جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
المحقق: أبو عاصم حسن بن عبّاس بن قطب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة قرطبة للطبع والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٥
بسم الله الرحمن الرحيم
[وصلّى الله على سيدنا محمد وسلم](١)
الحمد لله رافع أهل كتابه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تعظيما لجنابه ، وأشهد أن محمدا (٢) عبده ورسوله ، الذي لا يسامى (٣) جليل نصابه ، صلّى الله وسلم عليه ، وعلى آله وعترته وأصحابه.
هذا شرح لطيف مزجته بقصيدة الإمام أبي القاسم الشاطبي في القراءات تبركا بسلفها ، وتيمنا ببركات مؤلفها ، هاد إلى مقاصدها ، مرشد (٤) إلى مصادر أبياتها ومواردها ، والله أسأل أن ينفع به (٥) ، ويجعله خالصا من شبه الرياء وريبه.
أخبرنا شيخنا شيخ الإسلام علم الدين ابن شيخ الإسلام ، سراج الدين أبي حفص البلقيني ، وأم الفضل بنت أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي بكر المصري ، إجازة منهما ، قالا : أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المقرئ ، قال ـ الأول إجازة والأخرى سماعا ـ قال : أنا قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة ، قال : أنا أبو الفضل هبة الله ابن محمد الأزرق ، قال : أنا الإمام أبو القاسم الشاطبي ـ رحمهالله تعالى ـ قال :
بدأت ببسم الله فى النّظم أوّلا |
|
تبارك رحمانا رحيما وموئلا |
(بدأت ببسم الله فى النّظم) أي : منظومي (أوّلا) أي : أول كل شيء أتى
__________________
(١) في ز : اللهم سهل علينا يا كريم آمين ، وفي ك : وبه ثقتي.
(٢) في ز : سيدنا محمد.
(٣) في د : يسامر ، وفي ز : يسام.
(٤) في ز : مرشدا.
(٥) سقط من ك.
به فيه ، اقتداء بالكتاب العزيز ، واتباعا لقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو (١) أقطع (٢)» (٣) رواه بهذا اللفظ ابن حبّان.
ورواه هو وأبو داود وابن ماجه بلفظ : «لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» (٤) ، وهو بمعناه ، والباء الأولى في النظم ، إما زائدة أو لا ، والمقصود بما بعدها الحكاية ، أي : بدأت بقولي : «بسم الله» ؛ فيحتاج إلى تقدير متعلّقه على الثاني دون الأول.
(تبارك) / [٣ / ك] أي : تنزه عن صفات المحدثين ، أو كثر خيره.
(رحمانا رحيما) هما صيغتا (٥) مبالغة من الرحمة ، وهي إرادة الخير مجازا عن الرقة والحنو ، ونصبهما على الحال ، من فاعل (تبارك) ، وقيل :/ (٦) على التمييز ، والأول أبلغ ، وقدم مراعاة للفظ القرآن ، ولكثرة اقترانه بالثاني لم (٧) يعطف عليه ، وعطف قوله : (وموئلا) أي :
ملجأ ، وإطلاقه على الله إما على القول بأن أسماءه ـ تعالى ـ غير توقيفية ، أو لورود معناه في «الصحيحين» : «لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك» (٨) ، وفي الاكتفاء بذلك نظر.
وثنّيت صلّى الله ربّى على الرّضى |
|
محمّد المهدى إلى النّاس مرسلا |
(وثنّيت) بقولي : (صلّى الله ربّي) أي : مالكي ، وهو عطف بيان ، أو نعت ؛ لأنه صفة مشبهة ك «بر» والجملة خبرية لفظا ، والمراد بها الدعاء ، أي : اللهم صلّ (على الرّضى) أي : المرضي (محمّد المهدى إلى النّاس)
__________________
(١) سقط من د ، ك.
(٢) في ز : قطع.
(٣) ضعيف جدّا ، وانظر تخريجه والكلام عليه في إرواء الغليل حديث (١).
(٤) ضعيف ، وانظر تخريجه والكلام عليه في إرواء الغليل حديث (٢).
(٥) في د : صفتا.
(٦) [٣ ب / د].
(٧) في ك : ولم.
(٨) جزء من حديث رواه البخاري حديث (٢٤٧ ، ١٣١١ ، ٦٣١٥ ، ٧٤٨٨) ومسلم (٣٧١٠).
كما (١) قال صلىاللهعليهوسلم : «إنما (٢) أنا رحمة مهداة» (٣) رواه الحاكم / (٤) ، (مرسلا) أي : مبعوثا إليهم ؛ ليدعوهم إلى دين الإسلام ، وهو حال من ضمير (المهدى).
وعترته ثمّ الصّحابة ثمّ من |
|
تلاهم على الإحسان بالخير وبّلا |
(وعترته) بالمثناة أي : أهل بيته (ثمّ الصّحابة) أي : صحابته (ثمّ من تلاهم) أي : تبعهم (على) سنن (الإحسان بالخير) من الأمة ، (وبّلا) بالتشديد جمع وابل ، وهو المطر الكثير حال من ضمير (تلا) أي :
مشبهين له في عموم الخير والنفع.
وفي «الصحيحين» حديث : «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» (٥) أي : الصحابة والتابعون (٦) وأتباع التابعين.
وثلّثت أنّ الحمد لله دائما |
|
وما ليس مبدوءا به أجذم العلا |
(وثلّثت) بقولي : (أنّ الحمد لله دائما وما ليس مبدوءا به) فهو (أجذم العلا) بالذال المعجمة ، أي : مقطوع الشرف ، منحطّا عن درجة الاعتبار للحديث السابق.
وبعد :
فحبل الله فينا كتابه |
|
فجاهد به حبل العدا متحبّلا |
(وبعد) أي : بعد ما تقدم (فحبل الله فينا) أي : السبب الموصل إليه بأن يستمسك به (كتابه فجاهد به حبل العدا) بالكسر أي : مكائدهم التي ينصبونها (٧) لأهله كالشبكة (متحبّلا) أي : ناصبا لهم مثلها من حججه الظاهرة وآياته الباهرة.
__________________
(١) سقط من د.
(٢) زيادة من ز.
(٣) حديث صحيح ، وهو في صحيح الجامع (٢٣٤٥) من حديث ابن سعد الحكيم عن أبي صالح مرسلا. وصححه الألباني في غاية المرام (١) ، والمشكاة (٥٨٠٠) وقال : رواه الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان. وهو في الصحيحة (٤٩٠).
(٤) [٣ ب / ز].
(٥) رواه البخاري حديث (٢٦٥٢ ، ٣٦٥١ ، ٦٤٢٩) ومسلم (٢٥٣٣).
(٦) في د : والتابعين.
(٧) في د : ينصبوها.
وأخلق به إذ ليس يخلق جدّة |
|
جديدا مواليه على الجدّ مقبلا |
(وأخلق به) صيغة تعجب أي : / [٤ / ك] ما أجدره بالتمسك والمجاهدة به (إذ ليس يخلق) أي : يبلى (جدّة) تمييز ضد البلا (جديدا) حال مؤكدة (مواليه) أي : القرآن مبتدأ خبره (على الجدّ) بالكسر ضد الهزل ، أي :
ماش (مقبلا) حال من ضمير / (١) متعلق الخبر ، و «إذ» في البيت حرف تعليل ، أي : قبله ؛ لأن غير القرآن سريع إلى البلا والدحوض.
وفي (أخلق) و (يخلق) جناس مطابق ، وفي (حبل) و (حبل) جناس محرف ، ومعنى البيتين مأخوذ من حديث الترمذي : «سيكون فتن» قيل :
وما المخرج منها؟ قال : «كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، والذكر الحكيم ، والصراط المستقيم ، لا تزيغ به الأهواء ، ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد» (٢) أي : لا تزول جلالته عن القلوب بكثرة ترداده خلاف غيره.
وقارئة المرضىّ قرّ مثاله |
|
كالاترجّ حاليه مريحا وموكلا |
(وقارئة المرضيّ) بأن يقف عند حدوده (قرّ) أي : استقر (مثاله كالاترجّ) من الفاكهة حال مما قبله ، (حاليه) بدل اشتمال منه ، ويبدل منه بدل تفصيل (مريحا وموكلا) أي : ذا رائحة ذكية وأكل ، كما في «الصحيحين» (٣) من حديث أبي موسى مرفوعا : «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب» (٤).
__________________
(١) [٤ أ / د].
(٢) سنن الترمذي (٢٩٠٦) والدارمي (٣٣٣١) وقال الألباني : ضعيف الإسناد. وهو في ضعيف الجامع (٧٤) (٢٠٨١).
(٣) في ز ، ك : الصحيح.
(٤) رواه البخاري (٥٤٢٧) ومسلم (٧٩٧).
هو المرتضى أمّا إذا كان أمّة |
|
ويمّمه ظلّ الرّزانة قنقلا |
(هو) أي : قارئ القرآن (المرتضى) إما حال أو تمييز أو مفعول له ، أي : ل (الأم) ، أي : القصد إليه (إذا كان أمّة) أي : جامعا لأنواع الخير من العمل به دون الاقتصار على تلاوته (ويمّمه) أي : قصده / (١) (ظلّ الرّزانة) أي : السكينة والوقار مجازا عن الثقل (قنقلا) حال وهو بفتح القافين : الجبل ، أي : مشبها له فيما ذكر ، [ونسبة القصد إلى ظل الرزانة مجاز](٢) ، كأنه للزومه لها لا تفارقه.
هو الحرّ إن كان الحرىّ حواريا |
|
له بتحرّيه إلى أن تنبّلا |
(هو الحرّ) أي : المالك لنفسه فلم يستعبده (٣) هواه ، أي : الموصوف بذلك حقّا (إن كان) هو (الحريّ) أي : الحقيق / [٥ / ك] بالقرآن الجدير بنسبته إليه لعمله به ، (حواريّا) أي : ناصرا (له بتحرّيه) العمل بحدوده واجتهاده فيه مستمرّا على ذلك (إلى أن تنبّلا) أي : مات ، يقال : تنبل / (٤) البعير إذا مات.
وإنّ كتاب الله أوثق شافع |
|
وأغنى غناء واهبا متفضلا |
(وإنّ كتاب الله أوثق شافع) قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» (٥) رواه مسلم. (وأغنى غناء) بفتح أوله والمد بمعنى النفع (واهبا متفضّلا) حالان من فاعل (أغنى) قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه» (٦) رواه الطبراني ، وقال : «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» (٧)
__________________
(١) [٤ أ / ز].
(٢) في ز : ونسبته القصيد إلى ظل الرزانة مجازا.
(٣) في الأصول كلها : يستعبد ، والصواب ما أثبتنا.
(٤) [٤ ب / د].
(٥) رواه مسلم (٨٠٤).
(٦) حديث ضعيف. انظر ضعيف الجامع (٤١٣٤) ، والضعيفة (١٥٥٨).
(٧) رواه البخاري من حديث أبي هريرة (٧٥٢٧) ، ورواه أحمد (١٤٧٩ ، ١٥٥١ ، ١٥٥٢) وأبو داود (١٤٦٩) وابن حبان (١٢٠) ، وأبو يعلى (٧١٩) ، والحاكم (٢٠٤٣). كلهم من حديث سعد بن أبي وقاص. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
رواه أبو داود ، قال وكيع وغيره : أي : يستغن به.
وخير جليس لا يملّ حديثه |
|
وترداده يزداد فيه تجمّلا |
(وخير جليس لا يملّ حديثه وترداده) للقارئ (يزداد فيه تجمّلا).
وحيث الفتى يرتاع فى ظلماته |
|
من القبر يلقاه سنا متهلّلا |
(وحيث الفتى يرتاع) أي : يفزع (فى ظلماته من القبر يلقاه) به (سنا) بالقصر أي : ضياء (متهللا) أي : ضاحكا له تطمينا لفزعه.
هنالك يهنيه مقيلا وروضة |
|
ومن أجله فى ذروة العزّ يجتلا |
(هنالك) أي : في القبر (يهنيه مقيلا وروضة) أي : موضع استراحة ونزهة يحصلان له من أجل القرآن ، ونصبهما على التمييز ، (ومن أجله) أي : القرآن (في ذروة العز) أي : مكانه العالي (يجتلا) أي : يرى بها ظاهرا لكل أحد بعلوه.
يناشد في إرضائه لحبيبه |
|
وأجدر به سؤلا إليه موصّلا |
(يناشد) القرآن ربه ، أي : يكثر سؤاله (في إرضائه لحبيبه) بالثواب والمغفرة ، (وأجدر به) أي : ما أجدره (سؤلا إليه موصلا) لعظمة السائل له ، وهو القرآن.
روى البزار من حديث معاذ بن جبل مرفوعا : «إذا مات قارئ القرآن ، وكان أهله في جهازه ، جاء القرآن في صورة حسنة جميلة ، فوقف عند رأسه ، حتى يدرج في أكفانه ، فيكون القرآن على صدره دون الكفن ، فإذا وضع في قبره ، وسوي عليه ، وتفرق عنه أصحابه ، أتاه منكر ونكير ؛ فيجلسانه في قبره ، فيجيء القرآن حتى يكون بينه وبينهما ؛ فيقولان له / [٦ / ك] : إليك حتى نسأله ، فيقول : لا ورب الكعبة ، إنه لصاحبي وخليلي ، ولست أخذ له على حال ، فإن / (١) كنتما أمرتما بشيء فامضيا لما أمرتما ، فإني لست أفارقه ، ثم ينظر القرآن إلى صاحبه ،
__________________
(١) [٥ أ / د].
فيقول : أنا القرآن الذي كنت تظهرني وتخفيني وتحبني ، فأنا [أحببتك اليوم](١) ، ومن أحببته أحبه الله ، ليس عليك بعد مسألة منكر ونكير هم / (٢) ولا حزن ، فيسألانه منكر ونكير ، ويصعدان ، ويبقى القرآن ، فيقول : لأفرشن لك فراشا لينا ، ولأدثرنك دثارا حسنا جميلا ، فيصعد القرآن إلى السماء أسرع من الطرف (٣) ، فيسأل الله ذلك ، فيعطيه ذلك ، فينزل به ألف ملك من مقربي السماء السادسة ، فيجيء القرآن فيقول : هل استوحشت؟ [ما زدت](٤) مذ فارقتك أن كلمت الله ، حتى أحدث لك دثارا وفراشا ، فينهضه الملائكة إنهاضا لطيفا ، ويوضع له فراش بطانته من حرير أخضر حشوه المسك الأذفر ...» (٥) الحديث. وفيه انقطاع.
فيا أيّها القارى به متمسّكا |
|
مجلّا له فى كلّ حال مبجّلا |
(فيا أيها القارئ به متمسكا مجلّا) أي : معظما (له في كل حال مبجلا) بارتكاب آدابه وما يجب له (٦).
هنيئا مريئا والداك عليهما |
|
ملابس أنوار من التّاج والحلا |
(هنيئا مريئا) مصدران بدل من اللفظ بفعلهما ، وأصل (٧) الهنيء : اللذيذ بلا نقص ، والمريء : السهل (والداك عليهما ملابس أنوار) في القيامة (من التاج والحلا) مما يحلى من الذهب وغيره.
في الحديث : «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ، ومات في الجماعة بعثه الله يوم القيامة مع السفرة الكرام البررة ، ثم ينادي مناد : أين الذين كانوا لا (٨) يلهيهم رعاية الأنعام (٩) عن تلاوة كتابي ، فيقومون فيلبس أحدهم تاج الكرامة ، ويعطى خاتم (١٠) الملك بيمينه ، والخلد بيساره ، ثم يكسى
__________________
(١) في د : أحبك ، وفي ز : حبيبك.
(٢) [٤ ب / ز].
(٣) في ز : طرفة عين.
(٤) سقط من ز.
(٥) البحر الزخار (٢٢٩٨) وقال الألباني في ضعيف الترغيب (٣٦٧) : موضوع.
(٦) سقط من ك.
(٧) في د : أصل.
(٨) زيادة من ز.
(٩) في ك : الأنعام.
(١٠) سقط من ز ، ك.
أبواه ـ إن كانا مسلمين ـ حلة خضراء خير من الدنيا وما فيها ، فيقولان : أنى لنا هذا ، وما بلغته أعمالنا؟ فيقال : إن ولدكما / [٧ ك] كان يقرأ القرآن» (١) / (٢) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» من حديث جابر.
فإذا كان هذا للوالدين ، لقراءة ولدهما
فما ظنّكم بالنّجل عند جزائه |
|
أولئك أهل الله والصّفوة الملا |
(فما ظنكم) يا مخاطبين (بالنجل) أي : بالولد (٣) القارئ (عند جزائه) أتظنون أنه لا يجزى ، أو أن جزاءه دونهما ، لا بل أعظم (٤) منه ، وقد تبين في الحديث السابق.
وعند البيهقي أيضا من حديث معاذ بن أنس الجهني : «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا ، فما ظنكم بالذي عمل» (٥).
(أولئك) أي : أهل القرآن (أهل الله) وخاصته. كما رواه ابن ماجه من حديث أنس ، (والصفوة) المختارون (الملا) أي : الأشراف.
وفي حديث ابن عباس : «أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل» (٦) رواه الطبراني.
أولو البرّ والإحسان والصّبر والتّقى |
|
حلاهم بها جاء القران مفصّلا |
__________________
(١) رواه الطبراني في الكبير (١٦٩٩٣) والبيهقي في الشعب (١٩٣١) ، وأورده في المطالب العالية من مسند إسحاق ـ كلهم من حديث معاذ ، وفيه سويد بن عبد العزيز ضعيف
(٢) [٥ ب / د].
(٣) في د : الولد.
(٤) في ك : أطم.
(٥) رواه أبو داود (١٤٥٣) ، وضعفه الألباني في السنن ، وضعيف الترغيب (٨٦١) والمشكاة (٢١٣٩).
(٦) موضوع ، في إسناده سعد بن سعيد الجرجاني قال البخاري : لا يصح حديثه ـ يعني. «أشراف أمتي حملة القرآن» ـ (لسان الميزان) ، وفيه نهشل أبي عبد الله قال أبو داود : ليس بشيء. وقال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث ، ضعيف الحديث. وقال إسحاق والطيالسي : كذاب. وقال ابن حجر : متروك. وانظر الضعيفة (٢٤١٦) وضعيف الترغيب (٣٦٦) ، وضعيف الحامع (٨٧٢) ، والمشكاة (١٢٣٩)
هم (أولو البرّ والإحسان) عطف تفسير (والصّبر) أي : الحبس للنفس على ما تكره (والتّقى) أي : الخوف من الله ـ تعالى ـ (حلاهم) أي : صفاتهم الكريمة المذكورة (بها جاء القران مفصّلا) أي : مبينا في عدة آيات.
عليك بها ما عشت فيها منافسا |
|
وبع نفسك الدّنيا بأنفاسها العلا |
(عليك) يا مخاطبا (بها) إغراء ، أي : الزمها (١) (ما عشت) وكن (فيها / (٢) منافسا) لمتصف بها (وبع نفسك الدّنيا) أي : الدنية (بأنفاسها العلا) أي : العلية بأن تأخذها بدل ما تطلبه (٣) نفسك من الشهوات ، وفي قوله : (الدنيا) و (العلا) ، وفي (نفسك) و (منافسا) و (أنفاس) ـ جناس مطلق.
جزى الله بالخيرات عنّا أئمّة |
|
لنا نقلوا القرآن عذبا وسلسلا |
(جزى الله بالخيرات عنّا أئمّة لنا نقلوا القرآن عذبا) أي : حلوا (وسلسلا) أي : سهلا ، حالان أو وصفان ل (نقلا) محذوف ، وهم خلائق لا يحصى عددهم ، ولا يدرك مددهم من الصحابة فمن بعدهم.
فمنهم بدور سبعة قد توسّطت |
|
سماء العلى والعدل زهرا وكمّلا |
فأضاءت (٤) فيها جميع / (٥) أرجائها (زهرا وكمّلا) حالان جمع : زاهر ، وكامل ، لا يشينها ظلمة خسف أو نقصان ، وإطلاق / [٨ ك] البدور عليهم استعارة ، ورشحها بما ذكره ، وعدل إليها عن الكواكب ، وإن كان أنسب بالعدد المذكور ؛ لأن ضياءها أعظم ، والمقصود بهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي.
__________________
(١) في د : ارضها.
(٢) [٥ أ / ز].
(٣) في د ، ك : تطلبها.
(٤) في د : فأصابت.
(٥) [٦ أ / د].
لها شهب عنها استنارت فنوّرت |
|
سواد الدّجى حتّى تفرّق وانجلا |
(لها) أي : للبدور (شهب) أي : كواكب مضيئة (عنها استنارت) بضوئها (فنوّرت سواد الدّجى) جمع : دجية ، وهي الظلمة (حتّى تفرّق) أي : تقطع السواد (وانجلا) أي : انكشف ، والشهب كناية عن رواة السبعة المذكورين ، والنور كناية عن العلم ، والسواد عن الجهل.
وسوف تراهم واحدا بعد واحد |
|
مع اثنين من أصحابه متمثّلا |
(وسوف تراهم) أي : السبعة مذكورين في النظم (واحدا بعد واحد) كلّا منهم (مع اثنين من) أشهر (أصحابه) أي : أتباعه (متمثلا) أي : متشخصا صفة (واحدا) (١)
تخيّرهم نقّادهم كلّ بارع |
|
وليس على قرآنه متأكّلا |
(تخيّرهم) (٢) أي : السبعة ورواتهم الأربعة عشر المذكورين ، أي : اختارهم على من سواهم (نقّادهم) أي : أئمة القراءات الجهابذة ، [أو بدل](٣) من ضمير : تخيرهم المنصوب (٤) ، تعليلا للتخيير. قوله : (كلّ بارع) أي : فائق في العلم (وليس على قرآنه متأكّلا) للدنيا أي : جاعلا إياه سببا لأكلها ، ورعا وزهدا ، فلذلك تخيروهم (٥).
فأمّا الكريم السّرّ فى الطّيب نافع |
|
فذاك الّذى اختار المدينة منزلا |
(فأمّا الكريم السّرّ فى الطّيب) الذي كان يظهر من فيه إذا تكلم ، وسره قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم في فيه في المنام (نافع) عطف بيان ، وهو [ابن عبد الرحمن](٦) مولى جعونة الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب (فذاك الّذى اختار المدينة) النبوية (منزلا) له ، وناهيك بها.
وقالون عيسى ثمّ عثمان ورشهم |
|
بصحبته المجد الرّفيع تأثّلا |
__________________
(١) في د ، ز : واحد.
(٢) في د : أتخيرهم.
(٣) في د ، ك : وأبدل
(٤) سقط من د
(٥) في د ، ز : تخيرهم.
(٦) في ز : «أبو عبد الرحمن». وكلاهما صحيح.