هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٤

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٣

قوله : واما النحو الثانى فهو كالجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية الخ.

قد ذكر ان الاحكام الوضعية على ثلاثة اقسام قد عرف القسم الاول منها مفصلا الآن يذكر القسم الثانى منها وهو ما كان الحكم الوضعى مجعولا بالجعل التشريعى تبعا وبالعرض والمراد من هذا القسم الثانى هو الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية الفرق بين المانع والقاطع ان المانع ما يكون مضرا بالاجزاء واما القاطع فهو مضر بالاكوان.

فكان البحث فى القسم الثانى عن الجزئية والشرطية ويحتاج توضيح هذا البحث الى ترتيب المقدمة أى قد ذكر فى المنطق ان اتصاف ذات الموضوع بوصفه وعنوانه يسمى عقد الوضع أى اتصاف ذات الموضوع بالوصف العنوانى اصطلح فى المنطق بعقد الوضع مثلا اتصاف الذات بالكتابة لا يصح من دون هذا الوصف العنوانى فبعد اتصاف الذات بالكتابة يقال الكاتب متحرك الاصابع.

اذا عرفت المقدمة فاعلم ان اتصاف الشىء بالجزئية والشرطية انما يكون بعد اتصاف الشىء بالمأمور به اى يطلق ما ذكر على المأمور به لا الماهية مثلا يطلق كون الشىء جزء او شرطا للصلاة باعتبار كونه مأمورا به مثلا اذا امر باتيان الصلاة المقيدة أى اذا امر بالشىء المقيد انتزع عن هذا الجزئية او الشرطية والفرق بينهما انه اذا دخل القيد والمقيد فى المأمور به فهو المسمى بالجزء واما اذا دخل المقيد فى المأمور به دون القيد كالامر بالصلاة المقيدة بالطهارة فهو المسمى بالشرط لان الطهارة

٨١

خارجة عن الصلاة وكذا تقييد الصلاة بعدم المانع والرافع مثلا وجوب الصلاة على النساء مقيد بعدم كونها حائضا فان الحيض ان وجد قبل وقت الصلاة فيسمى مانعا وان وجد بعد دخول وقت الصلاة فيسمى رافعا.

الحاصل ان الجزئية والشرطية لا تكونان الا بعد الامر بالمركب أى لا يحصل هذا العنوان من دون الامر ولا يخفى ان اطلاق الكل والجزء انما يصح بعد تركب ولا يصح اطلاق الجزء على الشىء قبله وكذا لا يصح عنوان المأمور به الا بعد الامر اى اذا وجد الامر على المركب صدق على اجزاء المركب عنوان المأمور به فالجزئية والشرطية انما تكونان مجعولتين ثانيا وبالتبع اى لا يكاد يتصف شىء بكونه جزءا او شرطا للمأمور به الا بملاحظة الامر بما يشمل عليه مقيدا بشىء آخر أى يلاحظ ان الامر بالشىء مقيدا شامل لشيء آخر كالجزء والشرط فكان ما ذكر مجعولا عن عنوان المأمور به أى الاحكام الوضعية كالجزئية والشرطية مجعولة ثانيا وبالتبع عن عنوان المأمور به.

قوله : وجعل الماهية واجزائها ليس الا لتصور ما فيه المصلحة الخ.

هذا اشارة الى الجواب عن السؤال المقدر تقديره انكم تقولون ان الجزئية لم تكن مجعولة من دون الامر فما تقولون فى جعل الماهية أى جعل الماهية يكفى فى جعل الجزئية والشرطية فلا نحتاج الى الامر.

والجواب عنه ان المراد من جعل الماهية هو تصور الشارع

٨٢

المصلحة والمفسدة واما كون الشيء جزء او شرطا لا يصح من دون الامر وان صح الاتصاف الجزئية والشرطية للمتصور فى الواقع او اتصف بالجزئية والشرطية لذى المصلحة لكن هذا لا يفيد فى جعل الجزئية والشرطية بل جعلهما محتاج الى الامر.

قوله : واما النحو الثالث فهو كالحجية والقضاوة والولاية الخ.

قد ذكر ان الاحكام الوضعية على ثلاثة اقسام القسم الاول ما يعد من الاحكام الوضعية اى حسب منها وان لم يكن منها لانه مجعول بالجعل التكوينى والاحكام الشرعية لم تكن مجعولة بهذا الجعل أى هذا القسم من الاحكام الوضعية لم يكن مجعولا بالجعل التشريعي اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا.

وأيضا ذكر ان القسم الثانى من الاحكام الوضعية ما كان مجعولا بالتبع اى ذكر اما النحو الثانى فهو كالجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية وهذه المذكورات مجعولة بالجعل التشريعي تبعا أى يوجد عنوان الجزئية والشرطية الخ بعد عنوان المأمور به قد مر تفصيله.

الآن يبحث من القسم الثالث فيقال ان الاحكام الوضعية موضوع للاحكام التكليفية اذا كان الامر كذلك فتصير مجعولة تبعا توضيحه مثلا ان الزوجية شىء انتزاعى فهى موضوع للحكم التكليفي كجواز الوطى ووجوب النفقة وكذا الملكية فهى موضوع لجواز التصرف كالاكل والبيع والهبة وغيرها وكذا الحجية فهى موضوع لجواز العمل بالخبر الواحد وكذا القضاوة فهى موضوع لوجوب الاطاعة وكذا العتاق والطلاق فانهما من الاحكام الوضعية

٨٣

وكانا موضوعا للحكم التكليفي فالطلاق موضوع لجواز تزويج المرأة لشخص آخر وكذا العتاق موضوع لجواز التصرف والمالكية فى المال أى بعد العتق وجد جواز التصرف والمالكية.

الحاصل ان القسم الثالث من الاحكام الوضعية الاعتبارية وهو موضوع للاحكام التكليفية فهل يكون هذا القسم الثالث مجعول بالتبع او بالاستقلال قال الشيخ (قدس‌سره) ان هذا القسم من الاحكام الوضعية مجعول بالتبع مثلا الملكية تنتزع عن جواز التصرف وكذا القضاوة تنتزع عن انفاذ حكم الشخص ووجوب العمل بقوله وكذا ينتزع عن جواز تصرف الاب فى مال الاولاد الصغار الولاية.

واما صاحب الكفاية (قدس‌سره) فلا يقبل هذا فقال اولا وان كانت من الممكن انتزاعها من الاحكام التكليفية الخ.

أى هذه الاحكام الوضعية يمكن انتزاعها من الاحكام التكليفية ويمكن أن تكون هذه الاحكام الوضعية مجعولة بنفسها.

فيبحث اولا ان المراد من الامكان ما هو والجواب ان المراد من الامكان هو الامكان الاحتمالى لا الامكان الذى هو بمعنى الجواز وكذا كان الامكان بمعنى الاحتمال فى قوله كلما قرع سمعك فذره بقعة الامكان اى فذره فى بقعة الاحتمال العقلى وكذا فى المقام ان المراد من الامكان هو الامكان الاحتمالى أى يحتمل عقلا انتزاع المذكورات من الاحكام التكليفية.

فلا يصح فى المقام ان يكون الامكان بمعنى الجواز للزوم التناقض فى قول المصنف اى ان كان المراد فى المقام من الامكان الجواز فهذا مستلزم للتناقض فى قوله بان يقول أاو لا يمكن اى يجوز

٨٤

انتزاع ما ذكر من الاحكام التكليفية ويقول ثانيا يمتنع انتزاع هذه المذكورات من الحكم التكليفي فهذا تناقض واضح واما ان كان الامكان بمعنى الاحتمال فلا يلزم التناقض فى قوله.

فقال المصنف او لا يحتمل انتزاع الاحكام الوضعية من الاحكام التكليفية لكن يقول بعد هذا انه يمتنع انتزاع الاحكام الوضعية من الاحكام التكليفية بالادلة الثلاثة.

الدليل الاول ان الحكم الوضعي موضوع للحكم التكليفي فالموضوع مقدم رتبة على المحمول فالحكم الوضعي مقدم على التكليفي فلا يصح انتزاع الشيء المتقدم من المتأخر.

الدليل الثانى ان الاحكام الوضعية مجعولة بالاستقلال من مجرد جعله تعالى او من بيده الامر من قبله وهو النبي والائمة عليهم‌السلام اى يجعل فى الموارد الكثيرة الحكم الوضعي من دون لحاظ الحكم التكليفي مثلا اذا قال شخص ملكت فينتزع منه الملكية واما الآثار والاحكام التكليفية فلم تلاحظ قط وكذا الحكم فى مسئلة الزوجية والطلاق والعتاق فالمقصود فى كلها هو الاحكام الوضعية اى تنتزع هذه المذكورات بمجرد العقد او الايقاع ممن بيده الاختيار ولا تلاحظ الاحكام التكليفية فيها.

الدليل الثالث لو كان الحكم الوضعي منتزعا من الحكم التكليفي للزم ان لا يقع ما قصد ويقع ما لم يقصد اى يلزم ان يكون المقصود غير واقع والواقع غير مقصود اذ المقصود هو الحكم الوضعي كالملكية والزوجية هذا لم يقع واما جواز التصرف وجواز الوطى فهذا وقع وان لم يكن مقصودا.

٨٥

توضيح ما ذكر ان الحكم الوضعي ان كان منتزعا من الحكم التكليفي مثلا انتزع الملكية من جواز التصرف فيقع جواز التصرف اى الحكم التكليفي لانه منشأ الانتزاع فهذا مع أنّه لم يكن مقصودا وقع ولكن الحكم الوضعي كالملكية فى المثال المذكور فلم يقع مثلا جواز التصرف وجد اولا واما الملكية فلم توجد بعد فيلزم تخلف قاعدة تبعية العقود للقصود لان المقصود من ملكت او بعت هو الملكية فلم يقع واما الحكم التكليفي اى جواز التصرف فهو وقع ولم يكن مقصودا فهذا مخالفة القاعدة المشهورة اى قاعدة تبعية العقود للقصود فانقدح من البيان المذكور ان الامور الاعتبارية انما تكون مجعولة بنفسها بالجعل الاستقلالى وقال المصنف كما لا ينبغى ان يشك فى عدم انتزاعها عن مجرد التكليف الخ.

هذا ايضا دليل لعدم انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي ووجه الاستدلال ان الحكم التكليفي يوجد فى اكثر الموارد ولا ينتزع الحكم الوضعي منه مثلا يوجد إباحة التصرف من دون الملكية فى نحو تصرف الولي فى مال المجنون اى الشخص المجنون ممنوع التصرف فى ماله لكن جاز التصرف فى ماله للاب والجد مع عدم الملكية لهما فى مال المجنون وكذا الحكم فى صورة إباحة الطعام لشخص فيوجد جواز التصرف من دون الملكية وكذا يوجد الحكم التكليفي من دون الحكم الوضعي فى نحو تحليل المولى امته للغير فيجوز الوطي من دون الملكية.

فلا ينتزع فى اكثر الموارد الحكم الوضعي من الحكم التكليفي اى لا ينتزع فى الموارد المذكورة الملكية من إباحة التصرف وإن

٨٦

ثبت بنحو الموجبة الجزئية انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي لكنها لا تفيد فى مقام الاستدلال قد تمت هنا الاستدلال بالادلة الثلاثة على عدم انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي بل ثبت ان الحكم الوضعي مجعول بنفسه بمجرد انشائه اى انما يكون ايجاد الامور الاعتبارية بنفس الانشاء.

الحاصل ان الامور الاعتبارية تنتزع ممن بيده الاعتبار اى الله تعالى وكذا يصح الاعتبار من المخلوق مثلا يجعل الاعتبار فى يد شخص بالتوكيل فى اجراء عقد النكاح ومثلا قوله تعالى الزكاة للفقراء والمساكين فجعل هنا الملكية واما المالك فى هذا النحو فهو الجهة وكذا المالك فى باب الخمس فهو جهة ايضا.

ولا يخفى ان الحكم الوضعي اما ابتدائى واما امضائى فالتشريعيات اكثرها امضائي فالبيع والشراء امضائي فالجعل انما يكون من الله تعالى بنحو التأسيس او الامضاء ولكن لا يتعلق الامضاء على كل افعالنا مثلا لا يتعلق على البيع الربوى بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية تمام كارهاى پرت وپلا وچرندوپرند شما را شارع امضاء نمى كند.

قوله وهم ودفع اما الوهم فهو ان الملكية كيف جعلت من الاعتبارات الخ.

اما الوهم فيقال ان الملكية من الاعراض التسعة فكيف جعلت من الامور الاعتبارية قد ذكر فى محله ان الملكية انما تكون من المحمولات بالضميمة.

واما الامور الاعتبارية فانما تكون خارج المحمول والفرق

٨٧

بينهما اى بين خارج المحمول والمحمول بالضميمة ان كليهما خارجان من حقيقة ذات الموضوع اى المحمول بالضميمة ايضا خارج عن ذات الموضوع نحو زيد ضاحك فالضاحك خارج عن حقيقة ذات زيد فالمحمول بالضميمة عبارة اخرى عن حمل العرض.

واما خارج المحمول فهو حمل العرض ايضا لكن فرق بينهما وهو ان العرض فى المحمول بالضميمة موجود فى الخارج مثلا الضاحك موجود فى الخارج وكذا الابيض واما العرض فى الخارج المحمول لم يكن موجودا فى الخارج مثلا الزوجية لم تكن موجودة فى الخارج وكذا الكلية والجزئية.

الحاصل ان الملكية لم تكن قابلة للجعل والاعتبار لانها من الخارجيات وقابل الجعل هو الشيء الاعتبارى فالملكية لم تكن قابلة للجعل اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا وهذا الذى ذكر تفصيل للوهم.

قوله واما لدفع فهو ان الملك يقال بالاشتراك على ذلك الخ.

الكلام فى دفع الوهم قد ذكر توضيح الوهم وذكر المصنف ان القسم الثالث من الاحكام الوضعية قابل للجعل الاستقلالي وهذا كالملكية والقضاوة والولاية فالاشكال وارد على الملكية فقط اى ان الملكية من المحمولات بالضميمة لم تكن قابلة للجعل.

واما جواب ودفع الاشكال فان هذا الوهم من المغالطات قد ذكر فى المنطق ان المغالطات ثلاثة عشر قسما اى تنقسم الى اللفظية والمعنوية فالاولى ستة اقسام والثانية سبعة اقسام فمن

٨٨

المغالطات استعمال اللفظ المشترك من دون القرينة مثلا مختار قد يكون اسما للشخص هذا لا اعلال فيه وقد يكون مع الاعلال فهذا مشترك لفظى بين المختير بكسر العين اى اسم فاعل وبين المختير بفتح العين اى اسم مفعول وكذا فى المقام فان الملك مشترك بين اربعة معان.

الاول الهيئة حاصلة من التعمم والتقمص والتنعل فهذه الهيئة حاصلة بسبب كون جسم فى محيط بحيث ينتقل المحيط بانتقال المحاط مثلا العباء محيط وانت محاط عليه وكذا العمامة محيط والشخص الذى لبسها محاط عليه ولا فرق بين كون المحيط على تمام الجسم او على بعضه فتسمى هذه الهيئة عند اهل المعقول الملك والجدة وله فيحصل هذا الملك عن انتقال المحيط بانتقال محاط عليه اى اذا حصل النقل لك حصل للعباء والعمامة والملكية بهذا المعنى من المحمولات بالضميمة لان لها ما يحاذيها فى الخارج وقد ذكر ان هذا الملك موجود فى الخارج فلم يكن من الامور الاعتبارية.

الثانى الاضافة الاشراقية اى يكون وجود المضاف بالمضاف اليه كاضافة العالم الى الله اى وجوده عن الله تعالى فكان له تعالى الاضافة الاشراقية لكل الموجودات اى أعطى الله تعالى الوجود لها.

قال شيخنا الاستاد تتصور الاضافية الاشراقية لنا ايضا كايجاد الكلام اضافة اشراقية لنا بان يكون وجوده عنا وكذا الخياليات مثلا بعض يتخيل كونه سلطانا هذا اضافة اشراقية فظهر مما ذكر ان العالم ملك له تعالى لاستناد وجوده الى الله تعالى وهذه الملكية من مقولة الاضافة الاشراقية.

٨٩

الثالث الاضافة المقولية اى القسم الثالث من معانى الملك وهذا القسم من الملك يحصل من التصرف مثلا الفرس لمن ركبه وكذا الدار ملك لمن كان ساكنا فيها وكذا يحصل الملكية باحياء الموات وحيازة المباحات.

الرابع من معانى الملك ما ينشأ بقوله بعت او ملكت او وهبت وهذا القسم من الاضافة المقولية ايضا فالملكية التى حصلت بهذه الاضافة اما حقيقية واما اعتبارية فان حصلت من التصرف فهى حقيقية وان حصلت من الانشاء فهى اعتبارية.

ولا يخفى ان الملكية الاضافية كانت بالاسباب المختلفة كبعت او ملكت او وهبت فالسبب الاول هو اعتبارى وقال بعض السبب الاول للملكية هو الحيازة كملكية آدم عليه‌السلام وايضا تنشأ الملكية من سبب غير اختيارى كالموت الموجب لملكية الوارث لما تركه الميت.

الحاصل ان الملك على ثلاثة معان الاول ما يكون من مقولات تسع قد ذكر ان يسمى هذا القسم الملك والجدة وله وكان هذا القسم من المحمولات بالضميمة ولا يخفى ان الاعراض التسعة كلها من المحمولات بالضميمة قد ذكر الفرق بين الخارج المحمول والمحمول بالضميمة من ان كلاهما خارجان عن ذات الموضوع لكن فى المحمول بالضميمة يضم العرض مع المعروضات.

واما وجه التسمية مع كون هذا المحمول ايضا خارج عن ذات الموضوع فانه لا يلزم الاطراد فى التسمية مثلا يسمى شخص بنته الجميلة مع فقد الجمال منها وكان شخص آخر بالعكس فالمحمول بالضميمة من الخارجيات ولم يكن قابلا للجعل والانتزاع.

٩٠

ويذكر هنا اقسام العرض من باب الكلام يجر الكلام من تقرير شيخنا الاستاد فان الاعراض من الاضافات ولكن تكرر النسبة فى بعضها كالابوة فتسمى نسبة مكررة اى نسبتك الى الابن ونسبته اليك ولا يخفى ان هذه الاضافة حقيقية وايضا النسبة موجودة فى المقولات التسع ولكن ليست مكررة.

قاعدة ليس اثنان من الاعراض التسعة من الامور النسبية وهما الكم والكيف وسبعة منها من الاعراض النسبية مثلا اين نسبة فى المكان ومتى نسبة فى الزمان ولكن واحد منها نسبة مكررة كالابوة والبنوة وقد كان بحث الاعراض هنا تبعا لشيخنا الاستاد وايضا كان ذكر هذا البحث لتوسعة الاذهان.

الثانى الاضافة الاشراقية اى كون الملكية من الاضافة الاشراقية قد ذكر شرحها من ان المراد منها وجود المضاف بالمضاف اليه اى وجود الشيء عن الله اضافة اشراقية وكذا وجود الشيء بيدك ايضا اضافة اشراقية.

الثالث ما يحصل باعتبار كقولك بعت او وهبت فيبحث ان حصول الملك هنا هل يكون بالانشاء او يكون باللفظ فاعلم ان الملك بالمعنى الاول والثانى خارج عن محل البحث وانما يكون محلا للبحث بالمعنى الثالث اى ما يحصل بالانشاء بقولك بعت او وهبت فهذا القسم من الملكية قابل للانتزاع بالاستقلال قد ذكر ان هذا قسم من الاضافات المقولية واما القسم الآخر منها فما يحصل بالتصرف والاستعمال نحو حدوث الملكية باحياء الموات وحيازة المباحات.

٩١

قوله فيكون شىء ملكا لاحد بمعنى ولآخر بالمعنى الآخر.

قد ذكر ان الملك مشترك بين معان وواحد منها من المقولات التسع ولم يكن اعتباريا واما باقى المعانى فهو من الامور الاعتبارية والاضافية.

فيمكن ان يكون شىء ملكا لاحد بمعنى ولآخر بالمعنى الآخر مثلا اذا اشتريت فرسا وغصبه الشخص الآخر فهذا الفرس ملك لك بالشراء وملك للغاصب بالتصرف وكذا العباء ملك لك واخذه الشخص الآخر جبرا وظلما وكذا العمامة اذا اخذه الظالم فانهما ملك للغاصب بالجدة لانهما محيطان له واذا اخذ الغاصب الفرس فيكون ملكا لك واقعا وملكا للغاصب بالتصرف وملكا لله تعالى بالاضافة الاشراقية الحاصل ان الملك مشترك بين معان.

الاول ما يكون من مقولات التسع ويسمى هذا القسم الملك والجدة وله.

الثانى الاضافة فهى على ثلاثة اقسام : الاولى الاضافة الاشراقية : الثانية الاضافة المقولية بالتصرف : الثالثة الاضافة المقولية بالاعتبار نحو بعت هذا بهذا فالقسم الاول لم يكن مجعولا والقسم الثانى مجعول بالتبع والقسم الثالث مجعول بالاستقلال وهو كالحجية والقضاوة والولاية والنيابة والملكية ولا يخفى ان الملكية بالمعنى الثالث قابلة للجعل بالاستقلال.

قوله : اذا عرفت اختلاف الوضع فى الجعل الخ.

أى اذا عرفت ان قسما من الحكم الوضعي غير قابل الجعل

٩٢

الشرعي اصلا أى لا اصالة ولا تبعا فلا مجال للاستصحاب فى القسم الاول من الاحكام الوضعية لان شرط المستصحب ان يكون حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى واما هذا القسم من الحكم الوضعي فليس كذلك مثلا ان نحو السببية والشرطية ليس حكما شرعيا ولا موضوعا ذا اثر شرعى فلا يصح الاستصحاب فى هذا القسم من الحكم الوضعي وقد ذكر سابقا ان السببية وشرطية من اجزاء العلة لوجوب الصلاة وكذا عدم المانع فلا بد بين العلة والمعلول من السنخية والخصوصية وذكر ان الدلوك ذا خصوصية لذا جعلت الصلاة واجبة عنده لكن هذه الخصوصية مخفية عندك والظاهر انها لم تكن حكما شرعيا.

فان قلت ان هذه الخصوصية ذات اثر شرعى اى وجوب الصلاة مترتب عليها قلت سلمنا هذا لكن يشترط فى باب الاستصحاب بان يكون ترتب هذا الاثر الشرعي على المستصحب شرعيا.

واما فى المقام فلم يكن ترتب وجوب الصلاة على تلك الخصوصية شرعيا لان المقام كترتب المعلول على العلة عقلى أى يحكم العقل على ترتب المعلول على العلة وترتب المشروط على الشرط وترتب المسبب على السبب.

فظهر ان ترتب وجوب الصلاة على الخصوصية المذكورة عقلى فلم يصح الاستصحاب فى القسم الاول من الحكم الوضعي.

واما القسم الثانى من الاحكام الوضعية فهو ما كان مجعولا بالتبع أى اذا كان شىء جزء او شرطا للمأمور به فيصح استصحابه فكان القسم الثانى من الاحكام الوضعية مجعولا بالتبع اى استصحاب هذا المجعول صحيح لان امر وضعه ورفعه بيد الشارع وان لا يسمى

٩٣

حكما تكليفيا فكونه مجعولا بالتبع كاف فى صحة الاستصحاب.

لكن يرد الاشكال فيه بان الجزء موجود فى ضمن الكل والامر انما يتعلق على الكل فهو المستصحب اى وان صح استصحاب هذا الجزء المجعول بالتبع الا انه لا تصل النوبة الى جريانه فيه لوجود اصل الحاكم وهو استصحاب الكل أى الحكم التكليفي.

وقد ذكر فى باب الاقل والاكثر انه يستصحب عدم وجوب الاكثر واشكل عليه بانه يعارض باستصحاب عدم وجوب الاقل فيصح استصحاب عدم الاقل لكن مع وجود الاصل السببى لا تصل النوبة الى الاصل المسببى الا اذا وجد الاشكال على الاصل السببى فيصح الاصل المسببى.

الحاصل انه اذا صح استصحاب نفس المأمور به والكل فلا تصل النوبة الى استصحاب الجزء لان الكل سبب ومنشأ الانتزاع ومع الاصل السببى فلا تصل النوبة الى الاصل المسببى وقال بعد هذا فافهم هذا اشارة الى انه لو وجد المانع على الاصل السببى بعبارة شيخنا الاستاد اگر اصل سببى خراب شد نوبت باصل مسببى مى رسد اى ربما لا يجرى الاصل فى منشأ الانتزاع لمعارضته باصالة عدم الجزئية.

وكذا الحكم فى الاقل والاكثر اى الاصل عدم وجوب الاكثر لكن اذا كان استصحاب عدم وجوب الاقل معارضا لاستصحاب عدم وجوب الاكثر فلا تجرى اصالة عدم الاكثر.

الحاصل ان الاستصحاب يجرى فى المجعول التبعى اذا كان للاصل السببى معارضا يمنع عن جريانه مثلا اذا كان استصحاب عدم وجوب الاقل نفسيا فهو مانع عن استصحاب عدم وجوب

٩٤

الاكثر فانه يجرى حينئذ استصحاب عدم جزئية المشكوك بلا مانع.

واما القسم الثالث من الاحكام الوضعية فيجرى الاستصحاب فيه لانه مجعول مستقل كالحكم التكليفي أى قد ذكر ان الحجية والقضاوة والولاية من المجعولات الشرعية بالاستقلال.

فى تنبيهات الاستصحاب

فى تنبيهات الاستصحاب قوله : ثم ان هاهنا تنبيهات الاول انه يعتبر فى الاستصحاب فعلية الشك واليقين الخ.

ولا يخفى ان الاستصحاب حجة عند المصنف مطلقا أى سواء كان الشك فى المقتضى ام الرافع واما الشيخ فقائل بالتفصيل وهو ان كان الشك فى الرافع فالاستصحاب حجة واما اذا كان الشك فى المقتضى فلم يكن حجة قد ذكر المصنف فى هذه التنبيهات احكام الاستصحاب وذكر الشيخ هذه التنبيهات فى الرسائل ولكن لم يذكر التنبيه الاول فى سلسلة التنبيهات بل ذكره قبل ادلة الاستصحاب.

والمصنف ذكرها بهذا الترتيب المذكور اى قوام الاستصحاب هو اليقين بالحدوث والشك فى البقاء واما ان كان شك فى الحدوث فهذا قاعدة اليقين لا الاستصحاب فيبحث انه هل يعتبر ان يكون اليقين والشك فعليا ام يكفى كونهما تقديريا قال المصنف انه يعتبر فى الاستصحاب فعلية الشك واليقين لانه يعلم من عنوان لسان الادلة فعليتهما أى عنوان الادلة ظاهر فى فعليتهما والمراد من الشك التقديري ان المتكلم لو التفت لشك لكن غفل فلا يكون له الشك الفعلى فلا استصحاب مع الغفلة عن الشك.

٩٥

قد ذكر فروع فى الفقه مثلا يحكم بصحة صلاة من احدث ثم غفل وصلى ثم شك بعد الصلاة فى انه تطهر قبل الصلاة فصح صلاته لقاعدة الفراغ ولا يخفى ان صحة الصلاة انما تكون فى صورة احتمال الوضوء بعد الحدث.

واما فى صورة عدم احتمال الوضوء بعد الحدث فلا تصح الصلاة لان هذا الشخص متيقن فى الحدث وكذا لا تصح صلاة من التفت الى الحدث قبل الصلاة وشك فيه لاحتمال الوضوء ثم غفل وصلى لان الشك هنا فعلى فيستصحب الحدث ولا تجرى قاعدة الفراغ لان اليقين فى الحدث والشك فى الطهارة كانا قبل الصلاة ثم غفل اى كان الشك فى هذا الصورة فعليا وكان الشك فى فرض السابق تقديريا.

الحاصل انه يعتبر فى الاستصحاب ان يكون الشك واليقين فعليا قد ذكر مثال الشك التقديرى اى لو التفت لشك ومثال اليقين التقديرى مثلا كان الشخص جنبا ثم غفل صلى فعلم انه كان جنبا اى لو التفت قبل الصلاة لعلم انه محدث فظهر ان قوام الاستصحاب هو كون الشك واليقين فعليا لان موضوعات الاحكام مفروضة الوجود.

ولا يخفى ان العناوين التى اخذت فى لسان الدليل هى موضوع للاحكام مثلا لا تنقض اليقين بالشك فالمراد من اليقين والشك هو مفروض الوجود وفعلى لانهما موضوع للحكم أى لا تنقض قوله لا يقال نعم الخ قد ذكر ان الشك اذا كان تقديريا أى لم يلتفت الشخص الى شكه فصلى ثم شك فى الطهارة فصلاته

٩٦

صحيحة لقاعدة الفراغ فاشكل عليه بقوله لا يقال حاصله ان الشخص كان محدثا او لا ثم شك فى الطهارة فاستصحب الحدث ويحكم على بطلان الصلاة.

فاجيب عن هذا الاشكال بقوله فانه يقال نعم الخ اى سلمنا استصحاب الحدث فى صورة التفات الى الشك قبل الصلاة واما اذا التفت الى الشك بعد الصلاة فيحكم بصحة الصلاة لقاعدة الفراع وهى مقدمة على اصالة الفساد ولا يخفى انما يحكم بصحة الصلاة مع احتمال الطهارة بعد الحدث.

قوله : الثانى انه هل يكفى فى صحة الاستصحاب الشك فى بقاء الشيء على تقدير ثبوته الخ.

ويبحث فى هذا التنبيه انه اذا لم يكن القطع بنجاسة الشيء ولكن قامت البينة عليها فشك فى طهارته فهل يصح استصحاب الطهارة وكذا اذا قام الخبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة حال حضور الامام عليه‌السلام وشك فى زمان الغيبة فى بقائه.

فاشكل فى جريان الاستصحاب فى مثل هذا المورد بان الامارة لا تفيد اليقين بل لا تفيد الظن فضلا عن اليقين فعلى المذهب الحق كانت حجية الامارات غير العلمية من باب المنجزية والمعذرية ولا يجعل الحكم بالامارة غير العلمية أى تكون حجيتها من باب الطريقية المحضة ولا يجعل الحكم فى مقابل الامارة واما اهل السنة فهم قائلون بجعل الحكم بالامارة.

وحاصل الاشكال ان الامارة انما تكون حجة من باب الطريقية مثلا اذا دلت الامارة على نجاسة الشيء فهى حجة واذا شك فى

٩٧

طهارته فلا يصح استصحاب النجاسة لعدم اليقين السابق أى الدليل دال على عدم نقض اليقين يعنى لا تنقض اليقين بالشك ففى صورة اقامة البينة على نجاسة الشيء لم يكن اليقين عليها حتى تستصحب أى فى مورد الامارة لم يكن اليقين السابق وهو شرط فى جريان الاستصحاب.

والجواب عن الاشكال بناء على تقرير شيخنا الاستاد ان المراد من اليقين فى مورد الامارات هو اليقين الطريقى اى نقطع على كون الامارة حجة عن الشارع مثلا نقطع بحجية البينة شرعا فالمراد من اليقين فى مورد الامارة هو اليقين فى حجيتها وهذا ما يستفاد من قول الشيخ فى الرسائل وكذا صاحب المعالم اى قال ان ظنية الطريق لا ينافى قطعية الحكم فسلمنا كون الطريق ظنيا ولكن حجيته قطعي اى قطعنا ان شارع جعل البينة حجة وعلمنا قول الشارع بان يعمل على طبقها فيقطع بالحكم الظاهرى بناء على العمل بالحجة.

هذا جواب الاشكال على تقرير شيخنا الاستاد لكن اشكل عليه بان امارات انما يكون حجة من باب الطريقية فلا يكون الظن بالحكم فضلا عن القطع.

والجواب عن الاشكال قد ذكر فى باب القطع من انه على خمسة اقسام الاول القطع الطريقى الثانى القطع الموضوعى وهو على اربعة اقسام : الاول يؤخذ فى الموضوع على نحو الصفتية فاما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزئه او انه مأخوذ فى الموضوع على وجه الطريقية وهو ايضا اما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزئه.

ثم من خواص القطع الطريقى قيام الامارات مقامه بنفس

٩٨

دليل الاعتبار وكذا قامت الامارات مقامه اذا كان مأخوذا فى الموضوع على وجه الطريقية واما اذا كان مأخوذا فيه على وجه الصفتية فلا تقوم الامارات مقامه.

اذا عرفت ما ذكر فاعلم ان اليقين مأخوذ فى الموضوع على وجه الطريقية فيصح قيام لامارات مقامه مثلا قوله لا تنقض اليقين بالشك فالمراد من اليقين هو الحجة فالامارات المعتبرة حجة ايضا لا يجوز نقضها بالشك كما قال الشيخ فى الرسائل ان القطع على خمسة اقسام وقال ان كان مأخوذا فى الموضوع على وجه الطريقية فيجوز قيام الامارات مقامه ان ظهر من دليل الحكم او من دليل خارج اعتبار القطع على وجه الطريقية للموضوع.

توضيح ما ذكر بعبارة اخرى ان قوله لا تنقض اليقين بالشك من اى عين يشرب الماء هل يشرب الماء من العين التى يقول بها الشيخ او يشرب الماء من العين الاخرى وقد ذكر ان القطع ان اخذ فى الموضوع على وجه الطريقية فيجوز قيام الامارة مقامه ثم يصح الاستصحاب لان المراد من اليقين فى قوله لا تنقض اليقين هو الحجة اى لا تنقض الحجة فنعلم ان الشارع جعل نحو البينة والخبر الواحد حجة فيشمله لا تنقض اليقين.

فجواب الشيخ عن الاشكال على النحو المذكور سهل ولكن المصنف قائل بعدم جواز قيام الامارات مقام القطع الموضوعى ولو كان على وجه الطريقية.

واذا لم يصح الجواب المذكور عند المصنف فلا بد ان يجيب بالجواب الآخر وهو ان لا تنقض اليقين يحمل على خلاف الظاهر اى تثبت الملازمة بين ثبوت والبقاء فيبنى على البقاء وان لم يكن

٩٩

اليقين على الثبوت فيثبت بلا تنقض الملازمة وان كانت دلالته على ثبوت الملازمة خلاف الظاهر اى كانت الملازمة بين ثبوت والبقاء من باب التعبد اعنى حكم الشارع على الملازمة بينهما.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية دو تا برادر دست بدست شده اند تا استصحاب بقاء صحيح شود اى امارات ثبوت را درست مى كند ولا تنقض اليقين ملازمة را درست مى كند بعد از آنكه درست شد ثبوت بتوسط امارة يقين بكار نيست.

واعلم ان اليقين لم يؤخذ فى موضوع الاستصحاب على النحو الصفتية بل هو مأخوذ فى الموضوع على النحو الطريقية فيصح قيام الامارات مقامه على قول الشيخ.

واما صاحب الكفاية فيقول انه لا يصح قيام الامارة مقام هذا القطع فاجاب عن الاشكال عدم جريان الاستصحاب فى صورة عدم دلالة الامارة على حكم او على موضوع ذى اثر ـ بالجواب الآخر اى فلا بد منه يعنى حمل لا تنقض على خلاف الظاهر والمراد منه ان جملة لا تنقض اليقين تصح الملازمة بين ثبوت الشيء وبقائه ففى صورة الشك فى البقاء يبنى عليه.

قد ذكر فى السابق ان الامارة دالة على ثبوت الحكم او الموضوع وجملة لا تنقض تدل على الملازمة بين الحدوث والبقاء اى اذا شك فى البقاء فيستصحب ولا يخفى ان الحدوث يجيء من جهة الامارات فلا يشترط فيه اليقين لان الامارات حجة بجعل الشارع فهى كافية فى الحدوث.

فائدة الملازمة على القسمين اى العقلية والشرعية مثلا ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود فالملازمة فى هذا المثال بين

١٠٠