إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

(فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «السفن» التقدير : حالة كونها جارية في البحر. كالأعلام : جار ومجرور يعرب إعراب «في البحر» أي متعلق بحال ثانية من السفن .. أو يكون الكاف اسما مبنيا على الفتح بمعنى «مثل» في محل نصب حالا. الأعلام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى : كالجبال السابحة في البحر العالية المرتفعة وهو جمع «علم» بمعنى «جبل».

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٥)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٢٦)

(كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. عليها : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. كان .. استقر أو هو كائن أو مستقر والجملة الفعلية «وجد عليها» صلة الموصول لا محل لها. فإن : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين : سكون الياء لثقل الحركة عليها وسكون التنوين بعدها ولأن الكلمة اسم منقوص نكرة تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر وتثبت في حالة النصب. بمعنى : هالك زائل من جميع الأجناس :

(وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢٧)

(وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) : الواو استئنافية. يبقى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. وجه : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى ذات الله سبحانه فهو الموجود الحي الدائم الحياة. (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) : صفة ـ نعت ـ لوجه ربك مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الجلال : مضاف إليه مجرور

٦٤١

بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والإكرام : معطوف بالواو على «الجلال» ويعرب مثله.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٨)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢٩)

(يَسْئَلُهُ مَنْ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى يسأله جميع من في الكون حاجاتهم لافتقارهم إليه سبحانه.

(فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. كان .. استقر أو هو كائن. والأرض : معطوفة بالواو على «في السموات» وتعرب مثلها والجملة الفعلية «وجد في السموات والأرض» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «يسأل» الثاني اختصارا لأنه معلوم بمعنى : يسأله سبحانه الخلق جميعا قضاء حاجاتهم.

(كُلَّ يَوْمٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل محذوف بتقدير : كل وقت وحين يحدث أمورا ويجدد أحوالا. يوم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(هُوَ فِي شَأْنٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من الهاء العائد إليه سبحانه في «يسأله» ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. في شأن : جار ومجرور متعلق بخبر «هو» بمعنى هو كل يوم في شأن جديد بمعنى : يخلق أشخاصا ويميت آخرين.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٠)

هذه الآية الكريمة أعربت .. بمعنى فبأي نعمة من نعم ربكما في تدبير أمر خلقه تكذبان أيها الجن والإنس؟

٦٤٢

(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) (٣١)

(سَنَفْرُغُ لَكُمْ) : السين حرف تسويف ـ استقبال ـ للقريب. نفرغ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. لكم : جار ومجرور متعلق بنفرغ والميم علامة جمع الذكور.

(أَيُّهَ الثَّقَلانِ) : منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى لتضمنه معنى الخطاب مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه سقطت ألفها لالتقاء الساكنين. الثقلان : صفة ـ نعت ـ لأي لأنها مشتقة وليست جامدة مرفوعة بالألف لأنها مثنى وجاء رفعها على لفظ «أي» لا محلها. والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٢)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها .. أي فبأي نعم ربكما أيها الإنس والجن تكذبان؟ والآلاء : جمع «ألى» أو إلى.

(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ) (٣٣)

(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) : بدل ـ ترجمة ـ أي تفسير لقوله تعالى «أيه الثقلان». يا :

أداة نداء. معشر : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجن : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والإنس : معطوف بالواو على «الجن» ويعرب مثله.

(إِنِ اسْتَطَعْتُمْ) : حرف شرط جازم حرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين. استطعتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والمصدر المؤول «أن تنفذوا» أي النفاذ في محل نصب مفعول به.

(أَنْ تَنْفُذُوا) : حرف مصدري ناصب. تنفذوا : فعل مضارع منصوب بأن علامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تنفذوا ..» صلة حرف مصدري لا محل لها.

٦٤٣

(مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بتنفذوا. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها بمعنى : إن استطعتم الخروج هاربين من الله الفاء واقعة في جواب الشرط. انفذوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «فانفذوا» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمعنى إن استطعتم الخروج من جوانب السموات والأرض هاربين من قضاء الله فاخرجوا منها.

(لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) : نافية لا عمل لها تفيد هنا الاستدراك بمعنى : ولكنكم لا تقدرون أي لا تستطيعون النفاذ أي الخروج منها. إلا : أداة حصر لا عمل لها. بسلطان : جار ومجرور متعلق بتنفذون .. بمعنى : إلا بحجة وسلطان وقوة وقهر ومن أين لكم ذلك؟ و «تنفذون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٤)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) (٣٥)

(يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عليك : جار ومجرور متعلق بيرسل و «ما» علامة التثنية. شواظ نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى إن حاولتما الخروج يرسل عليكما لهب خالص لا دخان فيه.

(مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شواظ» لأن «من» حرف جر بياني. ونحاس : معطوف بالواو على «شواظ» مرفوع مثلها وعلامة رفعهما «المعطوف عليه والمعطوف» الضمة المنونة بمعنى لهب خالص منبعث من نار ودخان. وقيل : شواظ : هو دخان النار وحرها وحر الشمس .. والنحاس : هو الدخان.

٦٤٤

(فَلا تَنْتَصِرانِ) : الفاء سببية ويجوز أن تكون واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن حاولتما الخروج فلا تنتصران بمعنى : فلا تمتنعان أي فلا تقدران أو تستطيعان أن تنتصرا لنفسيكما ولا تجدان من ينصركما من عذاب الله. لا : نافية لا عمل لها. تنتصران : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ المخاطبين مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٦)

هذه الآية الكريمة أعربت.

(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٣٧)

(فَإِذَا انْشَقَّتِ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. وجوابه في الآية الكريمة التاسعة والثلاثين. انشقت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «انشقت السماء» في محل جر مضاف إليه.

(السَّماءُ فَكانَتْ) : فاعل مرفوع بالضمة. الفاء عاطفة للتعقيب. كانت : فعل ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي. والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها بمعنى فصارت يوم القيامة.

(وَرْدَةً كَالدِّهانِ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : صارت حمراء كالأديم .. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ لوردة. الدهان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو تكون الكاف حرف جر للتشبيه ويكون الجار والمجرور متعلقا بصفة محذوفة من وردة بمعنى كدهن الزيت وهو دردي الزيت أي ما يبقى في أسفله أي أذيبت كالدهن.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٨)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

٦٤٥

(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) (٣٩)

(فَيَوْمَئِذٍ) : الفاء واقعة في جواب «إذا» في الآية الكريمة السابعة والثلاثين. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بلا يسأل وهو مضاف و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف إليه وهو مضاف أيضا والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان. التقدير : يومئذ تنشق السماء لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان.

(لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ) : نافية لا عمل لها. يسأل : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عن ذنبه : جار ومجرور متعلق بيسأل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.

(إِنْسٌ وَلا جَانٌ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. جان : معطوف بالواو على «إنس» ويعرب مثله.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٠)

هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.

(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٤١)

(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. المجرمون : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى يعرفون في أثناء خروجهم من القبور.

(بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ) : جار ومجرور متعلق بيعرف وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. الفاء عاطفة. يؤخذ : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة.

(بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل «يؤخذ». والأقدام : معطوف بالواو على «النواصي» ويعرب مثله وعلامة

٦٤٦

جره الكسرة الظاهرة على آخره بمعنى يعرفون بهيئتهم وعلامتهم وهو سواد الوجوه وزرقة العيون.

** (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. المعنى : فيومئذ تنشق السماء لا يسأل عن ذنبه بعض من الإنس ولا بعض من الجن .. فوضع «الجان» الذي هو أبو الجن موضع «الجن» وإنما وحد ضمير الإنس في قوله تعالى : (عَنْ ذَنْبِهِ) لكونه في معنى البعض والمعنى : لا يسألون لأنهم يعرفون بسيما المجرمين.

** (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخمسين .. المعنى : فيهما نهران يجريان نابعين من عينين في الجنة .. وقيل : من عينين في أعلاها وأسفلها .. تجريان من جبل من مسك وعن الحسن : تجريان بالماء الزلال إحداهما : التسنيم .. والأخرى : السلسبيل.

** (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والخمسين .. المعنى : مستندين على فرش ـ وسائد ـ بطائنها من ديباج ـ حرير ـ ثخين وظهائرها : من سندس وثمر تينك الجنتين قريب يناله القائم والقاعد والنائم .. و «متكئين» فيها مدح للخائفين مقام ربهم في الآية الكريمة السادسة والأربعين : «ولمن خاف مقام ربه جنتان» وجاءت اللفظة «متكئين» جمعا لأنها على معنى «من» لا لفظها لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى. والعامل في «متكئين» محذوف بتقدير : يقيمون في الجنة متكئين ويجوز أن يكون حالا مؤكدة لا تستدعي عاملا أي هم على هذه الحال. وكررت في الآية السادسة والسبعين.

** (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والخمسين .. المعنى : فيهن حور أو نساء قاصرات الطرف : أي قصرن أبصارهن على أزواجهن فقط لا ينظرن إلى غيرهم .. يقال : فلان لغضيض الطرف : أي يغض بصره عن مال غيره وفلان تقي الطرف : بمعنى : ليس بخائن. و «هن» ضمير مبهم للإناث يعود على الآلاء ـ النعم ـ المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجن أي في الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس .. و «لم يطمثهن إنس» بمعنى : لم يمسسهن إنس .. أي لم يطمث الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن وحذف المضاف إليه الظاهر وعوض عنه بمضاف إليه مضمر. وقيل : ولا جان .. أي لم يمسسهن إنس ولا جن .. بمعنى أريد بالكلمة ولا جان : ولا جن بمعنى : ولا بعض من الجن فوضع «الجان» موضع «الجن» كما يقال : هاشم ويراد به ولده وإنما وحد ضمير «الإنس» في قوله عزوجل : «فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان» لكونه في بعض منه .. بمعنى : لا يسألون لأنهم يعرفون بسيما المجرمين وهي سواد الوجوه وزرقة العيون .. وقرأ الحسن وعمر بن عبيد : «ولا جأن» فرارا من التقاء الساكنين. ومعنى «لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان» لم يمسس الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن قبل أصحاب الجنتين .. أو على معنى : إن الجن يطمثون كما يطمث الإنس وقيل : هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان وصغار الدر .. وقيل : إن الحواري تلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء.

٦٤٧

** (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السبعين .. المعنى : في مشتملات هاتين الجنتين نساء كريمات الخلق والخلق أو حسان الوجوه جمع «خيرة» جاءت في الآية الكريمة بتخفيف الياء وقرئت بتشديدها .. و «حسان» جمع : حسن .. وحسناء وحسنة وتجمع على حسنات وفي المبالغة : حسان ـ بضم الحاء وتشديد السين. و «الحسن» بضم الحاء وسكون السين : ضد القبح وجمعه : محاسن على غير قياس .. كأنه جمع «محسن» وقالوا : هذه امرأة حسناء ولم يقولوا : هذا رجل أحسن وهو اسم أنث من غير تذكير كما قالوا : غلام أمرد ولم يقولوا امرأة مرداء فذكروا من غير تأنيث .. و «حسان» بتشديد السين : اسم رجل إن جعل فعالا من الحسن صرف وإن جعل على وزن «فعلان» من «الحس» بفتح الحاء وهو القتل أو من الحس ـ بكسر الحاء ـ بالشيء لم يصرف. بمعنى إذا كان مأخوذا من الحس بالشيء أي العلم به كان حرف النون زائدا وإذا كان من الحسن أي الجمال كانت النون أصلية وعلى فهم المعنيين يبنى الصرف وعدمه.

** (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والستين .. المعنى في الجنتين عينان فوارتان فياضتان بالماء .. يقال : نضخت الثوب نضخا .. من باب «ضرب» وباب «نفع» وهو البل بالماء والرش ومثله الفعل «نضح» ينضح .. ونضخ الرجل ثوبه : بمعنى بله أكثر من النضح وهو أبلغ من «نضح» ومنه : عين نضاحة : أي فوارة غزيرة. قال الأصمعي : لا يتصرف فيه بفعل ولا باسم فاعل .. وقال أبو عبيد : أصابني نضخ من كذا ولم يكن في فعل ولا يفعل منسوب إلى أحد .. ويقال : نضح الفرس : بمعنى : عرق ونضح العرق : بمعنى : خرج .. ونضح البعير الماء : أي حمله من نهر أو بئر لسقي الزرع فهو ناضح ـ اسم فاعل ـ سمي ناضحا لأنه ينضح العطش أي يبله بالماء الذي يحمله. هذا أصله ـ كما قال الفيومي ـ ثم استعمل الناضح في كل بعير وإن لم يحمل الماء. ونضحت القربة : أي رشحت.

** (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والسبعين .. وقد وردت هذه اللفظة «حور» أربع مرات في سور «الدخان» و «الطور» و «الرحمن» و «الواقعة» متبوعة بكلمة «عين» ما عدا سورة «الرحمن» وعين : جمع «عيناء» و «حور» جمع «حوراء» وهي المرأة البيضاء. و «في الخيام» بمعنى : في أماكن النعيم .. ولفظة «الخيام» جاءت هنا على استعمال العرب لها كأماكن سكن وراحة.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٢)

هذه الآية الكريمة المكررة سبق إعرابها.

(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) (٤٣)

(هذِهِ جَهَنَّمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره : يقال لهم : هذه جهنم. أو مقولا لهم : هذه جهنم. هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. جهنم : خبر «هذه» مرفوع بالضمة.

٦٤٨

(الَّتِي يُكَذِّبُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ لجهنم. يكذب : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(بِهَا الْمُجْرِمُونَ) : جار ومجرور متعلق بيكذب. المجرمون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الفعلية «يكذب بها المجرمون» صلة الموصول لا محل لها.

(يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (٤٤)

(يَطُوفُونَ بَيْنَها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «المجرمين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيطوفون وهو مضاف و «ها» ضمير متصل يعود على جهنم مبني على السكون في محل جر مضاف إليه أي بين نار جهنم.

(وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) : معطوف على «بين» الأول ويعرب مثله. حميم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. آن : صفة ـ نعت ـ لحميم مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة على الياء المحذوفة تخلصا من التقاء الساكنين بمعنى : يترددون بين نار جهنم وبين ماء حار قد انتهى حره ونضجه .. من أنى الطعام ـ يأنى ـ إنى .. بمعنى حان.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٥)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٤٦)

(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ) : الواو استئنافية. اللام حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. خاف : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. مقام : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

٦٤٩

(رَبِّهِ جَنَّتانِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ثان. جنتان : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : ولمن خاف موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة بإطاعته الأوامر واجتنابه المعاصي.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٧)

هذه الآية الكريمة أعربت.

(ذَواتا أَفْنانٍ) (٤٨)

(ذَواتا أَفْنانٍ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «جنتان» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الألف لأنها مثنى «ذوات» وهي من ملحقات جمع المؤنث السالم وحذفت نونها للإضافة التي تلازمها ـ أصلها : ذواتان ـ أفنان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى جنتان ذواتا أغصان كثيرة تتشعب من فروع الشجرة.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٩)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) (٥٠)

(فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ثانية للموصوف «جنتان». فيهما : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «ما» علامة التثنية أو الميم حرف عماد والألف علامة التثنية. عينان : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. تجريان : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ للموصوف «عينان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : في الجنتين نهران يجريان في الأعلى والأسفل.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥١)

هذه الآية الكريمة المكررة سبق إعرابها.

٦٥٠

(فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) (٥٢)

(فِيهِما مِنْ كُلِ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ثالثة للموصوف «جنتان». فيهما : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «ما» علامة التثنية. من كل : جار ومجرور في محل نصب حال مقدمة من «زوجان».

(فاكِهَةٍ زَوْجانِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. زوجان : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : صنفان : رطب ويابس.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٣)

هذه الآية الكريمة أعربت.

(مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) (٥٤)

(مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ) : منصوب على المدح للخائفين مقام ربهم بمعنى أعني أو حال منهم منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والعامل فيه محذوف بتقدير : يقيمون في الجنة متكئين ويجوز أن يكون حالا مؤكدة لا تستدعي عاملا أي هم على هذه الحال. على فرش : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «متكئين» بتأويل فعله بمعنى : مستندين ..

(بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ـ نعت ـ لفرش. بطائن : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. من إستبرق : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. بمعنى : بطائنها من ديباج ـ حرير ـ ـ ثخين وظهائرها من سندس.

(وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) : الواو عاطفة. جنى : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف. الجنتين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى وثمر تينك الجنتين. دان : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين سكون الياء وسكون التنوين بعدها ولأن الكلمة

٦٥١

اسم منقوص نكرة تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر وتثبت في حالة النصب بمعنى : قريب يناله القائم والقاعد والنائم. وهو اسم بمعنى : المجنى.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٥)

أعربت في آية كريمة سابقة.

(فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) (٥٦)

(فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) : حرف جر و «هن» ضمير مبهم مبني على الفتح في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم والضمير المبهم ـ ضمير الإناث ـ يعود على النعم ـ الآلاء ـ المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجن أي في الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس. قاصرات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. الطرف : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : حور قاصرات الطرف فحذف الموصوف «حور» وحل النعت ـ الصفة ـ محله بمعنى قصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم.

(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف المبتدأ المؤخر المقدر «حور» أو «نساء» ويجوز أن تكون في محل نصب حالا منها بعد تخصصها وتعريفها بالوصف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يطمث : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. إنس : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعن لم يمسسهن إنس ..

(قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيطمث وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. جان : معطوف على «إنس» ويعرب مثله بمعنى لم يطمث الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن و «قبلهم» أي قبل أصحاب الجنتين.

٦٥٢

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٧)

هذه الآية الكريمة المكررة سبق إعرابها.

(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) (٥٨)

(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه أي تشبيه نساء الجنة و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «كأن». الياقوت : خبر «كأن» مرفوع بالضمة بمعنى : كأن هؤلاء ـ الحور ـ النساء ـ في صفاء اللون وحمرته الياقوت : وهو الحجر الأملس الصافي. والمرجان : معطوف بالواو على «الياقوت» ويعرب مثله بمعنى وكأنهن في حمرة الوجه وبياض البشرة وصفائها اللؤلؤ وهو صغار الدر وقيل : هو الخرز الأحمر الذي يستخرج من البحر.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٩)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ) (٦٠)

(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ) : أداة استفهام متضمنة معنى النفي ـ النفي الضمني ـ بمعنى : ما. جزاء : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الإحسان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى هل جزاء الإحسان في العمل في الدنيا.

(إِلَّا الْإِحْسانُ) : أداة حصر لا عمل لها. الإحسان : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى : إلا الإحسان في المكافأة أي الجنة في الآخرة.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦١)

هذه الآية الكريمة المكررة أعربت.

(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) (٦٢)

(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) : الواو عاطفة. من دونه : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه و «ما» علامة التثنية.

٦٥٣

جنتان : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين جنتان لمن دونهم من أصحاب اليمين أو من تحتهما جنتان.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٣)

هذه الآية الكريمة أعربت.

(مُدْهامَّتانِ) (٦٤)

(مُدْهامَّتانِ) : صفة ـ نعت ـ لجنتين ـ الواردة في الآية الكريمة الثانية والستين مرفوعة مثلها بالألف لأنها مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : قد ادهامتا : أي ضربتا إلى السواد من شدة الخضرة والري أي خضراوان .. يقال : ادهام لونه : أي ضرب إلى السواد من شدة اخضراره.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٥)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) (٦٦)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية والستين.

نضاختان : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عينان» وتعرب مثلها بمعنى : فوارتان فياضتان بالماء.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٧)

هذه الآية الكريمة أعربت.

(فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (٦٨)

(فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. و «ما» علامة التثنية. فاكهة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. و «نخل ورمان» معطوفتان بواوي العطف على «فاكهة» وتعربان إعرابها.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٩)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

٦٥٤

(فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) (٧٠)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب «فيهن قاصرات» في الآية الكريمة السادسة والخمسين. حسان : صفة لخيرات مرفوعة بالضمة المنونة.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧١)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها بمعنى : فبأي نعمة من نعم ربكما تكفران يا معشر الإنس والجن ـ الثقلان ـ.

(حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) (٧٢)

(حُورٌ مَقْصُوراتٌ) : بدل من «خيرات» في الآية الكريمة السبعين مرفوعة مثلها بالضمة المنونة بمعنى : فيهن نساء حور أو تكون صفة لخيرات ـ صفة أخرى والأفصح صفة أخرى لنساء. مقصورات : صفة ثانية لنساء مرفوعة بالضمة المنونة بمعنى : مصونات في خيامهن .. مخدرات في الخيام وحور : جمع : حوراء وهي المرأة البيضاء.

(فِي الْخِيامِ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعولات «مقصورات» على تأويل فعله. أو متعلق بصفة لحور.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧٣)

سبق إعراب هذه الآية الكريمة.

(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) (٧٤)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة والخمسين.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧٥)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) (٧٦)

(مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) : حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. على رفرف : جار ومجرور متعلق

٦٥٥

باسم الفاعلين «متكئين» على تأويل فعله. خضر : صفة ـ نعت ـ لرفرف مجرور مثله بالكسرة المنونة.

(وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) : معطوف بالواو على «رفرف خضر» ويعرب إعرابه بمعنى : مستندين على وسائد خضر وأشياء نفيسة أخرى منقوشة ومزخرفة.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧٧)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٧٨)

(تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) : فعل ماض مبني على الفتح. اسم : فاعل مرفوع بالضمة. وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى : تعاظم وتنزه اسم ربك أي ذاته سبحانه.

(ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «الرب» مجرور وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الجلال : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والإكرام : معطوف بالواو على «الجلال» مجرور بالإضافة أيضا وعلامة جره للتعظيم الكسرة الظاهرة بمعنى صاحب العظمة والنعم على عباده.

***

٦٥٦

سورة الواقعة

معنى السورة : الواقعة : اسم فاعل مؤنث .. ومذكره : الواقع من الفعل «وقع» يقع ـ وقوعا بمعنى : سقط ـ يسقط ـ سقوطا. ويقال : وقع المطر ـ يقع ـ وقعا : بمعنى : نزل. قالوا : ولا يقال سقط المطر .. ووقع الشيء : بمعنى : سقط وله معان أخرى منها : وقع فلان في فلان وقوعا ووقيعة : بمعنى : سبه .. ووقعت بالقوم : أي قتلت وأثخنت .. وتميم تقول : أوقعت بهم .. ووقع الطير وقوعا ويسمى موقع الغيث ـ المطر ـ موضعه الذي يقع فيه. وفي الحديث : «اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها تقع من الجائع موقعها من الشبعان» أي أنها لا تغني الشبعان فلا ينبغي له أن يبخل بها فإذا تصدق هذا بشق وهذا بشق وهذا حصل له ما يسد جوعته ووقع موقعا من كفايته .. أي أغنى غنى. و «الوقعة» هي صدمة الحرب .. والواقعة : هي القيامة. والوقيعة في الناس : الغيبة وتأتي بمعنى : القتال .. وجمعها : وقائع.

تسمية السورة : وردت لفظة «الواقعة» مرتين في القرآن الكريم مرة في سورة «الحاقة» أي القيامة ومرة في سورة سميت باسمها سمى الله تعالى إحدى سور كتابه الكريم بها لهولها وفظاعتها .. فالواقعة .. والحاقة .. والآزفة .. هي من أسماء يوم القيامة .. قال تعالى في مستهل هذه السورة الشريفة : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ) صدق الله العظيم. المراد بالواقعة : القيامة .. أي إذا حدثت القيامة فلا يكون حين حدوثها نفس تكذب على الله تعالى أو على نفسها .. وسميت «القيامة» : الواقعة لتحقق وقوعها وخافضة : بمعنى تخفض قوما ورافعة : بمعنى : وترفع آخرين. وحذف الموصوف اسم «ليس» المؤخر وهو «نفس» وحلت الصفة «كاذبة» محلها. أي وليس في وقعة الواقعة نفس كاذبة بمعنى : تكذب في تكذيب الغيب أي لم تكن لها رجعة ولا ارتداد. و «الواقعة» اشتق اسمها من الوقوع قطعا للشك فيها فهي واقعة لا محالة لأنها بمعنى الساعة ووقوع القيامة.

٦٥٧

فضل قراءة السورة : قال حبيب الله محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الواقعة» في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا» وأخرج الإمام أحمد عن جابر بن سمرة يقول : كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم ولكنه كان يخفف كانت صلاته أخف من صلاتكم وكان يقرأ في الفجر : الواقعة ونحوها من السور.

إعراب آياتها

(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١)

(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط. وقعت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الواقعة : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «وقعت الواقعة» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف. وجواب «إذا» هو الجملة الفعلية «ليس لوقعتها كاذبة» أي الآية الكريمة التالية .. أو يكون جواب الشرط محذوفا تقديره إذا حدثت القيامة كان كذا وكذا أي لرأيت أمرا هائلا.

(لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٢)

(لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان». لوقعتها : جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم. كاذبة : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة وهي صفة ـ نعت ـ حلت محل موصوف اسم «ليس» بتقدير : نفس كاذبة بمعنى : لا تكون حين تقع القيامة وتحدث نفس كاذبة على الله ويكذب في تكذيب الغيب أي لم تكن لها رجعة ولا ارتداد أو تكذب على نفسها و «ها» في «وقعتها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣)

٦٥٨

(خافِضَةٌ رافِعَةٌ) : خبران على التتابع ـ خبر بعد خبر ـ لمبتدإ محذوف تقديره : هي مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة وهما اسما فاعلتين تعملان عمل فعليهما المتعديين إلى مفعولين بمعنى : خافضة أي تخفض أقواما بمعنى : تضع أقواما بسبب كفرهم وعنادهم وترفع آخرين أي أقواما آخرين بسبب إيمانهم ..

(إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) (٤)

(إِذا رُجَّتِ) : بدل من «إذا» في الآية الكريمة الأولى وتعرب إعرابها ويجوز أن تنتصب بخافضة رافعة .. أي تخفض وترفع وقت رج الأرض ويجوز أن يكون الظرف «إذا» متعلقا بوقعت الواقعة أي إذا حدثت الواقعة في هذا الوقت فتكون جملة «رجت الأرض» على هذا المعنى جواب «إذا» الأول. رجت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين.

(الْأَرْضُ رَجًّا) : نائب فاعل مرفوع بالضمة. رجا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بالفتحة المنونة بمعنى إذا حركت الأرض وزلزلت.

(وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٥)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : وفتتت الجبال تفتيتا أو سيقت مرتفعة في الهواء من قولهم : بس الغنم : بمعنى : ساقها.

** (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى. المعنى : إذا حدثت أو قامت أو حصلت القيامة سميت القيامة : الواقعة لتحقق وقوعها أي إذا وقعت لم يكن لها رجعة ولا ارتداد. و «الواقعة» اشتق اسمها من الوقوع قطعا للشك فيها فهي واقعة لا محالة وجواب «إذا» هو الآية الكريمة التالية ـ الثانية ـ : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) وذكر الفعل «ليس» مع اسمه المؤنث «كاذبة» لأن «كاذبة» مصدر كالعاقبة بمعنى «التكذيب» وهو مؤنث لفظا مذكر معنى. وبمعنى : لا تكون حين تقع وتحدث نفس كاذبة : أي تكذب على الله وتكذب في تكذيب الغيب أي ليس في وقعتها نفس كاذبة فحذف اسم «ليس» الموصوف «نفس» وأقيمت الصفة «كاذبة» مقامه. وقيل : جواب «إذا» محذوف. التقدير : كان كذا وكذا .. أي لرأيت أمرا هائلا وجرى القرآن الكريم على سنته في حذف الجواب في مواطن التهويل

٦٥٩

والترويع وحذف الجواب للسبب المذكور أو بتقدير : إذا وقعت الواقعة فسترون ما يجل عن الوصف. ومنه القول : وقعت بالقوم وقيعة : بمعنى : قتلت وأثخنت. وتميم تقول : أوقعت بهم. و «الوقعة» صدمة الحرب. والوقيعة : القتال. قال عنترة بن شداد في معلقته :

يخبرك من شهد الوقيعة أنني

أغشى الوغى وأعف عند المغنم

والفعل «يخبرك» جاء مجزوما لأنه جواب «هلا سألت الخيل .. الوارد في البيت السابق والوقعة والوقيعة : اسمان من أسماء الحروب وجمعهما : وقعات ووقائع. و «الوغى» هو أصوات أهل الحرب ثم استعير للحرب و «المغنم» و «الغنيمة» بمعنى واحد هو المكسب. يقول الشاعر : إن سألت الفرسان عن حالي في الحرب يخبرك من حضر الحرب بأني كريم عالي الهمة آتي الحروب وأعف ـ أي أكف وامتنع ـ عن اغتنام الأموال. ويسمي الكوفيون الفعل المتعدي : واقعا. ومن معاني «الوقيعة» أيضا : الغيبة نحو : وقع في الناس وقيعة : أي اغتابهم واسم الفاعل هو وقاع ووقاعة : أي يغتاب الناس .. ومن معانيها أيضا : موضع وقوع الطائر .. ووقائع العرب : هي أيام حروبهم. وسميت «القيامة» الواقعة لأنها أيضا تقع بالخلق فتغشاهم. و «الواقع» هو اسم فاعل ومؤنثه : الواقعة ويجمع «الواقع» على «وقع» بضم الواو وتشديد القاف و «وقوع» ومن معانيه : الثابت .. نحو : وقع الحق : أي ثبت ووقع القول عليهم : أي وجب فهو واقع أي واجب .. ووقع الكلام في نفسه : بمعنى أثر فيها فهو مؤثر أما الفعل المزيد «توقع» فمعناه : انتظر حصول الأمر أو الشيء .. وكثيرا ما تلازم لفظة «الواقع» الحقيقة في قول من يتصف بضعف في انتقاء الكلمات عند الحديث أو في بطء بتفكير أو قصور في التعبير فنراه يستخدم هذه الازمة التي باتت رائجة وشهيرة وهي قوله وهو يتحدث : في الحقيقة والواقع .. وقد يفقد المتحدث من دون أن يدري قيمة حديثه عند تكراره لهذه اللفظة التي يحاول من خلالها استجماع أفكاره وصوغ عباراته .. أما «الواقعي» فهو التابع لمذهب الواقعية وهي مذهب القائلين بحقيقة المجردات في ذاتها .. والواقعية في الأدب : هي تصوير أو تمثيل الأشياء في حقيقتها مع كل ما يمكن أن يكون فيها من بشاعة. ويقال : خاض المسلمون أكثر من ثلاث مواقع في أكثر من ثلاثة مواقع .. ذكر العدد «ثلاث» لأن معدوده «مواقع» جمع «موقعة» وهي لفظة مؤنثة والعدد يخالف المعدود من ثلاثة إلى عشرة وأنث العدد «ثلاثة» لأن معدوده «مواقع» جمع «موقع» وهو لفظة مذكرة. وعودة إلى الآية الكريمة الأولى من سورة «الواقعة» يروى أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ورد على لسانه جوابا على أصحابه حين قالوا له : لقد أسرع منك الشيب؟ فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «شيبتني هود والواقعة» وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ما نزلت على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية ولهذا قال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «شيبتني هود والواقعة وأخواتهما». ويروى عن بعضهم قوله : رأيت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في النوم فقلت له : روي عنك أنك قلت : شيبتني هود؟ فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : نعم. فقلت : ما الذي شيبك فيها أقصص الأنبياء أم هلاك الأمم؟ فقال : لا. بل قوله : استقم.

** (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : وفتتت الجبال تفتيتا وقيل : سيقت من قولهم : بس الإبل .. نحو : بس الإبل ـ يبسها ـ بسا .. من باب «رد» أي ساقها أو زجرها أيضا .. و «البسوس» اسم امرأة من العرب هاجت بسببها الحرب أربعين سنة بين العرب فضرب بها المثل في الشؤم فقالوا : أشأم من البسوس .. وبها سميت حرب البسوس.

٦٦٠