رسائل الشريف المرتضى - ج ٣

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]

رسائل الشريف المرتضى - ج ٣

المؤلف:

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٨

والجماع ليلا أو نهارا " يفسد الاعتكاف ، وعلى المجامع ليلا في اعتكافه ما على المجامع في نهار شهر رمضان ، فإذا جامع نهارا " كانت عليه كفارتان.

ومن أفطر بغير الجماع في نهار الاعتكاف من غير عذر كان عليه ما على المفطر من نهار شهر رمضان.

٦١

كتاب الحج

فصل

(في وجوب الحج والعمرة وشروط ذلك وضروبه)

الحج واجب على كل حر مسلم بالغ متمكن من الثبوت على الراحلة إذا زالت المخاوف والمقاطع ووجد من الزاد والراحلة ما ينهضه في طريقه وما يخلفه في عياله من النفقة.

والحج واجب في العمر مرة واحدة ، وكذلك العمرة تجب مرة واحدة ، وما زاد على المرة فهو فضل عظيم.

ويجب على المرأة بهذه الشروط ، ولا تفتقر إلى محرم.

وأشهر الحج : شوال ، وذو العقدة ، وعشرون (١) من ذي الحجة.

وليس للعمرة وقت مخصوص ، وأفضل الأوقات للعمرة المفردة رجب ،

__________________

(١) في (ش) : وعشر.

٦٢

وهي جائزة في سائر أيام السنة.

وقد روي أنه لا يكون بين العمرتين أقل من عشرة أيام. وروي أنها لا تجوز في كل شهر إلا مرة (١).

والحج على الفور دون التراخي لمن تكاملت شرائطه.

والأركان في الحج خمسة : الاحرام ، والوقوف بعرفات (٢) والوقوف بالمشعر الحرام ، وطواف الزيارة ، والسعي بين الصفا والمروة. وقد ألحق قوم من أصحابنا بهذه الأركان التلبية.

وضروب الحج ثلاثة : تمتع بالعمرة إلى الحج ، وإقران في الحج ، وإفراد له.

والتمتع بالعمرة هو فرض الله تعالى على كل ناء عن المسجد الحرام ، فلا يجوز منه سواه. وصفته أن يحرم من الميقات بالعمرة ، وإذا وصل إلى مكة طاف بالبيت سبعا " ، وسعى بين الصفا والمروة سبعا " ، ثم أحل من كل شئ أحرم منه.

فإذا كان يوم التروية عند الزوال أحرم بالحج من المنزل ، وعليه بهذا الحج المتعقب للعمرة طوافان : أحدهما الطواف المعروف بطواف النساء ، وهو الذي تحل معه النساء ، لأن بالطواف الأول الذي هو طواف الزيارة يحل المحرم من كل شئ إلا النساء ، وعليه بهذا الاحرام بالحج سعي بين الصفا والمروة ، وعليه دم.

فإن كان عدم الهدي وكان واجدا " ثمنه تركه عند من يثق به حتى يذبح عنه

__________________

(١) أنظر هذه الروايات في الكافي ٤ / ٥٣٤.

(٢) في (ش) : بعرفة.

٦٣

في طول ذي الحجة فإن لم يتمكن من ذلك أخره إلى أيام النحر من العام القابل.

ومن لم يجد الهدي ولا ثمنه ، كان عليه صوم عشرة أيام قبل يوم التروية ويوم عرفة ، فمن فاته ذلك صام ثلاثة أيام التشريق وباقي العشرة إذا عاد إلى أهله.

وأما الاقران فهو أن يهل من الميقات بالحج ، ويقرن إلى إحرامه سياق الهدي. وإنما سمي إقرانا " لاقتران سياق الهدي بما يأتي به ، وعليه طوافان بالبيت وسعي واحد بين الصفا والمروة ويجدد التلبية عند كل طواف.

فأما الأفراد فهو أن يحرم بالحج من الميقات مفردا " ذلك من سياق الهدي ، وليس عليه هدي ولا تجديد التلبية عند كل طواف ، ومناسك المفرد والقارن متساوية.

فصل

(في مواقيت الاحرام)

ميقات أهل المدينة مسجد الشجرة ، وهو ذو الحليفة (١).

وميقات أهل العراق وكل من حج من هذا الطريق بطن العقيق (٢) وأوله

__________________

(١) ذو الحليفة ـ بضم الحاء وفتح اللام وسكون الياء ـ : قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ومنها ميقات أهل المدينة [معجم البلدان ٢ / ٢٩٥].

والشجرة بلفظ واحدة الشجر ، وهي الشجرة التي ولدت بها أسماء بنت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة وكانت سمرة وكان النبي ينزلها من المدينة ويحرم منها.

(٢) العقيق : واد من أودية المدينة يزيد على بريد ، وكل مسيل شقه السيل فوسعه فهو عقيق ـ مجمع البحرين (عقق).

٦٤

المسلخ وأوسطه الغمرة وآخره ذات عرق.

وميقات أهل الشام ومن حج بهذا الطريق الجحفة (١).

وميقات أهل اليمن يلملم (٢).

وميقات أهل الطائف قرن المنازل (٣).

ولا يجوز الاحرام من قبل الميقات ، ومن كان منزله دون الميقات فميقاته منزله.

ومن جاور بمكة إذا أراد الحج والعمرة خرج من ميقات أهله وأحرم منه ، فإن لم يتمكن أحرم من خارج الحرم.

فصل

(فيما يجتنبه المحرم)

على المحرم اجتناب الرفث وهو الجماع وكل ما يؤدي إلى نزول المني من قبلة أو ملامسة أو نظر بشهوة ، ويجتنب الفسوق وهو الكذب والسباب ،

__________________

(١) الجحفة بالضم ثم السكون والفاء : كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة ـ معجم البلدان ٢ / ١١١.

(٢) يلملم موضع على ليلتين من مكة ، وهو ميقات أهل اليمن ، وفيه مسجد معاذ بن جبل ، وقال المرزوقي هو جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث ، وقيل هو واد هناك. معجم البلدان ٥ / ٤٤١.

(٣) قال القاضي عياض : قرن المنازل وهو قرن الثعالب بسكون الراء : ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة. وقال الحسن بن محمد المهلبي : قرن قرية بينها وبين مكة أحد وخمسون ميلا ، وهي ميقات أهل اليمن ، بينها وبين الطائف ذات اليمين ستة وثلاثين ميلا ـ معجم البلدان ٤ / ٣٣٢.

٦٥

والجدال وهو الحلف بالله صادقا " أو كاذبا ".

ويجتنب الطيب كله إلا خلوق المسجد (١) ولا يلبس المخيط من الثياب ، ولا يحتجم ولا يفصد إلا عند الضرورة ، ولا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ، ولا يدمي جلده كله ، ولا يظلل على نفسه إلا أن يخاف الضرورة.

ولا ينكح المحرم ، ولا يأكل من صيد البر وإن صاده المحل ، ولا يأكل من صيد نفسه، ولا يقتل صيدا " ، ولا يدل عليه ، ولا يغطي رأسه إلا من ضرورة.

فصل

(في سيرة الحج وترتيب أفعاله)

إذا بلغ الحاج إلى ميقاته فليكن إحرامه منه ، وليغتسل وينشر (٢) ثوبي إحرامه يأتزر بأحدهما ويتوشح بالآخر ، ولا يحرم بالإبريسم ، وأفضل الثياب للاحرام القطن والكتان.

ويصلي ركعتي الاحرام ثم يقول إذا فرغ منهما : (اللهم إني أريد ما أمرتني به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك ، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت علي. اللهم إن لم تكن حجة فعمرة أحرم لك جسدي وبشري وشعري من النساء والطيب والثياب أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة).

__________________

(١) الخلوق كرسول : ما يتخلق به من الطيب. قال بعض الفقهاء وهو مائع فيه صفرة. المصباح المنير (خلق) ١ / ٢٤٦.

(٢) في (ش) : يلبس.

٦٦

ثم يلبي فيقول : (لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك).

وإن كان يريد القران قال : (اللهم إني أريد الحج قارنا " فسلم لي هديتي وأعني على مناسكي ، أحرم لك جسدي) إلى آخر الكلام.

فإن كان يريد الحج مفردا " قال : (اللهم إني أريد الحج مفردا " فيسره لي أحرم لك جسدي) إلى آخر الكلام.

وليلب كلما صعد علوا " أو هبط سفلا أو نزل من بعيره أو ركب وعند انتباهه وفي الأسحار ، فإن كان قصده إلى مكة من طريق المدينة قطع التلبية إذا عاين بيوت مكة عند عقبة المدنيين ، وإن كان قصده إليها من طريق العراق قطع التلبية إذا بلغ عقبة ذي طوى.

فإذا بلغ مكة فمن السنة الاغتسال قبل دخول المسجد ، فإذا دخله فليفتتح الطواف من الحجر الأسود ، ثم يستقبله بوجهه ويدنو إليه فيستلمه ، ويكون افتتاحه من طوافه به واختتامه به أيضا " ، فإذا بلغ الركن اليماني فليستلمه وليقبله فإن فيه بابا " من أبواب الجنة.

فإذا كان في الشوط السابع فليقف عند المستجار وهو دون الركن اليماني ويبسط يديه على البيت ويلصق به بطنه وخده ويقول : (اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العائذ بك من النار) ويتعلق بأستار الكعبة ويدعو الله تعالى ويسأله حوائجه للدنيا والآخرة، ويقبل الركن اليماني في كل شوط ويعانقه.

فإذا فرغ من الطواف سبع دفعات فليأت مقام إبراهيم عليه السلام وليصل ركعتي الطواف ثم يخرج من الباب المقابل للحجر الأسود إلى الصفا فيسعى

٦٧

منه إلى المروة سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة.

وإذا بلغ من السعي حد المسعى الأول ـ وهو المنارة ـ فليهرول ، وإذا بلغ حد المسعى الثاني وهو بعد جوازه زقاق العطارين قطع الهرولة.

فإذا فرغ من الطواف والسعي قصر من شعر رأسه أو من حاجبيه وقد أحل به من كل شئ أحرم منه.

فإذا كان يوم التروية فليغتسل وينشئ الاحرام للحج من المسجد ، ويلبي ثم يمضي إلى منى فليصل فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ويغدو إلى عرفات.

فإذا زالت الشمس من يوم عرفة اغتسل وأقطع التلبية وأكثر من التهليل والتحميد والتكبير ، ثم يصلي الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، ثم يأتي الموقف ، وأفضله ميسرة الجبل ويدعو الله سبحانه بدعاء الموقف وهو معروف وبما أحب من الأدعية.

فإذا غربت الشمس فليفض من عرفات ولا يصلي المغرب ليلة النحر إلا بالمزدلفة.

فإذا نزل المزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، فإذا أصبح يوم النحر وصلى الفجر وقف بالمزدلفة كوقوفه بعرفة ، فإذا طلعت الشمس فليفض منها إلى منى ولا يفض منها قبل طلوع الشمس إلا مضطرا ".

ويأخذ الحصى لرمي الجمار من المزدلفة أو من الطريق ، فإن أخذه من رحله بمنى جاز، ولا يرمي الجمار إلا وهو على طهر ، ثم يأتي الجمرة القصوى التي عند العقبة فيقوم من قبل وجهها لا من أعلاها ويحذفها بسبع حصيات.

ثم يبتاع هدي متعته من الإبل أو البقر أو الغنم ، ولا يجوز في الأضحية من الإبل إلا الثني ، وهو الذي قد تمت له خمس سنين ، ويجوز من البقر والمعز

٦٨

الثني ، وهو الذي تمت له سنة ودخل في الثانية ، ويجزي من الضأن لسنة ، والأولى أن يتولى ذبح هديه بنفسه.

فإذا ذبح هديه حلق رأسه أو قصر من شعره.

ثم يتوجه إلى مكة لزيارة البيت من يومه أو من غده ، ولا يجوز للمتمتع أن يؤخر زيارة البيت عن اليوم الثاني من النحر ، ويوم النحر أفضل ، ولا بأس للمفرد والقارن بأن يؤخرا ذلك.

وقد تقدم كيفية الطواف ، فإذا طاف طواف الزيارة ، وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء ، فإذا رجع إلى البيت وطاف سبعا " فقد أحل من كل شئ وفرغ من حجه كله.

ثم يرجع إلى منى ، ولا يبيت ليالي التشريق إلا بمنى ، فإن لم يبت بمنى فعليه دم شاة ، فإذا رجع إلى منى رمى الجمرات الثلاث اليوم الأول والثاني والثالث في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة ، ووقت ذلك من طلوع الشمس إلى غروبها.

ويجوز للنساء والخائف الرمي بالليل ، فإذا أرادوا الخروج من منى في النفر الأول فوقته من بعد الزوال من يوم الثالث من النحر ، والنفر الأخير اليوم الرابع من النحر إذا ابيضت الشمس.

ويستحب دخول الكعبة لا سيما للصرورة (١) ويستحب عند الرحيل من مكة أن يودع البيت بسبع طوافات وصلاة ركعتين عند المقام.

__________________

(١) الصرورة : يقال للذي لم يحج بعد ، ومثله امرأة صرورة للتي لم تحج بعد ـ مجمع البحرين (صرر) ٣ / ٣٦٥.

٦٩

فصل

(فيما يلزم المحرم عن جنايته من كفارة وفدية وغير ذلك)

إذا جامع المحرم قبل الوقوف بعرفة فعليه بدنة والحج من قابل ، وإن جامع بعد الوقوف فعليه بدنة ولا حج عليه ، وإن كان جماعه دون الفرج فعليه فدية ولا حج عليه من قابل.

ويجب على المرأة عدم المطاوعة في الجماع ، وإلا فعليها مثل ما يجب على الرجل ، فإن أكرهها سقطت عنها الكفارة وتضاعفت على الرجل.

ومن قبل امرأته وهو محرم فعليه بدنة أنزل أم لم ينزل.

ومن نظر إلى أهله فأمنى فلا كفارة عليه ، فإن ضمها مع الشهوة فأمنى فعليه دم شاة.

ومن تزوج وهو محرم بطل نكاحه ، فإن يعلم (١) أن ذلك محرم وأقدم عليه لم تحل له المرأة أبدا " ، ولا يعقد المحرم النكاح لغيره ، فإن عقد لم يتم عقده.

فإذا قلم المحرم شيئا " من أظفاره فعليه من كل ظفر إطعام مسكين ، وقدره مد من طعام ، فإن قلم أظفار يديه معا " فعليه دم شاة ، فإن قلم أظفار رجليه كان عليه دم آخر ، فإن جمع بين تقليم يديه ورجليه في حال واحدة كان عليه دم واحد.

ومن أظل (٢) رأسه من أذى فعليه دم شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، ومن ظلل على نفسه مختارا " فعليه دم.

__________________

(١) في (ش) : فإن كان يعلم.

(٢) في (ش) : حلق.

٧٠

وعليه في لبس المخيط من الثياب دم شاة إن كان متعمدا " ، وإن كان ناسيا " فلا شئ عليه.

ومن جادل وهو محرم مرة صادقا " أو مرتين فعليه دم بقرة ، فإن جادل ثلاثا " فدم بدنة.

ومن ألقى من جسده قملة فقتلها أو رمى بها فعليه كف من طعام.

ومن سقط عن فعله شئ من شعره فعليه كف من طعام ، فإن كان كثيرا " فعليه دم شاة.

وعلى المحرم من صيد النعامة وقتلها بدنة ، فإن لم يجد أطعم ستين مسكينا " فإن لم يقدر صام شهرين متتابعين ، فإن تعذر ذلك صام ثمانية عشر يوما ".

وعليه من [صيد] بقرة الوحشية بقرة ، فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا " ، فإن لم يقدر صام سبعة أيام.

وإن صاد ظبيا " فعليه دم شاة ، فإن تعذر أطعم عشرة مساكين ، فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام ، وفي الثعلب والأرنب مثل ما في الظبي.

وفي القطاة وما جانسها حمل قد فطم من اللبن ورعى من الشجر.

وفي القنفذ واليربوع والضب وما شابهها جدي.

وفي الحمامة وما شابهها درهم ، وفي فرخها نصف درهم ، وفي بيضها ربع درهم.

ومن دل على صيد وهو محرم لزمه فداؤه ، وإذا اجتمع محرمون على قتل صيد فقد وجب على كل واحد منهم الفداء.

وعلى المحرم في صغار النعام بقدره من صغار الإبل في سنه.

وفي كسر بيض النعام عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما كسر ، فما نتج كان هديا " للبيت ، وإن لم يجد ذلك فعليه لكل بيضة شاة ، فإن لم يجد

٧١

فإطعام عشرة مساكين ، فإن لم يجد صام عن كل بيضة ثلاثة أيام.

ومن رمى صيدا " فجرحه ومضى بوجهه فلم يدر أحي هو أم ميت فعليه فداؤه ومن قتل جرادة فعليه كف من طعام وفي الكثير دم شاة ، وفي الزنبور تمرة وفي قتل الكثير مد من طعام أو تمر.

ومن اضطر إلى أكل صيد أو ميتة فليأكل الصيد ويفديه ولا يقرب الميتة.

وإذا صاد المحرم في الحل كان عليه الفداء ، وإذا صاد في الحرم كان عليه الفداء والقيمة مضاعفة.

ومن وجب عليه فداء الصيد وكان محرما " بالحج ذبح ما وجب عليه بمنى ، فإن كان محرما " بالعمرة ذبحه بمكة.

ولا بأس أن يأكل المحل ما صاده المحرم ، وعلى المحرم فداؤه على كل ما ذكرناه.

وليس الدجاج الحبشي من الصيد المحظور على المحرم.

ومن نتف ريشا " من طير من طيور الحرم فعليه أن يتصدق على مسكين ويعطي الصدقة باليد التي نتف بها الطائر.

والمحل إذا قتل صيدا " في الحرم فعليه جزاؤه.

وكل ما أتلفه المحرم من عين (١) حرم عليه إتلافها فعليه مع تكرار الاتلاف الفدية ، سواء كان في مجلس واحد أو في مجالس ، كالصيد (٢) الذي يتلفه من جنس واحد أو من أجناس مختلفة ، وسواء كان قد فدى العين الأولى أو لم يفدها ، وهذا هو حكم الجماع بعينه.

__________________

(١) في (ش) : من غير ما.

(٢) في (ش) : كان الصيد.

٧٢

فأما ما لا نفس له كالشعر والظفر فحكم مجتمعه بخلاف حكم متفرقة ، على ما ذكرناه في قص أظفار اليدين والرجلين مجتمعة ومتفرقة.

فأما إذا اختلف النوع كالطيب واللبس فالكفارة واجبة على نوع منه وإن كان المجلس واحدا ".

وهذه جملة كافية.

٧٣

كتاب الزكاة

فصل

(في شروط وجوب الزكاة)

الزكاة تجب على الأحرار البالغين المسلمين الموسرين ، وحد اليسار ملك النصاب ، وأن يكون في يد مالكه ، وهو غير ممنوع من التصرف فيه.

ولا زكاة في المال الغائب عن صاحبه الذي لا يتمكن من الوصول إليه.

ولا زكاة في الدين إلا أن يكون منه تأخير قبضه ، وأن يكون بحيث متى رامه (١) قصده. قبضه.

فصل

(في الأصناف التي تجب فيها الزكاة)

وهي تسعة : الدراهم ، والدنانير ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب

__________________

(١) رام الشئ : قصده.

٧٤

والإبل ، والبقر ، والغنم.

ولا زكاة في شئ سوى ذلك ولا في عروض التجارة وقد روي أنه إن طلبت أمتعة التجارة من صاحبها بوضيعة فلا زكاة عليه ، وإن طلبت بربح أو برأس المال فأخر بيعها فعليه زكاة ، سنة مؤكدة غير واجبة (١).

وما تجب فيه الزكاة على ضربين : منه ما يعتبر مع ملك النصاب حؤول الحول عليه ، وهو الدنانير والدراهم والإبل والبقر والغنم ، وما عدا ذلك لا اعتبار فيه ، بل بلوغ حد النصاب.

ويجوز إخراج القيمة في الزكاة دون العين المخصوصة.

فصل

(في زكاة الدراهم والدنانير)

إذا بلغت الدنانير عشرين دينارا " وحال عليها الحول وجب فيها نصف دينار ولا زكاة فيما دون ذلك ، وإن (٢) زادت أربعة دنانير ففيها عشر دينار ، وعلى هذا الحساب في كل عشرين دينارا " نصف دينار وفي كل أربعة بعد العشرين عشر دينار.

فإن صيغت الدنانير حليا " أو سبيكة لم تجب فيها زكاة إلا أن يكون ذلك فرارا " من الزكاة فتلزمه.

وليس فيما دون مائتي درهم زكاة ، فإذا بلغت ذلك حال عليها الحول ففيها خمسة دراهم ، فإذا زادت على المائتين أربعين ففي الزيادة درهم واحد ،

__________________

(١) الكافي ٣ / ٥٢٨ ، وفيه عدة أحاديث بهذا المضمون.

(٢) في (ش) : فإذا.

٧٥

وعلى هذا الحساب.

وحكم ما صيغ من الفضة وسبيكته حكم الذهب وقد تقدم.

فصل

(في زكاة الإبل)

لا زكاة في شئ من الأنعام إلا بعد أن تكون سائمة (١) ويحول عليها الحول ، وفي (٢) طول زمان الحول على العدد الذي تجب في بلوغها به الزكاة.

ولا زكاة في الصغار حتى يحول عليها الحول من بعد نتاجها ، ولا زكاة في خليطين من ماشية (٣) ولا زرع ولا غيرهما حتى يبلغ مال كل واحد منهما ما تجب فيه الزكاة.

فإذا بلغت الإبل خمسا " ففيها شاة ، ولا شئ فيما زاد على الخمس حتى تبلغ عشرا " ، فإذا بلغها ففيها شاتان ، ثم لا شئ فيها حتى تبلغ خمس عشرة ففيها ثلاث شياة ، فإذا انتهت إلى عشرين ففيها أربع شياة.

فإذا بلغت خمسا " وعشرين ففيها خمس شياة ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض حتى تبلغ ستا " وثلاثين ، فإذا بلغت ففيها بنت لبون إلى أن تبلغ ستا " وأربعين ففيها حقة(٤) إلى إحدى وستين ، فإذا بلغتها ففيها جذعة (٥) إلى ست

__________________

(١) الماشية السائمة : التي ترعى بنفسها ، ويقابلها العلوفة كالحلوبة ، وهي التي تعلف.

(٢) في (ش) ، وهي.

(٣) أي الماشية التي هي سائمة في بعض الأوقات وعلوفة في أوقات أخرى.

(٤) الحقة أنثى الحق بكسر الحاء ، وهي من الإبل ما دخل في الستة الرابعة.

(٥) الجذعة أنثى الجذع ، وهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة.

٧٦

وسبعين ، فإذا بلغتها ففيها بنت لبون (١) إلى التسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى مائة وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ثم زادت عليه ترك هذا الاعتبار وأخرج عن كل خمسين حقة وعن كل أربعين بنت لبون.

فصل

(في زكاة البقر)

ليس فيما دون ثلاثين منها شئ ، فإذا كملت ثلاثين ففيها تبيع حولي أو تبيعة (٢) إلى الأربعين ، فإذا بلغتها ففيها مسنة (٣) ، وفي ستين تبيعان ومسنة ، وفي سبعين تبيع ومسنة ، وفي ثمانين مسنتان ، وفي تسعين ثلاث تبايع ، وفي مائة تبيعتان ومسنة ، ثم على هذا الحساب في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنة.

فصل

(في زكاة الغنم)

لا زكاة في أقل من أربعين ، فإذا بلغتها ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى ثلاثمائة ، فإن كثرت ففي كل مائة شاة.

__________________

(١) ابن اللبون : ولد الناقة يدخل في السنة الثالثة ، والأنثى بنت لبون ، سمي بذلك لأن أمه ولدت غيره فصار لها لبن.

(٢) التبعية أنثى التبيع ، وهو ولد البقرة في السنة الأولى.

(٣) المسنة من البقر : ما طلعت ثنيته.

٧٧

فصل

(في زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب)

إذا بلغ شئ من هذه الأصناف خمسة أوسق والوسق ستون صاعا " بعد خراجها ومؤنتها ، فإذا بلغت ذلك وكان مما يسقى سيحا " (١) أو من ماء السماء ففيها العشر ، فإن سقيت بالغرب والدوالي والنواضح فنصف العشر.

فصل

(في تعجيل الزكاة)

الواجب إخراج الزكاة في وقت وجوبها ، وهو تكامل الحول فيما اعتبر فيه الحول. وقد روي جواز التقديم بشهرين أو ثلاثة (٢) ، والأول أثبت.

وإن حضر مؤن محتاج قبل الوجوب وأراد عطاءه جعل ما يعطيه قرضا " عليه ، وإن جاء وقت الوجوب وهو مستحق للزكاة احتسب ذلك من زكاته ، فإن أيسر قبل ذلك لم يجز قبل ذلك للمسلف الاحتساب بما أعطاه من زكاته وكان له الرجوع بذلك القرض على من اقترض.

فصل

(في وجوه إخراج الزكاة)

قد نطق القرآن بالأصناف الثمانية التي يخرج إليها الصدقات (٣)

__________________

(١) السيح : الماء الجاري على الأرض كالأنهر.

(٢) الكافي : ٣ / ٥٢٤.

(٣) في قوله تعالى : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة ـ

٧٨

ويجوز أن يختص بالزكاة بعض هذه الأصناف دون بعض ، والأحوط أن لا يخلي صنفا " من شئ يخرجه قل ذلك أم كثر.

ولا تحل الصدقة لمن له حرفة أو معيشة تغنيه عنها أو كان صحيحا " سويا " يقدر على الاكتساب والاحتراف.

ولا تحل أيضا " إلا لأهل الإيمان والاعتقاد الصحيح وذوي الصيانة والنزاهة دون الفساق وأصحاب الكبائر.

ولا تحل الزكاة على الأب والأم والبنت والابن والزوجة والجد والجدة ، لأن جميع هؤلاء ممن يجبر على نفقتهم عند الحاجة إليها.

وتحل للأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة ومن يجري مجراهم من القرابات.

وتحرم الزكاة الواجبة على بني هاشم جميعا " إذا كانوا متمكنين من حقهم في خمس الغنائم ، فإذا منعوا وافتقروا إلى الصدقة أحلت لهم الزكاة ، وحلت صدقة بعضهم على بعض وما يتطوع به من الصدقات.

ويجوز أن يعطي لواحد من الفقراء القليل والكثير. وروي أنه لا يعطي لواحد من الزكاة المفروضة أقل من خمسة درهم (١) وروي أن الأقل درهم واحد.

فصل

(في زكاة الفطرة)

زكاة الفطرة تجب بالشروط التي ذكرناها في وجوه الزكاة وهي سنة مؤكدة

__________________

ـ قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) [التوبة : ٦٠].

(١) الكافي ٣ / ٥٤٨.

٧٩

في الفقير الذي يقبل الزكاة ويجد ما يخرجه من الفطرة على الرجال إذا تكاملت شروطها فيهم، فيخرجها عن نفسه وعن جميع من يعول ممن تجب عليه نفقته أو من يتطوع بها عليه من صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى ملي أو كتابي.

ووقت وجوب هذه الصدقة طلوع الفجر من يوم الفطر وقبل صلاة العيد. وقد روي أنه في سعة من أن يخرجها إلى زوال الشمس من يوم الفطر.

وهي فضلة أقوات أهل الأمصار على اختلاف أقواتهم من التمر والزبيب والحنطة والشعير والأقط واللبن.

ومقدار الفطرة صاع من تمر أو حنطة أو شعير أو من جميع الأنواع التي ذكرناها. والصاع تسعة أرطال بالعراقي.

ويجوز إخراج القيمة في الفطرة ، وقد روي إخراج درهم عنها ، وروي إخراج ثلاثة دراهم ، وهذا إنما يكون بحسب الرخص والغلاء. والمعتبر إخراج قيمة الصاع في وقت الوجوب.

ومستحق الفطرة كمستحق الزكاة الجامع بين الفقر والايمان والتنزه عن الكبائر.

ولا يعطى الفقير من الفطرة أقل من صاع ، ويجوز أن يعطى أكثر منه.

ولا يجوز نقلها من بلد إلى بلد.

والفطرة الواحدة تجزي عن جماعة إذا تراددها (١).

فصل

(في كيفية إخراج الزكاة)

الأفضل والأولى إخراج الزكاة لا سيما في الأموال الظاهرة كالمواشي

__________________

(١) في (ش) : ترادوها.

٨٠