هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٣

قوله : فصل قد عرفت حكم التعارض الظاهر والاظهر وحمل الاول على الآخر الخ.

اى اذا ميز فى المتعارضين الظاهر والاظهر فلا اشكال فى هذا المورد واما اذا لم يشخصا فهذا محل البحث قال صاحب الكفاية وقد ذكر فيما اشتبه الحال لتمييز ذلك ما لا عبرة به اصلا اى اشكل على ما ذكر لتمييز الظاهر والاظهر توضيحه انه اذا كان احد المتعارضين عاما والآخر مطلقا فهذا محل البحث اى هل يقدم العام ام المطلق مثلا اذا قيل اكرم العلماء ثم قيل لا تكرم العالم الفاسق فلا اشكال هنا لان هذا من باب العام والخاص فيقدم الخاص على العام.

واما اذا قيل اكرم العلماء الا فاسقا او قيل اكرم عالما الا الفساق فهذا محل البحث اى هل يقدم العام ام المطلق والمراد من العام فى الامثلة المذكورة هو العلماء والفساق والمراد من المطلق فيها هو عالم وفاسق.

وقد اختلف فى معنى المطلق بين من كانوا قبل سلطان العلماء وبينه اى قالوا الذين كانوا قبله ان معنى المطلق هو الشيوع والسريان وبعبارة اخرى ان المطلق ما دل على جنسه وقالوا ان التقييد فيه موجب للمجازية لكونه مستعملا فى غير ما وضع له اى المطلق بعد التقييد يستعمل فى غير الشيوع والسريان.

واما السلطان العلماء فقال ان معنى المطلق هو الطبيعة لا بشرط مثلا المراد من الرقبة فى قوله اعتق رقبة هو طبيعتها فلا تكون مجازا بعد التقييد بالمؤمنة بل يكون استعمال الرقبة

٣٤١

فى المؤمنة من باب تعدد الدال والمدلول.

فبعد تعريف المطلق يرجع الى ما نحن فيه اى اذا كان احد المتعارضين عاما والآخر مطلقا فهل يقدم العام ام المطلق فقال الشيخ ان العام مقدم على المطلق لان دلالة العام على العموم تنجيزى ووضعى واما الدلالة المطلق على الاطلاق تعليقى اى كانت دلالته بمقدمات الحكمة مثلا اكرم عالما فاطلاق العالم انما يكون بها وقيل بعد هذا لا تكرم الفساق وهذا عام فيقدم هذا العام على المطلق اى اكرم عالما فيكون لا تكرم الفساق قرينة ومقدما عليه لان الدلالة التنجيزية مقدمة على الدلالة التعليقية.

بعبارة اخرى ان ظهور العام فى العموم تنجيزى بخلاف ظهور المطلق فى الاطلاق فانه تعليقى اى معلق على عدم البيان والعام يصلح ان يكون بيانا له.

وقال المستدل بعد ما ذكر انه لا محذور فى تقديم العام لعدم مقتضى الاطلاق معه واما فى تقديم المطلق على العام فيلزم المحذور اى ان خصص العام بالمطلق فاما يلزم تخصيصه بلا وجه واما يلزم تخصيصه على وجه دائر ووجه لزوم الدور ان المطلق انما يقدم على العام فى صورة كون المطلق مخصصا للعام فيتوقف كونه مخصصا على كونه مقدما على العام وايضا يتوقف كونه مقدما عليه على كونه مخصصا للعام اى ان قلنا ان المطلق مخصص للعام فيلزم الدور المذكور وان قلنا ان العام خصص من دون ان يكون المطلق مخصصا له فيلزم التخصيص بلا وجه.

فظهر من البيان المذكور تقدم العام على المطلق ووجه آخر لتقديم العام على المطلق هو ان التقييد اغلب من التخصيص اى

٣٤٢

اذا قدم العام على المطلق فهذا موجب لتقييد المطلق وهو اغلب واما ان قدم المطلق وعمل به فيلزم تخصيص العام به وهو غير الاغلب واجيب عن الاستدلال المذكور.

بقوله : وفيه ان عدم البيان الذى هو جزء المقتضى فى مقدمات الحكمة الخ.

اى يقول المصنف انا فى حال الدعوى مع الشيخ فاقول هل يشترط فى ظهور المطلق عدم القرينة على خلافه فى حال التخاطب ام يشترط عدم القرينة الى الابد اى لا توجد قرينة متصلة ولا قرينة منفصلة فى مقابل المطلق وقال المصنف ان الشرط فى ظهور المطلق هو عدم القرينة المتصلة واما القرينة المنفصلة فلا تضر فى ظهوره لان هذه القرينة انما تزاحم مع الحجية وليست مزاحمة مع الظهور اى قال المصنف ايها الشيخ لا تقل ان القرينة المنفصلة مزاحمة لظهور المطلق لان هذه القرينة لم تكن مزاحمة مع الظهور ومزاحمتها انما تكون مع الحجية.

والحاصل ان المصنف يقول سلمنا ان الظهور المطلق انما كان بمقدمات الحكمة لا بالوضع لكن لا يشترط عدم القرينة الى الابد بل اشترط فى ظهوره عدم القرينة المتصلة فان اشترط عدم القرينة الى الابد اى عدم القرينة المنفصلة صح قول الخصم اعنى عدم الظهور للمطلق ولكن عدم القرينة فى الحال كاف فى ظهوره فلا يصح تقديم العام على المطلق فى هذا المقام.

وقال المصنف فى رد الدليل الثانى اى استدل ثانيا على تقديم العام بان التقييد اغلب من التخصيص فرد هذا الاستدلال صغرى

٣٤٣

وكبرى وجه بطلان الصغرى هل تسمع ما من عام الا وقد خص ولكن لم يسمع ما من مطلق والا قد قيد فلم يكن التقييد اغلب من التخصيص وان سلمنا الصغرى فلا يصح الكبرى اى لم يثبت ان الظن يلحق الشيء بالاعم والاغلب فرد الوجه الثانى من حيث الصغرى والكبرى اى لم يسمع ان التقييد اغلب من التخصيص ولم يكن الدليل على الحاق الظن الشيء بالاعم والاغلب اعنى لم يكن الدليل على حجية هذا الظن.

وقال المصنف لا بد فى كل قضية من ملاحظة الدليل الذى هو موجب لاظهرية المطلق او العام مثلا ان كان التقييد مقدما على التخصيص فى مقام البحث فقد جرت السيرة العقلائية عليه والا فلا ان قلت يمكن اخفاء هذه السيرة علينا قلت انما كان فى الصورة التى يضر الاظهار فيها على الخلافة والسياسة واما فى جريان السيرة على تقديم المطلق فلم يكن المانع فى البين فلو جاز تقديم المطلق على العام لجرت السيرة عليه.

قوله : ومنها ما قيل فيما اذا دار بين التخصيص والنسخ الخ.

اى قد ذكر فى السابق تقديم العام على المطلق واستدل عليه بوجهين ورد المصنف هذين الوجهين ولم يصح تقديم العام على المطلق عنده.

ويذكر هنا دوران الامر بين التخصيص والنسخ اى اذا ورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاص فيدور الامر بين ان يكون الخاص مخصصا او يكون العام ناسخا مثلا قال المولى فى يوم

٣٤٤

الخميس لا تكرم عالما فاسقا فى يوم الجمعة فيقول فى يومها اكرم العلماء فقد اشتبه الحال فى هذا المورد بين كون الخاص مخصصا او كون العام ناسخا وكذا اذا ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام مثلا قيل اكرم العلماء فى يوم الجمعة ويقال حين حضور يومها لا تكرم عالما فاسقا فيدور الامر بين ان يكون الخاص مخصصا للعام او ناسخا له ورافعا لاستمراره.

فقيل فيما ذكر ان التخصيص يقدم على النسخ والوجه لتقديمه عليه هو غلبة التخصيص وندرة النسخ ولا يخفى ان كلمة فى عند قوله فى وجه تقديم التخصيص على النسخ الخ متعلق بقوله ما قيل فيما اذا دار بين التخصيص والنسخ اى ومنها ما قيل فيما اذا دار بين التخصيص والنسخ ـ فى وجه تقديم التخصيص على النسخ من غلبة التخصيص وندرة النسخ.

قوله : ولا يخفى ان دلالة الخاص او العام على الاستمرار والدوام الخ.

اى فرد المصنف ما استدل به من غلبة التخصيص وندرة النسخ فاشكل عليه بان كثرة التخصيص اما أن تكون بالامر المنفصل وتجىء من الخارج واما تكون مكتنفة بالكلام اى كلما حضر العام فى الذهن حضر تخصيصه فيه والظاهر ان التخصيص الذى كان باعثا للاقوائية والاغلبية هو القسم الثانى اى التخصيص الذى كان مكتنفا بالكلام هو موجب لاغلبية التخصيص فبعد مجىء العام يجيء التخصيص فى الذهن وهذا القسم من التخصيص موجب لاغلبيته على النسخ.

٣٤٥

واما القسم الاول منه ما كان بالمخصص الخارجى فلا يكون هذا القسم من التخصيص موجبا للاغلبية والاقوائية مثلا اذا كان العام وجاء الخاص بعده فهذا ـ المخصص الخارجى لم يكن دليلا لاقوائية التخصيص على غيره بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية صغرى كبرى را درست نمى كند اى لا يسوى هذا المخصص الخارجى اقوائية التخصيص بعبارة اخرى ان المخصص اللفظى لا يفيد الاقوائية.

واما المخصص العقلى فهو مفيد للاقوائية ولا يخفى انه على القسمين اى قسم من المخصص العقلى ما لا يغيب عن الذهن كاللازم البين بالمعنى الاخص اعنى كلما جاء الملزوم فى الذهن يجيء اللازم فيه فان كان التخصيص من هذا القسم يصح قول ما قيل اى يصح اغلبية التخصيص على النسخ واما القسم الثانى من المخصص العقلى فهو ما يغيب عن الذهن فلا يفيد هذا القسم الاقوائية فلا يصح ما قيل فى وجه تقديم التخصيص على النسخ.

وبعبارة اخرى ان هذا الكلام مناف للكلام السابق اى قيل فى السابق كل ما هو منجز يقدم على ما هو معلق فيلزم مما ذكر تقديم النسخ على التخصيص لان النسخ منجز والتخصيص معلق على كونه مكتنفا بالكلام فيلزم تقدم النسخ لمنجزيته والفرق بين النسخ والتخصيص ان النسخ هو بالنسبة الى الازمان والتخصيص بالنسبة الى الافراد وايضا ان التخصيص انما كان قبل وقت حضور العمل والنسخ كان بعد وقت حضور العمل.

٣٤٦

قوله : ثم إنّه بناء على عدم حضور وقت العمل فى التخصيص الخ.

اى قد ذكر ان التخصيص انما يكون قبل حضور وقت العمل لكن يشكل الامر فى تخصيص الكتاب او السنة بالاخبار الصادرة عن الائمة (ع) فانها صادرة بعد حضور وقت العمل اى تجىء هذه الاخبار بعد سنين المتعددة فلا محيص فى حل الاشكال المذكور الا ان يقال انا سلمنا فى كون التخصيص قبل حضور وقت العمل ولا يخفى ان اعتباره انما كان لاجل قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ولكن قد تكون المفسدة فى اتيان التخصيص قبل حضور وقت العمل بل كانت المصلحة فى اخفائه وتأخيره اى كان تأخير البيان عن جانبهم عليهم‌السلام وقالوا (ع) سيأتى بشرع جديد.

واعلم انه كان بعض التكاليف فى الصدر الاول مشكلا على المكلفين فيبين هذا التكليف بعد رفع المانع وهذا مراد من الشرع الجديد فتأخير بعض الاحكام انما كان لاجل المصلحة وقد روى ان بعض الاحكام موجود عند صاحب الزمان (ع) وقد اخر بيانه الى ظهوره عليه‌السلام وعبر منه بشرع جديد.

فظهر من البيان المذكور جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة اذا كان فيه المصلحة القوية فيجوز فى المورد المذكور أن تكون الاخبار الصادرة عن الائمة ناسخة للكتاب ويجوز أن تكون مخصصة له والظاهر ان نسخ الكتاب بهذه الاخبار انما كان بالنظر الى الحكم الظاهرى واما تخصيصه بها كان بالنظر الى الحكم الواقعى

٣٤٧

قال صاحب الكفاية ولو قيل بجواز نسخهما بالرواية عنهم عليهم‌السلام كما ترى الخ.

اى لم تكن اخبارهم (ع) للنسخ للزوم كثرته وقال المصنف فيما بعده لم يكن بأس بتخصيص عمومات الكتاب والسنة بهذه الاخبار ويستكشف بالتخصيص المذكور ان مورد الاخبار الصادرة عن الائمة (ع) خارج عن العام واقعا وان كان داخلا فيه ظاهرا فيصح النسخ بالنظر الى الحكم الظاهرى فكان بمعنى رفع اليد بهذه الاخبار عن ظهور عمومات الكتاب والسنة اى كانت هذه العمومات ظاهرة فى الاستمرار والدوام فيرفع اليد عنها لاجل الاخبار المذكورة.

الثمرة بين التخصيص والنسخ مثلا اذا قيل اكرم العلماء وقيل بعد هذا اكرم الفقهاء وجب اكرام فقهاء من حين الامر بالعام الى الابد واما فى صورة النسخ فيجب اكرام فقهاء من حين الامر به وايضا ان النسخ انما كان بالنسبة الى الازمان اى يرفع الحكم السابق من حين ورود الناسخ واما التخصيص انما كان بالنسبة الى الافراد فيرفع الحكم بالنسبة الى بعض الافراد من اول الامر.

قوله فصل لا اشكال فى تعيين الاظهر لو كان فى البين اذا كان التعارض بين الاثنين الخ.

ويبحث فى هذا الفصل عن انقلاب النسبة اى هل يجوز ام لا ولا يصح هذا الانقلاب عند المصنف توضيح هذا البحث يحتاج

٣٤٨

الى بيان الموارد الثلاثة :

الاول انه اذا كان التعارض بين الاثنين اى بين العام والخاص فلا اشكال فى حمل العام على الخاص لان الخاص اظهر من العام

الثانى اذا كان هناك عام وخاصان او خاصات مثلا اذا كان التعارض بين العام والخاصان او ثلاثة خاصات فهذا محل بحث.

ولا يخفى ان هذا القسم منحصر فى الاقسام الثلاثة :

الاول ان الخاصات تفنى العام مثلا يقال اكرم العلماء ولا تكرم الفساق فيقال يكره اكرام العلماء العدول فلا يبقى فى هذا المورد الافراد للعام فيلزم كونه لغوا وهذا القسم خارج عن محل البحث.

الثانى ان الخاصات التى تذكر بعد العام لا تفنيه مثلا يقال اكرم العلماء لا تكرم الفساق فيقال يكره اكرام العلماء العدول من النحويين.

فهذا يتصور على وجهين اى اما تتصور النسبة بين العام والخاص الثانى قبل ان يتخصص هذا العام بالخاص الاول ففى المثال المذكور تلاحظ النسبة بين اكرم العلماء ـ ويكره اكرام العلماء العدول من النحويين مع قطع النظر من لا تكرم الفساق فهذا القسم ايضا خارج من محل النزاع لان العام يحمل على الخاص فالنسبة بينهما هى عموم وخصوص مطلقا.

واما يتصور النسبة المذكورة بعد تخصيص العام بالخاص الاول ففى الفرض المزبور تلاحظ النسبة بين اكرام العلماء وكراهة اكرام العلماء العدول بعد تخصيص اكرم العلماء بقوله لا تكرم الفساق فهذا محل بحث لان النسبة بين العام والخاص

٣٤٩

الثانى فى الفرض المزبور هى العموم والخصوص من وجه اى بعد تخصيص اكرم لعلماء بالخاص الاول فالنسبة بين العام والخاص الثانى هى الاعم والاخص من وجه فبعد لحاظ هذا النسبة يلزم انقلاب النسبة اى كانت النسبة بين العام والخاص الثانى العموم والخصوص مطلقا فتنقلب هذه النسبة بعد تخصيص العام بالخاص الاول الى الاعم والاخص من وجه.

توضيح مثلا يخصص اكرم العلماء اولا بقوله لا تكرم الفساق فتلاحظ النسبة بينه وبين يكره اكرام العلماء العدول فمادة الاجتماع هى العلماء العدول من النحويين اى كان تعارض العام والخاص فى هذه المادة ومادة الافتراق عن جانب اكرم العلماء هى العلماء العدول غير النحويين ومادة الافتراق عن جانب الجانب الخاص الثانى هى العلماء الفساق من النحويين فتجرى قاعدة التعارض بين العام والخاص الثانى فجريان هذه القاعدة نتيجة انقلاب النسبة فيجوزه الفاضل النراقى وهو مراد من بعض الاعلام فى كلام المصنف.

قال شيخنا الاستاد بالفارسية در صورت انقلاب نسبت بسوى اعم واخص من وجه بايد دستگاه ديگر ترتيب داده شود كه رجوع به مرجحات باشد اگر مرجح نباشد رجوع به تخيير شود.

الحاصل ان النسبة بين العام والخاص الثانى قبل تخصيص العام بالخاص الاول هى الاعم والاخص مطلقا فلا اشكال هنا فى حمل العام على الخاص واما ذا لاحظ النسبة بين العام والخاص الثانى بعد تخصيص هذا العام بالخاص الاول فالنسبة بين العام والخاص الثانى هى الاعم والاخص من وجه فهذا مستلزم لانقلاب

٣٥٠

النسبة من الاعم والاخص مطلقا الى الاعم والاخص من وجه فلا بد من رعاية هذه النسبة بعبارة شيخنا الاستاد دستگاه ديگر ترتيب داده مى شود اى يقدم ما هو راجح من العام والخاص او ثبت التخيير بينهما كما قال المصنف بقوله فلا بد من رعاية هذه النسبة وتقديم راجح منه اى من العام وتقديم راجح منها اى من الخاصات او التخيير بين العام والخاصات.

فيبحث هنا من انقلاب النسبة اى هل يصح ام لا ولا يخفى ان الانقلاب هو مذهب الفاضل النراقى ولا يقبله المصنف واشكل فيه بقوله وفيه ان النسبة انما هى بملاحظة الظهورات وتخصيص العام بمخصص المنفصل الخ.

فالمصنف لم يقبل انقلاب النسبة وقال ان نسبة العام الى الخاص سواء فهى اعم واخص مطلقا واما الدليل على كون نسبة العام الى الخاص على نحو السواء لان العام بعد تخصيصه بالخاص الاول قد استعمل على المعنى الحقيقي اى العموم واما ان قلنا ان استعمال العام فى الباقى مجاز فيصح مذهب من قال بانقلاب النسبة واما اذا قلنا ان استعمال العام فى الباقى حقيقي اى بعد تخصيصه بالخاص الاول استعماله فيما بقى حقيقي اعنى استعمل العام فى العموم لكن خرج بعض افراده بعبارة شيخنا الاستاد عام در عموم استعمال شده لكن اراده جدى شما كوتاه شده فيموت المعنى المجازي فى هذا المورد.

فيقول المصنف انا لا اقبل انقلاب النسبة وان لوحظت النسبة بين العام والخاص الثانى بعد تخصيصه بالخاص الاول فيبقى

٣٥١

العام على عمومه ونسبة بينه والخاص الثانى هى العموم والخصوص مطلقا ولم يكن استعماله فى الباقى على نحو المجاز لان مراتب المعنى المجازي متعددة فيجوز التخصيص الى المرتبة التى لم تكن مستهجنة فلا تجوز ارادة واحدة من هذه المراتب للزوم الترجيح بلا مرجح وهذا موجب لظهور العام فى عمومه فان لم يكن ظاهرا فيه لزم كونه لغوا اى اگر عام ظهور در عموم نداشته باشد بى كاره مى شود.

قوله لا يقال ان العام بعد تخصيصه بالقطعى لا يكون مستعملا فى العموم قطعا الخ.

اى اذا كان المخصص قطعيا فلا يبقى الظهور للعام فاجيب عن هذا الاشكال بقوله فانه يقال ان المعلوم عدم ارادة العموم لا عدم استعماله فيه الخ.

اى قد ذكر فى باب العام والخاص ان العموم فى العام المخصص باق ولو كان تخصيصه بالقطعى فكان العام بعد تخصيصه حجة فيما بقى ولو قلنا ان استعمال العام فى الباقى على نحو المجاز للزم كون هذا الاستعمال على السواء بالنظر الى الافراد الباقية من دون القرينة المعينة لتعدد مراتب المجازات فظهر من البيان المذكور ان العام ظاهر فى عمومه واستعماله فى الباقى على نحو الحقيقة.

بعبارة شيخنا الاستاد اگر عام مخصص در ما بقى حجة نباشد بدون كلاه باقى مى ماند فالعام ظاهر فيما بقى والنسبة بينه وبين الخاص الثانى هى العموم والخصوص مطلقا فيحمل عليه ولم تكن

٣٥٢

النسبة بينهما العموم والخصوص من وجه حتى نحتاج الى انقلاب النسبة.

قوله نعم ربما يكون عدم نصب القرينة مع كون العام فى مقام البيان قرينة على ارادة التمام الخ.

قد ذكر ان ظهور العام فى العموم انما يكون بالوضع فان قيل ان ظهوره فيه انما كان بالقرينة اى اذا كان المولى فى مقام البيان ولم ينصب القرينة على ارادة البعض فعدم نصبها قرينة على ارادة التمام فلم تكن هذه الارادة لاجل ظهور العام فى العموم.

فيقال فى الجواب ان اصالة عدم المخصص انما تسوى الظهور فى بعض الموارد لا فى كل الموارد اى سلمنا ان اصالة عدم القرينة انما دلت فى ظهور العام على ارادة التمام لكن ما ذكر انما يصح فى بعض موارد اعنى اصالة عدم المخصص تسوى ظهور العام فى بعض موارد لا فى كل موارد بل ظهور العام انما كان بالوضع لا بقرينة عدم نصب قرينة على الخلاف.

قوله فانقدح بذلك انه لا بد من تخصيص العام بكل واحد من الخصوصيات مطلقا الخ.

قد ذكر ان لحاظ النسبة بين العام والخاص الثانى اما يكون قبل التخصيص بالمخصص الاول واما يكون اللحاظ المذكور بعد تخصيص العام به وايضا ذكر ان النسبة بين العام والخاص الثانى هى العموم والخصوص مطلقا فى صورة لحاظ النسبة بينهما قبل تخصيص العام بالمخصص الاول وهى العموم والخصوص من وجه بين العام والخاص الثانى فى صورة لحاظ النسبة بينهما بعد

٣٥٣

تخصيص العام بالمخصص الاول.

واما المصنف فقال ان النسبة بين العام والخاص الثانى تلاحظ قبل تخصيصه بالمخصص الاول وايضا ذكر ان ظهور العام باق فى صورة كون المخصص منفصلا والتعارض بين العام والخاص انما كان فى الظهور لا فى الحجية لان العام بعد التخصيص لم يكن حجة واما ظهوره فهو باق فلا فرق بين الخاص الاول والثانى من حيث لحاظ النسبة بينهما وبين العام.

وهذا الجملة المذكورة حاصل الدرس السابق الآن يبحث من جواز تخصيص العام بالمخصصات المتعددة فيقول المصنف انه يجوز تخصيص العام بكل واحد من المخصصات ما لم يلزم منه المحذور مثلا اذا قيل اكرم العلماء لا تكرم الفساق فيقال يكره اكرام العلماء العدول فهذا مستلزم للغوية العام اى لا يبقى المورد للعام فى المثال المذكور فلا يجوز التخصيص فيه وكذا لا يجوز اذا كان مستهجنا مثلا كان للعام مائة فرد وبقى له بعد التخصيص فرد او فردان وهذا مستهجن للزوم التخصيص بالاكثر والبعد العرفى فان قدم العام فى الفرض المزبور فتنتفى الخاصات وان قدمت المخصصات فينتفى العام فلا بد حينئذ من معاملة بينه وبين مجموعها اى بين العام وبين مجموع الخاصات فيلاحظ الترجيح بينهما فان لم يكن فالتخيير بينهما.

ولا يخفى ان العام اذا قدم على المخصصات فلا يطرح منها الا ما كان موجبا للمحذورية مثلا اذا كان للعام مائة فرد وخرج الخمسون فردا بالمخصص الاول فالمطروح هو المخصص الثانى لان التخصيص به مستلزم للمحذورية واللغوية اى ان خصص العام

٣٥٤

بالمخصص الثانى ايضا فلا يبقى للعام مورد فلا بد من طرح هذا المخصص عن المخصصية فيلاحظ الترجيح او التخيير بين العام وبين المخصص الثانى.

والظاهر ان التباين انما كان بين العام وبين مجموع المخصصات لا جميعها اى اذا لاحظت الخاصات على نحو العموم المجموعى ثبت التباين بينها وبين العموم واما اذا لاحظت على نحو العموم الاستغراقى اى لاحظ كل فرد من افراد الخاصات فى مقابل العام فليس التباين بينه وبين كل فرد من الافراد بل يصح ان يكون واحد منها مخصصا للعام ويلاحظ التباين بينه وبين الخاصات الاخرى.

واما اذا صح كون الواحد من الخاصات مخصصا للعام فيقع التعارض بينها اى يقتضى كل واحد من هذه الخصوصيات ان يكون مخصصا للعام فان اخذ احدها من دون وجه الرجحانية فهو ترجيح بلا مرجح لاقتضاء كل واحد منها ان يكون مخصصا بعبارة اخرى فيقع التعارض بالعرض بين الخصوصيات فيؤخذ ما هو واجد الرجحانية او يحكم بالتخيير مع عدمها وهذا مقصود من قول المصنف فيخصص ببعضها ترجيحا او تخييرا فلا تغفل اى يخصص العام بتوسط بعض الخصوصيات من باب الترجيح او التخيير.

وقد ذكر الى هنا المورد الذى كان نسبة العام الى الخاصين فيه مساوية اى كانت بينه وبين كل من الخاصين العموم والخصوص مطلقا واما اذا فرقت نسبة العام الى كل منهما فلم يجر الحكم المذكور وبين المصنف صورة فرق النسبة بقوله هذا فيما كانت

٣٥٥

النسبة بين المتعارضات متحدة وقد ظهر منه حالها فيما كانت النسبة بينها متعددة الخ.

اى ذكر ان العام اذا خص بواحد من الخصوصيات فربما يقع التعارض بينها اى يقتضى كل واحد من الخاصات ان يكون مخصصا للعام وهذا الحكم ثابت فى صورة كون نسبة العام مساوية الى كل واحد من الخصوصيات واما اذا كان نسبته اليها متعددة فلم يقع التعارض بين هذه الخصوصات مثلا اذا قيل يجب اكرام العلماء وقيل بعد هذا يستحب اكرام العلماء العدول فالنسبة بينهما هى العموم والخصوص من وجه واذا قيل بعد الجملتين المذكورتين يكره اكرام العلماء الفساق فالنسبة بين هذه الجملة وجملة يجب اكرام العلماء هى العموم والخصوص مطلقا واما النسبة بين الخاصين اى يستحب اكرام العلماء العدول ويكره اكرام العلماء الفساق فهى التباين.

توضيح ما ذكر انه اذا كانت نسبة العام الى الخاصين على نحو التساوى كما اذا كانت النسبة بينهما وبين العام العموم والخصوص مطلقا فيخصص العام باحد الخاصين لا بكليهما لان تخصيص العام بكلا الخاصين مستلزم للتخصيص بالاكثر.

واما اذا لم تكن نسبة العام الى الخاصين على نحو التساوى كالامثلة المذكورة مثلا يجب اكرام العلماء ويستحب اكرام العدول فالنسبة بينهما هى العموم والخصوص من وجه مادة الاجتماع هى العلماء العدول ومادة الافتراق عن جانب يجب اكرام العلماء هى العلماء الفساق ومادة الافتراق عن جانب يستحب اكرام العدول هى العدول

٣٥٦

غير العلماء واما النسبة بين يجب اكرام العلماء ويكره اكرام العلماء الفساق فهى العموم والخصوص مطلقا واشار اليه المصنف بقوله وانه لا بد من تقديم الخاص على العام اى تقديم يكره العلماء الفساق على يجب اكرام العلماء ولا بد من معاملة العموم من وجه بين العامين اى يجب اكرام العلماء ويستحب اكرام العدول.

ولا يخفى ان المصنف عبر عنهما بالعامين واما شيخنا الاستاد فعبر عن الاول اى يجب اكرام العلماء بالعام وعبر عن يستحب اكرام العلماء العدول بالخاص الاول فلا بد بينهما من معاملة العموم من وجه من الترجيح او التخيير بينهما وايضا عبر عن يكره العلماء الفساق بالخاص الثانى فالنسبة بين العام وهذا الخاص اى يكره العلماء الفساق هى العموم والخصوص مطلقا واما النسبة بين الخاصين فهى التباين اى النسبة بين يستحب اكرام العلماء العدول : ويكره اكرام العلماء الفساق هى التباين.

واعلم انه قد ذكرت الامثلة فيما كانت النسبة بين المتعارضات فيه متعددة الآن تذكر امثلة اخرى لتوضيح العبارة مثلا اذا قيل يجب اكرام العلماء وقيل بعد هذا يستحب اكرام العدول الهاشميات فالنسبة بين هاتين الجملتين هى العموم والخصوص من وجه فمادة الاجتماع بينهما هى العلماء العدول ومادة الافتراق عن جانب اكرم العلماء هى العلماء الفساق ومادة الافتراق عن جانب يستحب اكرام العدول الهاشميات هى الهاشمى غير العالم وقيل بعد ما ذكر يكره اكرام العلماء الفساق فالنسبة بين هذه الجملة وبين يجب اكرام العلماء هى العموم المطلق فيقدم الخاص على العام.

ولا يخفى ان النسبة بين الجملتين المذكورتين انما تكون

٣٥٧

العموم والخصوص من وجه اذا لاحظت النسبة بين العامين قبل تقييد العام الاول بالخاص اى قبل تقييد اكرم العلماء بالخاص اعنى لا تكرم العلماء الفساق واما بعد تقييد هذا العام بالخاص فيلزم انقلاب النسبة اى تصير النسبة بين اكرم العلماء : ويستحب اكرام الهاشميات العدول عموما وخصوصا مطلقا لخروج بعض الافراد بالقيد اعنى تصير افراد العام قليلا فهذا مستلزم لانقلاب النسبة

فوافق الشيخ والفاضل النراقى فى هذا المورد فى انقلاب النسبة واما فى السابق فالشيخ موافق للمصنف فى عدم جواز انقلاب النسبة اى فى المورد الذى كانت النسبة فيه بين المتعارضات مساوية اعنى اذا كانت نسبة العام الى الخاص الاول والثانى مساوية فيقول المصنف انه لا يجوز انقلاب فى هذا المورد ووافقه الشيخ.

الحاصل ان النسبة بين العامين فى الامثلة المذكورة هى العموم والخصوص من وجه فلا بد من معاملتهما من التخيير والترجيح وان لزم انقلاب النسبة بين العامين الى العموم المطلق بعد تخصيص العام الاول اى بعد تخصيص اكرم العلماء بقوله ويكره اكرام العلماء الفساق ويقول المصنف انه لا يصح عندى انقلاب النسبة بل تلاحظ النسبة بين العامين قبل العلاج اى قبل تقييد احد العامين بالخاص.

قوله : نعم لو لم يكن الباقى تحته بعد تخصيصه الا ما لا يجوز عنه التخصيص الخ.

اى ذكر آنفا انه لا يجوز تقديم احد العامين على الآخر وايضا

٣٥٨

ذكر عدم جواز انقلاب النسبة بين العامين بعد تقييد احدهما بالخاص.

ولكن بين المصنف جواز تقديم العام على العام الآخر فى المورد الذى لا يجوز فيه تخصيص العام بالآخر لعدم بقاء المورد للعام المخصص او لا يجوز فيه التخصيص وان بقى الفرد او الفرد ان للعام لكن يلزم التخصيص بالاكثر وهو مستهجن فيقدم فى هذا المورد العام المخصص المقدم على العام الآخر ولا يكون هذا التقديم لانقلاب النسبة بين العامين بل يكون التقديم لاظهرية العام الاول.

توضيح ما ذكر بالامثلة المذكورة مثلا اذا قيل اكرم العلماء وقيل بعد هذا يستحب اكرام العدول الهاشميين واما اذا قيد اكرم العلماء بالخاص اى قيد بتوسط يكره اكرام العلماء الفساق فيصير العام المذكور منزلة اكرم العلماء العدول بعبارة شيخنا الاستاد اين عام بعد از تقييد بالخاص كوتاه مى شود فيقدم على قوله يستحب اكرام العدول الهاشميين من باب الاظهرية ولم يكن العام الاول بعد تقييده مخصصا للعام الثانى اى لم يكن اكرم العلماء بعد تقييده بالعدول مخصصا لقوله يستحب اكرام العدول الهاشميين لعدم المورد لهذا العام اى لا يبقى مورد للعدول الهاشميين.

توضيح مثلا لو فرض خمسون فردا لهم فلا تبقى هذه الافراد بعد تخصيص العام المذكور بتوسط اكرم العلماء لان هذا العام بعد تقييده بقوله يكره اكرام العلماء الفساق يصير منزلة اكرم العلماء العدول فلا تبقى الافراد المذكورة لقوله يستحب اكرام العدول الهاشميين بعد تخصيصه بقوله اكرم العلماء فيلزم لغوية

٣٥٩

هذا العام المخصص او يلزم التخصيص المستهجن ان بقى للعام المذكور فرد او فردان فلم يكن تقديم اكرم العلماء على يستحب اكرام العدول الهاشميين : من باب تقديم الخاص على العام للزوم لغوية هذا العام او لزوم التخصيص بالاكثر.

واما وجه هذا اللزوم فان افراد العدول الهاشميين كانت خمسين فردا من العلماء فان خصص هذا العام بقوله اكرم العلماء فلا يبقى المورد للعام المذكور واما ان كانت افراد العدول الهاشمين خمسين فردا من العلماء وثلاثة افراد من غيرهم فيلزم التخصيص بالاكثر فى صورة تخصيص العام المذكور بتوسط اكرم العلماء لخروج خمسين فردا من تحت العام وبقاء ثلاثة افراد فى تحته.

فيقول المصنف ان النسبة بين اكرم العلماء : ويستحب اكرام العدول هى العموم والخصوص من وجه واما تقديم اكرم العلماء انما يكون من باب الظهور اى ظهور اكرم العلماء فى العلماء العدول فيقدم هذا لاجل هذا الظهور على يستحب اكرام العدول الهاشميين.

قوله : فصل لا يخفى ان المزايا المرجحة لاحد المتعارضين الموجبة للاخذ به الخ.

قد ذكر فى اول باب التعارض ان الخبرين المتعارضين واجدان لشرائط الحجية مثلا كلاهما خبر الثقة او خبر العادل والظاهر ان حجية الخبرين المتعارضين اقتضائية لا الفعلية لوجود المانع اى اذا كان المقتضى للحجية مع وجود المانع فلم تكن فعلية فكل من الخبرين فى مقام التعارض مانع عن حجية الآخر لاجل المعارضة.

٣٦٠