شرح الشاطبية

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

شرح الشاطبية

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: أبو عاصم حسن بن عبّاس بن قطب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة قرطبة للطبع والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٥

اكسره فى الوصل مرسلا) نحو : (فَحَدِّثْ)(١) الله أكبر ، (لَخَبِيرٌ)(٢) الله أكبر).

وأدرج على إعرابه ما سواهما

ولا تصلن هاء الضّمير لتوصلا

(وأدرج على إعرابه) وحرك بناءه (ما سواهما) من / (٣) غير تغيير (ولا تصلن هاء الضّمير) في قوله : (خَشِيَ رَبَّهُ)(٤) ، و (شَرًّا يَرَهُ)(٥) بواو / [٢٠٧ / ك] (لتوصلا) ؛ لأنها ساكنة وأول التكبير ساكن فلا يجتمعان.

وقل لفظه ألله أكبر وقبله

لأحمد زاد ابن الحباب فهلّلا

(وقل لفظه) أي : التكبير (ألله أكبر وقبله) أي : قبل (٦) التكبير (لأحمد) البزي (زاد) الحسن (ابن الحباب فهيللا) أي : قال : «لا إله إلا الله ، والله أكبر» ، وتابعه على ذلك أبو ربيعة وابن فرح عن البزي كما أسنده الرازي في «الوسيط» ، وزاد بعضهم عن ابن (٧) الحباب وابن فرح : «ولله الحمد».

وقيل بهذا عن أبى الفتح فارس

وعن قنبل بعض بتكبيره تلا

(وقيل / (٨) بهذا) أي : بزيادة الهيللة (عن أبى الفتح فارس) شيخ الداني (وعن قنبل) عن ابن كثير (بعض) كابن مجاهد (بتكبيره) كالبزي (تلا) ، وعليه جمهور العراقيين وبعض المغاربة وجمهورهم على ترك التكبير له ، ولم ينقل عن أحد من الستة الباقين ، ونكتة التكبير فيما ذكر (٩) الحليميّ : التشبيه للقراءة بصوم رمضان إذا أكمل عدته يكبر ، [فكذا يكبر](١٠) هنا ، إذا أكمل عدة السور ، وروى البزي عن الشافعي ـ رضي الله عنه ـ أنه [قال : إن](١١) تركت التكبير فقد تركت سنة (١٢) من سنن نبيك [محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١٣).

__________________

(١) الضحى : (١١).

(٢) العاديات : (١١).

(٣) [١١٩ أ / د].

(٤) البينة : (٨).

(٥) الزلزلة : (٨).

(٦) سقط من ك.

(٧) سقط من د.

(٨) [٨٩ ب / ز].

(٩) في ز : ذكره.

(١٠) زيادة من ز.

(١١) في ز : قال له : إذا.

(١٢) سقط من د.

(١٣) سقط من د.

٤٤١

باب مخارج الحروف وصفاتها الّتي يحتاج القارئ إليها

بخلاف غيرها من الصفات التي يذكرها النحويون لها (١) ، ومنهم من ذكر هذا الباب قبل باب الإدغام الكبير للاحتياج إليه [في معرفة التفاوت والتباعد ، ومنهم من ذكره قبل الاستعاذة للاحتياج إليه](٢) في تأدية حروف الفاتحة ، ومنهم من أهمله أصلا.

وهاك موازين الحروف وما حكى

جهابذة النّقّاد فيها محصّلا

(وهاك موازين الحروف) التي بها تؤدى الحروف من مخارجها عدلا من غير مشاركة لغيرها (وما حكى جهابذة النّقّاد) أي : حذاقهم جمع «جهبذ» بكسر الجيم والموحدة وذال معجمة (فيها محصّلا).

ولا ريبة فى عينهنّ ولا ربا

وعند صليل الزّيف يصدق الابتلا

(ولا ريبة) أي : لا شك (فى عينهنّ) أي : نفس المخارج والصفات (ولا ربا) أي : زيادة (وعند (٣) صليل) أي : صوت (الزّيف) أي : الرديء من / [٢٠٨ / ك] الدراهم إذا رمى به على (٤) الأرض (يصدق الابتلا) أي : الاختبار بأن تعرف حاله من الغش.

ولا بدّ فى تعيينهنّ من الألى

عنوا بالمعانى عاملين وقوّلا

(ولا بدّ فى تعيينهنّ) أي : المخارج والصفات (من) قول / (٥) العلماء (الأولى (٦) عنوا بالمعانى عاملين وقوّلا) أي : قائلين.

(فأبدأ منها بالمخارج (٧) مردفا

لهنّ بمشهور الصّفات مفصّلا).

ثلاث بأقصى الحلق واثنان وسطه

وحرفان منها أوّل الحلق جمّلا

__________________

(١) سقط من ك.

(٢) سقط من ز ، ك.

(٣) في د : ولا عند.

(٤) في ز : في.

(٥) [١١٩ ب / د].

(٦) في د : الذين.

(٧) في د : المخارج.

٤٤٢

(ثلاث) منها (بأقصى الحلق) وهي : الهمزة والهاء (١) والألف (واثنان) منها (وسطه) وهما العين والحاء المهملتان (وحرفان منها أوّل الحلق جمّلا) ، وهما الخاء والغين المعجمتان.

وحرف له أقصى اللّسان وفوقه

من الحنك احفظه وحرف بأسفلا

(وحرف) منها (له أقصى اللّسان و) ما (فوقه من الحنك احفظه) وهو القاف (وحرف) منها (بأسفلا) من مخرج القاف قليلا ، وهو الكاف.

ووسطهما منه ثلاث وحافة ال

لسان فأقصاها لحرف تطوّلا

(ووسطهما) أي : اللسان والحنك (منه ثلاث) ، وهي : الجيم والشين والياء مرتبة هكذا ، وقيل : الشين قبل الجيم (وحافة / (٢) اللسان فأقصاها) أي : أولها (لحرف تطوّلا).

إلى ما يلى الأضراس وهو لديهما

يعزّ وباليمنى يكون مقلّلا

(إلى ما يلى) حافة اللسان من (الأضراس) وهو الضاد (وهو لديهما) أي :

إخراجه من جهتي الأضراس اليمنى واليسرى معا (يعزّ) أي : يقل (وباليمنى) من الأضراس (يكون مقلّلا) والأكثر إخراجه من اليسرى.

وحرف بأدناها إلى منتهاه قد

يلى الحنك الأعلى ودونه ذو ولا

(وحرف) وهو اللام (بأدناها) أي : حافة اللسان (إلى منتهاه) أي :

منتهى طرف اللسان (قد يلى الحنك الأعلى و) حرف (دونه) أي : دون مخرج اللام فوقه ، أو تحته قليلا قولان (٣) (ذو ولا) ، وهو النون.

وحرف يدانيه إلى الظّهر مدخل

وكم حاذق مع سيبويه به اجتلا

(وحرف يدانيه) أي : النون (إلى الظّهر) أي : ظهر اللسان (مدخل) (٤) قليلا ، وهو الراء (وكم حاذق) من النحاة (مع سيبويه به (٥)) أي : بما ذكر

__________________

(١) سقط من ز.

(٢) [٩٠ أ / ز].

(٣) في ك : قولا.

(٤) في ز : مدخلا.

(٥) سقط من د.

٤٤٣

من تعدد (١) مخارج الحروف الثلاثة مع تقاربها (اجتلا).

ومن طرف هنّ الثّلاث لقطرب

ويحيى مع الجرمىّ معناه قوّلا

(ومن طرف) اللسان (هنّ الثّلاث لقطرب ويحيى) الفراء (مع الجرمىّ معناه قوّلا) والثلاثة من نحاة الكوفة فجعلوا مخرج الثلاثة واحدا / [٢٠٩ / ك] ، وعدوا المخارج أربعة عشر ، والأولون عدوها ستة عشر.

ومنه ومن عليا الثّنايا ثلاثة

ومنه ومن أطرافها مثلها انجلا

(ومنه) أي : من طرف اللسان (ومن) بين أصول (عليا الثّنايا) مصعدا (٢) إلى الحنك (ثلاثة) : الطاء والدال والتاء (ومنه) [أي : من طرف اللسان (ومن أطرافها) أي : عليا الثنايا (مثلها) أي : ثلاثة (انجلا)](٣) : الظاء والذال والثاء.

ومنه ومن بين الثّنايا ثلاثة

وحرف من اطراف الثّنايا هى العلا

(ومنه) أي / (٤) : من طرف اللسان (ومن بين الثّنايا) العليا (ثلاثة) : الصاد والسين والزاي (وحرف من اطراف الثّنايا هى العلا (٥)).

ومن باطن السّفلى من الشّفتين قل

وللشّفتين اجعل ثلاثا لتعدلا

(ومن باطن السّفلى من الشّفتين قل) وهو الفاء (وللشّفتين) من بينهما (اجعل ثلاثا) ، وهي (٦) الواو والباء والميم مع تلاصقها (لتعدلا).

وفى أوّل من كلم بيتين جمعها

سوى أربع فيهنّ كلمة اوّلا

ولما بين المصنف المخارج ، ولم يبين الحروف أشار إلى ذكرها بالرمز ، فقال : (وفى أوّل من كلم) أي (بيتين) آتيين (جمعها) أي : الحروف على ترتيب [ما ذكر من](٧) المخارج (سوى أربع) من الحروف

__________________

(١) سقط من ك.

(٢) في د : مصعد.

(٣) سقط من د.

(٤) [١٢٠ أ / د].

(٥) في د : العليا.

(٦) في د : وهو.

(٧) سقط من ز.

٤٤٤

(فيهنّ كلمة) ذكرت (اوّلا).

أهاع ح) شا (غ) او (خ) لا (ق) ارئ (ك) ما

(ج) رى (ش) رط (ي) سرى (ض) ارع (ل) اح (ن) وفلا

وهي : (أهاع) أي : أفزع (حشا غاو) أي : مذنب (١) (خلا) أي : حديث (قارئ كما جرى شرط يسرى ضارع) أي : دليل (لاح نوفلا).

(ر) عى (ط) هر (د) ين (ت) مّه (ظ) لّ (ذ) ى (ث) نا

(ص) فا (س) جل (ز) هد (ف) ى (و) جوه (ب) نى (م) لا

وغنّة تنوين ونون وميم ان

سكنّ ولا إظهار فى الأنف يجتلا

(وغنّة تنوين ونون وميم (٢) ان سكّن) كل من الأخيرين (٣) (ولا إظهار) في الأولين (فى الأنف يجتلا)/ (٤) من خياشيمه ولا عمل للسان فيها فإن تحركا أو أظهر الأولان عند حروف الحلق صار العمل للسان.

وجهر ورخو وانفتاح صفاتها

ومستفل فاجمع بالاضداد أشملا

(وجهر) وضده الهمس (ورخو) وضده الشدة (وانفتاح) وضده الإطباق (صفاتها) أي : الحروف (و) منها (مستفل) وضده المستعلي (فاجمع بالاضداد أشملا).

فمهموسها عشر (حثت كسف شخصه

أجدّت كقطب) للشّديدة مثّلا

(فمهموسها عشر) : الحاء ، والثاء ، والتاء ، والكاف ، والسين ، والفاء ، والشين ، والخاء ، والصاد ، والهاء يجمعها قوله : (حثت كسف شخصه) وسميت بذلك لضعفها ، وضعف الاعتماد عليها عند خروجها / [٢١٠ / ك] وجريان النفس معها ، والتسعة (٥) عشر الباقية مجهورة ؛ لأنه يجهر بها عند النطق لقوتها ، وقوة الاعتماد عليها ، ومنعها النفس أن يجري معها (أجدّت كقطب) أي : أحرفه الثمانية

__________________

(١) في ز : مدين.

(٢) سقط من ز.

(٣) في د ، ز : الآخرين.

(٤) [٩٠ ب / ز].

(٥) في ز : والستة.

٤٤٥

(للشّديدة مثّلا) ، وسميت بذلك ؛ لأنها قويت في مواضعها ، ولزمتها ومنعت الصوت أن يجري معها حال النطق بها.

وما بين رخو والشّديدة (عمر نل)

و (واى) حروف المدّ والرّخو كمّلا

(وما بين رخو والشّديدة) خمسة (١) يجمعها قوله : (عمر نل) والبواقي (٢) رخوة محضة ؛ / (٣) لأنها لانت عند النطق بها فضعف الاعتماد عليها ، وجرى النفس والصوت معها ، وهو في الخمس المذكورة متوسطة (وواى) أي : حروفه ، وهي : الواو والألف والياء [إلى الخمسة السابقة](٤) (حروف المدّ والرّخو) [أي : حروفه](٥) فيها (كمّلا) ، [وغير الناظم ذهب إلى أنها من المتوسطة فضمها إلى الخمسة الباقية (٦).

و (قظ خصّ ضغط) سبع علو ومطبق

هو الضّاد والظّا أعجما وإن اهملا

(وقظ خصّ ضغط) أي : حروفه (سبع علو)](٧) ، وقد تقدمت في باب الراءات لاستعلاء اللسان عند النطق بها إلى الحنك ، وما عداها مستفل لاستفاله [عنده إلى](٨) قاع الفم (ومطبق هو [الضّاد والظّا](٩)) إن (أعجما وإن اهملا) لانطباق ما يحاذي اللسان من الحنك عليه عند خروجها ، وما عداها منفتح ؛ لانفتاح ما بين اللسان والحنك [وخروج الريح من بينهما عند النطق بها.

وصاد وسين مهملان وزايها

صفير وشين بالتّفشّى تعمّلا

(وصاد وسين مهملان وزايها صفير) لصفير اللسان](١٠) عند النطق بها (وشين بالتّفشّى) ، وهو انتشار الريح من الفم عند خروجها (تعمّلا).

ومنحرف لام وراء وكرّرت

كما المستطيل الضّاد ليس بأغفلا

__________________

(١) في ك : خمسة عشر.

(٢) في د : والباقي.

(٣) [١٢٠ ب / د].

(٤) سقط من ك.

(٥) سقط من ك.

(٦) في ز : السابقة.

(٧) سقط من د.

(٨) في د : عند.

(٩) في د : الصاد والطاء.

(١٠) سقط من د.

٤٤٦

(ومنحرف لام وراء) لانحرافها إلى ناحية طرف اللسان ، وهو في الراء أقل ؛ (وكرّرت) الراء ؛ لأنها تتكرر إذا قلت : مر ، ودر ، ويتحرك طرف اللسان بها فيصير راءين ، وأكثر / (١) (كما المستطيل الضّاد) حال كونه (ليس بأغفلا) بل منقوطا ؛ لأنه (٢) يستطيل / [٢١١ / ك] حتى يتصل بمخرج اللام.

كما الألف الهاوى وآوى لعلّة

وفى (قطب جدّ) خمس قلقلة علا

(كما الألف الهاوى) لا تساع مخرجه بجريانه في هواء الفم (وآوى) أي : أحرفه الأربعة : الهمزة والألف والواو والياء (لعلّة) لاعتلالها بالتغير (٣) ، والانقلاب (وفى) أحرف (قطب جدّ خمس قلقلة) ذوات (علا) ؛ لأنها إذا وقفت (٤) عليها تقلقل اللسان حتى يسمع له نبرة قوية.

وأعرفهنّ القاف كلّ يعدّها

فهذا مع التّوفيق كاف محصّلا

(وأعرفهنّ) بالقلقلة (القاف كلّ) من العلماء (يعدّها) بخلاف غيرها ؛ لأن ما يحصل فيها من شدة الصوت المتصعد من الصدر مع الضغط أكثر ، وأقوى مما يحصل في غيرها (فهذا) الذي قررناه في هذا الباب (مع التّوفيق) من الله (كاف محصّلا) لا يحتاج معه إلى غيره ، [وبهذا كمل المقصود من نظم](٥) القصيدة.

وقد وفّق الله الكريم بمنّه

لإكمالها حسناء ميمونة الجلا

(وقد وفّق الله الكريم بمنّه) أي : أقدرني (٦) هاديا (لإكمالها) أي : القصيدة (حسناء) تفوق غيرها من كتب الفن في الحسن (ميمونة) أي : مباركة (الجلا) أي : الظهور والبروز.

وأبياتها ألف تزيد ثلاثة

ومع مائة سبعين زهرا وكمّلا

__________________

(١) [٩١ أ / ز].

(٢) في د : لا.

(٣) في ك : بالتنفس.

(٤) في ك : وقفت.

(٥) في د : وبه كل المقصود من.

(٦) في د : قدرنا.

٤٤٧

(وأبياتها ألف تزيد ثلاثة ومع مائة سبعين) فيها نحو مائة الخطبة ، وفيها أبيات خارجة عن الفن ذكرت تمهيدا أو لبيان اصطلاح أو نحو ذلك جملة أخرى ، فخلص للفن منها ألف بيت ، فيصح بهذا الاعتبار أن تسمى ألفية انتظمت (زهرا وكمّلا) حالان جمع زهراء (١) ، بمعنى : منيرة وكاملة.

وقد كسيت منها المعانى عناية

كما عريت عن كلّ عوراء مفصلا

(وقد كسيت منها المعانى عناية) واهتماما من ناظمها فأتى بها مهذبة (كما عريت) ألفاظها لعنايته بها (عن كلّ عوراء) أي : كلمة قبيحة (مفصلا) أي : قافية فغيرها من أثناء البيت أولى وفي البيت استعارة ، وطباق واحتباكان (٢) ، فتأمل.

وتمّت بحمد الله فى الخلق سهلة

منزّهة عن منطق الهجر مقولا

(وتمّت بحمد الله فى الخلق) بفتح الخاء ، أي : في الصورة ، بمعنى : النظم / [٢١٢ / ك] (سهلة منزّهة عن منطق الهجر) أي : الفحش (مقولا) أي : لسانا ونصبه على التمييز ، وما قبله حالان.

ولكنّها تبغى من النّاس كفؤها

أخا ثقة يعفو ويغضى تجمّلا

(ولكنّها تبغي) أي : تطلب (من النّاس كفؤها) أعني بها (أخا ثقة) أي : أمينا (يعفو) عما لعله فرط فيها (ويغضي) عنه بالمسامحة (تجمّلا) منه.

وليس لها إلّا ذنوب وليّها

فيا طيّب الأنفاس أحسن تأوّلا

(وليس لها) عيب (٣) فتترك بسببه (إلّا ذنوب وليّها) أي : ناظمها ، وهذا منه على سبيل التواضع ، وعدم تزكية النفس / (٤) كما هو شأن الخواص ـ رضي الله عنهم (فيا طيّب الأنفاس أحسن تأوّلا) لما ينتقد فيها.

وقل رحم الرّحمن حيّا وميّتا

فتى كان للإنصاف والحلم معقلا

__________________

(١) في ك : زاهرة.

(٢) في د : الاحتباكان.

(٣) سقط من د.

(٤) [٩١ ب / ز].

٤٤٨

أي : ملجأ.

عسى الله يدنى سعيه بجوازه

وإن كان زيفا غير خاف مزلّلا

(عسى الله يدنى) أي : يقرب (سعيه) أي : عمله (بجوازه) أي : قبولهم (١) (وإن كان زيفا) أي : رديئا (غير خاف مزلّلا) أي : منسوبا إلى الزلل.

فيا خير غفّار ويا خير راحم

ويا خير مأمول جدا وتفضّلا

(فيا خير غفّار ويا خير راحم ويا خير مأمول جدا) أي : عطاء تمييز (وتفضّلا (٢)).

أقل عثرتى وانفع بها وبقصدها

حنانيك يا ألله يا رافع العلا

(أقل عثرتى) بأن تغفرها (وانفع بها) أي : بهذه القصيدة (وبقصدها) أي : بمقصودي بها (حنانيك) أي : تحننا منك (٣) بعد تحنن ، أي : رأفة ورحمة / (٤) (يا ألله يا رافع) السماوات (العلا) ، وقد استجاب الله دعاء الناظم فعم النفع بها شرقا وغربا ، واشتهرت اشتهارا لم يعهد لكتاب (٥) قط

وآخر دعوانا بتوفيق ربّنا

أن الحمد لله الّذى وحده علا

(وآخر دعوانا بتوفيق ربّنا أن) مخففة من المثقلة (٦) ، واسمها ضمير الشأن محذوف أي : إنه (الحمد لله الّذى وحده علا) تشبيها في ذلك بأهل الجنة ، قال الله (٧) تعالى مخبرا عنهم ، (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٨).

وبعد صلاة الله ثمّ سلامه

على سيّد الخلق الرّضا متنخّلا

__________________

(١) في ز : قبوله.

(٢) في د : متفضلا.

(٣) سقط من د.

(٤) [١٢١ ب / د].

(٥) سقط من ك.

(٦) في ك : الثقيلة.

(٧) زيادة من ز.

(٨) يونس : (١٠).

٤٤٩

(وبعد) أي : بعد الحمدلة (١) (صلاة الله ثمّ سلامه على سيّد الخلق الرّضا) أي : المرضي حال كونه (متنخّلا) أي : متخيرا.

محمّد المختار للمجد كعبة

صلاة تبارى الرّيح مسكا ومندلا

(محمّد) عطف بيان ، أو بدل (المختار للمجد) حال كونه (كعبة) يؤم ويقصد من كل أفق. / [٢١٣ / ك] (صلاة) نصب على المصدر (تبارى الرّيح) أي : تعارضها ، وتجري جريها (مسكا ومندلا) هما نوعان من الطيب ، ويستعاران للثناء الحسن ، ونصبهما على الحال.

وتبدى على أصحابه نفحاتها

بغير تناه زرنبا وقرنفلا

(وتبدي) هذه الصلاة (على أصحابه نفحاتها) بفتح الفاء (٢) جمع نفحة بسكونها ، [وهي فوح الطيب](٣) (بغير تناه) ، ولا انقضاء (زرنبا وقرنفلا) حالان ، وهما نوعان من الطيب استعيرا كما تقدم ، وغاير في أنواع الطيب ، فأتى في الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمسك والمندل ؛ لأنهما أشرف وأطيب ، وبالزرنب والقرنفل في الصحابة ؛ لأنهما دون المذكورين كما لا يخفى وإذ وفق الله الكريم لإتمام هذا الشرح فلنختمه بترجمة المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ فنقول : هو الإمام أبو القاسم بن (٤) فيره بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي أحد [الأئمة الأعلام](٥) ، كان إماما في القراءات والتفسير والحديث حافظا أستاذا في العربية شافعيّا صالحا له كرامات / (٦) ، ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، وأخذ القراءات عن ابن هذيل ، وغيره ، وسمع

__________________

(١) في ك : الحمد.

(٢) في ز ، ك : الحاء ، وفي د : الهاء ، وما أثبتناه هو الصواب.

(٣) سقط من د.

(٤) في د : أبو.

(٥) في د : أئمة الإسلام.

(٦) [٩٢ أ / ز].

٤٥٠

الحديث من السلفي ، وغيره ، وكان ضريرا ومع ذلك كان لذكائه لا يظهر منه ما يظهر من الأعمى في حركاته ، وكان لا يتكلم إلا بما تدعو الضرورة إليه ، ويسمع الأذان من غير مؤذن كرامة ، [ويعذل أصحابه](١) على أشياء أسروها ، وله غير هذه القصيدة الرائية في مرسوم الخط ، وقصيدة دالية خمسمائة بيت لخص (٢) فيها «التمهيد» (٣) لابن عبد البر.

وعنه أنه قال : لا يقرأ أحد (٤) قصيدتي هذه إلا وينفعه الله تعالى بها ، لأني نظمتها مخلصا لله تعالى ، وقد تطفلت بهذا الشرح على جنابه ، رجاء الدخول في زمرة أصحابه / [٢١٤ / ك].

توفي الشيخ ـ رحمه‌الله تعالى ـ يوم الأحد ثامن عشري جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة ـ رضي الله عنه ورضي (٥) عنا به ، انتهى (٦).

[قال مؤلفه سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العالم العامل الحافظ المجتهد الورع الزاهد قطب دائرة الوجود جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الشيخ الإمام العامل العلامة القاضي كمال الدين أبو المناقب أبو بكر السيوطي الشافعي : فرغت من هذا الشرح المبارك يوم الخميس حادي عشري رجب الحرام سنة أربع وثمانين وثمانمائة أحسن الله عقباها بمنه وكرمه.

وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة المباركة يوم الخميس قبيل المغرب ثاني عشر صفر الخير من شهور سنة خمسة وثلاثين ومائة وألف أحسن الله تقضيها في خير على يد العبد الحقير المعترف بالعجز والتقصير الراجي عفو ربه العلي محمد بن محمد بن أحمد حمادة المنزلي الشافعي غفر الله له ، ولوالديه ووالديهم ، ولجميع المسلمين ، والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، والحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله

__________________

(١) في ز : ويقول لأصحابه.

(٢) سقط من د.

(٣) في ز : المفيد.

(٤) سقط من د.

(٥) في د ، ز : و.

(٦) زيادة من ز.

٤٥١

وصحبه ، وسلم تسليما.

تم

وإن تجد عيبا فسدّ الخللا

جلّ من لا عيب فيه وعلا](١)

__________________

(١) ما بين المعكوفين مكانه في د : «والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. تم تم تم».

وفي ز : «هذا الشرح على قصيدة الشاطبية لسيدنا الشيخ الإمام العالم العامل الحافظ المجتهد الورع الزاهد قطب دائرة الأرض أي : الوجود جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الشيخ الإمام العامل العلامة القاضي كمال الدين أبو المناقب أبو بكر السيوطي ـ رحمه‌الله تعالى رحمة واسعة.

وكان الفراغ من كتابة هذا الشرح سنة ١٢٧٦ في شهر جمادى الآخر مضت منه ثمانية وعشرون يوما على يد كاتبه الفقير الحقير الذليل المعترف بالذنب والتقصير مصطفى نصار ، غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ، آمين آمين يا رب العالمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه وسلم».

٤٥٢

الفهارس

مقدمة........................................................................ ١١

باب الاستعاذة................................................................. ٣٩

باب البسملة.................................................................. ٤١

سورة أمّ القرآن................................................................. ٤٥

باب إدغام الحرفين المتقاربين فى كلمة وفى كلمتين................................... ٥٣

باب هاء الكناية............................................................... ٦٣

باب المدّ والقصر............................................................... ٦٧

باب الهمزتين من كلمة.......................................................... ٧٣

باب الهمزتين من كلمتين........................................................ ٧٩

باب الهمز المفرد................................................................ ٨٣

باب نقل حركة الهمزة إلى السّاكن قبلها............................................ ٩٠

باب وقف حمزة وهشام على الهمز................................................ ٩٤

باب الإظهار والإدغام......................................................... ١٠٤

ذكر ذال إذ.................................................................. ١٠٥

ذكر دال قد................................................................. ١٠٨

ذكر تاء التّأنيث.............................................................. ١١٠

ذكر لام هل وبل............................................................. ١١٢

باب اتّفاقهم فى إدغام إذ وقد وتاء التّأنيث وهل وبل وما ضم إليها من قد............ ١١٤

باب إدغام حروف قربت مخارجها............................................... ١١٦

باب أحكام النّون السّاكنة والتّنوين.............................................. ١٢٠

باب الفتح والإمالة............................................................ ١٢٣

باب مذهب الكسائيّ في إمالة هاء التّأنيث فى الوقف............................. ١٣٩

باب مذاهبهم فى الرّاءات....................................................... ١٤٢

باب اللّامات................................................................ ١٥٠

باب الوقف على أواخر الكلم.................................................. ١٥٣

باب الوقف على مرسوم الخطّ.................................................. ١٥٦

باب مذاهبهم فى ياءات الإضافة................................................ ١٦٠

باب مذاهبهم في ياءات الزّوائد................................................. ١٧٣

٤٥٣

باب فرش الحروف............................................................ ١٨٢

سورة البقرة................................................................... ١٨٣

سورة آل عمران............................................................... ٢١٣

سورة النّساء.................................................................. ٢٢٦

سورة المائدة.................................................................. ٢٣٦

سورة الأنعام.................................................................. ٢٤٢

سورة الأعراف................................................................ ٢٥٩

سورة الأنفال................................................................. ٢٧٠

سورة التّوبة................................................................... ٢٧٤

سورة يونس عليه‌السلام............................................................. ٢٧٨

سورة هود عليه‌السلام.............................................................. ٢٨٤

سورة يوسف عليه‌السلام............................................................ ٢٩٠

سورة الرّعد................................................................... ٢٩٦

سورة إبراهيم عليه‌السلام............................................................ ٣٠٠

سورة الحجر.................................................................. ٣٠٣

سورة النّحل.................................................................. ٣٠٧

سورة الإسراء................................................................. ٣١٠

سورة الكهف................................................................. ٣١٥

سورة مريم عليهاالسّلام......................................................... ٣٢٤

سورة طه عليه الصّلاة والسّلام.................................................. ٣٢٨

سورة الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام............................................. ٣٣٤

سورة الحجّ................................................................... ٣٣٧

سورة المؤمنون................................................................. ٣٤٠

سورة النّور................................................................... ٣٤٣

سورة الفرقان................................................................. ٣٤٦

سورة الشّعراء................................................................. ٣٤٩

سورة النّمل.................................................................. ٣٥٢

سورة القصص................................................................ ٣٥٨

سورة العنكبوت............................................................... ٣٦١

ومن سورة الرّوم إلى سورة سبأ................................................... ٣٦٣

سورة لقمان.................................................................. ٣٦٥

٤٥٤

سورة السجدة................................................................ ٣٦٧

سورة الأحزاب................................................................ ٣٦٨

سورة سبأ وفاطر.............................................................. ٣٧٢

سورة يس.................................................................... ٣٧٦

سورة الصّافّات............................................................... ٣٧٩

سورة ص.................................................................... ٣٨٢

سورة الزّمر................................................................... ٣٨٤

سورة المؤمن.................................................................. ٣٨٦

سورة فصّلت................................................................. ٣٨٨

سورة الشّورى والزّخرف والدّخان................................................ ٣٨٩

سورة الشّريعة والأحقاف....................................................... ٣٩٥

ومن سورة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى سورة الرّحمن عزوجل...................................... ٣٩٨

سورة الذاريات................................................................ ٤٠١

سورة الرّحمن عزوجل............................................................ ٤٠٤

سورة الواقعة والحديد........................................................... ٤٠٦

ومن سورة المجادلة إلى سورة ن................................................... ٤٠٩

ومن سورة ن إلى سورة القيامة................................................... ٤١٥

ومن سورة القيامة إلى سورة النّبأ................................................. ٤٢١

ومن سورة النّبأ إلى سورة العلق.................................................. ٤٢٥

ومن سورة العلق إلى آخر القرآن العزيز........................................... ٤٣٣

باب التّكبير.................................................................. ٤٣٧

باب مخارج الحروف وصفاتها الّتي يحتاج القارئ إليها............................... ٤٤٢

الفهارس.................................................................... ٤٥٣

٤٥٥