هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٣

طلوع الشمس ووجود النهار عقلية ومثال الملازمة الشرعية نحو ان سافرت فقصر فالملازمة بين المسافرة ووجوب قصر الصلاة والصوم شرعية ولا يخفى انه لا يشترط فى باب التلازم ثبوت المتلازمين اذ قد يكون الملازمة بين الممتنعين نحو ان كانت الارض فوقنا فكان السماء تحتنا فهذا المثال وان كان ذاتا ممتنعا ولكن يصح من باب الفرض والتقدير.

اذا عرفت ان التلازم على قسمين فاعلم ان الملازمة بين الحدوث والبقاء انما تكون تعبدية اى قال الشارع ان الملازمة ثابتة بين الثبوت والبقاء ولا يخفى انه اذا كانت الملازمة من باب الفرض فلم يعتبر اليقين فى الثبوت بل يقول الشارع ان فرض ثبوت الشيء باقامة الحجة فهو مستلزم لبقائه فتصح الملازمة بين الثبوت والبقاء مع عدم اليقين فى الثبوت اذا كان التعبد فى البقاء مع فرض الثبوت.

قوله ان قلت كيف وقد اخذ اليقين بالشيء الخ.

اى اشكل على استصحاب البقاء على تقدير الثبوت حاصل الاشكال ان ادلة الاستصحاب لا تشمل الثبوت التقديري لان اليقين مأخوذ فى ادلته وليس اليقين بالثبوت فى الامارات فيكف يصح استصحاب البقاء مع ان اليقين بالثبوت دخيل فى الحكم بالبقاء.

قوله قلت نعم لكن الظاهر انه اخذ كشفا عنه الخ.

هذا جواب الاشكال حاصله انه يرد الاشكال المذكور اذا اخذ اليقين فى الموضوع ولكن الظاهر ان اليقين فى اخبار الاستصحاب لم يؤخذ فى الموضوع مثلا قوله لا تنقض اليقين بالشك لم يكن اليقين موضوعا للحكم بل كان طريقا الى الواقع فحكم الشارع فى

١٠١

بقاء شيء ثبت وكان ثبوته بالحجة المعتبرة

ولا يخفى ان التعبد فى البقاء انما يكون مع فرض الثبوت وان لم يكن اليقين فيه قد ذكر هذا الجواب فى السابق بعبارة اخرى اى ان لا تنقض اليقين حمل على خلاف الظاهر وهو ان المراد منه اثبات الملازمة بين الحدوث والبقاء ولو كان من باب الفرض والتقدير وقد ذكر ان الشارع حكم بالملازمة بينهما.

قوله الثالث انه لا فرق فى المتيقن السابق بين ان يكون خصوص احد الاحكام او ما يشترك بين الاثنين منها الخ.

البحث فى التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ويبحث فى هذا التنبيه من استصحاب الكلى قد ذكر فى الموارد المتعددة ان هذا المورد من القسم الثالث من استصحاب الكلى كما سيجيء

فيبين هنا أوّلا اصل استصحاب الكلى بناء على وجود الكلى الطبيعى اى بناء على مبنى من قال ان الكلى الطبيعى موجود فى الخارج فيبحث من استصحاب الكلى فى هذه الصورة واما على مبنى من قال ان الكلى الطبيعى لم يكن موجودا فى الخارج بل افراد موجود فيه فهو خارج عن محل البحث اى اذا قلنا ان وجود الكلى الطبيعى بمعنى وجود اشخاصه اعنى ان وجود الكلى الطبيعى عين وجود اشخاصه فهذا محل البحث واما اذا قلنا ان اشخاص الكلى الطبيعى موجود لا نفسه فهو خارج عن محل البحث.

قال شيخنا الاستاد ان البحث من الوجود والعدم بحث فلسفى لا المنطقى واما اهل منطق فقد بحث ان الكلى الطبيعى موجود او لم يكن موجودا فهو من باب المناسبة اى يبحث فى المنطق من

١٠٢

الاقسام الكلى فيبحث فيه من وجود الكلى الطبيعى من باب المناسبة فبعد ذكر هذه الجملة المعترضة يرجع الى ما نحن فيه اى يصح استصحاب الكلى الطبيعى اذا قلنا بوجوه فى الخارج.

فلا فرق فى جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب كليا او جزئيا ويعلم هذا من المتعلق المحذوف فى قوله لا تنقض اليقين بالشك اى كان اصله لا تنقض اليقين بالشيء فحذف بشىء لافادته العموم يعنى سواء كان كليا او جزئيا واذا شك فى الكلى بعد التيقن فى وجوده صح استصحابه باعتبار نفسه وفرده مثلا اسماء الاجناس وضعت للمفهوم الكلى فيصح استصحابه ولا يخفى ان اسماء الاجناس تسمّى كليا طبيعيا وتسمّى فى الادبيات اسماء الاجناس.

فثبت من البيان المذكور ان الكلى الطبيعى موجود بوجودات المتعددة اى قلنا ان وجوده عين وجود اشخاصه فتكون نسبة الكلى الطبيعى الى افراده كنسبة الآباء الى اولادها لا كنسبة اب واحد الى اولاده.

فاذا قلنا ان الكلى الطبيعى موجود صح استصحابه بعد الشك فيه لاجل الشك فى الفرد الذى كان الكلى فى ضمنه مثلا قطعنا بوجود زيد فى الدار فى يوم الجمعة ثم حصل الشك بوجوده فيها فى يوم الاحد فيشك فى وجود الكلى اى الانسان لان وجود الكلى انما يكون فى ضمن وجود الفرد فيصح استصحاب الانسان باستصحاب زيد لان وجود الكلى عين وجود فرده هذا القسم الاول من الاستصحاب الكلى فيصح هذا الاستصحاب اذا كان المستصحب ذا اثر شرعى.

١٠٣

ولا يخفى ان الفرد فى اغلب الموارد كان ذا اثر دون الكلى مثلا يقال ان زيدا نابغة الدهر فلا يلزم ان يكون كل الانسان نابغة الدهر اى لا يصح ان يقال ان كل ما يصح على الفرد يصح على الكلى ولكن العكس صحيح اى كل ما يصح على الكلى يصح على الفرد هذه القاعدة قاعدة كلية واذا كان الكلى ذا اثر فيصح استصحابه واستصحاب الفرد واما اذا كان الفرد ذا اثر فيستصحب هذا الفرد.

والظاهر ان المثال الذى ذكر لاستصحاب الكلى هذا مثال عرفى واما المثال الشرعي فان الشخص كان محدثا بالبول فشك فى رفع الحدث بالوضوء فيستصحب هذا الحدث الكلى وكذا اذا كان المرأة بحدث الحيض فشكت فى الغسل فيستصحب الحدث فالمستصحب فى المثالين هو الحدث الكلى.

القسم الثانى من استصحاب الكلى وهو الذى نقطع بوجود الكلى فى ضمن الفرد ولكن كان الشك فى بقاء العام من جهة تردد الخاص الذى يكون العام فى ضمنه بين الخاص الذى هو باق قطعا كالفيل فانه طويل العمر فان كان الكلى فى ضمن هذا الفرد من الحيوان فهو باق قطعا وبين الخاص الذى هو مرتفع قطعا كالبق فان كان الكلى فى ضمن هذا الفرد من الحيوان فهو لم يبق لان هذا الفرد قصير العمر.

الحاصل اذا قطنا بكون الحيوان فى الدار لكن لم نعلم ان هذا الكلى فى ضمن الفيل او البق وان كان فى ضمن الفيل فهو باق قطعا لانه طويل العمر وان كان هذا الكلى فى ضمن البق فهو مرتفع قطعا لان هذا الفرد قصير العمر هذا مثال عرفى والمثال

١٠٤

من الشرعيات كبلل مشتبه بين البول والمنى اى اذا خرج هذا البلل من مكلف ووضأ فهو شاك فى ارتفاع هذا الحدث اى فان كان بولا فقد ارتفع وان كان منيا فهو باق.

بعبارة اخرى ان كان حدثا أصغر فقد ارتفع بالوضوء واما ان كان حدثا أكبر فهو باق فيصح استصحاب الكلى اى الحدث فى هذا القسم الثانى واما اشكل فى المكاسب بان هذا يكون من قبيل الشك فى المقتضى فلا يكون الاستصحاب حجة فى هذا المورد.

وايضا اشكل فى القسم الثانى من استصحاب الكلى بأن وجود الكلى عين وجود اشخاصه والظاهر ان حدوث الفرد لم يكن متيقنا اى حدوث حيوان طويل العمر فى المثال المذكور كان مشكوكا فلم يكن شرط الاستصحاب فى هذا المورد موجودا.

والجواب سلمنا ان وجود الكلى عين وجود اشخاصه لكن هذا لا يضر باستصحاب الكلى لان شرائط الاستصحاب فى الكلى موجودة اى كان الاستصحاب بالنسبة الى الكلى تمام اى اليقين السابق والشك اللاحق واما اركان الاستصحاب بالنسبة الى الفرد فلم تتم لان الفرد مرتفع قطعا واما الفرد الطويل فهو مشكوك الحدوث فلا يصح استصحاب الفرد واما استصحاب الكلى فيصح لان وجود الكلى متعدد بتعدد افراده لان الكلى قابل حصص بحصص افراده ولا يعدم بعدم بعض افراده واما اركان الاستصحاب فلا تتم بالنسبة الى الافراد لعدم اليقين بحدوث الفرد الطويل واما الفرد القصير فهو مع فرض وجوده مرتفع قطعا.

قوله نعم يجب رعاية التكاليف معلومة اجمالا الخ.

قد ذكر ان استصحاب الفرد لا يصح فى صورة تردد الفرد

١٠٥

بين الطويل والقصير ولكن يثبت الحكم لكليهما من باب العلم الاجمالى مثلا اذا خرج بلل مشتبه بين البول والمني فيجب الوضوء والغسل وكذا بالنسبة الى التطهير اذا تنجس به الثوب فيغسل مرتين بينهما عصر فهذا الحكم ثابت للعلم الاجمالى بالتكليف فى البين ولم يكن ثبوته بالاستصحاب وتوهم كون الشك فى بقاء الكلى الذى فى ضمن ذاك المردد الخ.

هذا اشكال آخر على جريان الاستصحاب حاصله ان الشك فى بقاء الكلى وارتفاعه مسبب عن الشك فى حدوث الفرد الطويل والظاهر ان الحادث لو كان الفرد القصير لكان ارتفاع الكلى معلوما ولا شك فى بقائه واما حدوث الطويل فكان مشكوكا فيه وهو منشأ الشك فى بقاء الكلى فيجرى استصحاب عدم هذا الفرد الطويل ومع هذا الاستصحاب لا يصل النوبة الى استصحاب الكلى.

بعبارة شيخنا الاستاد ان الاصل السببى مقدم على الاصل المسببي مثلا اذا شك فى وجود الحيوان فمنشأ هذا الشك هو الشك فى وجود الفيل فتجرى اصالة عدم وجود الفيل هو اصل سببي ولا شك ان مع الاصل السببي لا تصل النوبة الى الاصل المسببي اى لا يبقى المورد لاستصحاب الكلى يعنى بعد استصحاب عدم وجود الفيل لا تصل النوبة الى استصحاب الحيوان.

الحاصل ان البق فى المثال المذكور متيقن الارتفاع واما الفيل فهو مشكوك حدوث فيستصحب عدمه فلا يبقى المورد لاستصحاب الحيوان.

قوله فاسد قطعا الخ.

هذا خبر لقوله وتوهم كون الشك فى بقاء الكلي اى اجيب

١٠٦

عن الاشكال بالوجوه الثلاثة الاول يمنع كون الفرد الطويل سببا لحدوث الكلي وارتفاعه حتى لا يجرى الاستصحاب فى عدم الكلى لاجل الاستصحاب فى عدم حدوث الفرد الطويل.

وبعبارة اخرى ان بقاء الكلى مسبب عن كون الحادث هو الفرد الطويل وارتفاعه عن كون الحادث هو الفرد القصير فالارتفاع موقوف على كون الحادث هو القصير وهو ليس مجرى للاصل بنفسه لعدم الحالة السابقة له لانه ليس زمان يكون فيه الحادث متصفا بكونه فى ضمن القصير يقينا ثم شك فيه حتى يستصحب بل الحادث من اول حدوثه اما فى ضمن طويل واما فى ضمن قصير.

الحاصل ان الحادث حدوثه انما يكون بالفرد الطويل واما ارتفاعه انما يكون بالفرد القصير فارتفاع القصير لا يكون سببا لارتفاع الكلى الذى كان حدوثه بالفرد الطويل واما ان قلنا بالاصل المثبت فيصح ان يكون ارتفاع القصير سببا لارتفاع الكلى اى قلنا إنّه اذا ارتفع القصير فلازمه عدم وجود الكلى لان وجود الكلى عين وجود اشخاصه.

والجواب الثانى عن الاشكال ان الاصل السببي والمسببى انما يكون بين اللازم والملزوم وليست الملازمة بين الكلى وافراده لان وجود الكلى انما هو عين وجود افراده اى لا تعدد بين الكلى واشخاصه واما اصل السببي والمسببي فيكونان المتعددين والمتغائرين فى الوجود.

واما فى المقام فالتعدد مفقود اى لم يكن الوجود الكلى مغايرة لوجود افراده ولم يكن وجوده من لوازم وجود الفرد حتى يكون

١٠٧

استصحابه مغنيا عن استصحاب الكلى بل الكلى موجود بعين وجود الفرد فلا تعدد بينهما مع اشتراط التعدد بين السبب والمسبب ففى المقام ليس كذلك حتى يندرج فى ضابط الاصل السببي والمسببي هذا الجواب الثانى عن الاشكال المذكور بين المصنف هذا الجواب بقوله مع ان بقاء القدر المشترك انما هو بعين بقاء الخاص الخ.

الجواب الثالث عن الاشكال المذكور انه قد ذكر فى الجواب الثانى ان الكلى لم يكن من لوازم حدوث الاشخاص واما المقصود من الجواب الثالث فمرجعه الى تسليم كون الكلى من لوازم وجود الخاص المشكوك الحدوث اى وسلمنا انه من صغريات الشك السببى والمسببى الا انه مع ذلك لا يجرى هنا الاصل السببى حتى يغنى عن جريانه فى المسبب اى الكلى وهذا لفقدان شرط الاستصحاب وهو كون المسبب من لوازم السبب شرعا واما فى المقام فترتب الكلى على الفرد عقلى حيث ان وجود الكلى من لوازم وجود الفرد عقلا لا شرعا والاصل السببى انما كان مغنيا عن الاصل المسببى اذا كان اللزوم والترتب شرعيا.

واما فى المقام فلا يغنى جريان الاصل فى الحادث الطويل عن جريانه فى الكلى لان الترتب بينهما عقلى وانما يغنى جريان الاصل فى الفرد عن جريان الاصل فى الكلى اذا كان ترتب الكلى على الفرد شرعيا.

الحاصل ان البحث كان فى القسم الثانى من استصحاب الكلى فاشكل عليه بان وجود الكلى مسبب عن وجود الفرد الذى هو سبب لوجود الكلى فاذا كان الفرد مشكوك الوجود يجرى الاصل فيه لان

١٠٨

اصل السببى مقدم على الاصل المسببى فلا تصل النوبة الى لاصل المسببى اى فلا يصح استصحاب الكلى وقد اجيب عن هذا الاشكال بالاجوبة الثلاثة فصح القسم الثانى من استصحاب الكلى على مذهب المصنف.

ولا يخفى انه بقى مطلب من اول التنبيه الثالث اى قال المصنف الثالث انه لا فرق فى المتيقن السابق بين ان يكون خصوص احد الاحكام او ما يشترك بين الاثنين منها الخ.

وقال الشيخ ان الكلى ان كان موجودا وشك فى الزمان الثانى فيستصحب هذا الكلى واما المصنف فعبر بالاحكام اى قال لا فرق بين ان المتيقن بين ان يكون خصوص احد الاحكام وما يشترك بين الاثنين منها.

توضيح ما ذكر ان الشك اما ان يكون فى خصوص احد الاحكام مثلا صلاة الجمعة واجبة فى حال الحضور وجد الشك فى وجوبها فى حال الغيبة واما ان يكون حكم المتيقن السابق مشتركا بين الاثنين مثلا الجواز مشترك بين الوجوب والاستحباب اى جواز الفعل مع المنع من الترك هذا واجب واما جواز الفعل وجواز الترك مع رجحان الفعل فهذا مستحب فهذا الحكم اى جواز صار مشتركا بين الاثنين.

واما ان يكون مشتركا بين الازيد اى الجواز الجامع بين ما عد الحرمة من الاحكام الخمسة مثلا الجواز امر عام مشترك بين الاربعة من الاحكام الخمسة اى اذا شك فى الجواز فى صورة الشك فى الوجوب اى الجواز مع المنع من الترك وكذا اذا شك فيه فى صورة الشك فى الاستحباب اى جواز الترك مع رجحان الفعل وكذا اذا شك

١٠٩

فيه فى صورة الشك فى الكراهة اى جواز الفعل مع رجحان الترك وكذا اذا شك فيه فى صورة الشك فى الاباحة اى جواز الفعل والترك.

فيستصحب الجواز اى العام الذى هو مشترك بين الاربعة من الاحكام الخمسة فى جميع الصور المذكورة فى صورة الشك فى الخاص كالوجوب والاستحباب والاباحة والكراهة.

قد ذكر هنا الاشكال عن شيخنا الاستاد وهو ان وجود الكلى الطبيعى عين وجود افراده ففى القسم الثانى من الاستصحاب الكلى لا يتم اركان الاستصحاب لان الفرد القصير متيقن الارتفاع والفرد الطويل مشكوك الحدوث فلم يكن اليقين السابق على وجود الكلى فاجيب بالجوابين احدهما ان الكلى وان كان متعددا بتعدد افراده لكن واحد عرفا والمعتبر عندنا هو الوحدة العرفية.

وثانيهما اى الجواب الثانى عن الاشكال المذكور ان الكلى انما يكون جزء الفرد مثلا زيد فرد فهو مركب من الجوهر والاعراض التسعة فالجوهر اى الانسانية ركب مع هذه الاعراض فوجد من هذا المجموع زيد فعلم ان الكلى جزء فرد لم يكن متعددا واما هذا القول فيمكن ان يشكل عليه بان الكلى اى الانسان لم يكن جزء الفرد لان الكلى هو الانسان والاعراض عارضة عليه.

ويذكر هنا قاعدة اخرى وهى ان الكلى الطبيعى لم يكن مرهون الجزئية والكلية ولكن يصدق عليه الكلى باعتبار ما كان اى يصدق فى الذهن على الكثيرين واما يصدق الكلى على الكلى الطبيعى باعتبار ما يئول اليه اى يصدق فى الخارج على زيد وعمرو وبكر الخ وكذا يصدق عليه الجزئى فى الخارج باعتبار

١١٠

كونه جزء الفرد فعلم ان الكلى الطبيعى فى نفسه لم يكن مرهون الكلية والجزئية قد ذكر الى هنا قسمان من اقسام استصحاب الكلى الآن يشرع فى القسم الثالث منه.

قوله واما اذا كان الشك فى بقائه من جهة الشك فى قيام خاص آخر الخ.

وقد كان البحث فى استصحاب الكلى والظاهر انه على ثلاثة اقسام : القسم الاول اذا كان الفرد موجودا وشك فى وجوده فى الزمان الثانى فيصح الاستصحاب فى هذه الصورة اى يصح استصحاب الكلى والفرد فى هذا القسم بشرط وجود الملاك فيهما.

القسم الثانى من استصحاب الكلى ما كان الكلى فيه مشكوكا بين الطويل والقصير اى ان كان فى ضمن الطويل فهو باق واما ان كان فى ضمن الفرد القصير فهو مرتفع قطعا فيصح استصحاب الكلى فى هذا القسم ان كان ذا اثر واما استصحاب الفرد فلا يصح لان الفرد القصير متيقن الارتفاع والفرد الطويل مشكوك الحدوث فتجرى اصالة عدم الحادث.

الآن يشرع فى القسم الثالث من استصحاب الكلى وهو ما كان الكلى فى ضمن فرد الذى قد زال لكن يشك فى بقاء الكلى لمجىء فرد آخر مكانه مثلا علمنا ان زيد موجود فى الدار وخرج منها فى الوقت الثانى لكن يشك فى بقاء الكلى اى الحيوانية لمجىء عمرو مكانه فلا يكون هذا القسم مورد الاستصحاب لان فرد اليقين الحدوث خرج من الدار واما مجىء عمرو حين خروجه فهو

١١١

مشكوك والظاهر ان الشك فى حدوث الفرد هو شك فى حدوث الكلى وقد علم ان وجود الكلى هو عين وجود اشخاصه.

واعلم ان الشيخ (قدس‌سره) قسم القسم الثالث من استصحاب الكلى الى ثلاثة اقسام :

الاول ان الكلى موجود فى ضمن فرد وزال هذا الفرد فى الزمان الثانى لكن يشك بانه هل كان فرد آخر موجودا حين زوال هذا الفرد ام لا مثلا خرج زيد من الدار ولكن هل كان عمرو حين خروجه موجودا فيها ام لا.

الثانى ان زيدا خرج من الدار ولكن يشك فى مجىء عمرو حين خروجه فلا يصح الاستصحاب فى هذين القسمين.

الثالث انه كان للشيء مرتبة شديدة وزالت هذه المرتبة فى الزمان الثانى ولكن المرتبة الضعيفة باقية مثلا كان للشيء سواد شديد وزال هذا ولكن بقى السواد الضعيف فيصح استصحاب الكلى اى السواد فى هذا القسم اى يصح الاستصحاب بواسطة المرتبة الضعيفة لان كل القوى فى المرتبة الاولى ضعيف فيترقى من هذه المرتبة الضعيفة الى القوية.

واما صاحب الكفاية (قدس‌سره) قسم القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلى الى اربعة اقسام : القسم الاول والثانى منها عين ما ذكر فى بيان قول الشيخ لكن صاحب الكفاية قسم القسم الثالث الى القسمين والمراد منه انه كان للشيء مرتبة شديدة وزالت هذه المرتبة فهذا على مذهبه يتصور على القسمين : الاول ان يكون الشك فى مجىء الفرد الضعيف حين زوال الفرد القوى. الثانى : ان يكون الشك فى وجود الفرد الضعيف قبل زوال الفرد القوى.

١١٢

توضيح هذين القسمين بالمثال وهو انه اذا زال الوجوب فهو مورد للشك فى بقاء الاستحباب اى يشك بعد زوال الوجوب فى بقاء ملاك الاستحباب فهذا يتصور على القسمين :

الاول يشك فى وجود ملاك الاستحباب بعد زوال الوجوب بعبارة اخرى يشك فى مجىء ملاك استحباب حين زوال الوجوب.

الثانى ان يشك فى وجود ملاكه حين زوال الوجوب فيصح استصحاب الكلى فى هذين القسمين والمراد من الكلى هو الطلب اى بعد الشك فى ملاك الاستحباب يصح استصحاب هذا الكلى لعدم الفرق بين الايجاب والاستحباب الا بالشدة والضعف اى شدة الطلب وضعفه.

والظاهر ان ايجاب والاستحباب كانا من قبيل السواد الشديد والضعيف فكان وجود السواد الضعيف بعد زوال الشديد وكذا فى المقام فان الاستحباب باق بعد زوال الوجوب.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية ايجاب واستحباب مثل ميزانية بالا مى رود وپايين مى آيد واما ميزانية همان ميزانية است كذا فى المقام ان الطلب شيء واحد لكن هذا الطلب فى الوجوب شديد وفى الاستحباب ضعيف بعبارة اخرى انه لم يفصل العدم فى البين اى بين الايجاب والاستحباب واما فى صورة فصل العدم بينهما فلا يصح استصحاب الكلى اى الطلب لعدم وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

توضيح ما ذكر انه فى صورة المذكورة لم يتخلل العدم بين الوجوب والاستحباب وقد ذكر انه لا فرق بينهما الا بالشدة والضعف والاستحباب متصل مع الايجاب فالاتصال مساوق للوحدة

١١٣

والانفصال مساوق للكثرة واذا اتحد الوجوب والاستحباب لعدم الفصل بينهما ثبت وحدتهما فيصح استصحاب الكلى اى الطلب بعد زوال الوجوب لوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

ان قلت اذا قلنا بقبول الانقسامات للاجزاء وبطلان جزء لا يتجزى فيلزم اشكال آخر وهو كون غير المتناهى بين المحاصرين توضيح هذا انه فهم من قولكم وحدة ايجاب والاستحباب اى اذا لم يتخلل العدم بينهما لزم اتصالهما فهو مساوق للوحدة وايضا يقال كل متصل قابل للانقسامات غير المتناهية اى يقسم او لا حسا ويقسم بعد هذا عقلا.

الحاصل ان كل متصل قابل انقسامات غير متناهية وايضا يقال ان الاتصال مساوق للوحدة فيلزم كون غير المتناهية بين المحاصرين وهذا واضح البطلان.

والجواب عن هذا الاشكال ان كون غير المتناهى بين المحاصرين انما يكون باطلا اذا كان غير المتناهى بين المحاصرين بالفعل واما اذا كان غير المتناهى بالقوة فلا يلزم البطلان.

ويذكر هنا خلاصة ما ذكر من القسم الثالث من استصحاب الكلى مفصلا اى قد ذكر ان القسم الثالث من استصحاب الكلى يتصور على قول المصنف على اربعة اقسام :

الاول ارتفع فرد وكان الكلى فى ضمنه ولكن يشك فى مجىء فرد آخر حين ارتفاعه.

الثانى قد ارتفع فرد وكان الكلى فى ضمنه ولكن يشك فى وجود فرد آخر مع هذا الفرد المرتفع.

الثالث ان المرتبة الشديدة قد ارتفعت والمرتبة الضعيفة

١١٤

باقية ولكن يشك بمجيء الملاك لهذه المرتبة حين زوال المترتبة الشديدة.

الرابع ان يشك بعد زوال المرتبة الشديدة بوجود الملاك لهذه المرتبة الضعيفة قبل زوال الشديدة اى هل يكون ملاك الاستحباب موجودا فى زمان الايجاب ام لا ولا يخفى ان اتيان المثال بالايجاب والاستحباب كان على طبق كلام المصنف اى قال كما اذا شك فى الاستحباب بعد القطع بارتفاع الايجاب.

قال صاحب الكفاية لا يصح استصحاب الكلى فى كل هذه الاقسام الاربعة لعدم الاتحاد بين قضية المتيقنة والمشكوكة واما شيخنا الاستاد فقد قال إنّه يصح استصحاب الكلى فى القسم الثالث والرابع من هذه الاقسام وقد اشكل فى المتن على المصنف بقوله لا يقال ان الامر وان كان كما ذكر الخ.

حاصل هذا الاشكال انه لا فرق بين الايجاب والاستحباب الا بالشدة والضعف اى المراد من الايجاب هو الطلب الشديد والمراد من الاستحباب هو الطلب الضعيف اذا زال الايجاب بقى الاستحباب وكذا الحرمة والكراهة اذا زال الطلب الشديد اى الحرمة بقى الطلب الضعيف اى الكراهة فالايجاب والاستحباب شىء واحد وهذا الشيء الواحد اما قوى واما ضعيف فالايجاب كالسواد الشديد والاستحباب كالسواد الضعيف فاذا زال الايجاب بقي الضعيف اى الاستحباب.

فيصح استصحاب الكلى اى الطلب فانه موجود فى ضمن القوى اى الوجوب فيشك فى وجوده فى ضمن الضعيف اى الاستحباب فيستصحب هذا الكلى اى الطلب لاتحاد القضية المشكوة والمتيقنة

١١٥

قد ذكر وجه اتحادهما مفصلا.

واجيب عن هذا الاشكال بقوله فانه يقال اى سلمنا ان الايجاب والاستحباب شىء واحد والفرق بينهما بالشدة والضعف ولكن هذه الوحدة انما تكون بالدقة العقلية اى يحكم العقل بالوحدة بينهما لعدم التخلل بينهما بالعدم واما فى باب الاستصحاب فالمعتبر هو الوحدة العرفية فالعرف يرى ان الايجاب والاستحباب فردان متباينان.

واعلم ان النسبة بين الوحدة العقلية والعرفية عموم من وجه ومادة الاجتماع مثلا كان زيد فى الدار فصار مجروحا فشك فى حياته فالقضية المتيقنة والمشكوكة واحدة عقلا وعرفا.

ومادة الافتراق عن جانب الوحدة العرفية مثلا كان الماء قدر كر ونقص منه مقدار قليل اى شرب منه شخص مقدار رفع العطش فهذا كر عرفا وان لم يكن كرا بالدقة العقلية لنقصه.

ومادة الافتراق عن جانب الوحدة العقلية مثلا كان الشيء اسودا ولكن نقص سواده ومال الى الاحمر فهذا واحد بالدقة العقلية ولم يكن واحدا عرفا وكذا الايجاب والاستحباب لم يكونا واحدا عرفا فاذا شك فى بقاء الطلب بعد زوال الوجوب فلم يصح استصحابه لان وجوده كان فى ضمن الوجوب الذى زال والاستحباب قضية اخرى عرفا.

الحاصل ان البحث فى التنبيه الثالث فى بيان استصحاب الكلى وقد ذكر ان استصحابه على اقسام وايضا ذكر ان القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلى قسّم الى اربعة اقسام على

١١٦

مذهب المصنف ولا يصح استصحاب الكلى فى هذه الاقسام على قوله وان صح استصحاب فى القسم الثالث والرابع هذه الاقسام على مذهب شيخنا الاستاد وغيره.

ويذكر هنا الجملة المعترضة تبعا لشيخنا الاستاد اى قد ذكر ان وجود الكلى عين وجود اشخاصه قال الشيخ ابن سينا ذهبت الى المدرسة ورأيت شخصا مشغولا بالتدريس ويقول ان الكلى الطبيعى موجود بوجود افراده قال ابن سينا قلت والاحسن ان يقال ان نسبة الكلى الى افراده كنسبة الآباء الى اولادها اى كان للكلى وجودات متعددة.

قوله الرابع انه لا فرق فى المتيقن بين ان يكون من الامور القارة او التدريجية الخ.

اى وضع هذا التنبيه لدفع الاشكال حاصله ان المستصحب لم يكن قارا فى بعض الموارد فكيف يصح استصحابه.

وكذا وضع التنبيه الثانى لدفع الاشكال وحاصل هذا الاشكال قد ذكر هناك اى ذكر فى التنبيه الثانى انه قد اقامت الامارة على نجاسة الشيء ولم تكن هذه الامارة مفيدة لليقين بل لم تكن مفيدة للظن فكيف يصح استصحاب اذا شك فيها فى الزمان الثانى اى لا يصح استصحاب النجاسة لعدم اليقين السابق فيها وقد اجيب عن هذا الاشكال فى محله.

الآن يذكر الاشكال الذى فى التنبيه الرابع وهو ان المستصحب قد يكون من الامور التدريجية الغير القارة وان وجودها ينصرم فكيف يصح الاستصحاب فيها وقد ذكر فى العروة

١١٧

انه اذا شك فى وجود النهار استصحب وجوده وكذا اذا شك فى وجود الليل استصحب وجوده.

وقد اشكل على الاستصحاب المذكور بان الاستصحاب انما يصح فى المورد الذى كان المستصحب من الامور القارة اى يشترط فى الاستصحاب اليقين فى البقاء السابق وليس البقاء للزمان لكونه من الامور التدريجية وقد ذكر ان الشعبان لا تنقض مع الشك فى الرمضان وكذا لا تنقض الرمضان مع الشك فى الشوال.

ولا يخفى ان الشعبان محدود وغير قار وكذا الرمضان وان النهار محدود غير قار وكذا الليل اى يكون النهار بين المبدا والمنتهى والمبدا هو المشرق والمنتهى هو المغرب فهذا نهار وكذا الليل فالمبدأ فيه هو المغرب والمنتهى هو المشرق فهذا ليل.

واعلم ان الموجودات اما قارة واما تدريجية فتوضيح الفرق بينهما ان المراد من التدريجية ما لا يمكن الاجتماع بين اجزائها فى الوجود كاللّيل والنهار فان الاجزاء فيهما لم تكن قابلة للاجتماع فى الوجود وكذا التكلم والسير فان اجزائهما لا تجتمع فى الوجود فهذه المذكورات كلها تدريجية.

واما القارة فيجتمع اجزائها فى الوجود مثل وجود الاشخاص فان وجود الشخص متوقف على اجتماع اجزائه فى الوجود مثلا اذا ذهب من عمر زيد خمسون سنة فلم يفرق فى وجود زيد واجتماع اجزائه بعبارة اخرى ان الموجودات القارة ما تجتمع فى الوجود واما الموجودات الغير القارة لا تجتمع فى الوجود

١١٨

اى يفنى الجزء الاول فيجد الجزء الثانى.

وبعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية در تدريجيات جزء اول فانى مى شود جزء ديگر مى آيد مثل راه رفتن وحرف زدن وقرائت كردن در تمام اين ها جزء اول فانى مى شود جزء ثانى مى آيد وكذا جزء ثانى فانى مى شود جزء ثالث مى آيد.

فيشكل فى جريان الاستصحاب فى الامور التدريجية لعدم الشك فى البقاء بل كان اليقين على الزوال لان الجزء الاول زال والجزء البعدى مشكوك الحدوث اى لم يكن اليقين فى البين كما قال على امير المؤمنين عليه‌السلام : فاغتنم الفرصة بين العدمين : وهذا اليوم الحاضر بين العدمين لان الماضى قد مضى والمستقبل لم يجيء وكذا هذه الساعة والدقيقة كانتا بين العدمين.

ولا يخفى ان استصحاب الليل والنهار انما يكون من قبيل مفاد كان التامة لا الناقصة مثلا اذا شك فى وجود النهار استصحب وجوده او استصحب عدم وجوده فهو من قبيل مفاد ليس التامة واما استصحاب الجزء من النهار فهذا لا يصح لعدم الحالة السابقة وكذا لا يصح استصحاب عدمه.

والظاهر ان استصحاب الجزء او عدمه مفاد كان الناقصة او ليس الناقصة اى لا يصح هذا الاستصحاب لعدم الحالة السابقة لهذا الجزء المشكوك اى لم يكن اليقين السابق فى كون هذا جزء من الزمان وكذا لا يصح استصحاب عدم كون هذا جزء من الزمان لعدم الحالة السابقة اى عدم كونه جزء من الزمان لم يكن سابقا مثلا فرض وجود الجزء فى السابق وعدم كونه جزء من

١١٩

النهار فهذه الحالة لم تكن فى السابق حتى تستصحب بعد الشك.

قد ذكر الى هنا الاشكال فى جريان الاستصحاب فى الامور التدريجية وايضا ذكر تعريف الامور القارة والتدريجية.

والجواب عن الاشكال ما بينه المصنف بقوله انه لا فرق فى المتيقن بين ان يكون من الامور القارة او التدريجية الخ.

اى لا فرق فى جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب من الامور القارة او التدريجية بعبارة اخرى لا فرق فى المستصحب بين ان يكون زمانا او زمانيا.

والمراد من الزمان ما كان وجوده جزء فجزء بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية مراد از زمان آن است كه به قسم انطباق مى باشد يعنى خرده خرده موجود مى شود.

والمراد من الزمانى ما يكون وجوده فى الزمان فالموجودات كالحيوانات والنباتات والجمادات كلها زمانى فنحن زمانى اى الزمانى ما كان فوق الفلك ولم يكن وجوده بحركته فيكون وجودنا فوقه.

واما الزمان ما يكون وجوده بحركة الفلك اى الشمس على قول القدماء واما على قول المتأخرين من الفلاسفة فكان وجود الزمان بحركة الارض.

الحاصل ان المصنف يقول لا فرق فى جريان الاستصحاب بين الامور القارة والتدريجية فيصح استصحاب الليل والنهار لاتصال اجزائهما قد ذكر ان وجودهما انما يكون بنحو الانطباق اى خرده خرده موجود مى شود اى يجد الجزء الثانى بعد فناء

١٢٠