هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٣

مثلا اذا كان المكلف متيقنا بوجوب اعطاء دينار لزيد بالنذر وشك بعد ذلك فمقتضى لا تنقض هو جعل حكم مماثل لنفس الحكم المذكور اى وجوب اعطاء درهم.

فثبت صحة الاستدلال بصحيحة زرارة لحجية الاستصحاب فى كل الحكم الشرعي وموضوعه اى سواء تعلق اليقين بالحكم او الموضوع صح استصحابهما بعد عروض الشك والدليل للاستصحاب المذكور هو مقتضى لا تنقض اليقين بالشك ولا يحتاج هذا الاستصحاب الى التصرف فى اليقين او النقض.

الحاصل ان قضية لا تنقض ظاهرة فى اعتبار الاستصحاب فى الشبهات الحكمية والموضوعية ولا يخفى ان اتيان المثال من الوضوء لم يكن موجبا لاختصاص لا تنقض بالشبهة الموضوعية لان المثال والمورد لم يكن مخصصا والغرض من اتيان المثال هو التوضيح لا الحصر والاختصاص.

قوله منها صحيحة اخرى لزرارة الخ.

هذه الصحيحة مضمرة ايضا لكن لا اشكال فيها لان المضمر زرارة ولعين ما تقدم فى المضمرة الاولى من اسنادها الى الامام ابى جعفر الباقر عليه الصلاة والسلام فهذه الصحيحة الثانية تدل على حجية الاستصحاب مطلقا اى فى كل من الموضوع والحكم وان كانت فى مورد استصحاب الموضوع وقد ذكر ان المورد لم يكن مخصصا.

حاصل الاستدلال ان الامام (ع) امر باعادة الصلاة لاستصحاب النجاسة المتيقنة اى كان الشخص متيقنا بدم الرعاف وهو بضم

٤١

الراء الذى يخرج من الانف : المدرك مجمع البحرين.

قوله قلت فان لم اكن رأيت موضعه وعلمت انه قد اصابه الخ.

هذا الكلام اشارة الى انه لا فرق بين العلم الاجمالى والتفصيلى وقد حكم فى الفرض المزبور على نجاسة الثوب بالعلم الاجمالى اى قد تيقن الشخص بان القذارة اصابت ثوبه وتفحص عنها ولم يظفر بها وصلى ثم رأى تلك النجاسة فسئل هذا الشخص ما فعله عن الامام (ع) واجاب عليه‌السلام بلزوم غسل الثوب واعادة الصلاة.

قوله قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم اتيقن ذلك الخ.

وهذا الفرع الثالث ويبين حكم رؤية النجاسة بعد الصلاة مع الظن بالاصابة قبلها اى علم المكلف بطهارة ثوبه ثم ظن بانه اصابه الدم وتفحص عنه ولم يظفر به وصلى ثم وجده

واجاب الامام عليه‌السلام بوجوب تطهير الثوب للصلاة الآتية وعدم وجوب الاعادة وسئل زرارة عن الامام (ع) بحكمه بعدم الاعادة مع وقوع الصلاة فى النجاسة فاجاب عليه‌السلام عن عدم الاعادة لانك على يقين من طهارتك فشككت ولا ينبغى نقض اليقين بالطهارة بالشك فى النجاسة.

قوله قد ظهر مما ذكرنا فى الصحيحة الاولى تقريب الاستدلال الخ.

اى استدل فى الصحيحة الاولى على حجية الاستصحاب بقوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشك ابدا ولكن ينقضه بيقين

٤٢

آخر فيظهر من الاستدلال المذكور تقريب الاستدلال فى صحيحة اخرى انه قد ذكر فيها ستة امور بلفظة قلت وجعل محل الاستشهاد المورد الثالث والسادس اى قال سائل قلت فان ظننته انه قد اصابه ولم اتيقن فنظرت فلم أر شيئا فصليت قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لانك كنت على يقين من طهارتك.

وكذا جعل محل الاستشهاد المورد السادس وهو قوله قلت ان رأيته فى ثوبي وانا فى الصلاة الخ.

اى سئل سائل ان رأيت النجاسة فى ثوبي فى حال الصلاة فما التكليف قال عليه‌السلام تنقض الصلاة وتعيدها اذا شككت فى موضعه ثم رأيته.

وايضا قال عليه‌السلام وان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة فليس ينبغى لك ان تنقض اليقين بالشك قد مر توضيح الاستدلال فى الصحيحة الاولى فلا حاجة الى الاعادة.

قوله نعم دلالته فى المورد الاول على الاستصحاب مبنى على ان يكون المراد من اليقين الخ.

هذا استدراك على الامر الاول وهو قوله قلت فان ظننته انه قد اصاب الخ توضيح هذا الاستدراك انه يحتمل ان يكون المراد من اليقين فى قوله (ع) لانك كنت على اليقين من طهارتك هو اليقين بالطهارة قبل ظن اصابة النجاسة والمراد بالشك هو احتمال وقوع النجاسة بعد ذلك اليقين مثلا اذا كان المكلف عالما بطهارة الثوب قبل الصلاة ثم ظن بالاصابة فى الوقت الثانى فتفحص ولم يجد النجاسة وصلى ورأى بعد الصلاة النجاسة

٤٣

واحتمل وقوعها على الثوب قبل الصلاة فلا يوجب هذا الاحتمال زوال اليقين السابق فيصح استصحاب فى الصورة المذكورة. وكذا يحتمل ان يكون المراد باليقين فى المورد المذكور هو اليقين بالطهارة الحاصل بالنظر والفحص فالرؤية الحاصلة بعد الصلاة تسرى الى اليقين الذى حصل بالفحص والنظر لان هذا اليقين فى حال تزلزل.

قوله ثم إنّه اشكل على الرواية بان الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة الخ.

اى قد استدل بالصحيحة على حجية الاستصحاب فى المورد الاول وهو قوله قلت فان ظننته انه قد اصابه الخ قال (ع) لا تعيد الصلاة لانك على يقين من طهارتك.

فاشكل الشيخ على هذا الاستدلال حكاية عن السيد الصدر شارح الوافية توضيح الاشكال ان الاعادة ليست نقضا لليقين بالشك حتى تحرم بالنهى عنه فى قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشك اى ليس هذا المورد نقض اليقين بالشك بل هو نقض اليقين باليقين اذ المفروض هو حصول العلم بالنجاسة ووقوع الصلاة فيها فتكون الاعادة نقضا لليقين بالطهارة باليقين بضدها فلا تنطبق قاعدة لا تنقض اليقين بالشك على المقام بل كان مما ينطبق عليه وانقضه بيقين آخر.

قوله نعم انما يصح ان يعلل به الخ

هذا بيان لمشروعية الدخول فى الصلاة المشروطة بالطهارة بهذا اليقين مع الشك فيها بعده وكذا يظهران الامتناع عن الدخول فيها نقض لآثار تلك الطهارة المتيقنة واما بالنسبة الى

٤٤

الاعادة فلا يلزم نقض اليقين بالشك بل بالنسبة اليها كان نقض اليقين بيقين آخر.

قوله ولا يكاد يمكن التفصى عن هذا الاشكال الخ.

قد اشكل فى الصحيحة الاخرى بان اعادة الصلاة لم تكن نقض اليقين بالشك بل كانت نقض اليقين باليقين.

واما الجواب عن هذا الاشكال والتحقيق فى حله فيقال ان التعليل انما هو بلحاظ حال الصلاة والمراد من التعليل هو قوله لانك كنت على يقين من طهارتك اى كان هذا التعليل بلحاظ حال الصلاة حيث ان المكلف فى هذا الحال كان على يقين من طهارة فشك فيها فلا يصح نقض اليقين السابق بالشك اللاحق.

توضيح الجواب ان الشرط فى الصلاة هو الطهارة الخبثية فى الفرض المزبور وايضا ان الطهارة الخبثية شرط علميّ للصلاة بمعنى كفاية احرازها ولو باصل معتبر فاحرز المكلف الطهارة باستصحاب اليقين السابق فظهر ان شرط فى المقام هو احراز الطهارة الخبثية وليست شرطا واقعيا كالطهارة الحدثية فيصح من هذا البيان التعليل المزبور لان الشرط للمكلف الملتفت هو احراز الطهارة لا نفسها فيحسن التعليل بعدم وجوب الاعادة بكون الاعادة نقضا لليقين بالشك حيث إنّه فى حال الصلاة كان شاكا فى بقاء الطهارة بعد ما كان متيقنا بها قبل الدخول فى العبادة ثم ظن اصابة النجاسة.

والظاهر ان هذا الظن ملحق بالشك حكما لعدم الدليل على اعتباره فلذا يقال انه شاك فى بقاء الطهارة فظهر ان الاستصحاب

٤٥

اوجب احراز الطهارة فى حال الصلاة فالاعادة تكون نقضا لليقين بالشك لان الشرط العلمي موجود فى حال الصلاة وكان المكلف محرزا للطهارة فالاعادة بعد كشف النجاسة تكشف عن النقض وعدم حجية الاستصحاب فيلزم نقض القاعدة التى ذكرت فى الصحيحة.

قوله لا يقال لا مجال حينئذ لاستصحاب الطهارة الخ.

قد ذكر ان الشرط فى الفرض المزبور هو احراز الطهارة فاشكل عليه بان الطهارة اذا لم تكن شرطا للصلاة فلا مجال لاستصحابها لان شرط المستصحب ان يكون حكما او موضوعا لحكم واما الطهارة اذا لم تكن شرطا فلم يكن موضوعا لحكم وكذا ليست حكما فلا يصح استصحابها لفقدان الشرط اى لم تكن الطهارة حكما وموضوعا لحكم.

قوله فانه يقال ان الطهارة وان لم يكن شرطا فعلا الخ.

هذا جواب الاشكال الذى ورد فى استصحاب الطهارة من انها ليست حكما وكذا ليست موضوعا لحكم فلا يصح استصحابها فاجيب هذا الاشكال بقوله لا يقال الخ. اى يصح استصحاب الطهارة الواقعية لكونها شرطا اقتضائيا توضيحه ان الشرط بمقتضى ظاهر الادلة الطهارة الواقعية لكن دل مثل الصحيحة المذكورة ان الشرط فى المقام هو احراز الطهارة لا نفسها فالطهارة الواقعية لم تكن منعزلة عن الشرطية بل هي شرط واقعي فى مرتبة الاقتضاء واما الشرط الفعلى فهو احراز الطهارة.

فيكون هذا الجواب موجبا للجمع بين ما دل على اعتبار

٤٦

الطهارة الواقعية وبين ما دل على اعتبار احراز الطهارة فان مقتضى الجمع بين هاتين الطائفتين هو حمل الطائفة الاولى على الشرطية الاقتضائية اى تحمل الادلة التي تدل على كون الشرط هو الطهارة الواقعية على الشرطية الاقتضائية وتحمل الادلة التى تدل على ان الشرط هو احراز الطهارة على الشرطية الفعلية.

والجواب الثانى عن الاشكال المذكور ان الطهارة وان لم تكن شرطا لكنها قيد لما هو شرط مثلا استصحاب طهارة الماء الذى يتوضأ به يصح باعتبار كونها شرطا للشرط فان شرط الصلاة هو الوضوء واما طهارة الماء فهى قيد للوضوء وكذا الحكم فى المقام اذا فرض كون الشرط فى المقام احراز الطهارة وتصير الطهارة قيدا للاحراز الذى هو الشرط فيصح استصحاب هذا القيد اى الطهارة وبيّن المصنف هذا الجواب الثانى.

بقوله مع كفاية كونها من قيود الشرط حيث إنّه كان احرازها بخصوصها لا غيرها شرطا.

اى كان احراز الطهارة شرطا بخصوصها لا غير احراز الطهارة هذا بيان لكون الطهارة قيدا للشرط اى الاحراز الحاصل انه يصح بهذين الجوابين المذكورين جريان الاستصحاب فى الطهارة لاجل احرازها ويصح انطباق التعليل على المورد وهو قوله لانك على يقين من طهارتك.

قوله لا يقال سلمنا ذلك لكن قضية ان يكون علة عدم الاعادة الخ.

حاصل هذا الاشكال انه لو كان الاحراز شرطا للزم تعليله

٤٧

بالاحراز بان يقال لانك احرزت الطهارة لا بالصغرى والكبرى المذكورة المنتجين لنفس الطهارة لا يصح التعليل بقوله لانك كنت على يقين من طهارتك لان هذا التعليل دال على استصحاب الطهارة لا الاحراز.

قوله فانه يقال نعم لكن التعليل انما يكون بلحاظ حال قبل انكشاف الحال الخ.

هذا جواب الاشكال اى قال المستشكل ان التعليل لم يكن مناسبا لاستصحاب احراز الطهارة والمناسب له ان يقال لانك احرزت الطهارة بل التعليل المذكور اى لانك كنت على يقين من طهارتك كان مناسبا لاستصحاب نفس الطهارة هذا حاصل الاشكال.

واجاب المصنف عنه بقوله فانه يقال نعم الخ توضيح الجواب انه لو كان التعليل بلحاظ حال بعد الصلاة لكان المعين التعليل بالثانى اى ان كان التعليل فى مقام عدم وجوب الاعادة بعد فراغ عن الصلاة فالمعين هو التعليل الثانى يعنى ان يقال لانك احرزت الطهارة ولا سبيل الى التعليل الاول يعنى بان يقال لانك كنت على يقين من طهارتك اى لا يصح هذا التعليل فى حال بعد الفراغ عن الصلاة اذ المفروض بعد الصلاة هو وقوع الصلاة فى الثوب المتنجس فلا يصح بعد انكشاف الخلاف ان يقال انك كنت على يقين من طهارتك لعدم الطهارة بعد الصلاة وانكشاف الخلاف وجدانا.

واما لو كان التعليل بلحاظ حال الصلاة لصح بكلا الامرين

٤٨

اى يصح ان يعلل بقوله لانك كنت على يقين من طهارتك وكذا يصح ان يعلل بان يقال لانك احرزت الطهارة لكن تعليل امام عليه‌السلام بقوله لانك كنت على يقين من طهارتك كان لنكتة اى كان هذا التعليل للتنبيه على حجية الاستصحاب اى يعلم من قوله لانك كنت على يقين حجية الاستصحاب واما التعليل بالاحراز بان يقال لانك احرزت الطهارة فلا يفيد هذا المعنى اى لا يفيد حجية الاستصحاب لجواز كونه بقاعدة اخرى كقاعدة الطهارة واشار الى هذه النكتة.

بقوله انه كان هناك استصحاب مع وضوح استلزام ذلك الخ.

اى كان قبل كشف الخلاف استصحاب الطهارة بان يكون هذا الاستصحاب مجديا بعد الصلاة وكشف الخلاف لاستصحاب احراز الطهارة اى لا يصح استصحاب نفس الطهارة بعد كشف الخلاف فالمستصحب بعد كشف الخلاف هو احراز الطهارة والا لما كانت الاعادة نقضا لليقين واما اذا كان المستصحب احراز الطهارة فكانت الاعادة مستلزمة النقض اليقين.

قوله ثم إنّه لا يكاد يصح التعليل لو قيل باقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء الخ.

توضيح هذا الكلام ان المكلف اذا كان متيقنا بالطهارة وشك فى الزمان الثانى فيها فالامر الظاهرى كاف للاجزاء وعدم الاعادة فلا حاجة الى التعليل بقوله (ع) لانك كنت على يقين لان الخطاب الظاهرى للصلاة دال للاجزاء وعدم الاعادة فلا يبقى المورد للزوم النقض من الاعادة فاجيب عن هذا الاشكال.

٤٩

بقوله اللهم الا ان يقال ان التعليل به الخ.

حاصل هذا الجواب ان هذا التعليل أى لانك كنت على يقين انما يكون بلحاظ حال الصلاة فالعلة لعدم الاعادة حينئذ هى مجموع الصغرى والكبرى والمراد من الاولى أى الصغرى وهى حرمة نقض اليقين بالشك فى حال الصلاة المحققة للامر الظاهرى بالصلاة والمراد من الثانية أى الكبرى هى اقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء فتدل هاتين المقدمتين على عدم جواز الاعادة.

بعبارة اخرى ان ثبوت الاعادة اما ينشأ من انتفاء الاولى اعنى حرمة النقض أى بانتفاء حرمته ثبت جواز النقص واما ينشأ ثبوت الاعادة من انتفاء الثانية اعنى الكبرى أى عدم اقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء فاذا لم يكن هذا الامر مقتضيا للاجزاء ثبت الاعادة.

فاذا كان للشيء علة مركبة يصح فى مقام التعليل وجوه الثلاثة الاكتفاء بالصغرى فقط او الكبرى فقط او كلا الامرين مثلا اذا اريد بيان تعليل حدوث العالم يقال تارة لانه متغير أى الصغرى فقط واخرى لان كل متغير حادث أى الكبرى فقط وثالثة لانه متغير كل متغير حادث أى كلا الامرين واما فى المقام فقد اكتفى بالصغرى أى حرمة نقض اليقين بالشك فثبت من البيان المذكور صحة التعليل بقوله (ع) لانك كنت على يقين ولا يضر فيه ملاحظة ضميمة اقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء قال أيضا صاحب الكفاية فى جواب الاشكال مع أنّه لا يكاد يوجب الاشكال فيه الخ.

٥٠

توضيح هذا الجواب انه قد اجيب عن الاشكال الذى ورد على التعليل بقوله اللهم ان يقال الخ قد علم هذا الجواب مفصلا آنفا.

واما المراد من هذا الجواب فانه لا يوجب الاشكال الذى ورد فى التعليل المذكور مع تسليم العجز عن التفصى عنه اشكالا فى دلالة الرواية على الاستصحاب والمراد من هذا الجواب انه لو كان الاشكال المتقدم منحصرا فى تطبيق الصحيحة على الاستصحاب ولا يجرى الاشكال المذكور فى قاعدة اليقين لكان وروده قرينة على كون المراد هو قاعدة اليقين لا الاستصحاب لكن الاشكال وارد فيها ايضا أى بعد ورود الاشكال فى قاعدة اليقين ايضا : فلا وجه لتطبيق الصحيحة على القاعدة المذكورة.

واما لو فرض انحصار الاشكال فى تطبيق الصحيحة على قاعدة الاستصحاب لكان هذا قرينة على تطبيق الصحيحة على قاعدة اليقين لكن الاشكال المذكور وارد على كلا القاعدتين فلا وجه لتطبيق الصحيحة على قاعدة اليقين مع كون الصحيحة ظاهرة فى الاستصحاب.

فان قلت ان ورود الاشكال على كلا القاعدتين يكون قرينة على ارادة المورد الثالث : قلت انا نقطع بكون احدهما مراد أى نقطع ان احدى القاعدتين مراد لزرارة لان نقض اليقين بالشك لا يتصور الا فى هاتين القاعدتين والفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب : ان اليقين ان ارتفع بالشك اللاحق رأسا فهو قاعدة اليقين واما ان كان الشك متعلقا ببقاء اليقين لا بحدوثه فهو قاعدة الاستصحاب أى فى صورة الاستصحاب لا يرتفع اليقين حدوثا بالشك اللاحق بل يتعلق باليقين بقاء.

٥١

فظهر مما ذكر انه لا تصح ارادة القاعدة الثالثة فى المقام كقاعدة المقتضى وعدم المانع فلا مجال لهذه القاعدة لان المورد مما علم فيه المانع وهو النجاسة فلا اثر للمقتضى عند وجود المانع.

قوله : ومنها صحيحة ثالثة لزرارة الخ.

قد استدل لحجية الاستصحاب فى الروايتين المذكورتين وبين وجه الاستدلال مفصلا واما وجه الاستدلال فى هذه الصحيحة الثالثة فكان الشك بين الثلاث والاربع وان ابتدأ فى الرواية او لا الشك بين الاثنين والاربع لكن لم يستدل فى هذا القسم لعدم اشتهاره.

وقد استدل فى هذه الصحيحة بالشك بين الثلاث والاربع وجه الاستدلال فيبنى الشاك على الثلاث لانه كان متيقنا بعدم اتيان الاربع لكن عرض له الشك فى الزمان اللاحق فيه فلا ينقض اليقين بالشك أى اليقين بعدم اتيان الاربع لا ينقض بالشك هذا حاصل الاستدلال لحجية لاستصحاب لكن وقد اشكل بعدم امكان ارادة ذلك على مذهب الخاصة الخ.

أى اشكل على هذا الاستدلال الشيخ (قده) حاصل الاشكال ان الاستدلال بهذه الرواية انما يصح على طبق مذهب العامة بان يبنى على الثلاث واضيف اتيان ركعة موصولة.

واما على مذهب الخاصة فيبنى على الاربع وقد استقر على اضافة ركعة بعد التسليم مفصولة وعلى هذا تكون هذه الرواية دليلا لقاعدة الفراغ أى الامام عليه‌السلام علّم المكلف بالبناء على الاكثر فى صورة الشك بين الثلاث والاربع فتجرى هنا قاعدة

٥٢

الفراغ لان الاشتغال اليقينى يقتضى الفراغ اليقينى فيحتاط بركعة مفصولة بعد التسليم فثبت ان اتيان هذه الركعة المفصولة من باب الاحتياط لا الاستصحاب فاجاب المصنف عن الاشكال المذكور.

بقوله ويمكن الذب عنه بان الاحتياط كذلك الخ.

أى اجيب عن الاشكال المذكور بوجهين.

الاول ان قول الامام عليه‌السلام انما يكون للتقية والا الحكم الواقعى هو البناء على الاكثر فاتيان ركعة كان من باب الاستصحاب.

الثانى ان الدليل على اتيان المتصلة ما هو أى انتم تقولون ان اتيان المنفصلة دليل على قاعدة الفراغ فنقول ما الدليل على اتيان المتصلة ان قلت ان الدليل على الاتصال هو كون الصلاة رباعية وكذا اطلاق لا تنقض يقين بالشك يدل على اتيان الركعة المتصلة فنقول ان اطلاق لا تنقض لم يكن دالا على اتيان الركعة المتصلة بل يدل على عدم جواز نقض اليقين بالشك اى يدل لا تنقض على كون المشكوك واجب الاتيان فلم تصح دلالة اطلاق لا تنقض على الاتصال.

واما الدليل الاول أى كون الصلاة رباعية فيصح دلالته على اتيان الركعة المتصلة هذا ما يستفاد من كلام شيخنا الاستاد واما صاحب الكفاية فيقول ان اطلاق لا تنقض يدل على اتيان الركعة المتصلة كما قال فى قوله غاية الامر اتيانها مفصولة ينافى اطلاق النقض.

٥٣

الحاصل ان الاحتياط لا يأبى عن الاستصحاب أى يستصحب عدم اتيان الركعة الرابعة لانه متيقن واما اتيان الركعة المفصولة انما يكون بدليل الخارج كما قال المصنف بقوله غاية الامر اتيانها مفصولة ينافى الاطلاق وقد قام الدليل على التقييد أى قام الدليل على اتيان الركعة المفصولة فى صورة الشك فى الرابعة أو غيرها.

فظهر من البيان المذكور رد قول المستشكل اى اشكل ان اتيان الركعة المفصولة دليل على قاعدة الفراغ فرد هذا الاشكال بان الدليل الخارجي قام على اتيان الركعة المشكوكة مفصولة فلا يضر هذا الانفصال على الاستصحاب.

قوله وربما اشكل ايضا بانه لو سلم دلالتها على الاستصحاب الخ.

وهذا الاشكال وارد على الرواية بعد تسليم دلالتها على الاستصحاب حاصل الاشكال ان الرواية واردة فى المورد الخاص ولم تكن دلالتها عامة لجميع الموارد ضرورة ظهور الفقرات فى كونها مبنية للفاعل الخ.

هذا دليل لدلالة الرواية على المورد الخاص اى ادعى الضرورة فى ظهور الفقرات المذكورة فى خصوص المورد والمراد من هذه الفقرات هى قام واضاف فى قوله قدا حرز الثلاث قام فاضاف اليها اخرى. فاتيانهما مبنيا للفاعل وكون الفاعل هو المصلي الشاك قرينة لاختصاص الرواية فى المورد الخاص وكذا قوله لا ينقض اليقين بالشك معطوف على الفقرات

٥٤

المذكورة فكان الفاعل فيه ايضا المصلي الشاك ان قلت ان المورد لم يكن مخصصا قلت ان الغاء خصوصية المورد ليس بيدكم.

فيقال فى مقام الجواب ان لا ينقص اليقين بالشك وما يقاربه نحو لا يدخل اليقين بالشك مؤيد على عدم اختصاص الرواية فى المورد الخاص واصل الجواب عن الاشكال هو.

قوله بل الدعوى ان الظاهر من نفس القضية هو ان مناط حرمة النقض انما يكون لاجل ما فى اليقين الخ.

حاصل هذا الجواب ان قضية لا تنقض اليقين بالشك لا تكون مختصة فى المورد الخاص اى حرمة نقض اليقين بالشك لم تكن مختصة فى هذا المورد اى الشك فى اتيان الركعة الرابعة بل كان مفاد هذه القضية عدم انتقاض الشيء العالي بالسافل.

بعبارة شيخنا الاستاد لا تنقض مى گويد شىء عالى به شىء پست نقض نشود فظهر عدم اختصاص قضية فى مورد خاص ودفع اشكال من قال ان الرواية مختصة فى المورد الخاص قال المصنف بل الدعوى ان الظاهر الخ غير بعيدة اى هذا الدعوى والجواب عنده صحيح قوله ومنها قوله من كان على يقين فاصابه الشك فليمض على يقينه الخ.

اى استدل على حجية الاستصحاب بالروايتين اللتين كانتا فى الخصال عن محمد ابن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام اى استدل بالروايتين.

الاولى من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ان الشك لا ينقض اليقين.

٥٥

الثانية من كان على يقين فاصابه الشك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع او لا يرفع بالشك ذكر المصنف هذه الرواية بلفظ منها ولم يقل صحيحة فلان لان سندها ضعيف لان المذكور فى سندها القاسم ابن يحيى فانه لا توثيق له.

واما وجه الاستدلال فان قوله عليه‌السلام ان الشك لا ينقض اليقين او فان اليقين لا يدفع او لا يرفع بالشك انما يكون دليلا للاستصحاب.

قال صاحب الكفاية وهو ان كان يحتمل قاعدة اليقين الخ.

فلا بد من ترتيب المقدمة لتوضيح الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب قد ذكر فى الرواية فشك وفاصاب الشك وايضا قد ذكر فى محله اى علم النحو كما قال ابن مالك : والفاء للترتيب باتصال : وثم للترتيب بانفصال : فالفاء فى قوله (ع) فشك وفاصاب دال على ترتيب اليقين والشك واختلاف زمانهما.

واذا تمت هذه المقدمة فنقول اذا كنا مع هذه الرواية فيصح الاستدلال بها على قاعدة اليقين دون الاستصحاب لان الفاء فى قوله (ع) فشك وقوله فاصاب شك دال على الترتيب واختلاف زمان المعطوف والمعطوف عليه وكذا كان فى قوله (ع) من كان على يقين فشك فانه من الروابط الزمانية اى يربط بين المتقدم والمتأخر فهذا ايضا دليل فى تطبيق الرواية على قاعدة اليقين دون الاستصحاب لان فيه يشرط اتحاد زمان اليقين والشك.

ويذكر هنا لتوضيح ما ذكر الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب الفرق الاول بينهما ان الشرط فى قاعدة

٥٦

الاستصحاب هو اتحاد زمان اليقين والشك وجودا واما اتحادهما حدوثا فلم يشترط فيمكن اتحادهما حدوثا ويمكن عدم اتحادهما حدوثا الفرق الثانى ان متعلق اليقين والشك فى قاعدة الاستصحاب ما شيء واحد والمراد من متعلقهما هو المتيقن والمشكوك.

واما فى قاعدة اليقين فيشترط اختلاف زمان يقين والشك اى زمان اليقين فيها مقدم على زمان الشك اذا جاء الشك زال اليقين السابق واما متعلق اليقين والشك فى قاعدة اليقين شيء واحد بعبارة شيخنا الاستاد در قاعدة يقين : يقين وشك به يك چيز خورده اى متيقن ومشكوك شيء واحد مى باشد.

اذا عرفت فرق قاعدة اليقين والاستصحاب فاعلم ان المناسب فى الرواية هو قاعدة اليقين لان زمان اليقين مقدم على زمان الشك فكل من يقبل قاعدة اليقين فهو يقبل هذه الرواية.

فان قلت اذا كان الامر كذلك فلم : استدل بهذه الرواية لقاعدة الاستصحاب فنقول ان الاستدلال يصح بهذه الرواية للاستصحاب لان زمان اليقين والشك انما يختلف باعتبار اختلاف زمان المتيقن والمشكوك.

توضيح هذا الجواب يحتاج الى ترتيب المقدمة وهي ان العلم قد عرف بانه صورة حاصلة من الشيء عند العقل فاعلم ان الصورة على قسمين اى الذهنية والخارجية وايضا الصورة الذهنية معلومة بالذات والخارجية معلومة بالعرض فيعلم من قوله العلم صورة الخ انه يفنى فى المعلوم اى العلم يفنى فى صورة حاصلة الخ فيصير العلم مع معلومه شيئا واحدا لكون العلم فانيا فى معلومه

٥٧

لكن صورة حاصلة باعتبار نفسها معلوم وباعتبار وجودها فى الذهن علم فيسرى ما فى المعلوم من الحسن والقبح الى العلم مثلا العلم بالذات الواجب الوجود يصير اجلا لكون المعلوم اجلا اى شرف العلم انما يكون بشرف المعلوم.

اذا تمت المقدمة المذكورة فيرجع الى ما نحن فيه اى كان البحث فى جواب الاشكال واجيب عن الاشكال بان اختلاف زمان اليقين والشك انما يكون باعتبار زمان متعلقهما اى المتيقن والمشكوك قد ذكر فى المقدمة بان يسرى الحسن والقبح من المعلوم الى العلم.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر معلوم چيزى داشته باشد سرايت مى كند بسوى علم پس در مقام بحث اختلاف زمان سرايت مى كند از متيقن ومشكوك به سوى يقين وشك.

بعبارة اخرى ان ما فى المتيقن يسرى فى اليقين وكذا ان ما فى المشكوك يسرى فى الشك وقد علم ان زمان المتيقن والمشكوك فى قاعدة الاستصحاب اثنان فيسرى هذا الى نفس اليقين والشك اى يصير زمان اليقين والشك اثنين مجازا كما قال صاحب الكفاية ولعله بملاحظة اختلاف الموصوفين وسرايته الى الوصفين الخ.

قد ذكر ان الشرط فى قاعدة الاستصحاب هو اتحاد زمان اليقين والشك واما مورد الاستدلال فيدل على تعدد زمانهما هذا حاصل الاشكال.

فاجاب صاحب الكفاية ولعله بملاحظة اختلاف الزمان الخ

٥٨

اى يرجى ان يكون اختلاف زمان الوصفين بملاحظة اختلاف الموصوفين وسرايته الى الوصفين لما بين اليقين والمتيقن من نحو الاتحاد وقد ذكر فى ترتيب المقدمة ان اليقين يفني فى المتيقن فيصيران شيئا واحدا ولا يخفى ان المراد من الوصفين فى عبارة هو اليقين والشك والمراد من الموصوفين هو المتيقن والمشكوك.

الحاصل ان شرط قاعدة الاستصحاب هو اتحاد زمان الوصفين اما زمان الموصوفين فهو مختلف لكن الشرط فى قاعدة اليقين هو اختلاف زمان الوصفين مع اتحاد زمان الموصوفين وقد ظهر صحة الاستدلال بالروايتين المذكورتين وايضا ظهر ان اختلاف زمان الموصوفين يسرى الى الوصفين اى يصير زمانهما اثنين مجازا وكذا يصح الاستدلال بالرواية لوضوح قوله (ع) فان الشك لا ينقض اليقين اى استدل للاستصحاب فى هذه الرواية فى موارد كثيرة فصار هذه القضية من القضايا المرتكزة فى الاذهان فى باب حجية الاستصحاب

قوله ومنها خبر الصفار عن على بن محمد القاسانى الخ.

ووجه الاستدلال بهذا الخبر من وجهين

احدهما ظهور قوله (ع) اليقين لا يدخله الشك فى ان اليقين بشىء لا يزاحمه الشك فى بقائه.

الثانى ما اشار اليه فى المتن من تفريع وجوب الصوم على رؤية هلال شهر رمضان ولا ينقض اليقين السابق اى اليقين بعدم وجوب الصوم الا برؤية هلال رمضان وبعبارة اخرى ان يوم

٥٩

الشك فى انه من الشعبان او رمضان يبنى على انه من شعبان لانه متيقن فلا يرفع اليقين السابق باحتمال دخول رمضان ولو صامه بنية الشعبان ندبا أجزأ عن رمضان لو كشف الخلاف وكذا قوله عليه‌السلام صم للرؤية وافطر للرؤية فتدل هذه الرواية على ان اليقين بالشعبان لا ينقض بالشك.

ولا يخفى ان الرؤية فى هذا المقام اما أن تكون من باب السببية والموضوعية واما أن تكون من باب الطريقية فان كان الملاك للعلم فى هلال رمضان الرؤية من باب الموضوعية فاذا ثبت رؤية الهلال فى المكة المعظمة فلا يثبت حكم الرؤية فى الايران لان الموضوع للعلم هو رؤية الهلال فما ثبت فيه واما اذا كانت رؤية الهلال من باب الطريقية فلا اثر لاختلاف الافق اى يحصل العلم فى هلال رمضان فى غير مكان الرؤية ايضا بسبب رؤيته فى احد الامكنة اى فى اىّ مكان حصل العلم فى الهلال فيكفي.

بعبارة شيخنا الاستاد اگر رؤية طريقية داشته باشد براى علم پيدا كردن ثبوت هلال اختلاف افق از بين مى رود واين جور مى شود كه هرجا علم حاصل شد درست مى شود علم در ثابت شدن هلال در جاهاى ديگر ايضا همين اختلاف مذكور سبب شده از براى اختلاف مجتهدين در فتوى.

قوله وربما يقال ان مراجعة الاخبار الواردة فى يوم الشك الخ.

هذا الاشكال عن الشيخ الحر العاملي فى الوسائل حاصله ان المراد من اليقين فى القضية المذكورة ليس اليقين السابق بل

٦٠