إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

(فِي ما لا تَعْلَمُونَ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي. والجار والمجرور متعلق بننشئ. لا : نافية لا عمل لها. تعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا تعلمون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : في عالم أو خلق لا تعلمونه أو في صفات لا تعلمونها.

(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) (٦٢)

(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد ـ قد : حرف تحقيق. علمتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.

(النَّشْأَةَ الْأُولى) : مفعول به منصوب بالفتحة. الأولى : صفة ـ نعت ـ للنشأة منصوبة مثلها وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

(فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) : يعرب إعراب «فلو لا تصدقون» في الآية الكريمة السابعة والخمسين وأصلها : تتذكرون حذفت إحدى التاءين.

(أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) (٦٣)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والخمسين. المعنى : ما تحرثونه من الطعام أي تبذرون حبه وتعملون في فلاحة أرضه ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تحرثون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول «رأيتم» التقدير : حرثكم أي زرعكم.

(أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٦٤)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والخمسين بمعنى أأنتم تنبتونه وتردونه نباتا أم نحن المنبتون؟

٦٨١

(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) (٦٥)

(لَوْ نَشاءُ) : حرف شرط جازم. نشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.

(لَجَعَلْناهُ حُطاماً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو» للتوكيد. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول بمعنى لو شئنا لصيرناه حطاما. حطاما : مفعول به ثان منصوب بجعل المتعدي إلى مفعولين على معنى «صير» وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : هشيما.

(فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) : الفاء سببية. ظلتم : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ظل» والميم علامة جمع الذكور. وأصله : فظللتم بمعنى : فبقيتم وصرتم وحذفت اللام الأولى المكسورة تخفيفا. تفكهون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «ظل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وأصله : تتفكهون حذفت إحدى التاءين تخفيفا بمعنى : تعجبون أو تندمون.

(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) (٦٦)

(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا ولكثرة الاستعمال. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. مغرمون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك رزقنا.

(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) (٦٧)

(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) : حرف إضراب للاستئناف. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. محرومون : خبر «نحن»

٦٨٢

مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : بل نحن قوم محرومون أي حرمنا رزقنا. فحذف الموصوف «قوم» وأقيمت صفته «محرومون» مقامه.

(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) (٦٨)

(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ) : أعرب في الآية الكريمة الثامنة والخمسين. الماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(الَّذِي تَشْرَبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للماء. تشربون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : تشربونه أي الماء العذب الصالح للشرب وحذف العائد مراعاة لرءوس الآي الشريف.

(أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) (٦٩)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكرمة التاسعة والخمسين. أنزلتموه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والواو لإشباع الميم والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. من المزن : جار ومجرور متعلق بأنزلتم أو بحال محذوفة من الضمير. التقدير : أنزلتموه حال كونه ماء من المزن أي من السحاب وهو جمع «مزنة» وقيل : هو السحاب الأبيض خاصة وهو أعذب ماء. أم نحن المنزلون له بإرادتنا وقدرتنا.

(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) (٧٠)

(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين بمعنى لجعلناه ملحا. وحذفت اللام اختصارا.

٦٨٣

(فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابعة والخمسين. وحذف المفعول اختصارا بمعنى فهلا تشكرون عدم جعله ملحا؟

(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) (٧١)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والستين. وتورون : بمعنى : تقدحون .. أي تورونها.

(أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (٧٢)

تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والخمسين. أنشأتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. شجرة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. أي التي منها الزناد.

(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) (٧٣)

(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) : أعرب في الآية الكريمة السابعة والخمسين. و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. تذكرة : مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة.

(وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) : معطوف بالواو على «تذكرة» ويعرب إعرابها بمعنى : نحن جعلنا نار الزناد تذكيرا لكم بنار جهنم أو جعلناها حاضرة ينظرون إليها ويذكرون ما أوعدوا به ومنفعة. للمقوين : جار ومجرور متعلق بجعلنا أو بصفة محذوفة من «متاعا» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : للسائرين في القفار يقال : أقوى القوم : بمعنى : صاروا بالقواء وهو القفر أو للجائعين.

(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤)

(فَسَبِّحْ بِاسْمِ) : الفاء استئنافية. سبح : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. باسم : جار ومجرور متعلق

٦٨٤

بسبح وهو مضاف بمعنى : فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك أو فسبح ذكر ربك أي الباء زائدة.

(رَبِّكَ الْعَظِيمِ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر مضاف إليه ثان. العظيم : صفة للرب مجرور بالكسرة ..

(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥)

(فَلا أُقْسِمُ) : الفاء استئنافية. لا : زائدة نافية أدخلت على فعل القسم لتوكيده .. وقد اختلف العلماء حولها فقيل : هي صلة مثلها في «لئلا يعلم أهل الكتاب» وقالوا : لا تزاد في أول الكلام وإنما تزاد في وسطه وأجيبوا بأن القرآن الكريم في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض. والوجه أن يقال : هي للنفي والمعنى في ذلك : أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له كما قال الزمخشري وأضاف ويدلك على ذلك في سورة «القيامة» لا أقسم بيوم القيامة وقوله تعالى : «فلا أقسم بمواقع النجوم» فكأنه بإدخال حرف النفي يقول : إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام .. يعني أنه يستأهل أكثر أو فوق ذلك. وعن قوله «لا أقسم بيوم القيامة» يل : إن «لا» نفي لكلام ورد له قبل القسم. كأنهم أنكروا البعث فقيل : لا. أي ليس الأمر كما ذكرتم ثم قيل : أقسم بيوم القيامة. وقيل : إن «لا» التي قبل «أقسم» توطئة للنفي بعده وقدر المقسم عليه المحذوف هاهنا منفيا تقديره : لا أقسم بيوم القيامة لا تتركون سدى. أقسم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا.

(بِمَواقِعِ النُّجُومِ) : الباء حرف جر للقسم. مواقع : مقسم به مجرور وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بأقسم وهو مضاف. النجوم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : بمساقط النجوم.

(وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦)

٦٨٥

(وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ) : الواو اعتراضية والجملة بعدها من «إن» مع اسمها وخبرها اعتراضية لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ قسم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. وقد اعترضت الجملة بين القسم وجوابه «إنه لقرآن كريم».

(لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) : حرف للتمني لا عمل له. تعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لو تعلمون» اعتراضية بين الموصوف وصفته لا محل لها. عظيم : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قسم» مرفوع مثله بالضمة المنونة وحذف مفعول «تعلمون» اختصارا المعنى لو تعلمون قدره وعظمته.

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧)

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) : الجملة المؤولة جواب القسم لا محل لها وتعرب إعراب «إنه لقسم عظيم» بمعنى أن الموحى إليك يا محمد لقرآن.

(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) (٧٨)

(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «قرآن». مكنون : صفة ـ نعت ـ لكتاب مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة. بمعنى : محفوظ مصون أي محفوظ في اللوح المحفوظ وقيل : الكتاب المكنون : هو اللوح المحفوظ.

(لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (٧٩)

(لا يَمَسُّهُ) : نافية لا عمل لها. يمسه : فعل مضارع مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والجملة الفعلية «لا يمسه إلا المطهرون» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لقرآن.

(إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) : أداة حصر لا عمل لها. المطهرون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. أو تكون الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعتا ـ لكتاب وعلى هذا التقدير

٦٨٦

يكون المعنى : مصونا من غير المقربين من الملائكة لا يطلع عليه من سواهم وهم المطهرون من جميع الأدناس : أدناس الذنوب وما سواها وإن جعلت الجملة صفة للقرآن فالمعنى : لا ينبغي أن يمسه إلا ما هو على الطهارة من النار يعني مس المكتوب منه ومن الناس من حمله على القراءة أيضا.

(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٨٠)

(تَنْزِيلٌ) : صفة أخرى للقرآن .. بمعنى : منزل أو وصف بالمصدر لأنه نزل نجوما من بين سائر كتب الله تعالى فكأنه في نفسه تنزيل أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أي القرآن منزل من الله تعالى على نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بتنزيل ـ على تأويل فعله ـ أو بصفة محذوفة من «تنزيل» وعلامة رفع «تنزيل» الضمة المنونة. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ورب العالمين أقيم مقام الموصوف «الله» سبحانه أي رب العوالم كافة.

(أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) (٨١)

(أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) : الهمزة همزة إنكار وتوبيخ بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. الباء حرف جر. الهاء للتنبيه. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق باسم الفاعلين «مدهنون» الحديث : بدل من «هذا» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : أبهذا القرآن.

(أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مدهنون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : متهاونون غير متصلين.

(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢)

(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) : الواو عاطفة. تجعلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رزقكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على

٦٨٧

الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : وتجعلون شكر رزقكم أي المطر وحظكم ..

(أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) : الجملة المؤولة من «أن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ثان. التقدير : التكذيب أي تكذيبكم به أي وضعتم التكذيب موضع الشكر. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «أن» والميم علامة جمع الذكور. تكذبون : تعرب إعراب «تجعلون» والجملة الفعلية «تكذبون» في محل رفع خبر «أن».

(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) (٨٣)

(فَلَوْ لا إِذا) : الفاء استئنافية. لو لا : حرف توبيخ بمعنى «هلا». إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون في محل نصب خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. وجواب الشرط «إذا» محذوف دل عليه جواب «إن» في الآية الكريمة السادسة والثمانين أو يكون جواب «إن» جوابا لإذا وإن معا أو يكون جواب «إذا» جملة «فلو لا ترجعونها» على معنى : فلو لا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين.

(بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «إذا» وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي أو يكون الفاعل محذوفا لأنه معلوم بمعنى : فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن بعد بلوغها الحلق وهو معنى «الحلقوم». الحلقوم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي حلق المحتضر ـ بفتح الضاد ـ عند النزع.

(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) (٨٤)

(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في

٦٨٨

محل رفع مبتدأ. حين : ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتنظرون وهو مضاف و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر على آخره وحرك بالكسرة تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف إليه والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان. التقدير : وحينئذ تبلغ الحلقوم ـ وهو أعلى مجرى الطعام ـ تنظرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنتم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى تنظرون إليه والمخاطبون الجالسون بجوار المحتضر.

(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (٨٥)

(وَنَحْنُ أَقْرَبُ) : الواو استئنافية. نحن : ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. أقرب : خبر «نحن» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل.

(إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ) : جاران ومجروران متعلقان بأقرب والميم علامة جمع الذكور. الواو زائدة. لكن : حرف ابتداء أو عطف للاستدراك لا عمل له.

(لا تُبْصِرُونَ) : نافية لا عمل لها. تبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى تنظرون المحتضر ينازع ويعاني سكرات الموت ولن تستطيعوا التخفيف عنه ولا ترون حقيقة الحالة.

(فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) (٨٦)

(فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ) : مكرر للتوكيد. إن : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور وحذف جواب الشرط لتقدم معناه. التقدير : فلو لا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين أي غير ناجين بمعنى : غير مجزيين؟

٦٨٩

(غَيْرَ مَدِينِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. مدينين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٨٧)

(تَرْجِعُونَها إِنْ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به يعود على النفس وهي الروح. إن : حرف شرط جازم.

(كُنْتُمْ صادِقِينَ) : أعربت في الآية السابقة. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير والمعنى : فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن بعد بلوغها الحلقوم أم لم يكن هناك قابض إن كنتم صادقين في أباطيلكم.

(فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (٨٨)

(فَأَمَّا إِنْ كانَ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل له. إن : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن واسمها محذوف لأنه معلوم مما قبله بمعنى : إن كان المتوفى ـ المحتضر ـ.

(مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي من السابقين المقربين.

(فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) (٨٩)

(فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) : الفاء واقعة في جواب «إن» و «أما» أو تكون واقعة في جواب «أما» لأنها لا تفارقها .. وجواب «إن» محذوف لأن ما بعده يدل عليه. روح : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وخبره المقدم محذوف التقدير :

٦٩٠

فله روح بمعنى فله استراحة. وريحان : معطوف بالواو على «روح» ويعرب مثله.

(وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) : معطوفة بالواو على «روح» وتعرب مثلها. وحذفت الضمة المنونة الثانية للإضافة. نعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : فله الخلود والرزق الطيب والنعيم.

(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) (٩٠)

معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثامنة والثمانين وتعرب إعرابها. اليمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) (٩١)

(فَسَلامٌ لَكَ) : الفاء واقعة في جواب «إن» و «أما» لأن الفاء لا تفارق «أما» وجواب «إن» محذوف لأن ما بعده يدل عليه. سلام : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. لك : جار ومجرور متعلق بالخبر وجاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة. أي تقول له الملائكة عند الموت : سلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين.

(مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «سلام». اليمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ) (٩٢)

معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثامنة والثمانين وتعرب إعرابها. الضالين : صفة للمكذبين وتعرب مثلها. المعنى : إن كان المتوفى من المكذبين بالله ورسوله وهم أصحاب الشمال.

(فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) (٩٣)

(فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) : تعرب إعراب «فروح» في الآية الكريمة التاسعة والثمانين بمعنى : فله نزل أي للمتوفي من المكذبين أو بمعنى : فنزله عندنا. من حميم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نزل» و «من»

٦٩١

حرف جر بياني لبيان جنس «نزل» وتمييز له أي فنزله هو الحميم بمعنى الماء المتناهي في الحرارة.

(وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (٩٤)

(وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) : معطوفة بالواو على «نزل» وتعرب إعرابها. جحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : وإدخال جحيم أي إحراقه في النار.

(إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) (٩٥)

(إِنَّ هذا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. حق : خبر «هو» مرفوع بالضمة وهو مضاف. اليقين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والجملة الاسمية «هو حق اليقين» في محل رفع خبر «إن» بمعنى : الحق الثابت من اليقين أو يقين حق اليقين ..

(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٩٦)

(فَسَبِّحْ بِاسْمِ) : الفاء استئنافية. سبح : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. باسم : جار ومجرور متعلق بسبح وهو مضاف بمعنى : فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك أي نزهه سبحانه عن النقص فحذف المضاف «ذكر» وحل المضاف إليه «اسم» محله أو بمعنى : فسبح ذكر ربك أي الباء حرف جر زائد.

(رَبِّكَ الْعَظِيمِ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة الظاهرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان. العظيم : صفة ـ نعت ـ للرب مجرور وعلامة جره الكسرة.

٦٩٢

سورة الحديد

معنى السورة : المراد بلفظة «الحديد» في هذه السورة الشريفة «القتال» وللحديد معان كثيرة .. وهو معدن معروف ومنه الشديد الصلب واللين الرخو. قال الجوهري : الحد : هو الحاجز بين الشيئين .. وحد الشيء : منتهاه .. ويقال : حد الدار ـ يحدها ـ حدا .. من باب «رد» وحددها أيضا تحديدا : بمعنى : وضع لها حدا وحدد الأرض : أقام لها حدودا ويأتي «الحد» بمعنى «المنع» ومنه قيل للبواب وللسجان أيضا : حداد .. إما لأنه يمنع عن الخروج أو لأنه يعالج الحدود من القيود وسمي «الحديد» بهذه التسمية لأنه منيع. ومنه القول : حد السيف ـ يحد ـ حدة .. بمعنى : صار حادا وحديدا.

تسمية السورة : لقد كرم الله تعالى هذه اللفظة فسمى إحدى سور كتابه الكريم بها وأراد سبحانه بها القتال وجاء ذكرها في الآية الكريمة الخامسة والعشرين من هذه السورة .. قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) صدق الله العظيم. الميزان : هو العدل. وليعلم الله باستعمال الأسلحة في مجاهدة الكفار أعداء الدين أو استعمال السيوف والرماح وسائر السلاح محاربة أعداء الله ودين الإسلام. و «بالغيب» أي باعتقاده بما وعده الله من النصر ونعيم الجنة وهي أمور مغيبة .. ذكرت لفظة «الحديد» في القرآن الكريم خمس مرات ووردت لفظة «حديد» بمعنى آخر في سورة «ق» : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) أي حاد نافذ وقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) معناه : خلقناه كقوله عزوجل في سورة «الزمر» : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) معناه : خلقنا لكم .. وقوله سبحانه (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) المراد به : القتال به. أما قوله عزوجل : (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فيعني به : منافع في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها أو ما يعمل بالحديد. وعن النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض .. أنزل الحديد والنار والماء والملح.

٦٩٣

فضل قراءتها : قال النبي الرءوف محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الحديد» كتب من الذين آمنوا بالله ورسوله» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأخرج الإمام أحمد وغيره عن عرباض بن سارية : أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وقال : إن فيهن آية أفضل من ألف آية وهي قوله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) الآية الثالثة.

إعراب آياتها

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)

(سَبَّحَ لِلَّهِ) : فعل ماض مبني على الفتح. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بسبح أو تكون اللام زائدة ولفظ الجلالة مفعول «سبح» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل ويجوز أن يكون معرفة تامة بمعنى «الشيء» أي ما يستحق منه التسبيح ويصح. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره وجد أو استقر. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها والجملة الفعلية «وجد في السموات والأرض» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب بمعنى وما في الأرض.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العزيز الحكيم : خبرا المبتدأ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.

(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢)

(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.

٦٩٤

(يُحْيِي وَيُمِيتُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ويميت : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يحيي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره وحذف مفعولا الفعلين «يحيي ويميت» اختصارا لأنهما معلومان. التقدير : يحيي الموتى يوم القيامة ويميت الأحياء. والجملة الفعلية «يحيي ..» ابتدائية لا محل لها مثل جملة «له ملك ..» أو تكون الجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو يحيي ويميت أو في محل نصب حالا من الضمير ـ الهاء ـ في «له» والجار عامل فيه.

(وَهُوَ عَلى كُلِ) : الواو استئنافية على الوجه الأول من إعراب «يحيي» أو عاطفة على الوجه الثاني من إعرابها. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. على كل : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «قدير».

(شَيْءٍ قَدِيرٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. قدير : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣)

(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ الأول : خبر «هو» مرفوع بالضمة. والآخر : معطوف بالواو على «الأول» مرفوع مثله بالضمة. أو يكون «هو» في محل رفع بدلا من مبدل منه بتقدير : الله هو ..

(وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) : معطوفان بالواو على «هو الأول والآخر» ويعربان إعرابه أي الظاهر بقدرته وهو أجل أن يرى بالعين.

(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) : يعرب إعراب «وهو على كل شيء قدير» في الآية الكريمة السابقة. أو يكون الضمير «هو» مع خبره «عليم» في محل رفع خبر مبتدأ مقدر اختصارا لأنه معلوم أي الله هو .. والجملة الاسمية «هو الأول والآخر» في محل رفع خبر لفظ الجلالة.

٦٩٥

** (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : نزه الله تعالى عن كل ما لا يليق به من نقص كل من في الكون. والفعل «سبح» هنا تعدى باللام وأصله التعدي بنفسه كما في قوله تعالى في سورة «الأعراف». (وَيُسَبِّحُونَهُ) لأن معنى «سبحته» أبعدته عن السوء ونزهته عن النقص فاللام لا تخلو إما أن تكون مثل اللام في «نصحته» و «نصحت له» وإما أن يراد «بسبح الله» أحدث التسبيح لأجل الله سبحانه ولوجهه خالصا .. وقد جاء الفعل «سبح» في بعض الفواتح على لفظ الماضي وفي بعضها على لفظ المضارع وكل واحد منهما معناه أن من شأن من أسند إليه التسبيح أن يسبحه وذلك عادته وديدنه وقد عدي الفعل باللام تارة وبنفسه تارة أخرى وقد ورد مفعول «سبح» في آيات من القرآن الكريم وحذف في آيات أخرى إيجازا واختصارا أو لأن ما قبله أو ما بعده دال عليه. ومن أسماء الله تعالى وصفاته : القدوس ـ بضم القاف وفتحها ـ بمعنى : البليغ في النزاهة عما يستقبح ونظيره : السبوح .. وفي تسبيح الملائكة : سبوح قدوس رب الملائكة والروح.

** (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. المعنى : من ذا الذي يسلف الله سلفا حسنا بإنفاق ماله في سبيل الله رجاء أن يرده الله عليه أضعافا مضاعفة يوم القيامة أي يزيده أمثاله .. والقرض الحسن : هو الإنفاق في سبيل الله شبه سبحانه ذلك بالقرض على سبيل المجاز لأنه إذا أعطى ماله لوجه الله فكأنه أقرضه إياه ويرده له سبحانه أجرا عظيما يوم القيامة.

** (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة .. وهو قول الملائكة للمؤمنين يوم القيامة وهم يتلقونهم : لكم البشارة اليوم جنات أي بساتين تجري من غرفها الأنهار ماكثين فيها أبدا ذلك النور .. وذلك التبشير أي ذانك النور والبشرى .. وكثيرا ما أعقبت «جنات» عبارة «تجري من تحتها الانهار» أو تجري تحتها الأنهار في كتاب الله العزيز .. وأشار الإسكافي في كتابه «درة التنزيل وغرة التأويل» إلى أن كل موضع ذكر فيه «من تحتها» في آيات القرآن الكريم إنما هو لقوم عام فيهم الأنبياء والموضع الذي لم يذكر فيه «من» إنما هو لقوم مخصوصين ليس فيهم الأنبياء .. يروى أن رجلا قال لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : دلني على عمل يدخلني الجنة. فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال : أو ليسا سواء؟ قال : لا إعتاقها : أن تنفرد بعتقها .. وفكها : أن تعين في تخليصها من قود ـ أي من قصاص ـ أو غرم : أي ما يلزم أداؤه من مال .. والعتق والصدقة : من أفاضل الأعمال.

** (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة عشرة .. المعنى : يوم القيامة يقول المنافقون والمنافقات للمؤمنين وهم مارون بهم في طريقهم إلى الجنة : انتظرونا نستضىء بنوركم .. يقولون لهم : انتظرونا لأنهم يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تسرع بهم وهؤلاء مشاة .. أو بمعنى : انظروا إلينا لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم فيستضيئون به.

** (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى ينادي المنافقون المؤمنين قائلين لهم : ألم نوافقكم في الظاهر قالوا لهم : بلى .. يعني نعم كنتم معنا و «بلى» حرف جواب يأتي جوابا لاستفهام منفي كما في الآية الكريمة والهمزة همزة إنكار للنفي مبالغة في الإثبات نحو القول : إنك لم تكن حاضرا فتقول : بلى

٦٩٦

أي كنت حاضرا .. يروى أن صديقا للأصمعي طلب منه قرضا. فقال له : حبا وكرامة ولكن سكن قلبي برهن. فقال له صديقه : ألا تثق بي؟ فأجابه الأصمعي : بلى. ولكن خليل الله إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ كان واثقا بربه وهو يقول : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فاقتنع الرجل بقوله. أجابه بالحرف «بلى» بعد قوله : ألا؟ وهو استفهام إنكاري بمعنى نعم أثق بك. وللحرف «نعم» معان ذكر قسما منها الفيومي فقال : قولهم في الجواب : نعم تكون بمعنى التصديق إن وقعت بعد الفعل الماضي نحو : هل قام زيد؟ فجوابه : نعم. أي قام زيد. وتأتي بمعنى الوعد إن وقعت بعد المستقبل .. نحو : هل تقوم؟ قال سيبويه : نعم : عدة وتصديق أي عدة في الاستفهام وتصديق للإخبار وقال النيلي : تبقي الكلام على ما هو عليه من إيجاب أو نفي لأنها وضعت لتصديق ما تقدم من غير أن ترفع النفي وتبطله فإذا قال قائل : ما جاء زيد ـ ولم يكن قد جاء ـ وقلت في جوابه : نعم. كان التقدير : نعم ما جاء فصدقت الكلام على نفيه ولم تبطل النفي كما تبطله بلى .. وإن كان قد جاء قلت في الجواب : بلى. والمعنى قد جاء. فنعم تبقي النفي على حاله ولا تبطله .. وقال الشاعر :

وإذا صحبت فاصحب ماجدا

ذا حياء وعفاف وكرم

قوله للشيء لا إن قلت لا

وإذا قلت نعم قال نعم

وقال شاعر آخر :

لا تتبعن نعم لا طائعا أبدا

فإن لا أفسدت من بعد ما نعم

إن قلت يوما نعم بدأ فتم بها

فإن إمضاءها صنف من الكرم

(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٤)

(هُوَ الَّذِي) : الجملة الاسمية هو «الذي» بدل من الجملة الاسمية «هو الأول» في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو» أي الله هو الذي ..

(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها وعلامة نصبها الفتحة.

(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) : جار ومجرور متعلق بخلق. أيام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

٦٩٧

(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) : حرف عطف. استوى : معطوف على «خلق» ويعرب إعرابه وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. على العرش : جار ومجرور متعلق باستوى بمعنى ثم استولى على الملك كله يدبره بحكمته.

(يَعْلَمُ ما يَلِجُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «خلق» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يلج : تعرب إعراب «يعلم».

(فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بيلج بمعنى : ما يدخل والجملة الفعلية «يلج في الأرض» صلة الموصول لا محل لها.

(وَما يَخْرُجُ مِنْها) : معطوفة بالواو على جملة «يعلم ما يلج في الأرض» وتعرب إعرابها والجار والمجرور «منها» متعلق بيخرج.

(وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) : معطوفة بالواو على جملة «يعلم ما يلج في الأرض» وتعرب إعرابها والجار والمجرور «من السماء» متعلق بينزل بمعنى وما ينزل من الأمطار وما يصعد إليها من طيبات الأعمال ودعوات العباد.

(وَما يَعْرُجُ فِيها) : معطوفة بالواو على جملة «ما ينزل من السماء» وتعرب إعرابها والجار والمجرور «منها» متعلق بيعرج.

(وَهُوَ مَعَكُمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية والعامل فيه محذوف على معنى : وهو حاضر معكم وهو يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق بخبر «هو» وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.

(أَيْنَ ما كُنْتُمْ) : اسم شرط جازم مبني على الفتح في محل نصب ظرف مكان متعلق بخبر «كان» المقدم. ما : زائدة لا عمل لها. وحذف جواب

٦٩٨

الشرط لتقدم معناه. التقدير : أينما تكونوا فهو معكم. كنتم : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والفعل «كان» فعل الشرط في محل جزم بأين. أو يكون «كنتم» فعلا تاما والتاء ضميرا متصلا في محل رفع فاعلا بمعنى : أينما حللتم.

(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق ببصير. تعملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بصير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه أو تكون «ما» مصدرية وجملة «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بأعمالكم.

(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٥)

(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها. الواو عاطفة. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجع.

(تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الأمور : نائب فاعل مرفوع بالضمة وجملة «ترجع الأمور» معطوفة على الجملة الاسمية الابتدائية «له ملك السموات والأرض» لا محل لها. كرر القول «له ملك السموات والأرض» للتوكيد.

(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٦)

٦٩٩

(يُولِجُ اللَّيْلَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الليل : مفعول به منصوب بالفتحة.

(فِي النَّهارِ) : جار ومجرور متعلق بيولج. والجملة الفعلية «يولج الليل ..» ابتدائية لا محل لها أو تكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو يولج .. أو في محل نصب حالا من الضمير «الهاء» في «له» والجار عامل فيه.

(وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يولج الليل في النهار» وتعرب إعرابها. بمعنى : يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا.

(وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : تعرب إعراب «وهو على كل شيء قدير» في الآية الكريمة الثانية والجار والمجرور «بذات» متعلق باسم الفاعل «عليم» بمعنى : عليم بنفس الصدور أي ببواطنها. والصدور : يكنى بها عن القلوب. أي بما يهجس فيها ويجيش في النفوس من النيات الخافية.

(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)

(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بآمنوا. الواو عاطفة. رسوله : اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى : صدقوا بوجود الله وبرسالة رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(وَأَنْفِقُوا مِمَّا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب مثلها. مما : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن وقد أدغمت بنون «من» فحصل التشديد. والجار والمجرور متعلق بأنفقوا و «من» هنا للتبعيض وقد حذف مفعول «أنفقوا» لدلالة «من» التبعيضية عليه.

٧٠٠