مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين

رجب البرسي

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين

المؤلف:

رجب البرسي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6307-75-2
الصفحات: ٣٨٤

في آية من كتابه ، فقال : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) (١) ، وهو حب فرعون وهامان ، (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٢) ، وهو حبّ علي عليه‌السلام.

ومن ذلك قول الله سبحانه : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٣) إذا كانوا آمنوا فأين الظلمات؟ ومعناه يخرجهم من ظلمات الخطايا إلى نور الإيمان والولاية ، وقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بعلي لأن الكفر بعلي كفر بالله ، والإيمان به إيمان بالله ، (أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) يعني فرعون وهامان (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) وإذا كانوا كفروا من أين لهم النور؟

وهذا صريح أنه الكفر بعلي وولايته يخرجهم من نور الإسلام ـ وهي الكلمتان الطيبتان ـ إلى ظلام الكفر بالولاية قال : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) شهد القرآن وأكّد أن من والى غير علي عليه‌السلام فمأواه النار. ثم قال : (هُمْ فِيها خالِدُونَ).

فالمبغض لعلي كافر وإن عبد ، والمحبّ له عابد ، وإن قعد ، وإليه الإشارة بقوله : «حبّ علي عبادة وذكره عبادة والموت على حبّه شهادة ، وموالاته أكبر الزيادة». (٤) وإليه الإشارة بقوله : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (٥) قال ابن عباس : الهدى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقوله : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) (٦) يعني بعلي.

وقوله (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) يعني عليا.

(فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) (٧) يعني باتباعه ، (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) يعني يوم البعث بحبّه ، مثل قوله : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) يعني بعلي فهم عن ذكرهم معرضون ، وإليه الإشارة بقوله : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ* أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٨) ، ومنه قوله : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (٩) يعني نجاتكم وهو حب علي.

__________________

(١) النساء : ٣١.

(٢) النساء : ٣١.

(٣) البقرة : ٢٥٧.

(٤) باختصار بشارة المصطفى : ٨٦.

(٥) طه : ١٢٣.

(٦) المؤمنون : ٧١.

(٧) البقرة : ٣٧.

(٨) ص : ٦٨.

(٩) الأنبياء : ١٠.

٢٤١

فصل

[حديث الطين]

ولذلك أصل ، وهو خبر الطين الذي رواه إبراهيم عن الصادق عليه‌السلام في معنى المزاج أنه قال : إن الله لما أراد أن يخلق الخلق ولا شيء هناك خلق أرضا طيّبة ، وأجرى عليها ماء عذبا سبعة أيام ، وعرض عليها ولا يتنا فقبلت ، فأخذ من ذلك الماء العذب طينتنا ثم خلق من ثفل ذلك الماء طينة شيعتنا فهم منّا ولو كنّا وآباؤهم من الماء الذي نحن منه لكنّا وآباؤهم سواء ، ثم خلق أرضا سبخة وأخرى عليها ماء مالح ثم عرض عليها ولا يتنا فأبت فأجرى عليها ذلك الماء سبعة أيام ثم خلق من ذلك الماء الطغاة والأئمة الكفار (١) ، وإليه الإشارة بقوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) (٢).

ثم خلق من ثفل ذلك شيعة أعدائنا ، ثم مزج ثفل ذلك الطين بطينة شيعتنا ، لم يشهد أعداؤنا الشهادتين ولم يصلوا ولم يصوموا فما ظهر منهم من الخيرات والحسنات فليست منهم ولا لهم ، إنّما هو من مزاج طينة شيعتنا لهم ، ثم مزج الماء الثاني بالماء الأوّل ثم عركه عرك الأديم ثم قبض منه قبضة وقال : وهذه الجنة ولا أبالي ، ثم قبض قبضة وقال : وهذه النار ولا أبالي (٣).

أقول : تمسّك أهل الأخبار بأذيال هذا الحديث ظاهر وأنكره أكثر أهل العدل لدلالة ظاهره على الأخبار وهو حديث حسن مملوء بالعدل كيف يتكلّم وقد صرّح القرآن به ، وإليه الإشارة بقوله : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٤) وقوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (٥) ،

__________________

(١) بحار الأنوار : ٢٦ / ٢٧٩ ح ٢٢ والحديث طويل.

(٢) القصص : ٤١.

(٣) بحار الأنوار : ٢٦ / ٢٧٩ ح ٢٢ الحديث طويل.

(٤) الشورى : ٧.

(٥) البقرة : ١٠٥.

٢٤٢

وقوله : (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١) والمراد بالقول منّي : العلم ، وذلك لأن علم الله سبحانه سابق على أفعال العباد ولا حق وكاشف فهو سبحانه يعلم قبل إيجادهم من المطيع ومن العاصي ، لأنه ليس عند الله زمان ولا مكان ، ثم أخذ عليهم العهد في الذرات وهو رمز رفيع ومعناه علم قبل إنشاء ذراتهم ، من جبلته الانقياد للطاعة ، ومن جبلته الظلم والانقياد للمعصية فما يغني النذر فصاروا في العلم قبضتين : مطيع بالقوّة ، وعاص بالقوّة ، ثم لما أوجدهم وكلّفهم كشف العلم السابق ما في جبلاتهم فصاروا فريقين ، كما قال وقوله الحق مؤمن بالفعل وكافر ، ولذلك قال : ولا أبالي ، وفيه إشارة لطيفة معناها لا أبالي بعد أن فطرتهم على التوحيد ، وعرضت عليهم الإيمان في عالم الأرواح ، ثم ذكرتهم العهد في ظلم الأشباح ، فمنهم من أبصر فاستبصر ومنهم من أنكر فاستكبر ، فلا أبالي إن نسب الجبرية الظلم إليّ وأنا العدل الحكيم ، ولا أبالي يوم القيامة فريقا في الجنة بإيمانهم وفريقا في السعير بكفرهم وطغيانهم ، وإليه الإشارة بقوله : (أَصْحابُ الْيَمِينِ وَأَصْحابُ الشِّمالِ) (٢).

ثم خلط الماءين فما يفعله شيعتنا من الفواحش والإثم فهو من طينة النواصب ومزاجهم وهو لهم وعليهم وإليهم ، وما يفعله النواصب من البر والإحسان فهو من طينة المؤمن ومن مزاجه فهو لهم وإليهم لأنه ليس من شأن المنافق بر ، ولا من شأن المؤمن ظلم ولا كفر ، فإذا عرضت الأعمال على الله قال الحكيم العدل سبحانه ألحقوا صالحات المنافق بالمؤمن لأنّها من سجيته فهي له لأنها وفت بالعهد المأخوذ عليها ، وألحقوا سيئات المؤمن بالمنافق لأنها من طينته وإليه لأنها وفت بالعصيان والإنكار.

ثم قال الصادق عليه‌السلام : وإن ذلك حكم إله السماء والأنبياء ، وأما حكم إله السماء فذلك عقلا وشرعا وأصلا وفرعا ومزاجا وطبعا ، أما الأصل فلأن طينته من الأصل أقرّت بالولاية فاستقرّت ، أما الفرع فلأنه عمل صالحا في دار التكليف فطاب أصلا وزكا فرعا ، ومن آمن

__________________

(١) السجدة : ١٣.

(٢) الواقعة : ٢٧ و ٤١.

٢٤٣

وعمل صالحا فله الجنة جزاء وعدلا ، وإليه الإشارة بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) (١) يعني يوم العهد المأخوذ (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) يعني في عالم التكليف كانت له جنّات الفردوس نزلا في عالم البعث والجزاء ، لأنهم وصلوا يوم المناداة بيوم الأعمال ، فوصله الله بيوم المجازاة وحسن المآل.

فصل

وأما الطبع فلأن كل شكل يطلب طبعه ويميل إلى جنسه ، وينفر من ضدّه ، وأما حكم الأنبياء فمنه قول يوسف عليه‌السلام : (مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) (٢) فيوم القيامة ينزع الله ما كان في طينة المؤمن من الخبيث المجاور لها بالامتزاج معها من طينة النواصب من السيئات فيرد إلى النواصب لأنها له ومنه وعليه ، ثم ينادي : لا ظلم اليوم وما ربّك بظلّام للعبيد ، وإليه الإشارة والحكمة بقوله : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) (٣) ولأنه كان الله قادرا أن يجعل كل جزء منها طيرا بذاته ، ولكن القدرة والحكمة والعدل اقتضى وصول كل جزء منها إلى جزئه! وفي ذلك رمز دقيق وهو أن كل طبع يميل إلى طبعه ..

اعترض معترض فقال : هلا طاب الخبيث من الطين بمجاورة الطيب أو خبث الطيب بمجاورة الخبيث؟ قلنا : ليس من الطبع ما ليس في الطبع لأنه يوجد في قطعة الياقوت الأحمر الشفاف نقطة ترابية لم تنتقل بالمجاورة وطول الطبخ في المعادن الجوهرية ، بل بقيت على حالها مظلمة فهي مظلمة إلى الأبد. وقد يوجد في الحجر المظلم مثل المغناطيس نقطة تشف ضياء ونورا ، وهي مجاورة للظلمة ولم ينتقل إليها فتصير مظلمة ، فكذا ما في مزاج المؤمن من طينة المنافق وبالعكس ... وإليه الإشارة بقوله : (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) (٤) إنّما حملوا خطايا جوهرهم وسنخهم وما هو منهم

__________________

(١) البقرة : ٨٢.

(٢) يوسف : ٧٩.

(٣) البقرة : ٢٦٠.

(٤) العنكبوت : ١٢.

٢٤٤

وإليهم ؛ إذ كل جزء يلحق بجزئه ساء أم حسن ، (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) وهو هذا.

فصل

وحكم المزاج مذكور في قوله : (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) (١) وهو حب فرعون وهامان إلّا اللمم ، وهو المزاج من الطين (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) لشيعتنا خاصة ، لأن الكافر والمنافق لا نصيب لهما في المغفرة (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (٢) وهو الطين الممزوج (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٣) وهو رجوع كل سنخ إلى سنخه ترجع الأجزاء الخبيثة من الطين السنخ ، والمنكر للولاية بسيّئاته إلى سنخه المخالف وترجع الأجزاء الطيبة من الطينة المؤمنة بأعمالها الحسنة إلى معدنها من الأجساد ، المؤمن الطيب للطيب والخبيث للخبيث ، لأن الطيب في الخبيث مجاورة عارضة ولها اختيار ، فوجب عودها إلى الأصل وكذا الخبيث حكمه أنهم اتخذوا الشياطين الخبيث والطاغوت يعني فلانا وفلانا أولياء من دون الله يعني دون علي ، لأن ولاية علي ولاية الله (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٤) يعني بصلاتهم وصومهم ، لأنها من غيرهم فهي لغيرهم ، لأن ما ليس منهم ليس لهم. هذا آية المزاج لأن القرآن شفاء لما في الصدور وظاهره نور فوق نور.

يؤيّد هذا التفسير العظيم ما رواه السدي عن ابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يا علي إن الله يحبّك ويحبّ من يحبّك ، وإن الملائكة تستغفر لك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك ، وإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين محبّو علي؟ فيقوم قوم من الصالحين؟ فيقال لهم : خذوا بيد من شئتم وادخلوا الجنة ، وإن الرجل الواحد ينجي من النار ألف رجل ، ثم ينادي المنادي : أين البقية من محبّو علي؟ فيقوم قوم مقتصدون ، فيقال لهم : تمنّوا على الله ما شئتم ؛ فيعطى

__________________

(١) الشورى : ٣٧.

(٢) هود : ٦١.

(٣) الأعراف : ٢٩.

(٤) الزخرف : ٣٧.

٢٤٥

كل واحد منهم ما طلب ؛ ثم ينادي : أين البقية من محبّي علي؟ فيقوم قوم قد ظلموا أنفسهم ، فيقال : أين مبغضو علي؟ فيقوم خلق كثير ، فيقال : اجعلوا كل ألف من هؤلاء لواحد من محبّي علي فيجعل أعمال أعدائك لمحبيك فينجون من النار ، وأنت الأجلّ الأكرم ، وأنت العلي العظيم ، محبّك محبّ الله ورسوله ، ومبغضك مبغض الله ورسوله (١).

يتمّم هذا الدليل والتأويل ما رواه جرير عن ابن عمر ، عن أبي هريرة ، عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد سجد خمس سجدات بغير ركوع ، فقلت : يا رسول الله ما هذا؟ فقال : جاءني جبرائيل فقال لي : يا محمد ، الله يحبّ عليا فسجدت ، ثم رفعت رأسي فقال لي : إن الله يحب الطاهرة الزكية فاطمة فسجدت ، ثم رفعت رأسي فقال لي : إن الله يحبّ الحسن فسجدت ، ثم رفعت رأسي فقال لي : إنّ الله يحبّ الحسين فسجدت ، ثم رفعت رأسي فقال لي : إنّ الله يحبّ من أحبّهم فسجدت (٢).

فصل

عارض من لا يعلم ولا يفهم ، جاهل مركب ليس له حظّ من السرّ المبهم ، فقال بجهله المحكم : بيّن لنا عليا هو الاسم الأعظم ، فقلت له : يا قليل الهداية وبعيد الدراية ، ألم تعلم أن الولاية هي المبدأ والغاية ، وهي أوّل فرض يفرضه العلي ، وأوّل خلعة كمال يلبسها النبي ، ثم يلبس بعدها خلعة النبوّة والرسالة ، فكم يقرأ في الدعاء فيقول : إنّي أسألك باسمك الذي خلقت به كل شيء وكتبته على كل شيء (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٨ ح ٧.

(٢) بحار الأنوار : ٣٧ / ٥٩ ح ٢٨ عن المناقب.

(٣) بحار الأنوار : ٨٥ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ح ١ والحديث طويل.

٢٤٦

فصل

[آل محمّد الاسم الأعظم]

ثم أقول له مرشدا إلى الصواب : ألم تعلم أنّا إذا اعتبرنا الأسماء والصفات ، فإنّا لا نجد أعظم من ثلاثة أسماء : اسم الذات ، واسم الصفات ، واسم هو سرّ الذات وروح الصفات ، وهي الكلمة الجارية في سائر الموجودات ، فهي سرّ الذات وسرّ الصفات وبها تنفعل الكائنات ، فاسم الله ا ل ه ا ل ه وهو اسم المقدس وهو علم على ذات الأحد الحق ، واسم الصفات للأحد الواحد وهو محمد ، والاسم الذي هو روح الصفات وسرّ الذات ع ل ي ، وهو نور النور ، وكل واحد من هذه الثلاثة اسم أعظم ، فاسم الجلالة هو الاسم المقدّس والمكرّم ، واسم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله هو ظاهر الاسم الأعظم ، لأن الواحد صورة الوجود ، ومنبع الموجود ، وظاهر المعدود.

واسم ع ل ي ظاهر الباطن وباطن الظاهر ، فهو الاسم الأعظم بالحقيقة ، لأنه جامع سرّ الربوبية ، وسرّ النبوّة ، وسرّ الولاية ، وسرّ الحكم والسلطنة ، وسرّ الجبروت والعظمة ، وسرّ التصرّف الإلهي. وإليه الإشارة بقوله : (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) ، وهو علي عليه‌السلام ؛ وبيان ذلك أنك إذا قلت : ا ل م تضمن بكل حرف منها محمد وعلي عليهما‌السلام ، وإذا قلت الله فإنّه علم على ذات المعبود واجب الوجود ، وإذا قلت : يا الله ، فالياء ناديت ، والاسم ناجيت ، والمعنى عنيت ، فهو اسم الذات المقدّسة ، أو إذا أشبعت ضمة الهاء منه برزت الذات وفي طي حروفه اسم علي ، فهو يشير بالمعنى إلى ذات الربّ المعبود ، وبالحروف إلى الكلمة التي قام بها الوجود ، إذا قلت : لا إله إلّا هو ، وهي حروف التنزيه والنفي والإثبات وهي عشرة.

__________________

(١) الروم : ٢٧.

٢٤٧

وإليها الإشارة بقوله : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) (١) ومعناها أنه لا إله في الوجود الواجب حي موجود لذاته قادر عالم مستحق للعبادة إلّا الله ، ثم إن أعداد حروفها يتضمّن اسم علي ظاهرا وباطنا ، ومعناه : الله لا إله إلّا الله ، علي سرّه الخفي ، وأمينه الولي ، ونوره المشهور في السّموات والأرض. (٢)

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) وعلى هذا يحمل حديث النبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بعث علي مع كل نبي سرا وبعث معي جهرا» (شرح دعاء الجوشن : ١٠٤ ، وجامع الأسرار : ٣٨٢ ـ ٤٠١ ح ٧٦٣ ـ ٨٠٤ ، والمراقبات : ٢٥٩) ..

* مبلغ أسرار علي وآله عليهم‌السلام

وروي بلفظ : «يا علي إن الله تعالى قال لي : يا محمد بعثت عليا مع الأنبياء باطنا ومعك ظاهرا» ، ثم قال صاحب كتاب القدسيات : وصرح بهذا المعنى في قوله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي ؛ ليعلموا ان باب النبوة قد ختم وباب الولاية قد فتح (الأنوار النعمانية : ١ / ٣٠). أقول : يوجه كلام صاحب كتاب القدسيات : أن باب الولاية كان موجودا مع كل نبي سرا ، إلّا أنه لم يفتح ظاهرا ، فكان الأنبياء جميعا يستفيدون من هذا السرّ الولائي إلى أن وصل إلى النبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله فظهر هذا السرّ إلى العلن.

* ويؤيد ذلك :

ـ ما روي عن أبي محمد العسكري عليه‌السلام قال : «فنحن السنام الأعظم وفينا النبوة والولاية والكرم ، ونحن منار الهدى والعروة الوثقى ، والأنبياء كانوا يقتبسون من أنوارنا ويقتفون آثارنا» (بحار الأنوار : ٢٦ / ٢٦٤ باب جوامع مناقبهم ح ٤٩ ، ومشارق أنوار اليقين : ٤٩) ..

فهذا صريح في أن أنوار محمد وآل محمد عليه‌السلام كانت مع كل نبي سرّا ، والكون ليس لمجرده بل ليستفيدوا منه ، ويقتفون آثاره وآثار آل محمد التي لا يعرف تفسيرها إلّا هم ، وإلّا كيف يكون للنور السرّي مع كل نبي أثرا يقتفى ويهتدى به؟!

ـ وما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لمن سأله عن فضله على الأنبياء الذين أعطوا من الفضل الواسع والعناية الإلهية قال : «والله قد كنت مع إبراهيم في النار ؛ وأنا الذي جعلتها بردا وسلاما ، وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق ، وكنت مع موسى فعلّمته التوراة ، وأنطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل ، وكنت مع يوسف في الجبّ فأنجيته من كيد أخوته ، وكنت مع سليمان على البساط وسخرت له الرياح» (الأنوار النعمانية : ١ / ٣١).

وروى ابن الجوزي والقاضي عياض قول العباس يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وردت نار الخليل مكتتما

تجول فيها ولست تحترق

(الوفا بأحوال المصطفى : ٢٨ الباب الثاني ـ ح ٩ ، وينابيع المودة : ١٣ ـ ١٤).

يا برد نار الخليل يا سببا

لعصمة النار وهي تحترق

٢٤٨

__________________

(الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ١٦٧ ـ ١٦٨ الباب الثالث).

ـ وقال القسطلاني في المواهب :

سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسد

هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد

روح الوجود حياة من هو واجد

لو لاه ما تمّ الوجود لمن وجد

عيسى وآدم والصدور جميعهم

هم أعين هو نورها لما ورد

لو أبصر الشيطان طلعة نوره

في وجه آدم كان أول من سجد

أو لو رأى النمرود نور جماله

عبد الجليل مع الخليل ولا عند

لكن جمال الله جل فلا يرى

إلّا بتخصيص من الله الصمد

(المواهب اللدنية بالمنح المحمدية : ١ / ٤٤).

ـ وقال الشيخ محمد حسين الأصفهاني :

طأطأ كل الأنبياء لطاها

ذلك عزّ عزّ أن يضاهى

تقبلت تربة آدم الصفي

بيمنه أكرم به من خلف

وسجدة الأملاك لا لغرته

بل نور ياسين بدا في غرته

به نجّي نوح من الطوفان

بمرسلات اللطف والإحسان

(الأنوار القدسية : ٢٠).

ـ وقال الصفوري : لما ألقي ابراهيم في النار كان نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في جنبه ، وعند الذبح كان النور قد انتقل إلى إسماعيل. (نزهة المجالس : ٢ / ٢٤٥).

ـ ما روي أن الإمام الصادق عليه‌السلام هو الذي أبطل سحر موسى عليه‌السلام (الاختصاص : ٢٤٧.).

ـ ما عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام :

«قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية ، ونورنا سبع طبقات أعلام الورى بالهداية ، فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى وطعناء العدى ، فينا السيف والقلم في العاجل ، ولواء الحمد والعلم في الآجل ... فالكليم لبس حلّة الاصطفاء لما شاهدنا منه الوفاء ، وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة ... وهذا الكتاب ذرة من جبل الرحمة وقطرة من بحر الحكمة» (المراقبات : ٢٤٥).

ـ ما روي في معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «الله المعطي وأنا القاسم» : جميع ما يخرج من الخزائن الإلهية دنيا وأخرى إنما يخرج على يديه (شرح الشمائل : ٢ / ٢٤٦).

ـ وحديث أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أنا آدم الأول أنا نوح الأول» (الإنسان الكامل : ١٦٨).

ـ وقال الشعراوي قلت : «وبذلك قال سيدي على الخواص سمعته يقول : إن نوحا عليه‌السلام أبقى من السفينة لوحا على اسم علي بن أبي طالب رفع عليه إلى السماء فلم يزل محفوظا من الغرق حتى رفع عليه» (الفتوحات الأحمدية لسليمان الجمل : ٩٣).

٢٤٩

فصل

وإذا قلت هو ، فهو اسم يشير إلى الهوية التي لا شيء قبلها ولا شيء بعدها ، وعلى الألوهية الحقيقية ، لأنه حرف واحد يدل على ذات واحدة لها الجلال والإكرام ، والبقاء والدوام ، والملك المؤبّد ، والسلطان السرمد ، والعزّ المنيع ، والمجد الرفيع ، ثم إن أعداد هذين الحرفين ، هي ، وفيها اسم علي تأويلا ، وذلك لأن الولي نوره متصل بالجبروت ، لأنه وجه الحي الذي لا يموت ، والولي ليس بينه وبين الله حجاب ، وهو السرّ والحجاب ، فتعين أن في هذه الثلاثة الاسم الأعظم الذي هو سرّ السرّ لمن وعى ودعا ، وهو غيب لا يدركه إلّا الأولياء ، لأنه ظاهر التقديس ، وباطن التنزيه ، وسرّ التوحيد ، وكلمة الرب المجيد ، كلا بل هو إله الآلهة الرفيع جلاله ، سرّه الخفي والجلي ، ونوره الوحي ، ووجهه المضي ، وضياؤه البهي ، وبهاؤه النبي.

دليله : ما ورد في كتب الشيعة على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أن إبليس مرّ به يوما فقال له أمير المؤمنين : يا أبا الحارث ما ادخرت لمعادك؟ فقال حبّك (١).

فإذا كان يوم القيامة أخرجت ما ادّخرت من أسمائك التي يعجز عن وصفها واصف ، ولك اسم مخفي عن الناس ظاهره عندي ، قد رمزه الله في كتابه لا يعلمه إلّا الله والراسخون في العلم ، فإذا أحب الله عبدا كشف الله عن بصيرته وعلمه إيّاه ، فكان ذلك العبد بذلك السرّ غير الأمة حقيقة ، وذلك الاسم هو الذي قامت به السّموات والأرض ، المتصرّف في الأشياء كيف يشاء.

__________________

ـ وقال رسول البشرية صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا محمد النبي الأمي لا نبي بعدي ، أوتيت جوامع الكلم وخواتمه ، وعلّمت خزنة النار وحملة العرش» (الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ١٧٠ الباب الثالث ـ الفصل الأول).

(١) بحار الأنوار : ٢٧ / ٨٠.

٢٥٠

وتصديق ذلك من طريق الاعتقاد ، أن الله سبحانه يقول : عبادي من كانت له إليكم حاجة فسألكم بمن تحبّون أجبتم دعاه؟. ألا فاعلموا أن أحب عبادي إليّ ، وأكرمهم لدي ، محمد وعلي حبيبي ووليّي ، فمن كانت له إليّ حاجة فليتوسل إليّ بهما ، فإني لا أرد سؤال سائل سألني بهما ، فإني لا أرد دعاءه ، وكيف أرد دعاء من سألني بحبيبي وصفوتي ، ووليّي وحجّتي ، وروحي وكلمتي ، ونوري وآيتي ، وبابي ورحمتي ، ووجهي ونعمتي ، لا وإني خلقتهم من نور عظمتي ، وجعلتهم أهل كرامتي وولايتي ، فمن سألني بهم عارفا بحقّهم ومقامهم ، وجبت له منّي الإجابة ؛ وكان ذلك حق علي (١).

والاسم الأعظم هو ما يجاب به الدعاء ؛ فهم الاسم الأعظم والصراط الأقوم ، وإليه الإشارة بقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (٢) ، سبّح ربك العظيم ، والأعلى اسم الذات ، والعظيم جامع للذات والصفات.

دليله ما ورد عنه حين رد الشمس ، فقيل له : بما رجعت الشمس لك يا أمير المؤمنين؟

فقال عليه‌السلام : سألت الله باسمه الأعظم فردّها إليّ (٣).

وروي أنه قال في دعائه عند الرجوع : باسمك العزيز ، باسمك العظيم ، والعزيز محمد ، والعظيم علي (٤) ، فمعنى قوله : سبّح اسم ربك العظيم ، معناه سبّح اسم ربك العظيم الأعلى باسمه العظيم الأعلى ، لأن تقديس الصفات توحيد الذات ، ومحمد وعلي في العظمة أعلى من كل موجود ، لأنّهما على الوجود ، وحقيقة الموجود ، وأقرب إلى الذات من سائر الصفات.

وإليه الإشارة بقوله : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) (٥) ، وليس ذلك قرب المكان ، لأن الرحمن جل عن المكان ، بل ذلك قرب الصفات من الذات ، وذاك قرب الواحد من الأحد ، لأنه الكلمة العليا التي لم تسبقها كلمة في الأزل ، ولم تزل ، والنور الذي شعشع عنه الوجود ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ١١٤٢ و ٧ / ١٠٢.

(٢) الأعلى : ١.

(٣) بصائر الدرجات : ٢١٧ ح ١ ـ ٤ باب ان عنده الاسم الأعظم.

(٤) الصحيفة الصادقية : ٢٣٢.

(٥) النجم : ٩.

٢٥١

وانتشر من كماله كل موجود ، والاسم المقدم على سائر الصفات ، لأن الأحدية تعرف بالوحدانية ، فهو الاسم العلي العظيم .. وإليه الإشارة في التخصيص بقوله : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (١) ، والمراد بالعبد هنا القرب ، لأنه في المقام الخاص ، فسمّاه بالاسم الخاص وكان الوحي إليه في ذلك المكان ، أن عليا أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجلين.

فصل

[أسرار الفاتحة]

وبيان الفصل ، اعلم أن أسرار الكتب الإلهية ، وسرّ الولاية ، والهداية ، والرسالة ، والاسم الأكبر ، وسر الغيب ، في فاتحة الكتاب ؛ وسرّ الفاتحة في مفتاحها ، وهي بسم الله الرحمن الرحيم ، وفيها إشارات ثلاث :

الأولى : قوله سبحانه : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) (٢) ، والمراد من الذكر والوحدة قوله بسم الله الرحمن الرحيم ، لأنها ذكر الله وحده.

الثانية : أن عدد حروفها ١٩ ، وعدد اسم وا ح د ١٩ فهي ، محتوية من الوحدة والتوحيد والوحدانية ، والواحد صفة الأحد ، والواحد هو النور الأول ، وهذا ذكر الذات بظاهر اسمها الأعظم.

الثالثة : قوله : بسم الله ، وهو إشارة إلى باطن السين ، وسرّ السين الذي بين الباء والميم ، الذي قال فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أنا باطن السين ، وأنا سر السين» وهو الاسم المخزون ، وهو باطن الاسم الأعظم ، فإذا فتح الباب لأولي الألباب ، فاستخرجوا من أسرار الكتاب اسما جامعا للذات والصفات ، وسرّ الذات والصفات ، فذلك هو الاسم الأعظم الذي تجاب [به] الدعوات ، وتنفعل به الكائنات.

__________________

(١) النجم : ١٠.

(٢) الاسراء : ٢٦.

٢٥٢

فصل

ب س م ا ل ل ه ، أما سر الباء فإنّها للنبوّة ، والنقطة الولاية ، ٢ إن السين عدده ١٠ ، أو هي اسم علي ، والميم وعددها ٩٢ وهي اسم محمد قاسم الله الذي به بدأ فساواهما ، الألف المعطوف لا الكلمة التامّة التي ظهر بها الوجود ، وفاض سرّها كل موجود ، لأن عن الواحد انبسط كل معدود.

فصل

[بعلي عليه‌السلام تكوّنت الكائنات]

والدليل على صحّة هذه المباحث والتأويل ، ما رواه عمّار عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في كتاب الواحدة ، أنه قال : «يا عمّار باسمي تكوّنت الكائنات والأشياء ، وباسمي دعا سائر الأنبياء ، وأنا اللوح ، وأنا القلم ، وأنا العرش ، وأنا الكرسي ، وأنا السّموات السبع ، وأنا الأسماء الحسنى ، والكلمات العليا (١) ، وأين كان اسم علي كان اسم محمد من غير عكس ، لدخول الولاية تحت النبوّة ، كدخول الإنسان تحت الحيوان ، فأين كان الإنسان كان الحيوان من غير عكس .. وإليه الإشارة بقوله في صدر القرآن الشريف العظيم وأوّل الذكر الحكيم (ا ل م) ، قال : حرف من حروف الاسم الأعظم (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) ، قال : الكتاب : علي لا شك فيه (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ، قال : التقوى ما يحرز من النار ، وما يحرز من النار إلّا حبّ علي ، فحب علي هو التقوى بالحقيقة ، وكل تقوى غيره فهو مجاز ، لأنها لا تحرز من النار.

قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (٢) ، قال : الغيب يوم الرجعة ، ويوم القيامة ، ويوم القائم ، وهي أيام آل محمد.

وإليها الإشارة بقوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) (٣) ، فالرجعة لهم ، ويوم القيامة لهم ، ويوم القائم

__________________

(١) جامع الأسرار : ٢٠٥ ح ٣٩٤.

(٢) الآيات من أوّل سورة البقرة.

(٣) إبراهيم : ٥.

٢٥٣

لهم ، وحكمه إليهم ، ومعول المؤمنين فيه عليهم.

وقوله الذين : (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) ، قال : الصلاة بالحقيقة حب علي ، إن الصلاة هي الصلة بالله ، ولا صلة للعبد بعفو الرب ورحمته وجواره إلّا بحب علي ، فمن أقام حب علي فقد أقام الصلاة ، وكل صلاة غيرها من المكتوبة المشروعة إذا لم يكن معها الولاية فهي مجاز ، لا بل ضلال ووبال ، لأنه قد عبد الله بغير ما أمر ، فهو ضال في سلوكه ، عاص في طاعته ، معاقب في عبادته.

قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، قال : الإنفاق الواجب الذي تحيى فيه النفوس ، وتنجو به الأرواح والأجساد من العذاب الأليم ، وهو معرفة آل محمد ، وكل إنفاق غير هذا فهو مجاز ، وإن كان واجب الانفاق ، وما أفعل بإنفاق يقوى به النفاق؟

قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ، يعني في حق علي ، لأنهم إن لم يؤمنوا بما أنزل في حق علي فليس إيمانهم بغيره إيمانا ، وإن قيل إيمان فهو مجاز لا ينفع .. وإليه الإشارة بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) (١) ؛ فذكر أنهم آمنوا وسمّاهم مؤمنين ، ثم قال لهم : آمنوا ، وهذا تنافس ، وليس بتناقض ، ولكن معناه : يا أيها الذين آمنوا بمحمد آمنوا بعلي حتى يتم إيمانكم.

قوله : (أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) ، يعني في حق علي.

قوله : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٢) ، يعني يصدقون أن حكم الآخرة لعلي ، كما أن حكم الدنيا مسلم إليه ، (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) ، قال بهذا الدين.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قال : بهذه المعرفة.

__________________

(١) النساء : ١٣٦.

(٢) الآيات من أوّل سورة البقرة.

٢٥٤

فصل

[معرفة الإمام بالنورانية]

ومن هذا الباب ما رواه سلمان ، وأبوذر ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : من كان ظاهره في ولايتي أكثر من باطنه خفّت موازينه ؛ يا سلمان لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يعرفني بالنورانية ، وإذا عرفني بذلك فهو مؤمن ، امتحن الله قلبه للإيمان ، وشرح صدره للإسلام ، وصار عارفا بدينه مستبصرا ، ومن قصر عن ذاك فهو شاك مرتاب ، يا سلمان ويا جندب ، إن معرفتي بالنورانية معرفة الله ، ومعرفة الله معرفتي ، وهو الدين الخالص ، بقول الله سبحانه : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١) وهو الإخلاص ، وقوله : (حُنَفاءَ) وهو الإقرار بنبوّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الدين الحنيف ، وقوله : (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وهي ولايتي ، فمن والاني فقد أقام الصلاة ، وهو صعب مستصعب.

(وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) ، وهو الإقرار بالأئمة ، (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) أي وذلك دين الله القيم.

شهد القرآن أن الدين القيم الإخلاص بالتوحيد ، والإقرار بالنبوّة والولاية ، فمن جاء بهذا فقد أتى بالدين.

يا سلمان ويا جندب ، المؤمن الممتحن الذي لم يرد عليه شيء من أمرنا ، إلّا شرح الله صدره لقبوله ، ولم يشك ولم يرتب ، ومن قال لم وكيف فقد كفر ، فسلموا لله أمره ، فنحن أمر الله ، يا سلمان ويا جندب ، إنّ الله جعلني أمينه على خلقه ، وخليفته في أرضه وبلاده وعباده ، وأعطاني ما لم يصفه الواصفون ، ولا يعرفه العارفون ، فإذا عرفتموني هكذا فأنتم مؤمنون ، يا سلمان قال الله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) فالصبر محمد ، والصلاة ولايتي ، ولذلك قال : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) ، ولم يقل وإنهما ، ثم قال : (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (٢) ، فاستثنى

__________________

(١) البينة : ٥ ، وكان في المطبوع : وما أمروا إلّا بالتوحيد.

(٢) البقرة : ٤٥.

٢٥٥

أهل ولايتي الذين استبصروا بنور هدايتي ، يا سلمان ، نحن سرّ الله الذي لا يخفى ، ونوره الذي لا يطفى ، ونعمته التي لا تجزى ، أوّلنا محمد ، وأو سطنا محمد ، وآخرنا محمد ، فمن عرفنا فقد استكمل الدين القيم.

يا سلمان ويا جندب ، كنت ومحمدا نورا نسبّح قبل المسبّحات ، ونشرق قبل المخلوقات ، فقسم الله ذلك النور نصفين : نبي مصطفى ، ووصي مرتضى ، فقال الله عزوجل لذلك النصف : كن محمدا ، وللآخر كن عليا ، ولذلك قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا من علي ، وعلي منّي ، ولا يؤدي عنّي إلّا أنا أو علي (١) وإليه الإشارة بقوله : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٢) ، وهو إشارة إلى اتحادهما في عالم الأرواح والأنوار ، ومثله قوله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) (٣) ، والمراد هنا مات أو قتل الوصي ، لأنّهما شيء واحد ، ومعنى واحد ، ونور واحد ، اتّحدا بالمعنى والصفة ، وافترقا بالجسد والتسمية ، فهما شيء واحد في عالم الأرواح «أنت روحي التي بين جنبيّ» (٤) ، وكذا في عالم الأجساد : «أنت منّي وأنا منك ترثني وأرثك» (٥) ، «أنت منّي بمنزلة الروح من الجسد».

وإليه الإشارة بقوله : (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٦) ، ومعناه صلّوا على محمد ، وسلّموا لعلي أمره ، فجمعهما في جسد واحد جوهري ، وفرّق بينهما بالتسمية والصفات في الأمر ، فقال : (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، فقال : صلّوا على النبي ، وسلّموا على الوصي ، ولا تنفعكم صلواتكم على النبي بالرسالة إلّا بتسليمكم على علي بالولاية.

يا سلمان ويا جندب ، وكان محمد الناطق ، وأنا الصامت ، ولابد في كل زمان من صامت وناطق ، فمحمد صاحب الجمع ، وأنا صاحب الحشر ، ومحمد المنذر ، وأنا الهادي ، ومحمد صاحب الجنة ، وأنا صاحب الرجعة ، محمد صاحب الحوض ، وأنا صاحب اللواء ، محمد صاحب المفاتيح ، وأنا صاحب الجنة والنار ، ومحمد صاحب الوحي ، وأنا صاحب الإلهام ، محمد

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٩٨ ط م و : ١٥٩ ح ٧٧٢ ط. ب وصحيح الترمذي : ٥ / ٦٣٢ ح ٣٧١٢.

(٢) آل عمران : ٦١.

(٣) آل عمران : ١٤٤.

(٤) تقدّم الحديث.

(٥) تقدّم الحديث.

(٦) الأحزاب : ٥٦.

٢٥٦

صاحب الدلالات ، وأنا صاحب المعجزات ، محمد خاتم النبيين ، وأنا خاتم الوصيين ، محمد صاحب الدعوة ، وأنا صاحب السيف والسطوة ، محمد النبي الكريم ، وأنا الصراط المستقيم ، محمد الرؤوف الرحيم ، وأنا العلي العظيم.

يا سلمان ، قال الله سبحانه : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (١) ، ولا يعطي هذا الروح إلّا من فوّض إليه الأمر والقدر ، وأنا أحيي الموتى ، واعلم ما في السّموات والأرض ، وأنا الكتاب المبين ، يا سلمان ، محمد مقيم الحجّة ، وأنا حجّة الحق على الخلق ، وبذلك الروح عرج به إلى السماء ، أنا حملت نوحا في السفينة ، أنا صاحب يونس في بطن الحوت ، وأنا الذي حاورت موسى في البحر ، وأهلكت القرون الأولى ، أعطيت علم الأنبياء والأوصياء ، وفصل الخطاب ، وبي تمّت نبوّة محمد ، أنا أجريت الأنهار والبحار ، وفجّرت الأرض عيونا ، أنا كاب الدنيا لوجهها ، أنا عذاب يوم الظلة ، أنا الخضر معلّم موسى ، أنا معلم داود وسليمان ، أنا ذو القرنين ، أنا الذي دفعت سمكها بإذن الله عزوجل ، أنا دحوت أرضها ، أنا عذاب يوم الظلة ، أنا المنادي من مكان بعيد ، أنا دابة الأرض ، أنا كما يقول لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت يا علي ذو قرنيها ، وكلا طرفيها ، ولك الآخرة والأولى ، يا سلمان إن ميّتنا إذا مات لم يمت ، ومقتولنا لم يقتل ، وغائبنا إذا غاب لم يغب ، ولا نلد ولا نولد في البطون ، ولا يقاس بنا أحد من الناس ، أنا تكلّمت على لسان عيسى في المهد ، أنا نوح ، أنا إبراهيم ، أنا صاحب الناقة ، أنا صاحب الراجفة ، أنا صاحب الزلزلة. أنا اللوح المحفوظ ، إليّ انتهى علم ما فيه ، أنا أنقلب في الصور كيف شاء الله ، من رآهم فقد رآني ، ومن رآني فقد رآهم ، ونحن في الحقيقة نور الله الذي لا يزول ولا يتغيّر.

يا سلمان ، بنا شرف كل مبعوث ، فلا تدعونا أربابا ، وقولوا فينا ما شئتم ، ففينا هلك وبنا نجي. يا سلمان ، من آمن بما قلت وشرحت فهو مؤمن ، امتحن الله قلبه للإيمان ، ورضي عنه ، ومن شك وارتاب فهو ناصب ، وإن ادعى ولايتي فهو كاذب.

يا سلمان أنا والهداة من أهل بيتي سرّ الله المكنون ، وأولياؤه المقرّبون ، كلّنا واحد ، وسرّنا واحد ، فلا تفرّقوا فينا فتهلكوا ، فإنّا نظهر في كل زمان بما شاء الرحمن ، فالويل كل الويل لمن

__________________

(١) غافر : ١٥.

٢٥٧

أنكر ما قلت ، ولا ينكره إلّا أهل الغباوة ، ومن ختم على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة ، يا سلمان ، أنا أبو كل مؤمن ومؤمنة ، يا سلمان ، أنا الطامة الكبرى ، أنا الآزفة إذا أزفت ، أنا الحاقة ، أنا القارعة ، أنا الغاشية ، أنا الصاخة ، أنا المحنة النازلة ، ونحن الآيات والدلالات والحجب ووجه الله ، أنا كتب اسمي على العرش فاستقر ، وعلى السّموات فقامت ، وعلى الأرض ففرشت ، وعلى الريح فذرت ، وعلى البرق فلمع ، وعلى الوادي فهمع ، وعلى النور فقطع ، وعلى السحاب فدمع ، وعلى الرعد فخشع ، وعلى الليل فدجى وأظلم ، وعلى النهار فأنار وتبسّم (١).

فصل

[في أسرار علي عليه‌السلام أيضا]

ومن ذلك ما ورد عنه في كتاب الواحدة ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : الحمد لله مدهر الدهور ، ومالك مواضي الأمور ، الذي كنّا بكينونيته ، قبل خلق التمكين في التكوين أوليين أزليين لا موجودين ، منه بدأنا وإليه نعود ، ألا إن الدهر فينا قسمت حدوده ، ولنا أخذت عهوده ، وإلينا ترد شهوده ، فإذا استدارت ألوف الأطوار ، وتطاول الليل والنهار ، فلا لعلامة العلامة دون العامة والسامة ، الاسم الأضخم ، العالم غير المعلم ، أنا الجنب ، والجانب محمد ، العرش عرش الله على الخلائق ، أنا باب المقام ، وحجّة الخصام ، ودابة الأرض ، وصاحب العصر (٢) ، وفصل القضاء ، وسفينة النجاة ، لم تقم الدعائم بتخوم الأقطار ، ولا أعمدة فساطيط السجاف إلّا على كواهل أمورنا ، أنا بحر العلم ، ونحن حجّة الحجاب ، فإذا استدار الفلك ، وقيل مات أو هلك ، ألا إن طرفي حبل المتين ، إلى قرار الماء المعين ، إلى بسيط التمكين ، إلى وراء بيضاء الصين ، إلى مصارع قبور الطالقانيين ، إلى نجوم ياسين ، وأصحاب السين من العليين العالمين ، وكتم أسرار طواسين ، إلى البيداء الغبراء ، إلى حد هذا الثرى ، أنا ديّان الدين ، لأركبنّ السحاب ، ولأضربنّ الرقاب ، ولأهد منّ إرما حجرا حجرا ، ولأجلس على حجر لي بدمشق ، ولأسومنّ العرب سوم المنايا ، فقيل متى هذا؟ فقال : إذا مت وصرت إلى التراب (٣) ،

__________________

(١) باختصار في عيون الحكم والمواعظ : ١٦٧.

(٢) في البحار العصا.

(٣) وهو يشير إلى حديث الرجعة.

٢٥٨

وسوّي عليّ اللبن وضربت عليّ القباب (١).

فصل

[كنه علي عليه‌السلام]

ومن خطبة له عليه‌السلام ، بعد انصرافه من قتل الخوارج ، فقال فيها بعد حمد الله والصلوات على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أوّل المسلمين ، أنا أوّل المؤمنين ، أنا أوّل المصلّين ، أنا أوّل الصائمين ، أنا أوّل المجاهدين ، أنا حبل الله المتين ، أنا سيف رسول ربّ العالمين ، أنا الصدّيق الأكبر ، أنا الفاروق الأعظم ، أنا باب مدينة العلم ، أنا رأس الحلم ، أنا راية الهدى ، أنا مفتي العدل ، أنا سراج الدين ، أنا أمير المؤمنين ، أنا إمام المتّقين ، أنا سيّد الوصيّين ، أنا يعسوب الدين ، أنا شهاب الله الثاقب ، أنا عذاب الله الواصب ، أنا البحر الذي لا ينزف ، أنا الشرف الذي لا يوصف ، أنا قاتل المشركين ، أنا مبيد الكافرين ، أنا غوث المؤمنين ، أنا قائد الغرّ المحجلين ، أنا أضراس جهنّم القاطعة ، أنا رحاها الدائرة ، أنا ساق أهلها إليها ، أنا ملقي حطبها عليها.

أنا اسمي في الصحف عاليا ، وفي التوراة بريا ، وعند العرب عليا ، وإن لي أسماء في القرآن عرفها من عرفها.

أنا الصادق الذي أمركم الله باتباعه فقال : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٢) ، أنا صالح المؤمنين ، أنا المؤذن في الدنيا والآخرة ، أنا المتصدّق راكعا ، أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى ، أنا الممدوح ب (هَلْ أَتى) ، أنا وجه الله ، أنا جنب الله ، أنا علم الله ، أنا عندي علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، لا يدّعي ذلك أحد ولا يدفعني عنه أحد ، جعل الله قلبي مضيئا ، وعملي رضيا ، لقنني ربي الحكمة وغذاني بها ، لم أشرك بالله منذ خلقت ، ولم أجزع منذ حملت ، قتلت صناديد العرب وفرسانها ، وأفنيت ليوثها وشجعانها ، أيّها الناس ، سلوني عن علم مخزون وحكمة مجموعة (٣).

__________________

(١) البحار : ٤١ / ٥ ح ٥ بتفاوت. وقريب منه في : ٤٠ / ٥٥ ح ٩٠ ضمن حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) الدهر : ١.

(٣) نفحات الأزهار للميلاني : ١٠ / ٢١٣.

٢٥٩

فصل

[خطبة الافتخار]

ومن ذلك ما ورد عنه في خطبة الافتخار ، رواها الأصبغ بن نباتة قال : خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال في خطبته : أنا أخو رسول الله ووارث علمه ، ومعدن حكمه ، وصاحب سرّه ، وما أنزل الله حرفا في كتاب من كتبه إلّا وقد صار إليّ ، وزاد لي علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، أعطيت علم الأنساب والأسباب ، وأعطيت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب ، ومددت بعلم القدر ، وإن ذلك يجري في الأوصياء من بعدي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين.

أعطيت الصراط والميزان واللواء والكوثر ، أنا المقدّم على بني آدم يوم القيامة ، أنا المحاسب للخلق ، أنا منزلهم منازلهم ، أنا عذاب أهل النار ، ألا كل ذلك فضل من الله عليّ ، ومن أنكر أن لي في الأرض كرة بعد كرة وعودا بعد رجعة ، حديثا كما كنت قديما ، فقد ردّ علينا ، ومن ردّ علينا فقد رد على الله.

أنا صاحب الدعوات ، أنا صاحب الصلوات ، أنا صاحب النقمات ، أنا صاحب الدلالات ، أنا صاحب الآيات العجيبات ، أنا عالم أسرار البريات ، أنا قرن من حديد ، أنا أبدا جديد ، أنا منزل الملائكة منازلها ، أنا آخذ العهد على الأرواح في الأزل ، أنا المنادي لهم ألست بربّكم بأمر قيوم لم يزل.

أنا كلمة الله الناطقة في خلقه ، أنا آخذ العهد على جميع الخلائق في الصلوات ، أنا غوث الأرامل واليتامى ، أنا باب مدينة العلم ، أنا كهف الحلم ، أنا دعامة الله القائمة ، أنا صاحب لواء الحمد ، أنا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أخبرتكم لكفرتم ، أنا قاتل الجبابرة ، أنا الذخيرة في الدنيا والآخرة ، أنا سيّد المؤمنين ، أنا علم المهتدين ، أنا صاحب اليمين ، أنا اليقين ، أنا إمام المتّقين ، أنا السابق إلى الدين ، أنا حبل الله المتين ، أنا الذي أملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا

٢٦٠