تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي

تفسير العزّ بن عبدالسلام - ج ٢

المؤلف:

عبدالعزيز بن عبدالسلام السّلمي


المحقق: أحمد فتحي عبدالرحمن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5684-6

الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [الزمر : ٥٥].

(أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ) تأدية الفرائض ، أو طاعة الله تعالى في الحلال والحرام ، أو الناسخ دون المنسوخ ، أو الأخذ بما أمروا به والكف عما نهوا عنه أو ما أمرهم به في كتابه.

(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) [الزمر : ٥٦].

(جَنْبِ اللهِ) مجانبة أمره ، أو في طاعته ، أو في ذكره وهو القرآن ، أو في قرب الله من الجنة ، أو في الجانب المؤدي إلى رضا الله. والجنب والجانب سواء ، أو في طلب القرب من الله (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) [النساء : ٣٦] أي بالقرب.

(السَّاخِرِينَ) المستهزئين بالقرآن ، أو بالنبي والمؤمنين.

(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر : ٦١].

(بِمَفازَتِهِمْ) بنجاتهم من النار ، أو بما فازوا به من الطاعة ، أو بما ظفروا به من الإرادة.

(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على ما فاتهم من لذات الدنيا أو لا يخافون سوء العذاب.

(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر : ٦٧].

(وَما قَدَرُوا اللهَ) ما عظموه حق عظمته إذ عبدوا الأوثان دونه ، أو دعوك إلى عبادة غيره ، أو ما وصفوه حق صفته.

(قَبْضَتُهُ) أي هي في مقدروه كالذي يقبض القابض عليه في قبضته.

(بِيَمِينِهِ) بقوته لأن اليمين القوة ، أو في ملكه لقوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٣].

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) [الزمر : ٦٨].

(فَصَعِقَ) الصعقة : الغشية ، أو الموت عند الجمهور.

(إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ثم يقبض ملك الموت أرواحهم بعد ذلك مأثور ، أو الشهداء ، أو هو الله الواحد القهار. والعجب من الحسن يقول

__________________

(٧ / ١٠٠) : فيه ابن لهيعة ، وفيه ضعف ، وحديثه حسن.

١٦١

هذا مع أن المشيئة لا تتعلق بالقديم.

(قِيامٌ) على أرجلهم. (يَنْظُرُونَ) إلى البعث الذي أعيدوا به.

(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الزمر : ٦٩].

(وَأَشْرَقَتِ) أضاءت.

(بِنُورِ رَبِّها) بعدله ، أو بنور قدرته ، أو نور خلقه لإشراق أرضه ، أو اليوم الذي يقضي فيه بين الخلق لأنه نهار لا ليل معه.

(الْكِتابُ) الحساب ، أو كتاب الأعمال.

(وَالشُّهَداءِ) الملائكة الذين يشهدون على أعمال العباد ، أو الذين استشهدوا في طاعة الله.

(بِالْحَقِّ) بالعدل. (لا يُظْلَمُونَ) بنقص الحسنات ، أو الزيادة في السيئات.

(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) [الزمر : ٧١].

(زُمَراً) أفواجا ، أو أمما ، أو جماعات ، أو جماعات متفرقة بعضها إثر بعض ، أو دفعا وزجرا لصوت كصوت المزمار ومنه قولهم مزامير داود.

(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) [الزمر : ٧٣ ـ ٧٤].

(طِبْتُمْ) بالطاعة ، أو بالعمل الصالح ، أو على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشربون من إحداهما فتطهر أجوافهم ويشربون من الأخرى فتطيب أبشارهم فحينئذ يقول.

(خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) فإذا دخلوها قالوا.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) بالجنة ثوابا على الإيمان ، أو بظهور دينه على الأديان وبالجزاء في الآخرة على الإيمان.

(وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أرض الدنيا ، أو أرض الجنة عند الأكثرين سماها ميراثا لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث ، أو لأنهم ورثوها عن أهل النار.

(نَتَبَوَّأُ) ننزل.

(حَيْثُ نَشاءُ) من قرار أو علوا ، أو من منازل ، أو منازه.

١٦٢

(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الزمر : ٧٥].

(حَافِّينَ) محدقين. (يُسَبِّحُونَ) تلذذا. (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) بمعرفة ربهم ، أو يذكرون بأمر ربهم. (وَقُضِيَ) بين بعضهم لبعض ، أو بين الرسل والأمم. (بِالْحَقِّ) بالعدل.

(وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) يحمده الملائكة على عدله وقضائه أو يحمده المؤمنون.

سورة غافر (١)

(حم) [غافر : ١].

(حم) اسم للقرآن ، أو لله أقسم به ، أو حروف مقطعة من اسمه الرّحمن و (الر) و (حم ن) هي الرحمن قاله ابن جبير ، أو هو محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو فواتح السور.

(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر : ٣].

(غافِرِ الذَّنْبِ) لمن استغفره ، أو ساتره على من شاء ، أو هو موصوف بمغفرته.

(وَقابِلِ التَّوْبِ) بإسقاط الذنب بها مع الإثابة عليها.

(ذِي الطَّوْلِ) النعم ، أو القدرة ، أو الغنى والسعة ، أو الجزاء والمن ، أو الفضل ، والمن : عفو عن ذنب ، والفضل : إحسان غير مستحق وأخذ الطّول من الطول كأنه طال بإنعامه على غيره ، أو لأنه طالت مدة إنعامه.

(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) [غافر : ٤].

(يُجادِلُ) يماري ، أو يجحد ولا تكون المجادلة إلا بين مبطلين أو مبطل ومحق والمناظرة بين المحقين ، أو المجادلة قتل الخصم عن مذهبه حقا كان أو باطلا والمناظرة التوصل إلى الحق في أي جهة كان. نزلت في الحارث بن قيس أحد المستهزئين.

(تَقَلُّبُهُمْ) في السعة والنعمة أو تقلبهم في الدنيا بغير عذاب والتقلب الإقبال والإدبار

__________________

(١) سميت بهذا الاسم لأن الله تعالى ذكر هذا الوصف الجليل الذي هو من صفات الله الحسنى في مطلع السورة الكريمة غافر الذنب وقابل التوب وكرر ذكر المغفرة في دعوة الرجل المؤمن وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار وتسمى سورة المؤمن لذكر قصة مؤمن آل فرعون ، سورة غافر سورة مكية ما عدا الآية (٥٦ ، ٥٧) فمدنيتان ، وقد نزلت بعد سورة الزمر ، وسورة غافر مكية وهى تعني بأمور العقيدة كشأن سائر السور المكية ويكاد يكون موضوع السورة البارز هو المعركة بين الحق والباطل والهدى والضلال ولهذا جاء جو السورة مشحونا بطابع العنف والشدة وكأنه جو معركة رهيبة يكون فيها الطعن والنزال ثم تسفر عن مصارع الطغاة فإذا بهم حطام وركام.

١٦٣

وتقلب الأسفار نزلت لما قال المسلمون نحن في جهد والكفار في سعة.

(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) [غافر : ٥].

(لِيَأْخُذُوهُ) ليقتلوه ، أو ليحبسوه ويعذبوه والأسير أخيذ لأنه يؤسر للقتل وأخذهم له عند دعائه لهم ، أو عند نزول العذاب بهم.

(وَجادَلُوا) بالشرك ليبطلوا به الإيمان. (فَأَخَذْتُهُمْ) فعاقبتهم. (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) سؤال عن صدق العقاب ، أو عن صفته. قال قتادة : شديد والله.

(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) [غافر : ٦].

(وَكَذلِكَ) أي كما حقت كلمة العذاب على أولئك حقت على هؤلاء.

(حَقَّتْ) وجب عذاب ربك ، أو صدق وعده أنهم أصحاب النار جعلهم لها أصحابا لملازمتهم لها.

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) [غافر : ٧].

(رَحْمَةً) نعمة عليه. (وَعِلْماً) به ، أو وسعت رحمتك وعلمك كل شيء كقولهم : طبت نفسا. (تابُوا) من الشرك. (سَبِيلَكَ) الإسلام لأنه طريق الجنة.

(وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) بتوفيقهم لطاعتك.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) [غافر : ١٠].

(يُنادَوْنَ) في القيامة ، أو في النار.

(لَمَقْتُ اللهِ) لكم إذا دعيتم إلى الإيمان فكفرتم.

(أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ) أنفسكم لما عاينتم العذاب وعلمتم أنكم من أهل النار ، أو مقته إياكم إذا عصيتموه أكبر من مقت بعضكم لبعض حين علمتم أنهم أضلوكم واللام في.

(لَمَقْتُ) لام اليمين تدخل على الحكاية ، أو ما ضارعها ، أو لام ابتداء قاله البصريون.

(قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) [غافر : ١١].

(أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) إحداهما خلقهم أمواتا في الأصلاب والأخرى موتهم في الدنيا وحياة في الدنيا والثانية بالبعث أو أحياهم يوم الذر لأخذ الميثاق ثم أماتهم ثم أخرجهم أحياء ثم أماتهم

١٦٤

بآجالهم ثم أحياهم للبعث فيكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة ، أو أحياهم في الدنيا ثم أماتهم فيها ثم أحياهم في القبور ثم أماتهم ثم أحياهم بالبعث.

(فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) فاعترفوا بحياتين بعد موتتين وكانوا ينكرون البعث بعد الموت.

(مِنْ سَبِيلٍ) هل من طريق نرجع فيها إلى الدنيا فنقر بالبعث ، أو هل عمل نخرج به من النار ونتخلص به من العذاب.

(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) [غافر : ١٢].

(كَفَرْتُمْ) بتوحيده. (تُؤْمِنُوا) بالأوثان ، أو تصدقوا من أشرك به.

(فَالْحُكْمُ لِلَّهِ) في جزاء الكافر وعقاب العاصي.

(الْعَلِيِّ) شأنه ولا يوصف بأنه رفيع لأنها لا تستعمل إلا في ارتفاع المكان والعلي منقول من علو المكان إلى علو الشأن.

(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) [غافر : ١٥].

(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) رفيع السموات السبع ، أو رافع درجات أوليائه ، أو عظيم الصفات.

(الرُّوحَ) الوحي ، أو النبوة أو القرآن ، أو الرحمة ، أو أرواح عباده لا ينزل ملك إلا ومعه منها روح أو جبريل عليه‌السلام يرسله بأمره.

(لِيُنْذِرَ) الله تعالى أو الأنبياء عليه الصلاة والسّلام.

(يَوْمَ التَّلاقِ) القيامة يلتقي فيه الخالق والخلق ، أو أهل السماء وأهل الأرض ، أو الأولون والآخرون.

(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر : ١٦].

(بارِزُونَ) من قبورهم. (لا يَخْفى عَلَى اللهِ) من أعمالهم شيء أو أبرزهم جميعا لأنه لا يخفى عليه شيء من خلقه.

(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) يقوله الله تعالى بين النفختين إذا لم يبق سواه فيجيب نفسه فيقول.

(لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) لأنه بقي وحده وقهر خلقه ، أو يقوله الله في القيامة والخلائق سكوت فيجيب نفسه ، أو تجيبه الخلائق كلهم مؤمنهم وكافرهم فيقولون : لله الواحد

١٦٥

القهار. قاله ابن جريج.

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر : ١٨].

(يَوْمَ الْآزِفَةِ) حضور المنية ، أو القيامة لدنوها.

(إِذِ الْقُلُوبُ) النفوس بلغت الحناجر عند حضور المنية.

«أو القلوب تخاف في القيامة» فتبلغ الحناجر خوفا فلا هي تخرج ولا تعود إلى أماكنها.

(كاظِمِينَ) مغمومين ، أو باكين ، أو ساكتين والكاظم الساكت على امتلائه غيظا ، أو ممسكين بحناجرهم من كظم القربة وهو شد رأسها.

(حَمِيمٍ) قريب ، أو شفيق. (يُطاعُ) يجاب إلى الشفاعة سمى الإجابة طاعة لموافقتها إرادة المجاب.

(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر : ١٩].

(خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) الرمز بالعين ، أو النظرة بعد النظرة أو مسارقة النظر ، أو النظر إلى ما نهي عنه ، أو قوله رأيت وما رأى ، أو ما رأيت وقد رأى سماها خائنة لخفائها كالخيانة ، أو لأن استراق نظر المحظور خيانة.

(وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) الوسوسة ، أو ما تضمره إذا قدرت عليها تزني بها أم لا ، أو ما يسرّه من أمانة وخيانة وعبّر عن القلوب بالصدور لأنها مواضعها.

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) [غافر : ٢١].

(قُوَّةً) بطشا ، أو قدرة.

(وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) بخرابها وعمارتها. أو مشيتهم فيها بأرجلهم ، أو بعد الغاية في الطلب ، أو طول الأعمار ، أو آثارهم في المدائن والأبنية.

(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) [غافر : ٢٦].

(ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) أشيروا عليّ بقتله لأنهم كانوا أشاروا أن لا يقتله ولو قتله لمنعوه ، أو ذروني أتولى قتله لأنهم قالوا هو ساحر إن قتلته هلكت لأنه لو أمر بقتله خالفوه ، أو كان في قومه مؤمنون يمنعونه من قتله فسألهم أن يمكنوه من قتله.

١٦٦

(وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) وليسأله فإنه لا يجاب ، أو يستعينه فإنه لا يعان.

(دِينَكُمْ) عبادتكم ، أو أمركم الذي أنتم عليه.

(الْفَسادَ) عنده هو الهدى ، أو العمل بطاعة الله ، أو محاربته لفرعون بمن آمن معه ، أو أن يقتلوا أبناءكم ويستحيون نساءكم إن ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم.

(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) [غافر : ٢٨].

(مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) ابن عم فرعون ، أو من جنسه من القبط ولم يكن من أهله كان ملكا على نصف الناس وكان له الملك بعد فرعون بمنزلة ولي العهد وهو الذي قال لموسى (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) [القصص : ٢٠] ولم يؤمن من آل فرعون غيره وغير امرأة فرعون وكان مؤمنا قبل مجيء موسى ، أو آمن بمجيء موسى وصدق به.

(يَكْتُمُ إِيمانَهُ) رفقا بقومه ثم أظهره بعد ذلك فقال في حال كتمانه.

(أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً) لأجل قوله ربّى الله.

(بِالْبَيِّناتِ) الحلال والحرام ، أو العصا واليد. والطوفان والسنين ونقص من الثمرات وغيرها من الآيات.

(وَإِنْ يَكُ كاذِباً) قاله تلطفا ولم يقله شكا.

(بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) لأنه وعدهم النجاة إن آمنوا والهلاك إن كفروا فإذا كفروا أصابهم أحد الأمرين وهو بعض الذي وعدهم ، أو وعدهم على الكفر بهلاك الدنيا وعذاب الآخرة فهلاكهم في الدنيا بعض الذي وعدهم ، أو بعض الذي يعدهم هو أول العذاب لأنه يأتيهم حالا فحالا فحذرهم بأوله الذي شكوا فيه وما بعد الأول فهم على يقين منه ، أو البعض يستعمل في موضع الكل توسعا. قال :

قد يدرك المتأنّي بعض حاجته

(يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) [غافر : ٢٩].

(ظاهِرِينَ) غالبين في أرض مصر قاهرين لأهلها يذكرهم المؤمن بنعم الله عليهم.

(بَأْسِ اللهِ) عذابه قال ذلك تحذيرا منه وتخويفا فعلم فرعون ظهور حجته فقال.

(ما أُرِيكُمْ) ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي. (سَبِيلَ الرَّشادِ) عنده التكذيب بموسى.

١٦٧

(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) [غافر : ٣٢].

(يَوْمَ التَّنادِ) يوم القيامة ينادي بعضهم بعضا يا حسرتا ويا ويلتا ويا ثبوراه ، أو ينادي (أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا) [الأعراف : ٤٤]. ويناديهم أصحاب النار (أَفِيضُوا عَلَيْنا) [الأعراف : ٥٠] والتنادّ بالتشديد الفرار وفي حديث «أن للناس جولة يوم القيامة يندون يظنون أنهم يجدون مفرا ثم تلا هذه الآية».

(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [غافر : ٣٣].

(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) في النطلاقهم إلى النار ، أو في فرارهم منها حين يقذفوا فيها.

(عاصِمٍ) نار ، أو مانع وأصل العصمة المنع. قاله موسى ، أو مؤمن آل فرعون.

(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) [غافر : ٣٤].

(يُوسُفُ) بن يعقوب أرسل إلى القبط بعد موت الملك.

(بِالْبَيِّناتِ) وهي الرؤيا ، أو بعث الله إليهم رسولا من الجن يقال له يوسف.

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) [غافر : ٣٦].

(صَرْحاً) مجلسا ، أو قصرا ، أو بناء بالآجر ، أو الآجر معناه أو قد لي على الطين حتى يصير آجرا.

(أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) [غافر : ٣٧].

(أَسْبابَ السَّماواتِ) طرقها ، أو أبوابها ، أو ما بينها.

(فَأَطَّلِعَ) قال ذلك بغلبة الجهل والغباوة عليه ، أو تمويها على قومه مع علمه باستحالته.

(فِي تَبابٍ) خسران أو ضلال في الآخرة لمصيره إلى النار أو في الدنيا لما أطلعه الله عليه من أهلاكه.

(لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) [غافر : ٤٣].

(لا جَرَمَ) لا بد ، أو لقد حق واستحق ، أو لا يكون إلا جوابا كقول القائل : فعلوا كذا فيقول المجيب لا جرم أنهم سيندمون.

١٦٨

(لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) من عبادة غير الله (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة ، أو لا ينفع ولا يضر فيهما ، أو لا يشفع فيهما.

(مَرَدَّنا) رجوعنا إلى الله بعد الموت ليجزينا بأعمالنا. (الْمُسْرِفِينَ) المشركون ، أو سافكوا الدماء بغير حق.

(فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) [غافر : ٤٤].

(فَسَتَذْكُرُونَ) في الآخرة ، أو عند نزول العذاب.

(وَأُفَوِّضُ) أسلم ، أو أتوكل على الله ، أو أشهده عليكم.

(بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) بمصيرهم ، أو بأعمالهم قاله موسى ، أو المؤمن فأظهر به إيمانه.

(فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) [غافر : ٤٥].

(فَوَقاهُ اللهُ) بإنجائه مع موسى وغرق فرعون ، أو خرج هاربا من فرعون إلى جبل يصلي فيه فأرسل فرعون في طلبه فوجدوه يصلي فذبت السباع والوحوش عنه فرجعوا فأخبروا به فرعون فقتلهم.

(وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ) الفرق ، أو قتله للذين أخبروه عن المؤمن ، أو عبّر عن فرعون بآل فرعون.

(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [غافر : ٤٦].

(يُعْرَضُونَ) يعرض عليهم مقاعدهم غدوة وعشية ويقال يا آل فرعون هذه منازلكم ، أو أرواحهم في أجواف طير سود تغدوا على جهنم وتروح ، أو يعذبون بالنار في قبورهم غدوة وعشية وهذا خاص بهم.

(تَقُومُ السَّاعَةُ) قيامها وجود صفتها على استقامة قامت السوق إذا حضر أهلها على استقامة في وقت العادة.

(أَشَدَّ الْعَذابِ) لأن عذاب جهنم مختلف قال الفرّاء فيه تقديم وتأخير تقديره : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها.

(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر : ٥١].

(لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) بإفلاج حججهم ، أو بالانتقام لهم فما قتل قوم نبيا أو قوما من دعاة الحق إلا بعث من ينتقم لهم فصاروا منصورين في الدنيا وإن قتلوا.

(وَيَوْمَ يَقُومُ) بنصرهم في القيامة بإعلاء كلمتهم وإجزال ثوابهم ، أو بالانتقام من أعدائهم.

١٦٩

(الْأَشْهادُ) الأنبياء شهدوا على الأنبياء بالإبلاغ وعلى أممهم بالتكذيب ، أو الأنبياء والملائكة أو الملائكة والنبيون المؤمنون جمع شهيد كشريف وأشراف ، أو جمع شاهد كصاحب وأصحاب.

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) [غافر : ٥٥].

(إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) ما وعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين بعطائه ، أو أن يعذب كفار مكة.

(وَاسْتَغْفِرْ) من ذنب إن كان منك. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) صل بأمر ربك.

(بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) صلاة العصر والغداة ، أو العشي ميل الشمس إلى أن تغيب والإبكار أول الفجر ، أو هي صلاة مكة قبل فرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية.

(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر : ٥٦].

(سُلْطانٍ) حجة.

(كِبْرٌ) العظمة التي في كفار قريش ما هم ببالغيها ، أو ما يستكبر من الاعتقاد وهو تأميل قريش أن يهلك الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومن معه ، أو قول اليهود الدجّال منا وتعظيمه واعتقادهم أنهم سيملكون وينتقمون منا.

(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من كفرهم. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوالهم. (الْبَصِيرُ) بضمائرهم.

(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [غافر : ٥٧].

(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ) من خلق الدجّال لما عظمت اليهود شأنه ، أو أكبر من إعادة خلق الناس ، أو أكبر من أفعال الناس حين أذل الكفار بالقوة وتواعدوهم بالقهر.

(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر : ٦٠].

(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ) وحدوني بالربوبية أغفر لكم ذنوبكم أو اعبدوني أثبكم على العبادة ، أو سلوني أعطكم وإجابة الدعاء مقيدة بشروط المصلحة والحكمة.

(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) [غافر : ٦١].

(لِتَسْكُنُوا فِيهِ) عن عمل النهار ، أو لتكفوا عن طلب الرزق أو لتحاسبوا فيه أنفسكم على ما عملتموه بالنهار.

١٧٠

(مُبْصِراً) لقدرة الله في خلقه ، أو لطلب الأرزاق.

(كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) [غافر : ٦٣].

(يُؤْفَكُ) يصرف ، أو يكذب بالتوحيد ، أو يعدل عن الحق ، أو يقلب عن الدين.

(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) [غافر : ٧٥].

(تَفْرَحُونَ) الفرح : السرور والمرع : البطر ، سروا بالإمهال وبطروا بالنعم ، أو الفرح : السرور والمرح : العدوان.

(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [غافر : ٨٣].

(بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) قالوا نحن أعلم منهم لن نبعث ولن نعذب ، أو كان عندهم أنه علم وهو جهل ، أو فرحت الرسل بما عندها من العلم بنجاتها وهلاك أعدائها ، أو رضوا بعلمهم واستهزءوا برسلهم.

(وَحاقَ بِهِمْ) أحاط وعاد عليهم.

سورة فصلت (١)

(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [فصلت : ٣].

(فُصِّلَتْ آياتُهُ) فسّرت ، أو فصّلت بالوعد والوعيد أو بالثواب والعقاب ، أو ببيان الحلال والحرام والطاعة والمعصية أو بذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحكم ما بينه وبين من خالفه.

(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أنه إله واحد في التوراة والإنجيل ، أو يعلمون أن القرآن نزل من عند الله أو يعلمون العربية فيعجزون عن مثله.

(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) [فصلت : ٥].

(أَكِنَّةٍ) أغطية ، أو أوعية كالجعبة للنبل ، أو في غلف لا تسمع منك.

(وَقْرٌ) صمم والوقر لغة : ثقل السمع والصمم ذهاب جميعه.

__________________

(١) سميت بهذا الاسم لأن الله تعالى فصّل فيها الآيات ، ووضح فيها الدلائل على قدرته ووحدانيته ، وأقام البراهين القاطعة على وجوده وعظمته ، وخلقه لهذا الكون البديع الذى ينطق بجلال الله وعظيم سلطانه ، وهي سورة مكية ، وقد نزلت بعد سورة غافر ، وهذه السورة تتناول جوانب العقيدة الإسلامية : الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء وهي الأهداف الأساسية لسائر السور المكية التي تهتم بأركان الإيمان.

١٧١

(حِجابٌ) ستر مانع من الإجابة ، أو فرقة في الأديان ، أو تمثيل بالحجاب ليؤيسوه من الإجابة ، أو استغشى أبو جهل على رأسه ثوبا وقال يا محمد بيننا وبينك حجاب استهزاء منه.

(فَاعْمَلْ) لإلهك فإنا نعمل لآلهتنا ، أو اعمل في هلاكنا فإنا نعمل في هلاكك ، أو اعمل بما تعلم من دينك فإنا نعمل بما نعلم من ديننا.

(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) [فصلت : ٧].

(لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) قرعهم بالشح الذي يأنف منه الفضلاء ، أو لا يزكون أعمالهم ، أو لا يأتون ما يكونون به أزكياء ، أو لا يؤمنون بالزكاة ، أو ليس هم من أهل الزكاة.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [فصلت : ٨].

(مَمْنُونٍ) محسوب ، أو منقوص ، أو مقطوع مننت الحبل : قطعته أو ممنون به عليهم.

(قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) [فصلت : ٩].

(يَوْمَيْنِ) الأحد والاثنين. (أَنْداداً) أشباها ، أو شركاء أو أكفاء من الرجال تطيعونهم في معاصيه ، أو قول الرجل لو لا كلب فلان لأتاني اللص ولو لا فلان لكان كذا.

(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) [فصلت : ١٠].

(وَبارَكَ فِيها) أنبت شجرها بغير غرس وزرعها بغير بذر ، أو أودعها منافع أهلها.

(أَقْواتَها) أرزاق أهلها ، أو مصالحها من بحارها وأشجارها وجبالها وأنهارها ودوابها ، أو المطر ، أو قدر في كل بلدة منها ما ليس في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد آخر.

(فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) في تتمة أربعة أيام لقولك خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوما أي في تتمة خمسة عشر يوما وفي الحديث مرفوع أنه خلق الأرض يوم الأحد والاثنين والجبال يوم الثلاثاء والشجر والماء والعمران يوم الأربعاء والسماء يوم الخميس والنجوم والشمس والقمر والملائكة وآدم يوم الجمعة وخلق ذلك شيئا بعد شيء لتعتبر به من حضر من الملائكة ، أو لتعتبر به العباد إذا أخبروا.

(لِلسَّائِلِينَ) عن مدة الأجل الذي خلق فيها الأرض ، أو في أقواتهم وأرزاقهم.

(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١].

(اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) عمد إليها ، أو استوى أمره إليها.

١٧٢

(ائْتِيا طَوْعاً) قال لهما قبل خلقهما تكوّنا فتكوّنتا كقوله لكل شيء كن ، أو أمرهما بعد خلقهما عند الجمهور بأن يعطيا الطاعة في السير المقدر لهما ، أو أمرهما بالطاعة والمعرفة ، أو ائتيا بما فيكما ، أو كونا كما أردت من شدة ولين وحزن وسهل ومنيع وممكن.

(طَوْعاً) اختبارا. (أَوْ كَرْهاً) إجبارا ، كلمهما الله تعالى بذلك ، أو ظهر من قدرته ما قام مقام الكلام في بلوغ المراد.

(أَتَيْنا طائِعِينَ) أعطينا الطاعة ، أو أتينا بما فينا فأتت السماء بما فيها من الشمس والقمر والنجوم وأتت الأرض بالأشجار والأنهار والثمار تكلمتا بذلك ، أو قام ظهور طاعتهما مقام قولهما.

(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت : ١٢].

(فَقَضاهُنَّ) خلقهن.

(فِي يَوْمَيْنِ) قبل الخميس والجمعة ، أو خلق السموات قبل الأرضين في يوم الأحد والاثنين والأرضين يوم الثلاثاء والجبال يوم الأربعاء وما عداهما من العالم في الخميس والجمعة ، أو خلق السماء دخانها قبل الأرض ثم فتقها سبع سماوات بعد الأرض.

(وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) أسكن فيها ملائكتها ، أو خلق في كل سماء خلقها وخلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها وأوحى إلى ملائكة كل سماء ما أمرهم به من العبادة.

(بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً) أي جعلناها زينة وحفظا.

(إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) [فصلت : ١٤].

(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) رسل من بين أيديهم ورسل من بعدهم ، أو ما بين أيديهم عذاب الدنيا وما خلفهم عذاب الآخرة.

(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) [فصلت : ١٦].

(صَرْصَراً) شديدة البرد ، أو شديدة السموم ، أو شديدة الصوت من الصرير قيل إنها الدبور.

(نَحِساتٍ) مشؤومات وكن في آخر شهر من الشتاء من الأربعاء إلى الأربعاء قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ما عذب قوم لوط إلا في يوم الأربعاء ، أو باردات ، أو متتابعات ، أو ذات غبار.

١٧٣

(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [فصلت : ١٧].

(فَهَدَيْناهُمْ) دعوناهم ، أو بينا لهم سبيل الخير والشر ، أو أعلمناهم الهدى من الضلالة.

(فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى) اختاروا الجهل على البيان أو الكفر على الإيمان ، أو المعصية على الطاعة.

(صاعِقَةُ الْعَذابِ) النار أو صيحة من السماء ، أو.

«الموت لكل شيء مات» أو كل عذاب صاعقة لأن من سمعها يصعق لهولها.

(الْهُونِ) الهوان ، أو العطش.

(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) [فصلت : ١٩].

(يُوزَعُونَ) يدفعون ، أو يساقون ، أو يمنعون من التفرق ، أو يحبس أولهم على آخرهم وزعته كففته.

(وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت : ٢١].

(لِجُلُودِهِمْ) حقيقة ، أو لفروجهم ، أو أيديهم وأرجلهم قيل : أول ما يتكلم الفخذ الأيسر والكف الأيمن.

(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) [فصلت : ٢٢].

(تَسْتَتِرُونَ) تتقون ، أو تظنون ، أو تستخفون منها.

(وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) نزلت في ثلاثة نفر تماروا فقالوا ترى الله يسمع سرنا.

(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) [فصلت : ٢٤].

(يَسْتَعْتِبُوا) يطلبوا الرضا فما هم بمرضي عنهم والمعتب الذي قبل إعتابه وأجيب إلى سؤاله ، أو أن يستغيثوا فما هم من المغاثين. أو أن يستقيلوا ، أو أن يعتذروا فما هم من المعذورين ، أو أن يجزعوا فما هم من الآمنين قال ثعلب : يقال عتب إذا غضب وأعتب إذا رضي.

(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) [فصلت : ٢٥].

(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) هيأنا لهم شياطين ، أو خلينا بينهم وبين الشياطين. أو أغرينا الشياطين بهم.

١٧٤

(ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر الآخرة ، أو ما بين أيديهم من أمر الآخرة فقالوا لا حساب ولا نار ولا بعث وما خلفهم من أمر الدنيا فزينوا لهم اللذات ، أو ما بين أيديهم فعل الفساد في زمانهم وما خلفهم هو ما كان قبلهم ، أو بين أيديهم ما فعلوه وما خلفهم ما عزموا أن يفعلون.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت : ٢٦].

(لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) لا تتعرضوا لسماعه ولا تقبلوه ولا تطيعوه من قولهم السمع والطاعة.

(وَالْغَوْا فِيهِ) قعوا فيه وعيبوه أو اجحدوه وانكروه ، أو عادوه وعاندوه ، أو الغوا فيه بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق حتى يصير لغوا.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) [فصلت : ٢٩].

(أَرِنَا) أعطنا ، أو أبصرنا. (الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ) إبليس.

(وَالْإِنْسِ) قابيل ، أو دعاة الضلال من الجن الإنس.

(مِنَ الْأَسْفَلِينَ) في النار قالوه حنقا عليهما ، أو عداوة لهما.

(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت : ٣٠].

(رَبُّنَا اللهُ) وحّدوا.

(اسْتَقامُوا) على التوحيد أو على لزوم الطاعة وأداء الفرائض ، أو على إخلاص الدين والعمل إلى الموت ، أو استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم ، أو استقاموا سرا كما استقاموا جهرا.

(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت ، أو عند الخروج من قبورهم.

(أَلَّا تَخافُوا) أمامكم.

(وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلفكم ، أو لا تخافوا الموت ولا تحزنوا على أولادكم.

(وَأَبْشِرُوا) يبشرون عند الموت ثم في القبر ثم في البعث.

(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) [فصلت : ٣١].

(أَوْلِياؤُكُمْ) نحفظ أعمالكم في الدنيا ونتولاكم في الآخرة أو نحفظكم في الحياة ولا نفارقكم في الآخرة حتى تدخلوا الجنة.

١٧٥

(ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) من النعم ، أو الخلود لأنهم كانوا يشتهون في الدنيا البقاء.

(تَدَّعُونَ) تمنون أو ما تدعي أنه لك فهو لك بحكم بك.

(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [فصلت : ٣٢].

(نُزُلاً) ثوابا ، أو منا ، أو منزلة ، أو عطاء مأخوذ من نزل الضيف ووظائف الجند.

(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت : ٣٣].

(مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا إلى الإسلام أو المؤذنون دعوا إلى الصلاة.

(وَعَمِلَ صالِحاً) أداء الفرائض ، أو صلاة ركعتين بين الآذان والإقامة كان بلال إذا قام للآذان قالت اليهود : قام غراب لا قام فإذا ركعوا في الصلاة : قالو جثوا لا جثوا فنزلت هذه الآية في بلال والمصلين.

(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت : ٣٤].

(الْحَسَنَةُ) المداراة. (السَّيِّئَةُ) الغلظة ، أو الحسنة الصبر والسيئة النفور ، أو الإيمان والكفر ، أو العفو والانتصار ، أو الحلم والفحش ، أو حب آل بيت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبغضهم قاله علي رضي الله تعالى عنه.

(بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ادفع بحلمك جهل الجاهل عليك أو ادفع بالسلام إساءة المسيء.

(وَلِيٌّ) صديق. (حَمِيمٌ) قريب نزلت في أبي جهل كان يؤذي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمر بالصبر عليه والصفح عنه.

(وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت : ٣٥].

(وَما يُلَقَّاها) ما يلقى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على الحلم ، أو ما يلقى الجنة إلا الذين صبروا على الطاعة.

(حَظٍّ عَظِيمٍ) جد عظيم ، أو نصيب وافر ، أو الحظ العظيم الجنة.

(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت : ٣٦].

(نَزْغٌ) غضب ، أو الوسوسة وحديث النفس ، أو البغض ، أو الفتنة ، أو الهمزات.

(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) اعتصم. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لاستعاذتك. (الْعَلِيمُ) بأذيتك.

(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت : ٣٧].

(خَلَقَهُنَّ) خلق هذه الآيات والسجود عند قوله تعبدون ، أو لا يسئمون.

١٧٦

(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فصلت : ٣٩].

(خاشِعَةً) غبراء يابسة ، أو ميتة يابسة. (اهْتَزَّتْ) بالحركة للنبات. (وَرَبَتْ) بالارتفاع قبل أن تنبت ، أو اهتزت بالنبات (وَرَبَتْ) بكثرة الريع.

(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [فصلت : ٤٠].

(يُلْحِدُونَ) يكذبون بآياتنا ، أو يميلون عن أدلتنا ، أو يكفرون بنا ، أو يعاندون رسلنا ، أو المكاء والصفير عند تلاوة القرآن.

(لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) تهديد ووعيد. (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ) أبو جهل والآمن : عمار ، أو عمر ، أو أبو جهل وأصحابه والآمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه ، أو عامة في الكافرين والمؤمنين.

(اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) تهديد.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) [فصلت : ٤١].

(بِالذِّكْرِ) القرآن اتفاقا جوابه هالكون ، أو معذبون.

(عَزِيزٌ) على الشيطان أن يبدله ، أو على الناس أن يقولوا مثله.

(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت : ٤٢].

(الْباطِلُ) إبليس ، أو الشيطان ، أو التبديل ، أو التكذيب.

(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) من أول التنزيل ولا من آخره ، أو لا يقع الباطل فيه في الدنيا ولا في الآخرة ، أو لا يأتيه في إنبائه عما تقدم ولا في إخباره عما تأخر.

(حَكِيمٍ) في فعله. (حَمِيدٍ) إلى خلقه.

(ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) [فصلت : ٤٣].

(ما يُقالُ لَكَ) من أنك ساحر ، أو شاعر ، أو مجنون ، أو ما تخبر إلا بما يخبر به الأنبياء قبلك (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) الآية.

(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [فصلت : ٤٤].

(أَعْجَمِيًّا) غير مبين وإن كان عربيا ، أو بلسان أعجمي. (فُصِّلَتْ آياتُهُ) بالفصيح على الوجه الأول وبالعربية على الثاني. (ءَ أَعْجَمِيٌّ) كيف يكون القرآن أعجميا ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم

١٧٧

عربي ، أو ونحن قوم عرب. (عَمًى) حيرة.

(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) من قلوبهم ، أو من السماء ، أو ينادون بأبشع أسمائهم.

(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) [فصلت : ٤٨].

(وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) علموا ما لهم من معدل ، أو تيقنوا أن ليس لهم ملجأ من العذاب وقد يعبّر عن اليقين بالظن فيما طريقه الخبر دون العيان لأن الخبر محتمل والعيان غير محتمل.

(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) [فصلت : ٤٩].

(دُعاءِ الْخَيْرِ) الصحة والمال والإنسان هنا الكافر.

(الشَّرُّ) الفقر والمرض.

(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) [فصلت : ٥٠].

(هذا لِي) باجتهادي ، أو استحقاقي. قيل نزلت في المنذر بن الحارث.

(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) [فصلت : ٥١].

(عَرِيضٍ) تام بإخلاص الرغبة ، أو كثير لدوام المواصلة واستعمل العرض لأن العريض يجمع عرضا وطولا فكان أعم قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : الكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.

(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت : ٥٣].

(فِي الْآفاقِ) فتح أقطار الأرض.

(وَفِي أَنْفُسِهِمْ) فتح مكة ، أو في الآفاق ما أخبروا به من حوادث الأمم وفي أنفسهم ما أنذروا به من الوعيد ، أو في الآفاق آيات السماء وفي أنفسهم حوادث الأرض في الآفاق إمساك القطر عن الأرض كلها وفي أنفسهم البلاء الذي يكون في أجسادهم ، أو في الآفاق انشقاق القمر وفي أنفسهم خلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم كيف إدخال الطعام والشراب من موضع واحد وإخراجه من موضعين.

(أَنَّهُ الْحَقُّ) القرآن ، أو الذي جاء به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) [فصلت : ٥٤].

١٧٨

(مِرْيَةٍ) شك من البعث.

(مُحِيطٌ) بعلمه ، أو قدرته.

سورة الشورى (١)

(حم عسق) [الشورى : ١ ـ ٢].

«حم عا سا قا» اسم للقرآن ، أو لله أقسم به ، أو فواتح السور ، أو اسم الجبل المحيط بالدنيا ، أو حروف مقطعة من أسماء الله تعالى الحاء والميم من الرحمن والعين من عليم والسين من قدوس والقاف من قاهر أو حروف مقطعة من حوادث آتية الحاء من حرب والميم من تحويل ملك والعين من عدو مقهور والسين من استئصال سنين كسني يوسف ، والقاف من قدرة الله في ملوك الأرض قاله عطاء ، أو نزلت في رجل يقال له عبد الإله كان بمدينة على نهر بالمشرق خسف الله تعالى به الأرض فقوله حم يعني عزيمة من الله عين عدلا منه سين سيكون ق واقعا بهم قاله حذيفة بن اليمان.

(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الشورى : ٥].

(يَتَفَطَّرْنَ) يتشققن من عظمة الله تعالى ، أو من علم الله أو ممن فوقهن ، أو لنزول العذاب منهن.

(يُسَبِّحُونَ) تعجبا من تعرض الخلق لسخط الله تعالى ، أو خضوعا لما يرون من عظمته.

(بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) بأمره ، أو بشكره.

(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) من المؤمنين لما رأت ما أصاب هاروت وماروت سبحت بحمد ربها واستغفرت لبني آدم من الذنوب والخطايا ، أو بطلب الرزق لهم والسعة عليهم وهم جميع الملائكة أو حملة العرش.

(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما

__________________

(١) سميت سورة الشورى تنويها بمكانة الشورى في الإسلام وتعليما للمؤمنين أن يقيموا حياتهم على هذا المنهج الأمثل الأكمل منهج الشورى لما له من أثر عظيم جليل في حياة الفرد والمجتمع ، كما قال الله تعالى وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ، وهي سورة مكية ما عدا الآيات (٢٣ ، ٢٤ ، ٢٥ ، ٢٧) فمدنية ، وقد نزلت بعد سورة فصلت ، هذه السورة الكريمة مكية وموضوعها نفس موضوعات السور المكية التي تعالج أمور العقيدة الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء والمحور الذي تدور عليه السورة هو الوحي والرسالة وهو الهدف الأساسي للسورة الكريمة.

١٧٩

لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) [الشورى : ٨].

(أُمَّةً واحِدَةً) أهل دين واحد إما ضلال ، أو هدى. (فِي رَحْمَتِهِ) الإسلام. (مِنْ وَلِيٍّ) ينفع. (وَلا نَصِيرٍ) يدفع.

(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١].

(يَذْرَؤُكُمْ) يخلقكم ، أو يكثر نسلكم ، أو يعيشكم ، أو يرزقكم أو يبسطكم ، أو نسلا بعد نسل من الناس والأنعام.

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ليس كمثل الرجل والمرأة شيء. قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والضحاك أو ليس كمثل الله شيء بزيادة الكاف للتوكيد ، أو بزيادة مثل للتوكيد.

(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الشورى : ١٢].

(مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خزائنهما ، أو مفاتيحها بالفارسية ، أو العربية ، مفاتيح السماء المطر والأرض النبات ، أو مفاتيح الخير والشر ، أو مقاليد السماء الغيوب والأرض الآفات ، أو مقاليد السماء حدوث المشيئة ومقاليد الأرض ظهور القدرة ، أو قول لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير مأثور يبسط ويقدر : يوسع ويضيق ، أو يسهل ويعسر.

(إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) من البسط والتقتير (عَلِيمٌ)

(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) [الشورى : ١٣].

(شَرَعَ) سنّ ، أو بيّن أو اختار ، أو أوجب. (مِنَ الدِّينِ) من زائدة. (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) من تحريم البنات والأمهات والأخوات لأنه أول نبي أتى بذلك ، أو من تحليل الحلال وتحريم الحرام.

(أَقِيمُوا الدِّينَ) اعملوا به ، أو ادعوا إليه.

(وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) لا تتعادوا عليه وكونوا عليه إخوانا ، أو لا تختلفوا فيه بل يصدق كل نبي من قبله.

(ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من التوحيد. (يَجْتَبِي إِلَيْهِ) من يولد على الإسلام. (مَنْ يُنِيبُ)

١٨٠