت في الأرض ، وجعل على العباد الطواف حوله ، وخلق البيت المعمور في السماء يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة» (٤) .

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥٧ : ٣٦٧ - ٣٦٨ / ٤.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٣٠.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : النور المعنوي لأرواحهم ، أو النور المخلوق له تعالى الدالّ على عظمته وقدرته لأبصارهم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ١٠٩ / ٢٣ ، و٩٩ : ٣١ / ٦.

٣٩١

[ ٨٥٦ / ٤ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب الرازي ، وعليّ بن عبدالله الورّاق رضي الله عنهم ، قالوا : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الفضل بن يونس ، قال : كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد ، فقيل له : تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لاأصل له ولاحقيقة ، فقال : إنّ صاحبي كان مخلّطاً كان يقول طوراً (١) بالقدر وطوراً بالجبر ، وما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه ، قال : ودخل مكّة تمرّداً وإنكاراً على مَنْ يحجّ ، وكان يكره العلماء مسائلته إيّاهم ومجالسته لهم ، لخبث لسانه وفسادسريرته (٢) ، فأتى جعفر بن محمّد عليهما‌السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه ، ثمّ قال له : يا أبا عبدالله ، إنّ المجالس أمانات ولابُدّ لكلّ مَنْ به سعال أن يسعل أفتأذن لي في الكلام ؟

فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «تكلّم بما شئت» ، فقال : إلى كم تدوسون (٣) هذا البيدر ، وتلوذون بهذا الحجر ، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطُّوب (٤) والمدر (٥) ، وتهرولون هرولة البعير إذا نفر ؟ إنّ مَنْ فكّر في هذا الأمر وقدّر

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الطور بالفتح : التارة ، وفَعَل ذلك طوراً بعد طور ، أي : مرّةً بعدمرّة . المصباح المنير : ٣٨٠ / الطّورُ.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : السرّ : ما يكتم به كالسريرة. القاموس المحيط ٢ : ١٠٩ / السِّرُ.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الدَّوْس : الوطء بالرِّجْل. القاموس المحيط ٢ : ٣٤٣ / الدوس.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : الطُّوب بالضمّ : الآجُرّ . القاموس المحيط ١ : ١٣١ / طاب .

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : المدر محرّكةً : قِطَع الطين اليابس. القاموس المحيط ٢ : ٢٢٠ / المدر.

٣٩٢

علم أنّ هذا فعل أسّسه غير حكيم ولا ذي نظر ، فقل فإنّك رأس هذا الأمر وسنامه ، وأبوك اُسّه ونظامه.

فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «إنّ مَنْ أضلّه الله وأعمى قلبه استوخم (١) الحقّ فلم يستعذبه ، وصار الشيطان وليّه يورده مناهل الهلكة ثمّ لا يصدره ، وهذا بيت استعبد الله عزوجل به خلقه ليختبر به طاعتهم في إتيانه ، فحثّهم على تعظيمه وزيارته ، وجعله محلّ أنبيائه ، وقبلةً للمصلّين له ، فهو شعبة من رضوانه ، وطريق يؤدّي إلى غفرانه ، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال ، خلقه الله عزوجل قبل دحو الأرض بألفي عام ، وأحقّ مَنْ أُطيع فيما أمر وانتهى عمّا نهى عنه وزجر الله المُنشئ للأرواح والصُّوَر».

فقال ابن أبي العوجاء : ذكرت يا أبا عبدالله ، فأحلت على غائب ، فقال : «ويلك ، وكيف يكون غائباً مَنْ هو في خلقه شاهد ، وإليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم ، وإنّما المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان ، فلايدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه ، فأمّا الله العظيم الشأن الملك الديّان فإنّه لا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان ، والذي بعثه بالآيات المحكمة ، والبراهين الواضحة ، وأيّده بنصره ، واختاره لتبليغ رسالاته صدّقنا قولَه بأنّ ربّه بعثه وكلّمه».

فقام عنه ابن أبي العوجاء فقال لأصحابه : مَنْ ألقاني في بحر هذا ؟

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : توخّمه واستوخمه : لم يستمرْه. القاموس المحيط ٤ : ١٦٢ / الوهم .

٣٩٣

سألتكم أن تلتمسوا لي خُمرة (١) فألقيتموني على جمرة ، قالوا : ما كنتَ في مجلسه إلاّ حقيراً ، قال : إنّه ابن مَنْ حلق رؤوس مَنْ ترون (٢) .

[ ٨٥٧ / ٥ ] حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا (٣) محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله قال (٤) : «علّة الحجّ الوفادة (٥) إلى الله عزوجل وطلب الزيادة ، والخروج من كلّ مااقترف ، وليكون تائباً ممّا مضى مستأنفاً لما يستقبل ، وما فيه من استخراج الأموال وتعب الأبدان وحظرها عن الشهوات واللذّات ، والتقرّب في العبادة إلى الله عزوجل ، والخضوع والاستكانة والذلّ ، شاخصاً في الحرّ والبرد والأمن والخوف ، دائباً في ذلك دائماً ، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله عزوجل ، ومنه ترك قساوة القلب ، وخساسة

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الخُمرة بالضمّ : حصيرة صغيرة من السعف. القاموس المحيط ٢ : ٧٩ / الخمر.

(٢) ذكره المصنّف مرسلاً في مَنْ لايحضره الفقيه ٢ : ٢٤٩ / ٣٣٢٥ عن عيسى بن يونس ، وكذا في التوحيد : ٢٥٣ / ٤ ، وفي الأمالي : ٧١٤ / ٩٨٥ ، والكليني في الكافي ٤ : ١٩٧ / ١ ، عن الفضل بن يونس ، والمفيد في الإرشاد ٢ : ١٩٩ ٢٠١ بتفاوت سنداً ومتناً ، وكذاالكراجكي في كنز الفوائد ٢ : ٧٥ ٧٦ ، والطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٢٠٦ ٢٠٨ مرسلاًعن عيسى بن يونس ، إلى قوله : «والذي بعثه» ، ونقله المجلسي عن الكتب المذكورة في بحار الأنوار ٣ : ٣٣ - ٣٤ / ٧ ، و١٠ : ٢٠٩ / ١١ ، و٩٩ : ٢٨ / ١.

(٣) في «ع» : حدّثني.

(٤) في المطبوع وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : أنّ.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : وفد إليه وعليه يفِد وفداً ووفوداً ووِفادةً وإفادةً : قدم وورد.القاموس المحيط ١ : ٤٨٠ / وفد.

٣٩٤

الأنفس ، ونسيان الذكر ، وانقطاع الرجاء والأمل ، وتجديد الحقوق ، وحظر الأنفس عن الفساد ، ومنفعة مَنْ في المشرق والمغرب ، ومَنْ في البرّ والبحر ممّن يحجّ وممّن لا يحجّ من تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاتب ومسكين ، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم.

وعلّة فرض الحجّ مرّة واحدة ؛ لأنّ الله عزوجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوّة ، فمن تلك الفرائض الحجّ المفروض واحد ، ثمّ رغّب أهل القوّة على قدر طاقتهم» (١) .

قال محمّد بن علي مؤلّف هذا الكتاب : جاء هذا الحديث هكذا ، والذي أعتمده وأُفتي به أنّ الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام فريضة.

[ ٨٥٨ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، (عن محمّد بن أيّوب بن يقطين) (٢) ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي جرير القمّي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «الحجّ فرض على أهل الجدة في كلّ عام» (٣) .

[ ٨٥٩ / ٧ ] وحدّثنا (٤) أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد ، عن السندي بن الربيع ، عن محمّد بن القاسم ، عن أسد بن يحيى ، عن شيخ

__________________

(١) ذكره المصنّف في العيون ٢ : ١٩١ قطعة من حديث ٧٤٣ ، ونقله المجلسي عن العللوالعيون في بحار الأنوار ٩٩ : ٣٢ / ٨.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في المطبوع.

(٣) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٢٦٦ / ٨ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ١٦ / ٤٧ ، والاستبصار ٢ : ١٤٨ / ٤٨٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١١٣ / ٢ .

(٤) في «س» : حدّثنا.

٣٩٥

من أصحابنا ، قال : الحجّ واجب على مَنْ وجد السبيل إليه في كلّ عام (١) .

[ ٨٦٠ / ٨ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن عليّ بن مهزيار ، عن عبدالله بن الحسين الميثمي رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ في كتاب الله عزوجل فيما أنزل : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) (٣) » (٤) (٥) .

[ ٨٦١ / ٩ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رحمه‌الله ، ومحمّد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدِّب ، قالوا : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل ، قال : حدّثنا عليّ ابن العبّاس ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن رجل ، قال : حدّثنا هشام بن الحكم ، قال : سألت أباعبدالله عليه‌السلام فقلت له : ما العلّة التي من أجلها كلّف الله العباد الحجّ والطواف بالبيت ؟

فقال : «إنّ الله عزوجل خلق الخلق لا لعلّة إلاّ أنّه شاء ففعل فخلقهم إلى وقت مؤجّل ، وأمرهم ونهاهم ما يكون من أمر الطاعة في الدين ومصلحتهم من أمر دنياهم ، فجعل فيه الاجتماع من المشرق والمغرب ليتعارفوا ولينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ، ولينتفع بذلك

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١١٣ / ٣.

(٢) في «ع» زيادة : ابن يحيى.

(٣) سورة آل عمران ٣ : ٩٧.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١١٣ / ٤.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : حُملت هذه الأخبار على الاستحباب المؤكّد ، ويمكن أن يكون المراد أنّ مَنْ وجب عليه الحجّ ولم يحج يجب عليه في السنة الثانية ، وهكذا ، كما حمله الشيخ رحمه‌الله . (م ق ر رحمه‌الله ).

٣٩٦

المكاري والجمّال ، ولتُعرف آثار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتُعرف أخباره ، ويذكر ولاينسى ، ولو كان كلّ قوم إنّما يتّكلون على بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد ، وسقط الجلب والأرباح ، وعميت الأخبار ، ولم يقفوا على ذلك فذلك علّة الحجّ» (١) .

[ ٨٦٢ / ١٠ ] حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «علّة الطواف بالبيت أنّ الله تبارك وتعالى قال للملائكة : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) (٢) فردّوا على الله تبارك وتعالى هذا الجواب ، فعلموا أنّهم أذنبوا فندموا ، فلاذوا بالعرش فاستغفروا ، فأحبّ الله عزوجل أن يتعبّد بمثل ذلك العباد ، فوضع في السماء الرابعة بيتاً بحذاء العرش يُسمّى الضراح (٣) ، ثمّ وضع في السماء الدنيا بيتاً يُسمّى (٤) المعمور بحذاء الضراح ، ثمّ وضع (٥) البيت بحذاء البيت المعمور ، ثمّ أمر آدم عليه‌السلام فطاف به فتاب الله عليه وجرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة» (٦) .

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٣٣ / ٩.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٣٠.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الضراح كغراب : البيت المعمور. القاموس المحيط ١ : ٣٢٤ / ضرحه.

(٤) في المطبوع زيادة : البيت.

(٥) في المطبوع زيادة : هذا.

(٦) ذكره المصنّف في العيون ٢ : ١٨٩ - ١٩٢ / ١ ، الباب ٣٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥٨ : ٥٨ / ٥.

٣٩٧

[ ٨٦٣ / ١١ ] أخبرنا عليّ بن حاتم ، قال : حدّثنا حميد بن زياد ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة ، قال : حدّثني الحسين بن هاشم ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو جالس على الباب الذي إلى المسجد وهو ينظر إلى الناس يطوفون ، فقال : «يا أباحمزة ، بما أُمروا هؤلاء ؟ » قال : فلم أدر ما أردّ عليه ، قال : «إنّما أُمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار ، ثمّ يأتونا فيُعلمونا ولايتهم» (١).

- ٤٠٦ -

باب العلّة التي من أجلها صار الطواف سبعة أشواط

[ ٨٦٤ / ١ ] حدّثنا عليّ بن حاتم ، قال : حدّثنا القاسم بن محمّد ، قال : حدّثنا حمدان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن أبي بكر ، عن حنان ابن سدير ، عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : قلت : لِمَ صار الطواف سبعة أشواط ؟

قال : «لأنّ الله تبارك وتعالى قال للملائكة : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) ، فردّوا على الله تبارك وتعالى ، و ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) ، قال الله : ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (٢) ، وكان لايحجبهم عن نوره ، فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام ، فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة ، فرحمهم وتاب عليهم ، وجعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة ، فجعله مثابةً (٣) وأمناً ، ووضع البيت الحرام تحت البيت

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٣٤ / ١١.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٣٠.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : المثابة مجتمع الناس بعد تفرّقهم. القاموس المحيط ١ : ٥٥ / ثاب .

٣٩٨

المعمور ، فجعله مثابةً للناس وأمناً ، فصار الطواف سبعة أشواط واجباً على العباد لكلّ ألف سنة شوطاً واحداً» (١) .

[ ٨٦٥ / ٢ ] وعنه ، قال : حدّثني أبو القاسم حميد بن زياد ، قال : حدّثنا عبيدالله بن أحمد ، عن عليّ بن الحسن الطاطري ، عن محمّد بن زياد ، عن أبي خديجة ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «مرّ بأبي رجل وهو يطوف فضرب بيده على منكبه ثمّ قال : أسألك عن خصال ثلاث لا يعرفهنّ غيرك وغير رجل آخر (٢) ، فسكت عنه حتّى فرغ من طوافه ، ثمّ دخل الحِجر فصلّى ركعتين وأنا معه ، فلمّا فرغ نادى أين هذا السائل ؟ فجاء فجلس بين يديه ، فقال له : سل ، فسأله عن : ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) (٣) ، فأجابه .

ثمّ قال : حدِّثني عن الملائكة حين ردّوا على الربّ حيث غضب عليهم وكيف رضي عنهم ؟ فقال : إنّ الملائكة طافوا بالعرش سبع سنين يدعونه ويستغفرونه ، ويسألونه أن يرضى عنهم ، فرضي عنهم بعد سبع سنين ، فقال : صدقت.

ثمّ قال : حدِّثني عن رضى الربّ عن آدم عليه‌السلام ، فقال : إنّ آدم اُنزل فنزل في الهند وسأل ربّه عزوجل هذا البيت فأمره أن يأتيه ، فيطوف به اُسبوعاً ، ويأتي منى وعرفات فيقضي مناسكه كلّها ، فجاء من الهند وكان موضع قدميه حيث يطأ عليه عمران ، وما بين القدم إلى القدم صحاري ليس فيها شيء ، ثمّ جاءإلى البيت فطاف اُسبوعاً وأتى مناسكه فقضاها كما أمره

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ١١٠ / ٢٥ ، و٥٨ : ٥٨ / ٤.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد بالرجل الآخر ابنه الصادق عليه‌السلام . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) سورة القلم ٦٨ : ١.

٣٩٩

الله ، فقبل الله منه التوبة وغفر له ، قال : فجعل طواف آدم لمّا طافت الملائكة بالعرش سبع سنين (١) ، فقال جبرئيل : هنيئاً لك يا آدم ، قد غفر لك ، لقد طُفتُ بهذا البيت قبلك بثلاثة آلاف سنة ، فقال آدم : يا ربّ اغفر لي ولذرّيّتي من بعدي ، فقال : نعم مَنْ آمن منهم بي وبرسلي ، فقال : صدقت ومضى ، فقال أبي : هذا جبرئيل أتاكم يعلّمكم معالم دينكم» (٢) .

- ٤٠٧ -

باب العلّة التي من أجلها صارت العمرة على الناس

واجبة بمنزلة الحجّ

[ ٨٦٦ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، وحمّاد ، وصفوان بن يحيى ، وفضالة بن أيّوب ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ مَن استطاع ؛ لأنّ الله عزوجل يقول : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (٣) ، وإنّما نزلت العمرة بالمدينة ، وأفضل العمرة (٤) عمرة رجب» (٥) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون بعد السبع قَبِل توبتهم في الجملة ، وبعد سبعة آلاف قَبِل قبولاً كاملاً ليجمع بينه وبين ما سبق. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ١٦٩ / ١٧ ، و٩٩ : ٢٠١ / ٧.

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.

(٤) في «ج ، ل» : العمر.

(٥) أورده العيّاشي في تفسيره ١ : ١٩٥ / ٣٢٩ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ٤٣٣ / ١٥٠٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٣٣١ / ٢.

٤٠٠