هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٣

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢

قوله يبنى على المعنى الذى لو لا القرينة كان اللفظ ظاهرا فى هذا المعنى ابتداء.

لكن الشيخ يقول ليس لنا اصالة الظهور بل المراد هو اصالة عدم القرينة اذا علم الفرق بين مذهب الشيخ وصاحب الكفاية ورد الاشكال فى المورد الثالث أى اذا شك فى قرينية الشيء الموجود حاصله ان حجية اصالة اصالة الحقيقة اما تكون من باب التعبد واما أن تكون من باب الظهور اذا كان حجية اصالة الحقيقة من باب التعبد سلمنا صحتها واما اذا قلنا بحجية اصالة الحقيقة من باب الظهور فلم نسلم الظهور فى الحقيقة لوجود ما يصلح للقرينية فيصير اللفظ مجملا.

قوله : فصل الاجماع المنقول بالخبر الواحد حجة عند كثير ممن قال باعتبار الخبر بالخصوص.

أى خرج من تحت الاصل الاولى الاجماع المنقول بخبر واحد والدليل على حجية الاجماع المنقول هو الدليل على حجية الخبر الواحد لان الاجماع المنقول بالخبر الواحد من افراد الخبر الواحد فتكفى ادلة حجية الخبر الواحد لحجية الاجماع المنقول قال شيخنا الاستاد كان المناسب ذكر الاجماع المنقول بعد ذكر الخبر الواحد لان الدليل لحجية الاجماع المنقول هو دليل حجية الخبر الواحد.

قوله : وتحقيق القول فيه يستدعى رسم امور الاول ان وجه اعتبار الاجماع هو القطع برأى الامام (ع).

أى قد بيّن فى الامر الاول ان الدليل على حجية الظواهر هو الاجماع وقد ظهر من العامة والخاصة ان الدليل على حجية الظواهر

١٢١

هو الاجماع واعلم ان الاجماع فى الاصطلاح ينقسم الى قسمين :

الاول الاجماع المحصل والمقصود به الاجماع الذى يحصله الفقيه بنفسه بتتبع اقوال اهل الفتوى.

الثانى الاجماع المنقول والمقصود به الاجماع الذى لم يحصله الفقيه بنفسه وانما ينقله له من حصله من الفقهاء سواء كان النقل له بواسطة أم بوسائط.

والظاهر انّ وجه اعتبار الاجماع هو القطع برأى الامام عليه‌السلام فمتى اجتمعت الامة على قول كان داخلا فى جملتها لانه سيد الامة والخطأ مأمون على قوله فيكون ذلك الاجماع حجة فحجية الاجماع حقيقة عندنا انما هى باعتبار كشفه عن الحجة التى هى قول المعصوم بعبارة اخرى ان الاجماع كاشف عن قول الامام عليه‌السلام لا ان الاجماع حجة فى نفسه من حيث هو الاجماع.

توضيح ان الاجماع فى مصطلح الخاصة هو اتفاق جميع العلماء فى عصر وكذا فى مصطلح العامة الذين هم اصل له وهو اصل لهم أى كون العامة اصل للاجماع وهو اصل لهم لكونه مبنى دينهم لان عمدة ادلتهم على فتوى ابن ابى قحافة اجماع الامة عليها على زعمهم واما الاصل عندنا فهو النص بعبارة اخرى ان الاجماع فى مصطلح العامة هو من باب الموضوعية وهو عندنا من باب الكاشفية والفرق بينهما المراد من الموضوعية ان الاجماع هو اتفاق جميع العلماء فى عصر سواء كان كاشفا عن قول الامام عليه‌السلام ام لا.

واما المراد من الاجماع عندنا فهو اتفاق جميع العلماء بشرط كونه كاشفا عن قول الامام عليه‌السلام اذا قلنا ان الاجماع

١٢٢

حجة فهو من باب طريقية والمراد من هذا انه كاشف عن قول الامام قد ذكروا وجوها لدخول قول الامام (ع) فى المجمعين :

الاول انه يتصور وجود الاجماع حيث لا يعلم الامام بعينه ولكن يعلم كونه فى جملة المجمعين ولا بد فى ذلك من وجود من لا يعلم اصله ونسبه فى جملتهم ومن يتجه فانه يقال ان المدار فى الحجية على العلم بدخول المعصوم عليه‌السلام فى جملة القائلين ويسمى هذا الاجماع الدخولى وقد ذكر هذا صاحب المعالم.

الثانى طريقة قاعدة اللطف وهى ان يستكشف بالملازمة العقلية أو العادية رأى المعصوم من اتفاق من عداه من العلماء الموجودين فى عصره مع عدم ظهور ردع من قبله لهم باحد وجوه الردع أى لا خفية ولا ظاهرة والمراد من الملازمة العقلية كلزوم الزوجية للاربع والمراد من الملازمة العادية كالجود بالنسبة الى الحاتم.

ولا يخفى ان دخول رأى الامام فى المجمعين كان من باب الملازمة العقلية وبعبارة اخرى كان دخول رأى الامام فى المجمعين من باب قاعدة اللطف ان الله تعالى يفعل فعلا يقرب به العبد الى الطاعة ويبعده به عن المعصية واذا اجمع العلماء على امر فيرسل الله اليهم اماما لبعدهم عن الخطأ كما يقال الامر بالمعروف واجب عقلا أى وجب الامر بالمعروف على الناس من باب قاعدة اللطف.

واعلم ان قاعدة اللطف ثبت فى بعض الاوقات تكوينا كنزول العذاب على الناس هذا لطف لقرب هم الى الطاعة لخوف العذاب

١٢٣

فيوجد الله تعالى سببا لقرب الناس الى الطاعة وبعدهم عن المعصية وأيضا اذا اجمع العلماء على الباطل ارسل الله تعالى اليهم اماما لالقاء الخلاف فيهم.

الثالث الملازمة العادية أى الدليل الثالث لدخول قول الامام فى المجمعين هو الملازمة العادية مثلا صارت العادة من صدر الاسلام الى زماننا هذا موافقة قول المجمعين لقول الامام (ع) أى لم يقولوا قولا الا ان الامام داخل معهم.

الدليل الرابع طريقة الحدس وهى ان يقطع بكون ما اتفق عليه الفقهاء الامامية وصل اليهم من رئيسهم وامامهم يدا بيد فان اتفاقهم مع كثرة اختلافهم فى اكثر المسائل يعلم منه ان الاتفاق كان مستندا الى رأى امامهم والحدس هو العلم الحاصل من غير طريق الحواس الظاهرة أى للاعتقاد بالمجمعين يحدس ان هذا قول الامام (ع) ويحصل من قولهم القطع بقول الامام (ع).

قوله : وربما يتفق لبعض الاوحدى وجه آخر من تشرفه برؤيته (ع).

أى كان اجماع تشرفى لنا وهو ان يشرف شخص محضر الامام عليه‌السلام فى زمان الغيبة واخذ منه حكما أى اخذ هذا الشخص الفتوى عن الامام ولكن فى مقام التبليغ لم يقل انى سمعت عن الامام (ع) بل يحكى بلفظ الاجماع ويخفى سمعه عن الامام لبعض دواعى الاخفاء وهو كون الناس مأمورين بتكذيب مدعى الرؤية فى زمان الغيبة ويسمى هذا الاجماع تشرفيا لانه شرف خدمة الامام (ع) وسمع الحكم عنه واما فى مقام التبليغ فيحكى

١٢٤

بلفظ الاجماع لانه اسهل القبول.

قوله الامر الثانى انه لا يخفى اختلاف نقل الاجماع فتارة ينقل رأيه فى ضمن نقله حدسا الخ.

قد اختلف فى حجية الاجماع المنقول ودليل من قال بحجيته هو الدليل على حجية الخبر الواحد فيكفى دليل حجية الخبر عليه لان الاجماع المنقول من افراد خبر واحد بل الاجماع المنقول عالى السند لانه وصل الى الامام بواسطة واحدة اما خبر واحد فوصل الى الامام بوسائط متعددة قد ذكر فى الامر الاول ان حاكى الاجماع اما ان يقطع بدخول الامام فى المجمعين ويسمى هذا الاجماع الدخولي وتارة يحكم بدخول الامام فى المجمعين بقاعدة اللطف أى يحكم بدخول الامام من باب الملازمة العقلية اذا ثبت الاجماع يحكم العقل بدخول الامام فى المجمعين.

واما المراد من الملازمة العادية فهو ان صدور الحكم من العلماء من صدر الاسلام الى زماننا هذا كان موافقا لحكم الامام عليه‌السلام أى يحكم العرف بموافقة قول المجمعين لرأى الامام عليه‌السلام.

وإما ان يكون نقل الاجماع من باب الحدس والمراد منه ما هو مقابل الحس اعم من اللطف والتقرير والحدس المصطلح واما يحكم ناقل الاجماع بدخول الامام (ع) من باب الاتفاق أى اتفق للبعض الحدس بقوله (ع) فى بين المجمعين وحصل من هذا الحدس القطع بقوله (ع) قال صاحب الكفاية ان نقل الاجماع من باب الحدس هو الغالب واما نقل الاجماع حسا فهو نادر جدا

١٢٥

والمراد من الحس هو الحس الظاهرى كالسمع.

ولا يخفى انّ حاكى الاجماع تارة ناقل للسبب والمسبب والمراد من السبب هو اتفاق العلماء والمراد من المسبب هو رأى الامام (ع) مثلا يقول الحاكى اجمع الامة على هذا حتى المعصوم فصرح الناقل بهما قد ذكر صاحب الكفاية انه لا يخفى اختلاف نقل الاجماع فتارة ينقل رأيه (ع) حدسا واخرى حسا وأيضا اختلف عبارة اجماع المنقول فى مقام الاثبات صراحة وظهورا واجمالا الحاصل ان لفظ النقل تارة يكون صريحا فى نقل كلا الامرين كما اذا قال اجمع جميع الامة من المعصوم وغيره واخرى يكون كذلك فى نقل السبب كما اذا قال اجماعا من غير المعصوم.

وثالثه يكون ظاهرا فى الاول كما اذا قال اجماعا او قال جميع الامة.

ورابعة يكون ظاهرا فى الثانى كما اذا قال مثلا اجمع عليه الاصحاب فان الظاهر غير الامام.

وخامسة يكون مجملا كما اذا قال فقهائنا.

قوله : الامر الثالث انه لا اشكال فى حجية الاجماع المنقول بادلة حجية الخبر الخ.

أى كان البحث فى خروج اجماع المنقول من تحت الاصول الاولوية قد علم ان الاصل الاولي عدم الحجية الا ما خرج بالدليل فخرج من تحت هذا الاصل الظواهر وكذا الاجماع المنقول ولا يخفى ان الاجماع المنقول وقع فى مقابل الاجماع المحصل والمراد منه ان الشخص الفقيه تتبع اقوال العلماء والمراد من

١٢٦

الاجماع المنقول ان الشخص الآخر تتبع اقوال العلماء ونقلها للفقيه والبحث فى المقام فى هذا الاجماع.

قال صاحب الكفاية انه لا الاشكال فى حجية الاجماع المنقول بادلة حجية الخبر قد ذكر حجية الاجماع المنقول بعد ظواهر الاخبار لان ما خرج من تحت الاصل الاولى يذكر اولا وما بقى تحت الاصل يذكر اخيرا واما الاجماع المنقول فدليل حجية الخبر كاف فيه صار هذا سببا لذكره بعد حجية الخبر بل كان شمول هذا الدليل للاجماع المنقول بالطريق الاولى بل وهو عالى السند لان الناقل ينقل عن الامام (ع) بلا واسطة لان الامام موجود بين المجمعين.

توضيح الامر الثالث ان ناقل الاجماع على ثلاثة اقسام :

الاول ينقل السبب والمسبب هو رأى المعصوم فاما ان يكون نقلهما عن حس أى ادركه الناقل بالعين أو سمعه بالاذن ولا يخفى ان الخبر عن الامام (ع) فى اكثر الموارد هو عن حس أى قد يكون بالسمع وقد يكون بالبصر كرؤية مكتوب الامام مع التوقيع وإما ان يكون الاخبار بالحدس بان يحدس من المقدمات المحسوسة المخبر به.

الحاصل انه اذا نقل ناقل الاجماع السبب والمسبب عن حس يشمل دليل خبر الواحد هذا القسم من الاجماع المنقول ولا فرق فى نقل قول بين المطابقة والالتزام فكان نقل قول الامام (ع) فى باب الخبر بالمطابقة وفى باب الاجماع المنقول بالتضمّن مثل يقول الناقل اتفق المسلمون قاطبة ولا شك ان الامام (ع) داخل فيهم.

١٢٧

الثانى ان الناقل ينقل السبب فقط واما المسبّب فكان بالالتزام بعبارة اخرى ان نقل المسبب كان عن حدس بقاعدة اللطف عقلا أو عادة أو اتفاقا اى كانت الملازمة العقلية بين نقل السبب والمسبّب وثبت هذه الملازمة بنظر المنقول اليه أيضا.

الثالث ان ينقل الناقل المسبب عن حدس بالملازمة العقلية ولم يثبت هذا عند منقول اليه قال صاحب الكفاية الاظهر عدم نهوض تلك الادلة على الحجية لانّ بناء العقلاء لا يشمل هذا القسم أى نقل المسبب بالملازمة عند الناقل دون منقول اليه خصوصا فى المورد الذى كشف المنقول اليه خطاء الناقل فى اعتقاد الملازمة.

فيصح نقل الاجماع اذا كان طبق القسم الاول أو الثانى دون الثالث قد ذكر صاحب الكفاية هنا جملة معترضة وقال اذا اشتبه الحال ولا يعلم ان نقل الاجماع ثابت بالحس او بالحدس فالبناء العقلاء يشمل هذا القسم لان العقلاء يعملون بخبر الثقة اذا علم انّه عن حس وكذا يعملون به فيما يحتمل كونه عن حدس واما اذا كانت الامارة على الحدس او اعتقد الناقل الملازمة فيما لم يوجد فيه الملازمة فلم يشمل بناء العقلاء هذا المورد.

قوله : لكن الاجماعات المنقولة فى السنة الاصحاب غالبا مبنية على حدس الناقل الخ.

أى الاجماع المنقول ثبت غالبا فى السنة الاصحاب على الحدس يعنى نقل الناقل حدسا أو بالملازمة العقلية اذا كان الامر كذلك فلا اعتبار للاجماعات المنقولة ما لم ينكشف نقل السبب بالحس.

١٢٨

قوله : فلا اعتبار لها ما لم ينكشف ان نقل السبب كان مستندا الى الحس الخ.

هذا نتيجة لما سبق حاصله ان نقل الاجماع من حيث تعلّقه بالمسبّب حدسا أو بالملازمة غير حجة اذا لم يعلم انّه عن حس من الاجماع الدخولى او التشرفى اذا كشف نقل السبب او المسبب عند منقول اليه بالحس فهذا الاجماع المنقول حجّة فظهر حجية الاجماع اذا كان نقله بالحس لما عرفت من شمول ادلة حجية الخبر للحس.

واما عدم حجية الاجماع المنقول بالنسبة الى معلوم الحدسيّة فواضح أى لعدم دخوله تحت ادلة حجية الخبر وكذا يكشف عدم حجية الاجماع المنقول بالنسبة الى المشكوك الحدسية لانّ الغالب فى الاجماعات المنقولة فى السنة الاصحاب مبنية على الحدس هذا مفيد الظن على الحدسية ولكن يستثنى من عدم الحجية ما كان نقل المسبب حدسيا والملازمة بينه وبين سببه الحسى عاديّا لكونه بمنزلة الحس عند ابناء المحاورة فيشمله دليل حجيّة.

الحاصل ان الاجماعات المنقولة ثابت بالفاظ المختلفة فلا بدّ فيها من استظهار مقدار الدلالة فان كان بمقدار تمام السبب أى ادرك الناقل رأى جميع العلماء وثبت رأى الامام (ع) بالملازمة العادية صح فى هذا القسم حجية الاجماع المنقول واذا ادرك الناقل قول بعض العلماء فلا يجدى فى الحجية واما اذا ادرك قول ثلاثين عالما من قول الناقل وحصل قول الباقى عند المنقول اليه

١٢٩

ويضم ما حصل عند المنقول اليه مع ما ادركه من قول الناقل وثبت رأى الامام بالملازمة فهذا القسم حجة ايضا واذا لم يكن ما حصل عند الناقل مستلزما لرأى الامام فلم يكن حجة كذا اذا نقل الناقل بعض السبب ولم يحصل عند المنقول اليه ما بقى فان قلت من اين نعلم ان الناقل ادرك قول جميع العلماء أو قول ثلاثين عالما قلت يعرف هذا من حال الناقل مثلا اذا كان الناقل شخصا مهما ومتفحصا علم من حاله انه تفحص قول جميع العلماء وكذا يعرف من حال المسألة لانها مما يتعرضها جميع وكذا يعرف من حال الناقل أو المسألة انه ادرك قول بعض العلماء أى اذا لم يكن الناقل متفحصا.

قوله فتلخص ان الاجماع المنقول بالخبر الواحد من جهة حكاية رأى الامام (ع) بالتضمن او الالتزام الخ.

قال شيخنا الاستاد لا فرق بين ما قبل وما بعد قوله فتلخص وان فهم بعض المنافاة بين ما قبل وما بعد واعلم ان الاجماع المنقول حجة من جهة حكاية رأى الامام (ع) بالتضمن او الالتزام بشرط ثبوت هذا الملازمة عند المنقول اليه وينقسم باقسامه أى ثبت اقسام الخبر للاجماع المنقول من حيث الصحة والضعف ويشارك الاجماع المنقول الخبر الواحد فى الاحكام من حيث الوصل الى الامام (ع).

قد ذكر انه اذا نقل اليه بعض الاقوال وحصل المنقول اليه ما بقى منها من اقوال السائرين أو من الامارات المعتبرة كان ما ذكر من نقل الاجماع وما حصل عند المنقول اليه كالمحصل فى

١٣٠

الحجية فلا فرق فى الاجماع المنقول بين نقل جميع الاقوال للمنقول اليه وبين ان يكون بعض الاقوال نقل اليه وثبت البعض الآخر من سائر الاقوال أو الامارات الاخرى.

قال المصنف ولا تفاوت فى اعتبار الخبرين بين ما اذا كان بتمام المخبر به أو ما له دخل فيه الخ.

أى لم يشترط ان ينقل الناقل تمام المخبر به والمراد من تمام المخبر به ان يكون جميع الرواة عادلا وان يكون النقل عن الامام واذا ثبت رأى الامام (ع) من قول المخبر لنقله عنه (ع) وثبت عدالة الرواة من دليل الآخر فلم يضر هذا فى حجية الخبر وكذا فى مسئلة الاجماع المنقول مثلا اذا نقل الناقل قول عشرين عالما وفحص المنقول اليه ما بقى من الاقوال ويضم هذا الى قول الناقل وثبت من المجموع قول الامام (ع) فلا اشكال فى حجية هذا الاجماع مع ضميمة ما حصل عند المنقول اليه.

اذا ثبت ان الناقل نقل تمام المخبر به كان هذا مستلزما لقول الامام (ع).

فان قلت من اين يعرف ان ما اخبر به هو تمام السبب قلت يعرف هذا من حال السائل لانه شخص متفحص أو يعرف من حال المسألة لانها محل الابتلاء ومتعرض لها الاكثر بل الجميع.

ينبغى التنبيه على امور الاول انه قد مر ان مبنى دعوى الاجماع غالبا هو اعتقاد الملازمة عقلا الخ.

قد بحث فى الامر الاول من ثمرة الاجماع المنقول توضيح هذا ان ناقل الاجماع لم يحصل قول العلماء ولم يثبت له قول

١٣١

الامام (ع) والادلة الاربعة قائمة على حجية الاجماع المحصل ولا تدل هذه الادلة على حجية الاجماع المنقول يبين هنا أوّلا فائدة الاجماع المنقول قد ذكر ان فائدته من حيث السبب أى اقوال العلماء واما المسبب فهو مبنى على القاعدة اللطف قد ذكر فى شرح اللمعة فى باب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر انهما واجبان عقلا ونقلا واما الاول فلان هما لطف وهو واجب على مقتضى قواعد العدل أى عقلا يجب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر من باب قاعدة اللطف وهو الفعل المقرب الى الطاعة والمبعد عن المعصية فيجب على الله تعالى ان يقرب عباده الى الطاعة ويبعده عن المعصية وقد يكون لطفه تعالى تكوينا كانزال البلية حتى يتوب الناس ويقرب الى الله تعالى فهذا ايضا لطف عنه تعالى.

وكذا فى المقام يثبت المسبب أى قول الامام (ع) من باب اللطف يعنى يجب على الله تعالى ارسال الامام فى المجمعين لقربهم الى الطاعة وبعدهم عن المعصية بعبارة اخرى وجب على الله تعالى نصب الامام على الناس هذا على مذهب الامامية واما اهل الخلاف فيقولون ان نصب الامام واجب على الرعية.

ولا يخفى ان قاعدة اللطف لم تتم عند البعض أى لم تتم قاعدة اللطف من حيث الصغرى لعدم وجوب اللطف على الله تعالى لانه اذا كان واجبا على الله أى وقع التكليف عن الله الجاء وهو ممتنع فى مقام التكليف.

قال الشيخ الطوسى ان الاجماع بقاعدة اللطف يصح قال السيد المرتضى ان قاعدة اللطف لم تتم من حيث الصغرى أى وجوب اللطف على الله وان صح هذه القاعدة من حيث الكبرى أى وجود

١٣٢

الامام لطف لكن عدمه منّا فثبت ان الاجماع المنقول لم يكن تاما فى المسبب لان رأى الامام (ع) مبنى على القاعدة اللطف وهى لم تتم من حيث الصغرى واما اذا حصل رأى الامام (ع) حدسا فهو ايضا لم يتم لان هذا مستلزم فى بعض الموارد للحدس عن الحدس لان الشخص يحدس قول العلماء عن قول شيخه ويحدس قول الامام عليه‌السلام عن هذا الحدس أى يحدس قول الامام (ع) عن حدسه قول العلماء فظهر عدم ثبوت المسبب بقاعدة اللطف ولا من الحدس اذا كان الامر كذلك فلا بد تحصيل المسبب عن حس لدفع احتمال الخطاء أو ثبت المسبب بنقل الاجماع من باب السبب بالمقدار الذى احرز من لفظ هذا المقدار المسبب بالقرينة الحالية أو المقالية فيعامل مع هذا الاجماع المنقول معاملة المحصل.

قوله : الثانى انه لا يخفى ان الاجماعات المنقولة اذا تعارض اثنان منها أو اكثر فلا يكون التعارض الا بحسب المسبب الخ.

اذا تعارض اثنان أو الثلاثة من الاجماعات المنقولة فلا تعارض بين الاسباب بل يثبت التعارض بين المسببات أى رأى الامام (ع) مثلا يدل احد الاجماعات على وجوب صلاة الجمعة تعيينا والثانى منها يدل على وجوبها تخييرا والثالث منها يدل على استحبابها فالتعارض بين هذه الاجماعات ثابت من حيث المسبب أى رأى الامام (ع) واما من حيث الاسباب فلم يكن التعارض فيها لان كل الناقل ادرك اقوال العلماء وكان كل ناقل الاجماعات المنقولة صادقا فى نقل قول العلماء أى كل الناقلين ادرك قول العلماء ولكن

١٣٣

اقوالهم مختلفة لا اشكال فيه.

واعلم ان نقل الفتاوى على القسمين أى قد يكون اجمالا وقد يكون تفصيلا قال المصنف لكن نقل الفتاوى على الاجمال بلفظ الاجماع لا يصلح لان يكون سببا ولا جزء سبب والمراد من الاجمال هو عدم التصريح باسمائهم ولا يثبت فى صورة الاجمال رأى الامام لثبوت الخلاف فى الفتاوى ويمكن ان يكون وجوب صلاة الجمعة قول البعض وقول بعض الآخر كان على خلافه اما اذا كان نقل الاجماع مفصلا أى يبين ناقل اسماء العلماء فلا يحتمل الخلاف فيه لان المنقول اليه يقطع برأى الامام عن قول العلماء.

واما اذا كان نقل الفتاوى مجملا فلم يحصل القطع برأى الامام قوله فافهم اشارة الى عدم الفرق بين الاجمال والتفصيل لان اقوال العلماء يعرف من حال الناقل لارتباطه مع مائة عالم أو جميع العلماء أو يعرف اقوال العلماء من حال المسألة لانها محل الابتلاء لجميع المكلفين بعبارة اخرى يمكن ان يكون مع احد المتعارضين خصوصية موجبة لقطع المنقول اليه برأى الامام (ع).

قوله الثالث انه ينقدح مما ذكرنا فى نقل الاجماع حال النقل التواتر الخ.

قد ذكر فى الامر الاول فائدة اجماع المنقول من حيث السبب وقد بيّن وجه الاجماع المنقول بان يكشف قول الامام (ع) من باب اللطف واشكل على قاعدة اللطف من حيث الصغرى أى ويكشف قوله (ع) حدسا واشكل عليه بانه غير مسلم.

واما يكشف قول الامام (ع) للقطع بدخوله (ع) بين المجمعين

١٣٤

وليس لنا العلم بدخوله (ع) وذكر فى الامر الثالث ان التعارض فى الاجماعات انما يكون من حيث المسبب لا السبب لان الناقلين يمكن ان يكونوا فى نقلهم صادقين.

والبحث فى الامر الثالث عن التواتر وذكر للتواتر المعنيان : الاول المراد من التواتر هو اخبار الجماعة التى يمتنع تواطئهم على الكذب.

الثانى اخبار الجماعة ان يحصل العلم عن اخبارهم وكان المعنى الثانى موردا للبحث بان يحصل العلم بقول الامام (ع) من قول المخبرين واعلم ان اخبار المتواتر تفرق بالنسبة الى المخبر به أى يحصل العلم بالمخبر به من قول الافراد القليلة لان العلم به سهل وتارة لا يحصل العلم بقول الامام (ع) الا باخبار الجماعة الكثيرة أى كان العلم بالمخبر به فى هذه الصورة مشكلا ولا يخفى ان حصول العلم من الاخبار المتواترة اما ان يكون حصول هذه الاخبار لنفس الشخص واما ان يكون حصول هذه الاخبار للغير وقد حصل له العلم ولكن ان قيل هذا الاخبار لهذا الشخص ايضا حصل له العلم بالمخبر به واذا كان الخبر الواحد محفوفا بالقرينة فهذا كالخبر المتواتر فى حصول العلم فى المخبر به.

فى الشهرة الفتوائية

قوله : فصل مما قيل باعتباره الشهرة الفتوائية الخ.

أى يبحث عن الشهرة بعنوان الخاص أى من حيث الشهرة الفتوائية لا من حيث افادتها للظن واعلم ان الشهرة على اقسام الثلاثة.

١٣٥

الاول : الشهرة الفتوائية والمراد منها اشتهار الفتوى بحكم بدون العلم بمستندها.

الثانى : الشهرة من حيث الرواية بمعنى اشتهار الرواية بين الرواة بكثرة نقلها وضبطها فى كتب الحديث.

الثالث : الشهرة العملية وهى استناد المشهور الى الرواية فى مقام الاستنباط ولا يخفى ان محل البحث هو القسم الاول اى الشهرة الفتوائية.

قال صاحب الكفاية ولا يساعد الدليل الخاص على حجيتها. بعبارة اخرى انّ دليل حجية الخبر الواحد لا يشمل الشهرة وقال بعض ان ادلة حجية الخبر الواحد تدل على حجيتها بمفهوم الموافقة لانه ربما يحصل منها الظن الاقوى من الحاصل من الخبر الواحد أى حجية الشهرة تثبت بالاولوية.

قد اجيب عن هذا الاستدلال بان هذه الاولوية ظنية والظاهر المنع من التنقيح هذا المناط الظنى بل نحن نقطع بعدم كون مناط الاعتبار هو الظن لانّ الخبر قد يكون حجة مع عدم افادته الظن كالظن النوعى بالنسبة الى الشخص الذى لم يحصل له الظن كما قال صاحب الكفاية ان دعوى القطع بانه ليس بمناط غير مجازفة اى دعوى القطع بعدم كون الظن مناطا غير مجازفة.

قوله : واضعف منه توهم دلالة المشهورة والمقبولة عليه الخ.

أى هذا الوجه الثانى لحجية الشهرة الفتوائية حاصله دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة عمر بن حنظلة على حجية الشهرة والمراد من المرفوعة الرواية التى هى مروية عن العلامة مرفوعة الى

١٣٦

الزرارة قال سألت أبا جعفر (ع) فقلت جعلت فداك يأتى عنكم خبر ان او الحديثان المتعارضان فبايّهما آخذ فقال (ع) يا زرارة خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر وجه الاستدلال بهذه الرواية ان الموصول فى قوله خذ بما اشتهر بين اصحابك مطلق فيكون المعنى خذ بكل ما اشتهر اى بكل شىء اشتهر بين أصحابك ولا يخفى ان الشهرة الفتوائية من مصاديق الشىء فيجب الاخذ بها.

والمراد من المقبولة هى ما روى عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجلين من اصحابنا بينهما منازعة قال (ع) ينظر الى ما كان من روايتهم عنا فى ذلك الذى حكما به المجمع عليه بين أصحابك ووجه الاستدلال ان المراد من الموصول فى قوله (ع) ينظر الى ما كان الخ هى الشهرة قد ذكر الى هنا وجه الاستدلال بالروايتين على حجية الشهرة الفتوائية.

قوله : لوضوح ان المراد بالموصول فى الرواية الاولى خذ بما اشتهر بين أصحابك وفى الثانية فى قوله ينظر الى ما كان الخ.

لا يعمّ هذا الموصول الفتوى بل المراد من الموصول هو الرواية.

قوله : نعم بناء على حجية الخبر ببناء العقلاء الخ.

أى هذا استدراك لاثبات حجية الشهرة الفتوائية فمرجع هذا الوجه الى دعوى الملازمة بين حجية الخبر ببناء العقلاء وبين حجية الشهرة فيعم بناء العقلاء الشهرة الفتوائية قال صاحب الكفاية دون اثبات ذلك خرط القتاد أى لا يثبت بناء العقلاء على

١٣٧

حجية الشهرة الفتوائية.

قوله : فصل المشهور بين الاصحاب حجية الخبر الواحد فى الجملة بالخصوص الخ.

يبحث فى هذا الفصل عن حجية الخبر الواحد فى الجملة اى بنحو الايجاب الجزئى فى مقابل السلب الكلى فكان البحث عن حجية الخبر بالخصوص اى بدليل خاص فى مقابل حجيته بدليل الانسداد.

قال المصنف ولا يخفى ان مسئلة حجية الخبر من اهم المسائل الاصولية لان الملاك فى المسألة الاصولية هو وقوع نتيجتها فى طريق استنباط الاحكام اى وقع النتيجة فى جوال ... لم فى قول السائل ولا شك انه اذا ثبت حجية الخبر وقع هذا الخبر فى جواب لم فهذا مراد من المسائل الاصولية وان قال بعض ان المراد من المسائل الاصولية هى الادلة الاربعة وان اشتهر ان الموضوع فى علم الاصول هى الادلة الاربعة وتجشّم فى دخول بحث الخبر فى المسألة الاصولية الى ان البحث عن دليليّة بحث عن الادلة أى البحث عن دليلية الخبر بحث عن السنة قال صاحب الكفاية لا يكاد يفيد هذا التجشّم لان البحث فى مسئلة حجية الخبر ليس بحث عن دليلية الادلة بل هذا بحث عن حجية الخبر الحاكى عن السنة وليس هذا بحث عن المحكيّ اعنى السنة اى قول المعصوم (ع) أو فعله او تقريره ولا يخفى انّ البحث فى مسئلة حجية الخبر الواحد ليس بحثا عن دليلية بمعنى السنة بل بحث عن دليلية الخبر الحاكى عن السنة ومن المعلوم مغايرة الحاكى للمحكى فظهر الى هنا عدم صحة تجشّم المذكور.

١٣٨

قوله : كما لا يكاد يفيد عليه تجشم دعوى ان مرجع هذا المسألة الى ان السنة هل تثبت بالخبر الواحد.

هذا وجه ثان لدفع الاشكال حاصله اذا قلنا ان موضوع علم الاصول هى الادلة الاربعة فلا يلزم خروج بحث حجية الخبر الواحد عن المسائل الاصولية لان البحث عن حجية الخبر حينئذ بحث عن عوارض السنة اذ معنى أنه هل تثبت السنة هى قول المعصوم (ع) أو فعله او تقريره بخبر الوحد ام لا ومن المعلوم ان ثبوت السنة وعدم ثبوتها من حالات السنة وعوارضها.

فيكون البحث عن حجية الخبر الواحد بحثا اصوليا فلا يلزم من جعل موضوع علم الاصول الادلة الاربعة خروج مسئلة حجية الخبر عن مسائل علم الاصول.

والجواب عن الاستدلال الثانى توضيحه ان البحث عن ثبوت السنة بالخبر بحث عن عوارض السنة المشكوكة لا نفس السنة الواقعية فقولنا هل الخبر الواحد حجة أم لا معناه انه هل يثبت السنة المشكوكة بالخبر الواحد أم لا ومن المعلوم انّ موضوع علم الاصول هو السنة الواقعية لا المشكوكة بعبارة اخرى انّ البحث عن حجية الخبر ليس بحثا عن عوارض الادلة اى البحث عن حجية الخبر ليس بحثا عن عوارض السنة الواقعية والسنة المشكوكة ليست موضوعا لعلم الاصول.

واعلم ان البحث عن حجية الخبر انما يكون من مباحث علم الاصول اذا التزم بان موضوع علم الاصول كلى ينطبق على جميع

١٣٩

موضوعات مسائله قد ذكر البحث عن موضوع علم الاصول فى الجزء الاول من هذا الكتاب عند البحث عن موضوع كل علم فلا وجه لتكراره هنا اما اذا كان الموضوع الادلة الاربعة فلم يصح كون البحث عن حجية الخبر من المسائل الاصولية مثلا البحث عن ثبوت السنة بالخبر الواحد هو بحث عن لوازم السنة لا عن عوارضها.

بعبارة اخرى ان ثبوت السنة بحجية الخبر انما هو من لوازم حجية الخبر والبحث عن اللوازم ليس البحث عن المسألة الاصولية.

قوله : كيف كان فالمحكى عن السيد والقاضى وابن زهره عدم حجية الخبر الخ.

اذا ثبت كون البحث عن حجية الخبر من المسائل الاصولية فيشرع البحث عن حجيته احتج المانعون بالادلة الثلاثة اما الكتاب فالآيات الناهية عن العمل بالظن كقوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ـ وقوله تعالى (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً.)

واما السنة فهى اخبار كثيرة تدل على المنع من العمل بالخبر غير معلوم الصدور الا اذا احتفت بقرينة معتبرة من الكتاب والسنة مثل ما ورد فى غير واحد من الاخبار ان النبى (ص) قال ما جاءكم عنى ما لا يوافق القرآن فلم اقله وقول ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام لا تصدق علينا الا ما وافق الكتاب وسنة نبيه وقول الصادق عليه‌السلام كل شيء مردود الى كتاب الله وكل حديث لا يوافق الكتاب فهو زخرف وكذا يمنع عن حجية الظن الاجماع

١٤٠