تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي

تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

المؤلف:

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي


المحقق: أحمد فتحي عبدالرحمن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5684-6

الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) [المدثر : ٤٦].

(الدِّينِ) الجزاء.

(حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) [المدثر : ٤٧].

(الْيَقِينُ) الموت.

(فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) [المدثر : ٤٨ ـ ٤٩].

(التَّذْكِرَةِ) القرآن.

(كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) [المدثر : ٥٠].

(مُسْتَنْفِرَةٌ) مذعورة وبكسر الفاء هاربة.

(فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [المدثر : ٥١].

(قَسْوَرَةٍ) الرماة أو القناص أو الأسد بلسان الحبشة أو عصب من الرجال وجماعة أو أصوات الناس أو النبل.

(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) [المدثر : ٥٢].

(صُحُفاً) أن يؤتى كتابا من الله تعالى أن يؤمن بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو براءة من النار أنه لا يعذب بها أو كتابا من الله بما أحلّ وحرّم أو قال كفار قريش كان الرجل من بني إسرائيل إذا أذنب وجده مكتوبا في رقعة فما لنا لا نرى ذلك فنزلت.

(وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [المدثر : ٥٦].

(أَهْلُ) أن تتقى محارمه وأن يغفر الذنوب أو يتقى أن يجعل معه إلها آخر وأهل أن يغفر لمن اتقاه مأثور أو يتقى عذابه وأن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته.

سورة القيامة (١)

(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة : ١ ـ ٢].

(لا) إذا بدىء بها في أول الكلام فهي صلة تقديره أقسم أو تأكيد للكلام كقولك لا والله أو ردّ لما مضى من إنكارهم البعث ثم ابتدأ بأقسم. (وَلا أُقْسِمُ) أقسم بيوم القيامة ولم

__________________

(١) سورة القيامة سميت بهذا الاسم لأنها ذكرت بوجه خاص القيامة وأهوالها ، والساعة وشدائدها ، وعن حالة الإنسان عند الاحتضار وما يلقاه الكافر في الآخرة من المصاعب والمتاعب. وسميت أيضا لا أقسم ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة القارعة ، والقيامة هو اسم من أسماء الآخرة لم يذكر لفظ الجلالة في السورة ، وتعالج السورة موضوع البعث والجزاء الذي هو أحد أركان الإيمان ، وتركز بوجه خاص على القيامة وأهوالها ، والساعة وشدائدها ، وعن حالة الإنسان عند الاحتضار وما يلقاه الكافر في الآخرة من المصاعب والمتاعب ، ولذلك سميت سورة القيامة.

٣٢١

يقسم بالنفس أو أقسم بهما جميعا. (اللَّوَّامَةِ) مدح عند من رآها قسما وهي النادمة اللائمة على ما فات لم فعلت الشرّ وهلّا استكثرت من الخير أو تلوم نفسها بما تلوم عليه غيرها أو ذات اللوم أو اللوم صفة ذم عند من رآها غير مقسم بها وهي المذمومة أو الملومة على سوء صنعها أو التي لا تصبر على محن الدنيا وشدائدها فهي كثيرة اللوم فيها فعلى هذه الأوجه الثلاثة تكون اللوامة يعني الملومة.

(بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) [القيامة : ٤].

(بَلى) نجمعها تمام للأول أو استئناف بعد تمام الأول بالتعجب. (نُسَوِّيَ بَنانَهُ) نعيد مفاصله بالبعث أو نجعل كفه التي يأكل بها ويعمل حافر حمار أو خف بعير فلا يأكل إلا بفمه ولا يعمل شيئا بيده.

(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) [القيامة : ٥].

(لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) يقدم الذنب ويؤخر التوبة أو يمضي أمامه قدما لا ينزع عن فجور أو يرتكب الآثام في طلب الدنيا ولا يذكر الموت أو يريد أن يكذب بالقيامة ولا يعاقب بالنار أو يكذب بما في الآخرة كما كذب بما في الدنيا.

(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) [القيامة : ٧].

(بَرِقَ) خفت أو انكسر عند الموت أو شخص لما عاين ملك الموت فزعا وبالكسر شق بصره أو غشى عينه البرق يوم القيامة.

(وَخَسَفَ الْقَمَرُ) [القيامة : ٨].

(وَخَسَفَ الْقَمَرُ) ذهب نوره فكأنه دخل في خسف من الأرض.

(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [القيامة : ٩].

(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) جمعا في طلوعهما من المغرب كالبعيرين القرينين أو في ذهاب ضوئهما بالخسوف ليتكامل ظلام الأرض على أهلها ، أو في تكويرهما يوم القيامة ، أو البحر فصارا نار الله الكبرى.

(يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) [القيامة : ١٠].

(الْمَفَرُّ) المهرب.

(كَلَّا لا وَزَرَ) [القيامة : ١١].

(لا وَزَرَ) لا ملجأ أو منجى أو حرز أو محيص.

(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) [القيامة : ١٢].

(الْمُسْتَقَرُّ) المنتهى أو استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

٣٢٢

(يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) [القيامة : ١٣].

(بِما قَدَّمَ) قبل موته من خير أو شر وبما سنّ فعمل به بعد موته من خير أو شرّ أو بما قدّم من معصية وما أخر من طاعة أو بأول عمله وآخره أو بما قدّم من الشر وأخّر من الخير أو ما قدّم من فرض وأخّر من فرض.

(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) [القيامة : ١٤].

(بَصِيرَةٌ) هاء المبالغة شاهد على نفسه بما تقوم الحجة به عليه (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) [الإسراء : ١٤] أو جوارحه تشهد عليه بعمله (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ) [يس : ٦٥] أو بصير بعيوب الناس غافل عن عيوب نفسه.

(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) [القيامة : ١٥].

(مَعاذِيرَهُ) لو اعتذر يومئذ لهم يقبل منه أو لو تجرد من ثيابه أو لو أظهر حجته أو لو أرخى ستوره والستر : معذار بلغة اليمن.

(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) [القيامة : ١٦].

(لا تُحَرِّكْ) كان إذا نزل عليه القرآن حرّك به لسانه يستذكره فيناله من ذلك شدّة فنهي عن ذلك أو كان يعجل بذكره حبّا له لحلاوته عنده فنهي عن ذلك حتى يجتمع لأنّ بعضه مرتبط ببعض.

(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) [القيامة : ١٧].

(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) «في قلبك لتقرأه بلسانك أو حفظه وتأليفه أو نجمعه لك حتى نثبته في قلبك.

(فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) [القيامة : ١٨].

(قَرَأْناهُ) بيناه فاعمل بما فيه أو أنزلناه فاستمع قرآنه أو إذا تلي عليك فاتبع شرائعه وأحكامه.

(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) [القيامة : ١٩].

(بَيانَهُ) بيان أحكامه وحلاله وحرامه أو بيانه بلسانك إذا نزل به جبريل عليه‌السلام حتى تقرأه كما أقرأك أو علينا أن نجزي يوم القيامة بما فيه من وعد ووعيد.

(كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) [القيامة : ٢٠].

(الْعاجِلَةَ) ثواب الدنيا أو العمل لها.

(وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) [القيامة : ٢١].

(وَتَذَرُونَ) ثواب الآخرة أو العمل لها.

٣٢٣

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) [القيامة : ٢٢].

(ناضِرَةٌ) حسنة أو مستبشرة أو ناعمة أو مسرورة.

(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٣].

(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) تنظر إليه في القيامة أو إلى ثوابه قال ابن عمر ومجاهد أو تنظر أمر ربها.

(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) [القيامة : ٢٤].

(باسِرَةٌ) كالحة أو متغيرة.

(تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) [القيامة : ٢٥].

(فاقِرَةٌ) داهية أو شر أو هلاك أو دخول النار.

(كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) [القيامة : ٢٦].

(بَلَغَتِ) الروح. (التَّراقِيَ) وهي أعلى الصدر جمع ترقوة.

(وَقِيلَ مَنْ راقٍ) [القيامة : ٢٧].

(راقٍ) يرقيه بالرّقى وأسماء الله تعالى الحسنى أو من طبيب شاف أو يقول من يرقى بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب.

(وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ) [القيامة : ٢٨].

(وَظَنَّ) تيقن أنه مفارق للدنيا.

(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) [القيامة : ٢٩].

(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) اتصل الآخرة بالدنيا أو الشدّة بالشدّة والبلاء بالبلاء شدّة كرب الموت بشدّة هول المطلع أو التفت ساقه عند الموت أو التفاف الساق بالساق عند المساق قال الحسن رضي الله تعالى عنه ماتت رجلاه فلم يحملاه وقد كان عليهما جوالا ، أو اجتمع عليه أمران شديدان الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه.

(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) [القيامة : ٣٠].

(الْمَساقُ) المنطلق أو المستقر.

(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) [القيامة : ٣١].

(فَلا صَدَّقَ) كتاب الله تعالى.

(وَلا صَلَّى) لله عزوجل أو فلا صدق بالرسالة ولا آمن بالمرسل كذب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتولى عن المرسل أو كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة نزلت في أبي جهل.

(ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) [القيامة : ٣٣].

٣٢٤

(يَتَمَطَّى) يختال في نفسه أو يتبختر في مشيته أو يلوي مطاه وهو ظهره.

(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) [القيامة : ٣٤].

(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) وليك الشرّ وعيد على وعيد أو لك الويل ، لقيه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببطحاء مكة متبخترا في مشيه فدفع في صدره وهزّه بيده ، وقال : أولى لك فأولى. فقال أبو جهل : إليكم عني أتوعدني يا ابن أبي كبشة وما تستيطع أنت ولا ربك الذي تزعم أنه أرسلك شيئا فنزلت هذه الآيات.

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) [القيامة : ٣٦].

(سُدىً) مهملا لا يعترض عليه أو باطلا لا يبعث أو ملغى لا يؤمر ولا ينهى أو عبثا لا يحاسب ولا يعاقب.

(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) [القيامة : ٣٧].

«تمنى» تراق ومنى لإراقة الدم بها أو تنشأ وتخلق أو تشترك لاشتراك ماء الرجل بماء المرأة.

سورة الإنسان (١)

(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان : ١].

(هَلْ أَتى) قد أتى أو أأتى. (الْإِنْسانِ) آدم عليه الصلاة والسّلام خلق كخلق السماوات والأرض وما بينهما في آخر يوم الجمعة أو عام في كل إنسان. (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) أربعين سنة بقي آدم عليه الصلاة والسّلام فيها مصورا من طين لازب وحمأ مسنون ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك أو تسعة أشهر في بطن أمه أو زمان غير محدود. (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) في الخلق وإن كان عند الله تعالى شيئا مذكورا أو كان شيئا غير مذكور لأنه كان مصورا ثم نفخ فيه الروح فصار مذكورا.

(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الإنسان : ٢].

(خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) كل بني آدم اتفاقا. (نُطْفَةٍ) إذا اختلط ماء الرجل وماء المرأة فهما

__________________

(١) سورة الإنسان سميت هذه السورة بهذا الاسم لغالبية أحوال الإنسان فيها ، سواء منذ النشأة والتدرّج معه سواء في النعيم أو العذاب وسميت أيضا هل أتى على الإنسان والإنسان والأمشاج والأبرار وسورة الدهر ، وهي سورة مدنية ، نزلت بعد سورة الرحمن ، وتعالج السورة أمورا تتعلق بالآخرة ، وبوجه خاصّ تتحدث عن نعيم المتّقين الأبرار في دار الخلد والإقامة في جنّات النعيم ، ويكاد يكون جوّ السورة هو جوّ السور المكية لإيحاءاتها وأسلوبها ومواضيعها المتنوعة.

٣٢٥

نطفة أو النطفة ماء الرجل فإذا اختلط في الرحم بماء المرأة صار أمشاجا. (أَمْشاجٍ) اختلاط الماءين أو ألوان قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر» (١).

وقيل نطفة الرجل حمراء وبيضاء ونطفة المرأة صفراء وخضراء أو الأمشاج العروق التي في النطفة أو الأطوار نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم كسوتها باللحم.

(نَبْتَلِيهِ) نختبره بالخير والشرّ أو نختبره بشكره في السرّاء وصبره في الضرّاء أو نكلفه العمل بعد خلقه أو نأمره بالطاعة وننهاه عن المعصية أو فيه تقديم تقديره فجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه بالاختبار أو التكليف أو بالسمع والبصر.

(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) [الإنسان : ٣].

(السَّبِيلَ) الخير والشر أو الهدى والضلالة أو سبيل الشقاوة والسعادة أو خروجه من الرحم. (شاكِراً) مؤمنا أو كافرا أو شاكرا للنعمة أو كفورا بها ولما كان شكر الله تعالى لا يؤدى لم يأت فيه بلفظ المبالغة ولما عظم كفره مع الإحسان إليه جاء بلفظ المبالغة.

(إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) [الإنسان : ٥].

(الْأَبْرارَ) الصادقون أو المطيعون لأنه برّوا الآباء والأبناء أو لكفهم الأذى حتى عن الذر أو لأدائهم حقوق الله تعالى ويوفون بالنذر. (كَأْسٍ) كل كأس في القرآن فإنما يعنى بها الخمر. (كافُوراً) عين في الجنة اسمها كافور أو كافور الطيب تمزج به لبرده فيكون برد الكافور وطعم الزنجبيل أو لريحه ويختم بالمسك أو لطعمه فيكون طعمها طعم الكافور.

(عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) [الإنسان : ٦].

(يَشْرَبُ بِها) ينتفع بها أو يشربها وهي التسنيم أشرف شراب أهل الجنة يشربها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة بالخمر واللبن والعسل.

(يُفَجِّرُونَها) يقودونها حيث شاءوا من الجنة ويمزجونها بماء شاءوا. (تَفْجِيراً) مصدر للتكثير أو يفجرون من تلك العين عيونا لتكون أوسع.

(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) [الإنسان : ٧].

(بِالنَّذْرِ) بما فرض من العبادات أو بما عقدوه على أنفسهم من حقّ الله تعالى أو بعهد من عاهدهم أو بالأيمان إذا حلفوا. (مُسْتَطِيراً) فاشيا أو ممتدا.

(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [الإنسان : ٨].

__________________

(١) أخرجه مسلم (١ / ٢٥٠ ، رقم ٣١١) ، وابن ماجه (١ / ١٩٧ ، رقم ٦٠١) ، وابن حبان (١٤ / ٦٣ ، رقم ٦١٨٥) ، وابن أبي شيبة (١ / ٨٠ ، رقم ٨٧٩) ، وأحمد (٣ / ١٩٩ ، رقم ١٣٠٧٧).

٣٢٦

(عَلى حُبِّهِ) على حب الطعام أو على شهوته أو على عزّته. (وَأَسِيراً) المسجون المسلم أو العبد أو أسرى المشركين ثم نسخ بالسيف أو لم ينسخ.

(إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) [الإنسان : ٩].

(إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) لم يقولوا ذلك ولكن علمه الله تعالى منهم فأثنى به عليهم.

(جَزاءً) بالفعال. (وَلا شُكُوراً) بالمقال قيل نزلت في السبعة الذين تكفلوا أسرى بدر أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأبو عبيدة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

(إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) [الإنسان : ١٠].

(عَبُوساً) تعبس الوجوه من شرّه ، والقمطرير : الشديد أو العبوس الضيق والقمطرير الطويل أو العبوس بالشفتين والقمطرير بالجبهة والحاجبين فذلك صفة الوجه المتغيّر من شدائد ذلك اليوم.

(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) [الإنسان : ١١].

(نَضْرَةً) بياضا ونقاء أو حسنا وبهاء أو أثر النعمة نضرة وجوههم وسرورا في قلوبهم.

(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان : ١٢].

(جَنَّةً) يسكنونها. (وَحَرِيراً) يلبسونه أو الحرير أثر العيش في الجنة ومنه لبس الحرير ليأثر في لذّة العيش نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذرا فوفاه أو في علي وفاطمة نذر صوما ودخل فيه وخبزت فاطمة رضي الله تعالى عنها ثلاثة أقراص شعير ليفطر علي رضي الله تعالى عنه على قرص وتفطر هي على آخر ويأكل الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما الثالث فسألها مسكين فأعطته أحدها ثم سألها يتيم فأعطته الثاني ثم سألها أسير فأعطته الثالث وباتوا طاوين.

(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) [الإنسان : ١٣].

(الْأَرائِكِ) الأسرّة أو كل ما يتكأ عليه. (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً) أي لا يحتاجون إلى ضيائها لأنهم في ضوء دائم أو لا يتأذون بحرّها. (زَمْهَرِيراً) بردا شديدا أي لا يرون حرا ولا بردا أو لون من العذاب أو الزمهرير هنا القمر لا يحتاجون إليه لأنهم في ضوء دائم.

(وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) [الإنسان : ١٤].

(وَذُلِّلَتْ) لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد وإذا قام ارتفعت وإذا قعد نزلت.

(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) [الإنسان : ١٥ ـ ١٦].

٣٢٧

(قَوارِيرَا) هي من فضة في صفاء القوارير. أو قوارير في بياض الفضة ، قوارير كل أرض من تربتها وأرض الجنّة فضة. (قَدَّرُوها) في أنفسهم فجاءت على ما قدروا أو على قدر أكفّ الخدم أو على مقدار لا تزيد فتفيض ولا تنقص فتغيض أو على قدرهم وكفايتهم لأنه ألذ وأشهى أو قدرت لهم وقدروا لها سواء.

(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) [الإنسان : ١٧].

(زَنْجَبِيلاً) اسم التي فيها مزاج شراب الأبرار أو يمزج بالزنجبيل والعرب تستطيبه لحذوه اللسان وهضمه المأكول أو الزنجبيل طعم من طعوم الخمر تصف العرب به.

(عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) [الإنسان : ١٨].

(سَلْسَبِيلاً) اسم لها أو سل سبيلا إليها قاله علي رضي الله تعالى عنه أو سلسلة السبيل يصرفونها حيث شاءوا تسيل في حلوقهم انسلالا أو حديدة الجرية أو لأنها تنسل عليهم في مجالسهم وغرفهم وطرقهم.

(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) [الإنسان : ١٩].

(مُخَلَّدُونَ) لا يموتون أو صغارا لا يكبرون وشبابا لا يهرمون أو مسوّرون.

(مَنْثُوراً) لكثرتهم أو لصفاء ألوانهم وحسن مناظرهم.

(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) [الإنسان : ٢٠].

(نَعِيماً) كثرة النعمة أو كثرة التنعم. (كَبِيراً) لسعته أو لاستئذان الملائكة عليهم وتحيتهم بالسلام.

(عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [الإنسان : ٢١].

(طَهُوراً) لا يبولون منه ولا يحدثون عنه بل عرق يفيض من أعراضهم كريح المسك أو لأنها طاهرة بخلاف خمر الدنيا أو ليس في أنهار الجنة نجاسة خلاف أنهار الدنيا.

(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤].

(آثِماً) بالمعاصي. (أَوْ كَفُوراً) بالنعم قيل أراد أبا جهل.

(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الإنسان : ٢٥].

(بُكْرَةً) صلاة الصبح. (وَأَصِيلاً) الظهر والعصر.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) [الإنسان : ٢٦].

(فَاسْجُدْ لَهُ) المغرب والعشاء. (وَسَبِّحْهُ) بتطوع الليل وكل تسبيح في القرآن فهو صلاة وسفيان الثوري.

٣٢٨

(نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) [الإنسان : ٢٨].

(أَسْرَهُمْ) مفاصلهم أو خلقهم أو قوتهم.

سورة المرسلات (١)

(وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) [المرسلات : ١].

(وَالْمُرْسَلاتِ) الملائكة ترسل بالمعروف أو الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات أو الرياح ترسل بما عرفها الله تعالى. (عُرْفاً) متتابعات كعرف الفرس أو جاريات في القلوب أو معروفات في العقول.

(فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) [المرسلات : ٢].

(فَالْعاصِفاتِ) الرياح أو الملائكة. (عَصْفاً) ما تذروه في جريها أو ما تهلكه بشدّتها.

(وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) [المرسلات : ٣].

(وَالنَّاشِراتِ) الرياح تنشر السحاب أو الملائكة تنشر الكتب أو المطر ينشر النبات أو البعث ينشر الأرواح أو الصحف تنشر بأعمال العباد.

(فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) [المرسلات : ٤].

(فَالْفارِقاتِ) الملائكة تفرق بين الحق والباطل أو الرسل تفرق بين الحلال والحرام أو الرياح أو القرآن فرق آية آية أو لفرقه بين الحق والباطل.

(فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) [المرسلات : ٥].

(فَالْمُلْقِياتِ) الملائكة يلقون الوحي إلى الرسل أو الأنبياء أو الرسل يلقون ما أنزل إلى أممهم.

(عُذْراً أَوْ نُذْراً) [المرسلات : ٦].

(عُذْراً) من الله تعالى إلى العباد أو إنذارا بالعذاب وهو الملائكة أو الرسل أو القرآن.

(إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) [المرسلات : ٧].

(لَواقِعٌ) بكم.

__________________

(١) سورة المرسلات سميت بهذا الاسم لورود هذا النوع أو الصنف من الملائكة في هذه السورة ، أو كان للرياح فالمرسلات كانت بداية السورة واسم السورة. وسميت أيضا والمرسلات عرفا ، والمرسلات ، والعرف ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة الهمزة ، بدأت السورة بأسلوب القسم وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً والمرسلات هي رياح العذاب ولم يذكر في السورة لفظ الجلالة ، والسورة تعالج أمور العقيدة وتبحث في شؤون الآخرة ، ودلائل القدرة ، والوحدانيّة ، وسائر الأمور الغيبية.

٣٢٩

(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) [المرسلات : ٨].

(طُمِسَتْ) محي نورها كطمس الكتاب.

(وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) [المرسلات : ٩].

(فُرِجَتْ) فتحت وشقت.

(وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) [المرسلات : ١٠].

(نُسِفَتْ) ذهبت وسويت بالأرض.

(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) [المرسلات : ١١].

(أُقِّتَتْ) وعدت أو أجلت أو جمعت وقتت عرفت ثوابها.

(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) [المرسلات : ١٦].

(الْأَوَّلِينَ) قوم نوح عليه الصلاة والسّلام أو كل أمّة استؤصلت بالتكذيب.

(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) [المرسلات : ١٧].

(نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) في الإهلاك بالسيف أو بعذاب الآخرة.

(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) [المرسلات : ٢٠].

(ماءٍ مَهِينٍ) صفوة الماء أو ضعيف أو سائل.

(فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) [المرسلات : ٢١].

(قَرارٍ مَكِينٍ) الرحم لا يؤذيه حر ولا برد أو مكان حريز.

(فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) [المرسلات : ٢٣].

(فَقَدَرْنا) وقدرنا واحد أو بالتخفيف ملكنا وبالتشديد قضينا.

(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) [المرسلات : ٢٥].

(كِفاتاً) كنّا أو وعاء أو مجمعا أو غطاء.

(أَحْياءً وَأَمْواتاً) [المرسلات : ٢٦].

(أَحْياءً) يجمعهم أحياء على ظهرها. (وَأَمْواتاً) في بطنها أو الأرض منها أحياء بالنبات وأموات بالخراب الجفاف.

(انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) [المرسلات : ٣٠].

(شُعَبٍ) الضريع والزقوم والغسلين أو لدخانها ثلاث شعب تحيط به شعبة فوقه وشعبة عن يمينه وشعبة عن شماله.

(لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) [المرسلات : ٣١].

(لا ظَلِيلٍ) يدفع الأذى. (اللهَبِ) ما يعلو النار المضطرمة من أصفر وأحمر وأخضر.

٣٣٠

(إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) [المرسلات : ٣٢].

(كَالْقَصْرِ) أصول الشجر العظام أو قصر البناء أو الجبل أو أعناق الدواب أو خشبة كان أهل الجاهلية يعضدونها نحو ثلاثة أذرع يسمونها القصر. (بِشَرَرٍ) ما يتطاير من النار.

(كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات : ٣٣].

(جِمالَتٌ صُفْرٌ) سود لأنّ سوادها يضرب إلى الصفرة شبهها بها في سرعة سيرها أو في متابعة بعضها بعضا ، أو قلوس السفن أو قطع النحاس.

(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) [المرسلات : ٣٩].

(كَيْدٌ) حيلة أو امتناع منا.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) [المرسلات : ٤٨].

(ارْكَعُوا) يقال لهم ذلك في الآخرة تقريعا أو نزلت في ثقيف لما امتنعوا من الصلاة والركوع هنا الصلاة.

(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) [المرسلات : ٥٠].

(فَبِأَيِّ) كتاب بعد القرآن تصدّقون.

سورة النبأ (١)

(عَمَّ يَتَساءَلُونَ) [النبأ : ١].

(يَتَساءَلُونَ) لما بعث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم تنازعت قريش فيما دعا إليه واختصموا.

(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) [النبأ : ٢].

(النَّبَإِ الْعَظِيمِ) القرآن أو البعث أو القيامة أو أمر الرسول صلّى الله عليه سلم.

(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) [النبأ : ٣].

(مُخْتَلِفُونَ) اختلف المسلمون والمشركون فصدّق المسلمون وكذّب المشركون أو اختلف المشركون فمصدق ومكذب.

(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [النبأ : ٤ ـ ٥].

(سَيَعْلَمُونَ) وعيد للكفار بعد وعيد فالأول بعذاب القيامة والثاني وعيد لهم بعذاب النار أو الأول وعيد لهم بالنار والثاني وعد المؤمنين بالجنة قاله الضحاك.

__________________

(١) سورة النبأ تسمّى أيضا عمّ وعم يتساءلون ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة المعارج ، وقد بدأت بأسلوب استفهام عَمَّ يَتَساءَلُونَ ، ولم يذكر فيها لفظ الجلالة ، ويدور محور السّورة حول إثبات عقيدة البعث الّتي طالما أنكرها المشركون.

٣٣١

(وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) [النبأ : ٩].

(سُباتاً) نعاسا أو سكنا أو راحة ، يوم السبت للراحة فيه سبت الرجل : استراح أو قطعا للأعمال السبت القطع سبت شعره قطعه ، يوم السبت : لانقطاع العمل فيه.

(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) [النبأ : ١٠].

(لِباساً) سكنا أو غشاء لستره الأشياء كالثوب.

(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) [النبأ : ١١].

(مَعاشاً) سمي الكسب معاشا لأنه يعاش به.

(وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) [النبأ : ١٣].

(وَهَّاجاً) مضيئا أو متلألئا أو من وهج الحرّ أو وقادا جمع الضياء والحمى ، والسراج هنا : الشمس.

(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) [النبأ : ١٤].

(الْمُعْصِراتِ) الرياح أو السحاب أو السماء. (ثَجَّاجاً) كثيرا أو منصبا.

(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) [النبأ : ١٥].

(حَبًّا) ما كان في كمام الزرع المحصود والنبات الذي يرعى أو الحب اللؤلؤ والنبات العشب قال عكرمة : ما نزلت قطرة من السماء إلا نبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة.

(وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) [النبأ : ١٦].

(أَلْفافاً) الزرع المجتمع بعضه إلى بعض أو الشجر الملتف بالثمر أو البساتين ذوات الألوان.

(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) [النبأ : ١٧].

(الْفَصْلِ) بين الأولين والآخرين. (مِيقاتاً) للثواب والعقاب أو ميعادا للجمع.

(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) [النبأ : ٢٠].

(وَسُيِّرَتِ) أزيلت عن مواضعها أو نسفت من أصولها. (سَراباً) هباء أو كالسراب الذي يظن أنّه ماء وليس بماء.

(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) [النبأ : ٢١].

(مِرْصاداً) راصدة تجازيهم بأعمالهم أو عليها رصد فمن جاء بجواز جاز ومن لم يجىء بجواز حبس أو المرصاد وعيد من الله تعالى وعد به الكفار.

(لِلطَّاغِينَ مَآباً) [النبأ : ٢٢].

(لِلطَّاغِينَ) في الدين بالكفر وفي الدنيا بالظلم. (مَآباً) مرجعا أو مأوى ومنزلا.

٣٣٢

(لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) [النبأ : ٢٣].

(أَحْقاباً) بعد أحقاب أبدا ، والحقب : ثمانون سنة أو أربعون سنة أو سبعون أو ثلاثمائة أو سبعون ألفا أو دهر طويل غير محدود أو ألف شهر عبر عن خلودهم بتتابع الأحقاب عليهم ، أو حد عذابهم بالحميم والغساق بالأحقاب فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب.

(لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) [النبأ : ٢٤].

(بَرْداً) راحة أو برد الهواء أو النوم.

بردت مراشفها عليّ فصدني

عنها وعن تقبيلها البرد

(وَلا شَراباً) عذبا.

(إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) [النبأ : ٢٥].

(حَمِيماً) حارا محرقا أو دموعهم تجمع في حياض في النار فيسقونها أو نوع من شراب أهل النار. (وَغَسَّاقاً) القيح الغليظ أو الزمهرير المحرق برده أو صديد أهل النار أو المنتن.

(جَزاءً وِفاقاً) [النبأ : ٢٦].

(وِفاقاً) جمع وفق ، وافق سوء الجزاء سوء العمل.

(إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) [النبأ : ٢٧].

(لا يَرْجُونَ) ثوابا ولا يخافون عقابا أو لا يخافون وعد الله بالحساب والجزاء.

(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) [النبأ : ٣١].

(مَفازاً) متنزها أو فوزا بالنجاة من النار والعذاب بالجنة والرحمة.

(وَكَواعِبَ أَتْراباً) [النبأ : ٣٣].

(وَكَواعِبَ) نواهد أو عذارى. (أَتْراباً) أقرانا أو أمثالا أو متصافيات أو متواخيات.

(وَكَأْساً دِهاقاً) [النبأ : ٣٤].

(دِهاقاً) مملوءة أو متتابعة مع بعضها بعضا أو صافية.

(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) [النبأ : ٣٥].

(كِذَّاباً) لغوا باطلا أو حلفا عند شربها أو شتما أو معصية ، كذابا : لا يكذب بعضهم بعضا أو الخصومة أو المأثم.

(فِيها) في الجنة أو في شرب الخمر.

(جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) [النبأ : ٣٦].

٣٣٣

(حِساباً) كافيا أو كثيرا أو حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشرا.

(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) [النبأ : ٣٨].

(الرُّوحُ) خلق كهيئة الناس وليسوا بناس وهم جند لله تعالى أو أشراف الملائكة أو حفظة على الملائكة أو جبريل عليه‌السلام أو ملك من أعظم الملائكة خلقا أو أرواح بني آدم تقوم صفا والملائكة صفا أو بنو آدم أو القرآن.

(لا يَتَكَلَّمُونَ) لا يشفعون.

(إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) في الشفاعة أو لا يتكلمون بشيء إلا من أذن له الرحمن بشهادة أن لا إله إلا الله.

(صَواباً) حقا أو قول لا إله إلا الله أو قول الروح يومئذ لا تدخل الجنة إلا بالرحمة ولا النار إلا بالعمل.

(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) [النبأ : ٣٩].

(الْيَوْمُ الْحَقُّ) لأن مجيئه حق أو لأنه يحكم فيه بالحق. (مَآباً) سبيلا أو مرجعا.

(إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [النبأ : ٤٠].

(قَرِيباً) في الدنيا أو يوم بدر أو عذاب القيامة كل آت قريب. (الْمَرْءُ) ينظر المؤمن ما قدم من خير. (وَيَقُولُ الْكافِرُ) يبعث الحيوان فيقاد للموقوذة والمركوضة والمنطوحة من الناقرة والراكضة والناطحة ثم يقال كونوا ترابا بلا جنة ولا نار فيقول الكافر يا ليتني كنت ترابا صرت اليوم ترابا بلا جنة ولا نار أو ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا فأكون اليوم ترابا قيل نزلت.

(يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) في أبي سلمة بن عبد الأسد.

(وَيَقُولُ الْكافِرُ) في أخيه الأسود بن عبد الأسد.

سورة النازعات (١)

(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) [النازعات : ١].

(وَالنَّازِعاتِ) الملائكة تنزع نفوس بني آدم أو الموت ينزع النفوس أو النفس حين

__________________

(١) سورة النازعات تسمّى أيضا السّاهرة ، والطّامّة ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة النبأ ، ويدور محور السّورة حول القيامة وأحوالها ، والسّاعة وأهوالها ، وعن مئال المتّقين ؛ ومئال المجرمين.

٣٣٤

تنزع أو النجوم تنزع من أفق إلى أفق ومن مشرق إلى مغرب أو القسيّ تنزع بالسهم أو الوحش تنزع وتنفر.

(غَرْقاً) إبعادا في النزع.

(وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) [النازعات : ٢].

(وَالنَّاشِطاتِ) الملائكة تنشط أرواح المؤمنين بسرعة كنشط العقال أو النجوم تنشط من مطالعها إلى مغاربها أو الموت ينشط نفس الإنسان أو النفس حيث تنشط بالموت أو الأوهاق أو الوحش حين ينشط من بلد إلى بلد.

(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) [النازعات : ٣].

(وَالسَّابِحاتِ) الملائكة سبحوا إلى الطاعة قبل بني آدم أو النجوم تسبح في فلكها أو الموت يسبح في النفوس أو السفن تسبح في الماء أو الخيل.

(فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) [النازعات : ٤].

(فَالسَّابِقاتِ) الملائكة سبقت إلى الإيمان أو تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء أو النجوم تسبق بعضها بعضا أو الموت يسبق إلى النفس أو النفس تسبق بالخروج عند الموت أو الخيل.

(فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) [النازعات : ٥ ـ ٧].

(فَالْمُدَبِّراتِ) الملائكة تدبر ما أمرت به وأرسلت فيه أو ما وكلت به من الرياح والأمطار أو المدبرات الكواكب السبعة قاله معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه تدبر طلوعها وأفولها أو ما قضاه الله تعالى فيها من تقليب الأحوال. أقسم بهذه الأشياء أو بربها وخالقها وجواب القسم محذوف تقديره لتبعثنّ ثم لتحاسبنّ أو قوله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [النازعات : ٢٦].

(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) القيامة.

(الرَّادِفَةُ) البعث أو النفخة الأولى تميت الأحياء والنفخة الثانية تحيي الموتى وبينهما أربعون سنة فالأولى من الدنيا والثانية من الآخرة.

(الرَّاجِفَةُ) الزلزلة التي ترجف الأرض والجبال والرادفة إذا دكتا دكة واحدة.

(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) [النازعات : ٨].

(واجِفَةٌ) خائفة أو طائرة عن أماكنها.

(أَبْصارُها خاشِعَةٌ) [النازعات : ٩].

(خاشِعَةٌ) ذليلة أو شاخصة.

٣٣٥

(يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) [النازعات : ١٠].

(الْحافِرَةِ) الحياة بعد الموت أو الأرض المحفورة أو النار أو الرجوع إلى الحالة الأولى تكذيبا بالبعث رجع فلان على حافرته إذا رجع من حيث جاء.

(أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) [النازعات : ١١].

(نَخِرَةً) بالية أو عفنة أو مجوفة تدخلها الريح فتنخر أي تصوت «ناخرة» تنخر فيها الريح.

(قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) [النازعات : ١٢].

(خاسِرَةٌ) ليست بكائنة لا يجيء منها شيء كالخسران أو إن بعثنا لنخسرن بالنار.

(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) [النازعات : ١٣].

(زَجْرَةٌ) غضبة واحدة أو نفخة واحدة تحيي جميع الخلق.

(فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) [النازعات : ١٤].

(بِالسَّاهِرَةِ) وجه الأرض لأنّ فيه نوم الحيوان وسهره أو اسم مكان بالشام هو الصقع الذي بين جبل أريحا وجبل حسّان ويمده الله تعالى كيف شاء أو جبل بيت المقدس أو جهنم قاله قتادة.

(إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) [النازعات : ١٦].

(بِالْوادِ) واد بأيلة أو بفلسطين.

(الْمُقَدَّسِ) المبارك أو المطهر قدس مرتين.

(طُوىً) اسم للوادي أو لأنه مرّ به ليلا وطواه أو لأنه طوي بالبركة أو يعني طأ الأرض بقدمك قاله عكرمة ومجاهد.

(فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ١٨].

(تَزَكَّى) تسلم أو تعمل خيرا.

(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) [النازعات : ٢٠].

(الْآيَةَ الْكُبْرى) عصاه ويده أو الجنة والنار.

(فَحَشَرَ فَنادى) [النازعات : ٢٣].

(فَحَشَرَ) السحرة للمعارضة ونادى جنده للمحاربة أو حشر الناس للحضور.

(فَنادى) فخطب عليهم.

(فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) [النازعات : ٢٥].

(نَكالَ الْآخِرَةِ) عذاب الدنيا والآخرة ، في الدنيا بالغرق وبالنار في الآخرة أو عذاب

٣٣٦

عمره وآخره أو الأول قوله (عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) [القصص : ٣٨] والآخر قوله (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وكان بينهما أربعون سنة أو ثلاثون وبقي بعد الآخرة ثلاثين سنة أو عذاب أول النهار وآخره بالنار (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) [غافر : ٤٦].

(وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) [النازعات : ٢٩].

(وَأَغْطَشَ) أظلم. (ضُحاها) أخرج شمسها أو أضاء نهارها وأضاف الليل والنهار إلى السماء لأنّ منها الظلمة والضياء.

(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) [النازعات : ٣٠].

(بَعْدَ ذلِكَ) مع ذلك أو خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء.

(دَحاها) بسطها ودحيت من موضع الكعبة أو من مكة أو حرثها وشقها أو سواها.

(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) [النازعات : ٣٤].

(الطَّامَّةُ) النفخة الآخرة أو الساعة طمت كل داهية أو اسم للقيامة أو سوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار والطامة في اللغة الغاشية أو الغامرة أو الهائلة تطم كل شيء أي تغطيه.

(وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) [النازعات : ٤٠].

(مَقامَ رَبِّهِ) يخافه في الدنيا عند مواقعة الذنب فيقطع أو يخاف وقوفه في الآخرة بين يديه للحساب.

(وَنَهَى) زجر نفسه عن المعاصي. قيل نزلت في مصعب بن عمير.

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) [النازعات : ٤٢].

(أَيَّانَ مُرْساها) متى منتهاها أو زمانها سألوا عنها استهزاء فنزلت.

(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) [النازعات : ٤٣].

(فِيمَ أَنْتَ) فيم يسألونك عنها وأنت لا تعلمها أو فيما تسأل عنها وليس لك السؤال عنها.

(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) [النازعات : ٤٦].

(عَشِيَّةً) ما بعد الزوال.

(أَوْ ضُحاها) في الدنيا وهو ما قبل الزوال.

٣٣٧

سورة عبس (١)

(عَبَسَ وَتَوَلَّى) [عبس : ١].

(عَبَسَ وَتَوَلَّى) قطب وأعرض.

(وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) [عبس : ٣ ـ ٤].

(يَزَّكَّى) يؤمن أو يتعبد بالأعمال الصالحة أو يحفظ ما تتلوه عليه من القرآن ويتفقّه في الدين.

(يَذَّكَّرُ) يتعظ أو يتفقّه كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا رآه مقبلا بسط له رداءه حتى جلس عليه إكراما له.

(كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ) [عبس : ١١].

(إِنَّها) هذه السورة أو القرآن.

(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) [عبس : ١٢].

(فَمَنْ شاءَ) الله تعالى ألهمه الذكر أو من شاء أن يتذكر بالقرآن أذكره الله.

(فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) [عبس : ١٣].

(مُكَرَّمَةٍ) عند الله تعالى أو في الدين لما فيها من العلم أو لأنه نزل بها كرام الحفظة.

(مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ) [عبس : ١٤].

(مَرْفُوعَةٍ) في السماء أو في قدرها وشرفها.

(مُطَهَّرَةٍ) من الدنس أو الشرك أو من أن تنزل على المشركين أو لا يمسها إلا المطهرون.

(بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) [عبس : ١٥].

(سَفَرَةٍ) الملائكة لأنهم سفرة بين الله تعالى ورسله ، سفر بين القوم : إذا بلغ أو القراء لأنهم يقرؤون الأسفار أو الكتبة ، سفر سفرا إذا كتب قيل للكتاب سفر وللكتاب سافر من تبيين الشيء وإيضاحه منه إسفار الصبح : وضوحه ، وسفرت المرأة : كشفت نقابها.

(كِرامٍ بَرَرَةٍ) [عبس : ١٦].

__________________

(١) سورة عبس تسمّى أيضا الصّاخّة ، والسّفرة ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة النجم ، تبدأ السورة بفعل ماضي عبس ، ولم يذكر في السورة لفظ الجلالة ، كما ذكرت السورة قصة عبد الله بن أم مكتوم ، ويدور محور السّورة حول شئون تتعلّق بالعقيدة وأمر الرّسالة ، كما إنّها تتحدّث عن دلائل القدرة ، والوحدانيّة في خلق الإنسان ، والنّبات ، والطّعام وفيها الحديث عن القيامة وأهوالها ، وشدّة ذلك اليوم العصيب.

٣٣٨

(كِرامٍ) على الله تعالى أو عن المعاصي أو يتكرمون على من باشر زوجته بالستر عليه دفاعا عنه وصيانة له. (بَرَرَةٍ) مطيعين أو صادقين واصلين أو متّقين مطهرين.

(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) [عبس : ١٧].

(قُتِلَ) عذب أو لعن. (الْإِنْسانُ) كل كافر أو أمية بن خلف أو عتبة بن أبي لهب حين قال كفرت برب النجم إذا هوى فقال الرسول صلّى الله عليه سلم «اللهم سلط عليه كلبك» فأخذه الأسد في طريق الشام.

(ما أَكْفَرَهُ) ما أشدّ كفره أو أي شيء أكفره على جهة الاستفهام أو ما ألعنه.

(ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) [عبس : ٢٠].

(السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) خروجه من بطن أمه أو سبيل السعادة والشقاوة أو الهدى والضلالة.

(ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) [عبس : ٢١].

(فَأَقْبَرَهُ) جعل له من يقبره أو جعله ذا قبر يدفن فيه.

(كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) [عبس : ٢٣].

(لَمَّا يَقْضِ) لا يفعل الكافر ما أمرته من الطاعة والإيمان أو عامة في المؤمن والكافر أو لا يقضي أحد أبدا كل ما فرض عليه.

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) [عبس : ٢٤].

(طَعامِهِ) الذي يحيى به من أي شيء هو أو ما يخرج منه أي شيء كان ثم كيف صار بعد حفظ الحياة ونمو الجسد.

(ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا) [عبس : ٢٦].

(شَقَقْنَا الْأَرْضَ) للنبات.

(وَعِنَباً وَقَضْباً) [عبس : ٢٨].

(وَقَضْباً) القت والعلف لأنه يقضب ظهوره.

(وَحَدائِقَ غُلْباً) [عبس : ٣٠].

(وَحَدائِقَ) ما التف واجتمع أو نبت الشجر كله أو ما أحيط عليه من النخل والشجر وما لم يحط فليس بحديقة.

(غُلْباً) نخلا كراما أو شجرا طوالا غلاظا والأغلب الغليظ.

(وَفاكِهَةً وَأَبًّا) [عبس : ٣١].

(وَأَبًّا) مرعى البهائم أو كل ما نبت على وجه الأرض أو كل نبات سوى الفاكهة والثمار الرطبة أو التبن خاصة أو يابس الفاكهة وهذا مثل ضرب لقدرته على البعث.

٣٣٩

(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) [عبس : ٣٣].

(الصَّاخَّةُ) النفخة الثانية يصيخ الخلائق لاستماعها أو اسم للقيامة لإصاخة الخلق إليها من الفزع.

(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) [عبس : ٣٤].

(يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) الآية لما بينهم من التبعات أو حتى لا يروا عذابه أو لاشتغاله بنفسه.

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) [عبس : ٣٨].

(مُسْفِرَةٌ) مشرقة أو فرحة.

(تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) [عبس : ٤١].

(تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) تغشاها شدّة وذلّة أو خزي أو سواد أو غبار أو كسوف الوجه ، القترة : ما ارتفعت إلى السماء والغبرة ما انحطت إلى الأرض.

سورة التكوير (١)

(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير : ١].

(كُوِّرَتْ) ذهب نورها أو غوّرت أو اضمحلت أو نكست أو جمعت فألقيت ومنه كارة الثياب لجمعها.

(وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [التكوير : ٢].

(انْكَدَرَتْ) تناثرت أو تساقطت أو تغيرت سميت نجوما لظهورها في السماء.

(وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) [التكوير : ٣].

(سُيِّرَتْ) ذهبت عن أماكنها فسويت بالأرض كما خلقت أول مرة وليس عليها جبل ولا فيها واد.

(وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) [التكوير : ٤].

(الْعِشارُ) جمع عشراء وهي الناقة إذا صار لحمها عشرة أشهر وكانت أنفس أموالهم عندهم. (عُطِّلَتْ) لم تحلب ولم تصر أو أهملت لاشتغالهم بأنفسهم من شدّة خوفهم.

__________________

(١) سورة التكوير ، ويقال لها سورة كوّرت ، أو سورة إذا الشّمس كوّرت ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة المسد ، بدأت السورة بأسلوب شرط إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ، ويدور محور السّورة حول حقيقتين هامّتين هما : حقيقة القيامة ، وحقيقة الوحي والرّسالة وكلاهما من لوازم الإيمان.

٣٤٠