رسائل الشريف المرتضى - ج ٣

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]

رسائل الشريف المرتضى - ج ٣

المؤلف:

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٨

فأما الأخيرتان فالأولى أن يقرأ المأموم أو يسبح فيهما ، وروي أنه ليس عليه ذلك(١).

ومن أدرك الإمام راكعا " فقد أدرك الركعة ، ومن أدركه ساجدا " جاز أن يكبر ويسجد معه ، غير أنه لا يعتد بتلك الركعة ومتى لحق الإمام وهو في بقية من التشهد فدخل في صلاته وجلس معه لحق فضيلة الجماعة.

ومن سبقه الإمام بشئ من ركعات الصلاة جعل المأموم ما أدركه معه أول صلاته وما يقضيه آخرها ، كما إذا أدرك من صلاة الظهر والعصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاته ركعتان فإنه يجب أن يقرأ فيما أدركه الفاتحة في نفسه ، فإذا سلم الإمام قام فصلى الأخيرتين مسبحا " فيهما ، وكذلك القول في جميع ما يفوت.

وليس على المأموم إذا سها خلف الإمام سجدتا السهو.

فصل

(في صلاة الجمعة وأحكامها)

صلاة الجمعة فرض لازم مع حضور الإمام العادل ، واجتماع خمسة فصاعدا " الإمام أحدهم ، وزوال الأعذار التي هي الصغر والكبر والسفر والعبودية والجنون والتأنيث والمرض والعمى ، وأن تكون المسافة بينها وبين المصلي أكثر من فرسخين ، والممنوع لا شك في عذره.

والخطبتان لا بد منهما ، لأن الرواية وردت بأن الخطبتين تقوم مقام الركعتين الموضوعتين. (٢)

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٥٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٦٩.

٤١

ومن سنن الجمعة المؤكدة الغسل ، وابتداؤه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس ، وأفضله ما قرب من الزوال.

ومن سننها لبس أنظف الثياب ، ومس شئ من الطيب ، وأخذ الشارب ، وتقليم الأظفار.

ووقت الظهر من يوم الجمعة خاصة وقت زوال الشمس ، ووقت العصر من يوم الجمعة وقت الظهر من (١) سائر الأيام.

وعلى الإمام أن يقرأ في الأولى من صلاة الجمعة سورة الجمعة ، وفي الثانية المنافقين يجهر بهما.

وعلى الإمام أن يقنت في صلاة الجمعة ، واختلفت الرواية في قنوت الإمام في صلاة الجمعة : فروي أنه يقنت في الأولى قبل الركوع وكذلك الذين خلفه ، وروي أن على الإمام إذا صلاها جمعة مقصورة قنت قنوتين في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع.

وفي المسافر إذا أم المسافرين في صلاة الجمعة لم يحتج إلى الخطبتين وصلاهما ركعتين.

فصل

(في ذكر نوافل شهر رمضان)

من وكيد السنن أن تزيد في شهر رمضان على نوافلك ألف ركعة في طول الشهر ، وترتيبها أن تصلي في كل ليلة عشرين ركعة منها ثمان ركعات بعد صلاة المغرب واثنا عشر ركعة بعد العشاء الآخرة إلى ليلة تسع عشرة.

__________________

(١) في (ش) في.

٤٢

فإذا حضرت اغتسلت وصليت بعد صلاة العشاء الآخرة مائة ركعة ، وتعود في ليلة العشرين إلى الترتيب الأول.

فإذا حضرت ليلة إحدى وعشرين اغتسلت وصليت بعد العشاء الآخرة مائة ركعة ، وفي ليلة اثنين وعشرين تصلي بعد المغرب ثمان ركعات وبعد العشاء الآخرة اثنتين وعشرين ركعة ليكون الجميع ثلاثين ركعة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين تغتسل وتصلي مائة ركعة ، ثم تصلي كل ليلة إلى آخر الشهر ثلاثين ركعة.

فيكون الجميع تسعمائة وعشرين ركعة إلى تمام الألف ثمانون تصلي في كل جمعة من الشهر عشر ركعات.

(منها) أربع صلاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وصفتها أن تفصل بين كل ركعتين بتسليم وتقرأ في كل ركعة الحمد مرة واحدة وسورة الاخلاص خمسين مرة.

وتصلي صلاة سيدة النساء فاطمة عليها السلام ، وهي ركعتان : تقرأ في الأولى الحمد مرة وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة ، وفي الثانية الحمد مرة وسورة الاخلاص مائة مرة.

ثم تصلي أربعا صلاة التسبيح ، وهي صلاة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وصفتها : أن تقرأ في الأولى الحمد مرة وسورة الزلزلة ، وفي الثانية الحمد مرة والعاديات ، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة الحمد وسورة الاخلاص.

وفي كل ركعة من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير خمس وسبعون مرة ، وترتيبها أن تقول في كل ركعة عقيب القراءة قبل الركوع (سبحان الله والحمد

٤٣

لله ولا إله إلا الله والله أكبر) خمس عشرة مرة ، ثم تقول ذلك في الركوع عشرا " ، وبعد الانتصاب منه عشرا " ، وفي السجدة الأولى عشرا " ، وفي الجلسة بين السجدتين عشرا " ، وفي السجدة الثانية عشرا " ، وإذا رفعت رأسك وجلست قبل القيام عشرا " ، وتفعل هكذا في كل ركعة.

ثم تصلي في ليلة آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة من صلاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد تقدم ذكرها.

وفي آخر ليلة سبت من الشهر عشرين ركعة من صلاة فاطمة عليها السلام ، فتكمل الألف (١).

فصل

(في صلاة العيدين)

صلاة العيدين فرض على كل من تكاملت له شرائط (٢) الجمعة التي ذكرناها ، وهما سنة للمنفرد عند اختلال تلك الشروط.

وعدة كل صلاة عيد ركعتان يفتحهما بتكبيرة ، ثم يقرأ في الأولى الفاتحة والشمس وضحاها ، ثم يكبر بعد ذلك رافعا " يديه بخمس تكبيرات ، يقنت بين كل تكبيرتين ويركع في الأخيرة ، فيكون له في الأولى مع تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع سبع تكبيرات والقنوت خمس مرات ، فإذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد وهل أتاك حديث الغاشية ، فإذا فرغ من القراءة كبر أربعا " يقنت

__________________

(١) في (ش) : ألف ركعة.

(٢) في (ش) : شروط.

٤٤

بين كل تكبيرتين ثم يركع بالأخيرة فيكون له مع تكبيرات الركوع خمس تكبيرات والقنوت أربع مرات.

وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة ، ويجهر الإمام فيها بالقراءة كصلاة الجمعة ، والخطبتان فيها واجبة كالجمعة إلا أنها في الجمعة قبل الصلاة وفي العيدين بعدها ، ووقتها من طلوع الشمس إلى زوالها.

والتكبير في ليلة الفطر ابتداؤه عقيب صلاة المغرب إلى أن يرجع الإمام من صلاة العيد مكانه في آخر أربع صلوات : أولاهن المغرب من ليلة الفطر ، وأخراهن صلاة العيد.

وفي الأضحى يجب التكبير على من شهد منى عقيب خمس عشرة صلاة : أولاهن صلاة الظهر من يوم العيد. ومن لم يحضر منى يكبر عقيب عشر صلوات : أولاهن صلاة الظهر من يوم العيد أيضا ".

فصل

(في صلاة الكسوف)

صلاة كسوف الشمس والقمر واجبة على الذكر والأنثى والحر والعبد والمقيم والمسافر، وعلى كل من لم يكن له عذر يقطعه عنها ، ويصلي في جماعة وعلى انفراد.

ووقتها ابتداء ظهور الكسوف ، إلا أن يخشى فوت فريضة حاضرة فيبدأ بتلك الصلاة ثم يعود إلى صلاة الكسوف.

وهي عشر ركوعات وأربع سجدات ، يفتتح الصلاة بالتكبير ، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ، ويستحب أن يكون من طوال السور ، ويجهر بالقراءة فإذا

٤٥

فرغت من القراءة ركعت فأطلت الركوع بمقدار قراءتك إن استطعت ، ثم ترفع رأسك من الركوع وتكبر وتقرأ الفاتحة وسورة ، ثم تركع حتى تستتم خمس ركوعات.

ولا تقول (سمع الله لمن حمده) إلا في الركوعين اللذين يليهما السجود وهما الخامس والعاشر ، فإذا انتصبت من الركوع الخامس كبرت وسجدت سجدتين تطيل أيضا " فيهما بالتسبيح ، ثم تنهض فتفعل مثل ما تقدم ذكره ، ثم تتشهد وتسلم.

وينبغي أن يكون لك بين كل ركوعين قنوت.

ويجب أن يكون فراغك من الصلاة مقدرا " بانجلاء الكسوف (١) ، فإن فرغت قبل الانجلاء أعدت الصلاة.

وتجب هذه الصلاة أيضا " عند ظهور الآيات ، كالزلازل والرياح العواصف.

ومن فاتته صلاة كسوف وجب عليه قضاؤها إن كان القرص انكسف كله ، فإن كان بعضه لم يجب عليه القضاء.

وقد روي وجوب القضاء على كل حال ، وإن من تعمد ترك هذه الصلاة مع عموم الكسوف للقرص وجب عليه مع القضاء الغسل.

فصل

(في صلاة السفر)

فرض السفر في كل صلاة من الصلوات الخمس ركعتان إلا المغرب فإنها ثلاث ركعات.

ونوافل السفر سبع عشرة ركعة : أربع بعد المغرب ، وصلاة الليل ثمان

__________________

(١) في (ش) : مقدار ما على الكسوف.

٤٦

ركعات ، وثلاث الشفع والوتر ، وركعتان للفجر.

وفرض السفر التقصير ، فالاتمام في السفر كالتقصير في الحضر ، ومن تعمد الإتمام في السفر وجب عليه الإعادة.

وحد السفر الذي يجب فيه التقصير بريدان ، والبريد أربعة فراسخ ، والفرسخ ثلاثة أميال ، فمن كان قصده إلى مسافة هذا قدرها لزمه التقصير ، وإن كان قدر المسافة أربعة فراسخ للمار إليها وأراد الرجوع من يومه لزمه أيضا " التقصير.

وابتداء وجوبه من حيث يغيب عنه أذان مصره وتتوارى عنه أبيات مدينته.

وكل من سفره أكثر من حضره لا تقصير عليه ، ولا تقصير إلا في سفر طاعة أو مباح، ولا تقصير في مكة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة ومشاهد الأئمة القائمين مقامه عليهم السلام.

ومن دخل بلدا " فنوى أن يقيم عشرة أيام فصاعدا " وجب عليه الإتمام ، فإن تشكك (١) فلا يدري كم يقيم وتردد عزمه فليقصر ما بينه وبين شهر واحد ، فإذا مضى أتم.

ولا يجوز أن يصلي الفريضة راكبا " إلا من ضرورة شديدة وعليه تحري (٢) القبلة ، ويجوز أن يصلي النوافل راكبا " وهو مختار ويصلي حيث توجهت به راحلته ، وإن افتتح الصلاة مستقبلا للقبلة كان أولى.

ومن اضطر للصلاة في سفينة فأمكنه أن يصلي قائما " لم يجزه غير ذلك ، فإن خاف الغرق وانقلاب السفينة جاز أن يصلي جالسا " ، ويتحرى بجهده استقبال القبلة.

__________________

(١) في (ش) : شك.

(٢) في (ش) : أن يحرى.

٤٧

فصل

(في أحكام صلاة الضرورة)

(كالخوف والمرض والعري)

والخوف إذا انفرد عن السفر لزم فيه من التقصير مثل ما يلزم في السفر المنفرد عن الخوف.

وصفة صلاة الخوف : أن يفرق الإمام أصحابه فرقتين : فرقة يجعلها بإزاء العدو وفرقة خلفه ثم يصلي من وراؤه ركعة واحدة ، فإذا نهضوا إلى الثانية صلوا لأنفسهم ركعة أخرى وهو قائم مطول للقراءة ، ثم جلسوا فتشهدوا وسلموا وانصرفوا مقام أصحابهم.

وجاءت الفرقة الأخرى فلحقت الإمام قائما " الثانية ، فاستفتحوا الصلاة وأنصتوا للقراءة فإذا ركع ركعوا بركوعه وسجدوا بسجوده ، فإذا جلس للتشهد قاموا فصلوا ركعة أخرى وهو جالس ثم جلسوا معه فسلم بهم وانصرفوا بتسليمه.

فإن كانت الصلاة صلاة المغرب صلى الإمام بالطائفة الأولى ركعة ، فإذا قام إلى الثانية أتم القوم الصلاة بركعتين وانصرفوا إلى مقام أصحابهم والإمام منتصب مكانه.

وتأتي الطائفة الأخرى فتدخل في صلاته ويصلي بهم ركعة ثم يجلس في الثانية فيجلسون بجلوسه ، ويقوم إلى الثالثة وهي لهم ثانية فيسبح فيقرأون هم لأنفسهم ، فإذا أتم وجلس للتشهد قاموا فأتموا ما بقي عليهم ، فإذا جلسوا سلم بهم.

٤٨

فإن كانت الحال حال اطراد (١) وتزاحف وتوقف (٢) ولم يمكن الصلاة على الوجه الذي وصفناه وجب الصلاة بالايماء : ينحني للركوع ، ويزداد في انحناء السجود.

وقد روي أن الصلاة عند اشتباك الملحمة والتقارب والتعانق تكون بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد (٣).

فأما المريض ففرضه على قدر طاقته ، فإن أطاق القيام لم يجزه غيره ، وإن لم يطق صلى قاعدا " ، فإن لم يطق صلى على جنب ، فإن لم يطق فمستلقيا " يومي بالركوع والسجود إيماءا " ، فإن لم يطق جعل مكان الركوع تغميض عينيه ومكان انتصابه فتح عينيه، وكذلك السجود.

والعريان الذي لم يتمكن من ستر عورته يجب أن يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها طمعا " في وجود ما يستتر به ، فإن لم يجده صلى جالسا " واضعا " يده على فرجه ، ويومي للركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه.

وإن صلى عراة جماعة قام الإمام في وسطهم وصلوا جلوسا" على الصفة التي ذكرناها.

__________________

(١) في (ش) : طراد.

(٢) في (ش) : تواقف.

(٣) روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال في حديث : وإن كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فإن أمير المؤمنين صلى ليلة صفين وهي ليلة الهرير لم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند كل صلاة إلا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة ـ أنظر الكافي ٣ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨.

٤٩

كتاب الجنائز

فصل

(في غسل الميت وتكفينه ونقله إلى حفرته)

غسل الميت كغسل الجنابة في الصفة والترتيب : يبدأ فيه بغسل اليدين ، ثم الفرج ، ثم الميامن ، ثم المياسر.

فالغسلات ثلاثة : (١) واحدة بماء السدر ، والثانية بماء خليط الكافور إذا ألقي منه شئ في الماء ، والأخرى بالماء القراح.

والحنوط هو الكافور ، ويوضع على مساجد الميت من أعضائه والحنوط الشائع وزن ثلاثة عشر درهما " وثلث درهم ، وأقله مثقال لمن وجده.

والكفن المفروض ثلاث قطع : مئزر ، وقميص ، ولفافة. وزيادة الحبرة

__________________

(١) في (ش) : ثلاث.

٥٠

والعمامة من السنة ، والخرق (١) التي تشد بها فرجه خارجة عن عدد الأكفان ، ويجزي الثوب الواحد لمن لم يجد سواه. والمستحب أن تكون أكفانه من القطن دون غيره.

ويضع في أكفانه جريدتين من جرائد النخل ، فبذلك جرت السنة.

ويكره إسخان الماء لغسل الميت ، إلا أن يخاف الغاسل الضرر لقوة البرد وتغسل المرأة زوجها والزوج امرأته.

والمشي خلف الجنازة وعن يمينها وشمالها ، وقد روي جواز المشي أمامها (٢).

ويقدم الميت إلى شفير القبر ، فيجعل رأسه بإزاء موضع رجليه من القبر ، ثم يسل الميت من قبل رأسه حتى يسبق إلى القبر رأسه قبل رجليه.

ويحل عقد الأكفان ، ويوضع على جانبه الأيمن ، ويستقبل القبلة بوجهه ويوضع خده على التراب ، وينزل بالميت إلى قبره وليه أو من يأمره الولي ، ولا يدخل المرأة إلا من كان يجوز له أن يراها وهي حية.

فصل

(في الصلاة على الميت)

هذه الصلاة فرض على الكفاية ، وليس فيها قراءة وإنما هي تكبير واستغفار

__________________

(١) في (ش) : الخرقة.

(٢) عن الصادق عليه السلام أنه قال : امش أمام جنازة المسلم العارف ولا تمش أمام جنازة الجاحد ، فإن أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنة وإن أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار ـ الكافي ٣ / ١٦٩.

٥١

ودعاء.

وعدد التكبيرات خمس ، يرفع اليد في الأولى ، ولا يرفع في الباقيات ، وموضع الدعاء للميت بعد التكبير الرابعة ، فإذا كبر الخامسة خرج من الصلاة بغير تسليم ، وهو يقول (اللهم عفوك عفوك).

ويستحب أن يقوم مقامه حتى ترفع الجنازة.

ولا تجب هذه الصلاة إلا على من عقل ودخل في حد التكليف دون الأطفال على وجه التقية ، وحد ذلك من (١) بلغ ست سنين فصاعدا ".

وتجوز الصلاة على : الميت بغير وضوء والوضوء أفضل. ويجوز للجنب الصلاة عليه(٢) عند خوف الفوت بالتيمم من غير اغتسال.

ويصلى على الميت في كل وقت من الليل والنهار.

وأولى الناس بالصلاة على الميت أولاهم به من أهل بيته ، ويجوز له الاستنابة في ذلك.

__________________

(١) في (ش) : لمن.

(٢) في (ش) : عليها.

٥٢

كتاب الصوم

فصل

(في حقيقة الصوم وعلامة دخول شهر رمضان وما يتصل بذلك)

الصوم هو توطين النفس على الكف عن تعمد تناول ما يفسد الصيام من أكل وشرب وجماع وسنبينه ، وفي كل زمان تعين فيه الصوم كشهر رمضان لا يجب فيه التعيين ، بل نية القربة فيه كافية ، حتى لو نوى صومه لغير شهر رمضان لم يقع إلا عنه ، وإنما يفتقر إلى تعيين النية في الزمان الذي لا يتعين فيه الصوم.

ونية واحدة لصوم جميع شهر رمضان واقعة ابتداءا " به كافية (١) ، وإن جددناه كان تطوعا ".

ووقت النية في الصيام الواجب قبل طلوع الفجر إلى قبل زوال الشمس

__________________

(١) في (ش) : واقعة في ابتدائه كافية.

٥٣

وفي صيام التطوع إلى بعد الزوال.

وعلامة دخول شهر رمضان رؤية الهلال ، فإن خفي كملت عدد الشهر الماضي ثلاثين يوما " وصمت ، فإن شهد عدلان على رؤية الهلال وجب الصوم ولا تقبل فيه شهادة النساء.

وفي صيام يوم الشك ينوي (١) أنه من شعبان ، فإن ظهر فيما بعد أنه من شهر رمضان أجزأه.

ويجب على الصائم تجنب كلما سنبين أنه يفطر من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس.

فصل

(فيما يفسد الصوم وينقضه)

من تعمد الأكل والشرب واستنزال الماء الدافق بجماع أو غيره أو غيب فرجه في فرج حيوان محرم أو محلل أفطر وكان عليه القضاء والكفارة ، ومن أتى ذلك ناسيا " فلا شئ عليه.

وقد ألحق قوم من أصحابنا بما ذكرناه في وجوب القضاء والكفارة اعتماد الكذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى الأئمة عليهم السلام ، والارتماس في الماء والحقنة ، والتعمد للقئ ، والسعوط ، وبلع ما لا يؤكل كالحصى وغيره.

وقال قوم : إن ذلك ينقض الصوم وإن لم يبطله ، وهو أشبه.

__________________

(١) في (ش) : بنية.

٥٤

وقالوا في اعتماد الحقنة أو ما يتيقن وصوله إلى الجوف من السعوط واعتماد القئ وبلع الحصى : إنه يوجب القضاء من غير كفارة.

وقد روي أن من أجنب في ليل شهر رمضان وتعمد البقاء إلى الصباح من غير اغتسال كان عليه القضاء والكفارة (١).

وروي : أن عليه القضاء دون الكفارة (٢).

ولا خلاف أنه لا شئ عليه إذا لم يتعمد وغلبه النوم إلى أن يصبح.

ومن ظن أن الشمس قد غربت وأفطر فظهر فيما بعد طلوعها فعليه القضاء خاصة.

ومن تمضمض للطهارة فوصل الماء إلى جوفه فلا شئ عليه ، وإن فعل ذلك متبردا " كان عليه القضاء خاصة.

والكفارة اللازمة في إفطار يوم من شهر رمضان : عتق رقبة ، أو إطعام ستين مسكينا" ، أو صوم شهرين متتابعين ، قيل : إنها مرتبة ، وقيل : أنه مخير فيها.

فمن لم يقدر على شئ من الكفارة المذكورة فليصم ثمانية عشر يوما متتابعات ، فإن لم يقدر تصدق بما وجد وصام ما استطاع.

فصل

(في حكم المسافر والمريض ومن تعذر عليه الصوم أو شق)

شروط السفر الذي (٣) يوجب الافطار ولا يجوز معه صوم شهر رمضان في

__________________

(١) التهذيب ٤ / ٣٢١.

(٢) الكافي ٤ / ١٠٥.

(٣) في (ش) : التي.

٥٥

المسافة وغير ذلك هي الشروط التي ذكرناها في كتاب الصلاة الموجبة لقصرها ، فإن تكلف الصوم مع العلم بسقوطه وجب عليه القضاء على كل حال.

والصوم الواجب مع السفر صوم ثلاثة أيام لدم المتعة من جملة العشرة ، وصوم النذر إذا علق بسفر وحضر ، واختلفت الرواية في كراهية صوم التطوع في السفر وجوازه (١).

والمريض يجب عليه الافطار والقضاء ، وحد المرض الموجب للافطار هو الذي يخشى من أن يزيد فيه الصوم زيادة بينة ، وإذا صح المريض في بقية يوم أفطر في صدره وجب أن يمسك في تلك البقية ، وعليه مع ذلك قضاء اليوم وكذلك إذا طهرت الحائض في بقية يوم أو قدم المسافر.

ومن بلغ من الهرم إلى حد يتعذر معه الصوم فلا صيام عليه ولا كفارة ، وإذا أطاقه لكن بمشقة شديدة يخشى المرض منها والضرر العظيم كان له أن يفطر ويكفر عن كل يوم بمد من طعام.

وكذلك الشباب إذا كابد (٢) العطاش (٣) الذي لا يرجى شفاؤه ، فإن كان العطش عارضا " يتوقع زواله أفطر ولا كفارة تلزمه ، وإذا برئ وجب عليه القضاء.

والحامل والمرضع إذا خافتا ولديهما من الصوم الضرر أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمد من طعام.

__________________

(١) أنظر أحاديث هذا الباب في الكافي ٤ / ١٣٠ ـ ١٣١.

(٢) في (ش) : كان به.

(٣) العطاش ـ بضم العين ـ : داء يصيب الإنسان يشرب الماء فلا يروى. الصحاح (عطش) ١٠١٢.

٥٦

فصل

(في حكم من أسلم أو بلغ الحلم أو جن)

(أو أغمي عليه في شهر رمضان)

إذا أسلم الكافر قبل استهلال الشهر كان عليه صيامه كله ، وإن كان إسلامه وقد مضت منه أيام صام المستقبل ، ولا قضاء عليه في الفائت.

وكذلك الغلام إذا احتلم ، والجارية إذا بلغت المحيض ، والمغمى عليه في ابتداء الشهر إذا مضت عليه أيام منه ثم أفاق يجب عليه قضاء الأيام الفائتة.

وإن كان إغماؤه بعد أن نوى الصوم وعزم عليه وصام شيئا منه أو لم يصم فلا قضاء عليه وإن كان أكل أو شرب ، وهو أعذر من الناسي.

فصل

(في حكم قضاء شهر رمضان)

القاضي مخير بين المتابعة والتفريق. وقد روي : إن كان عليه عشرة أيام أو أكثر منها كان مخيرا " في الثمانية الأولى بين المتابعة والتفريق ثم يفرق ما بقي ليقع الفصل بين الأداء والقضاء (١).

ومن كان عليه قضاء واجب لم يجز أن يتطوع بصوم حتى يقضيه.

ومن تعمد الافطار في يوم نوى فيه القضاء من شهر رمضان وكان ذلك قبل الزوال لم يكن عليه شئ وصام يوما " مكانه ، فإن كان إفطاره بعد الزوال

__________________

(١) التهذيب ٤ / ٢٧٥.

٥٧

وجب عليه التكفير بإطعام عشرة مساكين وصام يوما " مكانه ، فإن لم يتمكن من الاطعام صام ثلاثة أيام بدلا من الاطعام.

ومن صام متطوعا " فأفطر متعمدا " قبل الزوال أو بعده من النهار لم يجب عليه قضاء ذلك اليوم.

ومن وجب عليه صيام شهرين متتابعين في كفارة شهر رمضان أو قتل خطأ أو ظهار أو نذر أوجبه على نفسه فقطع التتابع لغير عذر قبل أن يكمل له صيام شهر ويزيد عليه بصيام أيام من الثاني وجب عليه استقبال الصيام (١) من غير بناء على الأول ، وإن كان ذلك بعد أن صام شيئا " من الثاني أو عن عذر كمرض أو غيره كان له أن يبني ولم يلزمه الاستقبال.

ومن نذر أن يصوم شهرا " واحدا " فصام نصفه ثم تعذر لغير عذر الافطار كان محيطا " (٢) وبنى على ما مضى ولم يلزمه الاستقبال.

ومن عين بالنذر صيام يوم فأفطر لغير عذر متعمدا " كان عليه من القضاء والكفارة [مثل] (٣) ما على من أفطر يوما " من شهر رمضان.

فصل

(في صوم التطوع وما يكره من الصيام)

الصيام وإن كان مندوبا " إليه على الجملة بعض الأوقات أفضل من بعض والصوم فيها أكثر ثوابا " ، وقد نص على صوم أيام البيض من كل شهر وهي الثالث

__________________

(١) المراد من كلمة الاستقبال : هو الاستيناف.

(٢) في (ش) : مخطئا ".

(٣) الزيادة منا لتتميم الكلام.

٥٨

عشر والرابع عشر والخامس عشر وستة أيام من شوال بعيد (١) العيد ، ويوم عرفة لمن لا يضر صيامه بعمله فيه ، واليوم السابع عشر من ربيع الأول مولد النبي صلى الله عليه وآله ، واليوم السابع والعشرين من شهر رجب يوم المبعث واليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة وهو دحو الأرض ، ويوم الغدير.

وروي في صيام رجب فضل عظيم ، وأول يوم منه خاصة وسبعة أيام وثمانية أيام من أوله إلى نصفه.

وروي أيضا " في صوم شعبان من الفضل الكثير (٢).

فأما الصوم المنهي عنه فصوم يوم العيدين ، وأيام التشريق ، وصوم الوصال ، وصوم الدهر.

ويكره صوم المرأة تطوعا " بغير إذن زوجها ، والعبد بغير إذن مولاه.

__________________

(١) في (ش) : بعد.

(٢) أنظر الأحاديث الواردة في استحباب صيام الأيام المذكورة في مستدرك وسائل الشيعة ١ / ٥٨٩ ـ ٥٩٩.

٥٩

كتاب الاعتكاف

الاعتكاف هو اللبث المتطاول للعبادة في مكان مخصوص ، فإذا كان مبتدءا " كان نفلا وإن كان عن نذر كان فرضا ".

ولا بد فيه من نية ، والصوم شرط في صحته.

ولا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد صلى فيه إمام عدل بالناس الجمعة ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة.

ولا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام.

ويلازم المعتكف المسجد ولا يخرج منه إلا لحدث يوجب الوضوء أو لأمر ضروري ، ويجوز أن يعود مريضا " أو يشيع جنازة ، وإن (١) خرج فلا يستظل بسقف حتى يعود إلى المسجد.

__________________

(١) في (ش) : إذا.

٦٠