تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي

تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

المؤلف:

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي


المحقق: أحمد فتحي عبدالرحمن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5684-6

الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

سليمان إذا دخل بلادنا.

(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ٣٥].

(بِهَدِيَّةٍ) لبنة من ذهب ، أو صحائف الذهب في أوعية الديباج ، أو جوهر ، أو غلمان ولباسهم لباس الجواري وجواري لباسهم لباس الغلمان ، ثمانون غلاما وجارية أو ثمانون غلاما وثمانون جارية وقصدت بالهدية استعطافه لعلمها بموقع الهدايا من الناس ، أو اختبرته فإن قبل هديتها فهو ملك فتقاتله وإن لم يقبلها فهو نبي فلا طاقة لها به ، أو اختبرته بأن يميز الجواري من الغلمان فأمرهم بالوضوء فاغترف الغلام بيده وأفرغت الجارية على يدها فميزهم بذلك ، أو يغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسل الجواري بطون السواعد قبل ظهورها ، وبدأ الغلمان بغسل المرافق إلى الأكف وبدأ الجواري من الأكف إلى المرافق.

(فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) [النمل : ٣٦].

(فَلَمَّا جاءَ) رسلها ، أو هداياها.

(أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) أمر الشياطين فموهوا لبن المدينة وحيطانها بالذهب والفضة وبعثت إليه بعصا كان يتوارثها ملوك حمير ، وطلبت أن يميز أعلاها من أسفلها ، ويقدح التمست أن يملأه ماء فريدا لا من الأرض ولا من السماء وبخرزتين ليثقب أحدهما وليدخل في ثقب الأخرى خيطا وكان ثقبها أعوج فلما جاء رسلها وكانوا رجالا أو نساء قال (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ) من النبوة والملك.

(خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) من المال. ثم ميز الجواري من الغلمان وأرسل العصا إلى الهواء وقال أي الرأسين سبق إلى الأرض فهو أسفلها وأجريت الخيل حتى عرقت فملأ القدح من عرقها ، وثقب إحدى الخرزتين وأدخل الخيط في الأخرى فهال الرسل ما شاهدوه منه.

(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) [النمل : ٣٧].

(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) أيها الرسول بما جئت به من الهدايا ، أو أمر الهدهد بالرجوع وأن يقول :

(فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ) لا طاقة ، وصدق لأن من جنوده الجن والإنس والطير والريح.

(وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها) أخبرهم بما يصنع بهم ليبادروا إلى الإسلام. فلما رجعت إليها الهدايا قالت : قد والله علمت ما هذا بملك ولا طاقة لنا به ثم أرسلت إليه إني قادمة عليك

٤١

بملوك قومي وأمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض وأغلقت عليه الأبواب وشخصت إليه في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن فلما علم بقدومها.

(قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) [النمل : ٣٨].

(قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) أراد أن يعلم بذلك صدق الهدهد ، أو أعجبه لما وصفه الهدهد فأراد أخذه قبل أن يحرم عليه بإسلامها ، أو أراد أن يعايها ، وكانت الملوك يتعايون بالملك والقدرة ، قاله ابن زيد ، أو أراد اختبار فطنها هل تعرفه أو تنكره ، أو أراد أن يعرفها بذلك صحة نبوته قاله وهب بن منبه.

(مُسْلِمِينَ) طائعين أو على دين الحق.

(قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) [النمل : ٣٩].

(عِفْرِيتٌ) ، وهو المارد القوي والعفريت البالغ من كل شيء أخذ من قولهم فلان عفرية نفرية إذا كان مبالغا في الأمور ، أو من العفر وهو الشديد فزيدت فيه الهاء فقيل عفريه وعفريت.

(مَقامِكَ) مجلسك ، أو يوما كان يوم فيه سليمان عليه الصلاة والسّلام خطيبا يعظهم ويذكرهم وكان مجيء ذلك اليوم قريبا أو أراد قبل أن تسير إليهم من ملكك محاربا.

(لَقَوِيٌّ) على حمله. (أَمِينٌ) على ما فيه من جوهر ولؤلؤ أو لا آتيك بغيره بدلا منه أو أمين على فرج المرأة.

(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل : ٤٠].

(الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ) ملك أيّد به سليمان عليه الصلاة والسّلام والعلم الذي عنده هو ما كتب الله تعالى لبني آدم وقد أعلم الله تعالى الملائكة كثيرا منه فأذن الله له أن يعلم سليمان ذلك وأن يأتيه بالعرش أو بعض جنوده من الإنس أو الجن ، وعلم الكتاب : علمه بكتاب سليمان إلى بلقيس وعلم أن الريح مسخرة لسليمان وأن الملائكة تعينه فوثق بذلك وأخبره أن يأتيه به قبل ارتداد طرفه ، أو هو سليمان قال ذلك للعفريت ، أو هو بعض الإنس : مليخا أو أسطوم أو آصف بن برخيا وكان صدّيقا ، أو ذو النون مصر ، أو الخضر.

(عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب.

(يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) يأتيك أقصى من تنظر إليه أو : قبل أن يعود طرفك إلى مد بصرك أو يعود طرفك إلى مجلسك أو قبل الوقت الذي يتنظر وروده فيه من قولهم أنا ممتد

٤٢

الطرف إليك أي منتظر أو قبل أن يرجع إليك طرف رجائك خائبا لأن الرجاء يمد الطرف والإياس يقصره ، أو قبل أن يقبض طرفك بالموت أخبره أنه سيأتيه به قبل موته ودعا بالاسم الأعظم وعاد طرف سليمان عليه الصلاة والسّلام إليه فإذا العرش بين يديه ولم يكن سليمان عليه الصلاة والسّلام يعلم ذلك الإسم.

(هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) وصول العرش قبل ارتداد طرفي. (أَأَشْكُرُ) على وصوله.

(أَمْ أَكْفُرُ) فلا أشكر إذا رأيت من هو أعلم مني في الدنيا وكان ذلك معجزة لسليمان عليه الصلاة والسّلام أجراها الله تعالى على يد بعض أوليائه وكان العرش باليمن وسليمان بالشام قيل خرق الله تعالى به الأرض حتى صار بين يديه.

(قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) [النمل : ٤١].

(نَكِّرُوا) غيروه بانتزاع ما عليه من فصوص وجواهر ومرافق ، أو بجعل ما كان أحمر أخضر وما كان أخضر أحمر ، أو بالزيادة فيه والنقصان منه ، أو بجعل أعلاه أسفله ومقدمه مؤخره أو جعل فيه تمثال السمك.

(أَتَهْتَدِي) إلى الحق بعقلها أم تكون من الذين لا يعقلون ، أو تعرف العرش بفطنتها أم تكون ممن لا يفطن ولا يعرف.

(فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) [النمل : ٤٢].

(كَأَنَّهُ هُوَ) لما خلفته وراءها فوجدته أمامها منعها معرفتها به من إنكاره وتركها له خلفها من إثباته ، أو لأنها رأت فيه ما تعرفه فلم تنكره وما غيّر وبدل فلم تثبته ، أو شبهوا عليه بقولهم.

(أَهكَذا عَرْشُكِ) فشبهت عليهم بقولها : (كَأَنَّهُ هُوَ) ولو قالوا هذا عرشك لقالت نعم.

(وَأُوتِينَا) قاله سليمان عليه الصلاة والسّلام ، أو بعض قومه.

(الْعِلْمَ) بمعرفة الله تعالى وتوحيده ، أو النبوة ، أو علمنا أنه عرشها قبل أن نسألها.

(مُسْلِمِينَ) طائعين لله تعالى بالاستسلام له ، أو مخصلين له بالتوحيد.

(وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) [النمل : ٤٣].

(وَصَدَّها) عبادة الشمس أن تعبد الله تعالى ، أو صدها كفرها أن تهتدي للحق ، أو صدها سليمان عما كانت تعبد في كفرها ، أو صدها الله تعالى عن الكفر بتوفيقها للإيمان.

(قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ

٤٣

مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [النمل : ٤٤].

(الصَّرْحَ) بكرة بنيت من قوارير ، أو صحن الدار ، وصرحة الدار وساحتها وباحتها وقاعتها كلها واحد من التصريح وهو الإظهار ، أو القصر.

(حَسِبَتْهُ لُجَّةً) لأنه أمر الجن أن يبنوه من قوارير في ماء فبنوه وجعلوا حوله أمثال السمك فأمرها بالدخول إليه لأنها وصفت له فأحب أن يراها وكانت هلباء الشعر وقدماها كحافر حمار وأمها جنية وخافت الجن إن تزوجها أن تطلعه على أشياء كانت الجن تخفيها ويبعد أن يتولد بين الإنس والجن ولد لأن الجن لطيف والإنس كثيف.

(وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) فرأهما شعراوين فصنعت له الجن النورة وقصد بدخولها الصرح. وكشف ساقيها اختبار عقلها ، أو أخبر أن ساقيها ساق حمار فأراد أن يعلم ذلك ، أو أراد تزوجها فأحب مشاهدتها.

(مُمَرَّدٌ) مملس ، أو واسع في طوله وعرضه.

(ظَلَمْتُ نَفْسِي) بالشرك ، أو ظنت أن سليمان أراد تغريقها لما أمرها بدخول الصرح فلما بان أنه صرح علمت أنها ظلمت نفسها بذلك الظن ، قاله سفيان.

(وَأَسْلَمْتُ) استسلمت طاعة لله قبل تزوجها سليمان عليه الصلاة والسّلام ، واتخذ لها بالشام حماما ونورة ، وكان أول من اتخذ ذلك.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) [النمل : ٤٥].

(فَرِيقانِ) مؤمن وكافر ، أو مصدق ومكذب.

(يَخْتَصِمُونَ) بقولهم (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) [الأعراف : ٧٥] ، أو يقول كل فريق : نحن على الحق دونكم.

(قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النمل : ٤٦].

(بِالسَّيِّئَةِ) بالعذاب قبل الرحمة ؛ لقولهم : (ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : ٧٧] ، أو بالبلاء قبل العافية.

(تَسْتَغْفِرُونَ) بالتوبة ، أو بالدعاء.

(تُرْحَمُونَ) بالكفاية أو الإجابة.

(قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل : ٤٧].

٤٤

(اطَّيَّرْنا) تشاءموا به لافتراق كلمتهم ، أو للشر الذي نزل بهم.

(طائِرُكُمْ) مصائبكم ، أو عملكم.

(تُفْتَنُونَ) بالطاعة والمعصية ، أو تصرفون عن الإسلام الذي أمرتم به.

(وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) [النمل : ٤٨].

(رَهْطٍ) الرهط : جمع لا واحد له وهم عاقرو الناقة : فسّاق من أشراف قومهم.

(يُفْسِدُونَ) بالكفر ولا يصلحون بالإيمان ، أو بالمنكر ولا يصلحون بالمعروف ، أو بالمعاصي ولا يصلحون بالطاعة ، أو بقطع الدنانير والدراهم ولا يصلحون بتركها صحاحا ، أو يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم.

(قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [النمل : ٤٩].

(تَقاسَمُوا) تحالفوا. (لَنُبَيِّتَنَّهُ) لنقتلنه ليلا. البيات قتل الليل. (لِوَلِيِّهِ) لرهط صالح.

(مَهْلِكَ أَهْلِهِ) قتلهم. (لَصادِقُونَ) في إنكار القتل.

(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [النمل : ٥٠].

(وَمَكَرُوا) عزموا على بياته.

(وَمَكَرَ اللهُ) بهم فرماهم بصخرة فهلكوا أو أظهروا أنهم خرجوا مسافرين فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه فألقى الله تعالى صخرة فسدت عليهم فم الغار.

(لا يَشْعُرُونَ) بمكرنا أو بالملائكة الذين أرسلوا لحفظ صالح من قومه لما دخلوا عليه ليقتلوه فرموا كل رجل منهم بحجر فقتلوهم جميعا.

(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) [النمل : ٥٤].

(تُبْصِرُونَ) أنها فاحشة ، أو يبصر بعضكم بعضا.

(أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [النمل : ٦٠].

(حَدائِقَ) النخل ، أو الحائط من الشجر والنخل. (بَهْجَةٍ) غضاضة ، أو حسن. (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا) لا تقدرون على خلق مثلها.

(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يفعل هذا ، أو نفي للآلهة. (يَعْدِلُونَ) عن الحق ، أو يشركون فيجعلون له عدلا.

(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [النمل : ٦١].

٤٥

(قَراراً) مستقرا.

(خِلالَها) في مسالكها ونواحيها.

(الْبَحْرَيْنِ) بحر السماء وبحر الأرض ، أو بحر فارس والروم ، أو بحر الشام والعراق ، أو العذب والمالح.

(حاجِزاً) مانعا من الله تعالى لا يبغي أحدهما على صاحبه ، أو حاجزا من الأرض أن يختلطا.

(لا يَعْلَمُونَ) التوحيد ، أو لا يعقلون ، أو لا يتفكرون.

(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) [النمل : ٦٢].

(السُّوءَ) الضر ، أو الجور. (خُلَفاءَ) خلفا بعد خلف ، أولادكم خلفا منكم ، أو خلفا من الكفار ينزلون أرضهم بطاعة الله تعالى بعد كفرهم.

(ما تَذَكَّرُونَ) النعم.

(بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) [النمل : ٦٦].

(ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ) هذا ذم أي غاب علمهم ، أو لم يدرك علمهم ، أو اضمحل أو ضل ، أو هو مدح لعلمهم وإن كانوا مذمومين أي أدرك علمهم ، أو أجمع ، أو تلاحق.

(قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) [النمل : ٧٢].

(رَدِفَ لَكُمْ) قرب منكم ، أو أعجل لكم ، أو تبعكم ، وردف المرأة لأنه تبع لها من خلفها.

(بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) يوم بدر ، أو عذاب القبر.

(وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [النمل : ٧٥].

(غائِبَةٍ) جمع ما خفي عن الخلق ، أو القيامة ، أو ما غاب عنهم من عذاب السماء والأرض.

(كِتابٍ مُبِينٍ) اللوح المحفوظ ، أو القضاء المحتوم.

(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) [النمل : ٨٢].

(وَقَعَ الْقَوْلُ) حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون ، أو وجب الغضب ، أو وجب السخط عليهم إذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ، أو نزل العذاب.

(دَابَّةً) سئل عنها علي رضي الله تعالى عنه فقال : «أما والله ما لها ذنب وإن لها للحية»

٤٦

إشارة إلى أنها من الإنس ، أو هي من دواب الأرض عند الجمهور ذات زغب وريش لها أربع قوائم ، أو ذات وبر تناغي السماء ، أو لها رأس ثور وعينا خنزير وأذنا فيل وقرن أيل وعنق نعامة وصدر أسد ولون نمر وخاصرة هر وذنب كبش وقوائم بعير بين كل مفصلين أثنا عشر ذراعا رأسها في السحاب. معها عصا موسى وخاتم سليمان فتنكت في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فتبيض وجهه. وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان فتسود وجهه. قاله ابن الزبير.

(مِنَ الْأَرْضِ) بعض أودية تهامة ، أو صخرة من شعب أجياد ، أو الصفا ، أو بحر سدوم.

(تُكَلِّمُهُمْ) مخففا تسم وجوههم بالبياض والسواد حتى يتنادون في الأسواق يا مؤمن يا كافر ، قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ، أو تجرحهم فيختص هذا بالكافر والمنافق» (١) ، وجرحهما بإظهار الكفر والنفاق كجرح الشهود بالتفسيق.

(تُكَلِّمُهُمْ) عبّر عن ظهور الآيات منها بالكلام من غير نطق ، أو تنطق فتول هذا مؤمن وهذا كافر ، أو تقول (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) قاله ابن مسعود وعطاء ، قال ابن عمر (٢) : رضي الله تعالى عنه تخرج ليلة النحر والناس يسيرون إلى منى.

(وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) [النمل : ٨٣].

(مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) وهم كفارها. (بِآياتِنا) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو بالرسل عند الأكثرين.

(يُوزَعُونَ) يجمعون ، أو يدفعون ، أو يساقون ، أو يرد أولادهم على أخراهم.

(وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧].

(وَيَوْمَ يُنْفَخُ) يوم النشور من القبور.

(الصُّورِ) جمع صورة ينفخ فيها أرواحها ، أو شيء كالبوق يخرج منه صوت يحيى به الموتى ، أو مثل ضرب لخروج الموتى في وقت واحد كخروج الجيش عند نفخ البوق.

(فَفَزِعَ) أسرع إلى إجابة النداء فزعت إليك في كذا أسرعت إلى ندائك في معونتك.

(إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) استثناء من الإسراع والإجابة إلى النار ، أو الفزع الخوف والحذر

__________________

(١) أخرجه الترمذى (٥ / ٣٤٠ ، رقم ٣١٨٧) ، وقال : حسن غريب. وابن ماجه (٢ / ١٣٥١ ، رقم ٤٠٦٦) ، وأحمد (٢ / ٤٩١ ، رقم ١٠٣٦٦) ، والحاكم (٤ / ٥٣٢ ، رقم ٨٤٩٤).

(٢) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوى ، ولد سنة ثلاث من المبعث النبوى ، أسلم مع أبيه وهاجر وعرض على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببدر فاستصغره ثم بأحد فكذلك ثم بالخندق فأجازه. انظر الإصابة في تمييز الصحابة (٤ / ١٨١ ، ترجمة ٤٨٣٧).

٤٧

لأنهم أزعجوا من أجداثهم فخافوا (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) فلا يفزعون وهم الملائكة أو الشهداء ، وقيل إن إسرافيل هو النافخ في الصور.

(داخِرِينَ) راغمين ، أو صاغرين ، فالفزع في النفخة الأولى وإتيانهم صاغرين في النفخة الثانية.

(وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) [النمل : ٨٨].

(جامِدَةً) واقفة.

(تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) لا يرى سيرها لبعد أطرافها ، مثل ضرب للدنيا تظن أنها واقفة كالجبال وهي آخذة بحظها من الزوال ، أو للإيمان تحسبه ثابتا في القلب وعلمه صاعد إلى السماء.

(أَتْقَنَ) أحكم ، أو أحصى ، أو أحسن ، أو أوثق سريانية ، أو عربية من إتقان الشيء إذا أوثق وأحكم ، وأصله التقن وهو ما ثقل في الحوض من طينة.

(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) [النمل : ٨٩].

(بِالْحَسَنَةِ) أداء الفرائض كلها ، أو التوحيد والإخلاص.

(خَيْرٌ مِنْها) الجنة ، أو أفضل : بالحسنة عشر ، أو فله منها خير الثواب العائد عليه.

(مِنْ فَزَعٍ) القيامة. (آمِنُونَ) في الجنة ، أو من فزع الموت في الدنيا آمنون في الآخرة.

(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النمل : ٩٠].

(بِالسَّيِّئَةِ) الشرك.

(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [النمل : ٩١].

(الْبَلْدَةِ) مكة ، أو منى. (حَرَّمَها) بتعظيم حرمتها والكف عن صيدها وشجرها.

(وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) ملكه فيحل منه ما يشاء ويحرم ما يشاء.

(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل : ٩٣].

(سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) في الآخرة.

(فَتَعْرِفُونَها) على ما قال في الدنيا ، أو يريكم في الدنيا آيات السموات والأرض فتعرفون أنها حق.

٤٨

(تَعْمَلُونَ) من خير وشر فيجازي عليه.

سورة القصص (١)

(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص : ٤].

(عَلا) بملكه وسلطانه ، أو بقتله أبناء بني إسرائيل واستعبادهم ، أو بإدعائه الربوبية وكفره.

(الْأَرْضِ) مصر. لأنه لم يملك الأرض كلها. وعلوّه لغلبته وقهره ، أو لكبره وتجبره.

(شِيَعاً) فرقا ؛ فرق بني إسرائيل والقبط ، استضعف طائفة بني إسرائيل بالاستعباد والأعمال القذرة.

(يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) رأى في نومه نارا أقبلت من القبلة واشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل فسأل عن تأويلها ، فقيل يخرج من هذا البلد رجل يكون على يده هلاك مصر. فأمر بذبح أبنائهم وأسرع الموت في شيوخ بني إسرائيل. فقيل له قد فني شيوخ بني إسرائيل بالموت وصغارهم بالقتل فاستبقهم لعملنا وخدمتنا فأمر أن يقتلوا عاما ويتركوا عاما فولد هارون عام الاستحياء وموسى عام القتل ، وعاش فرعون أربعمائة سنة وهو أو من خضب بالسواد. وكان قصيرا دميما. وعاش موسى عليه الصلاة والسّلام مائة وعشرين سنة.

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) [القصص : ٥].

(الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) بنو إسرائيل ، أو يوسف وولده : قاله قتادة.

(أَئِمَّةً) ولاة الأمر ، أو قادة متبوعين ، أو أنبياء لأن الأنبياء بين موسى وعيسى كانوا من بني إسرائيل وكان بينهما ألف ألف نبي. قاله الضحاك.

(الْوارِثِينَ) للملك ، أو لأرض فرعون.

__________________

(١) سميت سورة القصص بذلك لأن الله تعالى ذكر فيها قصة موسى مفصلة موضحة من حين ولادته إلى حين رسالته وفيها من غرائب الأحداث العجيبة ما يتجلى فيه بوضوح عناية الله بأوليائه وخذلانه لأعدائه ، وهي سورة مكية ما عدا الآيات من (٥٢ : ٨٥) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة النمل ، وهي من السور المكية التي تهتم بجانب العقيدة التوحيد والرسالة والبعث وهي تتفق في منهجها وهدفها مع سورتي النمل والشعراء كما اتفقت في جو النزول فهي تكمل أو تفصل ما أجمل في السورتين قبلها.

٤٩

(وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص : ٧].

(وَأَوْحَيْنا) ألهمنا ، أو رؤيا نوم أو وحي مع الملك كوحي الأنبياء. أوحى إليها برضاعه قبل الولادة ، أو بعدها.

(خِفْتِ عَلَيْهِ) القتل ، أو أن يسمع جيرانك صوته. (الْيَمِّ) البحر وهو النيل.

(وَلا تَخافِي) عليه الغرق ، أو الضيعة. (وَلا تَحْزَنِي) لفراقه ، أو أن يقتل. فجعلته في تابوت طوله خمسة أشبار وعرضه مثلها. وجعلت المفتاح مع التابوت وألقته في اليم بعد أن أرضعته أربعة أشهر ، أو ثلاثة أشهر ، أو ثمانية أشهر. ولما فرغ النجار منه أخبر فرعون به ، فبعث معه من يأخذه فطمس الله تعالى على عينيه وقلبه فلم يعرف الطريق. فعلم أنه المولود الذي خافه فرعون فآمن ذلك الوقت وهو مؤمن آل فرعون. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : فلما غاب عنها ندّمها الشيطان فقالت. لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من إلقائه في دواب البحر وحيتانه. فقال الله تعالى : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.)

(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) [القصص : ٨].

(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) خرجت جواري امرأة فرعون لاستقاء الماء فوجدن تابوته فحلمنه إليها ، أو خرجت امرأة فرعون إلى البحر وكانت برصاء فوجدته فأخذته فبرئت من برصها فقالت هذا صبي مبارك.

(وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [القصص : ٩].

(قُرَّتُ عَيْنٍ) لما علم أصحاب فرعون بموسى جاءوا ليذبحوه فمنعتهم وأتت فرعون وقالت قرة عين لي ولك. فقال فرعون لها : قرة عين لك أما لي فلا. قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو أقر بأنه يكون قرة عين له لهداه الله تعالى به كما هداها به» (١) وقرة العين بردها بالسرور من القر وهو البرد ، أو قر دمعها فلم يخرج بالحزن مأخوذ من القرار.

(لا يَشْعُرُونَ) أن هلاكهم على يديه.

(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [القصص : ١٠].

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر (٦١ / ٨١).

٥٠

(فارِغاً) من كل شيء إلا من ذكر موسى ، أو من الوحي بنسيانه ، أو من الحزن لعلهما أنه لم يغرق ، أو نافرا ، أو ناسيا ، أو والها ، أو فازعا من الفزع. وأصبح لأنها ألقته ليلا فأصبح فؤادها فارغا ، أو ألقته نهارا فيكون أصبح يعني صار.

(لَتُبْدِي بِهِ) لتصبح عند إلقائه وابناه ، أو تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته هو ابني لأنه ضاق صدرها لما قيل هو ابن فرعون ، أو لتبدي بالوحي.

(رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) بالإيمان ، أو العصمة. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بردّه وجعله من المرسلين.

(وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [القصص : ١١].

(قُصِّيهِ) تتبعي أثره واستعلمي خبره.

(جُنُبٍ) جانب ، أو بعد ، أو شوق بلغة جذام جنبت إليك اشتقت إليك.

(لا يَشْعُرُونَ) أنها أخته.

(وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) [القصص : ١٢].

(وَحَرَّمْنا) منعناه. (الْمَراضِعَ) فلا يؤتى بمرضع فيقبلها. (مِنْ قَبْلُ) مجيء أخته أو قبل رده إلى أمه.

(فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [القصص : ١٣].

(فَرَدَدْناهُ) انطلقت أخته إلى أمه فأخبرتها فجاءت فوضعته في حجرها فترامى إلى ثديها فامتصه حتى امتلأ جنباه ريا. فقيل لها : كيف ارتضع منك دون غيرك. قالت لأني طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني فسخّر الله تعالى فرعون لتربيته وهو يقتل الخلق لأجله وكان إلقاءه في البحر وهو سبب لهلاكه سببا لنجاته.

(أَنَّ وَعْدَ اللهِ) في رده إليها وجعله من المرسلين حق. (لا يَعْلَمُونَ) ما يراد بهم ، أو مثل علمها به.

(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [القصص : ١٤].

(أَشُدَّهُ) أربعون سنة ، أو أربع وثلاثون ، أو ثلاث وثلاثون ، أو ثلاثون أو خمس وعشرون ، أو عشرون ، أو ثماني عشرة ، أو خمس عشرة ، أو الحلم ، أو الأشد جمع لا واحد له ، أو واحد شدّ.

(وَاسْتَوى) باعتدال القوة ، أو نبات اللحية ، أو انتهاء شبابه ، أو بأربعين سنة.

٥١

(حُكْماً) عقلا ، أو نبوة ، أو القرآن ، أو الفقه. (وَعِلْماً) بما في دينه وحدوده وشرائعه ، أو فهما ، أو فقها.

(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) [القصص : ١٥].

(الْمَدِينَةَ) مصر ، أو منف ، أو عين شمس.

(حِينِ غَفْلَةٍ) نصف النهار وهم قائلون ، أو بين المغرب والعشاء ، أو يوم عيد لهم وهم في لهوهم ، أو لأنهم غفلوا عن ذكره لبعد عهدهم به.

(مِنْ شِيعَتِهِ) إسرائيلي ومن عدوه قبطي ، أو من شيعته مسلم ومن عدوه كافر. سخر القبطي الإسرائيلي ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون فامتنع ، واستغاث بموسى وكان خبازا لفرعون.

(فَوَكَزَهُ) ولكزه واحد إلا أن الوكز الدفع في الصدر واللكز الدفع في الظهر. ولم يرد موسى بذلك قتله.

(فَقَضى عَلَيْهِ) أي قتله ولم يكن مباحا حينئذ لأنها حال كف عن القتال

(عَمَلِ الشَّيْطانِ) إغوائه.

(قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) [القصص : ١٧].

(أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) من المغفرة ، أو الهداية.

(فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) [القصص : ١٨].

(خائِفاً) من الله تعالى ، أو من قومه ، أو أن يؤخذ بقتل النفس.

(يَتَرَقَّبُ) يتلفت من الخوف ، أو ينتظر عقوبة الله تعالى إن جعلنا خوفه منه ، أو أن يسلمه قومه للقتل إن كان خوفه منهم. أو أن يطلب بقتل النفس إن كان خوفه من الأخذ بها.

(يَسْتَصْرِخُهُ) على قبطي آخر خاصمه.

(لَغَوِيٌّ) قاله للإسرائيلي لأنه أغواه حتى قتل النفس ، أو قاله للقبطي فظن الإسرائيلي أنه عناه فخافه.

(فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) [القصص : ١٩].

٥٢

(أَنْ يَبْطِشَ) أخذت موسى الرقة على الإسرائيلي فهم بالقبطي فظن الإسرائيلي أنه يريد قتله لما رأى من غضبه وسمع من قوله (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ ..) الآية فقال الإسرائيلي : أتريد أن تقتلني ، أو ظن الإسرائيلي أن موسى يقتل القبطي فيقتل به الإسرائيلي فقال ذلك دفعا لموسى عنه. قيل هذا الإسرائيلي هو السامري ، فتركه القبطي وذهب فأشاع أن المقتول بالأمس إنما قتله موسى.

(جَبَّاراً) قتّالا. قال عكرمة : ولا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين.

(وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص : ٢٠].

(وَجاءَ رَجُلٌ) هو مؤمن آل فرعون قيل ابن عم فرعون أخي أبيه.

(يَأْتَمِرُونَ) يتشاورون ، أو يأمر بعضهم بعضا.

(وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) [القصص : ٢٢].

(تِلْقاءَ مَدْيَنَ) عرض له أربع طرق فلم يدر أيها يسلك فقال.

(عَسى رَبِّي) الآية ، أو قال ذلك بعد أخذه طريق مدين.

(سَواءَ السَّبِيلِ) قصد الطريق إلى مدين قاله قتادة. ومدين ماء كان عليه قوم شعيب قال وكان بينه وبينها ثمان مراحل ولم يكن لهم طعام إلا ورق الشجر وخرج حافيا فما وصل إليها حتى وقع خف قدميه.

(وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) [القصص : ٢٣].

(أُمَّةً) جماعة قال ابن عباس : الأمة أربعون.

(تَذُودانِ) تحبسان أو تطردان غنمهما عن الماء لضعفهما عن الزحام ، أو يمنعان الغنم أن تختلط بغنم الناس ، أو يذودان الناس عن غنمهما.

(ما خَطْبُكُما) ما شأنكما. والخطب تفخيم للشيء والخطبة لأنها من الأمر المعظم.

(يُصْدِرَ) ينصرف ومنه الصدر لأن التدبير يصدر عنه فعلتا ذلك تصوّنا عن مزاحمة الرجال ، أو لضعفهما عن الزحام.

(الرِّعاءُ) جمع راع.

(وَأَبُونا شَيْخٌ) قالتا ذلك ترقيقا لموسى ليعينهما أو اعتذارا من معاناتهما السقي بأنفسهما.

٥٣

(فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) [القصص : ٢٤].

(فَسَقى لَهُما) بأن زحم القوم فأخرجهم عن الماء ثم سقى لهما ، أو أتى بئرا فاقتلع عنها صخرة لا يقلها إلا عشرة من أهل مدين وسقى لهما ولم يستق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم.

(ثُمَّ تَوَلَّى) إلى ظل سمرة.

(فَقالَ رَبِّ) قال ذلك وقد لصق بطنه بظهره جوعا وهو فقير إلى شق تمرة ولو شاء إنسان لنظر إلى خضرة أمعائه من الجوع ، أو مكث سبعة أيام لا يذوق إلا بقل الأرض. فعرّض لهم بحاله.

(مِنْ خَيْرٍ) شبعة من طعام ، أو شبعة يومين.

(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [القصص : ٢٥].

(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما) استكثر أبوهما سرعة صدورهما بالغنم حفّلا بطانا فقال إن لكما لشأنا فأخبرتاه بصنع موسى فأمر إحداهما أن تدعوه.

(عَلَى اسْتِحْياءٍ) مستترة بكم درعها ، أو لبعدها من النداء له ، واستحيت لأنها دعته لتكافئه وكان الأجمل مكافأته من غير إعناء ، أو لأنها كانت رسول أبيها ، أو ما قاله عمر ليست بسلفع من النساء خراجة ولا ولاجة. أراد تمشي مشي من لم تتعود الخروج حياء وخفرا وكان أبوهما شعيبا ، أو يثرون ابن أخي شعيب. قاله الكلبي وأبو عبيدة.

(لِيَجْزِيَكَ) ليكافئك فمشت أمامه فوصفت الريح عجيزتها فقال : امشي خلفي ودليني للطريق إن أخطأت.

(الْقَصَصَ) خبره مع آل فرعون. (نَجَوْتَ) إذ لسنا من مملكة فرعون.

(قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) [القصص : ٢٦].

(قالَتْ إِحْداهُما) الصغرى التي دعته استأجره لرعي الغنم.

(الْقَوِيُّ) فيما ولي.

(الْأَمِينُ) فيما استودع ، أو القوى في بدنه الأمين في عفافه.

(قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ

٥٤

أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) [القصص : ٢٧].

(ثَمانِيَ حِجَجٍ) أي رعي الغنم ثماني حجج كانت هي الصداق أو شرطا للأب في الإنكاح وليست بصداق.

(عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) كانت الثمان واجبة والعشر عدة فوفى بالعشر.

(مِنَ الصَّالِحِينَ) في حسن الصحبة ، أو فيما وعده به. وكان جعل له كل سخلة توضع على خلاف شبه أمها. فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسّلام أن ألق عصاك في الماء فولدن كلهن خلاف شبههن ، أو جعل له كل بلقاء تولد فولدن كلهن بلقا.

(قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) [القصص : ٢٨].

(فَلا عُدْوانَ) فلا سبيل. (وَكِيلٌ) شهيد ، أو حفيظ ، أو رقيب.

(فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) [القصص : ٢٩].

(قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) وفّى العمل. قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أجر موسى نفسه لعفة فرجه وطعمة بطنه» (١) قيل : أي الأجلين قضى؟ قال : «أبرهما وأوفاهما» (٢).

(آنَسَ) رأى. (امْكُثُوا) أقيموا مكانكم. (جَذْوَةٍ) أصل شجرة فيها نار ، أو عود في بعضه نار وليست في بعضه ، أو عود في بعضه نار ليس له لهب ، أو شهاب من نار ذو لهب.

(تَصْطَلُونَ) تستدفئون.

(فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) [القصص : ٣٠].

(أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) عرّفه وحدانيته ولم يصر بذلك رسولا. لأنه لم يأمره بالرسالة

__________________

(١) أخرجه ابن ماجه (٢ / ٨١٧ ، رقم ٢٤٤٤) ، قال البوصيرى (٣ / ٧٦) : ضعيف. وابن أبى عاصم في الآحاد والمثاني (٣ / ٦٣ رقم ١٣٧٧) ، والطبراني (١٧ / ١٣٥ رقم ٣٣٣). قال الحافظ في الفتح (٤ / ٤٤٥) : في إسناده ضعف.

(٢) أخرجه البزار (٩ / ٣٨٢ ، رقم ٣٩٦٥) ، والطبراني في الأوسط (٥ / ٣٢١ ، رقم ٥٤٣٠) ، وفي الصغير (٢ / ٧٩ ، رقم ٨١٥). قال الهيثمى (٧ / ٨٨) : رواه البزار وفيه إسحاق بن إدريس وهو متروك ورواه الطبراني في الصغير والأوسط أطول من هذا وإسناده حسن.

٥٥

وإنما صار بذلك من أصفيائه.

(الشَّجَرَةِ) العليق وهو العوسج.

(وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) [القصص : ٣١ ـ ٣٢].

(أَلْقِ عَصاكَ) ليعلم بذلك أن الذي سمعه كلام الله تعالى.

(وَلَمْ يُعَقِّبْ) لم يثبت مأخوذ من العقب الذي يثبت به القدم أو لم يتأخر لسرعة مبادرته.

(الْآمِنِينَ) من الخوف فلا يصير رسولا إلا بقوله (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ ،) أو الآمنين المرسلين لقوله : (لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ١٠] فيصير بذلك رسولا.

(بُرْهانانِ) اليد والعصا.

(الرَّهْبِ) الكم ، أو الخوف.

(وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) [القصص : ٣٤].

(رِدْءاً) عونا ، أو زيادة والردء الزيادة.

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) [القصص : ٣٨].

(ما عَلِمْتُ لَكُمْ) كان بينها وبين قوله (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) [النازعات : ٢٤] أربعون سنة.

(عَلَى الطِّينِ) هو أول من طبخ الآجر.

(صَرْحاً) قصرا عاليا وهو أول من صنع الصرح فصعده ورمى نشّابة نحو السماء فعادت ملتطخة دما فقال قتلت إله موسى.

(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [القصص : ٤٠].

(الْيَمِّ) بحر يقال له أساف من وراء مصر غرقوا فيه.

(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) [القصص : ٤١].

(أَئِمَّةً) يقتدى بهم في الكفر ، أو يأتم بهم المعتبرون ويتعظ بهم ذوو البصائر.

٥٦

(إِلَى النَّارِ) إلى عملها ، أو إلى ما يوجب دخولها.

(وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) [القصص : ٤٢].

(لَعْنَةً) خزيا وغضبا ، أو طردا منها بالهلاك فيما.

(الْمَقْبُوحِينَ) بسواد الوجوه وزرقة الأعين ، أو المشوهين بالعذاب ، أو المهلكين ، أو الملعونين.

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [القصص : ٤٣].

(الْكِتابَ) ست من المثاني السبع المنزلة على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو التوراة وهي أول كتاب نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام.

(ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) قال أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه «لم تهلك قرية ولا أمة ولا قرن بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد نزول التوراة ، إلا الذين مسخوا قردة».

(بَصائِرَ) بينات. (وَهُدىً) دلالة. (وَرَحْمَةً) نعمة. (يَتَذَكَّرُونَ) هذه النعم فيثبتون على إيمانهم.

(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [القصص : ٤٦].

(وَما كُنْتَ) يا محمد.

(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) يا أمة محمد استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني ، أو نودوا في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت.

(وَلكِنْ رَحْمَةً) ما نودي به موسى من جانب الطور من ذكرك نعمة من ربك ، أو إرسالك إلى قومك نعمة مني.

(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) [القصص : ٤٨].

(قالُوا) موسى ومحمد. «ساحران». قاله مشركوا العرب ، أو موسى وهارون قالته اليهود من ابتداء الرسالة ، أو عيسى ومحمد وهو قول اليهود اليوم (سِحْرانِ.) التوراة والقرآن ، أو التوراة والإنجيل ، أو القرآن والإنجيل وقائل ذلك اليهود ، أو قريش.

(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [القصص : ٥١].

(وَصَّلْنا) بيّنا ، أو أتممنا كصلتك الشيء بالشيء ، أو أتبعنا بعضه بعضا.

(الْقَوْلَ) الخبر عن أمر الدنيا والآخرة ، أو الخبر عمن أهلكناهم بماذا أهلكناهم من

٥٧

أنواع العذاب.

(يَتَذَكَّرُونَ) محمدا فيؤمنون به ، أو يتذكرون فيخافون أن ينزل بهم كما نزل بمن قبلهم ، أو يتعظون بالقرآن عن عبادة الأوثان.

(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) [القصص : ٥٢].

(الْكِتابَ) التوراة ، والإنجيل.

(قَبْلِهِ) من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون ، أو من قبل القرآن هم بالقرآن يؤمنون.

نزلت والتي بعدها في تميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي ، أو في أربعين رجلا من أهل الإنجيل. آمنوا بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل مبعثه. اثنان وثلاثون من الحبشة قدموا مع جعفر بن أبي طالب على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وثمانية قدموا من الشام منهم بحيرا أو أبرهة.

(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [القصص : ٥٤].

(أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) لإيمانهم بالكتاب الأول ، والكتاب الآخر.

(بِما صَبَرُوا) على الإيمان ، أو الأذى ، أو الطاعة وعن المعصية.

(بِالْحَسَنَةِ) يدفعون بالعمل الصالح ما سلف من الذنب ، أو بالحلم جهل الجاهل ، أو بالسلام قبح اللقاء ، أو بالمعروف المنكر ، أو بالخير الشر.

(يُنْفِقُونَ) الزكاة ، أو نفقة الأهل وهذا قبل نزول الزكاة ، أو يتصدقون من أكسابهم.

(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص : ٥٥].

(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) قوم أسلموا من اليهود فكان اليهود يلقونهم بالسب والأذى.

فيعرضون ، أو أسلم منهم قوم فكانوا إذا سمعوا ما غيّر من التوراة. من نعت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم كرهوه وأعرضوا عنه ، أو المؤمنون إذا سمعوا الشرك أعرضوا عنه ، أو ناس من أهل الكتاب ليسوا يهود ولا نصارى وكانوا على دين الأنبياء ينتظرون مبعث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما سمعوا بظهوره بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا فكان أبو جهل ومن معه يلقونهم فيقولون لهم : أفّ لكم من قوم منظور إليكم تبعتم غلاما قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم. فإذا قالوا ذلك أعرضوا عنهم.

(أَعْمالُنا) لنا ديننا ولكم دينكم ، أو لنا حلمنا ولكم سفهكم.

(لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) لا نتبعهم أو لا نجازيهم.

(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ

٥٨

بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص : ٥٦].

(مَنْ أَحْبَبْتَ) هدايته ، أو أحببته لقرابته نزلت في أبي طالب.

(يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) قال قتادة : يعني العباس. (بِالْمُهْتَدِينَ) بمن قدّر له الهدى.

(وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [القصص : ٥٧].

(وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى) نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف قال للرسول صلى الله عليه سلم إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب في أرضنا يعني مكة وإنما نحن أكلة رأس للعرب ولا طاقة لنا بهم.

(آمِناً) بما طبعت عليه النفوس من السكون إليه حتى لا يفر الغزال من الذئب والحمام من الحدأ ، أو أمر بأن يكون آمنا لمن دخله ولاذ به يقول كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري. أفتخافون إذا عبدتموني وآمنتم بي.

(يُجْبى) يجمع.

(ثَمَراتُ كُلِّ) أرض وبلد.

(لا يَعْلَمُونَ) لا يعقلون ، أو لا يتدبرون.

(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) [القصص : ٥٨].

(بَطِرَتْ) البطر : الطغيان بالنعمة.

(مَعِيشَتَها) في معيشتها قاله الزجاج أو أبطرتها معيشتها.

(وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) [القصص : ٥٩].

(أُمِّها) أوائلها ، أو معظم القرى من سائر الدنيا ، أو مكة.

(أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [القصص : ٦١].

(أَفَمَنْ وَعَدْناهُ) الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(وَعْداً حَسَناً) النصر في الدنيا والجنة في الآخرة أو حمزة بن عبد المطلب ، والوعد الحسن الجنة وملاقاتها دخولها.

(كَمَنْ مَتَّعْناهُ) أبو جهل. (الْمُحْضَرِينَ) للجزاء ، أو في النار ، أو المجهولين.

(فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) [القصص : ٦٦].

٥٩

(الْأَنْباءُ) الحجج ، أو الأخبار.

(لا يَتَساءَلُونَ) بالأنساب ، أو لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله ، أو أن يحمل من ذنوبه شيئا.

(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص : ٦٨].

(يَخْلُقُ ما يَشاءُ) كان قوم في الجاهلية يجعلون خير أموالهم لآلهتهم. فقال.

(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) من خلقه.

(وَيَخْتارُ) منهم ما يشاء لطاعته ، أو يخلق ما يشاء من الخلق ويختار من يشاء للنبوة ، أو يخلق ما يشاء للنبي ويختار الأنصار لدينه.

(ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) أي يختار للمؤمنين الذي فيه خيرتهم ، أو ما نافية أن يكون للخلق على الله تعالى خيرة نزلت في الذين (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) [الأنعام : ١٣٦] ، أو في الوليد بن المغيرة قال (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١] يعني نفسه وأبا مسعود الثقفي فقال الله تعالى ما كان لهم أن يتخيروا على الله الأنبياء.

(وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) [القصص : ٧٥].

(وَنَزَعْنا) أخرجنا. (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) رسولا مبعوثا إليها ، أو أحضرناه ليشهد عليهم أن قد بلغها الرسالة.

(بُرْهانَكُمْ) حجتكم ، أو بينتكم. (الْحَقَّ لِلَّهِ) التوحيد ، أو العدل ، أو الحجة.

(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [القصص : ٧٦].

(قارُونَ) كان ابن عم موسى أخي أبيه وقطع البحر مع بني إسرائيل ونافق كما نافق السامري.

(فَبَغى) كفر بالله ، أو زاد في طول ثيابه شبرا ، أو علا بكثرة ماله وولده ، أو كان غلاما لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم ، أو نسب ما أتاه الله تعالى من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته ، أو لما أمر موسى برجم الزاني دفع قارون إلى بغيّ مالا قيل ألفي درهم وأمرها أن تدعي على موسى أنه زنا بها ففعلت فعظم ذلك على موسى فأحلفها بالله تعالى الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت. فقالت : أشهد أنك

٦٠