مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين

رجب البرسي

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين

المؤلف:

رجب البرسي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6307-75-2
الصفحات: ٣٨٤

وقال في مدح الإمام عليه‌السلام وبيان مناقبه (١) :

تعالى علي في الجلال فرائد

يعود وفي كفيه منه فرائد

ووارد فضل منه يصدر عزلها

تضيق بها منه اللها والأوارد

تبارك موصولا وبورك واصلا

له صلة في كل نفس وعائد

روى فضله الحسّاد من عظم شأنه

وأعظم فضل جاء يرويه حاسد

محبّوه أخفوا فضله خيفة العدى

وأخفاه بغضا حاسد ومعاند

فشاع له ما بين ذين مناقب

تجل بأن تحصى إذا عد قاصد

إمام له في جبهة المجد أنجم

علت فعلت أن يدن منهم راصد

لها الفرق من فرع السماك منابر

وفي عنق الجوزاء منها قلائد

مناقب إذ جلّت جلت كل كربة

وطابت فطابت من شذاها المشاهد

إمام يحار الفكر فيه معاند

له ومقر بالولاء وجاحد

إمام مبين كل أكرومة حوى

بمدحته التنزيل ، والذكر شاهد

عليه سلام الله ما ذكر اسمه

محب ، وفي (البرسي) ذلك خالد

وقال في قصيدة طويلة تبلغ ١٥٦ بيتا يمدح فيها آل البيت ويعدّد فضائلهم ويرثي الإمام الحسين وهي من رائع شعره بل من رائع الشعر العربي ورائقه في المديح (٢) :

يمينا بها حادي السرى إن بدت نجد

يمينا ، فللعاني العليل بها نجد

وعج ، فعسى من لا عج الشوق يشفني

غريم غرام حشو أحشائه وقد

وسربي لسرب فيه سرب جآذر

أسربي من جهد العهاد بهم عهد

وسربي بليل في بليل عراصها

لأروي بريا تربة تربها ند

وقف بي أنادي وادي الأيك علني

هناك أرى ذاك المساعد يا سعد

فبالربع لي من عهد جيرون جيرة

يجيرون إن جار الزمان إذا استعدوا

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٢٧٦ ـ ٣٧٧ ، والغدير : ٤١٧ ، وأعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٨.

يشير الشاعر في هذه الأبيات إلى معنى من قال في حق الإمام علي : ما أقول في رجل أخفت أولياؤه فضائله خوفا وأخفت أعداؤه فضائله حسدا ، وشاع من بين ذين ما ملأ الخافقين. البابليات : ١ / ١٢١.

(٢) شعراء الحلة : ٢ / ٣٧٧ ـ ٣٨٤ ، والغدير : ٧ / ٤٩ ـ ٥٧.

٣٦١

هم الأهل إلّا أنهم لي أهلّة

سوى أنهم قصدي وإني لهم عبد

عزيزون ربع العمر في ربع عزّهم

تقضى ولا روع عراني ولا جهد

وربعي مخضر وعيشي مخضل

ووجهي مبيض وفودي مسود

وشملي مشمول وبرد شبيبتي

قشيب وبرد العيش ما شأنه نكد

معالم كالأعلام معلمة الربى

فأنهارها تجري وأطيارها تشدو

طوت حادث الدهر منشور حسنها

كما رسمت في رسمها شمأل تغدو

وأضحت تجر الحادثات ذيولها

عليها ولا دعد هناك ولا هند

ولا غرو إن جارت ومارت صروفها

وغارت وأغرت واعتدت وغدت تشدو

فقد غدرت قدما بآل محمد

وطاف عليهم بالطفوف لها جند

وجاشت بجيش جاش طام عرموم

خميس لهام حام يحمومه أسد

وعمت بأشرار عن الرشد عموا

وهل يسمع الصم الدعاء إذا صدّوا

فيا أمّة قد أدبرت حين أقبلت

فرافقها نحس وفارقها سعد

أبت إذ أتت تنأى وتنهى عن النهى

وولت وألوت حين مال بها الجد

سرت وسرت بغيا وسرّت بغيّها

بغا دعاها إذا عداها به الرشد

عصابة عصب أو سعت إذ سعت إلى

خطاء خطاها والشقاء به يحدو

أثاروا وثاروا ثار بدر وبدروا

لحرب بدور من سناها لهم رشد

بغت فبغت عمدا قتال عميدها

ضغون طفاة في الصدور لها حقد

وساروا يسنون العناد وقد نسوا ال

معاد فهم من قوم عاد إذا عدّوا

فيا قلب الذين في يوم أقبلوا

إلى قتل مأمول هو العلم الفرد

فركن الهدى هدّوا وقدّ العلى قدوا

وأزر الهوى شدوا ونهج التقى سدوا

كأني بمولاي الحسين ورهطه

حيارى ولا عون هناك ولا عقد

بكرب البلا في كربلاء وقد رمى

بعاد وشطت دارهم وسطت جند

وقد حدقت عين الردى حين أصبحوا

عتاة عداة ليس يحصى لهم عد

وقد أصبحوا حلا لهم حين أصبحوا

حلولا ولا حل لديهم ولا عقد

٣٦٢

فنادى ونادى الموت بالخطب خاطب

وطير الفنا يشدو وحاد الردى يحدو

يسائلهم : هل تعرفوني؟ مسائلا

وسائل دمع العين سال به الخد

فقالوا : نعم أنت الحسين ابن فاطم

وجدّك خير المرسلين إذا عدّوا

وأنت سليل المجد كهلا ويافعا

إليك ، إذا عد العلى ينتهي المجد

فقال لهم : إذ تعلمون ، فما الذي

دعاكم إلى قتلي ، فما عن دمي بد

فقالوا : إذا رمت النجاة من الردى

فبايع يزيدا .. إنّ ذاك هو القصد

وإلّا فهذا الموت عب عبابه

فخض ظاميا فيه تروح ولا تغدو

فقال : ألا بعدا بما جئتم به

ومن دونه بيض وخطية ملد

فضرب لهشم الهام تترى بنظمه

ففي عقده حل وفي حلّه عقد

فهل سيد قد شيّد الفخر بيته

جذاذ الوديّ يشقي لعبد له عبد

وما عذر ليث يرهب الموت بأسه

يذل ويضحى السيد يرهبه الأسد

إذا سام منّا الدهر يوما مذلة

فهيهات يأتي ربّنا وله الحمد

وتأبى نفوس طاهرات وسادة

مواضيهم هام الكماة لها غمد

لها الدم ورد والنفوس قنائص

لها القدم قدم والنفوس لها جند

ليوث وغى ظل الرماح مقيلها

مغاوير طعم الموت عندهم شهد

حماة عن الأشبال يوم كريهة

بدور دجى سادوا الكهول وهم مرد

إذا افتخروا في الناس عزّ نظيرهم

ملوك على أعتابهم يسجد المجد

أيادي عطاهم لا تطاول في الندى

وأيدي علاهم لا يطاق لها رد

مطاعيم للعافي مطاعين في الوغى

مطاعين إن قالوا لهم حجج لد

مفاتيح للداعي مصابيح للهدى

معاليم للساري بها يهتدي النجد

نزيلهم حرم منازلهم لقى

منازلهم أمن بهم يبلغ القصد

فضائلهم جاءت ، فواضلهم جلت ،

مدائحهم شهد منائحهم لد

كرام إذا عاف عفى منه معهد

وضوّح من خضرائه السبط والجعد

وآملهم راج وأم لهم رجا

وحل بناديهم أحل له الرفد

٣٦٣

زكوا في الورى أمّا وجدّا ووالدا

وطابوا فطاب الأم والأب والجد

بأسمائهم يستجلب البر والرضى

بذكرهم يستدفع الضر والجهد

ومال إلى فتيانه ، ورجاؤه

يقول : لقد طاب الممات ألا اشتدوا

فسار لأخذ الثأر كل شمردل

إذا هاج قدح للهياج له زند

وكل كمي أريحي غشمشم

تجمع فيه الفضل وانعدم الضد

إذا ما غدا يوم الندى أسر العدى

ولما بدا يوم الندى أطلق الوعد

ليوث نزال بل غيوث نوازل

سراة كأسد الغاب لا بل هم الأسد

إذا طلبوا راموا ، وإن طلبوا رموا

وإن ضربوا صدوا وإن ضربوا قدوا

فوارس أسد الغيل منها فرائس

وفتيان صدق شأنها الطعن والطرد

وجوههم بيض ، وخضر ربوعهم

وبيضهم حمر إذا النقع مسرد

إذا ما دعوا يوما لدفع ملمة

غدا الموت طوعا والقضاء هو العبد

بها كل ندب يسبق الطرف طرفه

جواد على ظهر الجواد له أفد

كأنهم نبت الربى في سروجهم

لشدّة حزم لا بحزم لها شدوا

لباسهم نسجوا الحديد إذا بدوا

جبالا وأقيالا تقلهم الجرد

إذا لبسوا فوق الدروع قلوبهم

وصالوا فحر الكر عندهم برد

يخوضون تيّار الحمام ظواميا

وبحر المنايا بالحنايا لها مد

يرون المنايا نيلها غاية المنى

إذا استشهدوا : أمر الردى عندهم شهد

إذا فللت أسيافهم في كريهة

غدا في رؤوس الدارعين لها حد

فمن أبيض يلقى الأعادي بأبيض

ومن أسمر في كفّه أسمر صلد

يذبون عن سبط النبي محمد

وقد ثار عالي النقع واصطخب الوقد

يخال بريق البيض برقا سجاله ال

دماء وأصوات الكماة لها رعد

إلى أن تدانى العمر واقترب الردى

وشأن الليالي لا يدوم لها عهد

أعدوا نفوسا للفناء وما اعتدوا

فطوبى لهم نالوا البقاء بما عدوا

أحلوا جسوما للمواضي وأحرموا

فحلوا جنان الخلد فيها لهم خلد

٣٦٤

أمام الإمام السبط جادوا بأنفس

بها دونه جادوا وفي نصره جدّوا

شروا عندما باعوا نفوسا نفائسا

على هجرها وصل وفي وصلها فقد

قضوا إذ قضوا حق الحسين وفارقوا

وما فرقوا بل وافقوا السعد يا سعد

فلما رأى المولى الحسين رجاله

وفتيانه صرعى وشادي الردى يشدو

غدا طالبا للموت كالليث مغضبا

يحامي عن الأشبال يشتد إن شدوا

وإن جمعوا سبعين ألفا لقتله

فيحمل فيهم وهو بينهم فرد

إذا كرّ فروا من جريح وواقع

ذبيح ومهزوم به طوّح الهد

ينادي : ألا يا عصبة عصت الهدى

وخانت فلم ترع الذمام ولا العهد

فبعدا لكم يا شيعة الغدر إنكم

كفرتم ، فلا قلب يلين ولا ود

ولا يتنا فرض على كل مسلم

وعصياننا كفر وطاعتنا رشد

فهل خائف يرجو النجاة بنصرنا

ويخشى إذا اشتدت سعير لها وقد

ويرنو لنحو الماء يشتاق ورده

إذا ما مضى يبغي الورود له ردوا

فيحمل فيهم حملة علوية

بها العوالي في أعالي العدى قصد

كفعل أبيه حيدر يوم خيبر

كذلك في بدر ، ومن بعدها أحد

إذا ما هوى في لبة الليث عضبه

فمن نحره بحر ، ومن جزره مد

وعاد إلى أطفاله وعياله

وغرب المنايا لا يفل لها حد

يقول : عليكن السلام مودّعا

فها قد تناهى العمر واقترب الوعد

ألا فاسمعي يا أخت إن مسّني الردى

فلا تلطمي وجها ولا يخمش الخد

وإن برحت فيك الخطوب بمصرعي

وجلّ لديك الحزن والثكل والفقد

فإرضي بما يرضى إلهك واصبري

فما ضاع أجر الصابرين ولا الوعد

وأوصيك بالسجاد خيرا فإنّه

إمام الهدى بعدي له الأمر والعهد

فضج عيال المصطفى ، وتعلّقوا

به ، واستغاث الأهل بالندب والولد

فقال ـ وكرب الموت يعلو كأنه

ركام ومن عظم الظما انقطع الجهد ـ :

ألا قد دنا الترحال فالله حسبكم

وخير حسيب للورى الصمد الفرد

٣٦٥

وعاد إلى حرب الطغاة مجاهدا

والبيض والخرصان في قده قد

إلى أن غدا ملقى على الترب عاريا

يصافح منه إذ ثوى للثرى خد

وشمّر شمر الذيل في حزّ رأسه

ألا قطّعت منه الأنامل والزند

فوا حزن قلبي للكريم علا على

سنان سنان ، والخيول لها وخد

تزلزلت السبع الطباق لفقده

وكادت له شم الشماريخ تنهد

وأرجف عرش الله من ذاك خيفة

وضجت له الأملاك وانفجر الصلد

وناحت عليه الطير والوحش وحشة

وللجن ـ إذ جن الظلام ـ به وجد

وشمس الضحى أمست عليه عليلة

علاها اصفرار إذ تروح وإذ تغدو

فيا لك مقتولا بكته السما دما

وثل سرير العز ، وانهدم المجد

شهيدا غريبا نازح الدار ظاميا

ذبيحا ومن قاني الوريد له ورد

بروحي قتيلا غسله من دمائه

سليبا ومن سافي الرياح له برد

ترض خيول الشرك بالحقد صدره

وترضخ منه الجسم في ركضها جرد

ومذ راح لما راح للأهل مهره

خليا يخد الأرض بالوجه إذ يعدو

برزن حيارى نادبات بذلّة

وقلب غدا من فارط الحزن ينقد

فحاسرة بالردن تستر وجهها

وبرقعها وقد ، ومد معها رفد

ومن ذاهل لم تدر أين مفرها

تضيق عليها الأرض والطرق تنسد

وزينب حسرى تندب الندب عندها

من الحزن أوصاب يضيق بها العد

تنادي : أخي يا واحدي وذخيرتي

وعوني وغوثي والمؤمل والقصد

ربيع اليتامى ، يا حسين ، وكافل

الأيامى زمانا ، بعد بعدكم ، البعد

أخي بعد ذاك الصون والخدر والخبا

يعالجنا علج ، ويسلبنا وغد

بناتك ـ يابن الطهر طه ـ حواسر

ورحلك منهوب تقاسمه الجند

لقد خابت الآمال ، وانقطع الرجا

بموتك مات العلم والدين والزهد

وأضحت ثغور الكفر تبسم فرحة

وعين العلى ينخد من سحها الخد

وصوّح نبت الفضل بعد اخضراره

وأصبح بدر التم قد ضمه اللحد

٣٦٦

تجاذبنا أيدي العدى فضلة الردى

كأن لم يكن لنا خير الأنام لنا جدّ

فأين حصوني والأسود الألى بهم

يصال على ريب الزمان إذا يعدو؟

إذا غربت ـ يابن النبي ـ بدوركم

فلا طلعت شمس ، ولا حلها سعد

ولا سحبت سحب ذيولا على الربى

ولا ضحك النوار وانبعق الرعد

وساروا بآل المصطفى وعياله

حيارى ولم يخش الوعيد ولا الوعد

وتطوي المطايا الأرض سيرا إذا سرت

تجوب بعيد البيد فيها لها وخد

تؤم يزيدا نجل هند أمامها

ألا لعنت هند وما نجلت هند

فيالك من رزء عظيم مصابه

يشق الحشى منه ويلتدم الخد

أيقتل ضمآنا حسين بكربلا

ومن نحره البيض الصقال لها ورد؟

وتضحى كريمات الحسين حواسرا

يلاحظها في سيرها الحر والعبد

فليس لأخذ الثأر إلّا خليفة

هو الخلف المأمول والعلم الفرد

هو القائم المهدي والسيد الذي

إذا سار أملاك السماء له جند

يشيّد ركن الدين عند ظهوره

علوا ، وركن الشرك والكفر ينهد

وغصن الهدى يضحى وريقا ونبته

أنيقا وداعي الحق ليس له ضد

لعل العيون الرمد تحظى بنظرة

إليه فتجلى عندها الأعين الرمد

إليك انتهى سر النبيين كلّهم

وأنت ختام الأوصياء إذا عدوا

بني الوحي يا أم الكتاب ومن لهم

مناقب لا تحصى وإن كثر العد

إليكم عروسا زفها الحزن ثاكلا

تنوح إذ الصب الحزين بها يشدو

لها عبرة في عشر عاشور أرسلت

إذا أنشدت حادي بها الدمع يحدو

رجا (رجب) رحب المقام بها غدا

إذا ما أتى والحشر ضاق به الحشد

بذلت اجتهادي في مديحكم وما

مقام مديحي بعد أن مدح الحمد

ولي فيكم نظم ونثر غناؤه

فقير ، وهذا جهد من لا له جهد

مصابي وصوب الدمع فيكم مجدد

وصبري وسلواني به أخلق الجهد

تذكرني ـ يابن النبي ـ غدا إذا

غدا كل مولى يستجير به العبد

٣٦٧

فأنتم نصيب المادحين ، وإنني

مدحت وفيكم في غد ينجز الوعد

إذا أصبح الراجي نزيل ربوعكم

فقد نجحت منه المطالب والقصد

فإن مال عنكم ـ يابني الفضل ـ راغب

يضل ويضحى عند من لا له عند

فيا عدتي في شدتي يوم بعثتي

بكم غلتي من علبي حرها برد

وعبدكم (البرسي) مولى فخاركم

كفاه فخارا أنه لكم عبد

عليكم سلام الله ما سكب الحيا

دموعا على روض وفاح لها ندّ

وقال في الحب العرفاني (١) :

لقد شاع عني حب ليلى وإنني

كلفت بها عشقا وهمت بها وجدا

وأصبحت أدعي سيدا بين قومها

كما أنني أصبحت فيهم لها عبدا

ألا في الورى حبها في تنكر

فذا مانح صدا وذا صاعر خدا

وذا عابس وجها يطول أنفه

علي كأني قد قتلت له ولدا

ولا ذنب لي في هجرهم لي وهجوهم

سوى أنني أصبحت في حبّها فردا

ولو عرفوا ما قد عرفت ، ويمموا

حماها كما يممته ، أعذروا حدا

وظنوا ـ وبعض الظن إثم ـ وشنعوا

بأن امتداحي جاوز الحد والعدا

فو الله ما وصفي لها جاز حدّه

ولكنها في الحسن قد جاوزت حدّا

وقال في حبّه لعلي عليه‌السلام ويذكر اختلاف الناس في شخص الإمام (٢) :

يا آية الله ، بل يا فتنة البشر

وحجة الله ، بل يا منتهى القدر

يا من إليه إشارات العقول ، ومن

فيه الألباء تحت العجز والخطر

هيمت أفكاري الأفكار حين رأوا

آيات شأنك في الأيام والعصر

يا أولا آخرا نورا ومعرفة

يا ظاهرا باطنا في العين والأثر

لك العبارة بالنطق البليغ ، كما

لك الإشارة في الآيات والسور

كم خاض فيك أناس وانتهى فغدا

معناك محتجبا عن كل مقتدر

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٤ ، والغدير : ٧ / ٦٧.

(٢) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥ والغدير : ٧ / ٤٢ ـ ٤٤ وقد خمسها ابن السبعي.

٣٦٨

أنت الدليل لمن حارت بصيرته

في طي مشتبكات القول والعبر

أنت السفينة من صدق تمسكها

نجا ومن حاد عنها خاض في الشرر

فليس قبلك للأفكار ملتمس

وليس بعدك تحقيق لمعتبر

تفرّق الناس إلّا فيك وائتلفوا

فالبعض في جنة ، والبعض في سقر

فالناس فيك ثلاث : فرقة رفعت

وفرقة وقعت بالجهل والقدر

وفرقة وقعت ، لا النور يرفعها

ولا بصائرها فيها بذي غور

تصالح الناس إلّا فيك واختلفوا

إلّا عليك ، وهذا موضع الخطر

وكم أشاروا وكم أبدوا وكم ستروا

والحق يظهر من باد ومستتر

أسماؤك الغر مثل النيرات ، كما

صفاتك السبع كالأفلاك في الأكر (١)

وولدك الغر كالأبراج في فلك ال

معنى وأنت مثال الشمس والقمر

قوم هم الآل ـ آل الله ـ من علقت

بهم يداه نجا من زلّة الخطر

شطر الأمانة معراج النجاة إلى

أوج العلو وكم في الشطر من غير

يا سرّ كل نبي جاء مشتهرا

وسر كل نبي غير مشتهر

أجلّ وصفك عن قدر لمشتبه

وأنت في العين مثل العين في الصور

وقال يمدح أهل البيت عليهم‌السلام (٢) :

هم القوم آثار النبوّة فيهم

تلوح ، وأنوار الإمامة تلمع

مهابط وحي الله خزّان علمه

وعندهم سرّ المهيمن مودع

إذا جلسوا للحكم فالكل أبكم

وان نطقوا ، فالدهر اذن ومسمع

وان ذكروا فالكون ند ومندل

له أرج من طيبهم يتضوّع

وان ذكروا فالكون ند ومندل

له أرج من طيبهم يتضوّع

وان بارزوا

 .......................

__________________

(١) الأئمة هم مواقع أسماء الله أو صفاته ، وأنهم ـ كما في الحديث ـ ألقى في هويتهم مثاله وإرادتهم مصادر أفعاله.

(٢) البابليات : ١ / ١٢٢ وقد خمس هذه القصيدة الشاعران الأخوان الشيخ محمد رضا والشيخ هادي ولدا الشيخ أحمد النحوي.

٣٦٩

وقال يمدح النبي الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) :

أضاء بك الأفق المشرق

ودان لمنطقك المنطق

وكنت ، ولا آدم كائنا

لأنك من كونه أسبق

ولولاك لم تخلق الكائنات

ولا بان غرب ولا مشرق

فميمك مفتاح كل الوجود

وميمك بالمنتهى يغلق

تجليت ـ يا خاتم المرسلين ـ

بشأو من الفضل لا يلحق

فأنت لنا أوّل آخر

وباطن ظاهرك الأسبق

تعاليت عن صفة المادحين

وان أطنبوا فيك أو أغمقوا

فمعناك حول الورى دارة

على غيب أسرارها تحدق

وروحك من ملكوت السما

تنزل بالأمر ما يخلق

ونشرك يسري على الكائنات

فكلّ على قدره يعبق

إليك قلوب جميع الأنام

تحنّ وأعناقها تعبق

وفيض أياديك في العالمين

بأنهار أسرارها يدفق

وآثار أياديك في العالمين

على جبهات الورى تشرق

فموسى الكليم وتوراته

يدلّان عنك إذا استنطقوا

وعيسى وإنجيله بشّرا

بأنك «أحمد» من يخلق

فيا رحمة الله في العالمين

ومن كان لو لاه لم يخلقوا

لأنك وجه الجلال المنير

ووجه الجمال الذي يشرق

وأنت الأمين وأنت الأمان

وأنت ترتّق ما يفتق

أتى (رجب) لك في عاتق

تقيل الذنوب ، فهل تعتق؟

وقال في مدح علي عليه‌السلام وبيان فضله (٢) :

يا منبع الأسرار يا سر

المهيمن في الممالك

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، والغدير : ٧ / ٣٨ ـ ٤٠ والبابليات : ١ / ١١٩.

(٢) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٦ ، والغدير : ٧ / ٤٥.

٣٧٠

يا قطب دائرة الوجود

وعين منبعه كذلك

والعين والسر الذي

منه تلقنت الملائك

ما لاح صبح في الدجى

إلّا وأسفر عن جمالك

يابن الأطايب والطواهر

والفواطم والعواتك

أنت الأمان من الردى

أنت النجاة من المهالك

أنت الصراط المستقيم

قسيم جنّات الأرائك

والنار مفزعها إليك

وأنت مالك أمر مالك

يا من تجلّى بالجمال

فشق بردة كل حالك

صلّى عليك الله من

هاد إلى خير المسالك

والحافظ (البرسي) لا

يخشى ، وأنت له هنالك

وقال في حب الإمام علي عليه‌السلام ويشير إلى عذاله على هذا الحب (١) :

أيها اللائم دعني

واستمع من وصف حالي

أنا عبد لعلي المر

تضى مولى الموالي

كلما ازددت مديحا

فيه قالوا : لا تغالي

وإذا أبصرت في ال

حق يقينا لا أبالي

آية الله التي وص

فها القول حلالي

كم إلى كم أيها العا

ذل أكثرت جدالي

يا عذولي في غرامي

خلني عنك وحالي

رح إلى من هو ناج

واطرحني وضلالي

إنّ حبي لوصي المصط

فى عين الكمال

هو زادي في معادي

ومعادي في مآلي

وبه إكمال ديني

وبه ختم مقالي

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، والغدير : ٧ / ٤٠ ؛ آخر مشارق الأنوار ، وأعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٦ ، والبابليات : ١ / ١٢٠.

٣٧١

وقال يمدح أهل البيت عليهم‌السلام (١) :

يا آل طه أنتم أملي

وعليكم في البعث متكلي

إن ضاق بي ذنب فحكمكم

يوم الحساب هناك يوسع لي

بولائكم وبطيب مدحكم

أرجو الرضا والعفو عن زللي

(رجب) المحدث عبد عبدكم

والحافظ (البرسي) لم يزل

لا يختشي في الحشر حر لظى

إذ سيداه محمد وعلي

سيثقلان وزان صالحه

ويبيضان صحيفة العمل

لم ينشعب فيكون منطلقا

من ضله للشعب ذي الضلل

وقال يؤكّد ولاءه لأهل البيت عليهم‌السلام (٢) :

أما والذي لدمي حللا

وخص أهيل الولا بالبلا

لئن أسق فيه كؤوس الحمام

لما قال قلبي لساقيه : لا

فموتي حياتي ، وفي حبه

يلذ افتضاحي بين الملا

فمن يسل عنه ، فإن الفؤا

د تسلى وما قط آنا سلا

مضت سنة الله في خلقه

بأن المحب هو المبتلى

وقال يزجي المديح نحو الإمام علي عليه‌السلام (٣) :

بأسمائك الحسنى أروّح خاطري

إذا هب من قدس الجلال نسيمها

لئن سقمت نفسي فأنت طبيبها

وإن شقيت يوما فمنك نعيمها

رضيت بأن ألقى القيامة خائفا

دماء نفوس حاربتك جسومها

أبا حسن لو كان حبك مدخلي

جهنّم كان الفوز عندي جحيمها

وكيف يخاف من كان موقنا

بأنك مولاه وأنت قسيمها

فوا عجبا من أمة كيف ترتجي

من الله غفرانا ، وأنت نعيمها؟

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٧ ، والغدير : ٧ / ٤٧ ـ ٤٨.

(٢) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٧ ، الغدير : ٧ / ٦٦.

(٣) شعر الحلة : ٢ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، والغدير : ٧ / ٤١ ، وأعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٧ ، البابليات : ١ / ١٢١.

٣٧٢

وواعجبا إذ أخرتك ، وقدّمت

سواك بلا جرم ، وأنت زعيمها

وقال يمدح أهل البيت عليهم‌السلام (١) :

فرضي ونفلي وحديثي أنتم

وكل كلي منكم وعنكم

وأنتم عند الصلاة قبلتي

إذا وقفت نحوكم أيمم

خيالكم نصب لعيني أبدا

وحبّكم في خاطري مخيم

يا سادتي وقادتي أعتابكم

بجفن عيني لثراها ألثم

وقفا على حديثكم ومدحكم

جعلت عمري فاقبلوه وارحموا

منوا على (الحافظ) من فضلكم

واستنقذوه في غد وأنعموا

وقال في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام على نهج قصيدة البردة للبوصيري (٢) :

ما هاجني ذكر ذات البان والعلم

ولا السلام على سلمى بذي سلم

ولا صبوت لصب صاب مدمعه

على سلمى بذي سلم

ولا على طلل يوما أطلت به

مخاطبا لأهيل الحي والخيم

ولا تمسكت بالحادي وقلت له

(إن جئت سلما فسل عن جيرة العلم)

لكن تذكرت مولاي الحسين وقد

أضحى بكرب البلا كربلاء ظمي

ففاض صبري وفاض الدمع وابت

عد الرقاد واقترب السماء بالسقم

وهام إذ همت للعبرات من عدم

قلبي ولم أستطع مع ذاك منع دمي

لم أنسه وجيوش الكفر جائشة

والجيش في أمل والدين في ألم

تطوف بالطف فرسان الضلال به

والحق يسمع والأسماع في صمم

وللمنايا بفرسان المنى عجل

والموت يسعى على ساق بلا قدم

مسائلا ودموع العين سائلة

وهو العليم بعلم اللوح والقلم

ما اسم هذا الثرى يا قوم؟ فابتدروا

بقولهم يوصلون الكلم بالكلم

بكربلا هذه تدعى؟ فقال : أجل

آجالنا بين تلك الهضب والأكم

حطوا الرحال فحال الموت حل بنا

دون البقاء وغير الله لم يدم

__________________

(١) الغدير : ٧ / ٦٢ ـ ٦٦ ، وشعراء الحلة : ٢ ، وأعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٦.

(٢) شعراء الحلة : ٢ / ٣٨٨ ، والغدير : ٧ / ٤٧ ، وأعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٧ ، والبابليات : ١ / ١٢٠.

٣٧٣

يا للرجال لخطب حل مخترم الآ

جال معتديا في الأشهر الحرم

فها هنا تصبح الأكباد من ظمأ

حرّى وأجسادها تروى بفيض دم

وهاهنا تصبح الأقمار آفلة

والشمس في طفل والبدر في ظلم

وهاهنا تملك السادات أعبدها

ظلما ومخدومها في قبضة الخدم

وهاهنا تصبح الأجساد ثاوية

على الثرى مطعما للبوم والرخم

وهاهنا بعد بعد الدار مدفننا

وموعد الخصم عند الواحد الحكم

وصاح بالصحب : هذا الموت فابتدروا

أسدا فرائسها الآساد في الأجم

من كل أبيض وضّاح جبينها

يغشى صلى الحرب لا يخشى من الضرم

من كل منتدب لله محتسب ،

في الله منتجب ، بالله معتصم

وكل مصطلم الأبطال ، مصطلم الآ

جال ، ملتمس الآمال ، مستلم

وراح ثم جواد السبط يندبه

عالي الصهيل خليا طالب الخيم

فمذ رأته النساء الطاهرات بدا

بكارم الأرض في خلد له وفم

فجئن والسبط ملقى بالنصال أبت

من كف مستلم أو ثغر ملتثم

والشمر ينحر منه النحر من حنق

والأرض ترجف خوفا من فعالهم

فتستر الوجه في كمّ عقيلته

وتنحني فوق قلب واله كلم

تدعو أخاها الغريب المستظام أخي

يا ليت طرف المنايا عن علاك عم

من اتكلت عليه النساء؟ ومن

أوصيت فينا؟ ومن يحنو على الحرم

هذي سكينة قد عزت سكينتها

وهذه فاطم تبكي بفيض دم

تهوي لتقبيله والدمع منهمر

والبيت عنها بكرب الموت في غمم

فيمنع الدم والنصل الكسير به

عنها فتنصل لم تبرح ولم ترم

تضمّه نحوها شوقا ، وتلثمه

ويخضب النحر منه صدرها بدم

تقول من عظم شكواها ولوعتها

وحزنها غير منفض ومنفصم

أخي لقد كنت نورا يستضاء به

فما لنور الهدى والدين لي ظلم

أخي لقد كنت غوثا للأرامل يا

غوث اليتامى وبحر الجود والكرم

يا كافلي هل ترى الأيتام بعدك في

أسر المذلّة والأوصاب والألم

يا واحدي يابن أمي يا حسين لقد

نال العدى ما تمنّوا من طلابهم

٣٧٤

وبرّدوا غلل الأحقاد من ضغن

وأظهروا ما تخفّى في صدورهم

أين الشقيق وقد بان الشقيق وقد

جار الرقيق ولجّ الدهر في الأزم

مات الكفيل وغاب الليث فابتدرت

عرج الضباع على الأشبال في نهم

وتستغيث رسول الله صارخة

يا جدّ أين الوصايا في ذوي الرحم

يا جدّنا لو رأت عيناك من حزن

للعترة الغر بعد الصون والحشم

مشردين عن الأوطان قد قهروا

ثكلى أسارى حيارى ضرّجوا بدم

يسري بهن سبايا بعد عزّهم

فوق المطايا كسبي الروم والخدم

هذا بقية آل الله سيّد أهل الأ

رض زين عباد الله كلّهم

نجل الحسين الفتى الباقي ووارثه

والسيّد العابد السجّاد في الظلم

يساق في الأسر نحو الشام مهتضما

بين الأعادي فمن باك ، ومبتسم

ابن النبي السبط وثغر يقرعه

يزيد بغضا لخير الخلق كلّهم

أينكت الرجس ثغرا كان قبله

من حبة الطهر خير العرب والعجم؟

ويدّعي بعدها الإسلام من سفه

وكان أكفر من عاد ومن ارم!

يا ويله حين تأتي الطهر فاطمة

في الحشر صارخة في موقف الأمم

تأتي فيطرق أهل الجمع أجمعهم

منها حياء ووجه الأرض في قتم

وتشتكي عن يمين العرش صارخة

وتستغيث إلى الجبّار ذي النقم

هناك يظهر حكم الله في ملأ

عصوا وخانوا فيا سحقا لفعلهم

وفي يديها قميص للحسين غدا

مضمخا بدم قرنا إلى قدم

أيا بني الوحي والذكر الحكيم ومن

ولاهم أملي والبرء من ألمي

حزني لكم أبدا لا ينقضي كمدا

حتى الممات ورد الروح في رمم

حتى تعود إليكم دولة وعدت

مهدية تملأ الأقطار بالنعم

فليس للدين من حام ومنتصر

إلّا الإمام الفتى الكشاف للظلم

القائم الخلف المهدي سيّدنا

الطاهر العلم ابن الطاهر العلم

بدر الغياهب تيار المواهب منص

ور الكتائب حامي الحل والحرم

يابن الإمام الزكي العسكري فتى

الهادي النقي علي الطاهر الشيم

يابن الجواد ويا نجل الرضاء ويا

سليل كاظم غيظ منبع الكرم

٣٧٥

خليفة الصادق المولى الذي ظهرت

علومه فأثارت غيهب الظلم

خليفة الباقر المولى خليفة زين الع

ابدين علي طيب الخيم

نجل الحسين شهيد الطف سيدنا

وحبذا مفخر يعلو على الأمم

نجل الحسين سليل الطهر فاطمة

وابن الوصي علي كاسر الصنم

يابن النبي ويابن الطهر حيدرة

يابن البتول ويابن الحل والحرم

أنت الفخار ومعناه وصورته

ونقطة الحكم لا بل خطة الحكم

أيّامك البيض خضر فهي خاتمة

الدنيا وختم سعود الدين والأمم

متى نراك فلا ظلم ، ولا ظلم

والدين في رغد والكفر في رغم

أقبل فسبل الهدى والدين قد طمست

ومسّها نصب والحق في عدم

يا آل طه ومن حبّي لهم شرف

أعدّه في الورى من أعظم النعم

إليكم مدحة جاءت منظمة

ميمونة صغتها من جوهر الكلم

بسيطة إن شدت أو أنشدت عطرت

بمدحكم كبساط الزهر منخرم

بكرا عروسا ثكولا زفها حزن

على المنابر غير الدمع لم تسم

يرجو بها (رجب) رحب المقام غدا

بعد العناء غناء غير منهدم

يا سادة الحق ما لي غيركم أمل

وحبّكم عدّتي والمدح معتصمي

ما قدر مدحي والرحمن مادحكم

في «هل أتى» مع نون والقلم

حاشاكم تحرموا الراجي مكارمكم

ويرجع الجار عنكم غير محترم

أو يخشى الزلة (البرسي) وهو يرى

ولاكم فوق ذي القربى وذي الرحم

إليكم تحف التسليم واصلة

ومنكم وبكم أنجو من النقم

صلّى الله عليكم ما بدا نسم

وما أتت بسمات الصبح في الحرم

وقال يمدح آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ويخص الإمام عليا عليه‌السلام (١) :

إذا رمت يوم البعث تنجو من اللظى

ويقبل منك الدين والفرض والمنن

فوال عليا والأئمة بعده

نجوم الهدى ، تنجو من الضيق والمحن

فهم عترة قد فوّض الله أمره

إليهم لما قد خصّهم منه بالمنن

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٩٢ ، والغدير : ٧ / ٤٩.

٣٧٦

أئمة حق أوجب الله حقّهم

وطاعتهم فرض بها لله تمتحن

نصحتك أن ترتاب فيهم فتنثني

إلى غيرهم. من غيرهم في الأنام؟ من

فحبّ علي عدّة لوليّه

يلاقيه عند الموت والقبر والكفن

كذلك يوم البعث لم ينج قادم

من النار إلّا من تولى أبا الحسن

وقال يمدح الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام (١) :

العقل نور وأنت معناه

والكون سرّ وأنت مبداه

والخلق في جميعهم إذا جمعوا

الكل عبد وأنت مولاه

أنت الولي الذي جلّت مناقبه

ما لعلالها في الخلق أشباه

يا آية الله في العباد ويا

سرّ الذي لا إله إلّا هو

تناقض العالمون فيك ، وقد

حاروا عن المهتدى ، وقد تاهوا

فقال قوم : بأنه بشر

وقال قوم : بأنه الله

يا صاحب الحشر والمعاد ومن

مولاه حكم العباد ولاه

يا قاسم النار والجنان غدا

أنت ملاذ الراجي ومنجاه

كيف يخاف (البرسي) حر لظى

وأنت عند الحساب غوثاه

لا يخشى النار عبد حيدرة

إذ ليس في النار من تولاه

وقال في إظهاره أسرار الأئمة عليهم‌السلام (٢) :

لقد أظهرت يا (حافظ)

سرّا كان مخفيا

وأبرزت من الأنوار

نورا كان مطويا

به قد صرت عند الله

والسادات علويا

ومقبولا ومسعودا

ومحسودا ومرضيا

فطب نفسا ، وعش فردا

وكن طيرا سماويا

غريبا يألف الخلوة

لا يقرب إنسيا

غدا في الناس بالخلوة

والوحدة منسيا

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، والغدير : ٧ / ٤٠ ، أعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٦ ، والبابليات : ١ / ١٢١.

(٢) شعراء الحلة : ٢ / ٢٩٣ ، والغدير : ٧ / ٦٦ ـ ٦٧.

٣٧٧

وإن أصبحت مرفوضا

بسهم البغض مرميا

فلم يبغضك إلّا من

أبوه الزنج بصريا

عمانيا مراديا

مجوسيا يهوديا

لهذا قد غدا يبغض

ذاك الطين كوفيا

وفي المولد والمحتد

(برسيا) و (حليّا)

وقال مسمطا في مدح الأئمة عليهم‌السلام (١) :

سركم لا تناله الفكر

وأمركم في الورى له خطر

مستصعب فك رمز خطر

ووصفكم لا يطيقه البشر

ومدحكم شرفت به السور

وجودكم للوجود علته

ونوركم للظهور آيته

وأنتم للوجود قبلته

وحبّكم للمحب كعبته

يسعى بها طائعا ويعتمر

لولاكم ما استدارت الأكر

ولا استنارت شمس ولا قمر

ولا تدلى غصن ولا ثمر

ولا تندى ورق ولا خضر

ولا سرى بارق ولا مطر

عندكم في الآيات مجمعنا

وأنتم في الحساب مفزعنا

وقولكم في الصراط مرجعنا

وحبّكم في النشور ينفعنا

به ذنوب المحب تغتفر

يا سادة قد زكت معارفهم

وطاب أصلا وساد عارفهم

وخاف في بعثه مخالفهم

إن يختبر للورى صيارفهم

فأصلهم بالولاء يختبر

أنتم رجائي وحبكم أملي

أعليه يوم المعاد متكلي

فكيف يخشى حر السعير ولي

وشافعاه محمد وعلي

أو يعتريه من شرّها شرر

__________________

(١) شعراء الحلة : ٢ / ٣٩٣ ، والغدير : ٧ / ٤٨ ـ ٤٩.

٣٧٨

عبدكم (الحافظ) الفقير على

أعتاب أبوابكم يروم قلا

تخييره يا سادتي أملا

واقسموه يوم المعاد إلي

ظل ظليل نسيمه عطر

 صلّى عليكم رب السماء كما

أصفاكم واصطفاكم كرما

وزاد عبدا والاكم نعما

ما غرد الطير في الغصون وما

ناح حمام وأوراق الشجر

وقال :

وإن بارزا فالدهر يخفق قلبه

لسطوتهم والأسد في الغاب تفزع

وإن ذكر المعروف والجود في الورى

فبحر نداهم زاخر يتدفع

أبوهم سماء المجد والأمّ شمسه

نجوم لها برج الجلالة مطلع

فيا نسبا كالشمس أبيض مشرقا

ويا شرفا من هامة النجم أرفع

فمن مثلهم إن عد في الناس مفخر

أعد نظرا يا صاح إن كنت تسمع

ميامين قوّامون عز نظيرهم

هداة ولاة للرسالة منبع

فلا فضل إلّا حين يذكر فضلهم

ولا علم إلّا علمهم حين يرفع

ولا عمل ينجي غدا غير حبّهم

إذا قام يوم البعث للخلق مجمع

ولو أن عبدا جاء لله عابدا

بغير ولا أهل العبا ليس ينفع

فيا عترة المختار يا راية الهدى

إليكم غدا في موقفي أتطلّع

خذوا بيدي يا آل بيت محمد

فمن غيركم يوم القيامة يشفع (١)

تمّ الكتاب والحمد لله ربّ العالمين

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٦ / ٤٦٧.

٣٧٩

فهرس المطالب

ترجمة المصنف.................................................................... ٥

تمهيد......................................................................... ١٣

خطبة الكتاب.................................................................. ٢٣

قصور الفهم عن إدراك مرتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام..................................... ٢٦

أسرار علم الحروف.............................................................. ٢٩

باطن فاتحة الصلاة.............................................................. ٣٨

حروف المعجم................................................................. ٣٨

حروف الاسم الأعظم........................................................... ٣٩

خواص الفاتحة.................................................................. ٤٠

الوجود المطلق والمقيّد............................................................ ٤١

معنى الواحد والألف............................................................. ٤٢

حقيقة النقطة وأنّها الفيض الأوّل.................................................. ٤٣

الصفات الإلهية................................................................. ٤٨

الأنبياء عليهم‌السلام مظاهر أسماء الله................................................... ٤٨

أسرار حروف اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.................................................. ٥٠

باطن الأسماء الإلهية............................................................. ٥١

نشوء الحروف من الألف......................................................... ٥٢

٣٨٠