إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

مليم : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى وفرعون آت بما يلام عليه من كفره وعناده وإصراره على الإثم.

(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (٤١)

(وَفِي عادٍ) : الواو عاطفة. في عاد : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم وحذف المبتدأ المؤخر اختصارا لأن ما قبله في الآية الكريمة العشرين «وفي الارض آيات» يدل عليه لأن الجملة الاسمية «في عاد آيات» معطوفة عليها.

(إِذْ أَرْسَلْنا) : تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والثلاثين «وفي موسى إذ أرسلناه» بمعنى وتركنا في عاد آية حين أرسلنا عليهم الريح.

(عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بأرسلنا. الريح : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. العقيم : صفة ـ نعت ـ للريح منصوبة مثلها بالفتحة أي الريح غير النافعة أو الريح التي أهلكتهم وقطعت دابرهم.

** (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. المعنى : فأعرض فرعون بجانبه الذي كان يتقوى به مع جنوده وقومه وقال : هو أي موسى ساحر أو مجنون .. يقال : ركن إليه ـ يركن ـ ركونا .. من باب «دخل» بمعنى : مال إليه وسكن. قال تعالى في سورة «هود» : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وجاء المضارع بفتح الكاف. وحكى أبو عمرو : «ركن» من باب «خضع» وهو على الجمع بين اللغتين أي البابين «دخل» و «خضع» وركن الشيء : جانبه الأقوى .. ويقال : يأوي إلى ركن شديد : أي إلى عز ومنعة.

** (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والأربعين : بمعنى وما تدع ولا تبقي تلك الريح العقيم التي أهلكت قوم عاد وقطعت دابرهم شيئا أتت عليه إلا جعلته أي صيرته كالرماد .. مأخوذ من «الرم» يقال : رم العظم ـ يرم ـ رما ـ من باب «ضرب» إذا بلي وتفتت فهو رميم .. ويأتي الفعل «رم» متعديا بمعنى : أكل .. نحو : رمه : أي أكله .. وفي الحديث : «البقر ترم من كل شجر» و «الرمة» بضم الراء : هي قطعة من الحبل بالية وبها سمي «ذو الرمة» ومنه القول : دفع إليه الشيء برمته .. وأصله : أن رجلا دفع إلى رجل بعيرا بحبل في عنقه. فقيل ذلك لكل من دفع شيئا بجملته .. والرمة .. بكسر الراء : هي العظام البالية. ويقال عن العظام : رميم .. بدلا من «رميمة» لأن صيغة «فعيل» و «فعول» قد يستوي فيها المذكر والمؤنث والجمع مثل «رسول وعدو وصديق» ويؤيد ذلك قوله تعالى في سورة «يس» : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) صدق الله العظيم.

٥٢١

** (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين المعنى : ومن كل شيء من الكائنات الحية خلقنا ذكرا وأنثى أي اثنين لكل زوج. وعن الحسن : أي السماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والموت والحياة فعدد أشياء وقال : كل اثنين منها زوج. والله تعالى فرد لا مثل له. وأما قوله تعالى في سورة «طه» : (فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) فيعني : أصنافا سميت بذلك لأنها مزدوجة ومقترنة بعضها مع بعض. و «شتى» جمع «شتيت» أي مفرق ومشتت. وأما تسميتهم الواحد بالزوج فمشروط بأن يكون معه آخر من جنسه. والرجل زوج المرأة وهي زوجه والجمع فيهما : أزواج. قال أبو حاتم : وأهل نجد يقولون في المرأة : زوجة بالهاء وأهل الحرم يتكلمون بها وعكس ابن السكيت فقال : وأهل الحجاز يقولون للمرأة : زوج ـ بغير هاء ـ وسائر العرب : زوجة بالهاء. وجمعها : زوجات. والفقهاء يقتصرون عليها في الاستعمال للإيضاح وخوف لبس الذكر بالأنثى إذ لو قيل : هذه تركة فيها زوج وابن لم يعلم أذكر هو أم أنثى؟

(ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) (٤٢)

(ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الرياح». ما : نافية لا عمل لها. تذر : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي بمعنى : لا تدع ولا تترك ولا تبقي. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «تذر».

(أَتَتْ عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لشيء على اللفظ وفي محل نصب على الموضع ـ المحل ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة ولالتقاء الساكنين والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. عليه : جار ومجرور متعلق بأتت.

(إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) : حرف تحقيق بعد النفي. جعلت : تعرب إعراب «أتت» وعلامة بناء الفعل الفتحة الظاهرة على آخره والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان. الرميم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : إلا صيرته كالرماد ويجوز أن تكون الكاف حرف جر للتشبيه فيكون الجار والمجرور متعلقا بالمفعول الثاني.

٥٢٢

(وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) (٤٣)

(وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ) : يعرب إعراب «وفي عاد إذ» في الآية الكريمة الحادية والأربعين بمعنى : وفي ثمود آيات أو وجعلنا في ثمود آية وجرت الكلمة بالفتحة نيابة عن الكسرة المنونة لأنها ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث بتأويل القرية. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل بمعنى وتركنا في قصة ثمود قوم صالح آية أي عبرة بعد عقرهم الناقة حين قيل لهم : استمتعوا في حياتكم أو تمتعوا في دياركم .. وفي القول الكريم تهديد لهم.

(تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. حتى حين : جار ومجرور متعلق بتمتعوا وحتى هنا : حرف غاية وجر بمعنى تمتعوا في داركم إلى موعد انتهاء آجالكم.

(فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (٤٤)

(فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) : الفاء استئنافية. عتوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : فتكبروا. عن أمر : جار ومجرور متعلق بعتوا. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) : الفاء سببية. أخذت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الصاعقة : فاعل مرفوع بالضمة.

٥٢٣

(وَهُمْ يَنْظُرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. ينظرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى وهم يبصرونها أو ينظرون إليها لأنها كانت نهارا.

(فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) (٤٥)

(فَمَا اسْتَطاعُوا) : الفاء سببية. ما : نافية لا عمل لها. استطاعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بمعنى : فأصبحوا هالكين عاجزين.

(مِنْ قِيامٍ) : جار ومجرور متعلق باستطاعوا أو تكون «من» حرف جر زائدا لتأكيد معنى النفي. و «قيام» اسما مجرورا لفظا منصوبا محلا لأنه مفعول به بجعل الفعل متعديا أي ما أطاقوا النهوض.

(وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. منتصرين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى وما كانوا ممتنعين من العذاب.

(وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٤٦)

(وَقَوْمَ نُوحٍ) : الواو عاطفة. قوم : مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره : وأهلكنا قوم نوح وحذف الفعل أو قدر لأن ما قبله يدل عليه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف ويجوز أن يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر. نوح : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة ونون على الرغم من عجمته لأنه ثلاثي أوسطه ساكن.

(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأهلكنا بمعنى من قبل هذه الأمم.

٥٢٤

(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(قَوْماً فاسِقِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة الفعلية «كانوا قوما فاسقين» في محل رفع خبر «إن». فاسقين : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : خارجين عن الطاعة.

(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٤٧)

(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) : الواو عاطفة. السماء : مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده أي بنينا السماء بمعنى : رفعناها وعلامة نصبه الفتحة. بنى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع «نا» و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بأيد : جار ومجرور متعلق ببنى وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : بقوة وهو مصدر «آد» أيدا.

(وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد المزحلقة ـ موسعون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : قادرون من الوسع أي الطاقة.

(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) (٤٨)

(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها) : معطوفة بالواو على «والسماء بنيناها» في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى مهدناها وأعددناها.

٥٢٥

(فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) : الفاء استئنافية. نعم : فعل ماض مبني على الفتح لإنشاء المدح. الماهدون : فاعل «نعم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والمخصوص بالمدح محذوف تقديره : نحن. بمعنى : فنعم الممهدون المسوون نحن.

(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٤٩)

(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) : الواو عاطفة. من كل : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف يفسره ما بعده أي وخلقنا من كل. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى من كل شيء من الإنسان والنبات والحيوان.

(خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. زوجين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : ذكرا وأنثى أي وخلقنا من كل جنس من الأجناس صنفين اثنين لكل زوج من الكائنات.

(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تذكرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع وأصله : تتذكرون حذفت إحدى التاءين اختصارا بمعنى لتتذكروا هذه القدرة وتلك النعمة.

(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥٠)

(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) : الفاء استئنافية. فروا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بفروا بمعنى : فقل لهم يا محمد فاهربوا إلى الله من عقابه بالإيمان وملازمة الطاعة أي إلى

٥٢٦

طاعته وثوابه من معصيته وعقابه والجملة الفعلية «فروا إلى الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ

(إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». لكم : جار ومجرور متعلق بنذير والميم علامة جمع الذكور أو يكون في مقام مفعول اسم الفاعل «نذير» منه : جار ومجرور متعلق بنذير بمعنى من عقابه.

(نَذِيرٌ مُبِينٌ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لنذير مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى منذر أي مخوف من عصاه.

(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥١)

(وَلا تَجْعَلُوا) : الواو استئنافية. لا : ناهية جازمة. تجعلوا : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : ولا توجدوا ولا تشركوا أو ولا تتخذوا في عبادتكم.

(مَعَ اللهِ) : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة منصوب على الظرفية متعلق بحال مقدمة من «إلها» وهو مضاف بمعنى : إلها آخر كائنا مع الله. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(إِلهاً آخَرَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آخر : صفة ـ نعت ـ للموصوف «إلها» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ ومن وزن الفعل.

(إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة وكرر هذا القول للتأكيد.

(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٥٢)

(كَذلِكَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف. التقدير : كذلك الأمر أو يكون الكاف في محل رفع خبر

٥٢٧

مبتدأ محذوف تقديره : الأمر كذلك وهو أصل القول الكريم بمعنى أمر أمتك يا محمد مثل أمر السابقين لك. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إلى تكذيبهم الرسول.

(ما أَتَى الَّذِينَ) : نافية لا عمل لها. أتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. والجملة الفعلية بعده «وجد من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد أو كان من قبلهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(مِنْ رَسُولٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. رسول : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «أتى».

(إِلَّا قالُوا) : حرف تحقيق بعد النفي. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ساحر : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. مرفوع بالضمة المنونة. أو حرف عطف. مجنون : معطوف على «ساحر» ويعرب مثله بمعنى : قالوا عنه ساحر أو مجنون كما قالوها عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (٥٣)

(أَتَواصَوْا بِهِ) : الهمزة همزة تعجيب بلفظ استفهام كأنهم أوصى بعضهم بعضا بهذا القول أي وصف الرسل بالسحر والكهانة والجنون وتكذيب رسالتهم. تواصوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بتواصوا والهاء

٥٢٨

يعود على القول .. أي أتواصى الأولون والآخرون بهذا القول حتى قالوه جميعا متفقين عليه؟

(بَلْ هُمْ قَوْمٌ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له بمعنى : لا لم يتواصوا في الحقيقة بل هم قوم طغاة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. قوم : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.

(طاغُونَ) : صفة ـ نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته ومفرده ينون آخره «طاغ» بعد حذف الياء لأنه اسم منقوص تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر وتظهر ياؤه منونة في حالة النصب «طاغيا» و «طاغون» جمع «طاغ» وجمع هنا جمع مذكر سالما وله جمع آخر ـ جمع تكسير ـ أي طغاة بمعنى : متجاوزين الحد في مخالفة أمر الله.

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) (٥٤)

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية. تول : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بتول والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بمعنى : فأعرض وصد عنهم ولا تجادلهم بعد أن لم يفد النصح معهم.

(فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. ما : نافية تعمل عمل «ليس» بلغة الحجاز ـ ما .. الحجازية .. ونافية لا عمل لها بلغة تميم. أنت : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد للتأكيد. ملوم : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر «أنت» والكلمة اسم مفعول بمعنى : لا أحد يلومك يا محمد على إعراضك عنهم أو لا يصيبك لوم من ربك على ذلك لأنك أرشدتهم ونصحتهم.

٥٢٩

(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥)

(وَذَكِّرْ) : الواو عاطفة. ذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : وذكرهم أي وعظهم وداوم يا محمد على التذكير والموعظة بالقرآن وحذف مفعول «ذكر» اختصارا لأنه معلوم.

(فَإِنَّ الذِّكْرى) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذكرى : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : فإن الموعظة. والجملة الفعلية «تنفع المؤمنين» في محل رفع خبر «إن».

(تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. المؤمنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (٥٦)

(وَما خَلَقْتُ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. خلقت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(الْجِنَّ وَالْإِنْسَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والإنس : معطوف بالواو على «الجن» ويعرب مثله.

(إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) : حرف تحقيق بعد النفي. اللام حرف جر للتعليل. يعبدون : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. النون نون الوقاية لا محل لها والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكسرة دالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يعبدون» صلة حرف مصدري لا

٥٣٠

محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل «لعبادتي» والجار والمجرور متعلق بخلقت.

(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (٥٧)

(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ) : نافية لا عمل لها. أريد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. منهم : جار ومجرور متعلق بأريد.

(مِنْ رِزْقٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. رزق : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به أي ما أريد من الثقلين أي من الجن والإنس أي عباد الله رزقا لي أي منفعة فأنا الرازق وما أريد إطعامي فأنا المطعم.

(وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) : الجملة الفعلية معطوفة على مثيلتها جملة «ما أريد» وتعرب إعرابها. أن يطعمون : أعربت في الآية الكريمة السابقة جملة «أن يعبدون» والمصدر المؤول من «أن يطعموني» في محل نصب مفعول به للفعل «أريد».

(إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥٨)

(إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الرزاق : خبر «هو» مرفوع بالضمة والجملة الاسمية «هو الرزاق» في محل رفع خبر «إن».

(ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) : خبر ثان لإن مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. القوة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وحذف مفعول اسم الفاعل «الرزاق» المتعدي إلى المفعول اختصارا. التقدير : الرزاق مخلوقاته. و «رزاق» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ المتين : صفة ـ نعت ـ لكلمة «ذو» مرفوع بالضمة بمعنى : الشديد القوة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو أو صفة للفظ الجلالة على المحل .. أي على الابتداء.

٥٣١

(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) (٥٩)

(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر «إن» مقدم. ظلموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «ظلموا ..» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعوله أي ظلموا رسول الله بالتكذيب من أهل مكة. أو ظلموا أنفسهم نتيجة كفرهم وتكذيبهم الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(ذَنُوباً مِثْلَ) : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مثل : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ذنوبا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. و «ذنوبا» هو الدلو العظيم المملوء والمراد به هنا : إن لهم حصة من العذاب مثل ..

(ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. أصحاب : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثالث بمعنى نصيب أصحابهم .. أي لهم نصيب من عذاب الله مثل نصيب أصحابهم ونظرائهم من القرون.

(فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. يستعجلون : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون. والنون نون الوقاية لا محل لها والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والكسرة دالة على الياء المحذوفة والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به وحذفت الياء خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآي ـ رأس آية ـ بمعنى فلا يستعجلني الظالمون المستهزءون بالعذاب إن أخر فهو آت.

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٦٠)

٥٣٢

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ) : الفاء استئنافية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وهو في الأصل مصدر لا فعل له معناه : تحسر .. وقيل : هو اسم بمعنى الهلاك وقيل هو واد في جهنم و «ويل» يرفع رفع المصادر لافادة معنى الثبات .. فيقال : ويل له .. كما يقال : سلام عليك. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف.

(كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من يوم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ويل» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ بمعنى : من يوم القيامة .. وقيل : من يوم بدر.

(الَّذِي يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ لليوم. يوعدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : الذي يوعدونه أو يكون العائد حرف جر بتقدير : يوعدون فيه بنزول العذاب وهو اليوم الذي وعدناهم به بذلك وهو يوم القيامة.

***

٥٣٣

سورة الطور

معنى السورة : الطور : هو جبل بمدين سمع فيه موسى ـ عليه‌السلام ـ كلام ربه جلت قدرته .. وهو طور سنين .. وقد جاء ذكره في سورة «التين» في قوله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) وجاء ذكر «الطور» عشر مرات في القرآن يقال : عدا طوره : أي جاوز حده و «الطور» بفتح الطاء هو «التارة» وقوله تعالى في سورة «نوح» : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) قال الأخفش : طورا علقة وطورا مضغة. والكلمة جمع «طور» أي أخياف على حالات شتى .. و «الأخياف» هي جمع «خيف» أي مختلف وفيه القول هذا فرس أخيف : أي بين الخيف .. أي إذا كانت إحدى عينيه زرقاء والأخرى سوداء وكذلك هو من كل شيء .. ومنه قيل : الناس أخياف : أي مختلفون وإخوة أخياف : إذا كانت أمهم واحدة والآباء شتى. ومن معاني «الطور» بضم الطاء .. هو فناء الدار ـ بكسر الفاء ـ ويأتي مثل الطور بفتح الطاء على معنى : ما كان على حد الشيء وبمعنى : القدر والحد نحو : عدا طوره : أي حده. وجاوز طوره : بمعنى : قدره الذي يليق به.

تسمية السورة : وقد سمى سبحانه وتعالى إحدى سور القرآن الكريم باسم الجبل الذي ناجى عليه موسى تكرمة له فقد أقسم سبحانه في آيتها الكريمة الأولى به في قوله عزّ من قائل : (وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) (٤) صدق الله العظيم. أقسم سبحانه وتعالى به للتجلي الإلهي الذي حدث فيه عند ما ناجى رب العالمين موسى ـ عليه‌السلام ـ على هذا الجبل المقدس قال الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «سيد الجبال : الطور ـ طور سيناء» وقيل : الطور هو جبل في فلسطين .. ومنه نودي موسى ـ عليه‌السلام ـ ولذلك أقسم سبحانه وتعالى به .. ومعنى القسم بهذه الأشياء هو الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والصالحين .. و «الطور» تلفظ بضم الطاء وبفتح الطاء يعني : الحالة والهيئة والتارة وجمعه أطوار.

٥٣٤

فضل قراءة السورة : قال المنذر رسول الله الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الطور» كان حقا على الله أن يؤمنه من عذابه وأن ينعمه في جنته» صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

إعراب آياتها

(وَالطُّورِ) (١)

(وَالطُّورِ) : الواو حرف جر ـ واو القسم ـ الطور : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى وهو بمدين.

(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) (٢)

(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) : معطوف بالواو على «الطور» ويعرب مثله وعلامة جره الكسرة المنونة. مسطور : صفة ـ نعت ـ لكتاب. مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : مكتوب.

(فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) (٣)

(فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعول «مسطور» على تأويل فعله بمعنى : وسطر وكتب على صحيفة أو جلد. منشور : صفة ـ نعت ـ لرق مجرور مثله وعلامة جرهما «الموصوف والصفة» الكسرة المنونة.

(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) (٤)

(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) : معطوف بالواو على «كتاب مسطور» ويعرب إعرابه بمعنى والكعبة المعمورة بالحجاج ..

(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) (٥)

(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) : يعرب إعراب «والبيت المعمور» بمعنى : والسماء المرفوعة بلا عمد.

(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) (٦)

٥٣٥

(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) : معطوف بالواو على «والسقف المرفوع» ويعرب إعرابه بمعنى والبحر المملوء بالمياه.

(إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) (٧)

(إِنَّ عَذابَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. واقع في جواب القسم والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها جواب قسم محذوف لا محل لها. عذاب : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

(رَبِّكَ لَواقِعٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ واقع : خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى : لحاصل أو لكائن بالتأكيد.

** (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية بمعنى : وكتاب مكتوب .. ومسطور : اسم مفعول بمعنى : مكتوب من كتب ـ يكتب ـ الكتاب أو الرسالة من باب «نصر» وكتابا وكتابة أيضا فهو كاتب ـ اسم فاعل ـ والكتاب : مكتوب ـ اسم مفعول ومثله كلمة «مسطور» من سطر الكتاب ـ يسطره ـ سطرا ـ من باب «نصر» أيضا فالكتاب : مسطور ـ اسم مفعول .. و «السطر» أيضا هو الصف من الشيء .. يقال : بنى سطرا وغرس سطرا. والسطر أيضا هو الخط .. والكتابة وهو في الأصل : مصدر وجمع «السطر» هو : أسطر وسطور. وقال الفيومي : السطر ـ بفتح الطاء في لغة بني عجل ويجمع على أسطار مثل سبب ـ أسباب ـ ويسكن الطاء في لغة الجمهور فيجمع على أسطر وسطور مثل ـ فلس ـ فلوس ـ والأساطير : هي الأباطيل وهي جمع «إسطارة وأسطورة» بكسر الهمزة وبضمها ويقال : سطر فلان فلانا : بمعنى : جاءه بالأساطير .. و «كتاب مسطور» بمعنى : وكتاب منضود ـ منضد ـ منظم وقيل : هو ما كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ أو ما كتبه سبحانه في ألواح موسى وقيل : هو القرآن .. ونكر «كتاب» لأنه كتاب مخصوص من بين جنس الكتب السماوية كالتوراة وألواح موسى والزبور والإنجيل .. روي عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أنه سأل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كم أنزل الله من كتاب؟ فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : مائة وأربعة كتب منها على آدم عشر صحف وعلى شيث خمسون صحيفة وعلى أخنوخ وإدريس ثلاثون صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان. وفي «صحف إبراهيم» قيل : ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شأنه. يقال : إن أنشر الصحف ونشرها : بمعنى واحد كأنزله ونزله وتكون «الصحف» على الفعل الرباعي «أنشر» : منشرة ـ اسم مفعول ـ أي بتخفيف الشين وهي اللغة التي قرأ بها سعيد بن جبير : «صحفا منشرة» للآية الكريمة الثانية والخمسين من سورة «المدثر» : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) أي قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها أو كتبا كتبت في السماء

٥٣٦

ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد. وتحذف الياء من «صحيفة» إذا نسب إليها فيقال : صحفي لأن القاعدة : إذا أريد النسب إلى الاسم وكانت الياء ثالثة وقبلها حرف صحيح لا حرف علة فإن الياء تحذف كذلك تاء التأنيث الأخيرة ويؤتى بياء النسب ويكسر الحرف الذي قبلها فنقول في «مدينة» : مدني .. قبيلة : قبلي. صحيفة : صحفي. حنيفة : حنفي. وقد تبقى الياء بشرط أن يكون الحرف الذي بعدها تكرارا للحرف الذي قبلها .. مثل «حقيقة» : حقيقي.

** (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة و «منشور» مثل «مسطور» اسم مفعول بمعنى : وكتبت على صحيفة أو جلد كان يكتب عليه القدماء قبل اختراع الورق وهو جلد رقيق .. وقيل : الرق : هو الصحيفة. والرق ـ بكسر الراء ـ هو العبودية وقال الفيومي : الرق ـ بفتح الراء ـ هو الجلد كما في الآية الكريمة المذكورة والكسر ـ أي كسر الراء ـ لغة قليلة فيه وقد قرأ بعضهم الآية المذكورة بكسر الراء. والرق ـ بكسر الراء ـ العبودية.

** (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. والمعمور : اسم مفعول أيضا شأنه في ذلك شأن «مسطور» و «منشور» والبيت المعمور : هو الكعبة المشرفة وعمارتها بالحجاج والمجاورين والزوار أي معمورة بهم وهي موضع عبادتهم الله فيه .. وقيل : هو البيت المعمور الذي في السماء واسمه الضراح يقابل الكعبة في الأرض وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة.

** (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة. و «المسجور» أيضا : اسم مفعول بمعنى : البحر المملوء بالمياه وقيل : ماؤه يوقد نارا يوم القيامة .. يقال : سجر ـ يسجر ـ سجرا الحوض من باب «قتل» بمعنى : ملأه وسجرت التنور : أي أوقدته فهو مسجور : أي موقد .. وقيل : معنى الآية الكريمة : والبحر الموقد من قوله تعالى في سورة «التكوير» : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ).

** (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة .. أي وتنقل الجبال من أماكنها نقلا يقال : سار ـ يسير ـ سيرا .. من باب «باع» وتسيارا ومسيرا أيضا يقال : بارك الله في مسيرك : أي في سيرك ويكون بالليل والنهار ويكون الفعل «سار» لازما ومتعديا .. نحو : سار الرجل : أي ذهب وسار الجمل وسرته فهو مسير ـ اسم مفعول ويتعدى المشدد منه «سير» نحو : سيرت الرجل فسار فهو مسير ـ اسم مفعول ـ ويقال : سيرت الدابة فإذا ركبها صاحبها وأراد بها المرعى قيل : أسارها. ويقال : سيره من مكانه : أي أخرجه وأجلاه .. وساير الرجل صاحبه : بمعنى : جاراه ويقال لمن على الدابة : سار ـ يسير كما يقال للماشي كذلك. قالوا أبو نواس :

تقول التي من بيتها خف مركبي

عزيز علينا أن نراك تسير

قالت له : نراك تسير وهو راكب : أي محمول على راحلته .. ويقال : مط رجله في أثناء سيره : بمعنى : مدها والفعل «مط» من باب «رد» و «المطو» هو المد في السير ومنه «المطية» سميت بذلك لأنها يركب مطاها ـ أي ظهرها وقيل : بل هي مشتقة من «المطو» وهو المد في السير.

٥٣٧

** (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. وقد علل سبحانه في قوله (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) استواء الصبر وعدمه لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة فلا مزية له على الجزع.

** (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : يقال لهم : كلوا واشربوا .. أي أكلا وشربا هنيئا أو طعاما وشرابا هنيئا : أي الذي لا تنغيص فيه بمعنى : سائغا. بمعنى : هنأكم الأكل والشرب أو هنأكم ما كنتم تعملون : أي جزاء ما كنتم تعملون أو تكون كلمة هنيئا قائمة مقام المصدر أو صفة لمصدر محذوف والباء مزيدة ـ حرف جر زائد ـ و «ما» اسم موصول في محل جر لفظا وفي محل رفع محلا على أنه فاعل «هنيئا» التقدير : هنأكم ما كنتم تعملون. قال الشاعر :

كل هنيئا وما شربت مريئا

ثم قم صاغرا وأنت ذميم

لا أحب الصديق يومض بالعين

إذا ما خلا بعرسي النديم

الشاعر هو أبو العطاء السندي قال هذين البيتين من الشعر لصديقه وقد رآه يومئ لزوجته.

** (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين المعنى : وما نقصناهم بهذا الإلحاق شيئا من ثواب عملهم كل إنسان بما كسبه مرهون. يقال : مرؤ الرجل فهو مريء ـ مثل قرب فهو قريب ـ أي هو ذو مروءة .. والمروءة : هي آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات. وقيل : تاج المروءة : التواضع. وقال الجوهري وقد تشدد كلمة «المروءة» فيقال : المروة .. وقيل : أحسن الناس مروءة وأدبا من إذا احتاج نأى وإذا احتيج إليه دنا. و «نأى» بمعنى : بعد. و «المرء» هو الرجل فإن جردت اللفظة من «أل» التعريف قيل : امرؤ .. ومثناه : امرآن .. ويجمع على «رجال» من غير لفظه. وقيل : عز المرء استغناؤه عن الناس. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع» وعن «المرء» قيل الكثير من الأمثال العربية ووردت اللفظة في شعر الشعراء قال شاعر :

بشاشة وجه المرء خير من القرى

فكيف إذا جاء القرى وهو ضاحك

وحكي عن عبد الملك بن مروان أنه كان يحب النظر إلى كثير عزة .. فلما ورد عليه إذا هو حقير قصير تزدريه العين .. فقال عبد الملك : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه .. وفي رواية : أن تسمع بالمعيدي .. وهو مصدر مؤول من «أن» والفعل فيسبك من أن المصدرية والجملة بتقدير : سماعك .. فقال : مهلا أمير المؤمنين! فإنما المرء بأصغريه : قلبه ولسانه .. إن نطق نطق ببيان وإن قاتل قاتل بجنان. وأنا الذي أقول :

وجربت الأمور وجربتني

وقد أبدت عريكتي الأمور

ترى الرجل النحيف فتزدريه

وفي أثوابه أسد زئير

وما عظم الرجال لهم بزين

ولكن زينها كرم وخير

٥٣٨

وسمي القلب واللسان بالأصغرين لصغر حجمهما .. أي إن قدر المرء يقاس عليهما. ومؤنث «امرؤ» هو امرأة ولا تدخل «أل» التعريف على «امرئ» وتدخل نادرا على «امرأة» لأن الأفصح قولنا : المرأة .. وفي لغة أخرى هي «مرأة» ويجوز نقل حركة الهمزة إلى الراء فتحذف وتبقى «مرة». قال الكسائي : سمعت امرأة من فصحاء العرب تقول : أنا امرأ أريد الخير ـ لفظت بغير هاء ـ وجمعها : نساء ونسوة من غير لفظها. وخوطبت المرأة الواحدة بخطاب الجمع المذكر .. يقول الرجل عن أهله : فعلوا كذا. مبالغة في سترها حتى لا ينطق بالضمير الموضوع لها.

** (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : يتجاذبون في الجنة خمرا لا لغو .. في شربها أي لا يتكلمون بسقط الحديث ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله .. كما يفعل المتنادمون في الدنيا على الشراب وحديثهم بما لا طائل تحته في سفههم وعربدتهم .. وإنما يتكلمون في الجنة بالحكم والكلام الحسن متلذذين بذلك لأن عقولهم ثابتة غير زائلة وهم حكماء علماء. وعد سبحانه وتعالى الكذب والشتم والفواحش إثما في قوله «لا لغو فيها ولا تأثيم» قال الشاعر :

شاتمني عبد بني مسع

فصنت عنه النفس والعرضا

ولم أجبه لاحتقاري له

من ذا يعض الكلب إن عضا

وقيل : الشتم : مفتاح للشر لا ينفع معه ندم واعتذار. و «شاتمه» بمعنى : شتمه. ويقال : نادمني بمعنى : جالسني على الشراب ومنه تنادم القوم على الشراب : أي تجالسوا. والنديم : هو الرفيق والصاحب والمنادم على الشراب. قال الشاعر :

ألا رب يوم قد تقضى بصاحب

يوازن حفظي للقريض بحفظه

إذا لم تدر كأس المدامة بيننا

أديرت كئوس بين لفظي ولفظه

و «المدامة» هي الخمر وهي مصدر الفعل «نادم» ويطلق على الخمر «أم ليلى» و «ليلى الخمر» هو نشوتها وبدء سكرها أعاذنا الله تعالى من الخمرة ـ خمرة الدنيا» فهي شر البلايا وهي من الفواحش والكبائر.

(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٨)

(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «العذاب». ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. دافع : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر.

(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) (٩)

(يَوْمَ تَمُورُ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة والعامل فيه «دافع» وهو مضاف ويجوز أن يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر. تمور : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

٥٣٩

(السَّماءُ مَوْراً) : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تمور السماء» في محل جر بالإضافة. مورا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : يوم تضطرب السماء اضطرابا و «مار» بمعنى : تحرك وجاء وذهب و «المور» تردد في ذهاب ومجيء. والمراد بذلك اليوم : هو يوم القيامة.

(وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) (١٠)

(وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) : معطوف بالواو على «تمور السماء مورا» ويعرب إعرابه بمعنى ويوم تنقل الجبال من أمكنتها نقلا.

(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١١)

(فَوَيْلٌ) : الفاء استئنافية أو تكون واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إذا حدث ذلك كله فويل لهم يومئذ. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : فهلاك وعذاب والكلمة في الأصل : مصدر لا فعل له معناه : تحسر .. وقيل : هو واد في جهنم. وقيل : هو اسم معنى كالهلاك ويرفع رفع المصادر لإفادة معنى الثبات .. وجاء المبتدأ نكرة لأن الكلمة متضمنة معنى الفعل بدعاء.

(يَوْمَئِذٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بويل وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون الظاهر في محل جر مضاف إليه وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو مضاف أيضا والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : يومئذ يحدث ذلك.

(لِلْمُكَذِّبِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر و «يل» المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : للمكذبين بالله ورسله واليوم الآخر.

(الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) (١٢)

٥٤٠