هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢

قال المصنف لا شبهة فى لزوم اتباع ظاهر كلام الشارع فى تعيين مراده فى الجملة.

واما الكلام فقد اختلف فى التفاصل وقال بعض ان المراد هو الظن الشخصى وقال بعض ان المراد هو الظن النوعى وقال بعض ان سيرة العقلاء على اتباع الظواهر من غير تقييد بافادتها للظن فعلا وكذا لم يقيد بعدم افاده الظن على خلافها أى لا ردع فى هذه الموارد عن العمل بالظواهر وكذا لا فرق فى حجية هذه الظواهر بين من قصد افهامه وبين من لم يقصد افهامه والمراد بمن قصد كالنبى (ص) والامام (ع) والمراد بغير من قصد كالباقى المكلفين.

والدليل على ما ذكر عدم قبول عذر المكلف اذا خالف ما تضمن ظاهر الكل م بان يقول انا لم اكن مقصودا بالافهام.

والدليل الآخر صحة الشهادة بالاقرار من كل من سمعه مثلا اذا اقر شخص بشيء للغير وانكره بعد لكن سمعه شخصان فيصح شهادتهما على اقراره وان لم يكونا مقصودين بالافهام.

وكذا فى مسئلة الوقف فان الحاكم لم يكن مقصودا بالافهام ولكن كان اجراء الحكم على يده.

واعلم ان ظاهر كلام المولى اما خاص واما عام مثلا اذا كتب المولى الى العبد المعين باتيان فعل ففعل غيره وكان هذا الظاهر بالخصوص ولكن حجة لغيره ايضا واما اذا كتب المولى لجميع عبيده باتيان فعل فكان هذا الظاهر بالعموم.

قوله : ولا فرق فى ذلك بين الكتاب المبين واحاديث سيد المرسلين الخ.

أى لا فرق فى اتباع الظاهر بين ظاهر الكتاب والاحاديث وان

١٠١

ذهب بعض الاخباريين الى المنع عن العمل بظواهر الكتاب من دون التفسير وكشف المراد عن الحجج المعصومين (صلوات الله عليهم).

وقد استدلوا لذلك بالاخبار المتواترة المدعى ظهورها فى منع عن ذلك مثل النبوى من فسر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار.

وفى نبوى آخر من فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب.

وفى مرسلة شعيب بن انس عن أبى عبد الله (ع) انه قال لابى حنيفة انت فقيه اهل العراق قال نعم قال عليه‌السلام فباىّ شيء تفتيهم قال بكتاب الله وسنة نبيه (ص).

قال (ع) يا ابا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ من المنسوخ قال نعم قال عليه‌السلام يا ابا حنيفة لقد ادعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك الا عند اهل الكتاب الذين انزل عليهم ويلك ما هو الا عند الخاص من زرية نبينا لاجل احتوائه على مضامين شامخه لا يكاد تصل اليها الا الراسخون العالمون وقال (ع) ولا يكاد يصل الى فهم كلمات الاوائل الا الاوحدى من الافاضل فما ظنك بكلامه تعالى أى لا يفهم مثل ابى حنيفة كلام الناس.

قال شيخنا الاستاد بالفارسية : گفت حضرت از براى ايشان فهميدن كلام ناس مشكل است مثلا كلام حافظ را هركسى نمى فهمد چنانچه حافظ گفته : ساقى حديث سرو گل ولاله سرود : مراد از ساقى شراب دهنده مى باشد واز سرو گل فصل بهار مى باشد.

١٠٢

الدليل الثانى للمانعين انّ القرآن مشتمل على المخصص والمقيد ولا يفهمهما الا اهله.

قوله : ولا يخفى ان النزاع يختلف صغرويا وكبرويا بحسب الوجوه الخ.

استدل الاخباريون على عدم حجية الظواهر بالادلة الخمسة وكان النزاع فى الثلاثة منها صغرويا.

الاول : ان فهم القرآن ومعرفته مختص باهله.

الثانى : ان القرآن مشتمل على مضامين الشامخة.

الثالث : ان العلم الاجمالى موجود بطر والتخصيص والتقييد والتجوز فى القرآن الكريم أى كان النزاع فى هذه الثلاثة المذكورة صغرويا.

الحاصل انه لم يكن الظهور لالفاظ القرآن بالادلة المذكورة.

الرابع : ان القرآن مشتمل على المتشابهات والظاهر شامل للمتشابه وبعبارة اخرى ان المتشابه شامل الظاهر ولا شك فى اجمال المتشابه.

الخامس : ان حمل الالفاظ على ظاهرها تفسير بالرأى وكان النزاع فى دليل الرابع والخامس كبرويا.

فائدة يذكر هنا الجملة المعترضة قال الله تعالى وما يعلم تأويله الا لله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به أى كان تأويل القرآن عن الله والنبى والراسخين ولا يخفى ان الراسخين يشمل الائمة عليهم‌السلام.

واما اهل الخلاف فيجعلون والراسخون ابتداء الكلام وقالوا

١٠٣

لا ربط له فى ما قبله وجعلوا وقف ما قبله لازما أى وقف على الا لله وهذا الوقف لازم فقالوا بهذا التوجيه ان الائمة (عليهم‌السلام) لا ربط لهم فى تفسير القرآن فزادوا من هذه الجهة الوقف اللازم فى القرآن ولم يكن وقف اللازم فى القرآن عند الامامية وكان مختصا لاهل الخلاف.

قوله : وكل هذه الدعاوى فاسدة اما الاولى أى قد ذكر الادلة الخمسة لعدم حجية الظواهر وقال صاحب الكفاية هذه الادلة باطلة اما الاولى فانما المراد مما دل على اختصاص فهم القرآن ومعرفته باهله الخ.

قد ذكرت الادلة على عدم حجية ظواهر القرآن قال المصنف كل هذه الدعاوى والادلة باطلة.

قال الشيخ (قدس‌سره) ليس لهذه النزاع ثمرة عملية لان الاخباريين يقولون على عدم حجية ظواهر القرآن اذا لم يكن على طبقه الرواية ونحن نقول بحجية ظواهر القرآن وقد ثبت الرواية على طبق احكام ظواهر القرآن.

قد استدل الاخباريون اولا على عدم حجية ظواهر القرآن باختصاص فهم القرآن ومعرفته باهله وقد استشهد على هذا بما ورد فى ردع ابى حنيفة وقتادة عن الفتوى بظواهر القرآن.

قد اجاب المصنف عن هذا الاستدلال بقوله اما الاولى سلمنا اختصاص فهم القرآن ومعرفته باهله ولا يخفى ان هذا الاختصاص انما يكون فى مجموع فهم القرآن من حيث متشابهاته ومحكماته ولا وجه للاختصاص باهله فى معرفة الاحكام من ظواهر القرآن.

١٠٤

واما ردع ابى حنيفة وقتادة فهو انما كان لاجل الاستقلال فى الفتوى وعدم الرجوع الى اهل البيت وكان قصدهما سدّ باب الامام (ع) فعلم ان منعهما من الرجوع الى ظاهر القرآن كان لاجل ما ذكر.

واما مع الرجوع الى لروايات الائمة (ع) فقد وقع فى غير واحد منها الارجاع الى الكتاب والاستدلال بالآيات وقد استدل فى الوضوء على المرارة بقوله تعالى (ما يُرِيدُ اللهُ ـ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) حاصل هذا الاستدلال انّ شخصا اخذ على اصبعه المرارة للتداوى سئل عن كيفية الوضوء قال الامام عليه‌السلام لا حاجة للسؤال عن هذه المسألة فارجع الى قوله تعالى أى (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) فيصح الوضوء على المرارة.

قوله : واما الثانية فلان احتوائه على المضامين العالية الغامضة لا يمنع عن فهم ظواهره الخ.

هذا جواب عن الاستدلال الثانى حاصله سلمنا شمول القرآن على مضامين العالية وأيضا سلمنا بان هذه المطالب مختص للراسخين العالمين بتأويله.

لكن هذا يصح بالنسبة الى الامور العالية كخلقة السماء والارض قد اختلف فيه قيل بخلقة السماء اولا وقيل أيضا بخلقة الارض اولا وكذا يرجع الى الراسخين بالنسبة الى مسئلة التوحيد ولا يخفى ان هذه المذكورات ليست موضوع بحثنا بل كان محل بحثنا فى الاحكام ولم يمنع رجوعنا الى القرآن بالنسبة الى الاحكام.

١٠٥

قوله : واما الثالثة فللمنع عن كون الظاهر من المتشابه الخ.

قد استدل المانعون ان القرآن شامل على المتشابه هذا يمنع عن اتباع الظواهر.

والجواب عن هذا الاستدلال انّ الظاهر لم يكن من المتشابه لان المتشابه هو خصوص المجمل أى ليس المتشابه ظاهرا فى الاعم منه ومن الظاهر وان قيل فى السابق ان نفس المتشابه ظاهر فى المجمل والظاهر أى كان دائرته وسعة.

فيقال فى الجواب ان المتشابه خاص للمجمل.

واما الجواب عن استدلال بان ظواهر القرآن متشابه بالعرض لوجود العلم الاجمالى بالمخصصات والمقيدات فى اكثر ظواهر الكتاب وذلك مما يسقطها عن الظهور.

فنقول انا سلمنا وجود العلم الاجمالى قبل الفحص عن المخصص واما بعد الفحص عن المخصص فينحل العلم الاجمالى الى العلم التفصيلى أى بعد الفحص اما يعلم تفصيلا وجود المخصص أو عدمه فلم يبق الاجمال.

واعلم ان وجود العلم الاجمالى بالمخصص إما ان يكون فى الروايات الّتي كانت فى ايدينا أو يكون وجوده فى الاعم منها ومن غيرها فان كان العلم الاجمالى بوجود المخالف فى الاخبار التى كانت فى ايدينا فقد انحل هذا العلم الاجمالى بعد الفحص الى العلم التفصيلى بوجود المخصص أو عدمه أى يظهر تفصيلا بعد الفحص وجود المخالف أو عدمه.

واما اذا كان وجود العلم الاجمالى فى كل الاخبار أى اعم مما كان فى ايدينا وغيره فيشكل هنا فى انحلال العلم الاجمالى الى

١٠٦

العلم التفصيلى لان الفحص فى كل الاخبار امر مشكل وان امكن الحاصل انّ احتمال وجود المخصص بعد الفحص يدفع وينفى بالاصل السالم عن العلم الاجمالى.

قوله واما الخامسة فيمنع كون حمل الظاهرة من التفسير الخ.

واعلم ان العمدة فى منع الاخباريين من العمل بظواهر كتاب هى الاخبار المانعة عن تفسير القرآن بالرأى.

واجاب المصنف عن هذا الاستدلال بالاجوبة الثلاثة :

الاول ان حمل اللفظ على المعنى لم يكن تفسيرا لان التفسير لغة هو كشف القناع ولا قناع للظاهر بل هو للمجمل.

الثانى ولو سلمنا ان حمل اللفظ على المعنى تفسير فليس تفسيرا بالرأى لان المراد من التفسير بالرأى هو الاعتبار الظنى.

الظاهر انّ المراد بالرأى هو الاعتبار العقلى الظنى الراجع الى الاستحسان فلا يشمل حمل اللفظ على معناه تفسيرا.

فظهر ان المراد من التفسير بالرأى حمل المجمل على محتمله بمجرد ذاك الاعتبار من دون السؤال عن الائمة وفى بعض الاخبار انما هلك الناس فى المتشابه لانهم وضعوا له تأويلا من عند انفسهم بظنهم وآرائهم.

الثالث أى الجواب الثالث عن استدلال الخامس حاصل الجواب ولو سلمنا ان حمل اللفظ على ظاهره تفسير بالرأى فالاخبار دالة على صحة هذا التفسير.

توضيح هذا الجواب ان الاخبار على قسمين الآمرة والناهية والمراد من الاخبار الآمرة كخبر الثقلين وغيره قال الشيخ الطريحى وفى حديث النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله انى تارك فيكم ثقلين كتابا

١٠٧

وعترتى قيل سميا بذلك بان العمل بهما ثقيل وقيل من الثقل بالتحريك المتاع كالمتاع للمسافر.

وكذا من الاخبار الآمرة عرض الاخبار المتعارضة للكتاب وكذا رد الشروط المتخالفة للكتاب فى باب العقود.

واما الاخبار الناهية فهى مثل النبوى صلى‌الله‌عليه‌وآله من فسر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار وفى النبوى الآخر من فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب وعن ابى عبد الله عليه‌السلام من فسر القرآن برأيه ان اصاب لم يؤجر.

واعلم ان النسبة بين الطرفين من الاخبار هى العموم المطلق لان الاخبار الناهية شاملة لحمل الظاهر عليه وعلى خلافه ولحمل المجمل على احد معانيه بعبارة اخرى ان الاخبار الناهية تعم الظاهر والمجمل.

واما الاخبار الآمرة فهى شاملة للظواهر فقط والاخص يقدم على الاعم أى اخبار الآمرة مخصصة للاخبار الناهية.

لا يقال ان الاخبار الآمرة شاملة للنص أيضا فتكون النسبة بين الاخبار الآمرة والناهية عموما من وجه فانه يقال ليس فى آيات الاحكام نص وعلى تقدير تسليمه فالنص فى آيات الاحكام فرد نادر.

قوله : ودعوى العلم الاجمالى بوقوع التحريف فيه وان كانت غير بعيدة.

هذا الدليل السادس للمانعين حاصله ان العلم الاجمالى بوقوع التحريف فى القرآن وان كانت غير بعيدة قال المانعون ان ظاهر القرآن لم يكن حجة للعلم الاجمالى بوقوع التحريف فيه وهو اما

١٠٨

ان يكون باسقاط أو بالتغيير.

واما الزيادة فقد انعقد الاجماع على عدمها وقال بعض قد اسقط ثلث القرآن توضيح هذا القول ان آيات القرآن جمعت ورتبت فى عصر الخليفة الثالثة وكان بعض آيات القرآن عند علي (ع) قد ذكر فى التاريخ ان علي عليه‌السلام جاء مع هذه الآيات الى الخليفة لتسليم هذه الآيات له لاجتماعها مع باقى الآيات لكن الخليفة لم يقبل هذا فبقيت هذه الآيات عند علي (ع) وكانت هذه الآيات فى عصر الغيبة عند امام الزمان (ع).

واعلم ان بحث التحريف يصح بالنسبة الى التوراة والانجيل لكن لا يصح هذا البحث بالنسبة الى القرآن ولم يكن تحريف القرآن مقبولا عند الاعلام.

قال العلماء اليهودية لنا قد وقع التحريف بكتابكم باقراركم من ان اصل القرآن عند حضرت الحجة (ع) وايضا قال العلماء اليهودية ان بعض علمائكم كتب رسالة فى هذا الباب كالحاج النورى فقال الاعلام فى الجواب ان الحاج النورى ليس منا وصار هذا الجواب موجبا لسقوطه عن انظار الناس.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية از جهت اين جواب آقاى نورى به زمين خورد.

قد ذكر فى تفسير مجمع البيان عدم تحريف القرآن وكذا ذكر هذا الشيخ قدس‌سره وقال شيخنا الاستاد الحق عدم تحريف القرآن وقد تواتر فى السن الناس تحريف القرآن ووجود بعض الآيات عند حضرت الحجة فلا بد من توجيه ما ذكر من ان علي (ع) جمع تأويل القرآن وكان هذا التأويلات فى هذا العصر عند

١٠٩

امام الزمان.

ولا يخفى ان بحث التحريف ذكر تبعا لشيخنا الاستاد قدس‌سره الآن يرجع الى اصل البحث قد استدل المانعون أيضا بوقوع التحريف فى القرآن أى ثبت العلم الاجمالى بتحريف ظواهر القرآن وقد ذكر ان التحريف اما ان يكون بالاسقاط واما ان يكون بالتغيير من حيث المادة أو الهيئة واما ان يكون بالزيادة لكن عدم هذا التحريف محل الاتفاق لان المتحرفين لم تكونوا قادرين فى الازدياد بعبارة شيخنا الاستاد آنها چيزى ياد نداشتند تا آنكه زياد نمايند الحاصل ان العلم الاجمالى بالتحريف يمنع عن العمل بظواهر القرآن والجواب بعد التسليم بوقوع التحريف فى القرآن.

قال صاحب الكفاية يشهد به بعض الاخبار ويساعده الاعتبار أى فهم من كلامه وقوع التحريف فالجواب بعد تسليمه ان التحريف لا يضر على ظواهر القرآن لان البحث فى آيات الاحكام ولا يكون العلم بالتحريف فيها لان خمس ومائة آية وردت فى الاحكام ووردت آيات اخرى فى القصص والخلقة وغيرها.

فاجيب من هذا بجوابين الاول ان تحريف انما يكون فى المتشابهات لا فى الظواهر سواء كانت هذه المتشابهات فى الاحكام أو القصص والثانى سلمنا بوقوع التحريف فى الظواهر لكن ليس لنا العلم بوقوع التحريف فى آيات الاحكام ويمكن ان يكون التحريف فى آيات القصص والحكايات وليست هذه الآيات محلا لبحثنا وكذا ليس بحثنا فى اصول العقائد لان الظواهر لا تفيد لاثبات الاصول لانها يقتضى الدليل القطعى.

اذا حصل العلم الاجمالى بوقوع التحريف فى آيات الاحكام أو

١١٠

فى غيرها من الآيات فهو غير ضائر بحجية آيات الاحكام لان آيات القصص والحكايات والاصول خارجة عن محل الابتلاء لان الظواهر لم تكن بالنسبة اليها حجة فينحل العلم الاجمالى أى يعلم ان الظاهر لم يكن حجة بالنسبة الى القصص والحكايات.

قوله : لو كان الخلل المحتمل فيه أو فى غيره بما اتصل به لاخل بحجيته.

قال المصنف لو كان الخلل المحتمل مرددا بين ظاهر آية متعلقة بالحكم وبين آية اخرى متعلقة بغيره لاخل بحجية الظواهر فى باب الاحكام.

توضيحه ان الخلل المردد بين آيات الاحكام وغيرها على اقسام :

الاول ان يكون من الامور المنفصلة عن كل واحد آية الحكم وغيرها.

الثانى ان يكون هذا الخلل متصلا بغير ظاهر آية الحكم أى يكون متصل بآيات القصص والحكايات ومنفصلا عن آيات الاحكام ولا اشكال فى هذين القسمين فى عدم قدح هذا الخلل فى ظاهر الآية المتعلقة بالحكم.

الثالث ان يكون هذا الخلل متصلا بآية الحكم دون الغير.

الرابع ان يكون متصلا بكليهما وعلى هذين القسمين يكون هذا الخلل بالنسبة الى آية الحكم من مصاديق الشك فى قرينية الموجود ولا يخفى ان الحكم فى ذلك هو التوقف لكونه موجبا لعدم انعقاد الظهور واعلم انّ المراد من الخلل المحتمل هو التحريف.

١١١

قوله : ثم التحقيق ان الاختلاف فى القراءة بما يوجب الاختلاف فى الظهور.

قال الشيخ (قدس‌سره) فى الرسائل اذا اختلف القراءة فى الكتاب على وجهين مختلفين فى المؤدى كما فى قوله تعالى (حَتَّى يَطْهُرْنَ) حيث قرء بالتشديد من التطهر الظاهر فى الاغتسال والتخفيف من الطهارة الظاهر فى النقاء من الحيض.

فلا يخلو اما ان نقول بالتواتر القراءات كلها كما هو المشهور خصوصا فيما كان الاختلاف فى المادة والظاهر ان الاختلاف فى المادة مقابل للاختلاف فى الحركة فيطهرن بالتشديد ويطهرن بالتخفيف مختلفان بالمادة.

وأيضا يراد من الاختلاف بالمادة بان بدل عم به غم واما ان لا نقول بتواتر القراءات.

ولا يخفى ان الاختلاف فى القراءة يوجب الاختلال فى الظهور فلا يجوز التمسك بالظاهر سواء قلنا بتواتر القراءات أم لا فاذا قلنا بتواتر قراءات كان يطهرن بالتشديد ويطهرن بالتخفيف بمنزلة آيتين فتعارضتا لا بد من الجمع بينهما بحمل الظاهر على النص أو على الاظهر ومع التكافؤ لا بد من الحكم بالتوقف والرجوع الى الادلة والاصول الموجودة فى المسألة.

واما على القول بعدم التواتر فى القراءات فان ثبت جواز الاستدلال بكل القراءة كان الحكم كما تقدم من حمل الظاهر على النص أو حمل على الاظهر ومع التعارض لا بد من الحكم بالتوقف وان لم يثبت جواز الاستدلال بكل القراءة فلا بد من التوقف فى

١١٢

محل التعارض والرجوع الى لقواعد من العمومات والاصول.

قال صاحب الكفاية انما الثابت جواز القراءة بالقراءات ولا ملازمة بينهما أى لا ملازمة بين جواز قراءة وتواترها. وكذا لا ملازمة بين جواز القراءة وجواز التمسك.

اذا فرض جواز الاستدلال بالقراءة فلا حاجة الى ملاحظة الترجيح بين القراءات بل يرجع الى العمومات أو الاصول مثلا فى قوله تعالى (يَطْهُرْنَ) يحكم باستصحاب الحرمة أى حرمة الوطى قبل الاغتسال أو بالجواز بناء على عموم قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فالعموم فيه من حيث الزمان لا مكان خرج منه ايام الحيض بدليل آخر.

وكذا فى باب تعارض الامارات الاصل هو سقوطها عن الحجية فى خصوص المؤدى أى اذا كان التعارض فى باب الامارات ولم يكن المرجح فى المقام فالاصل هو التساقط اذا كان حجيتها من باب الطريقية أى لم يجعل هنا الحكم بل كانت الامارة طريقة الى الواقع.

واما اذا كانت حجية الامارة من باب السببية فيجعل الحكم الشرعى فيكون المقام من باب التزاحم والظاهر فى باب التزاحم التخيير بين الحكمين.

واما فى باب التعارض فالحكم واحد والتعارض انما كان بين الدليلين اذا لم يكن المرجح فى باب التعارض رجع الى الاصول أو العمومات بحسب مناسبة المقام وقد ثبت فى المقام عدم الاستدلال بظاهر قوله تعالى (حَتَّى يَطْهُرْنَ) لوجود التعارض بين القراءتين فلا بد من الرجوع الى استصحاب الحرمة قبل الغسل أو

١١٣

الى عموم قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أى الوطى جائز فخرج ايام الحيض بدليل آخر.

واما فى صورة الاستصحاب فيحكم بحرمة الوطى لانه كان حراما فى ايام الحيض فبعد الطهر من الحيض يشك فى جواز الوطى فيستصحب الحرمة التى كانت فى ايام الحيض.

البحث فى احراز الظهور

قوله : فصل قد عرفت حجية ظهور الكلام فى تعيين المرام الخ.

قد سبق ان الاصل هو عدم حجية الظن أى الاصل الاولى عدم حجيته وقد خرج الظواهر عن تحت هذا الاصل أى يكشف من ظاهر كلام كل المتكلم ان هذه مراده والدليل على هذا هو بناء العقلاء أى استقرار بناء العقلاء واتفاق سيرتهم العملية على العمل بالظواهر.

واعلم ان الشيخ قدس‌سره جعل النزاع صغرويا ويبحث اولا من تشخيص الظهور واثباته ويلزم ان يكون هذا التشخيص قطعيا وان كان دلالته على المراد ظنيا.

فعلم من هذا انه يلزم اولا احراز الصغرى لان الكبرى لا يسوى الصغرى بعبارة شيخنا الاستاد : كبرى صغرى را درست نمى كند : مثلا كل المتغير حادث فلا يسوى بتوسطه الصغرى أى لا يثبت بتوسطه ان العالم متغير فلا بد أوّلا من احراز هذا الصغرى وكذا الامر فى المقام فلا بد أوّلا من احراز الظهور ويبحث ثانيا من حجيته فان احرز هذا الظهور بالقطع فهو المطلوب ولا كلام فيه

١١٤

وكذا يصح ان احرز هذا الظهور باصالة عدم القرينة أى ان احتمل وجود قرينة فلا خلاف فى اجراء اصالة عدم قرينة ويصح احراز ظهور ظنا فلا فرق بين الاحراز القطعى والظنى فتم احراز الظهور فى الموردين المذكورين.

واما اذا شك فى قرينية الشيء الموجود فلم يكن هذا المورد خاليا عن الاشكال فى حجية اصالة عدم القرينة.

فيقال لاجل توضيح هذا المورد ان شك قد يكون فى وجود الشيء وقد يكون فى قرينية الشيء الموجود بعبارة اخرى انّ الفرق بين الشك فى وجود الشيء ووصفه مثلا يشك مرة فى نفس الرافع ويشك مرة اخرى فى رافعية الشيء الموجود كالمذى أى الماء الذى خرج بعد الملاعبة مع الزوجة كان شك هنا فى رافعية الشيء الموجود اى هل يكون هذا الشيء الموجود ناقصا للوضوء أم لا وتارة يكون الشك فى نفس الرافع مثلا اذا كان الشخص متيقنا فى الطهارة وشاكا فى صدور الحدث فهذا المورد كان الشك فى وجود الشيء.

وكذا الحكم فى المقام مثلا ترد عمومات متعددة فى كلام واحد ثم يعقبها استثناء فى آخرها فيشك حينئذ فى رجوع الاستثناء لخصوص الجملة الاخيرة أو الجميع الجمل فكان الشك هنا فى قرينية الشيء الموجود أى كان الكلام محفوفا بالشيء الذى يصلح للقرينية وهو عبارة عن الاستثناء فى الفرض المذكور فلا يخلو هذا المورد عن الاشكال فى جريان اصالة عدم القرينة فان قلنا بجريان اصالة الحقيقة فيما سوى الجملة الاخيرة يجرى هنا اصالة عدم القرينة بالنسبة الى غير الجملة الاخيرة ويثبت

١١٥

الظهور وان قلنا بعدم جريان اصالة عدم القرينة فى جميع الجمل فلا يثبت الظهور فى الجميع ويكون مجملا.

قوله : وان كان لاجل الشك فيما هو الموضوع لغة أو المفهوم منه عرفا الخ.

واعلم ان ظاهر العبارة يقتضى كون العلم بالموضوع له اللغوى كافيا فى انعقاد الظهور وهو ممنوع لانه دائر مدار العلم بالموضوع له العرفى صادف الوضع اللغوى أو لا.

الحاصل انه اذا احرز الظهور من قول اللغوى فهذا مورد للبحث مثلا ثبت من قول اللغوى ان المراد من الصعيد هو مطلق وجه الارض واذا تشخص الصغرى اى ثبت الظهور من قول لغوى فقد اختلف فى حجية هذا الظهور قد نسب الى المشهور حجية القول اللغوى باتفاق العلماء والعقلاء أى حصل الاجماع والاتفاق على حجية القول اللغوى والفرق بين الاجماع والاتفاق ان الاجماع ما يكون من اهل الحل والعقد أى يكون من المجتهدين واما الاتفاق فيكون من العقلاء سواء كان من اهل الحل والعقد أم لا وأيضا استدل على حجية القول اللغوى بانهم من اهل الخبرة بالنسبة الى وضع الالفاظ.

الحاصل انه يرجع الى اهل الخبرة فى موارد كثيرة لتحصيل الوثوق والاطمينان بهم.

قوله : وفيه ان الاتفاق لو سلم اتفاقه فغير مفيد الخ.

أى لا يحصل الاطمينان من قول شخص واحد من اهل اللغة بل

١١٦

قدر المتيقن هو الرجوع مع اجتماع شرايط الشهادة من التعدد والعدالة.

وحاصل الاشكال ان اتفاق العقلاء لا يفيد اثبات المعنى الحقيقى واما اجماع المحصل فهو غير حاصل فى المقام لان الشرط فى اجماع المحصل هو دخول قول الامام فى المجمعين واما اجماع المنقول فهو غير مقبول فى المقام ولا يخفى ان قدر المتيقن من الرجوع الى قول اللغوى انما هو فيما اذا كان الرجوع مفيدا للاطمئنان والوثوق فلم يكن اللغوى اهل الخبرة بالنسبة الى وضع الالفاظ بل كانوا من اهل الخبرة بالنسبة الى موارد الاستعمال بل لم يعلموا فى مورد الاستعمال المعنى الحقيقى والمجازي أى الاهم عند اللغوى هو مورد الاستعمال لا تعيين المعنى الحقيقى والمجازي والا لوضعوا لتعيين هما العلامة

ان قلت ان العلامة للمعنى الحقيقى موجود عند الذكر اى ما ذكره اولا فهو المعنى الحقيقى قلت ليس ذكر المعنى اولا علامة كون اللفظ حقيقة فيه للانتقاض بالمشترك لانه حقيقة فى الكل أى ان المشترك اللفظى حقيقة فيما ذكر اولا وثانيا وثالثا. والحاصل انه لا يتميز من القول الغوى المعنى الحقيقى كما ذكر فى القوانين انه يرجع فى تشخيص المعنى الحقيقى الى التبادر لا الى القول اللغوى.

قوله كون موارد الحاجة الى لقول اللغوى اكثر من ان تحصى لانسداد باب العلم الخ.

أيضا هذا دليل لاثبات المعنى الحقيقى بالقول اللغوى حاصله ان مورد الحاجة اكثر من ان تحصى عند انسداد باب العلم بتفاصيل المعانى اللغوية غالبا وقد ذكر الادلة الثلاثة فى الرجوع لاثبات المعنى

١١٧

الحقيقى : الاول الرجوع الى القول اللغوى عند الكل من غير الانكار وان كان هذا الرجوع عند المخاصمات والاحتجاج.

الثانى الاتفاق والاجماع فى الرجوع الى لقول اللغوى ..

والثالث ان اهل اللغة كانوا اهل الخبرة يرجع اليهم لاثبات المعنى الحقيقى.

وقد اشكل على الاجماع والاتفاق وكذا اشكل على الدليل الثالث بان اللغوى اهل الخبرة بالنسبة الى المستعمل فيه ولم يعلموا انه حقيقة أو مجاز.

وقد استدل لاثبات المعنى الحقيقى بالقول اللغوى على انسداد باب العلم تفصيلا فى اللغات وان كان باب العلم اجمالا مفتوحا مثلا نعلم ما وضع له لفظ التمر اجمالا ولكن لم نعلم ان الموضوع له هو البسر أو اليابس أو كلاهما.

والجواب انّ انسداد باب العلم فى اللغات لا يوجب اعتبار القول اللغوى اذا كان باب العلم فى الاحكام مفتوحا الحاصل ان القول اللغوى لا يصير حجة بتوسط انسداد باب العلم فى اللغات بعبارة اخرى انّ انسداد باب العلم باللغات لا يفيد حجية القول اللغوى اذا كان باب العلم فى الاحكام مفتوحا.

ولا يخفى انه اذا تمت مقدمات الانسداد حصل الظن بالحكم وكان هذا الظن فى حكم القطع ولا فرق فى حصول هذا الظن وان كان من القول اللغوى فى صورة انسداد باب العلم فى الاحكام أى كان القول اللغوى معتبرا مع انسداد باب العلم فى الاحكام من باب حجية مطلق الظن فكان الظن حجة فى هذا المورد المشكوك وان فرض انفتاح باب العلم باللغات بالتفصيل فيما عدا المورد أى لا

١١٨

نعلم هذا المورد مفصلا فكان الظن فيه حجة وان كان باب العلم باللغات فى الموارد الاخرى مفتوحا.

قد ذكر هنا الجملة المعترضة تبعا لشيخنا الاستاد قد اصطلح عند الأصوليين مقدمات التى هى معروفة بمقدمات الانسداد ولا يخفى ان هذا اصطلاح خاص عند الاصولى واما فى الحقيقة فنفس الانسداد من المقدمات أى نفس انسداد فى الاحكام من المقدمات.

قوله : نعم لو كان هناك دليل على اعتباره.

أى اذا قام الدليل الخاص على حجية الظن فى حال انسداد باب العلم فى اللغات كان هذا الانسداد حكمة لحجية الظن لا علة والمراد من الحكمة ما لم يكن له الاطراد والانعكاس أى ليس وجود الحكم موقوفا على الحكمة واما العلة فهى ما ثبت له الاطراد والانعكاس أى كلما ثبت العلة ثبت المعلول وليس الحكمة كذلك مثلا اذا قام الاجماع على حجية القول اللغوى أو قام الدليل الآخر على حجيته كان انسداد باب العلم فى للغات حكمة لحجية الظن من القول اللغوى لكن ليس الامر كذلك أى ليس الدليل الخاص لحجية القول اللغوى وقد ردت الادلة التى ذكرت ويأتى ذكر الادلة وردها آنفا.

قوله : لا يقال على هذا لا فائدة فى الرجوع الى اللغة.

أى اذا كان حجية القول اللغوى بدليل آخر فلا فائدة فى الرجوع الى اللغة.

فانه يقال مع هذا لا يكاد يخفى الفائدة فى المراجعة اليها الخ.

أى كان الرجوع الى القولى اللغوى مفيدا فى صورة انسداد باب العلم بتفاصل اللغات فانه ربما يوجب القطع بالمعنى وربما

١١٩

يوجب الاطمينان بان اللفظ ظاهر فى هذا المعنى وان لم يقطع بانه حقيقة فيه أو مجاز فيكفى هذا فى مقام الفتوى.

واعلم انه قد ذكر ان الاصل الاولي هو عدم حجية الظن لكن خرج بعض الموارد من تحت هذا الاصل كالظهور أى ظهور كلام المتكلم وان احتمل وجود القرينة يبنى على ظاهر الكلام بعد جريان اصالة عدم القرينة.

وقد اختلف بين الشيخ الاعظم وصاحب الكفاية فى هذا المورد قال الشيخ الاعظم فى رسائله ان اصول الوجودية مثل اصالة الاطلاق ونحوها أى كلها انواع لاصالة الظهور فترجع كلها الى اصالة عدم القرينة بمعنى ان اصالة الحقيقة ترجع الى اصالة عدم القرينة المجاز واصالة العموم الى اصالة عدم المخصص والظاهر ان غرضه من الرجوع ان حجية اصالة الظهور انما هى من جهة بناء العقلاء على حجية اصالة عدم القرينة أى يحصل الظهور بعد اجراء اصالة عدم القرينة.

وذهب صاحب الكفاية الى العكس من ذلك أى انه يرى ان اصالة عدم القرينة هى التى ترجع الى اصالة الظهور يعنى انّ العقلاء ليس لهم الا بناء واحد وهو البناء على اصالة الظهور وهو نفس بناء على اصالة عدم القرينة وليس هناك بناءان عندهم بناء على اصالة عدم القرينة وبناء آخر على اصالة الظهور وهذا البناء الثانى بعد البناء الاول ومتوقف عليه وليس البناء على اصالة الظهور مرجع حجيته ومعناه الى البناء على اصالة عدم القرينة أى قال صاحب الكفاية بحصول الظهور اولا كما قال فى

١٢٠