تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي

تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

المؤلف:

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي


المحقق: أحمد فتحي عبدالرحمن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5684-6

الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

من أسلم عن الشرك ، أو يستخلص لنفسه من يشاء ويهدي إليه من يقبل على طاعته.

(وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) [الشورى : ١٤].

(وَما تَفَرَّقُوا) عن محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو في القول. (ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بأن الفرقة ضلال ، أو العلم القرآن ، أو بعد ما تجّروا في العلم. (بَغْياً) من بعضهم على بعض ، أو اتباعا للدنيا وطلبا لملكها.

(كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) رحمته للناس على ظلمهم ، أو تأخيره العذاب عنهم إلى أجل مسمى.

(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بتعجيل هلاكهم. (أُورِثُوا الْكِتابَ) اليهود والنصارى ، أو انبئوا بعد الأنبياء.

(لَفِي شَكٍّ) من العذاب والوعد أو الإخلاص ، أو صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [الشورى : ١٥].

(فَلِذلِكَ) فللقرآن ، أو التوحيد. (فَادْعُ) فاعمل ، أو فاستدع. (وَاسْتَقِمْ) على القرآن ، أو على أمر الله ، أو على تبليغ الرسالة. (لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) في الأحكام ، أو التبليغ.

(لا حُجَّةَ) لا خصومة منسوخة نزلت قبل السيف والجزية ، أو معناه عدلتم بإظهار العداوة عن طلب الحجة ، أو قد أعذرنا بإقامة الحجة عليكم فلا يحتاج إلى إقامة حجة عليكم. نزلت في الوليد وشيبة سألا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يرجع إلى دين قريش على أن يعطيه الوليد نصف ماله ويزوجه شيبة بابنته.

(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) [الشورى : ١٦].

(يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) في توحيده ، أو رسوله طمعا أن يعود إلى الجاهلية بمحاجتهم ، أو هم اليهود قالوا : كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن خير منكم.

(ما اسْتُجِيبَ لَهُ) من بعد ما أجابه الله إلى إظهار المعجزات على يديه ، أو من بعد ما أجاب الرسول إليه من المحاجة أو من بعد ما استجاب المسلمون لربهم وآمنوا بكتابه.

(اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧].

١٨١

(الْكِتابَ بِالْحَقِّ) بالمعجز الدال على صحته ، أو بالصدق فيما أخبر به من ماض ومستقبل.

(وَالْمِيزانَ) العدل فيما أمر به ونهى عنه ، أو جزاء الطاعة والمعصية ، أو الميزان حقيقة نزل من السماء لئلا يتظالم الناس.

(قَرِيبٌ) ذكّر لأن الساعة بمعنى الوقت.

(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) [الشورى : ٢٠].

(حَرْثَ الدُّنْيا) الآية يعطي الله على نية الآخرة من الدنيا ما شاء ولا يعطي على الدنيا إلا الدنيا ، أو من عمل للآخرة أعطي بالحسنة عشر أمثالها ومن عمل للدنيا لم يزد على ما عمل لها.

(مِنْ نَصِيبٍ) في الجنة شبه العامل بالزارع لاشتراكهما في طلب النفع.

(ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) [الشورى : ٢٣].

(إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) تودّوني في نفسي لقرابتي منكم لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينه وبين الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرابة أو إلا أن تودوا قرابتي ، أو إلا أن تودوني فتؤازروني كما تودون ذوي قرابتكم ، أو إلا أن تتوددوا إلى الله تعالى وتتقربوا إليه بالعمل الصالح ، أو إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم.

(غَفُورٌ) للذنوب.

(شَكُورٌ) للحسنات ، أو غفور : لذنوب آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم شكور : لحسناتهم.

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) [الشورى : ٢٤].

(يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) ينسيك ما أتاك من القرآن ، أو يربط على قلبك فلا يصل إليك الأذى بقولهم.

(افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ، أو لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله كذبا لطبع على قلبك.

(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) [الشورى : ٢٨].

١٨٢

(الْغَيْثَ) المطر النافع في وقته والمطر قد يكون ضارا أو نافعا في وقته وغير وقته قيل لعمر رضي الله عنه : أجدبت الأرض وقنط الناس فقال : مطروا إذا. والقنوط : اليأس.

(وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) بالمطر ، أو بالغيث فيما يعم به ويخص. (الْوَلِيُّ) المالك. (الْحَمِيدُ) مستحق الحمد ، أو الولي : المنعم الحميد : المستحمد.

(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى : ٣٠].

(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) الحدود لأجل المعاصي ، أو البلوى في النفوس والأموال عقوبة على المعاصي للبالغين وثوابا للأطفال أو عامة للأطفال أيضا في غيرهم من والد ووالدة قاله العلاء بن زيد.

(عَنْ كَثِيرٍ) من العصاة فلا يعاجلهم بالعقوبة ، أو عن كثير من المعاصي فلا حد فيها.

(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) [الشورى : ٣٢].

(الْجَوارِ) السفن. (كَالْأَعْلامِ) كالجبال.

(إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [الشورى : ٣٣].

(صَبَّارٍ) على البلوى. (شَكُورٍ) على النعماء.

(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى : ٣٤].

(يُوبِقْهُنَّ) يغرقهن. (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) من أهلهن فلا يغرقهم معها.

(وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) [الشورى : ٣٥].

(مَحِيصٍ) مهرب ، أو ملجأ فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه.

(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشورى : ٣٨].

(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا) الأنصار استجابوا بالإيمان لما أنفذ إليهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم اثني عشر نقيبا منهم قبل الهجرة.

(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) بالمحافظة على مواقيتها وبإتمامها بشروطها.

(وَأَمْرُهُمْ شُورى) كانوا قبل قدوم الرسول صلّى الله عليه سلم يتشاورون فيما عزموا عليه ، أو عبّر عن اتفاقهم بالمشاورة ، أو تشاوروا لما جاءهم النقباء فاجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على نصرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والإيمان به ، أو تشاورهم فيما يعرض لهم.

(يُنْفِقُونَ) بالزكاة.

(وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) [الشورى : ٣٩].

١٨٣

(أَصابَهُمُ الْبَغْيُ) بغي المشركين عليهم في الدين انتصروا منهم بالسيف أو إذا بغى عليهم باغ كره أن يستذلوا لئلا يجترىء عليهم الفساق وإذا قدروا عفوا وإذا بغي عليهم تناصروا عليه وأزالوه.

(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى : ٤٠].

(سَيِّئَةٌ مِثْلُها) يريد به القصاص في الجراح المتماثلة ، أو في الجراح وإذا قال أخزاه الله أو لعنه قابله بمثله ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بالكذب.

(وَأَصْلَحَ) العمل ، أو بينه وبين أخيه. (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ندب إلى العفو. (الظَّالِمِينَ) بالابتداء ، أو بالتعدي في الاستيفاء.

(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) [الشورى : ٤١].

(انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) استوفى حقه.

(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [الشورى : ٤٢].

(يَظْلِمُونَ النَّاسَ) بعدوانهم ، أو بالشرك المخالف لدينهم.

(وَيَبْغُونَ) يعملون المعاصي ، أو في النفوس والأموال ، أو ما ترجوه قريش من أن يكون بمكة غير الإسلام دينا.

(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى : ٤٣].

(عَزْمِ الْأُمُورِ) العزائم التي أمر الله تعالى بها ، أو عزائم الصواب التي وفق لها نزلت مع ثلاث آيات قبلها في أبي بكر رضي الله تعالى عنه شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم سكت عنه.

(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) [الشورى : ٤٥].

(يُعْرَضُونَ عَلَيْها) المشركون يعرضون على جهنم عند انطلاقهم إليها قاله الأكثر ، أو آل فرعون خاصة تحبس أرواحهم في أجواف طيور سود تغدوا على جهنم وتروح ، أو المشركون يعرضون على العذاب في قبورهم وتعرض عليهم ذنوبهم في قبورهم.

(يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) ببصائرهم لأنهم يحشرون عميا ، أو يسارقون النظر إلى النار حذرا ، أو بطرف ذابل ذليل.

(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ

١٨٤

وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) [الشورى : ٤٧].

(مَلْجَإٍ) منجى ، أو محرز. (نَكِيرٍ) ناصر ، أو منكر يغير ما حل بكم.

(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) [الشورى : ٤٨].

(رَحْمَةً) عافية ، أو مطرا. (سَيِّئَةٌ) قحط ، أو مرض.

(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) [الشورى : ٤٩].

(يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) محضة ولمن يشاء الذكور متمحضة ولشرف الذكور أدخل عليهم أداة التعريف.

(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى : ٥٠].

(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ) بأن تلد غلاما ثم جارية ، أو تلدهما معا والتزويج هنا الجمع زوجت الإبل جمعت بين صغارها وكبارها.

(عَقِيماً) عقم فرجه عن الولادة ، والعقم : المنع ، أو الآية خاصة بالأنبياء محض للوط البنات ولإبراهيم الذكور وزوجهم لإسماعيل وإسحاق وجعل يحيى وعيسى عقيمين.

(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الشورى : ٥١].

(إِلَّا وَحْياً) بالنفث في قلبه والإلهام ، أو رؤيا المنام. (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) كما كلم موسى. (رَسُولاً) جبريل عليه‌السلام.

(فَيُوحِيَ) هذا الوحي خطاب من الرسل إلى الأنبياء يسمعونه نطقا ويرونهم عيانا ، أو نزل جبريل عليه‌السلام على كل نبي فلم يره منهم إلا محمد وإبراهيم وموسى وعيسى وزكريا عليه الصلاة والسّلام وأما غيرهم فكان وحيا وإلهاما في المنام نزلت لما قال اليهود للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا صادقا كما كلمه موسى ونظر إليه.

(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٥٢].

(رُوحاً) رحمة ، أو نبوة ، أو قرآنا. (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ) لو لا الرسالة ولا الإيمان لو لا البلوغ.

(وَلَا الْإِيمانُ) بالله وهذا يعرفه بعد البلوغ وقبل النبوة ، أو الإسلام وهذا لا يعرفه إلا

١٨٥

بعد النبوة.

(نُورٍ أَ) القرآن ، أو الإيمان. (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الإسلام ، أو طريق مستقيم.

(صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [الشورى : ٥٣].

(صِراطِ اللهِ) القرآن ، أو الإسلام.

سورة الزخرف (١)

(وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) [الزخرف : ٢].

(الْمُبِينِ) للأحرف الستة التي سقطت من ألسنة الأعاجم أو للهدى والرشد والبركة ، أو للأحكام والحلال والحرام ، أقسم بالكتاب أو برب الكتاب.

(إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف : ٣].

(جَعَلْناهُ) أنزلناه ، أو قلناه ، أو بيّناه.

(عَرَبِيًّا) لأن كل نبي بعث بلسان قومه ، أو لأن لسان أهل السماء عربي.

(تَعْقِلُونَ) تفهمون ، أو تتفكرون.

(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف : ٤].

(أُمِّ الْكِتابِ) جملة الكتاب ، أو أصله ، أو الحكمة التي نبّه الله عليها جميع خلقه.

(الْكِتابِ) اللوح المحفوظ ، أو ذكر عند الله تعالى فيه ما سيكون من أعمال العباد يقابل به يوم القيامة ما ترفعه الحفظة من أعمالهم قاله ابن جريج.

(لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) علي عن أن ينال فيبدل.

(حَكِيمٌ) محفوظ من نقص ، أو تغيير عند من رآه كتاب ما يكون من أعمال الخلق ، أو عليّ : لنسخه ما تقدم من الكتب حكيم : محكم فلا ينسخ.

(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) [الزخرف : ٥].

(أَفَنَضْرِبُ) أحسبتم أن يصفح عنكم ولما تفعلوا ما أمرتم به ، أو أنكم تكذبون

__________________

(١) سميت سورة الزخرف لما فيها من التمثيل الرائع لمتاع الدنيا الزائل وبريقها الخادع بالزخرف اللامع الذي ينخدع به الكثيرون مع أنها لا تساوى عند الله جناح بعوضة ، ولهذا يعطيها الله للأبرار والفجار ، وينالها الأخيار والأشرار ، أما الآخرة فلا يمنحها الله إلا لعباده المتقين فالدنيا دار الفناء والآخرة دار البقاء ، وهي سورة مكية ما عدا الآية (٥٤) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة فصلت ، وقد تناولت السورة أسس العقيدة الإسلامية وأصول الإيمان الإيمان بالوحدانية ، وبالرسالة ، وبالبعث والجزاء كشأن سائر السور المكية.

١٨٦

بالقرآن فلا يعاقبكم فيه ، أو أن نهملكم فلا نعرفكم ما يلزمكم ، أو نقطع تذكيركم بالقرآن وإن كذبتم به.

(صَفْحاً) إعراضا. صفحت عن فلان أعرضت عنه أصله أن توليه صفحت عنقك.

صفوح فما تلقاك إلّا بخيلة

فمن مل منها ذلك الوصل ملت

أي تعرض بوجهها.

(مُسْرِفِينَ) في الرد ، أو مشركين.

(فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) [الزخرف : ٨].

(مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) سنتهم ، أو عقوبتهم ، أو عبرتهم ، أو خبرهم أنهم هلكوا بالتكذيب.

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [الزخرف : ١٠].

(مِهاداً) فراشا. (سُبُلاً) طرقا.

(تَهْتَدُونَ) في أسفاركم أو تعرفون نعمة الله تعالى عليكم.

(وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) [الزخرف : ١٢].

(الْأَزْواجَ) الأصناف كلها ، أو الذكر والأنثى من الحيوان ، أو الشتاء والصيف والليل والنهار والشمس والقمر والجنة والنار.

(وَالْأَنْعامِ) الإبل والبقر ، أو الإبل وحدها.

(لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) [الزخرف : ١٣].

(ظُهُورِهِ) أضاف الظهور إلى واحد لأن المراد الجنس.

(مُقْرِنِينَ) ضابطين ، أو مماثلين في القوة فلان قرن فلان إذا كان مثله في القوة ، أو مطيقين من أقرن إقرانا إذا أطاق أو من المقارنة وهو أن تقرن بعضها ببعض في السير.

(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) [الزخرف : ١٥].

(جُزْءاً) عدلا ، أو نصيبا ، أو من الملائكة ولدا ، أو البنات ، الجزء : البنات أجزأت المرأة إذا ولدت البنات.

(وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) [الزخرف : ١٧].

١٨٧

(كَظِيمٌ) حزين ، أو مكروب ، أو ساكت.

(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [الزخرف : ١٨].

(يُنَشَّؤُا) يربّى يريد به الجواري ، أو البنات ، أو الأصنام.

(الْخِصامِ) الحجة ، أو الجدل.

(غَيْرُ مُبِينٍ) قليل البلاغة ، أو ضعيف الحجة أو ساكت عن الجواب قال قتادة ما حاجت امرأة قط إلا أو شكت أن تتكلم بغير حجتها.

(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) [الزخرف : ١٩].

(عِبادُ الرَّحْمنِ) جمع عابد ، أو أضافهم إليه تكريما.

(إِناثاً) بنات الرحمن ، أو ناقصون نقص الإناث.

(سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) عنها إذا بعثوا.

(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) [الزخرف : ٢٢].

(أُمَّةٍ) دين ، أو ملة ، أو قبلة ، أو استقامة ، أو طريقة.

(وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف : ٢٣].

(مُقْتَدُونَ) متبعون قيل : نزلت في الوليد بن المغيرة وأبي جهل وعتبة وشيبة.

(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) [الزخرف : ٢٦].

(بَراءٌ) مصدر لا يثنى ولا يجمع وصف به.

(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) [الزخرف : ٢٧].

(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) استثناء منقطع.

(سَيَهْدِينِ) قاله ثقة بالله وتعريفا أن الهداية بيده.

(وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف : ٢٨].

(كَلِمَةً باقِيَةً) لا إله إلا الله لم يزل في ذريته من يقولها أو أن لا يعبدوا إلا الله ، أو الإسلام.

(عَقِبِهِ) نسله ، أو آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو من خلفه.

(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى الحق ، أو إلى دينك دين إبراهيم ، أو يتوبون ، أو يذّكرون.

(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١].

(الْقَرْيَتَيْنِ) مكة والطائف وعظيم مكة الوليد بن المغيرة أو عتبة بن ربيعة وعظيم

١٨٨

الطائف : حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي أو ابن عبد ياليل ، أو عروة بن مسعود ، أو كنانة بن عبد بن عمرو.

(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [الزخرف : ٣٢].

(رَحْمَتَ رَبِّكَ) النبوة فيضعونها حيث شاءوا.

(مَعِيشَتَهُمْ) أرزاقهم. فتلقاه قليل الحيلة ضعيف القوة عي اللسان وهو مبسوط عليه في رزقه وتلقاه شديد الحيلة عظيم القوة بسيط اللسان وهو مقتر عليه.

(وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ) بالفضائل ، أو الحرية والرق ، أو بالغنى والفقر ، أو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو بالتفضيل في الرزق فقسم رحمته بالنبوة كما قسم الرزق بالمعيشة.

(سُخْرِيًّا) خدما ، أو ملكا. (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ) النبوة خير من الغنى ، أو الجنة خير من الدنيا ، أو إتمام الفرائض خير من كثرة النوافل ، أو ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه.

(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) [الزخرف : ٣٣].

(أُمَّةً واحِدَةً) على دين واحد كفارا ، أو على اختيار الدنيا على الدين قاله ابن زيد.

(سُقُفاً) أعالي البيوت أو الأبواب. (وَمَعارِجَ) درجات فضة. (يَظْهَرُونَ) يصعدون.

وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا

أي مصعدا قال الحسن رضي الله تعالى عنه والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها وما فعل ذلك فكيف لو فعل.

(وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٣٥].

(وَزُخْرُفاً) الذهب ، أو النقوش أو الفرش ومتاع البيت.

(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف : ٣٦].

(يَعْشُ) يعرض ، أو يعمى ، أو السير في الظلمة من العشا وهو البصر الضعيف.

(ذِكْرِ الرَّحْمنِ) القرآن ، أو ما بينه من حلال وحرام وأمر ونهي ، أو ذكر الله.

(نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) نلقيه شيطانا ، أو نعوضه من المقايضة وهي المعاوضة.

(قَرِينٌ) في الدينا يحمله على الحرام والمعاصي ويمنعه من الحلال والطاعات ، أو إذا

١٨٩

بعث من قبره شفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصير إلى النار.

(حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف : ٣٨].

(جاءَنا) ابن آدم وقرينه. (يا لَيْتَ) يقوله الآدمي لقرينه.

(الْمَشْرِقَيْنِ) المشرق والمغرب فغلبت أحدهما كالقمرين ، أو مشرق الشتاء ومشرق الصيف.

(فَبِئْسَ) الشيطان قرينا لمن قارنه لأنه يورده النار.

(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) [الزخرف : ٤١].

(نَذْهَبَنَّ بِكَ) نخرجنك من مكة من أذاهم.

(فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بالسيف يوم بدر ، أو أراد قبض روحه ، فإنا منتقمون من أمتك فيما أحدثوا بعدك. أري ما لقيت أمته بعده فما زال منقبضا ولم ينبسط ضاحكا حتى لقي الله تعالى.

(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) [الزخرف : ٤٤].

(لَذِكْرٌ) لشرف ، أو تذكرون به أمر الدين وتعملون به.

(وَلِقَوْمِكَ) قريش ، أو من اتبعه من أمته ، أو قول الرجل حدثني أبي عن جدي.

(تُسْئَلُونَ) عن الشكر ، أو عما أتاك.

(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [الزخرف : ٤٥].

(مِنْ رُسُلِنا) سبعون نبيا جمعوا له ليلة الإسراء منهم إبراهيم وموسى وعيسى فلم يسألهم لأنه كان أعلم بالله تعالى منهم ، أو أهل التوراة والإنجيل تقديره واسأل أمم من أرسلنا ، أو جبريل تقديره وسل عمن أرسلنا : أمر بذلك لما قالت اليهود والمشركون إن ما جئت به مخالف لمن كان قبلك فأمر بسؤالهم. لا أنه كان في شك منه قال الواقدي : فسألهم فقالوا بعثنا بالتوحيد ، أو لم يسألهم ليقينه بالله تعالى حتى قال ميكائيل لجبريل هل سألك محمد عن ذلك فقال هو أشد إيمانا وأعظم يقينا من أن يسأل عن ذلك.

(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) [الزخرف : ٤٩].

(يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) قالوه استهزاء ، أو جرى على ألسنتهم ما ألفوه من اسمه ، أو أرادوا بالساحر غالب السحرة ، أو الساحر عندهم العالم فعظموه بذلك.

(بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) لئن آمنا لتكشفن عنا العذاب فدعا فأجيب فلم يفوا بالإيمان.

١٩٠

(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) [الزخرف : ٥٠].

(يَنْكُثُونَ) يغدرون.

(وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الزخرف : ٥١].

(وَنادى) قال : أو أمر من ينادي. (مُلْكُ مِصْرَ) الإسكندرية أو ملك منها أربعين فرسخا في مثلها.

(تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) كانت جنات وأنهار تجري من تحت قصره ، أو من تحت سريره ، أو النيل يجري أسفل منه ، أو أراد القواد والجبابرة يسيرون تحت لوائي قاله الضحاك.

(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ) [الزخرف : ٥٢].

(أَمْ أَنَا) بل أنا. (مَهِينٌ) ضعيف ، أو حقير ، أو كان يمتهن نفسه في حوائجه. (يُبِينُ) يفهم لعي لسانه ، أو للثغه ، أو لثقله بجمرة كان وضعها في فيه وهو صغير.

(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) [الزخرف : ٥٣].

(أَسْوِرَةٌ) لتكون دليلا على صدقه ، أو لأنها عادة ذلك الزمان وزي أهل الشرف والأساور جمع أسورة والأسورة جمع سوار.

(مُقْتَرِنِينَ) متتابعين أو يقارن بعضهم بعضا في المعونة ، أو مقترنين يمشون معا ليكونوا دليلا على صدقه ، أو أعوانا له وذكر الملائكة بناء على قول موسى فإنه لا يؤمن بالملائكة من لا يعرف خالقهم.

(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) [الزخرف : ٥٤].

(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) استخفهم بالقول فأطاعوه على التكذيب ، أو حركهم بالرغبة فخفوا في الإجابة ، أو استجهلهم فأظهروا طاعته لجهلهم ، أو دعاهم إلى طاعته فخفوا إلى إجابته.

(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) [الزخرف : ٥٥].

(آسَفُونا) أغضبونا ، أو أسخطونا والغضب إرادة الانتقام والسخط إظهار الكراهة والأسف هو الأسى على فائت فلما وضع موضع الغضب صحت إضافته إلى الله ، أو التقدير فلما آسفوا رسلنا لأن الله تعالى لا يفوته شيء.

(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) [الزخرف : ٥٦].

(سَلَفاً) أهواء مختلفة ، أو جمع سلف وهم الماضون في الناس.

(سَلَفاً) بالفتح متقدمين إلى النار ، أو سلفا لهذه الأمة ، أو لمن عمل مثل عملهم.

(وَمَثَلاً) عبرة لمن بعدهم ، أو عظة لغيرهم.

١٩١

(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) [الزخرف : ٥٧].

(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا معشر قريش ليس أحد يعبد من دون الله تعالى فيه خير» فقالوا : ألست تزعم أن عيسى كان عبدا صالحا ونبيا فقد كان يعبد من دون الله فنزلت ، أو نزلت لما قالت قريش إن محمدا يريد أن نعبده كما عبد عيسى ، أو لما ذكر الله تعالى نزول عيسى في القرآن قالت قريش ما أردت إلى ذكر عيسى فنزلت ، أو نزلت لما ذكر أنه خلق عيسى من غير أب فأكبرته قريش فضربه مثلا بأنه خلق من غير أب كما خلق آدم من غير أم ولا أب.

(يَصِدُّونَ) بالضم والكسر واحد كشد يشد ويشد ونم ينم وينم يضجون ، أو يضحكون ، أو يجزعون ، أو يعرضون أو بالضم يعدلون وبالكسر يفرقون ، أو بالضم يعتزلون وبالكسر يصيحون ، أو بالضم من الصدود وبالكسر يضجون.

(وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) [الزخرف : ٥٨].

(آلِهَتُنا خَيْرٌ) أم محمد ، أو عيسى. (إِلَّا جَدَلاً) قالوا للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنت تزعم أن كل معبود دون الله تعالى في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عزير والمسيح والملائكة فإنهم قد عبدوا من دون الله.

(خَصِمُونَ) الخصم الحاذق الخصومة ، أو المجادل بغير حجة.

(إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) [الزخرف : ٥٩].

(أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بسياسة نفسه وقمع شهوته. (مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) آية ، أو لتمثيله بآدم.

(وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) [الزخرف : ٦٠].

(لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً) قلبنا بعضكم ملائكة من غير أب كما خلق عيسى ليكونوا خلفاء ممن ذهب عنكم ، أو لجعلنا بدلا منكم ملائكة.

(يَخْلُفُونَ) يخلف بعضهم بعضا ، أو يخلفونكم ، أو يعمرون الأرض بدلا منكم ، أو يكونون رسلا إليكم بدلا من الرسل منكم.

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) [الزخرف : ٦١].

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) القرآن لما فيه من البعث والجزاء أو إحياء عيسى الموتى دليل على بعث الموتى ، أو خروج عيسى علم للساعة لأنه من أشراطها.

(فَلا تَمْتَرُنَّ) لا تشكن في الساعة ، أو لا تكذبن بها.

١٩٢

(صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) القرآن مستقيم إلى الجنة ، أو عيسى ، أو الإسلام.

(وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) [الزخرف : ٦٣].

(بِالْبَيِّناتِ) الإنجيل ، أو آياته من إحياء الموتى وإبراء الأسقام والإخبار بكثير من الغيوب.

(بِالْحِكْمَةِ) النبوة ، أو علم ما يؤدي إلى الجميل ويكف عن القبيح.

(بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) تبديل التوراة ، أو ما تختلفون فيه من أمر دينكم لا من أمر دنياكم ، أو يبين بعضه ويكل البعض إلى اجتهادهم ، أو بعض بمعنى كل.

(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) [الزخرف : ٦٥].

(الْأَحْزابُ) اليهود والنصارى ، أو فرق النصارى اختلفوا في عيسى فقالت النسطورية هو ابن الله وقالت اليعاقبة هو الله وقالت الملكية عيسى ثالث ثلاثة الله أحدهم.

(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٦٧].

(بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) في الدنيا لأن كلّا زين للآخر ما يوبقه ، أو أعداء في الآخرة مع ما كان بينهم من التواصل في الدنيا قيل : نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط لما أمره أن يتفل في وجه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ففعل فنذر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قتله فقتله يوم بدر صبرا وقتل أمية في المعركة.

(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) [الزخرف : ٧٠].

(وَأَزْواجُكُمْ) من الحور العين ، أو المؤمنات في الدنيا ، أو قرناؤكم في الدنيا.

(تُحْبَرُونَ) تكرمون ، أو تفرحون ، أو تنعمون ، أو تسرون ، أو تعجبون ، أو التلذذ بالسماع.

(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) [الزخرف : ٧١].

(وَأَكْوابٍ) آنية مدورة الأفواه ، أو ليست لها آذان أو الكوب المدور القصير عنقه وعروته والإبريق الطويل المستطيل عنقه وعروته ، أو الأباريق التي لا خراطيم لها ، أو الأباريق التي لا عرى لها.

(وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [الزخرف : ٧٧].

(لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) ليميتنا.

١٩٣

(ماكِثُونَ) مقيمون وبين دعائهم وجوابه أربعون سنة ، أو ثمانون ، أو مائة ، أو ألف سنة لأن بعد الجواب أخزى لهم.

(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) [الزخرف : ٧٩].

(أَمْ أَبْرَمُوا) أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على التعذيب أو أحكموا كيدا فإنا محكمون كيدا ، أو قضوا فإنا قاضون عليهم بالعذاب قيل نزلت لما اجتمعوا في دار الندوة للمشورة في الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاجتمع رأيهم على ما أشار به أبو جهل من قتل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم واشتراكهم في دمه فنزلت هذه الآية وقتلوا ببدر.

(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) [الزخرف : ٨١].

(إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ) من يعبد الله تعالى بأنه ليس له ولد أو.

(فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) له ولكن لم يكن ولا ينبغي أن يكون له ولد ، أو لم يكن له ولد وأنا أول الشاهدين بأنه ليس له ولد ، أو ما كان للرحمن ولد ثم استأنف فقال : وأنا أول العابدين أي الموحدين من أهل مكة ، أو إن قلتم له ولد فأنا أول الجاحدين أن يكون له ولد ، أو أنا أول الآنفين إن كان له ولد.

(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) [الزخرف : ٨٤].

(فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) موحّد فيهما ، أو معبود فيهما.

(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : ٨٦].

(الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) الملائكة وعيسى وعزير ، أو الملائكة. قال النضر ونفر من قريش : إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن نتولى الملائكة وهم أحق بالشفاعة لنا منه فنزلت.

(إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ) أي لا تشفع الملائكة إلا لمن شهد أن لا إله إلا الله وهم يعلمون أن الله ربهم ، أو الشهادة بالحق إنما هي لمن شهد في الدنيا بالحق وهم يعلمون أنه الحق فتشفع لهم الملائكة.

(وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) [الزخرف : ٨٨].

(وَقِيلِهِ) بالجر تقديرها وعنده علم الساعة وعلم قيله وتقديرها بالنصب إلا من شهد بالحق وقال قيله.

(إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) إنكار منه عليهم ، أو معطوف على سرهم ونجواهم ، أو شكا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى ربه قيله ثم ابتدأ فأخبر يا رب إن هؤلاء.

(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : ٨٩].

١٩٤

(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) منسوخ بالسيف.

(سَلامٌ) ما تسلم به من شرهم ، أو قل خيرا بدل شرهم ، أو احلم عنهم ، أو أمره بتوديعهم بالسلام ولم يجعله تحية ، أو عرفه بذلك كيف السّلام عليهم.

سورة الدخان (١)

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) [الدخان : ٣].

(أَنْزَلْناهُ) القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.

(لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) لما تنزل فيها من الرحمة ، أو لما يجاب فيها من الدعاء ليلة النصف من شعبان ، أو ليلة القدر قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم «نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان والتوراة لست مضين منه والزبور لا ثني عشرة مضين منه والإنجيل لثماني عشرة مضت منه والفرقان لأرباع وعشرين مضت منه» (٢).

(كُنَّا مُنْذِرِينَ) بالقرآن من النار.

(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان : ٤].

(يُفْرَقُ) يقضى ، أو يكتب ، أو ينزل ، أو يخرج. (كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) الأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة من السنة إلى السنة ، أو كل ما يقضى من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت وحكيم هنا : بمعنى محكم ، وليلة القدر في رمضان باقية ما بقي الدهر ولا وجه لقول من قال رفعت بموت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو جوز كونها في جمع السنة.

__________________

(١) سميت سورة الدخان لأن الله تعالى جعله آية لتخويف الكفار ، حيث أصيبوا بالقحط والمجاعة بسبب تكذيبهم للرسول ، وبعث الله عليهم الدخان حتى كادوا يهلكون ، ثم نجاهم بعد ذلك ببركة دعاء النبي ، وهي سورة مكية ، وقد نزلت بعد سورة الزخرف ، وبدأت السورة بحروف مقطعة ، الحروف من الحواميم ، الدخان أحد علامات يوم القيامة ، أقسم الله بالقرآن الكريم في الآية الثانية ، كما تتناول السورة أهداف السور المكية : التوحيد ، الرسالة ، البعث ، لترسيخ العقيدة وتثبيت دعائم الإيمان.

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك.

وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله : من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بيتا في الجنة.

(٢) أخرجه أحمد (٤ / ١٠٧ ، رقم ١٧٠٢٥) ، والطبراني في الكبير (٢٢ / ٧٥ ، رقم ١٨٥) ، وفي الأوسط (٤ / ١١١ ، رقم ٣٧٤٠) ، والبيهقى في شعب الإيمان (٢ / ٤١٤ ، رقم ٢٢٤٨). قال الهيثمى (١ / ١٩٧) : رواه أحمد ، والطبراني في الكبير ، والأوسط ، وفيه عمران بن داود القطان ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان ، وقال أحمد أرجو أن يكون صالح الحديث ، وبقية رجاله ثقات.

١٩٥

(رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الدخان : ٦].

(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) القرآن نزل من عنده ، أو يقضيه في الليلة المباركة من أحوال عباده.

(كُنَّا مُرْسِلِينَ) الرسل للإنذار ، أو منزلين ما قضيناه على العباد ، أو.

(مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) وهي نعمته ببعثه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو رأفته بهداية من آمن به.

(السَّمِيعُ) لقولهم. (الْعَلِيمُ) بفعلهم.

(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) [الدخان : ١٠].

(فَارْتَقِبْ) فانتظر للكفار ، أو احفظ قولهم حتى تشهد عليهم يوم تأتي السماء ولذلك سمي الحافظ رقيبا.

(بِدُخانٍ مُبِينٍ) لما دعا عليهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسبع كسبع يوسف حتى صار بينهم وبين السماء كهيئة الدخان قال أبو عبيدة الدخان الجدب. قال ابن قتيبة سمي دخانا ليبس الأرض منه حتى يرتفع منها غبار كالدخان وقيل لسنة الجدب غبراء لكثرة الغبار فيها ، أو يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة ، أو دخان يهيج بالناس في القيامة فيأخذ المؤمن منه كالزكمة وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه.

(رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) [الدخان : ١٢].

(عَنَّا الْعَذابَ) الدخان ، أو الجوع ، أو الثلج ولا وجه له.

(إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) [الدخان : ١٥].

(عائِدُونَ) إلى جهنم ، أو إلى الشرك لما كشف عنهم الجدب باستسقاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عادوا إلى تكذيبه.

(يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) [الدخان : ١٦].

(الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) العقوبة الكبرى وهي القتل ببدر ، أو جهنم في القيامة.

(مُنْتَقِمُونَ) من أعدائنا ، العقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة والنقمة قد تكون قبلها أو العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر ، أو العقوبة قد تكون في المعاصي والنقمة قد تكون في خلفه لأجله.

(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) [الدخان : ١٧].

(فَتَنَّا) ابتلينا. (رَسُولٌ) موسى.

(كَرِيمٌ) على ربه أو في قومه ، أو كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح.

(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) [الدخان : ١٨].

(أَنْ أَدُّوا) أرسلوا معي بني إسرائيل ولا تستعبدوهم ، أو أجيبوا عباد الله خيرا.

١٩٦

(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [الدخان : ١٩].

(لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) لا تبغوا على الله ، أو لا تفتروا عليه البغي بالفعل والافتراء بالقول ، أو لا تعظموا عليه ، أو لا تستكبروا على عبادته. التعظيم تطاول المقتدر والاستكبار ترفع المحتقر.

(بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) بحجة بيّنة ، أو عذر بيّن.

(وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) [الدخان : ٢٠].

(عُذْتُ) لجأت ، أو استعنت الملتجىء مستدفع والمستعين مستنصر.

(تَرْجُمُونِ) بالحجارة ، أو تقتلوني أو تشتموني فتقولوا ساحر وكاهن وشاعر.

(وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ) [الدخان : ٢١].

(فَاعْتَزِلُونِ) إن لم تصدقوني فخلوا سبيلي وكفوا عن أذيتي.

(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) [الدخان : ٢٤].

(رَهْواً) سمتا ، أو يابسا ، أو سهلا ، أو طريقا ، أو منفرجا ، أو فرقا ، أو ساكنا لما نجوا من البحر أراد موسى عليه الصلاة والسّلام أن يضربه بالعصا ليعود إلى حاله خوفا أن يدركهم فرعون فقيل له : اترك البحر رهوا أي طريقا يابسا حتى يدخلوه.

(إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) قال مقاتل هو النيل كان عرضه يومئذ فرسخين. قال الضحاك غرقوا بالقلزم وهو بلد بين الحجاز ومصر.

(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) [الدخان : ٢٥].

(وَعُيُونٍ) من الماء عند الجمهور ، أو من الذهب عند ابن جبير.

(وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) [الدخان : ٢٦].

(وَزُرُوعٍ) كانوا يزرعون ما بين الجبلين من أول مصر إلى آخرها وكانت تروى من ستة عشر ذراعا لما دبروه وقدروه من قناطر وجسور.

(وَمَقامٍ كَرِيمٍ) المنابر ، أو المساكن ، أو مجالس الملوك. (كَرِيمٍ) حسن ، أو المعطي لذته كما يعطي الرجل الكريم صلته ، أو كريم لكرم من فيه.

(وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) [الدخان : ٢٧].

(وَنَعْمَةٍ) نيل مصر ، أو الفيوم ، أو أرض مصر لكثرة خيرها ، أو ما كانوا فيه من سعة ودعة.

(النَّعْمَةِ) بكسر النون في الملك وبفتحها في البدن والدين ، أو بالكسر من الأفضال والعطية وبفتحها من التنعم وهو سعة العيش والراحة.

(فاكِهِينَ) فرحين ، أو ناعمين ، أو الفاكه المتمتع بأنواع اللذة كتمتع الآكل بأنواع

١٩٧

الفاكهة.

(كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) [الدخان : ٢٨].

(قَوْماً آخَرِينَ) بنو إسرائيل صارت إليهم كمصير الميراث.

(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان : ٢٩].

(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) أي أهلها أو تبكي السماء والأرض على المؤمن أربعين صباحا قاله مجاهد أو يبكي عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء قاله علي رضي الله تعالى عنه ، أو قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من مؤمن إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يدخل منه كلامه وعمله فإذا مات فقداه فبكيا عليه» (١) ، ثم تلا هذه الآية ؛ وبكاؤهما كبكاء الحيوان المعروف ، أو حمرة أطرافهما ولما قتل الحسين رضي الله تعالى عنه احمّرت له آفاق السماء أربعة أشهر واحمرارها بكاؤها ، أو يظهر منها ما يدل على الحزن والأسف.

(مُنْظَرِينَ) مؤخرين بالغرق ، أو لم يناظروا بعد الآيات التسع حتى أغرقوا.

(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) [الدخان : ٣٢].

(اخْتَرْناهُمْ) اصطفيناهم للرسالة ، والدعاء إلى الطاعة ، أو اختارهم لدينه وتصديق رسله ، أو بإنجائهم من فرعون وقومه.

(عَلى عِلْمٍ) منّا بهم.

(الْعالَمِينَ) عالمي زمانهم لأن لأهل كل زمان عالم ، أو جميع العالمين لما جعل فيهم من الأنبياء وهذا خاص بهم.

(وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) [الدخان : ٣٣].

(مِنَ الْآياتِ) إنجاؤهم من فرعون وفلق البحر وإنزال المن والسلوى يريد به ، بني إسرائيل ، أو العصا واليد البيضاء يريد به قوم فرعون ، أو الشر الذي كفهم عنه والخير الذي أمرهم فيتوجه إلى الفريقين.

(بَلؤُا مُبِينٌ) نعمة ظاهرة ، أو عذاب شديد ، أو اختبار يتبين به المؤمن من الكافر.

(فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الدخان : ٣٦].

(فَأْتُوا بِآبائِنا) قال أبو جهل : يا محمد إن كنت صادقا في قولك إنا نحيا فابعث لنا رجلين من آبائنا أحدهما : قصي بن كلاب فإنه كان رجلا صادقا لنسأله عما يكون بعد الموت.

__________________

(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٨٠ ، رقم ٣٢٥٥) وقال : غريب. وأبو يعلى (٧ / ١٦٠ ، رقم ٤١٣٣).

١٩٨

(أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) [الدخان : ٣٧].

(أَهُمْ خَيْرٌ) أي أظهر نعمة وأكثر أموالا ، أو أعز وأشد.

(قَوْمُ تُبَّعٍ) قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم» (١) ، وسمي تبعا لأنه تبع من قبله من ملوك اليمن ، كما يقال خليفة لمن خلف من قبله ، أو لأنه اسم ملوك اليمن ، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه وضربهم مثلا لقريش لقربهم منهم وعظمتهم في أنفسهم.

(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) [الدخان : ٣٨].

(لاعِبِينَ) غائبين ، أو لاهين.

(ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الدخان : ٣٩].

(إِلَّا بِالْحَقِّ) للحق ، أو بقول الحق.

(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) [الدخان : ٤٠].

(يَوْمَ الْفَصْلِ) يوم القيامة لأنه تفصل فيه أمور العباد ، أو لأنه يفصل بين المرء وعمله.

(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) [الدخان : ٤٣].

(شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) قد ذكرناها والزقوم في اللغة ما أكل بكره شديد ، أو شجرة الزقوم أبو جهل محكي عن مجاهد.

(طَعامُ الْأَثِيمِ) [الدخان : ٤٤].

(الْأَثِيمِ) الآثم ، أو المشرك المكتسب للإثم.

(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) [الدخان : ٤٧].

(فَاعْتِلُوهُ) فجروه ، أو فادفعوه ، أو سوقوه أو اقصفوه كما يقصف الحطب ، أو قودوه بالعنف.

(سَواءِ الْجَحِيمِ) وسطها ، أو معظمها حيث يصيبه الحر من جوانبها.

(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : ٤٩].

(أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) عند نفسك نزلت في أبي جهل ، أو يقال له ذلك استهزاء وإهانة ، أو العزيز في قومك الكريم في أهلك ، أو لست بعزيز ولا كريم لأنه قال أيوعدني

__________________

(١) أخرجه أحمد (٥ / ٣٤٠ ، رقم ٢٢٩٣١) ، والرويانى (٢ / ٢٣٢ ، رقم ١١١٣) ، والطبراني في الكبير (٦ / ٢٠٣ ، رقم ٦٠١٣) ، وفي الأوسط (٣ / ٣٢٣ ، رقم ٣٢٩٠) جميعا عن سهل بن سعد ، قال الهيثمى (٨ / ٧٦) : فيه عمرو بن جابر وهو كذاب.

وأخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ٢٩٦ ، رقم ١١٧٩٠) ، وفي الأوسط (٢ / ١١٢ ، رقم ١٤١٩) عن ابن عباس. قال الهيثمى (٨ / ٧٦) : فيه أحمد بن أبى بزة المكى ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.

١٩٩

محمد والله إني لأعز من مشى بين جبليها فرد الله تعالى عليه قوله.

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) [الدخان : ٥١].

(مَقامٍ أَمِينٍ) من الشيطان والأحزان ، أو من العذاب ، أو من الموت.

(يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ) [الدخان : ٥٣].

(سُندُسٍ) الحرير الرقيق والاستبرق : الديباج الغليظ ، أو السندس يعمل بسوس العراق وهو أفخر الرقم والإستبرق الديباج سمي إستبرقا لبريقه ، أو السندس ما يلبسونه ، والإستبرق ما يفترشونه.

(مُتَقابِلِينَ) بالمحبة لا متدابرين بالبغضة ، أو متقابلين في المجالس لا ينظر بعضهم إلى قفا بعضه.

(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [الدخان : ٥٨].

(يَسَّرْناهُ) جعلناه. (بِلِسانِكَ) عربيا ، أو أطلقنا به لسانك بتيسير.

(فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) [الدخان : ٥٩].

(فَارْتَقِبْ) فانتظر ما وعدتك من النصر إنهم منتظرون لك الموت ، أو انتظر ما وعدتك من الثواب إنهم كالمنتظرين ما وعدتهم من العقاب.

سورة الجاثية (١)

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجاثية : ٢].

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ) أضافه إليه تعظيما لشأنه ، أو افتتح بأنه كتاب منه كما يفتتح الكاتب كتابه بذكر اسمه والوجهان يجريان في أمثال هذه.

(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الجاثية : ٥].

(وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) بنقل الشمال جنوبا والجنوب شمالا ، أو إرسالها حيث شاء ، أو

__________________

(١) سميت سورة الجاثية للأهوال التي يلقاها الناس يوم الحساب ، حيث تجثوا الخلائق من الفزع على الركب في انتظار الحساب ، ويغشى الناس من الأهوال ما لا يخطر على البال وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وحقا إنه ليوم رهيب يشيب له الولدان ، وهي سورة مكية ما عدا الآية (١٤) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة الدخان ، وقد تناولت السورة العقيدة الإسلامية في إطارها الواسع الإيمان بالله تعالى ووحدانيته ، والإيمان بالقرآن ونبوة محمد والإيمان بالآخرة والبعث والجزاء ويكاد يكون المحور الذي تدور حوله السورة الكريمة هو إقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين.

٢٠٠