إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

(الَّذِينَ هُمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «المكذبين». هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية «هم يلعبون» صلة الموصول لا محل لها.

(فِي خَوْضٍ) : جار ومجرور متعلق بيلعبون بمعنى في تردد بالباطل يخوضون أي دخلوا في الباطل وتفاوضوا فيه.

(يَلْعَبُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يلعبون ويلهون وهم في غفلة عن مصيرهم.

(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) (١٣)

(يَوْمَ يُدَعُّونَ) : بدل من «يومئذ» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. يدعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية «يدعون» في محل جر مضاف إليه.

(إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) : جار ومجرور متعلق بيدعون. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث. دعا : مصدر في موضع الحال بمعنى : مدعوعين منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : يدفعون بشدة وعنف أي تدفعهم الملائكة دفعا إلى النار.

(هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (١٤)

(هذِهِ النَّارُ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال بتقدير : مقولا لهم هذا القول وهو يقال لهم هذه النار .. أو تكون الجملة على المعنى الثاني في محل رفع نائب فاعل للفعل «يقال ..» هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل مبتدأ. النار : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي. والجملة الاسمية «هي النار» في محل رفع خبر «هذه».

٥٤١

(الَّتِي كُنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للنار. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية «كنتم بها تكذبون» صلة الموصول لا محل لها.

(بِها تُكَذِّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بتكذبون والجملة الفعلية «تكذبون» في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى كنتم تكذبون في الدنيا بوجودها.

(أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (١٥)

(أَفَسِحْرٌ هذا) : الهمزة همزة تهكم وتوبيخ بلفظ استفهام. الفاء استئنافية أو تكون عاطفة على محذوف من جنس المعطوف عليه بمعنى : كنتم تقولون للوحي هذا سحر أتقولون عن هذا العذاب هو سحر أي هذا المصداق أيضا سحر؟ سحر : خبر مقدم مرفوع بالضمة المنونة. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر أي هذا العذاب الذي تشاهدونه اليوم والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي تقول الملائكة أسحر هذا الذي تشاهدونه اليوم أم أنتم لا تنظرون أو أنتم فاقدو البصر لا ترون العذاب أيضا.

(أَمْ أَنْتُمْ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(لا تُبْصِرُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنتم». لا : نافية لا عمل لها. تبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الاسمية «أنتم لا تبصرون» معطوفة بأم على الجملة الابتدائية «أفسحر هذا» لا محل لها والجملة بمعنى : أم أنتم عمي عن المخبر عنه كما كنتم عميا عن الخبر حين كنتم لا تبصرون في الدنيا؟

(اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٦)

٥٤٢

(اصْلَوْها فَاصْبِرُوا) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى ادخلوا جهنم وقاسوا حرها والضمير يعود إلى جهنم الوارد ذكرها في آية كريمة قبلها الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اصبروا : تعرب إعراب «اصلوا» والألف فارقة والجملة الفعلية «اصبروا» بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ.

(أَوْ لا تَصْبِرُوا) : حرف عطف للتخيير. لا : ناهية جازمة. تصبروا : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «أو لا تصبروا» بتأويل مصدر معطوف على المصدر المؤول في محل رفع أيضا. التقدير : صبركم أو عدم صبركم سواء عليكم بمعنى سواء عليكم الصبر أي الجزع وعدمه أي ادخلوا جهنم على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه.

(سَواءٌ عَلَيْكُمْ) : خبر المبتدأ المؤول قبل مرفوع بالضمة المنونة. عليكم : جار ومجرور متعلق بسواء والميم علامة جمع الذكور.

(إِنَّما تُجْزَوْنَ ما) : كافة ومكفوفة. تجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : تجزون جزاء ما كنتم تعملون. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به وعلى التقدير أي جزاء ما .. حذف المفعول المضاف «جزاء» وأقيم المضاف إليه «ما» مقامه.

(كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور و «تعملون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «تعملون» في محل نصب خبر «كان» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. أي ما كنتم تعملونه.

٥٤٣

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) (١٧)

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وحذف مفعول اسم الفاعلين «المتقين» المتعدي فعله إلى المفعول. المعنى إن المطيعين ما أمر الله به المجتنبين المعصية في جنات ونعيم دائم في الآخرة.

(فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) : جار ومجرور في محل خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم في جنات ..» في محل رفع خبر «إن». ونعيم : معطوف بالواو على «جنات» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (١٨)

(فَكِهِينَ) : حال من «المتقين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي ملتذين.

(بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بفاكهين. آتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. رب : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية «آتاهم ربهم» صلة الموصول لا محل لها.

(وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ) : تعرب إعراب «آتاهم ربهم» والجملة الفعلية معطوفة على «في جنات» ومحلها الرفع أو تكون الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال من «المتقين» بعد إضمار «قد» بعد الواو أو تكون «ما» مصدرية وجملة «آتاهم ربهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بإيتائهم ربهم وعلى هذا التقدير تكون الجملة الفعلية «ووقاهم ربهم» معطوفة بالواو على «آتاهم ربهم» التقدير : ووقايتهم عذاب الجحيم بمعنى وحماهم ربهم وصرف عنهم ..

٥٤٤

(عَذابَ الْجَحِيمِ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٩)

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره : يقال لهم كلوا .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. واشربوا : معطوفة بالواو على جملة «كلوا» وتعرب إعرابها وحذف مفعولا الفعلين اختصارا بمعنى : كلوا طعاما واشربوا شرابا أو يكون المصدر محذوفا. التقدير : كلوا أكلا واشربوا شربا. هنيئا : صفة قائمة مقام المصدر أو استعملت استعمال المصدر أو هي صفة لمصدر محذوف منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المنونة.

(بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر زائد. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لفظا وفي محل رفع فاعل «هنيئا» المصدر القائم مقام الفعل التقدير : هنأكم ما كنتم تعملون أي جزاء ما كنتم تعملون. كنتم تعملون : أعرب في الآية السادسة عشرة.

(مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٢٠)

(مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) : حال من «المتقين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. على سرر : جار ومجرور متعلق بمتكئين. مصفوفة : صفة ـ نعت ـ لسرر مجرورة مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : على أسرة مصطفة متصلة ببعضها.

(وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) : الواو استئنافية. زوج : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بحور : جار ومجرور متعلق بزوجنا بمعنى :

٥٤٥

وقرناهم بحور. عين : صفة ـ نعت ـ لحور مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : بنساء حور وهي جمع «حوراء» أي المرأة البيضاء ذات الحور في العين أي ذات العين التي اشتد بياض بياضها وسواد سوادها. و «عين» جمع «عيناء» أي واسعة العين.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٢١)

(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر معطوف على «حور عين» بمعنى قرناهم بالحور وبالذين آمنوا أي بالرفقاء والجلساء منهم لمؤانستهم أو يكون في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «ألحقنا بهم ذريتهم» في محل رفع خبره وتكون الواو استئنافية. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) : الواو اعتراضية بين المبتدأ وخبره والجملة الفعلية بعدها جملة اعتراضية لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. ذرية : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا) : جار ومجرور متعلق باتبعت. أو يكون في محل نصب حالا من «الذرية». ألحقنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) : الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بألحقنا. ذرية : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» أعرب.

٥٤٦

(وَما أَلَتْناهُمْ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. ألتنا : تعرب إعراب «ألحقنا» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول بمعنى : وما نقصناهم أي وما نقصنا آباءهم من ثواب عملهم بهذا الإلحاق.

(مِنْ عَمَلِهِمْ) : حرف جر للتبعيض في مقام المفعول الثاني لألتنا بمعنى بعضا أي شيئا من ثوابهم. عمل : مجرور بمن وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. أو يكون الجار والمجرور متعلقا بألتنا أو متعلقا بحال مقدمة من «شيء» لأنه متعلق بصفة من «شيء» قدم عليه.

(مِنْ شَيْءٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به ثان.

(كُلُّ امْرِئٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. امرئ : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة أي كل إنسان.

(بِما كَسَبَ رَهِينٌ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق برهين. كسب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رهين : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : مرهون لأن الكلمة من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى مفعول ـ والجملة الفعلية «كسب» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما كسبه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسب» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : كسبه .. بمعنى : كل إنسان مرهون بما اكتسبه أو مرتهن بكسبه أي عمله يوم القيامة.

(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢٢)

(وَأَمْدَدْناهُمْ) : الواو عاطفة. أمدد : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير

٥٤٧

الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : وأعطيناهم أو وزودناهم بفاكهة منوعة ولحم كثير ..

(بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ) : جار ومجرور متعلق بأمددنا. ولحم : معطوف بالواو على «فاكهة» مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(مِمَّا يَشْتَهُونَ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من» فحصل تشديده مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأمددنا. يشتهون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير مما يشتهونه أي تشتهيه أنفسهم أو يكون الجار والمجرور «مما» متعلقا بصفة محذوفة من «فاكهة ولحم».

(يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) (٢٣)

(يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «أمددناهم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيتنازعون. كأسا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : يتجاذبون فيها خمرا أو كئوس الخمر شأن الجلساء المتحابين في الجنة.

(لا لَغْوٌ فِيها) : الجملة في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «كأسا». لا : نافية لا عمل لها. لغو : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. فيها : جار ومجرور في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : لا كلام باطل لا يعتد في شربها لأنها لا تسكر كما هي خمر الدنيا.

(وَلا تَأْثِيمٌ) : معطوف بالواو على «لا لغو فيها» ويعرب مثله بمعنى لا يتكلمون في الجنة بسقط الحديث ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله.

(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) (٢٤)

٥٤٨

(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) : الواو عاطفة. يطوف : فعل مضارع مرفوع بالضمة. عليهم : جار ومجرور متعلق بيطوف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى.

(غِلْمانٌ لَهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. لهم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «غلمان» بمعنى : مملوكان لهم مخصوصون بهم.

(كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) : الجملة في محل رفع صفة ثانية لغلمان. كأن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «كأن». لؤلؤ : خبر «كأن» مرفوع بالضمة المنونة. مكنون : صفة ـ نعت ـ للؤلؤ مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : لؤلؤ مخزون أو مصون في صدفته.

(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٥)

(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) : الواو استئنافية. أقبل : فعل ماض مبني على الفتح. بعض : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف .. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(عَلى بَعْضٍ) : جار ومجرور متعلق بأقبل ونون آخره تعويضا عن حذف المضاف إليه لأن التقدير : على بعضهم.

(يَتَساءَلُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» في «بعضهم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يسأل بعضهم بعضهم الآخر.

(قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) (٢٦)

(قالُوا إِنَّا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

٥٤٩

(كُنَّا قَبْلُ) : الجملة الفعلية مع خبر «كان» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». قبل : ظرف زمان متعلق بكنا مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل نصب على الظرفية بمعنى : قبل ذلك أي في الدنيا.

(فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) : جار ومجرور متعلق بكنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. مشفقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : خائفين من العاقبة أو خائفين من عصيان الله أو من عذابه سبحانه وتعالى.

(فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ) (٢٧)

(فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا) : الفاء استئنافية. من : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. على : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بمن.

(وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ) : الواو عاطفة. وقى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. عذاب : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. السموم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢٨)

(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ) : أعرب في الآية الكريمة السادسة والعشرين. من : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن.

٥٥٠

(نَدْعُوهُ إِنَّهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : إنا كنا من قبل لقاء الله سبحانه يريدون : في الدنيا .. نعبده ونسأله الوقاية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» و «إن» وما بعدها من اسمها وخبرها استئنافية لا محل لها.

(هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. البر الرحيم : خبران للمبتدإ «هو» خبر بعد خبر ـ على التتابع ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «هو» في محل نصب توكيدا للضمير الهاء في «إنه» ويكون «البر الرحيم» : خبري «إن».

(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (٢٩)

(فَذَكِّرْ) : الفاء استئنافية. ذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى فذكر يا محمد بالقرآن.

(فَما أَنْتَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. ما : نافية لا عمل لها. أنت : ضمير منفصل ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ بمعنى فداوم يا محمد على وعظك للناس وتبليغ رسالتك لهم فلست ..

(بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المخاطب بتقدير حالة كونك حامدا ربك. وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.

(بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر «أنت» ويجوز أن تكون «ما» بمنزلة «ليس» أي ما .. الحجازية ونافية لا عمل لها بلغة تميم فتكون الباء حرف جر زائدا و «كاهن» اسما مجرورا لفظا بالباء منصوبا

٥٥١

محلا على أنه خبر «ما» على اللغة الأولى ومرفوعا محلا على أنه خبر «أنت» على اللغة الثانية. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. مجنون : معطوف على «كاهن» ويعرب إعرابه بمعنى فلست بإنعام ربك عليك بالنبوة بمدعي علم الغيب ولا مختل العقل كما يزعم المشركون ويدعون.

(أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) (٣٠)

(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف عطف للإضراب بمعنى : بل. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ شاعر : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : أيقول المشركون هو شاعر أي الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ و «أم» المنقطعة هنا مسبوقة بهمزة الاستفهام متضمنة معنى الاستفهام الإنكاري الذي هو بمنزلة النفي. نتربص : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لشاعر وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. به : جار ومجرور متعلق بنتربص بمعنى : لا فائدة من اتباعه لأنه يذكر لنا العذاب والموت وبمعنى ننتظر.

(رَيْبَ الْمَنُونِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. المنون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة .. بمعنى : ننتظر به المنية أي الموت والمنون : هو الدهر والمنية أي الموت من منه : أي قطعه.

(قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) (٣١)

(قُلْ تَرَبَّصُوا) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وأصله : قول .. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. تربصوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تربصوا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول أي انتظروا.

٥٥٢

(فَإِنِّي مَعَكُمْ) : الفاء استئنافية. إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر «إن» يدل على المصاحبة والاشتراك أي المشاركة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.

(مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» بمعنى : قل لهم انتظروا موتي فإني منتظر من المنتظرين موتكم وعلامة جر الاسم الياء لأنه مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

** (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى : أم يقولون محمد شاعر ننتظر به المنية أي الموت.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حينما تآمرت قريش في دار الندوة على أن يقيدوا النبي الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في وثاق حتى يموت. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة بعد أن خيب تآمرهم وأخزاهم.

** (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والأربعين .. المعنى أم عندهم علم الغيب وهو اللوح المحفوظ الذي فيه علم الغيب فهم يكتبون ما فيه حتى يقولوا : وإن بعثنا لا نعذب .. أي فهم يحكمون منه؟ الفعل «كتب» من باب «نصر» ومصدره : كتبا وكتبة وكتابا .. والاسم منه : الكتابة لأنها صناعة كالنجارة وغيرها وتطلق الكتبة والكتاب على المكتوب ويطلق الكتاب على المنزل وعلى ما يكتبه الشخص ويرسله. قال أبو عمرو : سمعت أعرابيا يمانيا يقول : فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت : أتقول : جاءته كتابي؟ فقال : أليس بصحيفة؟ قلت : ما اللغوب؟ قال : الأحمق. ومن معاني «كتب» حكم وقضى وأوجب نحو : كتب الله الصيام : أي أوجبه .. وكتب القاضي بالنفقة : بمعنى : قضى وحكم. والكاتب ـ اسم فاعل ـ للفعل «كتب» وهو عند العرب : العالم وهو ما تشير إلى معناه الآية الكريمة المذكورة.

** (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. المعنى : واصبر يا محمد لحكمة ربك وداوم على تنزيه ربك حامدا إياه حين تقوم من منامك أو من أي مكان قمت وأنت في حفظنا وتحت حراستنا ومرعى برعايتنا وحفظنا بحيث نراك ونكلؤك وإضافة جمع «العين» وهو «أعيننا» لجمع الضمير مبالغة بكثرة أسباب الحفظ. والله تعالى منزه عن الأعضاء ـ الجوارح ـ وهو هنا كناية عن الحفظ. و «أعين» جمع «عين» وتجمع أيضا على عيون قال شوقي :

نامت الأعين إلا مقلة

تسكب الدمع وترعى مضجعك

ويقال : قرت عين من مات في سبيل الله : أي بردت عينه سرورا وجف دمعها أو كانت متشوقة إلى شيء فرأته. روي أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رأى على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه

٥٥٣

ـ قميصا فقال له : أجديد قميصك أم لبيس؟ قال عمر : بل لبيس يا رسول الله. فقال له النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا وليعطك الله قرة عين في الدنيا والآخرة. وكان عمر يسأل الله شهادة في سبيله ووفاة في بلد نبيه. وقد استجاب الله له فمات شهيدا في مدينة الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ على يد قاتل مجوسي. وقد قتل عمر في أحب الأوقات إليه بل في أحب الأوقات إلى الله عزوجل وهو الوقت الذي تؤدى فيه صلاة الفجر ويروى أن عمر سقط وهو يقول : كان أمر الله قدرا مقدورا.

** (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. المعنى : ونزه ربك بعض الليل وسبحه إذا أدبرت النجوم أي وقت إدبارها. قال لبيد :

بلينا وما تبلى النجوم الطوالع

وتبقى الجبال بعدنا والمصانع

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى

ولا زاجرت الطير ما الله صانع

روى فلكي أجنبي أنه جلس مرة مع شيخ عربي جليل وأفاض في وصف ما يكشفه المرقب ـ آلة لرصد النجوم والفلك ـ من عجائب الفلك .. وحين انتهى التفت الشيخ إليه وقال : أنتم أيها الأجانب ترون ملايين من النجوم ولا ترون شيئا وراءها. أما نحن العرب فلا نرى إلا نجوما قليلة ثم نرى وراء هذه النجوم خالقها أي ربنا. ومن أسماء «النجم» : النوء وجمعه : أنواء .. وقولهم : صدق النوء : معناه : كان فيه مطر ولم يخلف. وقيل النوء : معناه : سقوط نجم من المنازل .. وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط نجم وطلع آخر قالوا : لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم فيقولون : مطرنا بنوء الثريا ومن قولهم في الأمثال : قد أخطأ نوؤه. يضرب هذا المثل لمن رجع عن حاجته بالخيبة ولمن طلب حاجة ولم يقدر عليها قالوا : أخطأ نوؤك.

(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (٣٢)

(أَمْ تَأْمُرُهُمْ) : حرف عطف للإضراب بمعنى «بل». تأمر : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى : بل تأمرهم عقولهم.

(أَحْلامُهُمْ بِهذا) : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. الباء حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتأمر بمعنى : بل تأمرهم عقولهم وألبابهم بهذا التناقض في الأقوال وهو قولهم : كاهن وشاعر ومجنون وهو تناقض لا يقوله عاقل.

(أَمْ هُمْ قَوْمٌ) : أعربت. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. قوم : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : بل هم على تباين صفاتهم قوم.

٥٥٤

(طاغُونَ) : صفة ـ نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : لم تأمرهم أحلامهم بهذا القول المتناقض بل هم قوم متجاوزون الحد ..

(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٣)

(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ) : أعرب في الآية الكريمة الثلاثين. تقوله : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به المعنى بل أيقول المشركون اختلق محمد القرآن ونسبه إلى الله.

(بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) : حرف استئناف للإضراب. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون : تعرب إعراب «يقولون» بمعنى : لا حجة لهم أي عندهم على اختلاق محمد القرآن بل هم لم يؤمنوا ولذلك يطلقون هذه المزاعم جزافا.

(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) (٣٤)

(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدم. اللام لام الأمر. يأتوا : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بحديث : جار ومجرور متعلق بيأتوا. مثله : صفة ـ نعت ـ لحديث مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى : إن كان هذا القرآن مما يختلق فليأتوا بكلام أو بقرآن مثله نظما ومعنى.

(إِنْ كانُوا صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. فعل الشرط في محل جزم بإن. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه .. بمعنى إن كانوا صادقين في زعمهم أن محمدا اختلق القرآن من تلقاء نفسه فليأتوا بمثله.

٥٥٥

(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) (٣٥)

(أَمْ خُلِقُوا) : حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى «بل» للإضراب. لأنها متضمنة معنى الاستفهام الإنكاري الذي هو بمنزلة النفي. خلقوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة بمعنى : أخلقوا بدون خالق؟ لا ما خلقوا بدون خالق بل خلقهم خالق.

(مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) : جار ومجرور متعلق بخلقوا. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) : أعربت. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الخالقون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وهو «الخالق» وهو اسم فاعل يعمل عمل فعله المتعدي إلى المفعول بمعنى : الخالقون أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق.

(أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) (٣٦)

(أَمْ خَلَقُوا) : أعربت. خلقوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا ـ نيابة ـ من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة.

(بَلْ لا يُوقِنُونَ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له. لا : نافية لا عمل لها. يوقنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : إذا سئلوا من خلقكم وخلق السموات والأرض؟ قالوا الله. وهم شاكون فيما يقولون لا يوقنون بذلك ولو تيقنوا ذلك لعبدوا الله خالق الكون وما فيه.

٥٥٦

(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (٣٧)

(أَمْ عِنْدَهُمْ) : أعربت. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه.

(خَزائِنُ رَبِّكَ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : أو هل عندهم خزائن علم أو رزق ربك حتى يختاروا لها من اختيارهم حكمة ومصلحة؟ أو هل عندهم خزائن رزق ربك حتى يرزقوا النبوة من شاءوا.

(أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) : أعربت. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ حرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المسيطرون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وهي لغة في «المسيطرون» بمعنى : الغالبون على الأشياء يدبرونها على حسب أهوائهم ومشيئتهم.

(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٣٨)

(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ) : أعربت. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. سلم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : أم لهم مرتقى منصوب إلى السماء.

(يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لسلم وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيه : جار ومجرور متعلق بيستمعون بمعنى : يستمعون عليه كلام الملائكة أي صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب.

(فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ) : الفاء واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن كانوا صادقين في قدرتهم على ذلك فليأت مستمعهم بحجة بينة على صدقه.

٥٥٧

اللام لام الأمر يأت : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليه. مستمع : فاعل مرفوع الضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بيأتي. مبين : صفة ـ نعت ـ لسلطان مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (٣٩)

(أَمْ لَهُ الْبَناتُ) : أعربت. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. البنات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو استفهام إنكاري أيضا.

(وَلَكُمُ الْبَنُونَ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على الجملة الاسمية «له البنات» وتعرب إعرابها والميم في «لكم» علامة جمع الذكور وعلامة رفع «البنون» الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بمعنى : أم له ـ لله سبحانه ـ البنات كما تزعمون من أن الملائكة بنات الله ولكم البنون أي الذكور.

(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (٤٠)

(أَمْ تَسْئَلُهُمْ) : أعربت. تسأل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.

(أَجْراً فَهُمْ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الفاء حالية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ.

(مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «هم». مثقلون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى أم تسألهم مالا على نصحك لهم فهم من غرامة مبهظون أي يثقل عليهم ويسبب لهم مشقة بمعنى : يبهظهم ذلك فلا يقبلون على دعوتك بسبب ذلك. والجملة الاسمية «فهم مثقلون» في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «تسألهم».

٥٥٨

(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (٤١)

(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) : يعرب إعراب «أم عندهم خزائن» الوارد ذكره في الآية الكريمة السابعة والثلاثين.

(فَهُمْ يَكْتُبُونَ) : يعرب إعراب «فهم مثقلون» والجملة الفعلية «يكتبون» في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : فهم يكتبون ما فيه حتى يقولوا : وإن بعثنا لا نعذب فهم يحكمون منه أي من الغيب بمعنى : علم الغيب وهو اللوح المحفوظ الذي فيه علم الغيب.

(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) (٤٢)

(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) : أعربت. يريدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. كيدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : أم يريدون بك يا محمد وبالمؤمنين كيدا : أي هلاكا ومذلة.

(فَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الفاء استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(هُمُ الْمَكِيدُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «الذين كفروا» والإشارة إليهم أو أريد بهم كل من كفر بالله. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المكيدون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى هم المهلكون. أي الذين يحيق بهم مكرهم السيئ أي يحيق بهم الكيد الذي أضمروه للنبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين دبروا مكيدة وتآمروا عليه في دار الندوة.

٥٥٩

(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٣)

(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) : أعرب في الآية الكريمة الثامنة والثلاثين. غير : صفة ـ نعت ـ لإله مرفوع مثله بالضمة المنونة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : أسبح وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى : أنزه أو تنزه الله تنزيها. عما : مكونة من «عن» حرف جر و «ما» المصدرية. وجملة «يشركون» صلة حرف مصدري لا محل لها. يشركون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر «إشراكهم» في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بسبحان ـ بتأويل فعله ـ المعنى : تعاظم وتقدس الله عن إشراكهم.

(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤)

(وَإِنْ يَرَوْا) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يروا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى يظنوا لشدة كفرهم ..

(كِسْفاً مِنَ السَّماءِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى «قطعا» جمع «كسفة». من السماء : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كسفا» ويجوز أن يتعلق بحال مقدمة من «ساقطا».

(ساقِطاً يَقُولُوا) : صفة ـ نعت ـ للمفعول الموصوف «كسفا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون حالا من «كسفا» بعد تخصصه ووصفه بالجار والمجرور. يقولوا : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط

٥٦٠