هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢

والعقوبة انما يكون من تبعة بعده عن سيده بتجريه الخ.

أى يقال ان استحقاق العقاب انما يكون توسط بعد عن المولى والمراد من بعد هو البعد المعنوى وهو عبارة اخرى عن العقاب والظاهر ان العقاب من لازم البعد والبعد بالطغيان والطغيان بالشقاوة وهى ذاتية فظهر أن الشقاوة وسوء سريرة موجبة للبعد اذا حصل البعد المعنوى فهو عين العقاب.

ويذكر هنا الجملة المعترضة لتوضيح البعد المعنوى وهى ان الانسان انواع مختلفة وان قيل فى المنطق ان الانسان نوع واحد لكن فى الحقيقة الانسان انواع مختلفة فكان بعض افراد الانسان بصورة الكلب وبعض آخر بصورة ذئب وبعض بصورة الاسد هكذا وهذه الصور المختلفة كانت من حيث الباطن.

ويدل الرواية على اختلاف صور الانسان من حيث الباطن أى روى انه سئل عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن كثرة الجمعية فى ايام الحج وكان السؤال من باب التعجب فى كثرة الجمعية فرفع صلى‌الله‌عليه‌وآله يده وقال انظروا الى يدى فنظر السائل اليها ورأى اشخاصا قليلة مع الآبال وان اكثرهم لم يكن بصورة الانسان فثبت ان الانسان من حيث الباطن لم يكن نوعا واحدا وليس الناطق فصل الاخير للانسان بل الشقى والسعيد ايضا فصل للانسان والظاهر ان الناطق ذاتى للانسان فكذا الشقى والسعيد ذاتى له.

ان قلت من جعل الشقاوة قلت هى ذاتى والذاتى لا يعلل ولا يسأل عنه.

وبالجملة ثبت تفاوت افراد الانسان فى القرب منه جل شأنه

٢١

أى القرب المعنوى والبعد منه وكان البعد نفس العقاب قوله ان قلت على هذا لا فائدة فى بعث الرسول أى على كون الشقاوة ذاتيا فلا فائدة فى بعث الرسل وانزال الكتب.

قلت ذلك لينتفع به من حسنت سريرته الخ.

الحاصل انه يترتب على بعث الرسل وانزال الكتب فائدتان : احداهما انتفاع من حسنت سريرته أى يكمل به نفسه وثانيتهما اتمام الحجة على من ساءت سريرته.

قد ظهرت نتيجة البحث فى التجرى من ان المتجرى مستحق للعقاب كالعاصى وان المنقاد مستحق للثواب كالمطيع فيحكم العقل ان المتجرى مستحق للعقوبة وان المنقاد مستحق المثوبة ولا يخفى ان القصد والعزم موضوع لحكم العقل أى يحكم العقل استحقاق العقوبة لاجل الارادة والقصد الى طغيان المولى وان جاء الحكم الشرعى فهو ارشاد الى حكم العقل مثلا الامر بالاطاعة ارشاد الى حكم العقل ان قلت ليس الحكم للعقل. قلت المراد من حكم العقل الادراك التصديقى.

فيذكر هنا المؤيد لحكم العقل من الاخبار ذكر الشيخ (قدس‌سره) فى الرسائل فى باب التجرى ويظهر من بعض الاخبار العقاب على قصد المعصية مثل قوله (ص) نية الكافر شر من عمله وما ورد من تعليل خلود اهل النار فى النار وخلود اهل الجنة فى الجنة بعزم كل من الطائفتين على الثبات على ما كان عليه من المعصية والطاعة لو خلدوا فى الدنيا.

وما ورد من انه اذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول

٢٢

فى النار وقيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال (ص) لانه اراد قتل صاحبه فيظهر من هذه الاخبار ان القصد والعزم على المعصية موجب للعقوبة.

قال الشيخ فى الرسائل وقد يقرر دلالة العقل على ذلك بانا فرضنا شخصين قاطعين بان قطع احدهما بكون المائع المعين خمرا وقطع الآخر بكون مائع آخر خمرا فشرباهما فاتفق مصادفة احدهما للواقع ومخالفة الآخر فاما ان يستحقا العقاب واما لا يستحقا احدهما أو يستحقه من صادف قطعه الواقع دون الآخر أو العكس أى يعاقب من لم يصادف قطعه الواقع دون من صادف قطعه الواقع.

فصارت الاقسام بالتصور العقلى اربعة اقسام لا سبيل الى الثانى والرابع أى لا يصح عدم عقوبتهما وكذا لا يصح عدم عقوبة من صادف قطعة الواقع وكذا لا يصح الثالث أى يستحق العقوبة من صادف قطعة الواقع دون الآخر وجه عدم صحة هذا القسم لانه مستلزم لاناطة علة استحقاق العقوبة بما هو خارج عن الاختيار وهو مناف لما يقتضيه العدل أى مصادفة قطع الشخص للواقع خارج عن اختياره فاناطة علة استحقاق بالشيء الخارج عن الاختيار مناف لما يقتضيه العدل فتعين الاول أى يستحق كلاهما العقاب وثبت من بيان الاقسام ان المتجرى مستحق للعقوبة بتوسط قصد الطغيان على المولى

ولا يخفى ما ذكره الشيخ من الاقسام الاربعة نقله عن المحقق السبزوارى أى يعاقب من صادف قطعه الواقع ومن لم يصادف ويشكل على كلام المحقق ان عدم العقاب من صادف قطعه الواقع لم يكن قبيحا لان هذا من فضله تعالى الحاصل قال المحقق السبزوارى

٢٣

ان المتجرى يعاقب لكن اشكل عليه لان العقاب لمن يصادف قطعة الواقع والمتجرى لم يفعل الشيء الحرام ولم يكن قطعه مصادفا للواقع فلم يعاقب.

والتجرى اما ان يكون فى الحكم واما ان يكون فى الموضوع مثلا اعتقد على حرمة الشيء ولم يكن حراما فى الواقع واما اذا اعتقد كون المائع خمرا وكان ماء فى الواقع فلم يكن المتجرى مستحقا للعقوبة لانه لم يخالف الحكم الواقعى.

اجاب المصنف عن هذا الاشكال بان الوجدان شاهد على كون المتجرى مستحقا للعقوبة للمخالفة الاعتقادية ولما اعتقد بكون المائع خمرا فلا يجوز شربه.

قوله ثم لا يذهب عليك انه ليس فى المعصية الحقيقية الا منشأ واحد لاستحقاق العقوبة الخ.

قد ذكر صاحب الفصول فى آخر باب الاجتهاد والتقليد ان المتجرى مستحق للعقوبة بالفعل متجرى به وان القطع بتحريم شيء غير محرم واقعا مستحق للعقوبة بفعله والشيخ يقول أن العقاب لم يكن لاجل الفعل لكن فصل فى الرسائل بين تجرى فى المكروهات والمباحات وقال ان التجرى على الحرام فى المكروهات الواقعية اشد منه فى مباحاتها مثلا فعل المكروه الواقعى مع القطع بانه حرام وكذا التجرى فى المباحات الواقعية أشد منه فى المندوبات الواقعية مثلا فعل المباح الواقعى مع القطع بانه حرام فيظهر من كلام الشيخ فى الرسائل ان الفعل مؤثر فى قبح التجرى لكن صاحب الفصول يقول ان المتجرى مستحق للعقوبة بالفعل المتجرى

٢٤

به ثم ذكر فى بعض كلماته ان المتجرى اذا صادف المعصية الواقعية تداخل عقابهما قال الشيخ فى الرسائل لم يعلم المعنى المحصل لهذا الكلام أى قال لا يصح التداخل فى هذا المورد.

قال شيخنا الاستاد (قده) يحتاج هذا القول الى التوجيه حتى يعرف المورد الذى جمع فيه التجرى والمعصية فيقال ان الشخص اذا اعتقد كون المائع خمرا فشربه وظهر عدم كونه خمرا ولكنه مغصوب أو نجس أو دم فهنا جمع التجرى والمعصية لانه اعتقد كون هذا المائع خمرا فشرب فيكون هذا شخص المتجرى بالنسبة الى هذا الفعل وأيضا يكون العاصى لانه شرب المغصوب أو الدم فوجد السببان للعقاب أى التجرى والمعصية اذا عرفت مورد اجتماع التجرى والمعصية فصل قول صاحب الفصول أى قال ان التجرى اذا صادف المعصية الواقعية تداخل عقابهما والظاهر ان التداخل إما ان يكون فى الاسباب وإما ان يكون فى المسببات ويظهر من كلام صاحب الفصول ان هذا المورد تداخل فى المسبب أى تداخل عقاب المعصية والتجرى لكن اشكل عليه بان التداخل يحتاج الى الدليل لان سببين يقتضيان المسببين وأيضا يرد فى هذا المقام اشكال الآخر وهو ان المعصية عنوان مستقل وكذا التجرى وان مورد التداخل فيما كان المسببان من امر واحد أى يقال فى رد صاحب الفصول ان المقام لم يكن من باب التداخل لان السبب واحد وهو هتك المولى وهو يقتضى مسببا واحدا وليس هنا مسببان حتى يتداخلا فيكشف من مسبب واحد سبب واحد الحاصل ان التجرى اذا صادف المعصية الواقعية فالعقاب واحد ويكشف من وحدة المسبب وحدة السبب ولم يكن المقام

٢٥

موردا للتداخل.

قوله : الامر الثالث انه قد عرفت ان القطع بالتكليف اخطأ أو اصاب يوجب عقلا استحقاق المدح والثواب الخ.

أى هذا الامر من اقسام القطع وذكر هذا الامر فى الرسائل اولا لكن هنا جعل الامر الثالث قال المصنف لا بأس بصرف الكلام الى بيان ما للقطع من الاحكام وان كان خارجا من مسائل الفن لكن يبحث عنه لشدة المناسبة مع المقام قال شيخنا الاستاد يمكن ان يجعل البحث عن القطع من المسائل الاصولية كالبحث عن التجرى هل يكون موجبا لقبح الشيء أو لا وان الانقياد هل يكون موجبا لحسن الشيء ام لا.

قد ذكر فى الامر الثانى ان المتجرى مستحق للعقوبة لان ملاكه مع ملاك المعصية واحد وهو هتك المولى ولا يخفى انه كلما حصل القطع يجيء حكم العقل والسبب لمجىء حكم العقل الهتك والانقياد اذا تعلق الحكم على الموضوعات الواقعية فالقطع حاكم بثبوته أى القطع طريق بالنسبة الى الحكم الواقعى الشرعى فلا مدخل للقطع بالنسبة الى الحكم الواقعى أى سواء كان القطع بالحكم الواقعى أو لا فهو ثابت لكن القطع صار موجبا لتنجزه.

واما القطع بالنسبة الى الحكم العقلى فهو موضوع فينتفى بانتفائه.

اذا ظهر محل طريقية القطع وموضوعيته شرع فى توضيح الامر الثالث على تقرير شيخنا الاستاد ولا يخفى ان اقسام القطع من الموضوعى والطريقى لا يدرك الا من هذا التقرير.

٢٦

فاعلم ان القطع اذا اخذ فى الموضوع فهو اما بنحو صفتية واما بنحو موضوعية مثل النجاسة القطعية مانعة عن الصلاة اذا لم يكن العلم بنجاسة الشيء فلم يكن نجسا واما فى باب الطهارة فيشترط الطهارة عن الحدث الواقعى وأيضا اذا أخذ العلم فى الموضوع فهو اما جزء الموضوع واما تمام الموضوع اذا كان تمام الموضوع فالحكم ثابت سواء اصاب القطع أم لا واما اذا كان جزء الموضوع فالحكم ثابت فى صورة اصابة القطع للواقع فيصير القطع باعتبار الطريقية والصفتية اربعة اقسام بهذا النحو فاما يؤخذ فى الموضوع واما لا يؤخذ فيه وأيضا اما يكون بنحو الطريقية واما يكون بنحو الصفتية وأيضا القطع الموضوعى يصير اربعة اقسام أى القطع الموضوعى إما ان يكون تمام الموضوع وإما ان يكون جزء الموضوع.

واعلم ان الصفة على اربعة اقسام اما أن تكون الحقيقة المحضة أو حقيقة ذات الاضافة أو الاضافة المحضة أو تكون السلبية فالحقيقة المحضة نحو انت حىّ هو صفة حقيقية من دون الاضافة والحقيقة ذات الاضافة نحو انت عالم وانت قادر وانت مريد فالعلم مضاف الى المعلوم وكذا الارادة مضافة الى المراد والقدرة مضافة المقدور والاضافة المحضة كالبنوة أى مضافة الى ماء الاب أو الماء الدافق وكذا الابوة أى مضافة الى الاولاد.

فالعلم كيف نفسانى وصفة وحقيقة ذات الاضافة فالعلم من حيث نفسه صفة ومن حيث كونه ذات الاضافة طريق الى المعلوم.

فظهر من البيان المذكور ان العلم اذا أخذ فى الموضوع فهو اما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزءه.

٢٧

وأيضا إما ان يكون بنحو الطريقية واما ان يكون بنحو صفتية فيصير مجموع الاقسام اثنين وثلاثين يجيء تفصلها آنفا قال المصنف قد يؤخذ القطع فى موضوع حكم آخر أى يؤخذ فى موضوع الحكم الشرعى من الوجوب والحرمة والاستحباب.

فالقطع انما يؤخذ فى موضوع حكم آخر لا فى موضوع حكم متعلقه فاذا اخذ فى موضوع حكم آخر صار اربعة اقسام فى مقام الثبوت والامكان.

الاول ان يؤخذ فى موضوع حكم آخر يماثل الحكم الذى تعلق به القطع مثلا اذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة فتجب عليك صلاة الظهر أى هذه الصلاة مماثلة لصلاة الجمعة. الثانى ان يؤخذ فى موضوع الحكم الآخر الذى هو نفس الحكم الذى تعلق القطع به مثلا اذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة فتجب عليك أى تجب عليك الصلاة التى تعلق به القطع. الثالث ان يؤخذ فى موضوع حكم آخر يضاد الحكم الذى تعلق به القطع مثلا اذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة فلا تجب عليك صلاة الجمعة. الرابع ان يؤخذ فى موضوع حكم آخر يخالف الحكم الذى تعلق به القطع مثلا اذا قطعت بوجوب الشيء فيجب عليك التصدق أى وجوب التصدق مخالف لوجوب الشيء والمراد من المخالف هنا ما كان موضوع الحكم متعددا كالمثال المذكور فان الموضوع فى الحكم الذى تعلق القطع به هو الشيء والموضوع فى حكم آخر هو التصدق فظهر انه اذا كان موضوع الحكم اثنين فيقال ان هذا الحكم مخالف لذاك أى باعتبار اختلاف الموضوع يصدق اختلاف الحكم والا لا فرق فى نفس الحكم فى نفس الوجوب ولا يخفى ان المراد من موضوع الحكم هو متعلقه

٢٨

فلا فرق فى المقام بين الموضوع والمتعلق.

اذا عرفت هذه الاقسام الاربعة فيقال قد ذكر سابقا ان القطع الذى اخذ فى الموضوع اما ان يكون تمام الموضوع وإما ان يكون جزء الموضوع وأيضا اما ان يكون بنحو الطريقية والكاشفية واما ان يكون بنحو الصفتية فصار المجموع اربعة اقسام فاضرب هذه الاربعة فى الاربعة السابقة يحصل ثمانية عشر قسما توضيحه ان القطع اذا اخذ فى موضوع حكم آخر يخالف الحكم الذى تعلق به القطع فاما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزء الموضوع وأيضا اما ان يكون بنحو الطريقية والكاشفية واما ان يكون بنحو الصفتية وكذا اذا اخذ فى موضوع حكم آخر يماثل الحكم الذى تعلق له القطع فاما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزء الموضوع وأيضا اما ان يكون بنحو الطريقية والكاشفية وإما ان يكون بنحو الصفتية وكذا اذا اخذ فى موضوع حكم آخر يضاد الحكم الذى تعلق به القطع فاما ان يكون تمام الموضوع وإما ان يكون جزء الموضوع وأيضا اما ان يكون بنحو الطريقية واما ان يكون بنحو الصفتية وكذا اذا اخذ فى موضوع الحكم الآخر الذى هو نفس الحكم الذى تعلق به القطع فاما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزء الموضوع وأيضا اما ان يكون بنحو الطريقية وإما ان يكون بنحو الصفتية فحصل ثمانية عشر قسما واما الصحيح منها فهو اربعة اقسام أى اذا اخذ فى موضوع حكم آخر يخالف الحكم الذى تعلق به القطع فاما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزء الموضوع وإما ان يكون بنحو الطريقية وإما ان يكون بنحو الصفتية فهذه الاقسام الاربعة صحيحة والاقسام الباقية من اثنا

٢٩

عشر قسما لم تكن صحيحة للزوم اجتماع المثلين أو الضدين أى اذا كان الحكم الآخر مثل الحكم الذى تعلق به القطع لزم اجتماع المثلين واذا كان الحكم الآخر نفس الحكم الذى تعلق به القطع لزم تحصيل الحاصل واذا كان الحكم الآخر مضادا للحكم الذى تعلق به القطع لزم اجتماع الضدين.

ويمكن ثمانية عشر قسما آخر حتى يصير المجموع اثنين وثلاثين قسما والفرق بين هذه الاقسام والاقسام المذكورة ان القطع أخذ فى الاقسام السابقة فى موضوع حكم آخر اما الآن ـ فيؤخذ فى موضوع ذى حكم آخر أى كان الحكم ثابتا للموضوع مع قطع النظر عن حكم آخر مثلا اذا علمت خمرا نجسا فهو حرام فالخمر فى هذا المثال موضوع ذى حكم والقطع اخذ فى هذا الموضوع فالحكم الآخر إما ان يكون نفس حكم الخمر أو مثله أو ضده أو خلافه الحاصل ان القطع اخذ فى موضوع ذى حكم فالحكم الآخر الذى الذى يجيء بعد تعلق القطع اما ان يكون نفسى حكم هذا الموضوع أو مثله أو ضده أو خلافه فيضرب هذا الاربعة فى الاربعة اى اما يكون القطع تمام الموضوع أو جزءه وإما ان يكون بنحو الطريقية أو الصفتية فيحصل ثمانية عشر قسما ويصير مع الاقسام السابقة اثنين وثلاثين قسما وقد ذكر ما كان صحيحا من هذه الاقسام وما لم يكن صحيحا منها.

فائدة يذكر هنا بعض ما هو مناسب فى المقام قد علم ان القطع كيف نفسانى والصفة الحقيقية ذات الاضافة فهو صفة حقيقية من حيث واضافة وطريق من حيث الاخرى واذا اخذ فى الموضوع إما ان يكون بنحو صفتية مثلا انت قاطع تجب صلاة الجمعة عليك

٣٠

أى كان القطع صفة للمخاطب وكان القطع فى هذا المثال تمام الموضوع يعنى وان لا يصاب القطع الواقع فالحكم ثابت بعبارة اخرى وان لم يكن المقطوع موجودا فالحكم ثابت وإما ان يكون جزء الموضوع مثلا انت قاطع مع وجود المقطوع فتجب عليك صلاة الجمعة وإما ان يكون بنحو الطريقية أى معطوف على إما ان يكون بنحو الصفتية الحاصل انه اذا اخذ فى الموضوع بنحو الطريقية إما ان يكون تمام الموضوع مثلا اذا قطعت بخمرية الشيء فهو نجس هذا تمام الموضوع أى بمحض وجود القطع الحكم ثابت وان لم يكن الخمر فى الواقع وإما ان يكون جزء الموضوع مثلا اذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة مع كونه فى الواقع فتجب أى كان القطع موضوعا بشرط مصادفته للواقع قال شيخنا الاستاد اذا كان القطع كيفا نفسانيا فالموضوع هو المكلف والعلم حقيقت ذات الاضافة الى المقطوع وطريق اليه.

كان البحث الى هنا فى صفة المخلوق واعلم ان الصفات الحقيقية ذات الاضافة موجودة لله تعالى أيضا مثلا الله عالم والله رازق فتكون هذه الصفات مضافة أى العلم مضاف الى المعلوم والخلق مضاف الى المخلوق مثلا بعد خلق شيء ينتزع الخالقية وبعد اعطاء الرزق ينتزع الرازقية.

ولا يخفى ان كل صفات الله ليس عين ذاته بل صفات حقيقية عين ذاته تعالى مثلا الله موجود والله واحد والله حىّ هذه الصفات عين ذاته تعالى فالصفات الحقيقية ذات الاضافة لم تكن عين ذاته تعالى.

قوله : ثم قيام الطرق والامارات المعتبرة بدليل حجيتها

٣١

واعتبارها مقام هذا القسم الخ.

قد ذكر ان القطع بالنسبة الى الحكم الشرعى طريق محض واما القطع بالنسبة الى الحكم العقلى كالحسن والقبح فهو موضوع وأيضا ذكر ان القطع قد يؤخذ فى موضوع حكم آخر وإما ان يكون تمام الموضوع وإما ان يكون جزء الموضوع وإما ان يكون بنحو الطريقية والكاشفية وإما ان يكون بنحو الصفتية قال صاحب الكفاية اذا قطعت بوجوب الشيء يجب عليك التصدق بكذا فقال شيخنا الاستاد ان لفظ الشيء قابل للتعميم أى سواء اخذ القطع فى موضوع حكم آخر أو اخذ فى موضوع ذى حكم آخر وان القطع فى كل منهما اما تمام الموضوع واما جزء الموضوع وأيضا إما ان يكون بنحو الطريقية وإما ان يكون بنحو الصفتية أى إما ان يكون صفة خاصة للقاطع أو المقطوع به أى مؤدى القطع مثلا انت قاطع فتجب عليك صلاة الجمعة فالقطع صفة للقاطع ان قلت ان كان الشيء مقطوعا فتجب عليك صلاة الجمعة فالقطع صفة للمقطوع به.

قد ذكر فى عبارة المصنف لفظ القطع بالعبارات المختلفة أى القطع والاعتقاد واليقين فالمراد واحد وان لم تكن هذه الالفاظ من الالفاظ المترادفة ولا يخفى ان ما ذكر خلاصة الدرس السابق الآن يشرع فى توضيح قوله ثم لا ريب فى قيام الطرق والامارات الخ. فيبحث عن الموارد الثلاثة.

الاول : ان الامارات هل تقوم مقام القطع الطريقى المحض قال الشيخ فى الرسائل ثم من خواص القطع الذى هو طريق الى الواقع قيام الامارات الشرعية والاصول العملية مقامه أى ان الامارات تقوم مقام القطع الطريقى المحض بالدليل الاعتبار أى الدليل

٣٢

الذى صار سببا لاعتبار حجية الظن.

الثانى : ان الامارات هل تقوم مقام القطع الطريقى الذى اخذ فى الموضوع قال صاحب الكفاية ان الامارات لا تقوم مقام القطع الذى اخذ فى الموضوع أى لا تقوم الامارات مقام القطع الطريقى الموضوعى بالدليل الاعتبار والمراد منه ان الدليل اذا دل على حجية الظن لا تدل على قيامه مقام القطع الطريقى الموضوعى.

الثالث : ان الامارات هل تقوم مقام القطع الذى أخذ فى الموضوع على النحو الصفتية قال لا تقوم الامارات مقام هذا القطع الا اذا قام الدليل من الخارج بقيامها مقامه أى الدليل الاعتبار لا يكفى فى قيام الامارات مقام هذا القطع قال الشيخ فى الرسائل لو نذر احد ان يتصدق كل يوم بدرهم ما دام متيقنا بحياة ولده فانه لا يجب التصدق عند الشك فى الحياة لاجل الاستصحاب أى لا يقوم الاستصحاب مقام القطع لانه اخذ فى هذا المثال بنحو الصفتية ولو اخذ القطع فى هذا المثال بنحو الطريقية لجاز قيام الاستصحاب مقامه وذكر شيخ مثالا من المسائل الشرعية قال اذا فرضنا ان الشارع اعتبر صفة القطع على هذا الوجه أى على نحو صفة خاصة فى حفظ عدد الركعات الثلاثية والثنائية والاولين من الرباعية فان الظن لا يقام مقام القطع فى هذه الموارد لان القطع أخذ فيها على النحو الصفتية وكذا فى اداء الشهادة فان القطع فيه أخذ على نحو الصفتية ويشترط فيه ان يكون عن حس فلا يجوز الاسناد فيه الى اليد والبيّنة مثلا اذا كان الدعوى بين الشخصين فى مال وعلمت انه لفلان جاز الشهادة واما اذا كان الشهادة من حيث الاستناد الى اليد فلا يجوز اى لا يقوم الاستناد الى

٣٣

اليد مقام القطع لان القطع فى باب اداء الشهادة اخذ على النحو الصفتية واما فى مقام عمل الشاهد لنفسه فجاز تعويله باليد أو البيّنة مثلا اذا كان المال الذى فيه الدعوى تحت يد شخص جاز للشاهد ان يشتريه استنادا الى اليد واعلم ان صاحب الكفاية موافق مع الشيخ فى قطع طريقى محض أى يقولان ان الطرق والامارات قائمة مقام هذا القطع واما اذا أخذ القطع الطريقى فى الموضوع فهذا محل النزاع بينهما قال الشيخ ان القطع الذى أخذ فى الموضوع بنحو الطريقية يقيم مقامه الطرق والامارات بدليل حجيتها أى تقيم الامارات مقام القطع الموضوعى الطريقى بنفس الدليل الذى يدل على اعتبار الامارات وحجيتها واما صاحب الكفاية فيقول ان الامارات لم تقم مقام القطع الموضوعى الطريقى بالدليل الاعتبار الحاصل ان المصنف موافق للشيخ فى الجهتين.

أى توافقا فى صورة القطع الطريقى المحض فى اقامة الامارات مقامه بدليل اعتبارها وكذا توافقا فى صورة كونه صفة خاصة فى عدم قيام الامارات مقامه.

واختلافهما فى صورة واحدة وهي فيما اخذ القطع فيه فى الموضوع على النحو الطريقية فان الشيخ قائل هنا بقيام الامارات مقامه واما صاحب الكفاية فيقول ان الامارات لا تقوم مقام القطع الطريقى الموضوعى.

وتذكر هنا الجملة المعرضة وهى ما الفرق بين الطرق والامارات فيقال ان الطرق مثبتة للاحكام الكلية الالهية وان الامارات مثبتة للموضوعات الخارجية قال شيخنا الاستاد ان مثلهما كمثل الجار

٣٤

والمجرور أى اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا.

قد ذكر الآن مذهب صاحب الكفاية فى عدم قيام الطرق والامارات مقام القطع الطريقى الموضوعى فقال ما الدليل له.

قال المصنف ان الدليل الذى يدل على حجية الامارة لا يدل على قيام الامارة مقام القطع الطريقى الموضوعى واعلم انّ الدليل على حجية الامارة هو سيرة العقلاء وأيضا صدق العادل دليل على حجية الامارة بعبارة اخرى ان آية نبأ دليل على حجية خبر الواحد لانه يكشف صدق العادل من هذه الآية أى هذه الادلة تدل على جعل هو هوية بتوسط الامارة فالامارة مع كونها ناقصة جعلت منزلة القطع الذى هو الموهبة الهية.

ولا يخفى ان حصول القطع مشكل لان القطع اعز من الكبريت الاحمر أى الياقوت الاحمر فيقول الناس لسانا حصل لنا القطع بالوحدانية والنبوة والمعاد فهذا اقرار باللسان ويجرى احكام الاسلام عليهم من حيث الاقرار باللسان أى لا بد من حصول القطع فى باب العقائد ولا يقوم الظن مقامه فى هذا الباب.

واما الاحكام الشرعية فقد يحصل للمكلف العلم فيها كوجوب الصلاة والصوم وقد لا يحصل العلم فيها لكن الشارع جعل مؤدى الظن منزلة الواقع أى قال الخ احتمال الخلاف فبعد الغاء احتمال الخلاف جعل مؤدى الامارة منزلة الواقع.

الآن يذكر دليل صاحب الكفاية على عدم قيام الامارة مقام القطع الطريقى الموضوعى واعلم ان النظر بالامارات آلي لان النظر الاستقلالي المؤدى الامارة وكذا القطع لان النظر الاستقلالي الى المقطوع وكذا فى العرفيات نظر آلى واستقلالى كما يقال لا

٣٥

يعلم ما هنا الا بما يعلم هاهنا أى لا بد من لحاظ الامور الخارجية حتى يحصل بها الامور الذهنية فثبت ان فى الامارات والقطع نظر آلى والنظر الاستقلالى فى المقطوع ومؤدى الامارات ودليل الاعتبار يدل على هذا.

فان جعلت الامارات منزلة القطع الطريقى فيكون النظر الاستقلالى بنفس الامارات اى كان المقصود بالاصالة جعل الامارات منزلة القطع ولا يمكن ان يكون فى شيء واحد النظر الآلي والاستقلالى معا لانه لا يصح اجتماع النظر الآلي والاستقلالى فى شيء واحد بعبارة اخرى لا يصح اجتماع النظر الاصلى والتبعى فيه ولا يخفى انه لا ينفرد النظر الآلي من النظر الاستقلالى أى اذا وجد النظر الآلي وجد النظر استقلالى لكن وجودهما يتعلق على الشيئين وان وجود الآلى تبعى ووجود الاستقلالى اصلى وكل ما بالعرض ينتهى الى ما بالذات الحاصل انه لا يجوز قيام الامارة مقام القطع الموضوعى للزوم اجتماع اللحاظين فى شيء واحد أى لزم لحاظ الامارة بالنظر الآلي والاستقلالي.

ان قلت ان اجتماع اللحاظين يلزم اذا كان الدليل واحدا واما اذا كان الدليل متعددا فلم يلزم اجتماع اللحاظين لان احد الدليلين دال على جعل مؤدى الامارة منزلة الواقع والآخر دال على جعل الامارة منزلة القطع.

قلت ان محل النزاع انما يكون فى المورد الذى الدليل فيه واحد واما المورد الذى فيه دليلان فهو خارج من محل النزاع.

الحاصل انه لا يصح التنزلان بالتنزيل الواحد وكذا لا يصح الاستعمالان بالاستعمال الواحد كما ذكر نظيره فى باب المشترك

٣٦

اللفظى أى لا يجوز ارادة اكثر من معنى واحد من المشترك فى استعمال واحد لان فى اللفظ نظر آلي وفيما فى الضمير نظر استقلالى أى فى المعنى نظر استقلالى فيفنى اللفظ في المعنى فى حين الاستعمال فلم يكن له الوجود حتى يستعمل فى معنى آخر وكذا فى المقام تنزيل واحد لا يصح به التنزيلان.

يذكر هنا المطالب المذكورة مع النكات الاخرى واعلم انه إما ان يكون بالامارة والقطع النظر الآلي والتبعى أى دليل الاعتبار يدل ان المؤدى الامارة نزل منزلة الواقع والمقطوع فالنظر فى الامارة والقطع فى هذه الصورة آلي والنظر الى مؤدى الامارة والمقطوع استقلالي واما ان يكون بالامارة والقطع النظر الاستقلالى اى دليل الاعتبار يدل ان الامارة فنزلت منزلة القطع الموضوعى وكان النظر الاستقلالى الى الامارة والى المنزل عليه أى القطع الموضوعى ولا يخفى ان دليل الاعتبار واف باحدهما لان له لسان واحد فاما ان يجعل مؤدى الامارة منزلة الواقع والمقطوع واما ان يجعل الامارة منزلة القطع الموضوعى والتعيين محتاج الى الفكر قال المصنف انه يعلم من الدليل تنزل مؤدى الامارة منزلة الواقع والمقطوع لان دليل الاعتبار يقول ان الامارة حجة فليعمل بمؤدها لانه منزلة المقطوع وان صحّ فى مقام التصور لحاظ تنزيل مؤدى الامارة منزلة الواقع ولحاظ تنزيل الامارة منزلة القطع الموضوعى واما فى مقام الاثبات فاللحاظ واحد اى فى مقام الاثبات والخارج يلاحظ ان مؤدى الامارة منزلة الواقع.

لكن يصحّ اجتماع اللحاظين اذا كان الجامع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي يعنى ان يدلّ دليل الاعتبار على جامع بين

٣٧

اللحاظين فى الامارات اى لحاظ مؤدى الامارة منزلة الواقع ولحاظ كون الآمار منزلة القطع الموضوعي.

وأيضا فى جانب القطع بان يكون الجامع بين النظر الآلي والاستقلالي يعنى ان يدل دليل الاعتبار على جامع بين اللحاظين أى لحاظ كون المقطوع هو الواقع ولحاظ كون القطع منزلة الظن لانّه اذا نزل منزلة القطع فالقطع أيضا نزل منزلته لان التنزيل من الطرفين الحاصل انّه ينزل الجامع الذى هو فى جانب الامارات منزلة الجامع الذى هو فى جانب القطع.

فيقال لا يوجد هذا الجامع فى المقام اذا انتفى الجامع انتفى اجتماع اللحاظين.

هنا اشكال آخر وهو انتم تقولون ان دليل الاعتبار يدل على احد اللحاظين فهذا اللحاظ مشترك بين كون تنزيل الامارة منزلة القطع وبين كون المؤدى الامارة منزلة الواقع والمقطوع فيحتاج الى قرينة تدل ان المراد هو لحاظ مؤدى الامارة بمنزلة المقطوع.

والجواب ان دليل الاعتبار دال على كون مؤدى الامارة منزلة الواقع والمقطوع لظهور دليل الاعتبار على هذا التنزيل ويدل على هذا تقديم الامارة على الاصول العلمية لان مؤدى الامارة جعل منزلة المقطوع.

فائدة لما كان البحث في القطع والعلم فيبحث فى علمه تعالى اى هل يكون علمه تعالى علة لوجود المعلوم ام لا.

والجواب ان علمه تعالى يتصور على القسمين ان قلت ان الله عالم بوجود الفلان أو بوقوع الفعل فيكون علمه علة لوجود الشىء ووقوعه واما ان قلت ان الله عالم بوقوع الفعل من الشخص

٣٨

الفلانى فلم يكن علمه علة لوقوع الفعل مثلا ان قلت في واقعة الكربلاء ان الله عالم بشهادة الحسين فيكون علمه تعالى علة واما ان قلت الله عالم بوقوع شهادة الحسين (ع) من الشخص الفلاني فلم يكن علمه تعالى علة.

قوله : واما الاصول فلا معنى لقيامها مقامه بادلتها الخ.

قد ذكر سابقا ان الامارات تقوم مقام القطع الطريقى المحض لكن لا تقوم مقام القطع الموضوعي الطريقى لان هذا مستلزم الاجتماع بين اللحاظين قد علم تفصيله اى لم يقع فى الخارج اقامة الامارات مقام اقسام القطع الموضوعى واما فى مقام التصور العقلى فيمكن تصور قيام الامارات مقام اقسام القطع والمراد من القائم المقام يعنى يترتب الآثار الواقعي على مؤدى الامارة بعبارة اخرى ان المراد من الامكان هو الامكان الاحتمالي مثلا سمعت الشيء الذى يحتمل فيه الطرفان اى سمعت شيئا لم تعلم دخوله ولا خروجه هذا كالروح قد سمعته ولكن لم تعلم دخوله فى النفس ولا خروجه فيه اذا عرفت الجملة المعترضة رجع البحث الى الاصول العملية ويقال هل الاصول العملية تجعل منزلة القطع أو لا ولا يخفى ان النزاع فى اقامة الاصول مقام القطع الطريقى المحض واما عدم قيام الاصول مقام القطع الموضوعي فهو اتفاقى.

قال صاحب الكفاية ان الاصول لا يقيم مقام القطع الطريقى أى ادلة الاصول لا تدلّ على قيامها مقام القطع غير الاستصحاب والدليل على عدم قيام الاصول مقام القطع ان الاصول وقعت فى المرتبة الثالثة بعبارة شيخنا الاستاد ان الاصول وقعت فى الرقم الثالث أى الرقم الاول هو القطع الرقم الثانى الامارات التى هى

٣٩

مفيدة الظن الرقم الثالث الاصول الحكمية أى الاصول في الشبهات الحكمية لا في الشبهات الموضوعية فالاصول في الشبهات الحكمية اربعة واما الاصول فى الشبهات الموضوعية فهى كثيرة كقاعدة التجاوز والفراغ واصالة الصحة وكقاعدة الفراش فى صورة الشك فى الولد وكاصالة الحرية فى صورة الشك فى الرقية.

وكان البحث هنا فى الاصول الحكمية قال المصنف ان الاستصحاب يقوم مقام القطع الطريقى لان القطع منجز للتكليف الواقعى اى يترتب الآثار الواقعية توسط القطع والاستصحاب كذلك أى يكون موجبا للتنجّز والمعذورية.

واما الثلاثة الاخرى من التخيير والبراءة والاحتياط فلا تقوم مقام القطع لان هذه الثلاثة لم تكن ناظرة الى الواقع بل كانت الوظيفة العملية اذا عجز المكلف عن الواقع رجع الى هذه الاصول فى مقام العمل.

ان قلت ان الاحتياط منجّز التكليف فيقوم مقام القطع فيه قلت ان الاحتياط العقلي نفس حكم العقل بتنجّز التكليف وليس شيئا منجزا للتكليف حتى يقوم مقام القطع.

واما الاحتياط الشرعي فلم يكن الدليل له في الشبهة البدوية ولم يكن الاحتياط شرعيا فى شك المسبوق بالعلم الاجمالى بل هو احتياط عقلى لدفع الضرر المحتمل.

قيل ان البراءة تقوم مقام القطع لان الدليل لحجية البراءة ليس منحصرا بحديث الرفع اى رفع ما لم يعلموه الخ بل كان لحجية البراءة دليل آخر اى كل شىء لك حلال حتى تعلم انه قذر فيدل هذا الدليل على قيام البراءة مقام القطع قال المصنف ان البراءة

٤٠