تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي

تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

المؤلف:

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي


المحقق: أحمد فتحي عبدالرحمن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5684-6

الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) [التكوير : ٥].

(حُشِرَتْ) جمعت أو اختلطت فصارت بين الناس أو حشرت للقيامة ليقتص للجماء من القرناء أو حشرها موتها.

(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) [التكوير : ٦].

(سُجِّرَتْ) فاضت أو يبست أو أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها فامتلأت أو فجرت فصارت بحرا واحدا أو سيرت كما تسير الجبال أو احمر ماؤها من قولهم عين سجراء أي حمراء أو أوقدت فاشتعلت نارا أو جعل ماؤها شاربا يعذب به أهل النار.

(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) [التكوير : ٧].

(زُوِّجَتْ) أي حشر أهل الخير مع أهل الخير إلى الجنة وأهل الشرّ مع أهل الشر إلى النار أو يزوج رجال أهل الجنة بنسائها ورجال أهل النار بنسائها أو زوجت الأرواح بالرد إلى الأجساد فصارت زوجا لها أو قرن كل غاو بمن أغواه من شيطان أو إنسان.

(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) [التكوير : ٨].

(الْمَوْؤُدَةُ) المدفونة حية خوف سبيها واسترقاقها أو خشية الفقر وكان أشرافهم لا يفعلون ذلك سميت بذلك لموتها بثقل التراب ، و (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) [البقرة : ٢٥٥] لا يثقله. (سُئِلَتْ) لم قتلت توبيخا للقاتل تقول لا ذنب لي وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما سألت أي سألت قاتلها لم قتلتني فلا يكون له عذر.

(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) [التكوير : ١٠].

(الصُّحُفُ) صحائف الأعمال تطوى بالموت وتنشر في القيامة ليقفوا على ما عملوا ، فمن شدد. (نُشِرَتْ) أراد التكرير للمبالغة في تقريع العاصي وتبشير الطائع أو تكرار ذلك من الإنسان أو الملائكة والشهداء عليه.

(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) [التكوير : ١١].

(كُشِطَتْ) ذهبت أو كسفت أو طويت.

(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) [التكوير : ١٢].

(سُعِّرَتْ) أحميت أو أوقدت أو سعرها غضب الله تعالى من خطايا بني آدم.

(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) [التكوير : ١٣].

(أُزْلِفَتْ) قربت.

(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) [التكوير : ١٥].

(بِالْخُنَّسِ) النجوم تخنس بالنهار إذا غربت أو خمسة منها زحل وعطارد والمشتري

٣٤١

والمريخ والزهرة قاله علي رضي الله تعالى عنه خصّها بالذكر لاستقبالها الشمس أو لقطعها المجرة ، أو بقر الوحش أو الظباء.

(الْجَوارِ الْكُنَّسِ) [التكوير : ١٦].

«الجواري» في سيرها. (الْكُنَّسِ) الغيب مأخوذ من كناس الوحش الذي يختفي فيه أو بقر الوحش لاختفائها في كناسها ، أو الظباء.

(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) [التكوير : ١٧].

(عَسْعَسَ) أظلم أو ولى أو أقبل ، والعس : الامتلاء ومنه القدح الكبير عس لامتلائه بما فيه فأطلق على إقبال الليل لابتداء امتلائه وعلى ظلامه لاستكمال امتلائه.

(وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) [التكوير : ١٨].

(وَالصُّبْحِ) طلوع الفجر أو طلوع الشمس قاله الضحاك. (تَنَفَّسَ) بان إقباله أو زاد ضوؤه.

(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [التكوير : ١٩].

(رَسُولٍ كَرِيمٍ) جبريل عليه‌السلام أو النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) [التكوير : ٢١].

(مُطاعٍ ثَمَّ) في السماء عند الملائكة. (أَمِينٍ) عند الله تعالى.

(وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) [التكوير : ٢٣].

(وَلَقَدْ رَآهُ) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى ربه أو رأى جبريل عليه‌السلام على صورته ببصره أو بقلبه. (بِالْأُفُقِ) مطلع الشمس أو أقطار السماء ونواحيها وهو الأفق الشرقي أو الغربي أو نحو أجياد وهو مشرق مكة. (الْمُبِينِ) صفة للأفق أو لمن رآه.

(وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) [التكوير : ٢٤].

(الْغَيْبِ) القرآن. (بِضَنِينٍ) بمتهم أن يأتي بما لم ينزل عليه أو بضعيف عن تأديته (بِضَنِينٍ) ببخيل أن يعلم ما علم أو بمتهم. أن يؤدي ما لم يؤمر به.

(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) [التكوير : ٢٦].

(تَذْهَبُونَ) إلى أين تعدلون عن كتاب الله تعالى وطاعته أو فأي طريق أهدى من الله تعالى.

(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) [التكوير : ٢٩].

(وَما تَشاؤُنَ) الاستقامة على الحق. (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) تعالى لكم وما تشاءون الهداية إلا أن يشاء الله تعالى إلى توفيقكم أو ما تشاءون التذكر بآية من القرآن إلّا أن يشاء

٣٤٢

الله تعالى إنزالها عليكم ، لما نزلت (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ) [سورة المدثر : ٣٧] قال أبو جهل ذاك إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فنزلت (وَما تَشاؤُنَ) الآية.

سورة الانفطار (١)

(إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) [الانفطار : ١].

(انْفَطَرَتْ) انشقت أو سقطت.

(وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) [الانفطار : ٢].

(انْتَثَرَتْ) سقطت سوداء لا ضوء لها.

(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) [الانفطار : ٣].

(فُجِّرَتْ) يبست أو خرقت فصارت بحرا واحدا وكانت سبعة أبحر أو فجّر عذبها في مالحها ومالحها في عذبها.

(وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) [الانفطار : ٤].

(بُعْثِرَتْ) بحثت وثورت قال الفراء فيخرج ما في بطنها من ذهب وفضة وذلك من أشراط الساعة ثم يخرج الموتى أو حركت للبعث أو بعث من فيها من الأموات.

(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) [الانفطار : ٥].

(ما قَدَّمَتْ) من طاعة. (وَأَخَّرَتْ) من حق الله تعالى أو ما عملت وما تركت أو ما قدّمت من الصدقات وما أخّرت من الميراث.

(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [الانفطار : ٦].

(الْإِنْسانُ) كل كافر أو أبي بن خلف أو الأشد بن كلدة بن أسد الجمحي غره الشيطان أو جهله وحمقه قاله عمر رضي الله تعالى عنه. (الْكَرِيمِ) الذي يتجاوز ويصفح.

(فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) [الانفطار : ٨].

(فِي أَيِّ صُورَةٍ) شبه أب أو أم أو خال أو عم أو من حسن أو قبح أو طول أو قصر أو ذكر أو أنثى أو فيما شاء صور الخلق. (رَكَّبَكَ) حتى صرت على صورتك التي أنت عليها لا يشبهك شيء من الحيوان.

__________________

(١) سورة الانفطار سورة مكية ، نزلت بعد سورة النازعات ، بدأت بأسلوب شرط إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ، ويدور محور السّورة حول الانقلاب الكونيّ الّذي يصاحب قيام السّاعة ، وما يحدث في ذلك اليوم الخطير من أحداث جسام ، ثمّ بيان حال الأبرار ، وحال الفجّار ، يوم البعث والنّشور.

٣٤٣

(كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) [الانفطار : ٩].

(بِالدِّينِ) الإسلام أو الحساب والجزاء أو العدل والقضاء.

(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) [الانفطار : ١٠].

(لَحافِظِينَ) ملائكة ، يحفظ كل إنسان ملكان ، عن يمينه كاتب الحسنات والآخر عن يساره يكتب السيئات.

(كِراماً كاتِبِينَ) [الانفطار : ١١].

(كِراماً) على الله تعالى أو الإيمان أو لأنهما لا يفارقان ابن آدم إلا عند الغائط والجماع يعرضان عنه ويكتبان ما تكلم به.

(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) [الانفطار : ١٣ ـ ١٤].

(نَعِيمٍ) الجنة.

(جَحِيمٍ) النار.

(وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) [الانفطار : ١٦].

(وَما هُمْ) عن القيامة أو النار (بِغائِبِينَ.)

(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) [الانفطار : ١٧].

(وَما أَدْراكَ) كرّر ذلك تعظيما لشأنه أو الأول خطاب للفجار ترهيبا والثاني خطاب للأبرار ترغيبا.

(يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩].

(لا تَمْلِكُ) مخلوق لمخلوق نفعا ولا ضرا. (وَالْأَمْرُ) والأمر في الثواب والعقاب أو العفو والانتقام لله تعالى.

سورة المطففين (١)

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١].

(وَيْلٌ) واد في جهنم أو النار أو صديد أهلها أو الهلاك أو أشق العذاب أو النداء بالخسار والهلاك أو أصله وي لفلان أي الحرب لفلان ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة ، والتطفيف : التقليل فالمطفف مقلل بحق صاحبه بنقصانه في كيل أو وزن أو أخذ من طف الشيء وهي جهته.

__________________

(١) سورة المطففين ، سورة مكية ، نزلت بعد سورة العنكبوت ، بدأت بالدعاء على المطففين وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ، لم يذكر لفظ الجلالة في السورة ، ويدور محور السّورة حول أمور العقيدة وتتحدّث عن الدّعوة الإسلاميّة في مواجهة خصومها الألدّاء.

٣٤٤

(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦].

(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) مقدار ثلاثمائة سنة بين يديه قياما لفصل القضاء أو يقومون من قبورهم أو جبريل يقوم لرب العالمين.

(كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) [المطففين : ٧].

(كَلَّا) حقا أو موضوع للزجر والتنبيه.

(سِجِّينٍ) سفال أو خسار أو تحت الأرض السابعة أو الأرض السابعة وسجين السماء : الدنيا قاله ابن أسلم أو صخرة في الأرض السابعة يجعل كتابهم تحتها أو جب في جهنم مفتوح والفلق جب فيها مغطى مأثور أو تحت إبليس أو حجر أسود تحت الأرض يكتب فيه أرواح الكفار أو الشديد أو السّجين فعيل من سجنته وفيه مبالغة.

(كِتابٌ مَرْقُومٌ) [المطففين : ٩].

(مَرْقُومٌ) مكتوب أو مختوم أو رقم أو رقم لهم بشرّ لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد.

(كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين : ١٤].

(رانَ) طبع أو غلب أو ورود الذنب على الذنب حتى يعمى القلب أو الصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق.

(كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) [المطففين : ١٨].

(عِلِّيِّينَ) الجنة أو السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين أو قائمة العرش اليمنى أو في علو وصعود إلى الله تعالى أو سدرة المنتهى.

(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين : ٢٤].

(نَضْرَةَ النَّعِيمِ) الطراوة والغضارة أو البياض أو عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم قاله علي رضي الله تعالى عنه.

(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) [المطففين : ٢٥].

(رَحِيقٍ) عين في الجنة مشوب بالمسك أو شراب أبيض يختمون به شرابهم أو الخمر في قول الجمهور وهي الخمر الصافية أو أقصى الخمر وأجودها قاله الخليل أو الخالصة من الغش أو العتيقة. (مَخْتُومٍ) ممزوج أو ختم إناؤه بختم.

(خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) [المطففين : ٢٦].

(خِتامُهُ مِسْكٌ) مزاجه أو عاقبته يمزج بالكافور ويختم بالمسك أو طعمه وريحه مسك أو طينه مسك أو ختمه الذي يختم به إناءه مسك.

٣٤٥

(فَلْيَتَنافَسِ) فليعمل أو فليبادر أخذ التنافس من الشيء النفيس أو من الرغبة فيما تميل إليه النفوس.

(وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) [المطففين : ٢٧].

(تَسْنِيمٍ) الماء أو عين يشربها المقربون صرفا وتمزج لأصحاب اليمين أو عين في جنة عدن وهي دار الرحمن وأهل عدن جيرانه أو خفايا أخفاها الله تعالى لأهل الجنة لا يعرف لها مثال فأصل التسنيم في اللغة أنها عين تجري من علو إلى سفل سنام البعير : لعلوه من بدنه ومنه تسنيم القبور.

(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) [المطففين : ٣١].

«فاكهين» معجبين أو فرحين أو لاهين أو ناعمين.

(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) [المطففين : ٣٦].

(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) هذا سؤال المؤمنين عن الكفار حين فارقوهم أثيبوا على كفرهم أو جوزوا على ما كانوا يفعلون.

سورة الانشقاق (١)

(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) [الانشقاق : ٢].

(وَأَذِنَتْ) سمعت.

(وَحُقَّتْ) أطاعته أو حق لها أن تفعل ذلك.

(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) [الانشقاق : ٣].

(مُدَّتْ) كان البيت قبل الأرض بألفي عام فمدت الأرض من تحته أو أرض القيامة وهو أشبه بالسياق تبسط فيمدها الله تعالى مد الأديم أو سويت بدك الجبال ونسف البحار.

(وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) [الانشقاق : ٤].

(وَأَلْقَتْ) ما في بطنها من الموتى وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء أو ألقت كنوزها ومعادنها وتخلت من جبالها وبحارها.

(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) [الانشقاق : ٦].

(كادِحٌ) ساع إلى ربك حتى تلاقيه أو عامل لربك عملا تلقاه به من خير أو شر.

__________________

(١) سورة الانشقاق ، ويقال لها سورة انشقّت ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة الانفطار ، بدأت بأسلوب شرط إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ، ويدور محور السّورة حول أهوال القيامة ، وأصول العقيدة الإسلاميّة.

٣٤٦

(فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) [الانشقاق : ٨].

(يَسِيراً) يجازي على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات أو يعرف عمله ثم يتجاوز عنه مأثور أو العرض مأثور أيضا قال الرسول صلّى الله عليه سلم : «يعرض الناس ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فتطير الكتاب في الأيدي فبين آخذ كتابه بيمينه وبين آخذ كتابه بشماله» (١).

(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) [الانشقاق : ٩].

(إِلى أَهْلِهِ) الذين أعدهم الله تعالى له في الجنة.

(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) [الانشقاق : ١٤].

(يَحُورَ) يرجع مبعوثا حيا.

(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) [الانشقاق : ١٦].

(بِالشَّفَقِ) شفق الليل الأحمر أو الشمس أو ما بقي من النهار أو النهار كله.

(وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) [الانشقاق : ١٧].

(وَسَقَ) جمع أو جن وستر أو سائق لأن ظلمة الليل تسوق كل شيء إلى مأواه أو ما عمل فيه.

(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) [الانشقاق : ١٨]

(اتَّسَقَ) استوى اتسق الأمر انتظم واستوى وليلة أربعة عشر هي ليلة السواء أو استدار أو اجتمع

(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) [الانشقاق : ١٩].

(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً) سماء بعد سماء أو حالا بعد حال فطيما بعد رضيع وشيخا بعد شاب أو أمرا بعد أمر رخاء بعد شدّة وشدّة بعد رخاء وغنى بعد فقر وفقرا بعد غنى وصحة بعد سقم وسقما بعد صحة أو منزلة بعد منزلة يرتفع في الآخرة قوم كانوا متضعين في الدنيا ويتضع فيها قوم كانوا مرتفعين في الدنيا أو عملا بعد عمل أو الآخرة بعد الأولى أو شدّة بعد شدّة حياة ثم موت ثم بعث ثم جزاء في كل حال من هذه الأحوال شدّة.

(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) [الانشقاق : ٢٣].

(يُوعُونَ) يسرون في قلوبهم أو يكتمون من أفعالهم أو يجمعون من سيئاتهم من الوعاء

__________________

(١) أخرجه أحمد (٤ / ٤١٤ ، رقم ١٩٧٣٠) ، وابن ماجه (٢ / ١٤٣٠ ، رقم ٤٢٧٧) قال البوصيري (٤ / ٢٥٤) : هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع.

٣٤٧

الذي يجمع ما فيه.

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [الانشقاق : ٢٥].

(مَمْنُونٍ) محسوب أو منقوص أو مقطوع أو مكدر بالمن والأذى.

سورة البروج (١)

(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) [البروج : ١].

(الْبُرُوجِ) النجوم أو القصور أو الخلق الحسن أو المنازل اثنا عشر برجا منازل الشمس والقمر.

(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) [البروج : ٢].

(الْمَوْعُودِ) يوم القيامة وعدوا فيه بالجزاء.

(وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البروج : ٣].

(وَشاهِدٍ) يوم الجمعة. (وَمَشْهُودٍ) يوم عرفة مأثور. أو الشاهد يوم النحر والمشهود يوم عرفة أو الشاهد الملائكة والمشهود الإنسان أو المشهود يوم القيامة والشاهد الله تعالى أو آدم أو عيسيى ابن مريم أو محمد صلّى الله عليه وعليهم أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أو الإنسان.

(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) [البروج : ٤].

(قُتِلَ) جواب القسم أو (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ.)

(الْأُخْدُودِ) الشق العظيم في الأرض وجمعه أخاديد ، وهي حفائر شقت في الأرض وأوقد فيها النار وألقي فيها مؤمنون امتنعوا من الكفر كانوا حبشة أو نبطا أو من بني إسرائيل أو من أهل نجران أو من أهل اليمن أو دانيال وأصحابه أو نصارى بالقسطنطينية أو نصارى باليمن قبل مبعث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأربعين سنة وكانوا نيفا وثمانين رجلا حرقهم في الأخدود يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري وقيل الأخاديد ثلاثة خد بالشام وخد بالعراق وخد باليمين فقوله.

(قُتِلَ) أي أهلك المؤمنون أو لعن الكافرون الفاعلون ، قيل صعدت النار إليهم وهم شهود عليها فأحرقتهم فذلك قوله (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) [البروج : ١٠].

__________________

(١) سورة البروج ، سورة مكية ، نزلت بعد سورة الشمس ، بدأت السورة بأسلوب قسم وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ وذكرت قصة أصحاب الأخدود ، ويدور محور السّورة حول العقيدة الإسلامية ، وحادثة أصحاب الأخدود وهي قصّة التّضحية بالنّفس في سبيل العقيدة والإيمان.

٣٤٨

(وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) [البروج : ٧].

(شُهُودٌ) على الأخدود أو شهود على المؤمنين بالضلال.

(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) [البروج : ١٣].

(يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) يحيي ويميت أو يميت ويحيي أو يخلق ثم يبعث أو يبدىء العذاب ويعيده.

(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) [البروج : ١٤].

(الْغَفُورُ) الساتر للعيوب أو العافي عن الذنوب.

(الْوَدُودُ) المحب أو الرحيم أو الذي لا ولد له.

(ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج : ١٥].

(الْمَجِيدُ) الكريم أو العالي.

(فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [البروج : ٢٢].

(مَحْفُوظٍ) عند الله تعالى وبالرفع القرآن محفوظ من الشياطين أو من التغيير والتبديل وقيل اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرؤونه.

سورة الطارق (١)

(وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) [الطارق : ١].

(الطَّارِقِ) سمي النجم طارقا لاختصاصه بالليل وكل قاصد في الليل طارق وأصل الطرق الدق ومنه المطرقة وقاصد الليل طارق لاحتياجه في وصوله إلى الدق.

(النَّجْمُ الثَّاقِبُ) [الطارق : ٣].

(الثَّاقِبُ) المضيء أو المتوهج أو المنقض أو المرتفع على النجوم كلها أو الثاقب للشياطين إذا رموا به أو الثاقب في سيره ومجراه وهو الثريا أو زحل قاله علي رضي الله تعالى عنه.

(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [الطارق : ٤].

(لَمَّا) بمعنى «إلا» أو «ما» زائدة تقديره لعليها.

__________________

(١) سورة الطارق ، سورة مكية ، نزلت بعد سورة البلد ، بدأت بأسلوب قسم وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ ، لم يذكر لفظ الجلالة في السورة ، ويدور محور السّورة حول الأمور المتعلّقة بالعقيدة الإسلاميّة ، والإيمان بالبعث والنّشور ، وقد أقامت البرهان الساطع والدليل القاطع على قدرة الله جل وعلا على إمكان البعث فإن الذى خلق الإنسان من العدم قادر على إعادته بعد موته.

٣٤٩

(حافِظٌ) من الله تعالى يحفظ رزقه وأجله أو ملائكة يكتبون عمله.

(يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) [الطارق : ٧].

(الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) صلب الرجل وترائبه أو صلبه وترائب النساء والترائب الصدر أو ما بين المنكبين إلى الصدر أو موضع القلادة أو أربعة أضلاع من الجانب الأسفل أو أربعة من يمنه الصدر وأربعة من يسرته حكاه الزجاج أو بين اليدين والرجلين والعينين أو عصارة القلب.

(إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) [الطارق : ٨].

(رَجْعِهِ) رد المني إلى الإحليل أو إلى الصلب أو رد الإنسان من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا إلى النطفة أو بعثه في الآخرة أو حبس الماء في الإحليل فلا يخرج.

(يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٩].

(تُبْلَى) تظهر. (السَّرائِرُ) كل ما أسر من خير أو شر أو إيمان أو كفر أو الصلاة والصوم وغسل الجنابة وهي أمانة الله تعالى على ابن آدم.

(فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) [الطارق : ١٠].

(قُوَّةٍ) عشيرة ، والناصر : الحليف أو قوّة في بدنه. (وَلا ناصِرٍ) من غيره يمنعه من عذاب الله تعالى ولا ينصره عليه.

(وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) [الطارق : ١١].

(الرَّجْعِ) المطر لرجوعه كل عام أو السحاب لرجوعه بالمطر أو الرجوع إلى ما كانت عليه أو النجوم الراجعة.

(وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) [الطارق : ١٢].

(الصَّدْعِ) النبات لانصداعها عنه أو الأودية لانصداعها بها أو الطرق التي تصدعها بها أو الطرق التي تصدعها المشاة أو الحرث لأنه يصدعها.

(إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) [الطارق : ١٣].

(إِنَّهُ لَقَوْلٌ) وعده برجع الإنسان وابتلاء سرائره وفقده القوّة والناصر. (فَصْلٌ) أي حد أو عدل أو أراد القرآن فصل حق أو فصل ليس بالهزل.

(وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) [الطارق : ١٤].

(بِالْهَزْلِ) اللعب أو الباطل أو الكذب.

(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) [الطارق : ١٥]. (يَكِيدُونَ) يمكرون بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دار الندوة ليثبتوه أو ليقتلوه.

٣٥٠

(وَأَكِيدُ كَيْداً) [الطارق : ١٦].

(وَأَكِيدُ) في الآخرة بالنار وفي الدنيا بالسيف.

(فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطارق : ١٧].

(رُوَيْداً) قريبا أو انتظارا أو قليلا فقتلوا ببدر ، مهل وأمهل واحد أو مهل كف عنهم وأمهل انتظر عذابهم.

سورة الأعلى (١)

(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى : ١].

(سَبِّحِ اسْمَ) عظم ربك أراد المسمى أو نزه اسمه أن يسمى به غيره أو ارفع صوتك بذكره أو صل باسم ربك بأمره أو افتتح الصلاة بذكره أو اذكره بقلبك في نيتك للصلاة.

(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) [الأعلى : ٢].

(خَلَقَ) آدم. (فَسَوَّى) خلقه.

(وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) [الأعلى : ٣].

(قَدَّرَ) الشقاء والسعادة وهدى الرشد والضلالة أو قدر الأرزاق والأقوات وهدى الإنس للمعاش والبهائم للرعي أو قدر الذكور والإناث وهدى الذكر لإتيان الأنثى.

(فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) [الأعلى : ٥].

(غُثاءً) ما يبس من النبات فصار هشيما تذروه الرياح والأحوى الأسود أو الغثاء ما احتمله السيل من النبات والأحوى المتغير أو تقديره أحوى فصار غثاء والأحوى ألوان النبات الحي من أخضر وأحمر وأصفر وأبيض يعبر عن جميعه بالسواد وبه سمي سواد العراق والغثاء النبت اليابس وهذا مثل ضرب لذهاب الدنيا بعد نضارتها.

(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [الأعلى : ٦].

(فَلا تَنْسى) لا تترك العمل.

(إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) [الأعلى : ٧].

__________________

(١) سورة الأعلى ، وتسمّى أيضا سورة سبّح ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة التكوير ، بدأت السورة بفعل أمر سَبِّحِ ، ويدور محور السّورة حول المواضيع الآتية :

١ ـ الذّات العليّه وبعض صفات الله جلّ وعلا ، والدّلائل على القدرة والوحدانيّة.

٢ ـ الوحيّ والقرآن المنزّل على خاتم الرّسل وتيسير حفظه عليه.

٣ ـ الموعظة الحسنة الّتي ينتفع بها أهل القلوب الحيّة ، ويستفيد منها أهل السّعادة والإيمان.

٣٥١

(إِلَّا ما شاءَ اللهُ) تعالى أن يرخص في تركه فيكون نهيا أو أخبره ألا ينسى من القرآن إلا ما شاء الله تعالى أن ينسخه فينساه أو يؤخر إنزاله فلا يقرؤه ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان إذا نزل جبريل عليه‌السلام بالوحي يقرؤه خيفة أن ينساه فنزلت.

(الْجَهْرَ) ما حفظته من القرآن.

(وَما يَخْفى) ما نسخ من حفظك أو الجهر ما عمله وما يخفى ما سيعمله أو ما أظهره وما ستره أو ما أسرّه في يومه وما سييسره بعد يومه.

(وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) [الأعلى : ٨].

(لِلْيُسْرى) للخير أو الجنة أو الدين اليسر.

(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) [الأعلى : ٩].

(فَذَكِّرْ) بالقرآن أو بالله تعالى. (إِنْ نَفَعَتِ) إن قبلت أو ما نفعت فلا تكون.

(إِنْ) شرطا لأنها نافعة بكل حال.

(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) [الأعلى : ١٢].

(الْكُبْرى) نار جهنم والصغرى نار الدنيا أو الكبرى الطبقة السفلى من جهنم وهي نار الكفار والصغرى نار الدنيا في الطبقة العليا.

(ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) [الأعلى : ١٣].

(لا يَمُوتُ) ولا يجد روح الحياة أو لا يستريح بالموت ولا ينتفع بالحياة.

(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) [الأعلى : ١٤].

(تَزَكَّى) تطهر من الشرك بالإيمان أو كان عمله زاكيا ناميا أو زكاة الفطر أو زكوات الأموال كلها.

(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) [الأعلى : ١٥].

(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) بالتوحيد أو الدعاء والرغبة أو الاستغفار والتوبة أو بذكره بقلبه في صلاة خشوعا له رجاء وخوفا أو يذكره بلسانه عند إحرامه بالصلاة فإنها لا تنعقد إلّا بذكره أو يفتتح كل سورة بالبسلمة.

(فَصَلَّى) الخمس أو العيد أو يتطوع بصلاة بعد زكاة.

(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) [الأعلى : ١٦].

(تُؤْثِرُونَ) أيها الكفار الحياة الدنيا على الآخرة أو أيها المؤمنون تكثرون من الدنيا ولا تكثرون من الثواب.

(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) [الأعلى : ١٧].

٣٥٢

(خَيْرٌ) للمؤمن من الدنيا.

(وَأَبْقى) للجزاء أو خير في الخير وأبقى في البقاء.

(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) [الأعلى : ١٨].

(إِنَّ هذا) القرآن لفي الصحف أو ما قصه في هذه السورة أو أنّ الآخرة خير وأبقى.

سورة الغاشية (١)

(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) [الغاشية : ١].

(هَلْ) قد أو بمعنى الاستفهام معناه إن لم يكن أتاك فقد أتاك.

(الْغاشِيَةِ) القيامة تغشى الناس بالأهوال أو النار تغشى وجوه الكفار.

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) [الغاشية : ٢].

(وُجُوهٌ) عامة في الكفار أو خاصة باليهود والنصارى.

(يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة أو في النار.

(خاشِعَةٌ) ذليلة بالمعاصي أو تخشع من العذاب فلا ينفعها.

(عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) [الغاشية : ٣].

(عامِلَةٌ) في الدنيا بالمعاصي أو عاملة في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب.

(ناصِبَةٌ) في المعاصي أو في النار.

(تَصْلى ناراً حامِيَةً) [الغاشية : ٤].

(حامِيَةً) تحمى من ارتكاب المعاصي أو تحمي نفسها أن تطاق وأن ترام أو تحمى غضبا وغيظا للانتقام منهم ، حمى فلان إذا غضب أو دائمة الحمى لا تنقطع ولا تنطفىء بخلاف نار الدنيا.

(تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) [الغاشية : ٥].

(آنِيَةٍ) حاضرة أو بلغت أناها وحان شربها وأنى حرها فانتهى.

__________________

(١) سورة الغاشية سورة مكية ، نزلت بعد سورة الذاريات ، بدأت بأسلوب استفهام هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ والغاشية هو أحد أسماء يوم القيامة ، ويدور محور السّورة حول موضوعين أساسيّين وهما :

١ ـ القيامة وأحوالها وأهوالها ، وما يلقاه الكافر فيها من العناء والبلاء ، وما يلقاه المؤمن فيها من السّعادة والهناء.

٢ ـ الدّلالة والبراهين على وحدانيّة ربّ العالمين ، وقدرته الباهرة ، في خلق الإبل العجيبة ، والسّماء البديعة ، والجبال المرتفعة ، والأرض الممتدّة الواسعة وكلّها شواهد على وحدانيّة الله وجلال سلطانه وختمت السّورة الكريمة بالتّذكير برجوع النّاس جميعا إلى الله سبحانه للحساب والجزاء.

٣٥٣

(لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) [الغاشية : ٦].

(ضَرِيعٍ) شجرة كثيرة الشوك تسميها قريش الشّبرق فإذا يبس في الصيف فهو الضريع أو السلي أو الحجارة أو النوى المحرق أو ضريع بمعنى مضروع يضرعون عنده طلبا للخلاص منه.

(فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) [الغاشية : ١٠].

(عالِيَةٍ) لأنها أعلى من النار أو هم في أعاليها وغرفها ليلتذوا بالارتفاع أو ليشاهدوا ما فيها من النعيم.

(لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) [الغاشية : ١١].

(لاغِيَةً) كلمة لغو كذب أو إثم أو شتم أو باطل أو معصية أو حلف يمين برة ولا فاجرة أو ليس في كلامهم كلمة تلغى لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى.

(فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) [الغاشية : ١٣].

(مَرْفُوعَةٌ) بعضها فوق بعض أو في أنفسهم لجلالتها وحبهم لها أو مرفوعة المكان ليلتذوا بارتفاعها أو ليشاهدوا ملكهم ونعيمهم.

(وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ) [الغاشية : ١٤].

(مَوْضُوعَةٌ) بين أيديهم ليلتذوا بالنظر إليها لأنها ذهب وفضة أو مستعملة على الدوام لاستدامة شربهم.

(وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ) [الغاشية : ١٥].

(وَنَمارِقُ) الوسائد والمرافق.

(وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) [الغاشية : ١٦].

(وَزَرابِيُّ) البسط الفاخرة أو الطنافس المخملة.

(مَبْثُوثَةٌ) مبسوطة أو بعضها فوق بعض أو كثيرة أو متفرقة.

(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧].

(أَفَلا يَنْظُرُونَ) ذكر هذه الآيات ليستدلوا على قدرته على البعث وعلى وحدانيته أو لما نعت ما في الجنة عجب منه الضالون فذكر لهم عجائب صنعه ليزول تعجبهم.

(الْإِبِلِ) السحاب والأظهر أنها من النّعم وخصها لأن ضروب الحيوان أربعة حلوبة وركوبة وأكولة وحمولة وقد جمعت الإبل هذه الخلال الأربع فكان الإنعام بها أعم وظهور القدرة فيها أتمّ.

(فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) [الغاشية : ٢١].

٣٥٤

(فَذَكِّرْ) بالنعم أو عظ.

(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) [الغاشية : ٢٢].

(بِمُصَيْطِرٍ) بمسلط أو بجبار أو برب تكرههم على الإيمان.

(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) [الغاشية : ٢٣].

(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى) فلست له بمذكر أو فكله إلى الله تعالى ثم أمر بالسيف. تولى عن الحق وكفر النعمة أو تولى عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكفر بالله عزوجل.

سورة الفجر (١)

(وَالْفَجْرِ) [الفجر : ١].

(وَالْفَجْرِ) انفجار الصبح من أفق المشرق ، وعبر به عن النهار كله لأنه أوله أو أراد بدو النهار من كل يوم أو صلاة الصبح أو فجر يوم النحر خاصة.

(وَلَيالٍ عَشْرٍ) [الفجر : ٢].

(وَلَيالٍ عَشْرٍ) عشر ذي الحجة. مأثور أو عشر أول المحرم أو العشر الأواخر من شهر رمضان أو العشر التي أتمّها الله تعالى لموسى.

(وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) [الفجر : ٣].

(وَالشَّفْعِ) الصلاة منها شفع ومنها وتر مأثور أو صلاة المغرب شفعها ركعتان ووترها الثالثة أو الشفع يوم النحر.

(وَالْوَتْرِ) يوم عرفة مأثور ، أو الشفع يوما منى والوتر ثالثهما أو الشفع عشر ذي الحجة والتوتر أيام التشريق أو الشفع الخلق الأرض والسماء والحيوان والنبات لكل شيء منه

__________________

(١) سورة الفجر سورة مكية ، نزلت بعد سورة الليل ، بدأت السورة بأسلوب القسم وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ ، لم يذكر لفظ الجلالة في السورة ، ويدور محور السّورة حول ثلاثة أمور رئيسية هي :

١ ـ ذكر قصص بعض الأمم المكذّبين لرسل الله ؛ كقوم عاد ، وثمود ، وقوم فرعون ، وبيان ما حلّ بهم من العذاب والدّمار بسبب طغيانهم (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) الآيات.

٢ ـ بيان سنّة الله تعالى في ابتلاء العباد في هذه الحياة بالخير والشّرّ ، والغنى والفقر ، وطبيعة الإنسان في حبّه الشّديد للمال (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) الآيات.

٣ ـ الآخرة وأهوالها وشدائدها ، وانقسام النّاس يوم القيامة إلى سعداء وأشقياء ، وبيان مئال النّفس الشّرّيرة ، والنّفس الكريمة الخيّرة (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) إلى نهاية السّورة الكريمة.

٣٥٥

مثل ، والوتر الله لأنه لا مثيل له ، أو الخلق كله شفع ووتر أو الشفع آدم وحواء لأنه كان وترا فشفع بها فصار شفعا بعد وتر أو العدد لأن جمعيه شفع ووتر.

(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفجر : ٤].

(وَاللَّيْلِ) ليلة القدر لسراية الرحمة فيها أو ليلة مزدلفة أو جنس الليالي.

«يسري» أظلم أو سار لأنه يسير بمسير الشمس والفلك فينتقل من أفق إلى أفق إذا سرى فيه أهله.

(هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) [الفجر : ٥].

(حِجْرٍ) عقل أو حلم أو دين أو ستر أو علم.

(إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) [الفجر : ٧].

(إِرَمَ) هي الأرض أو دمشق أو الإسكندرية أو أمة من الأمم أو قبيلة من عاد أو إرم جد عاد أو أبوه فهو عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح أو إرم القديمة أو الهالك ، إرم بنو فلان : هلكوا أو رمهم الله تعالى فجعلهم رميما فلذلك سماهم إرم.

(الْعِمادِ) الطول رجل معمد إذا كان طويلا قال قتادة كان طول أحدهم اثني عشر ذراعا أو لأنهم كانوا أهل خيام وأعمدة ينتجعون الغيوث أو القوّة والشدّة أخذا من قوّة الأعمدة أو البناء المحكم بالأعمدة.

(الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) [الفجر : ٨].

(لَمْ يُخْلَقْ) مثل مدينتهم ذات العماد أو مثل عاد لطولهم وشدتهم.

(وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) [الفجر : ٩].

(جابُوا) قطعوا الصخر ونقبوه بيوتا أو طافوا لأخذ الصخر.

(بِالْوادِ) وادي القرى.

(وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) [الفجر : ١٠].

(الْأَوْتادِ) الجنود سمي بذلك لكثرة جنوده أو كان يعذب الناس بأوتاد قيدها في أيديهم وأرجلهم وبذلك قتل زوجته آسية أو البنيان لكثرة بنيانه أو كانت له مظال وملاعب على أوتاد وحبال يلعب له تحتها.

(فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) [الفجر : ١٣].

(سَوْطَ عَذابٍ) قسط عذاب كالعذاب بالسوط أو خلط عذاب لأنه أنواع أو وجيع من العذاب أو كل ما عذاب الله تعالى به فهو سوط عذاب قال قتادة : فكان سوط عذاب هو الغرق.

٣٥٦

(إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) [الفجر : ١٤].

(لَبِالْمِرْصادِ) بالطريق أو الانتظار.

(وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) [الفجر : ١٩].

(التُّراثَ) الميراث.

(لَمًّا) شديدا أو جمعا لممت الطعام أكلته جميعا أو نسفه نسفا أو إذا أكل مال نفسه ألمّ بمال غيره فأكله ولا يبالي حلالا كان أو حراما.

(وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) [الفجر : ٢٠].

(جَمًّا) كثيرا أو فاحشا تجمعون حلاله إلى حرامه.

(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) [الفجر : ٢٣].

(يَتَذَكَّرُ) يتوب وكيف له بالتوبة لأنها لا تنفع في القيامة أو يتذكر ما عمل في الدنيا وقدم للآخرة.

(وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) في الآخرة وإنما تنفع في الدنيا.

(يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢٤].

(قَدَّمْتُ) من دنياي لحياتي في الآخرة أو من حياتي في الدنيا لبقائي في الآخرة.

(فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ) [الفجر : ٢٥].

(لا يُعَذِّبُ) بالفتح عذاب الكافر أحد.

(لا يُعَذِّبُ) عذاب الله تعالى غير الله أحد.

(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) [الفجر : ٢٧].

(الْمُطْمَئِنَّةُ) المؤمنة ، أو المخبتة أو الموفية بوعد الله تعالى أو الآمنة أو الراضية أو إذا أراد الله تعالى قبض المؤمن اطمأنت نفسه إلى الله تعالى واطمأن الله تعالى إليها.

(ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) [الفجر : ٢٨].

(ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) عند الموت في الدنيا أو إلى جسدك عند البعث في القيامة.

(راضِيَةً) عن الله تعالى وهو عنها راض أو راضية بثوابه وهو راض بعملها.

(فَادْخُلِي فِي عِبادِي) [الفجر : ٢٩].

(فِي عِبادِي) في عبدي أو طاعتي أو مع عبادي.

(وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر : ٣٠].

(جَنَّتِي) رحمتي أو جنة الخلد عند الجمهور قيل نزلت في أبي بكر أو في عثمان رضي الله تعالى عنهما لما وقف بئر رومة أو في حمزة بن عبد المطلب أو عامة في كل مؤمن.

٣٥٧

سورة البلد (١)

(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ١].

(لا أُقْسِمُ) معناه أقسم على الأصح.

(الْبَلَدِ) مكة أو الحرم كله.

(وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ٢].

(حِلٌّ) لك ما صنعته.

(بِهذَا الْبَلَدِ) من قتل وغيره أو محل غير محرم من دخولك عام الفتح أو يستحل المشركون حرمتك وحرمة من اتبعك توبيخا لهم.

(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) [البلد : ٣].

(وَوالِدٍ) آدم وما ولد أو إبراهيم وما ولد أو الوالد الذي يلد.

(وَما وَلَدَ) العاقر الذي لا يلد أو الوالد العاقر وما ولد التي تلد.

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) [البلد : ٤].

(كَبَدٍ) انتصاب في بطن أمه وبعد ولادته ولم يخلق غيره من الحيوان منتصبا أو اعتدال بما بيّنه من بعده من قوله (أَلَمْ نَجْعَلْ) أو من نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق من تكبد الدم وهو غلظه ومنه الكبد لأنها دم غليظ أو في شدة ومكابدة حملته أمه كرها ووضعته بها كرها أو لأنه كابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة أو كابد الشكر على السّراء والصبر على الضرّاء.

(الْإِنْسانَ) عام أو الكافر لأنه يكابد شبهات الكفر.

(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) [البلد : ٥].

(أَيَحْسَبُ) لا نقدر على بعثه أو يحسب أنه لا يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه وأين أنفقه أو لا يقدر أحد على أخذ ماله.

(يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) [البلد : ٦].

(لُبَداً) كثيرا أو مجتمعا بعضه على بعض ومنه اللبد لاجتماعه قاله أبو الأشد بن

__________________

(١) سورة البلد سورة مكية ، نزلت بعد سورة ق ، بدأت بأسلوب قسم القسم لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ ، ويدور محور السّورة حول القيامة وأهوالها ، والآخرة وشدائدها ، وما يكون فيها من أحداث وأهوال عظام ؛ كخروج النّاس من القبور ، وانتشارهم في ذلك اليوم الرّهيب ؛ كالفراش المتطاير ، المنتشر هنا وهناك ، يجيئون ويذهبون على غير نظام من شدّة حيرتهم وفزعهم.

٣٥٨

الجمحي أو النضر بن الحارث.

(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) [البلد : ٧].

(لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) الله تعالى أو أحد من الناس فيما أنفقه حيث يكذب فيما أنفقه.

(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد : ١٠].

(النَّجْدَيْنِ) سبيل الخير والشر أو الهدى والضلالة أو الشقاء والسعادة أو الثديين ليغتذي بلبنهما ، والنجد الطريق المرتفع.

(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [البلد : ١١].

(الْعَقَبَةَ) طريق النجاة أو جبل في جهنم أو نار دون الجسر أو الصراط يضرب على جهنم صعودا وهبوطا أو أن يحاسب نفسه وهواه وعدوه الشيطان.

(فَكُّ رَقَبَةٍ) [البلد : ١٣].

(فَكُّ رَقَبَةٍ) معناه اقتحام العقبة فك رقبة أو فلم يقتحم العقبة إلا من فك رقبة أو أطعم ، وفكها تخليصها من الأسر أو عتقها من الرق وسمى الرقيق رقبة لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته.

(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) [البلد : ١٤].

(مَسْغَبَةٍ) مجاعة.

(يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) [البلد : ١٥].

(مَقْرَبَةٍ) قرابة.

(أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) [البلد : ١٦].

(ذا مَتْرَبَةٍ) مطروح على الطريق لا بيت له أو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره أو ذو العيال أو المديون أو الزّمن أو الذي ليس له أحد أو البعيد التربة أي الغريب.

(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) [البلد : ١٧].

(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) لا يقتحم العقبة من فك أو أطعم إلا أن يكون مؤمنا.

(بِالصَّبْرِ) على طاعة الله تعالى أو فرائضه أو على ما أصابهم.

(بِالْمَرْحَمَةِ) بالتراحم فيما بينهم وترحّموا الناس.

(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) [البلد : ١٨].

(الْمَيْمَنَةِ) الجنّة سموا بذلك لأنهم أخذوا من شق آدم الأيمن أو أوتوا كتبهم بأيمانهم أو ميامين على أنفسهم أو منزلهم عن اليمين.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) [البلد : ١٩].

٣٥٩

(بِآياتِنا) القرآن أو جميع دلائل الله وحججه.

(الْمَشْأَمَةِ) جهنم أخذوا من شق آدم الأيسر أو أوتوا كتبهم بشمالهم أو مشائيم على أنفسهم أو منزلهم على اليسار.

(عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) [البلد : ٢٠].

(مُؤْصَدَةٌ) مطبقة أو مسدودة أو حائط لا باب له.

سورة الشمس (١)

(وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١].

(وَضُحاها) إشراقها أو انبساطها أو حرها أو النهار.

(وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) [الشمس : ٢].

(تَلاها) ساواها أو تبعها أول ليلة من الشهر إذا سقطت يرى عند سقوطها أو الخامس عشر يطلع مع غروبها أو في الشهر كله يتلوها في النصف الأول وهي أمامه وفي النصف الآخر يتقدمها وهي وراءه.

(وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) [الشمس : ٣].

(جَلَّاها) أظهرها لأن ظهور الشمس بالنهار أو أضاءها لأنه ضوأها بالنهار على ظلمة الليل.

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) [الشمس : ٤].

(يَغْشاها) أظلم الشمس أو سيّرها.

(وَالسَّماءِ وَما بَناها) [الشمس : ٥].

(وَما بَناها) ومن بناها وهو الله تعالى أو وبنائها.

(وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) [الشمس : ٦].

(طَحاها) بسطها أو قسمها أو خلقها.

(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) [الشمس : ٧].

(وَنَفْسٍ) آدم ومن سواها وهو الله تعالى أو كل نفس سوى خلقها وعدل خلقها أو

__________________

(١) سورة الشمس سورة مكية ، نزلت بعد سورة القدر ، بدأت بأسلوب قسم وَالشَّمْسِ وَضُحاها ، ويدور محور السّورة حول موضوعين اثنين وهما :

١ ـ موضع النّفس الإنسانيّة ، وما جبلها الله عليه من الخير والشّرّ ، والهدى والضّلال.

٢ ـ موضوع الطّغيان ممثّلا في ثمود الّذين عقروا الناقة فأهلكهم الله ودمّرهم.

٣٦٠