رسائل الشريف المرتضى - ج ٣

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]

رسائل الشريف المرتضى - ج ٣

المؤلف:

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٨

عدل عن المطالبة والمنازعة وأظهر التسليم والانقياد للتقية ، والخوف على النفس والإشفاق من فساد في الدين لا يتلافاه. (١)

__________________

ـ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.) ـ راجع تفاصيل هذا الحديث وطبقات الراوين له من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين إلى عصرنا الحاضر في كتاب الغدير ج ١.

(٢) تبوك موضع بين المدينة والشام ، ولما أراد صلى الله عليه وآله الخروج إلى غزوة تبوك استخلف أمير المؤمنين عليه السلام في أهله وولده وأزواجه ومهاجره وقال له (يا علي إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك) وبقي علي عليه السلام في المدينة وخرج الرسول صلى الله عليه وآله إلى الغزوة ، ولكن المنافقين أخذوا يرجفون بعلي ، فلما بلغ أرجافهم به لحق بالنبي وقال له : يا رسول الله إن المنافقين يزعمون أنك استثقالا ومقتا ". فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ارجع يا أخي إلى مكانك ، فإن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي ، أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وهذا الحديث يعرف بحديث المنزلة. أنظر مصادر هذا الحديث في كتاب المراجعات ص ١٣٩ ـ ١٤٢ والاستيعاب ٣ / ١٠٩٧

(١) قال عليه السلام في الكتاب الذي أرسله مع مالك الأشتر إلى أهل مصر : (أما بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمدا " صلى الله عليه وآله نذيرا " للعالمين ومهيمنا " على المرسلين ، فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته ولا إنهم منحوه عني من بعده ، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما " أو هدما " تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه [نهج البلاغة ٣ / ١٣١].

٢١

كتاب الطهارة

(وتوابعها)

فصل

(في أحكام المياه)

كل ماء على أصل الطهارة إلا أن يخالطه ـ وهو قليل ـ نجاسة فينجس ، أو يتغير وهو كثير أحد أوصافه من لون أو طعم أو رائحة.

وحد القليل ما نقص عن كر ، والكثير ما بلغه وزاد (١) عليه. وحد الكر ما قدره ألف ومائتا رطل بالمدني.

والماء الذي يستعمل في إزالة الحدث من وضوء وغسل طاهر [و] مطهر يجوز التوضي به والاغتسال به مستقلا. (٢)

__________________

(١) في (ش) : أو زاد.

(٢) في (ش) : أو غسل.

٢٢

وموت ما لا نفس له كالذباب والجراد وما أشبههما في الماء قليلا كان أو كثيرا " لا ينجسه.

وسؤر الكفار من اليهود والنصارى ومن يجري مجراهم (١). نجس ، ولا بأس بسؤر الجنب والحائض. ويجوز الوضوء بسؤر [جميع] البهائم ما أكل لحمه وما لا يؤكل إلا سؤر الكلب والخنزير ، ويكره الجلال من البهائم. ويغسل الإناء من ولوغ الكلب بثلاث (٢) مرات إحداهن بالتراب.

باب (٣)

(في الاستنجاء وكيفية الوضوء والغسل)

الاستنجاء واجب لا يجوز الاخلال به ، والجمع بين الحجارات (٤) والماء أفضل ويجزي الاقتصار على الحجارة ، وأفضل منه الاقتصار على الماء. ولا يجوز في البول إلا الماء دون الحجر. والمسنون في عدد الأحجار ثلاثة. ولا يجوز أن يستقبل القبلة أو (٥) يستدبرها ببول ولا غائط.

والسنة الواجبة (٦) في الوضوء بالماء واغتسال به وفي التيمم عند فقد الماء.

__________________

(١) في (ش) : مجراه.

(٢) في (ش) : ثلاث.

(٣) في (ش) : فصل.

(٤) في (ش) : الحجارة.

(٥) في (ش) : ولا.

(٦) في (ش) : والنية واجبة.

٢٣

وفرض الوضوء غسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محاذي شعر الذقن طولا ، وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضا " ، وغسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ومسح ثلاث أصابع [من] مقدم الرأس ويجزي إصبع واحد ، ومسح ظاهر القدمين من الأصابع إلى الكعبين اللذين هما في وسط القدم عند معقد الشراك ، والفرض هو مرة واحدة، والتكرار مستحب في العضوين المغسولين مرتين بلا زيادة عليهما (١) ولا تكرار في الممسوح. ولا يجوز المسح على الخفين ولا ما أشبههما مما يستر عضوا " من أعضاء الطهارة.

والترتيب واجب في الوضوء وغسل الجنابة والتيمم ، فمن أخل به استدركه.

والموالاة واجبة في الوضوء [و] غير واجبة في الغسل.

وعلى المغتسل من جنابة وغيرها (٢) إيصال الماء على جميع البشرة الطاهرة (٣) وأعضائه ، وليس عليه غسل داخل أنفه وفمه ، ويقدم غسل رأسه ثم ميامن جسده ثم مياسره حتى يتم جميع (٤) البدن.

ويستبيح بالغسل الواجب الصلاة من غير وضوء ، وإنما الوضوء في غير الأغسال الواجبة.

فصل

(في نواقض الطهارة)

الأحداث الناقضة للطهارة على ضربين : ضرب يوجب الوضوء كالبول ،

__________________

(١) في (ش) : عليها.

(٢) في (ش) : أو غيرها.

(٣) في (ش) : بشرته الظاهرة.

(٤) في (ش) : مياسرها ثم جميع.

٢٤

والغائط والريح ، والنوم الغالب على الحاستين وما أشبهه من الجنون والمرض والضرب الثاني يوجب الغسل كإنزال الماء الدافق على جميع الأحوال ، والجماع في الفرج وإن لم ينزل ، والحيض والاستحاضة ، والنفاس ، وقد ألحق بعض أصحابنا مس الميت.

وجميع ما ذكرناه ينقض التيمم ، وينقضه أيضا " التمكن من استعمال الماء ، كأن تيمم ثم وجد ماءا " (١) يتمكن من استعماله ، فإن طهارته الأولى تنتقض بذلك ، وليس تنتقض بغير ما عددناه فلا معنى لتعداده.

فصل

(في التيمم وأحكامه)

إنما يجب التيمم عند فقد الماء الطاهر ، أو تعذر الوصول إليه مع وجوده لبعض الأسباب ، أو بالخوف على النفس من استعماله في سفر أو حضر. ولا يجوز التيمم إلا عند تضيق [وقت] الصلاة ، ويجب طلب الماء والاجتهاد في تحصيله.

وأما كيفيته : فهو أن يضرب براحتيه ظهر الأرض باسطا " لهما ، ثم يرفعهما وينفض بإحداهما الأخرى ، ثم يمسح بهما وجهه من قصاص شعر الرأس إلى طرف أنفه ، ثم يمسح بكفه اليسرى ظاهر كفه اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع ويمسح بكفه اليمنى ظاهر كفه اليسرى على هذا الوجه ، ويجزيه ما ذكرناه في

__________________

(١) في (ش) : ما.

٢٥

تيممه إن كان عن جنابة وما (١) أشبهها أثناء ما ذكرناه من الضربة ومسح الوجه واليدين.

والتيمم بالتراب الطاهر ، ويجوز بالجص والنورة ، ولا يجوز بالزرنيخ وما أشبهه من المعادن ، ويجوز التيمم بغبار ثوبه وما يجري مجراه بعد أن يكون الغبار من الجنس الذي يجوز التيمم بمثله.

ويصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يحدث أو يتمكن من الماء.

ومن دخل في الصلاة بتيمم ثم وجد الماء فإن كان قد ركع مضى فيها وإن لم يركع انصرف وتوضأ ، فقد روي أنه إذا كبر تكبيرة الاحرام مضى فيها.

فصل (٢)

(في الحيض والاستحاضة والنفاس)

أقل أيام الحيض ثلاثة ، وأكثرها عشرة ، وأقل الطهر عشرة أيام ، وما زاد على الحيض فهو استحاضة.

والمستحاضة تترك الصلاة أيام حيضها المعتاد وتصلي في باقي الأيام ، وإن لم يحصل لها تلك الأيام رجعت إلى صفة الدم ، لأن دم الحيض غليظ يضرب إلى السواد ، يتبع خروجه حرقة. ودم الاستحاضة رقيق بارد يضرب إلى الصفرة.

والمستحاضة تحتشي بالقطن. وإن لم يثقب القطن ، كان عليها تغيير ما تحتشي

__________________

(١) في (ش) : أو ما.

(٢) من هنا إلى أول فصل في الأذان والإقامة ساقط عن المطبوع. ونحن نقلناه عن (ش).

٢٦

به عند كل صلاة وتجديد الوضوء لكل صلاة. فإن ثقب ورشح ولم يسل كان عليها تغييره في أوقات الصلاة وتغتسل لصلاة الفجر وتتوضأ وتصلي باقي الصلاة بوضوء مجرد من غير اغتسال.

وإن ثقب الدم القطن وسال كان عليها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل ووضوء ، وتفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء الآخرة ، ومثل ذلك في صلاة الليل وصلاة الفجر وتغير القطن في ذلك.

٢٧

كتاب الصلاة

فصل

(في مقدمات الصلاة من لباس وغيره)

ويجب على المصلي ستر عورته ، وهما قبله ودبره. وعلى المرأة أن تغطي رأسها في الصلاة ، وليس عليها ذلك إذا كانت أمة.

وتجوز الصلاة في وبر وشعر وصوف ما أكل لحمه من الحيوان أو جلده إذا ذكاه الذبح ، ولا تجوز فيما لا يؤكل لحمه ، ولا في جلود الميتة ولو دبغت ، وتجوز الصلاة في الخز الخالص ، ولا تجوز في الإبريسم المحض للرجال دون النساء.

ولا تجوز الصلاة في ثوب فيه نجاسة ، إلا الدم خاصة ، فإنه يعتبر به قدر الدرهم ، فما بلغه لا تجوز فيه الصلاة ، وما نقص منه جازت فيه. ودم الحيض قليله ككثيره في وجوب تجنبه.

٢٨

ولا تجوز الصلاة في ثوب مغصوب ولا المكان المغصوب.

والسجود يجب أن يكون على الأرض الطاهرة ، وعلى كل ما أنبتته إلا ما أكل ولبس. ولا بأس بالسجود على القرطاس الخالي من الكتابة ، فإنها بما شغلت المصلي.

وعلى المصلي أن يتوجه إلى الكعبة إذا كان بمكة ، وذلك بالحضور والقرب وإن كان بعيدا " تحرى جهتها وصلى على ما يغلب ظنه أنه جهة الكعبة.

ومن أشكلت عليه جهة القبلة لغيم أو غيره من الأسباب وفقد سائر الأمارات كان عليه أن يصلي إلى أربع جهات : يمينه وأمامه وشماله وورائه تلك الصلاة بعينها ، وينوي بكل صلاة في جهة أداء تلك الصلاة.

فإن لم يتمكن من الصلاة إلى الجهات الأربع لمانع صلى مع تساوي الجهات في ظنه إلى أي جهة شاء.

ومن تحرى القبلة وأخطأها وظهر له ذلك بعد صلاته أعاد في الوقت ، فإن خرج عن الوقت فلا إعادة عليه. وقد روي : أنه إن كان استدبر القبلة أعاد على كل حال.

فصل

(في حكم الأذان والإقامة)

الأذان والإقامة يجبان على الرجال دون النساء في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر، ويجبان عليهم فرادى سفرا " وحضرا " في الفجر والمغرب وصلاة الجمعة.

والإقامة من السنن المؤكدة ، وإن كانت بحيث ذكرنا وجوبها أوكد من

٢٩

سائر المواضع.

وكيفية الأذان : (الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا " رسول الله. أشهد أن محمدا " رسول الله. حي على الصلاة. حي على الصلاة. حي على الفلاح. حي على الفلاح. حي على خير العمل. حي على خير العمل. الله أكبر. الله أكبر لا إله إلا الله. لا إله إلا الله " هذه ثمانية عشر فصلا.

والإقامة سبعة عشر فصلا ، لأن فيها نقصان ثلاثة فصول عن الأذان وزيادة فصلين ، فالنقصان تكبيرتان من الأربع الأول ، وإسقاط واحدة من لفظ (لا إله إلا الله) في آخرة ، والزيادة أن يقول بعد (حي على خير العمل) : (قد قامت الصلاة. قد قامت الصلاة).

والأذان يجوز بغير وضوء ، ولا استقبال القبلة ، ولا يجوز ذلك في الإقامة ، والكلام في خلال ذلك جائز ، ولا يجوز أذان الصلاة قبل دخول وقتها ، وقد روي جواز ذلك في الفجر خاصة (١).

ويستحب للمصلي مفردا " أن يفصل بين الأذان والإقامة بسجدة أو خطوة.

باب

(في أعداد الصلوات المفروضات)

المفروض في اليوم والليلة خمس صلوات : صلاة الظهر ، وهي للمقيم

__________________

(١) روى الكليني في الكافي ٣ / ٣٠٦ عن الحلبي أنه قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان قبل الفجر؟ فقال : إذا كان في جماعة فلا ، وإذا كان وحده فلا بأس.

٣٠

ومن لم يتكامل له شرائط التقصير من المسافرين أربع ركعات ، بتشهدين الأول بغير تسليم والثاني بتسليم. والعصر بهذا العدد والصفة ، والمغرب ثلاث ركعات بتشهد بعد الأولتين بغير تسليم وتشهد بعد الثلاث (١) مع التسليم ، والعشاء الآخرة بصفة عدد الظهر والعصر ، وصلاة الفجر ركعتان بتشهد في الثانية وتسليم. فهذه سبع عشرة ركعة تجب على كل مقيم من الرجال والنساء.

والنوافل المسنونة للمقيمين في اليوم والليلة أربع وثلاثون ركعة : منها عند زوال الشمس ثمان ركعات بتشهد في كل ركعتين وتسليم ، وثمان ركعات عقيب الظهر وقبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان من جلوس تحسبان واحدة بعد العشاء الآخرة ، وثمان ركعات نوافل الليل ، وثلاث ركعات الشفع والوتر ، وركعتان نافلة الفجر.

فصل

(في كيفية أفعال الصلاة)

نية الصلاة واجبة ، والتوجه إلى القبلة واجب ، وتكبيرة الاحرام واجبة ، فإن اقتصر عليها أجزأه ، ومن كبر سبعا " يسبح بينهن كان أكمل (٢) له ، وإذا كبر أرسل يديه ولا يضع واحدة على الأخرى.

ويفتتح الصلاة بالتوجه فيقول (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا " مسلما " وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي

__________________

(١) في ((ش) : الثالثة.

(٢) في (ش) : أفضل.

٣١

لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين).

ثم يتعوذ ويفتتح (١) القراءة ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) يجهر بها في كل صلاة جهرا " كانت أو إخفاتا " ، ويقرأ الحمد وسورة معها.

ويجتنب عزائم السجود ، وهن ألم فصلت وحم وسورة النجم واقرأ باسم ربك ، لأن فيهن سجودا " واجبا " ، ولا يجوز أن يزاد في صلاة الفريضة.

فإذا فرغ من قراءته ركع مادا " لعنقه مستويا " (٢) لظهره فاتحا " لأبطيه ، ويملأ " كفيه من ركبتيه ، ويسبح في الركوع فيقول (سبحان ربي العظيم وبحمده) إن شاء سبعا " وإن شاء خمسا " وإن شاء ثلاثا " ، فهو أكمل من الواحدة ، وهي تجزي.

ثم يرفع رأسه ويقول (سمع الله لمن حمده ، الحمد لله رب العالمين) ويستوي قائما " منتصبا ".

ثم يكبر رافعا " يديه ولا يجاوز بهما شحمتي أذنيه ، ويهوي إلى السجود ويتلقى الأرض بيديه معا " قبل ركبتيه ، ويكون سجوده على سبعة أعضاء : الجبهة ، ومفصلي الكفين عند الزندين ، وعيني الركبتين ، وطرفي إبهامي الرجلين. والارغام بطرف الأنف مما يلي الحاجبين من وكيد السنن ، ويسبح في السجود فيقول (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ما بين الواحدة إلى السبع.

ثم يرفع رأسه من السجود رافعا " يديه من السجود بالتكبير ، ويجلس متمكنا " على الأرض فيقول بين السجدتين (اللهم اغفر لي وارحمني).

ثم يسجد الثانية على ما وصفناه ويرفع رأسه مكبرا " ويجلس متمكنا ".

ثم ينهض إلى الركعة الثانية وهو يقول (بحول الله وقوته أقوم وأقعد).

فإذا فرغ من القراءة في الثانية بسط كفيه حيال وجهه للقنوت ، وقد روي

__________________

(١) في (ش) : يستفتح.

(٢) في (ش) : مسويا ".

٣٢

أنه يكبر للقنوت ، والقنوت مبني على حمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه وآله صلى الله عليهم ، ويجوز أن يسأل في حاجته (١).

وأفضل ما روي في القنوت (لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن وما فوقهن وما تحتهن ورب العرش العظيم ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين).

ويقنت في كل صلاة من فرض ونفل ، وهو في الفرائض وفيما جهر بالقراءة فيه منها أشد تأكيدا " ، وموضعه بعد القراءة من الركعة الثانية وفي المفردة من الوتر.

والتشهدان جميعا " الأول والثاني ، يقول في الأول (بسم الله وبالله ، والحمد لله ، والأسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا " عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا " ونذيرا " بين يدي الساعة ، اللهم صل على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت ورحمت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد).

والركعتان الأخيرتان من الظهر والعصر والعشاء الآخرة والثالثة من المغرب أنت مخير فيهن بين قراءة الحمد وبين عشر تسبيحات ، تقول (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله) ثلاث مرات وتزيد في الثالثة (الله أكبر).

وصفة التشهد الثاني تقول (التحيات لله الصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات).

وتتشهد (٢) وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله كما ذكرناه في التشهد

__________________

(١) في (ش) : يسأل الله عز وجل حاجته.

(٢) في (ش) : ثم يتشهد.

٣٣

الأول ثم تقول (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).

ثم تسليم تسليمة واحدة مستقبل القبلة ، وينحرف بوجهه قليلا إلى يمينه إن كان منفردا " أو إماما " ، أو (١) كان مأموما " تسلم تسليمتين على يمينه وعن شماله ، إلا أن تكون جهة شماله خالية من مصل فيسلم عن يمينه خاصة.

وأدنى ما يجزي من التشهدين : الشهادتان ، والصلاة على محمد النبي وآله.

فصل

(فيما يجب اجتنابه في الصلاة وحكم ما يعرض فيها)

لا يجوز للمصلي اعتماد الكلام في الصلاة بما خرج عن قرآن أو تسبيح ، ولا يقهقه ، ولا يبصق إلا أن يغلبه. وفي الجملة لا يفعل فعلا كثيرا " يخرج عن أفعال الصلاة.

ويجوز أن يقتل الحية والعقرب إذا خاف ضررهما.

فإن عرض غالبا " له من قئ أو رعاف أو ما أشبه ذلك مما لا ينقض الطهارة كان عليه أن يغسله ويعود وبنى (٢) على صلاته بعد أن لا يكون استدبر القبلة أو أحدث ما يوجب قطع الصلاة.

وإن تكلم في الصلاة ناسيا " فلا شئ عليه.

__________________

(١) في (ش) : وإن.

(٢) في (ش) : فيبني.

٣٤

فصل

(في أحكام السهو)

كل سهو عرض والظن غالب فيه فالعمل ما غلب عليه الظن ، وإنما يحتاج إلى تفصيل أحكام السهو عند اعتدال الظن وتساويه ، فالسهو المعتدل فيه الظن على ضربين(١):

فمنه ما يوجب إعادة الصلاة كالسهو في الأوليين من كل فرض أو فريضة الفجر أو المغرب أو الجمعة مع الإمام أو صلاة السفر.

أو سهو في تكبيرة الافتتاح ثم لم يذكره حتى يركع ، والسهو عن الركوع ولا يذكره حتى يسجد ، والسهو عن سجدتين في ركعة ثم يذكر ذلك وقد ركع الثانية.

أو ينقص ساهيا " من الفرض ركعة أو أكثر ، أو يزيد في عدد الركعات ثم لا يذكر حتى ينصرف بوجهه عن القبلة.

أو شك وهو في حال الصلاة ولم يدر كم صلى ولا يحصل شيئا " من العدد.

ويجب إعادة الصلاة على من ذكر أو أيقن أنه دخل فيها بغير وصف ، أو صلى في ثوب نجس وهو يقدر على طاهر ، أو ثوب مغصوب ، أو في مكان مغصوب ، أو سها فصلى إلى غير القبلة.

ومن السهو ما لا حكم له ووجوده كعدمه ، وهو الذي يكثر ويتواتر فيلغى حكمه ، أو يقع في حال قد مضت وأنت في غيرها ، كمن شك في تكبيرة الافتتاح وهو في حال القراءة أو هو راكع ، أو في الركوع وهو ساجد.

__________________

(١) في (ش) : ضروب.

٣٥

ولا حكم للسهو في النوافل ، ولا حكم للسهو في السهو.

ومن السهو ما يوجب تلافيه في الحال ، كمن سها عن قراءة الحمد حتى ابتدأ بالسورة الأخرى ، فيجب عليه قطع السورة والابتداء بالفاتحة.

وإن سها عن تكبيرة الافتتاح وذكرها وهو في القراءة قبل أن يركع فعليه أن يكبر ثم يقرأ.

وإن سها عن الركوع وذكر وهو قائم أنه يركع وكذلك إن نسي سجدة من السجدتين وذكرها في حال قيامه وجب عليه أن يرسل نفسه ويسجدها ثم يعود إلى القيام ، فإن لم يذكرها حتى ركع الثانية وجب أن يقضيها بعد التسليم وعليه سجدتا السهو.

وإن سها عن التشهد الأول حتى قام وذكره قائما " كان عليه أن يجلس ويتشهد ، وكذلك إن سلم ساهيا " في الجلوس للتشهد الأخير قبل أن يتشهد أو قبل الصلاة على النبي وآله وذكر ذلك وهو جالس من غير أن يتكلم فعليه أن يعيد التشهد أو ما فاته منه.

ومن السهو ما يوجب الاحتياط للصلاة ، كمن سها فلم يدر أركع أم لم يركع وهو قائم وتساوت ظنونه ، فعليه أن يركع ليكون على يقين ، فإن ركع ثم ذكر في حال الركوع أنه قد كان ركع فعليه أن يرسل نفسه للسجود من غير أن يرفع رأسه ولا يقيم صلبه ، فإن ذكر بأنه قد كان ركع بعد انتصابه كان عليه إعادة الصلاة لزيادته فيها فليسجد سجدة.

وكذلك الحكم فيمن سها فلم يدر أسجد اثنتين أم واحدة عند رفع رأسه وقبل قيامه.

ومن سها فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا " واعتدلت ظنونه فليبن على الثلاث

٣٦

ثم يأتي بعد التسليم بركعتين جالسا " تقوم مقام واحدة ، فإن تبين (١) النقصان كان فيما فعله تمام صلاته ، وإن تبين على الكمال كانت الركعتان نافلة ، فإن شاء بدلا من الركعتين من جلوس أن يصلي ركعة واحدة من قيام يتشهد فيها ويسلم جاز له ذلك.

فإن سها بين اثنتين وأربع فليبن على أربع ، فإذا سلم قام فصلى ركعتين.

فإن سها بين ركعتين وثلاث وأربع بنى على الأربع ثم سلم ثم قام فصلى ركعتين ، فإذا سلم منها صلى ركعتين من جلوس.

ومن السهو ما يجب فيه جبر الصلاة ، كمن سها عن سجدة من السجدتين ثم ذكرها بعد الركوع في الثانية فعليه إذا سلم قضاء تلك السجدة ويسجد سجدتي السهو.

ومن نسي التشهد الأول ثم ذكر بعد الركوع في الثالثة قضى بعد التسليم ويسجد سجدتي السهو ، ومن تكلم في الصلاة ساهيا " بما لا يجوز مثله فيها فعليه سجدتا السهو ، ومن قعد في حال قيام أو قام في حال قعود (٢) فعليه سجدتا السهو ، ومن لم يدر صلى أربعا " أو خمسا " واعتدلت الظنون (٣) منه فعليه أيضا " سجدتا السهو.

وهما سجدتان بعد التسليم بغير ركوع ولا قراءة ، يقول في كل واحدة منهما (بسم الله وبالله ، اللهم صل على محمد وآل محمد) ويتشهد تشهدا " خفيفا " ويسلم.

__________________

(١) في (ش) : كان ثابتا. بانيا.

(٢) كتب الإمام الشيخ آغا بزرك في نسخة (يعني في محل قيام وكذا في محل قعود).

(٣) في (ش) : ظنونه.

٣٧

فصل

(في أحكام قضاء الصلاة)

كل صلاة فائتة وجب قضاؤها في حال الذكر لها من سائر الأوقات إلا أن يكون آخر وقت فريضة حاضرة يخاف فيه من التشاغل بالفائتة فوت الحاضرة ، فيجب حينئذ الابتداء بالحاضرة والتعقيب بالماضية.

والترتيب واجب في قضاء الصلاة.

وإذا دخل المصلي في صلاة العصر وذكر أن عليه صلاة الظهر نقل نيته إلى الظهر ، وكذلك إن صلى من المغرب ركعة أو ركعتين وذكر أن عليه صلاة العصر ، أو صلى من العشاء الآخرة ركعة أو ركعتين وذكر أن عليه صلاة المغرب.

وقضاء النوافل مستحب.

وإذا أسلم الكافر وطهرت الحائض وبلغ الصبي قبل غروب الشمس في وقت يتسع للظهر والعصر وجب على كل واحد ممن ذكرناه أداء الصلاتين أو قضاؤهما إن أخرهما ، وكذلك الحكم فيما إذا تغيرت أحوالهم في آخر الليل في قضاء صلوات المغرب والعشاء الآخرة.

وإذا حاضت المرأة الطاهرة في أول وقت صلاة بعد أن كان تصح لها الصلاة أو أكثرها في الوقت لزمها قضاء تلك الصلاة.

والمغمى عليه لمرض أو غيره مما لا يكون هو السبب في دخوله عليه بمعصية لا يجب عليه قضاء ما فاته من الصلاة إذا أفاق ، بل يجب أن يصلي الصلاة التي أفاق في وقتها.

وقد روي أنه إن أفاق أول النهار قضى صلاة اليوم كله ، وإذا أفاق آخر الليل

٣٨

قضى صلاة تلك الليلة (١).

والمرتد إذا تاب وجب عليه قضاء جميع ما تركه في ردته من الصلاة.

والعليل إذا وجبت عليه صلاة وأخرها حتى مات قضاها عنه وليه ، كما يقضي عنه حجة الإسلام والصيام ببدنه.

وإذا جعل مكان القضاء أن يتصدق عن كل ركعتين بمد أجزأه ، فإن لم يقدر فعن كل أربع بمد ، فإن لم يقدر فمد لصلاة النهار ومد لصلاة الليل.

ومن نسي صلاة فريضة من الخمس ولم يقف عليها بعينها فليصل ركعتين وثلاثا " وأربعا " ، ومن لم يحص ما فاته كثرة من الصلاة فليصل اثنتين وثلاثا " وأربعا " ، ويد من ذلك حتى يغلب على ظنه أنه قد قضى الفائت.

فصل

(في أحكام صلاة الجماعة)

صلاة الجماعة أفضل من صلاة الانفراد ، ولا تجوز الصلاة خلف الفساق ، ولا يؤم بالناس الأغلف وولد الزنا والأجذم والأبرص والمحدود ، ولا صاحب الفلج للأصحاء ، ولا الجالس للقيام ، ولا المتيمم للمتوضين.

ويكره للمسافر أن يؤم المقيم وللمقيم أن يؤم المسافر في الصلوات التي يختلف فيها فرضاهما ، فإن دخل المسافر في صلاة المقيم سلم في الركعتين وانصرف وجعل الركعتين الأخيرتين تطوعا " ، فإن دخل مقيم في صلاة المسافر وجب عليه أن لا ينفتل من صلاته بعد سلامه إلا أن يتم المقيم صلاته.

__________________

(١) التهذيب ١ / ٤٦٠.

٣٩

ولا يؤم المرأة الرجل ، ويجوز للرجل أن يؤمها.

والسلطان المحق أحق بالإمامة في كل موضع إذا حضر ، وصاحب المنزل في منزله ، وصاحب المسجد في مسجده ، فإن لم يحضر أحد ممن ذكرناه أم بالقوم أقرأهم ، فإن تساووا فأعلمهم بالسنة ، فإن تساووا فأسنهم. وقد روي أنه إذا تساووا فأصبحهم وجها " (١).

وقد يجوز إمامة أهل الطبقة المتأخرة عن غيرها بإذن المتقدمة إلا أن يكون الإمام الأكبر الذي هو رئيس الكل ، فإن التقدم عليه لا يجوز بحال من الأحوال.

ولا يجوز أن يكون مقام الإمام أعلى من مقام المأموم إلا بما يعتد بمثله ، ويجوز كون مقام المأموم أعلى بعد أن لا ينتهي إلى الحد الذي لا يتمكن معه من الاقتداء به.

ومقام الإمام قدام المأمومين إذا كانوا رجالا أكثر من واحد ، فإن كان المأموم رجلا واحدا " أو امرأة أو جماعة من النساء صلى الرجل عن يمين الإمام والمرأة أو النساء الجماعة خلفهما.

ويجهر الإمام ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) في السورتين معا " فيما يجهر فيه بالقراءة وفيما يخافت ، ولا يقرأ المأموم خلف الإمام الموثوق به في الركعتين الأولتين في جميع الصلوات من ذوات الجهر والاخفات ، إلا أن تكون صلاة جهر لم يسمع المأموم قراءة الإمام فيقرأ لنفسه ، وهذا أشهر الروايات.

وروي أنه لا يقرأ فيما يجهر فيه ويلزمه القراءة فيما خافت فيه الإمام (٢) وروي أنه بالخيار فيما خافت فيه. (٣).

__________________

(١) مستدرك وسائل الشيعة ١ / ٤٩٢.

(٢) أنظر الكافي ٢ / ٣٧٧.

(٣) الاستبصار ١ / ٤٢٧

٤٠