قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الوسيط للقرآن الكريم [ ج ١ ]

604/671
*

رجل من القريتين عظيم ، أي مكة والطائف ، الوليد بن المغيرة من مكة أو عروة بن مسعود الثقفي من الطائف ، وذلك حسدا منهم وغرورا ، وظنّا منهم أن الرّسالة الإلهية كمراكز الدنيا تعتمد على المال أو السلطة.

قال الله تعالى مندّدا بهذه المطامع والآمال : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)) (١) (٢) (٣) (٤) [الأنعام : ٦ / ١٢٤ ـ ١٢٥].

نزلت الآية الأولى في الوليد بن المغيرة قال : لو كانت النّبوة حقّا ، لكنت أولى بها من محمد ؛ لأني أكبر منه سنّا ، وأكثر منه مالا وولدا.

الآية الأولى ذمّ للكفار وتوعّد لهم ، فإنهم إذا جاءتهم علامة ودليل على صحة الشّرع الإلهي ، اشتطّوا واغتروا ، وطلبوا أن يؤتوا مثلما أوتي محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه ، وقالوا : إنما يفلق لنا البحر ، إنما يحيي لنا الموتى ونحو ذلك ، أي إنهم طلبوا المستحيل ، وعلقوا إيمانهم على ممتنع ، وقصدوا بذلك أنهم لا يؤمنون أبدا.

والمعنى : إذا جاءت المشركين آية وبرهان وحجة قاطعة من القرآن تتضمن صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في تبليغ وحي ربّه ، قالوا حسدا منهم ، وتعنّتا وغرورا : لن نؤمن حتى يكون لنا مثل محمد ، منصب عند الله ، وتظهر على أيدينا آية كونية أو معجزة مثلما أوتي رسل الله ، كفلق البحر لموسى ، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى لعيسى ؛ لأنهم أكثر أموالا وأولادا ، وأعزّ جانبا ورفعة بين الناس.

__________________

(١) ذلّ وهوان.

(٢) شديد الضّيق.

(٣) يتكلف صعودها.

(٤) أي العذاب.