هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢

قوله ثانيهما ما اختص به بعض المحققين قال لا ريب فى كوننا مكلفين بالاحكام الشرعية الخ.

هذا معطوف على قوله احدهما المذكور فى السابق فى الصفحة ١٢٦ عند قوله كما ان منشأ توهم الاختصاص بالظن بالطريق وجهان احدهما ما افاده بعض الفحول الخ.

وذكر الوجه الثانى عند قوله هنا ثانيهما ما اختص به بعض المحققين الخ.

أى استدل فى السابق بعض الفحول وهو المحقق الآشتياني والشيخ اسد الله الشوشترى وغيره أى استدلوا على اختصاص الحجية بالظن بالطريق قد ذكر وجه الاستدلال والاشكال عليه وهنا يذكر الاستدلال الآخر على اختصاص حجية الظن بالظن بالطريق أى استدل بعض المحققين وهو الشيخ محمد تقى الاصفهانى واعلم ان هذا الاستدلال مؤلف من امور.

الاول العلم باننا مكلفون بالتكاليف الواقعية وانها لم تسقط عنا فى حال الانسداد.

الثانى ان همّ العقل فى كل الحال أى الانفتاح والانسداد وهو احراز فراغ الذمة عن التكليف الذى اشتغلت به.

الثالث ان نصب الشارع الطريق الى الواقع يستلزم القطع بحكمه بفراغ الذمة اذا عمل المكلف على طبقه فاذا حصل له العلم بالطريق المنصوب كما فى حال الانفتاح حصل له العلم بالفراغ كما فى حال الانسداد حصل له الظن بالفراغ اذا عمل به ففى حال الانسداد ينحصر محل فراغ الذمة بالظن بالطريق هذا بيان الاستدلال

٢٤١

الثانى لاختصاص الحجية بالظن بالطريق.

قوله وفيه أوّلا ان الحاكم على الاستقلال فى باب تفريغ الذمة بالاطاعة والامتثال هو العقل الخ.

أى اجاب المصنف عن الدليل الثانى الذى استدل به بعض المحققين على اختصاص الحجية بالظن بالطريق اجاب عن هذا الاستدلال.

بقوله وفيه أوّلا ان الحاكم الخ.

أى ان الحاكم فى باب تفريغ الذمة بالاطاعة والامتثال انما هو العقل مستقلا ولا يصلح موردهما للحكم المولوى ولو حكم الشارع فى هذا المورد كان ارشادا لما استقل به العقل والحاكم بفراغ الذمة عند القطع بموافقة الواقع أو الطريق هو العقل لا الشرع فالحاكم فى باب الاطاعة والمعصية بوجوب القطع بتحصيل المؤمن من عقوبات التكليف هو العقل ايضا لا الشرع.

ولا شك فى ان القطع به يحصل عنده بموافقة كل من الطريق أو الواقع بما هو واقع لا بما هو معلوم فالاتيان بالواقع حقيقة أو تعبدا من حيث هو واقع مفروغ للذمة لا بما هو معلوم وكذا فى حال الانسداد فان الظن فيه يقوم مقام القطع فالمفرغ للذمة فى حال الانسداد هو الواقع المظنون بما هو واقع لا بما هو مظنون فظهر من البيان المذكور ان المفرغ فى حال الانفتاح والانسداد هو الواقع بما هو واقع.

٢٤٢

قوله وثانيا سلمنا ذلك لكن حكمه بتفريغ الذمة فيما اذا اتى المكلف بمؤدى الطريق المنصوب الخ.

هذا عطف على قوله اولا قد ذكر فى الوجه الاول ان الحاكم فى باب التفريغ الذمة هو العقل مستقلا وليس للشارع فى باب الاطاعة والامتثال حكم مولوى حاصل هذا الوجه الثانى انه بعد تسليم الحكم المولوى للشارع فى مقام الاطاعة والامتثال فنقول ان الظن بالواقع اولى من الظن بالطريق وان جعل الطريق يكون مستلزما لجعل الفراغ وكذلك يستلزم جعل الحكم الواقعى لجعل الفراغ بالاولوية لكون الواقع اصلا ومؤدى الطريق بدلا عنه ومنزلا منزلته فترتب الحكم بالفراغ على جعل الحكم الواقعى اولى من ترتبه على جعل الطريق.

قوله ان قلت كيف يستلزم الظن بالواقع مع أنّه ربما يقطع بعدم حكمه به الخ.

أى قال المصنف ان التكليف بالواقع يستلزم حكمه بالتفريغ الذمة وهذا المستشكل يمنع عن هذه الملازمة حاصل المنع انّ الظن بالواقع قد لا يستلزم الظن بحكم الشارع بالفراغ كما اذا حصل الظن بالواقع من القياس الذى يعلم بعدم كونه طريقا شرعا ولكن بخلاف الظن بالطريق المنصوب فانه مستلزم الظن بحكم الشارع بالفراغ وان كان هذا الطريق قياسا واشار الى هذا المصنف بقوله مع أنّه ربما يقطع بعدم حكمه به أى ربما يقطع بعدم حكم الشارع بالفراغ مع الظن بالواقع.

٢٤٣

قوله قلت ان الظن بالواقع أيضا يستلزم الظن بحكمه بتفريغ الذمة الخ.

هذا جواب عن الاشكال المذكور حاصله ان الظن بالواقع يستلزم الظن بالفراغ مطلقا وان نشأ الظن بالواقع من القياس وذلك لان النهى عن القياس ناش عن مخالفته احيانا للواقع فمع المصادفة تحصل براءة الذمة ولا ينافى هذا لاستلزام القطع بعدم حجية القياس عند الشارع أى الظن بالواقع يستلزم الظن بحكم الشارع بتفريغ الذمة وان كان هذا الظن من القياس وقلنا بعدم حجيته عند الشارع لانا لم نجعل القياس حجة ولكن حصل لنا منه الظن بالواقع ويستلزم الظن بتفريغ الذمة بحكم الشارع فى العمل بهذا الظن.

واما اذا عمل المكلف بالقياس وجعل الظن القياسى حجة وطريقا الى الواقع مع علمه بانه لم يكن حجة عند الشارع فلم يكن المكلف معذورا بل كان مستحقا العقاب ولو فيما اصابه وانما يكون المكلف مستحقا للعقاب فيما اخطأ لتفويته الواقع ولكن العقاب فيما اصاب انما يكون على التشريع لانه بنى على حجية هذا الظن وبعبارة اخرى انما يكون العقاب فى صورة الاصابة لاجل التجرى.

قوله وثالثا سلمنا ان الظن بالواقع لا يستلزم الظن به الخ.

أى قد ذكر فى السابق ان فراغ الذمة يحصل بالظن بالطريق عند العمل به وكذا يحصل بالظن بالواقع عند العمل به وقوله ثالثا اشارة الى انه لو فرض انحصار فراغ الذمة بالظن بالطريق لكن

٢٤٤

يفهم من هذا حجية الظن بالواقع بمقتضى استدلال بعض المحققين بان نتيجة مقدمات الانسداد هى حجية الظن بفراغ الذمة فالظاهر ان سبب الظن بفراغ اثنان أى الظن بالطريق عند العمل به والظن بالواقع عند العمل به فيحصل الظن بالفراغ من كل منهما بعبارة اخرى يعمّ سبب الظن بالفراغ الى الظن بالطريق والظن بالواقع فثبت بقياس المساواة ان الظن بالواقع ملازم للظن بالفراغ وكذا الظن بالطريق ملازم للظن بالفراغ فالظن بالواقع ملام للظن بالطريق لان ملازم الملازم ملازم كما يقال فى القياس المساواة كل مساو للشيء مساو لمساوى ذلك الشىء واشار اليه صاحب الكفاية.

بقوله وقد عرفت ان الظن بالواقع لا يكاد ينفك عن الظن بانه مؤدى الطريق غالبا.

أى ان الظن بالواقع لازم للظن بانه مؤدى الطريق.

وقيد غالبا اشارة الى ان الملازمة بين الظن بالواقع والظن بالطريق انما تكون فى الاحكام المبتلا بها لا فى غيرها فعلم ان الملازمة المذكورة انما تكون غالبا أى فى الاحكام المبتلا بها.

قوله : فصل لا يخفى عدم مساعدة مقدمات الانسداد على الدلالة على كون الظن طريقا منصوبا شرعا الخ.

واعلم انّ مقتضى مقدمات الانسداد بعد فرض تماميتها هو حكم العقل بجواز العمل بالظن مطلقا وقد اختلفوا فى ان حكم العقل هذا هل هو من باب الكشف يعنى ان العقل يكشف عن جعل الشارع الظن حجة حال الانسداد لا ان العقل ينشئ الحجية للظن أم من باب الحكومة يعنى ان العقل بملاحظة تلك المقدمات يحكم

٢٤٥

بحجية الظن وينشئها له حال الانسداد.

بعبارة اخرى ان العقل بعد ما لاحظ مقدمات الانسداد هل يستكشف منها من جعل الشارع الظن حجة وان احتمل مخالفته للواقع فالشرع منشئ للحجية والعقل كاشف عن هذا الانشاء أم أنّ العقل يحكم بوجوب متابعة فى مقام الامتثال من غير ان يرى للشرع دخلا فى ذلك لانه ليس الحكم الشارع فى سلسلة المعلومات والملازمة فى سلسلة العلل.

اذا تم معنى الكشف والحكومة فاعلم انّ مقدمات الانسداد لا تنتج حجية الظن كشفا أى شرعا بل مقتضاها حجية الظنّ حكومة أى بحكم العقل لانه بعد ابطال الاحتياط بادلة نفى الحرج قد وصلت النوبة الى الظن بحكم العقل ومع هذا الحكم العقلى المستقل فى مقام الاطاعة لا حاجة الى حكم الشارع فتكون النتيجة حجية الظن فى مقام الاطاعة أى يحكم العقل بعدم جواز مطالبة بازيد من الاطاعة الظنية كما قال صاحب الكفاية انه مع هذه المقدمات لا يجب على الشارع ان ينصب طريقا لجواز اجتزائه بما استقل به العقل لانّ العقل يكفى فى حال الانسداد ولا مجال لاستكشاف نصب الشارع من حكم العقل بقاعدة الملازمة ولم يكن المقام موردا للحكم الشرعى لعدم الاحتياج اليه.

ولا يخفى ان مؤاخذة الشارع لم يكن موجبا لحكمه بعبارة اخرى انه كان للشارع حق المؤاخذة فى صورة مخالفة حكم العقل لكن هذا الحق غير قابل لحكمه.

واما اقتصار المكلف بما دون اطاعة الظنية كاطاعة الشكية والوهمية فكان هذا الاقتصار بنفسه موجبا للعقاب مطلقا أى سواء

٢٤٦

اصاب الظن أم اخطأ أو كان الاقتصار فى المرتبة السفلى موجبا للعقاب فى صورة اصابة الظن واما العمل بالظن والاطاعة الظنية فهو موجب الثواب اخطأ المكلف أو اصاب فليست الحاجة الى الامر الشارع بالاطاعة الظنية أو نهيه عن مخالفة هذه الاطاعة لان حكم الشارع كان مولويا بلا ملاك لان وجوب الاطاعة الظنية حصل بحكم العقل لكن اذا كان امر الشارع وحكمه ارشاديا فلا بأس به أى لو صرح الشارع بوجوب الاطاعة وتحريم المعصية كان الامر والنهى للارشاد لا للتكليف اذ لا يترتب على مخالفة هذا الامر والنهى الا ما يترتب على ذات المأمور به والمنهى عنه اعنى نفس الاطاعة والمعصية أى ثبت الى هنا انّ العقل بعد تمامية مقدمات الانسداد يحكم بوجوب الاطاعة الظنية من غير حكم الشارع.

قوله : وصحة نصب الطريق وجعله فى كل حال بملاك يوجب نصبه وحكمه داعية اليه لا تنافى استقلال العقل الخ.

هذا دفع للتوهم فى المقام.

توضيح التوهم انّ الظن اذا لوحظ طريقا لاحراز حكم الواقع فلا فائدة حينئذ فى هذا الحكم بعد حكم العقل بلزوم احراز الحكم الواقعى بالظن أى سلمنا فى هذه الصورة عدم الاحتياج الى الحكم المولوى بعد حكم العقل بلزوم احراز الواقع بالظن.

واما اذا لوحظ الظن موضوعا بحيث يترتب المثوبة على موافقة والعقوبة على مخالفته مع قطع النظر فى الواقع أى كان نفس موافقته موجبا للمثوبة ـ فلا وجه للمنع لتعلق الحكم المولوى بالعمل بالظن أى يثبت حكم الشرع من حكم العقل بقاعدة الملازمة فيستكشف

٢٤٧

حجية الظن شرعا فى هذه الصورة بقاعدة الملازمة.

واما الدفع فنقول ان نصب الطريق من الشارع مع عدم لحاظ الواقع جائز لكن لا يمكن استكشاف نصب الطريق بقاعدة الملازمة أى ليست الملازمة بين حكم الشرع والعقل فى هذه الصورة.

توضيحه ان الملازمة المذكورة انما تثبت اذا كان الموضوع فى الحكم العقلى والشرعى واحدا اما مقام البحث فالفرق ثابت بين موضوع الحكم العقلى والشرعى فان الظن الملحوظ طريقا صرفا لاحراز الواقع هو الموضوع للحجية العقلية فيكون الحكم الفعلى فى هذه الصورة هو الحكم الواقعى واما اذا كان الظن الملحوظ طريقا شرعا يكون الحكم الفعلى هو الحكم الظاهرى لا الحكم الواقعى الحاصل من تعلق الحكم المولوى بالظن ـ لكن لا بقاعدة الملازمة بل بملاك الآخر كتسهيل الامر للمكلفين والظاهر ان الحكم الشرعى لم يثبت فى هذا المورد من باب قاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع واعلم ان نصب الطريق من الشارع لا بملاك احراز الواقع وان كان جائزا عن الشارع ولكن لا يمكن استكشاف هذا الحكم الشرعى من الحكم العقلى بقاعدة الملازمة لان الظن الذى لوحظ طريقا صرفا لاحراز الواقع هو موضوع للحكم العقلى واما الظن الذى لوحظ طريقا شرعا فيترتب المثوبة على موافقته والعقوبة على مخالفته مع قطع النظر عن الواقع فيكون الظن فى صورة لحاظ الواقع موضوعا للحكم الواقعى الفعلى لكن اذا لوحظ الظن طريقا شرعيا مع قطع النظر عن الواقع فكان هذا الظن موضوعا للحكم الظاهرى الفعلى فلا ملازمة بين هذين الحكمين واثبات هذا الحكم الشرعى الظاهرى لا يتنافى ـ فى استقلال العقل

٢٤٨

بلزوم الاطاعة بحال الانسداد كما يحكم بلزوم الاطاعة بنحو آخر فى حال الانفتاح أى بنحو الامتثال العلمى فى حال الانفتاح واذا استقل العقل بلزوم الاطاعة فلم يصح استكشاف حكم الشارع بلزوم الاطاعة مولويا لما عرفت أى لان المورد غير قابل هنا للحكم المولوى.

قد ثبت الى هنا ان نتيجة مقدمات الانسداد هى حجية الظن من باب الحكومة ولا يستكشف كونه طريقا شرعيا.

ويبحث الآن انه اذا كانت نتيجة مقدمات الانسداد حجية الظن من باب الحكومة فلا اهمال فى نتيجة هذه المقدمات.

قوله فانقدح بذلك عدم صحة تقرير المقدمات الا على نحو الحكومة الخ.

هذا اشارة الى عدم الاهمال فى النتيجة على الحكومة قال صاحب الكفاية انه بناء على الحكومة لا اهمال فى النتيجة اصلا أى لا سببا ولا موردا ولا مرتبة بل النتيجة معينة اذ الاهمال فى النتيجة يكون فى صورة الشك والترديد فى الحكم ولا يتصور الشك والترديد من الحاكم هنا لان الحاكم بعد تمامية مقدمات الانسداد هو العقل فلا يتردد فى حكمه بعد احراز المناط.

توضيحه انه لا تفاوت بنظر العقل بين اسباب الظن فكل الظن الاطمينانى حجة فى نظر العقل سواء حصل من خبر عادل أو ثقة أو من الشهرة الفتوائية.

وكذا لا اهمال فى نتيجة مقدمات الانسداد بحسب الموارد لكن نتيجة مقدمات الانسداد من حيث الموارد جزئية أى يحكم العقل

٢٤٩

باطاعة الظنية فيما ليس للشارع فيه مزيد الاهتمام ولا يحكم العقل باطاعة الظنية فيما فيه مزيد الاهتمام من الشارع كمسألة الفروج والدماء فيحكم العقل فى هذه الموارد بالاحتياط اى يحكم العقل فى بعض الموارد بالاطاعة الظنية وفى بعض الموارد على وجوب الاحتياط فثبت نتيجة مقدمات الانسداد بالنسبة الى الموارد على نحو موجبة جزئية.

وكذا لا اهمال فى نتيجة مقدمات الانسداد بحسب المرتبة أى يحكم العقل بحجية الظن الاطمينانى فتكون هذه المرتبة حجة عقلا.

الحاصل ان الاحتياط موجب للعسر والحرج فيحكم العقل بحجية الظن الاطمينانى لدفعهما مثلا يحكم بالاحتياط بالموهومات ولكن فى المظنونات يحكم العقل بحجية الظن لان الاحتياط فى جميع الموارد موجب للعسر والحرج ونعمل بالظن بهذا المقدار لرفعهما.

قال صاحب الكفاية الا على تقدير عدم كفايتها فى محذور العسر.

أى ظهر مما تقدم ان حكم العقل بحجية الظن انما يكون لدفع العسر والحرج اذا حكم العقل بحجية الظن الاطمينانى فهذا كاف فى دفع العسر والحرج قال المصنف الا على تقدير عدم كفايتها أى ان لم تكن هذه المرتبة كافية فى دفع العسر والحرج فيتنزل الى مرتبة اخرى مثلا لم يكف العمل بالظن الاطمينانى فى دفع العسر والحرج فنعمل بغير هذا الظن أيضا حتى يدفع العسر والحرج.

واعلم ان ما ذكر مبنى على كون النتيجة تبعيض فى الاحتياط لان الاحتياط التام موجبا للعسر والحرج فيقتصر فيه على المقدار غير الموجب للعسر والحرج.

٢٥٠

قوله واما على تقرير الكشف فلو قيل بكون النتيجة هو نصب الطريق الواصل بنفسه فلا اهمال أيضا الخ.

أى اذا قلنا ان نتيجة مقدمات الانسداد على الكشف هو نصب الطريق الواصل فلا اهمال فى النتيجة بحسب الاسباب فالنتيجة معينة وهى كلية يعنى ان الظن حجة من أى سبب كان هذه النتيجة الكلية ثابتة اذا لم يكن بين الاسباب قدر المتيقن واما اذا كان بينها قدر المتيقن كخبر العادل المزكى بعدلين وكان هذا الخبر وافيا بمعظم الفقه فهو حجة معينا الحاصل انه لا اهمال فى النتيجة على تقرير الكشف لانها تكون كلية اذا لم يكن قدر المتيقن فى البين وهى جزئية فى صورة وجود قدر المتيقن.

قوله ولا بحسب المورد بل يحكم بحجيته فى جميعها الخ.

أى كذا لا اهمال فى النتيجة على طريق الكشف بحسب الموارد وكانت النتيجة بحسب الموارد كلية ايضا.

توضيحه ان نتيجة مقدمات الانسداد هى حجية الطريق الواصل من الشارع الينا فيلزم الخلف من عدم حجية ما وصل الينا أى لزم خلاف ما فرضناه من كون النتيجة هى الحجة الواصلة يعنى حجية الطريق الواصل فيلزم من عدم الالتزام بحجية ما وصل الينا عدم وصول الحجة الينا هذا خلاف الفرض لان فرضنا وصول الحجة الينا بنتيجة المقدمات الانسداد.

قوله واما بحسب المرتبة ففيها اهمال لاجل احتمال حجية خصوص الاطمينانى الخ.

قد ذكر عدم اهمال النتيجة بطريق الكشف بحسب الاسباب

٢٥١

والموارد.

واما بحسب المرتبة فالنتيجة على تقرير الكشف مهملة لاجل الاحتمال أى يحتمل ان يكون حجة فى جميع مراتبه ويحتمل ان يكون حجة فى خصوص المرتبة الاطمينانى فيصير هذا الاحتمال موجبا لاهمال النتيجة.

قوله ولو قيل ان النتيجة هى نصب الطريق الواصل فلا اهمال بحسب الاسباب الخ.

هذا بيان للوجه الثانى أى اذا كانت حجية الظن بعد تمامية مقدمات الانسداد على تقرير الكشف فلا اهمال فى النتيجة بالنسبة الى الاسباب فان الظن بالحكم حجة ان كان سببه واحدا وكذا ان كان متعددا لكن مع التساوى بالاعتبار فلا اهمال فى النتيجة فى ما ذكر اما عدم اهمالها فى صورة الوحدة فى السبب فانها توجب تعيين الذاتى فتكون النتيجة معينة فى حجية الظن الذى حصل من سبب واحد.

واما عدم اهمال النتيجة فى صورة تعدد الاسباب مع فرض التساوى بينها فلا ترجيح بين هذه الاسباب لان ترجيح بعض الافراد مع فرض التساوى بينها يكون من الترجيح بلا مرجح وهو قبيح فلا بد من الالتزام بحجية الجميع.

واما اذا كان سبب الظن بالحكم متعددا كما اذا انشأ من الخبر الواحد والاجماع والشهرة وكانت الظنون متفاوتة من حيث الاعتبار فان كان التفاوت بينها من حيث تيقن الاعتبار فالفرد المتيقن حجة دون غيره الحاصل انه لا اهمال فى النتيجة من حيث

٢٥٢

الاسباب سواء كان سبب الظن واحدا أم متعددا ولا يخفى ان المراد من الواحد هو الواحد النوعى كالخبر الواحد فى مقابل الاجماع المنقول والشهرة.

قوله واما بحسب الموارد والمرتبة فكما اذا كانت النتيجة هى الطريق الواصل بنفسه.

هذا بيان لعدم الاهمال فى النتيجة على تقرير الكشف بحسب المورد والمرتبة قد عرف توضيحه عند قوله ولا اهمال فى النتيجة بحسب الموارد بل يحكم بحجية الظن فى جميعها.

قوله وهم ودفع لعلك تقول ان القدر المتيقن الوافى لو كان فى البين الخ.

قد ذكرت الموارد الثلاثة بناء على تقرير الكشف وقال فى المورد الثالث واما بحسب الموارد والمرتبة فكما اذا كانت هى الطريق الواصل بنفسه أى لا اهمال فى النتيجة على تقرير الكشف بحسب الموارد والمرتبة اذا كانت النتيجة هى الطريق الواصل بنفسه والمراد منه ما اذا كانت مقدمات واصلة الى النتيجة بنفسها والمراد من الواصل بطريقة ما اذا كانت المقدمات فى ايصال الى النتيجة محتاجة الى مقدمة اخرى وقد ذكر لفظة متيقن الاعتبار فى كل الموارد الثلاثة.

فتوهم المتوهم انه اذا كان المتيقن فى البين فلا يصل النوبة الى الانسداد بعبارة اخرى انه بناء على وجود قدر المتيقن الوافى ينهدم الانسداد اذ العمدة فى مقدمات الانسداد هى انسداد باب العلم والعلمى وعلى وجود الطريق المتيقن الاعتبار كخبر الثقة أو خبر العادل ينفتح باب العلمى فلا يصل النوبة الى الانسداد.

٢٥٣

قوله لكنك غفلت عن ان المراد اذا كان اليقين بالاعتبار من قبله الخ.

هذا دفع الاشكال حاصله ان وجود القدر المتيقن ينافى الانسداد اذا لم يكن للانسداد دخل فيه واما اذا كان القدر المتيقن الاعتبار مستندا اليه ومعلولا له فلا ينافيه لامتناع ان يكون المعلول منا فيا للعلة.

بعبارة اخرى ان نتيجة الانسداد هى اليقين بنصب الطريق وهناك يقين آخر وهو القطع بالملازمة بين النصب الطريق وكون الطريق المنصوب هو القدر المتيقن وهو كاف فى حصول القدر المتيقن لان اليقين باحد المتلازمين وهو النصب الطريق شرعا وهو نتيجة دليل الانسداد يفيد هو حجية خبر العادل أو الثقة واما دليل الملازمة كالاجماع فلا يدل الا على التلازم بين المتلازمين قال شيخنا الاستاد ان الملازمة بين شيئين لا يشترط فيها أن تكون بين الممكنين بل تثبت الملازمة بين شيئين وان كانا ممتنعين لذا لا يشترط فى صدر القضية الشرطية ان يكونا ممكنين بل تثبت الملازمة وان كان طرفا القضية الشرطية ممتنعين كقوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وكذا فى المقام تثبت الملازمة بين طرفى القضية الشرطية مثلا يقال لو كان كل ظن حجة لكان خبر العادل حجة قطعا أى كان القدر المتيقن.

قوله بداهة ان الدليل على احد المتلازمين انما هو دليل على الآخر الخ.

هذا دفع لما لا يمكن ان يتوهم من ان الثابت بدليل الانسداد

٢٥٤

هو القطع بحجية الظن واما القطع بالملازمة بينها وبين حجية هذا الظن أى كخبر العادل قد حصل من الخارج فيكون الدليل على حجية الظن المذكور القطع الخارجى دون دليل الانسداد فيعود المحذور أى لا يصل النوبة الى دليل الانسداد لانفتاح باب العلمى اعنى حصول القطع من الخارج كالاجماع على حجية خبر العادل مثلا.

والجواب ان الدليل على احد المتلازمين ليس هو الدليل على ملازمة بينهما بل ما هو دليل على احد المتلازمين دليل على الآخر مثلا كل ظن حجة والدليل على هذا هو الانسداد فيكون الدليل الانسداد دليل لحجية خبر العادل ايضا فثبت ان الدليل على احد المتلازمين هو دليل على الآخر وليس هذا الدليل على الملازمة بل هو دليل على الملازمة وواسطة فى الثبوت أى محقق لدلالة الملازم على الملازم الآخر.

فائدة اذا كان الدليل مركبا من العقلى والنقلى فالميزان فى القضية هو الكبرى أى الملاك كل الملاك هو الكبرى واما الملاك فى القياس الاستثنائى هو وضع المقدم مثلا لو كان كل الظن حجة لكان خبر الثقة حجة لكنه كل الظن حجة فخبر الثقة حجه قطعا فوضع المقدم فى هذا القياس عقلى لانه نتيجة مقدمات الانسداد عقلى فيصدق على هذا القياس بانه دليل عقلى والظاهر ان المراد من المقدم فى المقام كل ظن حجة دليل عقلى فيدل على حجية خبر العادل هذا الدليل العقلى لا الدليل القطعى الخارجى كالاجماع فانه دليل على الملازمة واعلم انه يقال ان دليلا الانسداد دليل عقلى

٢٥٥

باعتبار المقدمة الاخيرة أى لو عمل بالمرجوح لكان ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا.

قوله لا يخفى ان الظن باعتبار الظن يوجب اليقين باعتباره من دليل الانسداد الخ.

هذا اشارة الى عدم التعميم فى نتيجة مقدمات الانسداد فى بعض الموارد.

الاول ما اشار اليه المصنف بقوله لا يخفى ان الظن باعتبار الظن بالخصوص الخ.

اى اذا حصل من مقدمات الانسداد الظن باعتبار الظن بالخصوص مثلا حصل من المقدمات الظن بحجية خبر العادل على التقرير الكشف فيقطع بكون هذا الظن بالخصوص حجة ولا ينظر الى غيره فى الحجية وعدمها.

ان قلت انه لم يقم على حجية هذا الظن دليل خاص.

قلت لا ينافى القطع بحجية هذا الظن بملاحظة الانسداد فظهر ترجيح هذا الظن بالخصوص على غيره الثانى ما اشار اليه المصنف.

بقوله : ومن هنا ظهر حال القوة ولعل نظر من رجح بها الخ.

أى اذا حصل من المقدمات حجية الظن القوى فيرجح على غيره واشكل الشيخ الاعظم على مرجحيّة الظن القوى وقال لا فرق فى نتيجة مقامات الانسداد بين الظن القوى وغيره والظاهر انه ربّما يوفّق بين كلمات الاعلام فى المقام لاجل هذا الاختلاف المبنائي يحمل قول كل احد على مبنى نفسه.

٢٥٦

قوله : فيختلف الحال باختلاف الانظار بل الاحوال.

أى ربما يكون الظن موجبا للترجيح بنظر شخص دون غيره أو كان الظن الراجح كافيا بنظر شخص دون شخص آخر بل يختلف ذلك باختلاف الاحوال أيضا بان يكفى الظن الراجح للشخص فى معظم المسائل ولا يكفى هذا الظن عنده فى حال آخر أو يكون الظن عنده راجحا فى حال وغير راجح فى حال آخر.

الحاصل ان نتيجة مقدمات الانسداد على تقرير الكشف لا اهمال فيها من حيث المورد لان الظن الحاصل من المقدمات حجة فى كل مورد واما الاهمال فى النتيجة انما يكون من حيث الاسباب والمرتبة وقد ذكر انه يراد متيقن الاعتبار فيخرج النتيجة من الاهمال وذكر انه يراد الظن القوى لكن منع الشيخ الاعظم الترجيح من حيث القوة قال شيخنا الاستاد ان القوة والضعف داخلتان فى المتضائفين فلا يتعين الظن القوى لان كل المرتبة بالنسبة الى السفلى قوية وبالنسبة الى العليا ضعيفة.

ويذكر هنا قول من عمم النتيجة اشار اليه.

بقوله : واما تعميم النتيجة بان قضية العلم الاجمالى هو الاحتياط فى اطرافه.

أى يقال ان تعميم النتيجة ثابتة بالعلم الاجمالى بجميع الاطراف أى يقتضى الاحتياط العمل بجميع الطرق والمعمم هو شريف العلماء (قدس‌سره) على ما حكى.

فاجاب عن هذا التعميم المصنف.

٢٥٧

بقوله : واما تعميم النتيجة الخ.

حاصله انّ تعميم لا يتم الا على تقدير كون النتيجة هو نصب الطريق ولو لم يوصل اصلا الى الواقع فيعمل بالجميع من باب الاحتياط لكن قد ذكر ان النتيجة على تقرير الكشف هى الطريق الواصل بنفسه فلا تعمّ جميع الطريق هذا اشكال الاول على التعميم.

الاشكال الثانى عليه ما اشار اليه.

بقوله : مع ان التعميم بذلك لا يوجب العمل الا على وفق المثبتات.

حاصل الايراد ان هذا العلم الاجمالى موجب للعمل فى المثبتات من اطرافه واما النافيات التى تكون من اطرافه فلا يجوز العمل بها فى مقابل قاعدة الاحتياط اللازم فلا يمكن الاعتماد على النافيات فى رفع اليد عن الواقعيات الا اذا كان النافى هناك من جميع الاصناف مثلا اذا قام خبر العادل والاجماع المنقول والشهرة على عدم وجوب صلاة الجمعة فى زمان الغيبة حيث ان الحجة قامت على نفى التكليف فتصلح للمؤمنية.

قوله : ضرورة ان الاحتياط فيها لا يقتضى رفع اليد عن الاحتياط فى المسألة الفرعية الخ.

هذا تعليل لجواز العمل بالنافى اذا كان من جميع الاصناف حاصله انما جاز العمل بالنافى اذا كان من جميع الاصناف كمثال المذكور لانه حينئذ حجة صالحة للمؤمنية ولا ينافى مع ذلك حسن

٢٥٨

الاحتياط بالفعل حتى يتوهم ان الحجية المثبتة للتكليف مقدمة فى هذا المورد أى قيام الحجية على النفى أيضا نظرا الى موافقتها للاحتياط هذا حيث لا ينافى نافى التكليف للاحتياط وايّد المصنف الاحتياط فى المثبتات.

بقوله : كيف يجوز الاحتياط فيها الخ.

أى كيف ينافى مشكوك الاعتبار الاحتياط فى المسألة الفرعية والحال ان النافى المعلوم الاعتبار لا ينافى الاحتياط فى المسألة الفرعية الحاصل ان مشكوك الحجية ليس باقوى من معلوم الحجية فكما ان معلوم الاعتبار لا ينافى حسن الاحتياط بالفعل فكذلك مشكوك الاعتبار لا ينافيه بطريق الاولى.

قوله : فصل قد اشتهر الاشكال بالقطع بخروج القياس عن عموم نتيجة دليل الانسداد الخ.

قيد المصنف بحث خروج القياس عن عموم النتيجة بناء على تقرير الحكومة بعبارة اخرى انما يرد الاشكال فى خروج القياس عن عموم نتيجة دليل الانسداد بناء على تقرير الحكومة اذ لا اشكال فى خروج القياس عن عموم النتيجة بناء على تقرير الكشف لان حجية الظن حينئذ تكون بجعل الشارع فله اثبات حجية الظن فى بعض الظنون ونفيها عن بعض آخر حسب ما يقتضى المصلحة فى نظره.

واما بناء على تقرير الحكومة فلا يصحّ خروج القياس عن عموم نتيجة مقدمات الانسداد لان حكم العقل لم يكن قابلا للتخصيص أى

٢٥٩

لا فرق عند العقل بين الظن القياسى وغيره فان المنع عن العمل بما يقتضيه العقل لا يصح ولو فرض صحة النهى عن الظن القياسى لصح النهى عن غيره أيضا مع انّه لا يصحّ مثلا العقل حاكم على حجية القطع ولا حق للشارع بالمنع فيها.

الظاهر انه يرد الاشكال بخروج القياس عن عموم نتيجة دليل الانسداد بوجهين.

الاول : بخروج الظن القياسى أى لا وجه لخروجه عن الحجية لعدم الفرق بين الظن القياسى وغيره عند العقل.

والثانى : انه يمكن النهى عن حجية ساير الامارات أى اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال ولا دافع لهذا الاحتمال الا قبح ذلك على الشارع اذ احتمال صدور الممكن بالذات لا يرتفع الا بقبحه مثلا النهى الشارع ممكن بالذات عن حجية الامارات ولا دافع لهذا النهى الا قبح ذلك على الشارع فهذا ثابت فى نهى كل الامارات وأيضا ان القياس اذا ثبت حجيته على تقرير الحكومة كان من افراد ما اشتهر من ان الدليل العقلى لا يقبل التخصيص.

قوله : وانت خبير بانه لا وقع لهذا الاشكال بعد وضوح كون حكم العقل بذلك معلقا الخ.

هذا دفع الاشكال الذى ورد بخروج القياس عن الحجية توضيحه ان خروج القياس شرعا لا ينافى استقلال العقل بحجية الظن وذلك لوجود الحكمين للعقل احدهما تنجيزى والآخر تعليقى وهو ما يكون منوطا بعدم نهى الشارع عن الظن بالخصوص فلو نهى الشارع عن العمل به لم يبق موضوع لحكم العقل بحجية مطلق الظن فينتفى حكمه

٢٦٠