هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٣

قوله وكونه اصلا عمليا انما هو بمعنى انه وظيفة الشاك الخ.

اى قد ذكر انه يجرى الاستصحاب فى الامور الاعتقادية اذا كانت حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى قد ذكر مثال هذا سابقا فيما اذا شك فى سؤال النكيرين على الميت الذى دفن فى بعض البقاع المكرمة كالنجف الاشرف والكربلاء المعلى فانه يجرى الاستصحاب فى هذا الموضوع لانه ذو اثر شرعى اى وجوب الاعتقاد على السؤال المذكور ولكن اشكل عليه بان الاستصحاب اصل عملى وهو يجرى فى الاحكام الفرعية ولا يجرى هذا الاصل فى الامور الاعتقادية لان الاصول العملية انما تكون فى مقام العمل.

فاجيب عن هذا الاشكال بقوله وكونه اصلا عمليا الخ اى ان المراد من هذا الاصل ما يكون مقابل الامارات ولا منافاة بين كون الاستصحاب اصلا عمليا وبين جريانه فى الامور الاعتقادية وليس المراد من الاصل العملي ما يجرى فى الفروعات بل المراد منه ما جعل وظيفة للشاك فى مقام العمل بخلاف الامارة فانها تحكى عن الواقع ولا يخفى ان المراد من العمل ما يعم العمل الخارجي والجانحى فظهر من البيان المذكور جريان الاستصحاب على كل الامور الفرعية والاعتقادية.

قوله وقد انقدح بذلك انه لا مجال فى نفس النبوة اذا كانت ناشئة من كمال النفس الخ.

قد ذكر ان الداعى الى عقد هذا التنبيه هى المناظرة الواقعة

٢٠١

بين بحر العلوم وبين بعض اهل الكتاب حيث إنّه تمسك فى بقاء الشريعة السابقة بالاستصحاب فصار بحر العلوم مغلوبا على ما حكى وقد ذكر فى هذا التنبيه ان الاستصحاب لا يختص بالامور الفرعية بل يجرى فى الامور الاعتقادية ايضا والمراد منها ما يتعلق على النفس والقلب والجوانح واما الامور الفرعية ما يتعلق بالجوارح اى على اللسان واليد والرجل كالصلاة فلا فرق فى جريان الاستصحاب بين الامور الفرعية والاعتقادية مع وجود الشرائط اى كون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى.

واما النبوة ففيه بحث فى جريان الاستصحاب توضيحه ان النبوة اما كانت صفة نفسانية تكوينية وتؤخذ هذه الصفة النفسانية من المبدأ الاعلى بلا توسط بشر بل كان اخذها بتوسط جبرائيل فلا يصح استصحابها.

واما أن تكون موهبة عن الله تعالى اى منصب مجعول الهى كولاية الاب والجد وتعطى هذه الموهبة لمن كان اهلا لها ولائقا لها فكانت النبوة بهذا المعنى من المناصب المجعولة كبعض الاحكام الوضعية وقد ذكر ان بعضها مجعولة شرعا فيصح استصحابها كالولاية والقضاوة اى كان النبوة على هذا المعنى مجعولا شرعيا فيصح استصحابها كما قال صاحب الكفاية لكانت موردا للاستصحاب بنفسها اى اذا كانت النبوة مجعولة صح استصحابها فيترتب آثارها ولو كانت عقلية فقال المصنف لا يصح الاستصحاب فى هذا المورد ايضا لانه مستلزم للدور والى هذا اشار بقوله لكنه يحتاج الى دليل كان هناك غير منوط بها

٢٠٢

والا لدار وهذا مبين للاشكال الذى يرد على جريان الاستصحاب فى هذا المورد لان حجيته يحتاج الى دليل غير منوط بالنبوة واما قولكم فحجية الاستصحاب فى هذا المورد منوطة بها لان دليلها اخذ من النبى فالاستصحاب متوقف على النبوة وايضا هى متوقف على الاستصحاب على قولكم اى انتم تستدلون على بقاء النبوة به اى لا بد من بقاء النبى اولا حتى يستصحب فيتوقف الاستصحاب ببقائه وايضا على قولكم يتوقف اثبات النبوة عليه هذا دور مصرح.

قوله ثم لا يخفى ان الاستصحاب لا يكاد يلزم به الخصم الخ.

اى لا يصح استصحاب النبوة سواء كانت ناشئة من كمال النفس ام كانت من المناصب المجعولة والدليل الاول لعدم جريان الاستصحاب فى النبوة هو عدم وجود شرطه اى اليقين السابق والشك اللاحق فلم يكن فى المقام الشك فى بقائها لانها كمال النفس اى ان النبوة من الملكات الفاضلة وهى تحصل بتكرر الاعمال الحسنة بعبارة اخرى انها من الملكات النفسانية فلا شك فى بقائها فان قلت ان الشك يحصل فيه بعد الموت قلت انه كان سببا لرفعة مرتبة الانسان اى يترقى من مرتبة السفلى الى العليا بالموت فلا تزول الصفات النفسانية به فلا شك لنا فى صفات كمالية موسى وعيسى عليهما‌السلام فلم تكن نبوتهما موردا للاستصحاب هذا الدليل الاول لرد قول الخصم.

واما الدليل الثانى لرده وعدم جريان الاستصحاب فى النبوة فيقال ان حجية الاستصحاب ليست من المستقلات العقلية كحجية

٢٠٣

القطع بل لا بد من دليل شرعى امضائى او تأسيسى فان كان هذا الدليل من الشرع السابق لزم الدور فان حجية الاستصحاب موقوفة على حجية الدليل المذكور المتوقف على بقاء الشرع المتوقف على حجية الاستصحاب وان كان هذا الدليل من الشرع اللاحق لزم الخلف لانه اعتراف بحقية الشرع اللاحق هذا مراد من قول المصنف والاتكال على قيامه فى شرعنا لا يكاد يجديه الا على نحو محال.

وبعبارة اخرى يقال للعالم الكتابى ان الاستصحاب لا ينفع لكم فى اثبات نبيكم موسى وعيسى لان حجية الاستصحاب تحتاج الى الدليل فان كان من نبيكم فهذا مستلزم للدور لان الاستصحاب متوقف على بقاء نبيكم وايضا اثباته متوقف على الاستصحاب على قولكم اى انتم تستدلون على اثبات نبوة نبيكم بالاستصحاب.

واما ان كان دليل حجية الاستصحاب من نبينا فلم يكن هذا الدليل فى مقام اثبات النبوة بل كان فى مقام اثبات الاحكام وايضا ان كان الدليل من نبينا فيلزم من وجوده عدم نبيكم.

والحاصل ان النبوة ان كانت مجعولا شرعيا فيصح ترتيب آثارها وان كانت عقلية كوجوب الاطاعة واما حجية الاستصحاب فتحتاج الى الدليل فهل تأخذوه من نبيكم ام من نبينا فان اخذتم الدليل منه فهذا مستلزم للدور وان المراد منه فى اكثر المسائل الاصولية نتيجة الدور ولكن فى هذا المقام المراد منه الدور المصرح لان دليل الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك متوقف على بقاء نبيّكم لكونكم تأخذون الدليل منه وايضا اثبات نبوة نبيكم متوقف بالاستصحاب على قولكم اى انتم مثبتون النبوة به.

٢٠٤

واما ان اخذتم الدليل من نبينا اى ان اخذتم لا تنقض اليقين بالشك من پيغمبرنا فيشمل هذا الدليل الاحكام الفرعية ولا يدل على اثبات النبوة فان شمل لا تنقض الخ النبوة حصل اليقين بنبوة نبينا لان هذا الدليل من پيام برنا على الفرض المذكور فلا يشمل هذا الدليل نبيكم اى ان اخذتم لا تنقض من نبينا فهذا موجب لنفى مطلوبكم بعبارة اخرى ان اخذتم الدليل من رسولنا فيلزم الخلف اى لا يثبت ما تريدون اثباته بل ينفى. قوله منه انقدح انه لا موقع لتشبث الكتابى باستصحاب نبوة موسى اصلا الخ.

اى ذكر ان العالم الكتابى لا يصح استدلاله بالاستصحاب لنبوة موسى وعيسى عليهما‌السلام ولا يلزم خصمه بهذا الاستدلال والمراد من الخصم هو المسلم الذى هو منكر لنبوة موسى وعيسى فلا يكون هذا الدليل الزاما للمسلم ولا اقناعا له والمراد من الالزام هو دعوة المسلم الى اليهودية والنصرانية والمراد من الاقناع هو اثبات الدعوى واقناع الخصم فى بقائه على الشريعة السابقة وبعبارة اخرى ان المراد من الالزام هو قبول الخصم قول الكتابى بالدليل والمراد من الاقناع هو الكلام الذى يؤتى للتفصى عن الخصم واقناعه.

واما عدم موقعية لتشبث الكتابى بالاستصحاب فلانه مشروط بالشروط الثلاثة : والاول ان يكون الشك فى بقاء النبوة والشرط الثانى التعبد والتنزيل من الشارع. والشرط الثالث : ان يكون حجية الاستصحاب بالدليل اما من نبيكم واما من نبينا.

٢٠٥

واما الشرط الاول اى الشك فى نبوة موسى وعيسى فهو معدوم فى المقام لان النبوة من الامور التكوينية وهى قائمة بنفسه المقدسة اى النبوة كالملكة مثلا اذا كانت ملكة العدالة موجودة فلا يميل الشخص الى المعصية كالنظر الى الاجنبية وكاكل مال الغير من غير الوجه الشرعي وبعبارة اخرى ان النبوة من الصفات النفسانية هى موجبة لسير النبى الى ما وراء الطبيعة كسير نبينا الى المقام الذى يعجز جبرائيل من السير اليه وقال لو دنوت لاحترقت.

اذا عرفت هذه الجملة المعترضة فاعلم ان النبوة من الصفات التكوينية وتصير موجبة لاتصال النبى بالعالم الاعلى فليست قابلة للشك فانتفى الشرط الاول وقد انتفى هنا الشرط الثانى ايضا اى التعبد والتنزيل لان النبوة امر تكوينى وليست من الامور المجعولة والاستصحاب انما يجرى فيها لا فى الامور التكوينية وكذا منتف فى المقام الشرط الثالث اى ليس الدليل للاستصحاب من نبيكم وقد ذكر وجهه اى ان كان لا تنقض اليقين بالشك من نبيكم فهذا مستلزم للدور قد ذكر تفصيله وان كان الدليل من نبينا فهذا مستلزم للخلف.

فظهر ان استصحاب النبوة لم يكن الزاما للخصم اى المسلم لانتفاء الشروط الثلاثة المذكورة هذا بيان لعدم صحة تشبث الكتابى باستصحاب نبوة موسى وعيسى من حيث الزام المسلم وكذا لا يصح تشبث الكتابى بالاستصحاب اقناعا للمسلم اى ان قلنا ان نبوة مجعولا شرعيا فيمكن الشك ولكن لم يكن التشبث بالاستصحاب اقناعا للخصم لان النبوة من الامور الاعتقادية فيجب

٢٠٦

تحصيل المعرفة فيها بالنظر الى المعجزات ودلائل النبوة اى يجب التفحص من حالات النبى ومعجزاته ولا فائدة هنا فى جريان الاستصحاب وجريانه محتاج الى الدليل قد ذكر انه لا دليل من شريعة موسى وعيسى له كما قال المصنف وعدم الدليل على التعبد بشريعته لا عقلا ولا شرعا.

قال والاتكال على قيامه فى شريعتنا لا يكاد يجديه الخ.

اى اتيان الدليل من شريعتنا للاستصحاب لا يجد الكتابى الا على نحو المحال اى ان اخذ لا تنقض من نبينا فلا يجدى لاثبات نبوة موسى وعيسى الا على نحو محال فاتيان الدليل من شريعتنا لا يجديه لانه محال اى خلف وقد سبق توضيحه وايضا هذا المقام مورد للاحتياط لا الاستصحاب وهو العمل بكلتا الشريعتين ما لم يلزم منه اختلال النظام اى ان فحص الكتابى ولم يحصل العلم بنبوة موسى فيجب الاحتياط والمراد منه العمل باحوط القولين وكذا ان قال احد الشريعتين ان هذا حرام وقال الاخرى ان هذا حلال فالاحتياط يقتضى الاجتناب.

فثبت وجوب الاحتياط عقلا للعلم الاجمالى بثبوت احدى الشريعتين والحاصل انه اذا لم يحصل للكتابى العلم بمعرفة نبيه فليؤخذ بالاحتياط بان يؤخذ ما قال الشريعة السابقة انه أحوط وكذا يؤخذ ما قال شريعتنا انه احوط وكذا ذكر فى باب التقليد انه اذا لم يثبت الاعلم فليؤخذ باحوط القولين مثلا اذا قال احدى الشريعتين ان هذا واجب وقال الاخرى ان هذا مستحب فالاحتياط يقتضى الاتيان واما اذا قال إحداهما ان هذا حرام

٢٠٧

وقال اخرى ان هذا حلال فمقتضى الاحتياط هو الترك.

قوله الا اذا علم بلزوم البناء على الشريعة السابقة ما لم يعلم الحال.

هذا استثناء من قوله ووجوب العمل بالاحتياط عقلا الا اذا علم بلزوم البناء على الشريعة السابقة بالاستصحاب اى اذا ثبت حجية الاستصحاب بنظر العقل فيعمل بما يقتضيه من بقاء الشريعة السابقة.

قوله الثالث عشر انه لا شبهة فى عدم جريان الاستصحاب فى مقام مع دلالة مثل العام الخ.

وضع هذا التنبيه لبيان جريان الاستصحاب وعدمه فى المورد الذى خص فيه العام اى خرج بعض افراده فهل يكون بعد زمان الخاص موردا لاستصحابه او يتمسك بالعام مثلا اوفوا بالعقود عام وخصص هذا العام باخراج بعض الافراد من تحته مثلا خرج قطعة من الزمان من تحت عموم بجعل الخيار من البائع او المشترى الى ساعة فبعد هذه الساعة هل يستصحب حكم الخاص اى ثبوت الخيار ام يتمسك بالعام اى يحكم بلزوم وفاء بالعقد.

والظاهر ان مقابلة الجمع بالجمع تفيد العموم اى اوفوا الجمع وكذا عقود فيحكم على كل المكلفين بالوفاء فى كل الموارد فى كل العقود ولكن يجيء المخصص بعد ذلك مثلا يقال ان وقع الغبن فانتم بالخيار فيخرج من تحت العام القطعة من الزمان وهى مقدار اعمال الخيار اى اذا كان مقدار زمان الخيار ساعة فلم يعمله ذو الخيار فى هذه الساعة فهل يستصحب حكم الخاص فيما

٢٠٨

بعد ويجوز الفسخ ام يعمل بالعام اى اوفوا بالعقود.

ولا يخفى ان استصحاب حكم الخاص انما يصح فى القطعة المشكوكة واما اذا لم تكن هذه القطعة فلا مورد لاستصحاب الخاص بعبارة اخرى انما يجوز استصحاب الخاص اذا لم يكن دليل الخيار عاما واما مع عمومية دليل الخيار كالعيوب التى موجبة لفسخ عقد النكاح فلم يكن هنا القطعة المشكوكة حتى تستصحب مثلا اذا وجد فى الزوجة البرص والجذام او الافضاء فهذه المذكورات موجبة لخيار فسخ العقد ولا يحتاج الزوج فى هذه الموارد الى الطلاق بل كان هذا الخيار ثابتا له دائما.

واما اذا كان دليل الخيار شاملا لقطعة من الزمان فهذا محل البحث اى فهل يجرى فى القطعة المشكوكة حكم العام ام حكم الخاص فليرجع فى تحقيق هذا البحث الى كلام العلماء فصاحب جامع المقاصد يتمسك بالعام وكذا المحقق والشهيد والدليل لهم ان العام دليل اجتهادى والاستصحاب اصل عملى فمع وجود العام لا يصل النوبة الى الاصل فان ذكر فى بعض الموارد الاصل فى رديف العام مثلا يقال هذا للعموم والاصل فهذا تأييد لما ذكر اى ان لم يكن العام فيصل النوبة اليه واما مع وجوده فلا يصل النوبة الى الاصل بعبارة اخرى ان الاصل فى طول العام.

وقال المصنف ان هذا المورد قابل للتفصيل ويجيء توضيحه فى المتن فيبحث المصنف اولا من مرحلة الثبوت اى فصور المسألة فى المقام اربع فيؤخذ الزمان تارة قيدا لكل من العلم والخاص واخرى ظرفا لكل منهما وثالثة قيدا للعام وظرفا للخاص ورابعة بالعكس بان يكون الزمان ظرفا للعام وقيدا للخاص.

٢٠٩

توضيح هذه الاقسام بالمثال نحو اكرم العلماء الا فى يوم الخميس فان الزمان اما يكون ظرفا لموضوع الحكم واما يكون قيدا له والمراد منه فى المثال المذكور هو الاكرام وايضا يقال انه متعلق الحكم فسمى هنا موضوع الحكم فان كان الزمان ظرفا لكل من العام والخاص فلا بد من استصحاب حكم الخاص فى القطعة المشكوكة لان العام لا يشمل هذه القطعة واشار الى هذا المصنف بقوله لعدم دلالة للعام على حكم الخاص لعدم دخوله على حدة فى موضوع العام اى فى صورة ظرفية الزمان للعام فكان مفاده استمرار الحكم ودوامه.

وبعبارة اخرى كان للعام فى هذه الصورة حكم واحد على نحو الاستمرار فاذا خرج قطعة من الزمان عن الوسط لاجل الخيار كخيار الغبن فينتفى حكم العام ويستصحب حكم الخاص ويقطع حكم العام لان قطع الوسط بالخيار موجب لانتفاء الاستمرار والدوام بعبارة شيخنا الاستاد چون خيار غبن در وسط آمد عام بريده مى شود واستمرار از بين مى رود.

وقد ذكر ان الزمان اذا كان ظرفا للعام والخاص فمذهب البعض والمصنف هو التفصيل والمراد منه ان وقع الخاص فى الوسط فينتفى حكم العام مثلا خيار الغبن يقع فى وسط العام فيقطع استمراره ويستصحب حكم الخاص واما اذا وقع الخاص فى الاول قبل العام فيتمسك فى هذا المورد بالعام مثلا خيار الحيوان وخيار المجلس يقطعان العام اولا فيخرج هذا المقدار من الاول لكونه قدرا متيقنا فيتمسك فى الباقى بالعام اى يستمر

٢١٠

حكم العام بعد مضى ما قطع اولا كخيار المجلس والحيوان اذا لم يفسخ ذو الخيار فى هذا القطعة من الزمان.

اذا عرفت هذا التفصيل فاعلم توضيح كون الزمان ظرفا للعام والخاص او قيدا لهما مثلا اكرم العلماء الا فى يوم الخميس فاذا كان الزمان ظرفا للعام فيقع ظرفا لموضوع الحكم اى الاكرام فى المثال المذكور وايضا قيل فى بعض العبارات ان الزمان ظرف او قيد لمتعلق الحكم فعبر من الاكرام به واما توضيح كون الزمان شرطا او قيدا للخاص فجعل يوم الخميس فى المثال المذكور ظرفا او قيدا لعدم وجوب الاكرام اى لم يجب الاكرام فى هذه القطعة من الزمان وقد علم شرح كون الزمان ظرفا للعام

واما اذا كان الزمان قيد للعام والخاص فيتمسك بالعام فى القطعة المشكوكة اى اذا كان الزمان قيدا للعام والخاص فيصير المورد من نحو متكثر الموضوع فيقيد الاكرام فى المثال المذكور بكل يوم ويصير اكرم العلماء عاما اصوليا اى ينحل اكرم الى متعدد فلا يستصحب فى هذه الصورة حكم الخاص والا يلزم تعدى حكم من موضوع الى موضوع آخر فلا بد فى المقام اخراج قطعة من الزمان من تحت حكم العام ويجرى فى الباقى حكم العام لتكثره فى كل يوم اى فى كل يوم وساعت موضوع وحكم بالاستقلال واشار اليه المصنف بقوله وان كان مفادهما على النحو الثانى فلا بد من التمسك بالعام بلا كلام الخ.

اى اذا كان مفاد العام والخاص على نحو كون الزمان قيدا لهما فلا بد من التمسك بالعام فى القطعة المشكوكة بلا كلام

٢١١

لكونها من افراد موضوع حكم العام وقد ذكر الى هنا القسمان المتفقان من الاقسام الاربعة اى اذا كان ظرفا للعام والخاص او قيدا لهما نحو اكرم العلماء الا النحويين فى يوم الخميس فالعموم فى هذا المثال زمانى لكوننا زمانيا وكذا الحكم زمانى ايضا فخصص قطعة من الزمان وكذا خصص بعض الافراد اى خرج قطعة من الزمان من تحت العام وكذا خرج من تحته بعض الافراد فاذا شك فى غير القطعة المتيقنة فهل يستصحب حكم الخاص ام يتمسك بالعام.

فيقال فى الجواب ان كان الزمان ظرفا للعام والخاص فمذهب المصنف هو التفصيل والمراد منه ان كان المخصص فى الوسط كخيار الغبن فيستصحب فى القطعة المشكوكة حكم الخاص لان العام فى هذه الصورة من حيث الزمان عموم مجموعى فلوحظ وحدة الحكم والموضوع واذا وقع المخصص فى الوسط قطع العام فهو منتف.

واما اذا وقع المخصص فى الاول كخيار الحيوان والمجلس فيتمسك بالعام فى غير مورد التخصيص اى يلاحظ العموم المجموعى بعد مضى القطعة الاولى فيتمسك بالعموم بعد زمان المخصص فظهر التفصيل على مذهب المصنف فى صورة كون الزمان ظرفا واما الشيخ فيقول انه لا يجوز التمسك بالعام فى الصورة المذكورة سواء كان فى الوسط ام فى الاول.

واما اذا كان الزمان قيدا للعام والخاص فيتمسك على القطعة المشكوكة بالعام اى يلاحظ عام فى هذه الصورة على نحو عموم استغراقى وتكثر الموضوع وقد ذكر الى هنا صورتان متفقان

٢١٢

من الصور الاربع اى اما يكون الزمان ظرفا للعام والخاص واما يكون قيدا لهما واما صورتان مختلفتان فما بينه المصنف بقوله وان كان مفاد العام على النحو الاول والخاص على النحو الثانى الخ.

اى اذا كان الزمان ظرفا للعام وقيدا للخاص فلا مورد لاستصحاب حكم الخاص وكذا لا يتمسك فى هذا المورد بالعام واما عدم التمسك به فانه مقطوع بالمخصص لانه كان على نحو العموم المجموعى بعبارة شيخنا الاستاد زمانى كه مخصص در وسط واقع شود عموم مذكور منتفى مى شود چون وسط آن بريده شده.

واما عدم استصحاب حكم الخاص فهو لتكثر الموضوع فانه دال على خروج خصوص هذه القطعة عن العام فلا يدل على خروج فرد آخر لانه موضوع آخر فان استصحب فى القطعة المشكوكة حكم الخاص لزم اسراء وتعدى حكم موضوع الى موضوع آخر لان الزمان قيد للخاص فيصير باعتبار هذا القيد الموضوع متعددا والصورة الثانية من المختلفتين ما اشار اليه المصنف بقوله وان كان مفادهما بالعكس كان المرجع هو العام الخ.

اى ان كان الزمان قيدا للعام وظرفا للخاص فالمرجع هو العام للاقتصار فى تخصيص العام على القدر المتعين اى مقدار دلالة الخاص فيرجع فى غير هذا المقدار الى العام.

قوله فتأمل تعرف ان اطلاق كلام الشيخ اعلى الله مقامه الخ.

قال صاحب الكفاية ان كلام الشيخ موقع للنظر نفيا فى

٢١٣

الموردين واثباتا فى مورد واحد.

واعلم ان الشيخ لم يذكر الخاص وانحصر كلامه فى العام اى قال ان الزمان اما ظرف للعام واما قيد له واما المصنف فقال ان الزمان اما يكون ظرفا للعام والخاص واما يكون قيدا لهما فكان مقام الثبوت قسمين على قول الشيخ واربعة اقسام على قول المصنف الاول ان يكون الزمان ظرفا للعام والخاص فيكون حكم العام على نحو الاستمرار والعموم المجموعى اى يكون من الاول الى الآخر الحكم الواحد والموضوع الواحد.

فقال المصنف ان كان المخصص فى الوسط كخيار الغبن فلا يجوز التمسك بالعام اى اوفوا بالعقود واما ان كان المخصص فى الاول فيجوز التمسك بالعام بعد اخراج القدر المتيقن.

واما الشيخ فقال بطور المطلق انه لا يجوز التمسك بالعام اذا كان الزمان ظرفا له اى نفى التمسك بالعام على نحو المطلق فى صورة كون الزمان ظرفا للعام ولم يتعرض للمورد الذى وقع المخصص فيه فى الاول وقد ذكر ان المصنف قائل بجواز التمسك بالعام فى صورة وقوع المخصص فى الاول كخيار المجلس والحيوان وهذا احد مورد النظر فى كلام الشيخ نفيا والثانى من مورد النظر فى كلامه نفيا فيما اذا كان الزمان قيدا للعام وظرفا للخاص فقال يجوز التمسك بالعام فى هذا المورد ولا يجوز استصحاب حكم الخاص لان العام حاكم على الخاص.

واما المصنف فيقول ان المانع من استصحاب حكم الخاص هو العام فقط لان العام فى هذا المورد بنحو التكثر فينحل الى

٢١٤

موضوعات متعددة ويكون حاكما على الخاص واما اذا وجد لهذا العام معارض فيجوز استصحاب حكم الخاص.

وبعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر بالاى اين عام يك بلاى ديگر آمد مثلا يك عام ديگر معارض شود از براى اين عام پس جايز مى شود استصحاب حكم خاص واما الشيخ فلم يتعرض لما ذكر بل قال على نحو المطلق انه اذا كان الزمان قيدا للعام فلم يجز استصحاب حكم الخاص فقد ثبت مورد ان للنظر نفيا فى كلام الشيخ.

واما المورد الذى وقع كلامه فيه مورد النظر اثباتا فانه قال على نحو المطلق انه لا يجوز التمسك بالعام اذا كان الزمان ظرفا له بل يستصحب حكم الخاص ولا يخفى ان اطلاق كلامه يشمل الصورة التى كان الزمان فيها ظرفا للعام وقيدا للخاص فلا يجوز فى هذا المورد التمسك بالعام واما من اطلاق كلامه فيظهر جواز استصحاب حكم الخاص.

ولكن قد ظهر من كلام المصنف عدم جوازه فى هذه الصورة اى اذا كان الزمان قيدا للخاص فيصير الموضوع متكثرا فينحل هذا الى الاحكام المتعددة فيثبت فى كل آن حكم وموضوع وينحل ما ذكر الى الموضوعات المتعددة والاحكام المتعددة وقد علم ان شرط الاستصحاب هو اتحاد الموضوع واما فى الصورة المذكورة فالموضوع متعدد فلا يصح الاستصحاب فى القطعة المشكوكة مثلا اذا قيل اكرم العلماء ولا تكرم النحويين فى يوم الجمعة فعدم الاكرام فى يوم الجمعة موضوع مستقل وكذا فى يوم السبت لان الزمان قيد للموضوع فيصير متعددا باعتباره فلا يجرى الاستصحاب

٢١٥

فى الفرد المشكوك لانه مستلزم اسراء حكم من موضوع الى موضوع آخر.

قوله : الرابع عشر الظاهر ان الشك فى اخبار الباب وكلمات الاصحاب هو خلاف اليقين الخ.

والمراد من اخبار الباب هو اخبار باب الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك واعلم ان اصل وضع هذا التنبيه لبيان معنى الشك فيشمل الظن ايضا ولم يكن المراد منه المعنى الخاص اى ما يساوى فيه احتمال الطرفين بل يراد منه ما يعم الظن فيشمل الخبر المذكور الشك والظن فالمراد من الشك هو خلاف اليقين فيدل على عدم جواز نقض اليقين بالشك والظن.

واعلم ان تصور الاقسام الاربعة اى اليقين والظن والوهم والشك انما يكون عند الفلاسفة واما لسان الاخبار فهو على قسمين اى اليقين والشك فيأتى المصنف الادلة الاربعة لكون الشك بالمعنى الاعم ولا يخفى ان هذا يصح اذا كان حجية الاستصحاب من باب الاخبار وذكر سابقا الادلة الاربعة لها وهى استقرار بناء العقلاء : وان الثبوت السابق موجب للظن : ودعوى الاجماع : والاخبار وايضا ذكر هنا الوجه الرابع وهو العمدة فى حجية الاستصحاب اعنى الاخبار المستفيضة اى اذا كان الاستصحاب حجة من بابها صح ان يراد من الشك المعنى الاعم وهو ما يشمل الشك والظن اى جعل فى الاخبار الشك خلاف اليقين.

وقد استدل لما ذكر بالادلة الاربعة : الاول استعمال اهل اللغة كما فى الصحاح اى المراد من خلاف اليقين هو الشك

٢١٦

والظن : الثانى قد تعارف استعمال الشك فى المعنى الاعم فى الاخبار فى غير باب الاستصحاب : والثالث والرابع قد استعمل فى هذا المعنى فى اخبار الاستصحاب اى قد ذكر فى قوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين آخر فيعلم من هذا ان غير اليقين يسمى شكا وايضا قوله عليه‌السلام فى الصحيحة : لا حتى يستيقن انه قد نام.

توضيحه ان اطلاق جواب الامام (ع) بعدم وجوب الوضوء على من تيقن الطهارة وعرضته الخفقة والخفقتان بحيث لم يلتفت الى تحريك الشيء فى جنبه فترك عليه‌السلام الاستفصال بين افادة الخفقة التى من امارات النوم عادة للظن به وعدمها اى ان اطلاق جوابه (ع) يدل على ان الحكم المذكور اعنى عدم وجوب الوضوء ثابت ما لم يحصل العلم بالخلاف فلا يجب الوضوء مع الظن بالخلاف فيراد من الشك ما هو خلاف اليقين.

وهذا ما يستفاد من الاخبار اى لا يخلوا الانسان من القطع او الشك وكذا يفهم هذا من علم الاصول قد ذكر هنا ان موضوع الاصول العملية هو الشك فى الحكم الواقعى والمراد من الشك هو التحير فيخرج الانسان منه اذا حصل له القطع واما الظن فهو كالشك فى عدم خروج من التحير به.

وقد علم هذا من قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشك اى حكم بعدم وجوب اعادة الوضوء الا بعد اليقين بالنوم اى لا يجب الوضوء فى المثال المذكور لعدم اليقين بالنوم فعلم ان مع الظن بالنوم ايضا لا يجب الوضوء فالمغيا اى عدم وجوب الوضوء انما

٢١٧

يكون مع عدم القطع بالنوم فمع الظن والوهم والشك يثبت المغيا اى لا يجب الوضوء فيستفاد من الاخبار ان مقابل القطع هو الشك بالمعنى الاعم واما اهل المنطق والفلسفة فجعلوا ما يعرض للانسان اربعة اقسام اى القطع والظن والشك والوهم.

قوله : قد استدل عليه ايضا بوجهين الآخرين الخ.

حاصل هذا التنبيه اى الرابع عشر انما يكون لبيان شرط الاستصحاب فيشترط فيه اليقين السابق والشك اللاحق فلا يصح نقض اليقين بالشك وايضا علم فى هذا التنبيه ان المراد من الشك هو خلاف اليقين فيشمل الظن اى اذا كان حجية الاستصحاب من باب الاخبار فيعلم منها ان الشك استعمل بالمعنى الاعم فكان لسان الاخبار عدم جواز نقض اليقين بخلاف اليقين اى سواء كان ظنا ام وهما ام شكا.

وبعبارة اخرى ان المراد من اليقين ما يشمل الحجية المعتبرة اى فلا فرق بين أن تكون الحجة قطعا او ظنا معتبرا واما غير الحجة سواء كان ظنا ام وهما ام شكا فيسمى شكا فلسان لا تنقض اليقين بالشك اى لا تنقض الحجة بغيرها ولو كان ظنا.

وقد ذكر ان الاستصحاب اذا كان حجة من الاخبار صح ان يراد من الشك ما هو خلاف اليقين واما اذا كان حجية الاستصحاب من باب بناء العقلاء او الاجماع او الظن فلم يصح ان يراد من الظن ما هو خلاف اليقين فان العقلاء يقولون ان المراد من الشك ما تساوى فيه طرفان وكذا اذا كان حجية الاستصحاب من باب الظن فالمراد من الشك ما هو مقابل للظن.

٢١٨

وقد بيّن هنا دليلان آخر ان لما ذكر الاول الاجماع القطعى على اعتبار الاستصحاب اى استدل بالاجماع على كون الشك فى باب الاستصحاب هو خلاف اليقين ورد المصنف هذا الاستدلال بقوله وفيه انه لا وجه لدعواه اى هذا الاجماع مدركى فلينظر الى مدركه وبعبارة اخرى ان هذا الاجماع اخذ من الاخبار فلا بد من ملاحظة نقشها اى بعد تسليمه هو مدركى فالمعتبر هو المدرك لا الاجماع.

قوله : الثانى ان الظن الغير المعتبر ان علم بعدم اعتباره بالدليل الخ.

اى قد زاد الشيخ دليلين آخرين لكون المراد من الشك هو خلاف اليقين : الاول الاجماع اى اتفقوا على عدم نقض اليقين مع الظن بالخلاف فرد هذا الاستدلال بان هذا الاجماع مدركى فلينظر الى مدركه.

والدليل الثانى اى الوجه الثانى الذى استدل به الشيخ على المدعى توضيح هذا الاستدلال ان الظن غير المعتبر على القسمين : احدهما ما قام الدليل على عدم حجيته وهو كالقياس قد اشتهر عن اهل الخلاف ان معرف الشيعى هو عدم قبول القياس : وثانيهما اى الثانى من قسمى الظن غير المعتبر هو ما لم يكن الدليل على حجيته فلا يحتاج هذا القسم الى التعب لان عدم الدليل كاف على عدم حجيته فوجود هذا الظن كعدمه.

فظهر من البيان المذكور ان لا تنقض اليقين بالشك يشمل كلا القسمين من الظن غير المعتبر لانه كالشك فى عدم جواز

٢١٩

نقض اليقين به بعبارة اخرى ان هذا الظن مساو للشك فى الحكم المذكور هذا هو الدليل الثانى للشيخ على كون المراد من الشك هو خلاف اليقين.

قوله : وفيه ان قضية عدم اعتباره لالغائه او لعدم الدليل على اعتباره الخ.

هذا جواب عن الاستدلال الثانى اى استدل الشيخ لكون الشك خلاف اليقين بوجهين آخرين : الوجه الاول هو الاجماع قد ذكر مع جوابه : الوجه الثانى ان الظن غير المعتبر على القسمين : احدهما ما قام الدليل على عدم اعتباره فهو كالعدم : وثانيهما ما لم يقم الدليل على اعتباره فلا يجوز نقض اليقين بهذين القسمين من الظن لان هذا يرجع الى نقض اليقين بالشك هذا حاصل استدلال الشيخ بالوجه الثانى.

فاجيب عنه بقوله وفيه ان قضية عدم اعتباره لالغائه : توضيح هذا الجواب انه لا حاجة الى جعل القسمين فى الظن غير المعتبر اى سواء قام الدليل على عدم حجيته ام لا فيجعل هذا الظن كالعدم لان الظن غير المعتبر ما قام الدليل على عدم حجيته ولكن الدليل المذكور اما ان يكون عاما واما ان يكون خاصا مثلا القياس قد اقام الدليل الخاص على عدم حجيته.

واما الظن الذى لم يقم الدليل حجيته فهو داخل تحت العمومات التى تمنع عن العمل بالظن فيجعل الظن غير المعتبر بعد وجوده كعدمه فالمراد من جعل وجوده كعدمه هو عدم اثبات المظنون بهذا الظن وليس المراد ترتيب آثار الشك عليه بل لا بد

٢٢٠