تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي

تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

المؤلف:

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي


المحقق: أحمد فتحي عبدالرحمن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5684-6

الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

برىء وأن قارون أعطاني مالا وحملني على ذلك.

(مِنَ الْكُنُوزِ) أصاب كنزا ، أو كان يعمل الكيمياء.

(مَفاتِحَهُ) خزائنه ، أو أوعيته ، أو مفاتيح خزائنه وكانت من جلود يحملها أربعون بغلا ، أو مفاتيحها : إحاطة علمه بها.

(لَتَنُوأُ) لتثقل العصبة ، أو لتمر بالعصبة من النأي وهو البعد ، أو ينهض بها العصبة.

(بِالْعُصْبَةِ) الجماعة يتعصب بعضهم لبعض وهم سبعون رجلا ، أو ما بين العشرة إلى الأربعين ، أو ما بين العشرة إلى الخمسة عشر ، أو ستة أو سبعة ، أو ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر ، أو عشرة قال أبو عبيدة : هذا من المقلوب تأويله أن العصبة لتنوء بالمفاتيح.

(الْقُوَّةِ) الشدة. (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ) مؤمنو قومه ، أو موسى.

(لا تَفْرَحْ) لا تبغ ، أو لا تبخل ، أو لا تبطر.

(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص : ٧٧].

(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ) بطلب الحلال في الكسب ، أو بالصدقة وصلة الرحم.

(وَلا تَنْسَ) حظك من الدنيا أن تعمل فيه لآخرتك ، أو لا تنس الغناء بالحلال عن الحرام أو لا تنس ما أنعم الله عليك فيها أن تشكر الله بطاعته.

(وَأَحْسِنْ) فيما فرض عليك كما أحسن الله تعالى في نعمه عليك ، أو في طلب الحلال. كما أحسن إليك بالإحلال ، أو أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك.

(لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) لا يقربهم ، أو لا يحب أعمالهم.

(قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص : ٧٨].

(عِلْمٍ عِنْدِي) بقوتي وعملي ، أو خير عندي ، أو لرضا الله عني وعلمه باستحقاقي ، أو علم بوجه المكاسب ، أو صنعه الكيمياء علمه موسى ثلث الصنعة ويوشع الثلث وهارون الثلث. فخدعهما قارون وكان على إيمانه فعلم ما عندهما فعلم الكيمياء وكثرت أمواله.

(وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) سؤال استعتاب ، أو لا تسأل عنهم الملائكة لأنهم يعرفونهم بسيماهم ، أو يعذبون ولا يحاسبون ، أو لا يسألون عن إحصاء أعمالهم ويعطون الصحائف فيعرفونها ويعترفون بها.

(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [القصص : ٧٩].

٦١

(فِي زِينَتِهِ) حشمه ، أو تبعه سبعين ألفا عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤيت فيه المعصفرات وكان أول من خضب بالسواد ، أو جوار بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قطف أرجوان.

(حَظٍّ) درجة ، أو جد.

(فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) [القصص : ٨١].

(فَخَسَفْنا) قيل شكاه موسى عليه الصلاة والسّلام إلى الله تعالى فأمر الأرض أن تطيع موسى فأقبل قارون وشيعته فقال موسى عليه الصلاة والسّلام.

«يا أرض خذيهم» فأخذتهم إلى أوساطهم ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم ، ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فخسف بهم وبدار قارون وكنوزه ، أو قال بنو إسرائيل : إنما أمر الأرض بابتلاعه ليرث ماله لأنه كان ابن عمه فخسف بداره وبجميع أمواله بعد ثلاثة أيام.

(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) [القصص : ٨٢].

(وَيْكَأَنَّ) أو لا يعلم أن الله ، أو لا يرى أن الله ، أو ولكن الله بلغة حمير ، والياء صلة تقديره كأن الله ، أو الياء والكاف صلتان تقديره وأن الله ، أو الكاف صلة والياء للتنبيه ، أو ويك مفصولة بمعنى ويح فأبدل الحاء كافا ، أو ويلك فحذف اللام ، أو وي منفصلة على جهة التعجب ثم استأنف كأن الله. قاله الخليل.

(وَيَقْدِرُ) يختار له ، أو ينظر له إن كان الغنى خيرا له أغناه وإن كان الفقر خيرا له أفقره ، أو يضيق.

(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص : ٨٣].

(عُلُوًّا) بغيا ، أو تكبرا ، أو شرفا وعزا ، أو ظلما ، أو شركا أو لا يجزعون من ذلها ولا يتنافسون في عزها.

(فَساداً) أخذها بغير حق ، أو المعاصي ، أو قتل الأنبياء والمؤمنين.

(وَالْعاقِبَةُ) الثواب ، أو الجنة.

(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [القصص : ٨٥].

٦٢

(فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) أنزله ، أو أعطاكه ، أو ألزمك العمل به ، أو حمّلك تأديته وتبليغه ، أو بينه على لسانك.

(مَعادٍ) مكة ، أو بيت المقدس ، أو الموت ، أو يوم القيامة ، أو الجنة.

(وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص : ٨٨].

(إِلَّا وَجْهَهُ) إلا هو ، أو ملكه ، أو ما أريد به وجهه ، أو إلا موت العلماء فإن علمهم باق ، أو إلا جاهه ، لفلان جاه ووجه بمعنى ، أو العمل.

(لَهُ الْحُكْمُ) القضاء في خلقه بما شاء ، أو ليس للعباد أن يحكموا إلا بأمره.

(تُرْجَعُونَ) في القيامة فتجزون بأعمالكم.

سورة العنكبوت (١)

(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت : ٢].

(أَحَسِبَ) أظنّ قائلوا لا إله إلا الله.

(أَنْ يُتْرَكُوا) فلا يختبر صدقهم وكذبهم ، أو أظنّ المؤمنون أن لا يؤمروا ولا ينهوا ، أو أن لا يؤذوا ولا يقتلوا أو خرج قوم للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعوها خرجوا فقتل بعضهم وخلص آخرون فنزلت (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ..) الآية [العنكبوت : ٦٩]. أو نزلت في عمار ومن كان يعذب في الله تعالى بمكة ، أو في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه عذبه أبو جهل على إسلامه حتى تلفظ بالشرك مكرها ، أو في قوم أسلموا قبل فرض الزكاة والجهاد فلما فرضا شق عليهم.

(لا يُفْتَنُونَ) لا يهلكون ، أو لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله تعالى وعن نواهيه.

(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَ

__________________

(١) سميت سورة العنكبوت بذلك لأن الله ضرب العنكبوت فيها مثلا للآثام المنحوتة والآلهة المزعومة مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ، وهي سورة مكية ، ما عدا الآيات من (١ : ١١) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة الروم ، وسورة العنكبوت مكية وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى الوحدانية الرسالة البعث والجزاء ومحور السورة الكريمة يدور حول الإيمان وسنة الابتلاء في هذه الحياة لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى أنواع المحنة والشدة ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطولا مفصلا وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء.

٦٣

الْكاذِبِينَ) [العنكبوت : ٣].

(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) بما فرض عليهم ، أو بما بلاهم به.

(فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ) فليميزن الصادق من الكاذب ، أو ليظهرن لرسوله صدق الصادق. قيل نزلت في مهجع مولى عمر أو قتيل بين الصفين من المسلمين ببدر. فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم «سيد الشهداء مهجع» وقيل هو أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين.

(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [العنكبوت : ٤].

(الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) اليهود. والسيئات الشرك.

(يَسْبِقُونا) يعجزونا فلا نقدر عليهم ، أو يسبقوا ما كتب عليهم من محتوم القضاء.

(يَحْكُمُونَ) يظنون ، أو يقضون لأنفسهم على أعدائهم.

(مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت : ٥].

(يَرْجُوا) يخاف ، أو يأمل. (لِقاءَ اللهِ) لقاء ثوابه ، أو البعث إليه. (أَجَلَ اللهِ) بالجزاء في القيامة. (السَّمِيعُ) لأقوالكم. (الْعَلِيمُ) باعتقادكم.

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت : ٨].

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) ألزمناه أن يبرهما ، أو ما أوصيناه به من برهما حسنا.

(لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) حجة ، أو لا يعلم أحد أن الله تعالى شريكا. نزلت في سعد بن أبي وقاص حلفت أمه أن لا تأكل طعاما حتى يرجع عن دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو في عياش بن أبي ربيعة حلفت أمه كذلك وخدعه أخوه لأمه أبو جهل حتى أوثقه وعاقبه.

(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت : ١٣].

(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) أعوان الظلمة ، أو المبتدعة إذا تبعوا على بدعهم ، أو محدثو السنن الجائرة إذا عمل بها بعدهم.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) [العنكبوت : ١٤].

(نُوحاً) هو أول رسول بعث وبعث من الجزيرة.

(أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) وهي مبلغ عمره لبث قبل دعائهم ثلاثمائة ودعاهم ثلاثمائة وبقي بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين ، أو بعث الأربعين ودعاهم ألفا إلا خمسين وبقي بعد الطوفان ستين فذلك ألف وخمسون ، أو لبث فيهم ألفا إلا خمسين وعاش بعد

٦٤

ذلك سبعين فذلك ألف وعشرون ، أو بعث على ثلاثمائة وخمسين ودعاهم ألفا إلى خمسين وبقي بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين فذلك ألف وستمائة وخمسون.

(الطُّوفانُ) المطر ، أو الغرق ، أو الموت مأثور قيل كان الطوفان في نيسان.

(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) [العنكبوت : ٢١].

(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) بالانقطاع إلى الدنيا.

(وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) بالإعراض عنها ، أو يعذب بسوء الخلق ويرحم بحسنه ، أو يعذب بالحرص ويرحم بالقناعة ، أو يعذب ببغض الناس له ويرحم بحبهم ، أو يعذب بمتابعة البدعة ويرحم بملازمة السنة.

(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [العنكبوت : ٢٦].

(لُوطٌ) كان ابن أخيه وآمنت به سارة وكانت بنت عمه ، أو كانت سارة أخت لوط.

(مُهاجِرٌ) للظالمين. فهاجر من الجزيرة إلى حرّان ، أو من كوثى وهي سواد الكوفة إلى الشام.

(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت : ٢٧].

(أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) الذكر الحسن ، أو رضا أهل الأديان به ، أو النية الصالحة التي اكتسب بها أجر الآخرة ، أو لسان صدق ، أو ما أوتي في الدنيا من الأجر ، أو الولد الصالح حتى إن أكثر الأنبياء من ولده.

(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [العنكبوت : ٢٩].

(وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) لأن الناس انقطعوا عن الأسفار حذرا من فعلهم الخبيث ، أو قطعوا الطريق على المسافرين ، أو قطعوا سبيل النسل بترك النساء إلى الرجال.

(نادِيكُمُ) مجلسكم.

(الْمُنْكَرَ) كانوا يتضارطون أو يحذفون من يمر بهم ويسخرون منه مأثور ، أو يأتي بعضهم بعضا ، أو الصفير ولعب الحمام والجلاهق ومضغ العلك وبصاق بعضهم على بعض والسؤال وحل أزرار القباء في المجلس.

(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت : ٤١].

(كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ) كما لا يغني عنها بيتها كذلك لا تغني عبادة الأصنام شيئا وقيل

٦٥

العنكبوت شيطان مسخها الله عزوجل.

(اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) [العنكبوت : ٤٥].

(اتْلُ) يا محمد على أمتك القرآن.

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ) المفروضة ، أو القرآن ، أو الدعاء إلى أمر الله تعالى.

(الْفَحْشاءِ) الزنا.

(وَالْمُنْكَرِ) الشرك ، تنهى الصلاة عنهما ما دام المصلي فيها ، أو تنهى عنهما قبلها وبعدها قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله تعالى إلا بعدا» (١) ، أو ما تدعوهم إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نهاهم عن الفحشاء والمنكر.

(وَلَذِكْرُ اللهِ) إياكم أكبر من ذكركم إياه ، أو ذكره أفضل من كل شيء ، أو ذكره في الصلاة أفضل مما نهت عنه من الفحشاء والمنكر ، أو ذكره في الصلاة أكبر من الصلاة ، أو ذكره أكبر أن تحويه عقولكم ، أو ذكره أكبر من قيامكم بطاعته ، أو أكبر من أن يبقي على صاحبه عقاب الفحشاء والمنكر.

(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [العنكبوت : ٤٦].

(بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قول لا إله إلا الله ، أو الكف عند بذل الجزية والقتال عند منعها ، أو إن قالوا شرا قلنا لهم خيرا.

(الَّذِينَ ظَلَمُوا) أهل الحرب ، أو من منع الجزية ، أو من ظلم بالإقامة على الكفر بعد ظهور الحجة ، أو الذين ظلموا في جدلهم فأغلظوا لهم ، منسوخة ، أو محكمة.

(وَقُولُوا آمَنَّا) كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية للمسلمين فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم (وَقُولُوا آمَنَّا ..) الآية» (٢).

__________________

(١) أخرجه الطبراني (١١ / ٥٤ ، رقم ١١٠٢٥) ، والقضاعى (١ / ٣٠٥ ، رقم ٥٠٩) ، قال الهيثمى (٢ / ٢٥٨) : فيه ليث بن أبى سليم وهو ثقة ولكنه مدلس.

(٢) أخرجه البخارى (٤ / ١٦٣٠ ، رقم ٤٢١٥) ، والنسائي في الكبرى (٦ / ٤٢٦ ، رقم ١١٣٨٧) ، والبيهقى في السنن الكبرى (١٠ / ١٦٣ ، رقم ٢٠٤٠٢) ، وفي شعب الإيمان (٤ / ٣٠٩ ، رقم ٥٢٠٧).

٦٦

(مُسْلِمُونَ) بقوله لأهل الكتاب ، أو لمن آمن.

(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت : ٤٨].

(وَما كُنْتَ تَتْلُوا) قبل القرآن كتابا من الكتب المنزلة ولا تكتبه بيمينك فتعلم ما فيه حتى يشكوا في إخبارك عنه أنه من وحي الله إليك ، أو كان نعته في الكتب المنزلة أن لا يكتب ولا يقرأ فكان ذلك دليلا على صحة نبوته.

(الْمُبْطِلُونَ) مكذبو اليهود ، أو مشركو العرب ، أو قريش لأنه لو كتب وقرأ قالوا تعلمه من غيره.

(بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت : ٤٩].

(بَلْ هُوَ آياتٌ) يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كونه لا يقرأ ولا يكتب آيات بينات في صدور العلماء من أهل الكتاب لأنه في كتبهم بهذه الصفة ، أو القرآن آيات بينات في صدور النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين به خصوا لحفظه في صدورهم بخلاف من قبلهم فإنهم كانوا لا يحفظون كتبهم عن ظهر قلب إلا الأنبياء.

(الظَّالِمُونَ) المشركون.

(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت : ٥٠ ـ ٥١].

(لَوْ لا أُنْزِلَ) اقترحوا عليه الآيات ليجعل الصفا ذهبا وتفجير الأنهار ، أو سألوه مثل آيات الأنبياء كالناقة والعصا واليد وإحياء الموتى.

(الْآياتُ) عند الله تعالى يخص بها من شاء من الأنبياء.

(وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ) لا يلزمني الإتيان بالمقترح من الآيات وإنما يلزمني أنه يشهد على تصديقي وقد فعل الله تعالى ذلك وأجابهم بقوله.

(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) دلالة على نبوتك القرآن بإعجازه واشتماله على الغيوب والوعود الصادقة ، أو أراد بذلك ما روي أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتي بكتاب في كتف فقال : «كفى بقوم حمقا أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى غير نبيهم ، أو كتاب غير كتابهم» فنزلت (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ)

(لَرَحْمَةً) إستنقاذا من الضلال. (وَذِكْرى) إرشادا إلى الحق.

(لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يقصدون الإيمان دون العناد.

٦٧

(قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [العنكبوت : ٥٢].

(شَهِيداً) لي بالصدق ، والإبلاغ وعليكم بالكذب والعناد.

(بِالْباطِلِ) إبليس ، أو عبادة الأصنام.

(الْخاسِرُونَ) لأنفسهم بإهلاكها ، أو لنعيم الجنة بعذاب النار.

(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [العنكبوت : ٥٣].

(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) عنادا ، أو استهزاء كقول النضر (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ ..) الآية [الأنفال : ٣٢].

(أَجَلٌ مُسَمًّى) القيامة ، أو أجل الحياة إلى الموت وأجل الموت إلى البعث ، أو النفخة الأولى أو الوقت الموقت لعذابهم.

(بَغْتَةً) فجأة.

(لا يَشْعُرُونَ) بنزوله قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم الساعة» (١).

(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) [العنكبوت : ٥٦].

(أَرْضِي واسِعَةٌ) فجانبوا العصاة بالخروج من أرضهم ، أو اطلبوا أولياء الله تعالى ، أو رحمتي واسعة ، أو رزقي واسع.

(فَاعْبُدُونِ) بالهجرة إلى المدينة ، أو بأن لا تطيعوا أحدا في معصيتي ، أو فارهبون.

(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) [العنكبوت : ٥٧].

(ذائِقَةُ الْمَوْتِ) كل حي ميت ، أو تجد كرب الموت وشدته إرهابا لهم ليدعوا المعاصي ، أو إعلاما أن الرسل يموتون فلا تضلوا بموت من مات منهم.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) [العنكبوت : ٥٨].

(لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) من الثواء وهو طول المقام والباء لنسكننهم.

(غُرَفاً) الغرف أعالي البيوت وهي أنزه وأطيب من البيوت.

(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ

__________________

(١) أخرجه البخارى (٥ / ٢٣٨٦ ، رقم ٦١٤١) ، ومسلم (١ / ١٣٧ ، رقم ١٥٧).

٦٨

الْعَلِيمُ) [العنكبوت : ٦٠].

(لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) بل ما تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئا ، أو تأكل لوقتها ولا تدخر لغدها ، أو يأتيها بغير طلب وذكر النقاش شيئا لا يحل ذكره ولبئس ما قال وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الحيوان كل ما دب لا يحمل رزقه ولا يدخر إلا ابن آدم والنمل والفأر.

(يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) يسوي بين القادر والعاجز والحريص والقانع ليعلم أن ذلك يقدره الله تعالى دون حول وقوة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : لما أمرهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالهجرة خافوا الضيعة والجوع وقال بعضهم نهاجر إلى بلدة ليس فيها معاش فنزلت هذه الآية فهاجروا.

(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت : ٦٤].

(الْحَياةُ) الحياة الدائمة. قال أبو عبيدة : الحيوان والحياة واحد.

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) [العنكبوت : ٦٧].

(وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ) بالقتل والسبي. (أَفَبِالْباطِلِ) الشرك ، أو إبليس.

(وَبِنِعْمَةِ اللهِ) بعافيته ، أو عطائه وإحسانه أو بالهدى الذي جاء به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو بإطعامهم من جوع وأمنهم من خوف.

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) [العنكبوت : ٦٨].

(افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) جعل له شريكا وولدا.

(بِالْحَقِّ) التوحيد أو القرآن ، أو محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(مَثْوىً) مستقر.

(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت : ٦٩].

(جاهَدُوا) أنفسهم في هواها ، أو العدو بالقتال ، أو اجتهدوا في الطاعة وترك المعصية ، أو تابوا من ذنوبهم جهادا لأنفسهم.

(سُبُلَنا) طريق الجنة ، أو دين الحق ، أو نعلمهم ما لا يعلمون ، أو نخلص نياتهم في الصوم والصلاة والصدقة.

(لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) بالنصر والمعونة.

٦٩

سورة الروم (١)

(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ١ ـ ٣]

كان المسلمون يؤثرون ظهور الروم على فارس لأنهم أهل كتاب ، وآثر المشركون ظهور فارس على الروم لأنهم أهل أوثان فلما غلبت فارس سرّ المشركون وقالوا للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تغلبونا لأنكم أهل كتاب وقد غلبت فارس الروم وهم أهل كتاب وكان آخر فتوح كسرى فتح فيه القسطنطينية بنى فيها بيت النار فبلغ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فساءه ذلك فنزلت هاتان الآيتان فبادر أبو بكر رضي الله عنه فأخبر المشركين بذلك فاقتمر المسلمون والكفار على أنهم يغلبون إلى ثلاث سنين ، أو خمس سنين ، أو سبع سنين. قامر عن المسلمين أبو بكر رضي الله تعالى عنه. وعن المشركين أبو سفيان بن حرب ، أو أبي بن خلف وذلك قبل تحريم القمار وكان العوض خمس قلائص ، أو سبع قلائص فلما علم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن أبا بكر قدر المدة أمره أن يزيد في الخطر فزاد قلوصين وازداد سنتين وكانت الزيادة بعد انقضاء الأجل الأول قبل الغلبة ، أو قبل انقضاء الأجل الأول. وغلبت الروم فارس عام بدر في يوم بدر ، أو قبل الهجرة بسنتين ، أو عام الحديبية.

(أَدْنَى الْأَرْضِ) أدنى أرض فارس ، أو أدنى أرض الروم عند الجمهور بأطراف الشام ، أو أذرعات الشام كانت بها الوقعة ، أو الجزيرة أقرب أرض الروم إلى فارس ، أو الأردن وفلسطين.

(فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم : ٤ ـ ٥].

(بِضْعِ) ما بين الثلاث إلى العشر. مأثور ، أو ما بين العقدين من الواحد إلى العشرة. قاله بعض أهل اللغة ، فيكون من الثاني إلى التاسع ، أو ما بين الثلاث والتسع. والنّيف ما بين الواحد إلى التسعة ، أو ما بين الواحد والثلاثة عند الجمهور.

(مِنْ قَبْلُ) ما غلبت الروم.

(وَمِنْ بَعْدُ) ما غلبت ، أو قبل دولة فارس على الروم وبعد دولة الروم على فارس.

(يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) جاءهم الخبر بهلاك كسرى يوم الحديبية ففرحوا.

__________________

(١) سميت سورة الروم لذكر تلك المعجزة الباهرة التي تدل على صدق أنباء القرآن العظيم وهي بعض معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهي سورة مكية ما عدا الآية (١٧) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة الانشقاق ، وسورة الروم تتلخص أهدافها في معالجة قضايا العقيدة الإسلامية في إطارها العام وميدانها الفسيح الإيمان بالوحدانية وبالرسالة وبالبعث والجزاء.

٧٠

(بِنَصْرِ اللهِ) لضعف فارس وقوة العرب ، أو فرحوا بنصر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب مثلهم ، أو لأنه مقدمة لنصرهم على المشركين ، أو لما فيه من تصديق خبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك.

(يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) من أوليائه ونصره مختص بهم وغلبة الكفار ليست بنصر منه وإنما هي بلاء ومحنة.

(الْعَزِيزُ) في نقمته من أعدائه. (الرَّحِيمُ) بأوليائه.

(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) [الروم : ٧].

(ظاهِراً) أمر معاشهم متى يزرعون ويحصدون وكيف ينبتون ويغرسون ، وكبنيان قصورها وشق أنهارها وغرس أشجارها ، أو يعلمون ما ألقته الشياطين إليهم باستراق السمع من أمور الدنيا.

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) [الروم : ٨].

(بِالْحَقِّ) بالعدل ، أو الحكمة ، أو بأن استحق عليهم الطاعة والشكر ، أو للثواب والعقاب.

(وَأَجَلٍ مُسَمًّى) القيامة ، أو أجل كل مخلوق.

(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) [الروم : ١٠].

(أَساؤُا) كفروا. (السُّواى) جهنم ، أو عقاب الدارين. (أَنْ كَذَّبُوا) لأن كذبوا.

(بِآياتِ اللهِ) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن ، أو معجزات الرسل ، أو نزول العذاب بهم.

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) [الروم : ١٢].

(يُبْلِسُ) يفتضح ، أو يكتئب ، أو ييأس ، أو يهلك ، أو يندم ، أو يتحير.

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) [الروم : ١٤].

(يَتَفَرَّقُونَ) في المكان بالجنة والنار ، أو بالجزاء بالثواب والعقاب.

(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) [الروم : ١٥].

(رَوْضَةٍ) البستان المتناهي منظرا وطيبا.

(يُحْبَرُونَ) يكرمون ، أو ينعمون ، أو يلتذون بالسماع والغناء ، أو يفرحون. والحبرة : السرور والفرح.

(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ

٧١

مُحْضَرُونَ) [الروم : ١٦].

(مُحْضَرُونَ) نازلون ، أو مقيمون ، أو يدخلون ، أو مجموعون.

(فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [الروم : ١٧].

(فَسُبْحانَ اللهِ) سبحوه ، أو صلّوا له سميت الصلاة تسبيحا لاشتمالها عليه في الركوع والسجود ، أو من السبحة وهي الصلاة.

(تُمْسُونَ) المغرب والعشاء المساء بدو الظلام بعد المغيب.

(تُصْبِحُونَ) صلاة الصبح.

(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [الروم : ١٨].

(وَلَهُ الْحَمْدُ) على نعمه ، أو الصلاة لاختصاصها بقراءة حمده بالفاتحة وخص صلاة النهار باسم الحمد لأن تقلب النهار يكثر فيه الإنعام الموجب للحمد والليل وقت فراغ وخلوة يوجب تنزيه الله تعالى من الأسواء فيها.

(وَعَشِيًّا) العصر العشي آخر النهار عند ميل الشمس للمغيب لنقص نورها أخذ من عشا العين وهو نقص نورها.

(تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر. نزلت هذه الآية بعد الإسراء به قبل الهجرة وكل آية نزلت تذكر الصلاة قبل الإسراء فليست من الصلوات الخمس لأنهن إنما فرضن ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة.

(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) [الروم : ١٩].

(يُخْرِجُ) الإنسان الحي من النطفة الميتة والنطفة الميتة من الإنسان الحي ، أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، أو الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة ، أو النخلة من النواة والنواة من النخلة والسنبلة من الحبة والحبة من السنبلة.

(تُخْرَجُونَ) كما أحيى الموت وأخرج النبات فكذلك تبعثون.

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم : ٢١].

(أَزْواجاً) حواء من ضلع آدم ، أو سائر الأزواج من أمثالهم من الرجال.

(لِتَسْكُنُوا) لتأنسوا. (مَوَدَّةً) محبة.

(وَرَحْمَةً) شفقة ، أو المودة الجماع والرحمة الولد ، أو المودة حب الكبير والرحمة الحنو على الصغير ، أو الرحمة بين الزوجين.

٧٢

(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) [الروم : ٢٢].

(خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بما فيهما من العبر ، أو لعجز الخلق عن إيجاد مثلهما.

(أَلْسِنَتِكُمْ) لغاتكم كالعربية والرومية والفارسية.

(وَأَلْوانِكُمْ) أبيض وأحمر وأسود ، أو اختلاف النغمات والأصوات وألوانكم صوركم فلا يشتبه صورتان ولا صوتان. كيلا يشتبهوا في المناكح والحقوق.

(لِلْعالِمِينَ) الإنس والجن وبالكسر العلماء.

(وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [الروم : ٢٣].

(مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) بالنهار ، أو منامكم وابتغاؤكم فيهما جميعا لأن منهم من يتصرف في المعاش ليلا وينام نهارا وابتغاء الفضل بالتجارة ، أو بالتصرف في العمل. فالنوم كالموت والتصرف نهارا كالبعث.

(يَسْمَعُونَ) الحق فيتبعونه ، أو الوعظ فيخافونه ، أو القرآن فيصدقونه.

(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الروم : ٢٤].

(خَوْفاً) للمسافر.

(وَطَمَعاً) للمقيم ، أو خوفا من الصواعق وطمعا في الغيث ، أو خوفا من البرد أن يهلك الزرع وطمعا في الغيث أن يحييه ، أو خوفا أن يكون خلبا لا يمطر وطمعا أن يمطر.

(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) [الروم : ٢٦].

(قانِتُونَ) مطيعون. مأثور ، أو مصلون ، أو مقرون بالعبودية ، أو قائمون له يوم القيامة ، أو قائمون بالشهادة أنهم عباده ، أو مخلصون.

(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الروم : ٢٧].

(يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) بعلوقه في الرحم ثم يعيده بالبعث استدلالا بالنشأة على الإعادة.

(أَهْوَنُ عَلَيْهِ) إعادة الخلق أهون على الله تعالى من ابتدائه لأن الإعادة أهون من البدأة عرفا وإن كانا هينين على الله تعالى ، أو الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقلب نطفة ثم علقه ثم مضغة ثم عظما ثم رضيعا ثم فطيما وفي الإعادة يصاح به فيعود سويا ، أو أهون بمعنى هين. قال :

٧٣

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

وأهون أيسر وأسهل.

(الْمَثَلُ الْأَعْلى) الصفة العليا ليس كمثله شيء ، أو شهادة أن لا إله إلا الله ، أو يحيي ويميت.

(الْعَزِيزُ) المنيع في قدرته أو القوي في انتقامه. (الْحَكِيمُ) في تدبيره ، أو في إعذاره وحجته إلى عباده.

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الروم : ٢٨].

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً) سبب ضربه إشراكهم في عبادته ، أو قولهم في التلبية إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك ، أو كانوا يورثون آلهتهم أي لما لم يشرككم عبيدكم في أموالكم لملككم إياهم فالله تعالى أولى أن لا يشاركه أحد في العبادة لأنه مالك كل شيء.

(تَخافُونَهُمْ) أن يشاركوكم في أموالكم كما تخافون ذلك من شركائكم ، أو تخافون أن يرثوكم كما تخافون ورثتكم ، أو تخافون لأئمتهم كما يخاف بعضكم بعضا.

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم : ٣٠].

(وَجْهَكَ) قصدك ، أو دينك ، أو عملك.

(حَنِيفاً) مسلما ، أو مخلصا ، أو متبعا ، أو مستقيما ، أو حاجا ، أو مؤمنا بجميع الرسل.

(فِطْرَتَ اللهِ) صنعة الله ، أو دينه الإسلام الذي خلق الناس عليه.

(لِخَلْقِ اللهِ) لدين الله ، أو لا يتغير بخلقه من البهائم أن يخصى فحولها ، أو لا خالق غير الله يخلق كخلقه.

(الدِّينُ الْقَيِّمُ) الحساب البين ، أو القضاء المستقيم.

(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الروم : ٣١].

(مُنِيبِينَ) مقبلين ، أو داعين ، أو مطيعين ، أو تائبين من الذنوب والإنابة من القطع فهي الانقطاع إلى الله تعالى بالطاعة ومنه الناب لقطعه ، أو من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد مرة ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة.

(مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [الروم : ٣٢].

٧٤

(فَرَّقُوا دِينَهُمْ) بالاختلاف فصاروا فرقا ، وفارقوا دينهم وهم اليهود ، أو اليهود والنصارى ، أو خوارج هذه الأمة مأثور ، أو أهل الأهواء والبدع مأثور.

(شِيَعاً) فرقا ، أو أديانا. (بِما لَدَيْهِمْ) من الضلالة. (فَرِحُونَ) مسرورون عند الجمهور ، أو معجبون أو متمسكون.

(أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) [الروم : ٣٥].

(سُلْطاناً) كتابا ، أو عذرا ، أو برهانا ، أو رسولا.

(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦].

(رَحْمَةً) عافية وسعة ، أو نعمة ومطر. (سَيِّئَةٌ) بلاء وعقوبة ، أو قحط المطر.

(يَقْنَطُونَ) القنوط اليأس من الرحمة والفرج عند الجمهور أو ترك فرائض الله تعالى في السر.

(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الروم : ٣٨].

(ذَا الْقُرْبى) قرابة الرجل يصلهم بماله ونفسه ، أو قرابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنو هاشم وبنو المطلب يعطون حقهم من الفيء والغنيمة.

(وَابْنَ السَّبِيلِ) المسافر ، أو الضيف.

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم : ٣٩].

(مِنْ رِباً) هو أن يهدي الهدية ليكافأ بأفضل منها ، أو رجل خدم في السفر فجعل له جزء من الربح لخدمته لا لوجه الله تعالى ، أو رجل وهب قريبه ليصير غنيا ذا مال ولا يفعله طلبا للثواب.

(فَلا يَرْبُوا) لا يكون له ثواب عند الله. (زَكاةٍ) مفروضة ، أو صدقة. (وَجْهَ اللهِ) ثوابه.

(الْمُضْعِفُونَ) الحسنة بعشر ، أو يضاعف أموالهم في الدنيا بالنمو والبركة.

(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم : ٤١].

(الْفَسادُ) الشرك ، أو المعاصي ، أو قحط المطر ، أو فساد البر قتل ابن آدم أخاه وفساد البحر أخذ السفينة غصبا.

(الْبَرِّ) الفيافي. (وَالْبَحْرِ) القرى. العرب تسمى الأمصار البحر ، أو البر أهل العمود

٧٥

والبحر أهل القرى والريف ، أو البر بادية الأعراب والبحر الجزائر ، أو البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر والبحر ما كان منها على شاطىء نهر.

(بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) لأن للمعصية جزاء عاجلا وجزاء آجلا.

(يَرْجِعُونَ) عن المعاصي ، أو إلى الحق ، أو يرجع من بعدهم.

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) [الروم : ٤٣].

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ) للتوحيد ، أو استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة.

(يَصَّدَّعُونَ) يتفرقون في عرصة القيامة ، إلى النار والجنة ، أو يتفرق المشركون وآلهتهم في النار.

(مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) [الروم : ٤٤].

(يَمْهَدُونَ) يسوّون المضاجع في القبور ، أو يوطئون في الدنيا بالقرآن وفي الآخرة بالعمل الصالح.

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الروم : ٤٦].

(مُبَشِّراتٍ) بالمطر رياح الرحمة أربعة المبشرات والذاريات والناشرات والمرسلات ، ورياح العذاب أربعة العقيم والصرصر في البر والعاصف والقاصف في البحر.

(مِنْ رَحْمَتِهِ) بردها وطيبها ، أو المطر.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : ٤٧].

(نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) الأنبياء بإجابة دعائهم على مكذبيهم ، أو نصرهم بإيجاب الذّب عن أعراضهم.

(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [الروم : ٤٨].

(كِسَفاً) قطعا ، أو متراكبا بعضه على بعض ، أو في سماء دون سماء.

(الْوَدْقَ) البرق ، أو المطر.

(فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الروم : ٥٠].

٧٦

(رَحْمَتِ اللهِ) المطر.

(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) [الروم : ٥١].

(فَرَأَوْهُ) رأوا السحاب. (مُصْفَرًّا) بأنه لا يمطر ، أو الزرع مصفرا بعد خضرته.

(لَظَلُّوا) أظل إذا فعل أول النهار ووقت الظل وكذلك أضحى فتوسعوا في استعمال ظل في أول النهار وآخره وقل ما يستعمل أضحى إلا في صدر النهار.

(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) [الروم : ٥٢].

(الْمَوْتى) الذين ماتوا كفارا.

(الصُّمَّ) الذين تولوا عن الهدى فلم يسمعوه ، أو مثّل الكافر في أنه لا يسمع بالميت والأصم لأن كفره قد أماته وضلاله قد أصمه.

(مُدْبِرِينَ) لأن المدبر لا يفهم بالإشارة وإن كان الأصم لا يسمع مقبلا ولا مدبرا قيل نزلت في بني عبد الدار.

(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [الروم : ٥٤].

(ضَعْفٍ) نطفة. (قُوَّةً) شبابا. (ضَعْفٍ) هرما. (وَشَيْبَةً) شمطا.

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) [الروم : ٥٥].

(الْمُجْرِمُونَ) الكفار. (ما لَبِثُوا) في الدنيا ، أو في القبور. (كَذلِكَ) هكذا.

(يُؤْفَكُونَ) يكذبون في الدنيا ، أو يصرفون عن الإيمان بالبعث.

(فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) [الروم : ٥٧].

(مَعْذِرَتُهُمْ) في تكذيبهم.

(يُسْتَعْتَبُونَ) يستتابون ، أو يعاتبون على سيئاتهم أو لا يطلب منهم العتبى وهو أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا.

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) [الروم : ٦٠].

(وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ) لا يستعجلنك ، أو لا يستفزنك ، أو لا يستنزلنك.

(لا يُوقِنُونَ) لا يؤمنون ، أو لا يصدقون بالبعث والجزاء.

٧٧

سورة لقمان (١)

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) [لقمان : ٢].

(الْحَكِيمِ) المحكم آياته بالحلال والحرام والأحكام ، أو المتقن (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] أو البين أنه من عند الله ، أو المظهر للحكمة بنفسه كما يظهرها الحكيم بقوله.

(هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) [لقمان : ٣].

(هُدىً) من الضلالة ، أو إلى الجنة.

(وَرَحْمَةً) من العذاب لما فيه من الزواجر عن استحقاقه ، أو بالثواب لما فيه من البواعث على استيجابه ، نعته بذلك أو مدحه به.

(لِلْمُحْسِنِينَ) الإحسان الإيمان الذي يحسن به إلى نفسه ، أو الصلة والصلاة ، أو أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتحب للناس ما تحب لنفسك.

(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [لقمان : ٥].

(هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) نور ، أو بينة ، أو بيان.

(الْمُفْلِحُونَ) السعداء ، أو المنجحون ، أو الناجون ، أو الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [لقمان : ٦].

(يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) شراء المغنيات ، أو الغناء ، أو الزمر والطبل ، أو الباطل ، أو الشرك ، أو ما ألهى عن الله تعالى ، أو الجدال في الدين والخوض في الباطل نزلت في النضر بن الحارث كان يجلس فإذا قيل له : قال محمد كذا ضحك وحدثهم بحديث رستم واسفنديار وقال : إن حديثي أحسن حديثا من محمد. أو في قرشي اشترى مغنية شغل بها الناس عن اتباع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصة لقمان الحكيم التي تضمنت فضيلة الحكمة وسر معرفة الله تعالى وصفاته وذم الشرك والأمر بمكارم الأخلاق والنهي عن القبائح والمنكرات وما تضمنه كذلك من الوصايا الثمينة التي أنطقه الله بها ، وهي سورة مكية. ما عدا الآيات (٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة الصافات ، ولقمان اسم لأحد الصالحين اتصف بالحكمة ، وهذه السورة من السور المكية التي تعالج موضوع العقيدة وتعني بالتركيز على الأصول الثلاثة لعقيدة الإيمان وهي الوحدانية والنبوة والبعث والنشور كما هو الحال في السورة المكية.

٧٨

(لِيُضِلَّ) ليصد عن دين الله تعالى ، أو ليمنع من قراءة القرآن.

(وَيَتَّخِذَها) يتخذ سبيل الله.

(هُزُواً) يكذب بها ، أو يستهزىء بها.

(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [لقمان : ١٠].

(بِغَيْرِ عَمَدٍ) وأنتم ترونها ، أو بعمد لا ترونها. (أَنْ تَمِيدَ) تزول ، أو تتحرك. (وَبَثَّ) بسط ، أو فرق.

(دابَّةٍ) سمي به الحيوان لدبيبه والدبيب الحركة. (فَأَنْبَتْنا) الناس نبات الأرض فالكريم من دخل الجنة واللئيم من دخل النار ، أو الأشجار والزروع.

(زَوْجٍ) نوع. (كَرِيمٍ) حسن أو الثمر الطيب ، أو النافع.

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان : ١٢].

(لُقْمانَ) نبي قاله عكرمة ، أو من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة ، أو كان عبدا حبشيا ، أو نوبيا قصيرا أفطس خياطا بمصر ، أو راعيا ، أو نجارا وكان فيما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسّلام ، أو ولد لعشر سنين من ملك داود وبقي إلى زمان يونس.

(الْحِكْمَةَ) الفهم والعقل ، أو الفقه والعقل والإصابة في القول ، أو الأمانة.

(أَنِ اشْكُرْ) آتيناه الحكمة والشكر ، أو آتيناه الحكمة لأن يشكر قاله الزجاج.

(اشْكُرْ لِلَّهِ) أحمده على نعمه ، أو أطعه ولا تشرك به ، أو لا تعصه على نعمه.

(يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأنه تزداد نعمه كلما ازداد شكرا.

(وَمَنْ كَفَرَ) بالنعمة ، أو بالله واليوم الآخر.

(غَنِيٌّ) عن خلقه. (حَمِيدٌ) في فعله ، أو غني عن فعله مستحمد إلى خلقه.

(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣].

(يَعِظُهُ) يذكره ويؤدبه. (لَظُلْمٌ) يظلم به نفسه. (عَظِيمٌ) عند الله قيل : كان ابنه مشركا.

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان : ١٤].

٧٩

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) عامة ، أو نزلت في سعد بن أبي وقاص.

(وَهْناً عَلى وَهْنٍ) شدة على شدة ، أو جهدا على جهد ، أو ضعفا على ضعف ، ضعف الولد على ضعف الوالدة ، أو ضعف نطفة الأب على ضعف نطفة الأم ، أو ضعف الولد أطوار خلقه ، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم سويا ثم وليدا ثم رضيعا ثم فطيما.

(اشْكُرْ لِي) النعمة بالحمد والطاعة. (وَلِوالِدَيْكَ) التربية بالبر والصلة.

(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [لقمان : ١٥].

(مَعْرُوفاً) إحسانا تعودهما إذا مرضا وتشيعهما إذا ماتا وتواسيهما إذا افتقرا.

(مَنْ أَنابَ) أقبل بقلبه.

(إِلَيَّ) مخلصا وهو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنون.

(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [لقمان : ١٦].

(حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) من الخير ، أو الشر.

(صَخْرَةٍ) خضراء تحت الأرض السابعة على ظهر الحوت ، خضرة السماء منها وقيل : إنها في سجين التي يكتب فيها أعمال الكفار ، أو في صخرة في جبل.

(يَأْتِ بِهَا اللهُ) أي بجزاء ما وازنها من خير ، أو شر ، أو يعلمها ويأتي بها إذا شاء كذلك قليل العمل من الخير والشر ويعلمه الله تعالى فيجازي عليه.

(لَطِيفٌ) في إخراجها.

(خَبِيرٌ) بمكانها قيل لما وعظ ابنه ألقى حبة خردل في عرض البحر ثم مكث ما شاء الله ثم ذكرها وبسط يده فبعث الله تعالى ذبابة فأخذتها فوضعتها في يده.

(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان : ١٧].

(مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) مما أمر الله تعالى به من الأمور ، أو من ضبط الأمور ، أو من قطع الأمور. العزم والحزم واحد ، أو الحزم الحذر والعزم القوة وفي المثل لا خير في عزم بغير حزم ، أو الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه وفي المثل روّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم.

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) [لقمان : ١٨].

٨٠