تفسير من وحي القرآن - ج ١٨

السيد محمد حسين فضل الله

تفسير من وحي القرآن - ج ١٨

المؤلف:

السيد محمد حسين فضل الله


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الملاك
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٠

بعده تشديد في النهي عن التفكير ، فضلا عن الإتيان بمثل هذه الأفعال. وفي ذلك كله ، ولا ريب نوع من التمييز والتخصيص والتجليل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد جاءت هذه الفقرة من الآية ردّا على ما كان يتحدث به بعض الصحابة ، وهو ما رواه السدّي قال : بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا؟ لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده ، فنزلت الآية (١).

* * *

حرمة زواج نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده

وقد يثير البعض سؤالا حول هذا الموضوع :

لما ذا يمنع النبي المسلمين من الزواج بنسائه من بعده ، بينما يجوز له الزواج بنسائهم من بعدهم ، ما دام هذا الحكم عامّا في الزواج في الإسلام؟ هل المسألة تدور في نطاق الشعور الذاتي الرافض لهذه العلاقة ، في ما يغار به الإنسان على نسائه بعد وفاته ، فلا يطيق أن يتزوج بهنّ أحد غيره ، وهل يتناسب ذلك مع خلق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي هو صورة عن خلق الإسلام المرتكز على حدود الشريعة في ما يحل ويحرم ، بعيدا عن النوازع الذاتية ، أو الأعراف الاجتماعية المنحرفة؟

والجواب عن ذلك ، أن القضية قد تتصل بالموقع الخاص الذي تقف فيه زوجات النبيّ ، على الصعيد الإسلامي في علاقتهن بالنبي صاحب الدعوة ، ما قد يترك زواجهن بآخرين ـ بعد وفاته ـ انعكاسات سلبية في ما يمكن أن يستغله هؤلاء من هذه العلاقة في الحصول على بعض الامتيازات الاجتماعية الخاصة

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

٣٤١

التي ليست في مصلحة الإسلام ، وقد يسيئون إلى بعض الأجواء التي تحيط بشخصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خلال بعض الممارسات المعينة التي قد تثيرها العلاقة الزوجية.

وقد يقول قائل : إن حرمانهن من الزواج بعد رسول الله ، يفرض عليهن وضعا سلبيا على مستوى حياتهن الخاصة ، في ما قد يرغبن فيه من الاستمتاعات الجسدية التي تمثل حاجة ذاتية لكل رجل وامرأة ، مما يجعل من هذا الحرمان حالة غير إنسانية.

والجواب عن ذلك ، أن القضية بدأت منذ لحظة التخيير بين الدار الآخرة التي تفرض عليهن التضحية في ما تفرضه قيود الارتباط بالنبي في العلاقة الزوجية بكل مستلزماتها ، وبين الدنيا التي تفتح أمامهن أبواب الحرية في الانعتاق من قيود العلاقة الزوجية النبوية ، لتكون لهن الفرصة الكبيرة في الزواج بأيّ شخص آخر في حياة النبي أو بعد وفاته ، ما دام النبي مستعدا لطلاقهن وتسريحهن بشكل جميل ، فلم تكن المسألة تشريعا مجرّدا من دراسة حالتهنّ الإنسانية ، ومشاعرهنّ الروحية ، بل كانت مسبوقة بالتأكيد على الفرصة الإنسانية التي تتحرك في حياتهن من موقع حرية الاختيار ، بين الاستمرار مع النبي ، أو الانفصال عنه ، مما يجعل المسألة بعيدة عن أجواء المأساة ، وقريبة إلى روح العدالة الإنسانية الرسولية.

(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) مما تتحدثون به في هذه الشؤون المتعلقة بالنبي وبزوجاته ، أو في غيرها من القضايا الخاصة والعامة (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) لأنه المطّلع على الإنسان في كل خفاياه الفكرية والعملية والشعورية ، في ما يحيط به من كل أجهزة الفكر والإحساس ومواقع العمل ، فلا فرق بين الأمور الخفية والأمور الظاهرة في علمه بالإنسان وبالأشياء ، الأمر الذي يفرض عليكم مراقبته في كل ما تفيضون به من أموركم السرّية والعلنية.

٣٤٢

المستثنون من حكم حرمة الاختلاط بنساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

(لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) من العبيد لأن هؤلاء من المحارم الذين لا يمثل الاختلاط بهم أيّة مشكلة في عالم الانحراف ، انطلاقا من المشاعر الطبيعية الصافية التي تفرضها القرابة القريبة التي لا يشعر فيها أيّ طرف بحركة الغريزة في العلاقة ، بشكل طبيعيّ ، فلا سلبية في المسألة في ما يتعلق بطهارة قلوبهن وقلوبهم ، كما أن النساء لا يمثلن سلبية في هذا المجال من ناحية المشاعر الطبيعية غير الشاذّة.

(وَاتَّقِينَ اللهَ) في ما تأخذن به من شؤون العلاقات مع الآخرين في الوقوف عند حدود الله ، والالتزام بأوامره ونواهيه ، فهو الخط المستقيم الذي ينقذ الناس من الضلالة ، ويسير بهم إلى مواقع الهداية.

(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) فلا بد لكل مؤمن ومؤمنة من الانفتاح على رقابته الدائمة الخفية وعلى حضوره في كل موقع ، في ما يفرضه ذلك من الاطلاع على كل شيء ، ليواجه الإنسان الموقف على أساس أن الشاهد هو الحاكم ، كما قال الإمام علي عليه‌السلام في بعض كلماته : «اتقوا معاصي الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم» (١).

* * *

__________________

(١) نهج البلاغة ، قصار الحكم : ٣٢٤ ، ص : ٤٠١.

٣٤٣

الآيات

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)(٥٨)

* * *

الصلاة على النبي أسلوب من أساليب الاحترام والتكريم

قد يكون الاحترام للشخصية النبوية في موقعها الرسالي ، وفي صفاتها القيادية ، عنصرا أساسيا في ارتباط الناس بها ، وذلك في ما يثيره من تفاعل بأفكارها وسلوكها ، وملامحها الأخلاقية ، وأساليبها العملية ، انطلاقا من الانجذاب النفسي الذي يؤدي إلى الانجذاب العملي.

وعلى ضوء ذلك ، جاء القرآن ليثير بعض الأساليب العملية ، في تأكيد احترام الناس للنبي ، بالطريقة التي لا تصنع بينه وبينهم حاجزا نفسيا أو

٣٤٤

خارجيا ، بل تعمل على إبعاد الوضع عن الوصول إلى المستوى الذي يؤدّي إلى الاستهانة بحقه ، وفقدان الاحترام له ، في طريقة التخاطب والتعامل ، وهذا ما لاحظناه في بعض التشريعات المتقدمة.

وفي هذه الآيات نوع من التكريم المستمر للنبي بطريقة الصلاة عليه ، في كل وقت ، في ما لم يكن مألوفا لديهم من حيث أسلوب الاحترام ، كما أن هناك حملة على الذين يسيئون إلى الرسول كما يسيئون إلى الله في كلماتهم وأعمالهم ، وعلى الذين يسيئون إلى المؤمنين والمؤمنات ، باعتبار أن المسألة تمثل إساءة للإسلام كله ، وللإيمان كله.

* * *

الصلاة والسلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) وهي من الله الرحمة وإعلاء الدرجة والرضوان ، في ما يمثله ذلك من عطف وعناية وتكريم وتشريف ، ومن الملائكة التزكية والاستغفار (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) في ما تمثله الصلاة عندكم من الدعاء الدائم له بالرحمة الإلهية ، والرضوان في دار النعيم ، كأسلوب من أساليب التكريم المتحرك في مشاعر النفس التي تتلهف حبّا له في ابتهال الدعاء بين يدي الله ، وفي تمتمات الشفاه في ما تعبّر به من كلمات الصلاة التي تطلّ على أكثر من معنى يتصل بالله ، وينطلق من مواقع الرسالة في الحياة (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) عليه ، في ما يمثله التسليم من إطلاق التحية على النبي في حياته ، في حضوره وغيبته وبعد وفاته ، في حياته عند الله ، لأن الله يريد من المؤمنين أن يعيشوا معه ، ويشعروا بحضوره بينهم في رسالته ، وحضورهم معه في التزامهم بالخط العملي الذي يتحركون فيه ، وقد يكون في حديث الله عن صلاتهم المقرونة بصلاته وصلاة ملائكته على النبي ، بعض

٣٤٥

الإيحاء بأن للمؤمنين الدرجة الكبيرة عند الله في ما يلتزمونه من موقف يمتد من وحي فعله ، في مواقع رضوانه ، وفي ما يثيرونه في أنفسهم من مشاعر الانفتاح على الله في كل ما يفيضون فيه من أقوال وأفعال.

وجاء في تفسير الدر المنثور : أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن كعب بن عجرة قال : قال رجل : يا رسول الله ، أمّا السلام عليك فقد علمناه ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : قل : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد(١).

* * *

جزاء الذين يؤذون الله ورسوله

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) من خلال كلماتهم الحاقدة المؤذية ، وحركاتهم المعادية المنكرة ، في ما يكون فيه تمرّد على مقامهما ، واجتراء على مكانتهما ، وتجاوز للحدود المرسومة لهم ، في ما يجب لهما من حقوق على الناس ، وبذلك لم يكن الإيذاء حالة انفعالية ، ليتساءل البعض عن استحالة إيذاء الله ، لأنه منزّه عن أن يناله الأذى وكل ما فيه وصمة النقص والهوان ، فإن المقصود التكلم بما يمس مقامه العظيم ، أو العمل بما يسيء إليه ، على سبيل المحاكاة لما يصدق على ما لدى الآخرين (لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) وذلك بإبعادهم عن مواقع رحمته ، وعن آفاق مغفرته ورضوانه ، لأنهم أخرجوا أنفسهم منها وابتعدوا عنها ، عند ما انحرفوا عن خط الالتزام بالله ورسوله في

__________________

(١) الدر المنثور ، م : ٦ ، ص : ٦٤٧.

٣٤٦

مواقع محبته ورضاه ، فليس لهم موقع من التكريم والاحترام في الدنيا ، وليس لهم مجال من المغفرة والرحمة في الآخرة.

(وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) مما يضيف إلى الطرد المعنوي ، العقوبة المادية الجسدية الذي تمثل الاستهانة بهم ، وإهانتهم في الآخرة في درجات الجحيم.

* * *

إيذاء المؤمنين والمؤمنات

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) فلم يصدر منهم أيّ عمل يستحقون به الإيذاء من قتل أو جراحة أو سباب أو إيذاء في أهل أو مال أو ولد ، بل كان سلوكهم معهم سلوكا طبيعيا لا يصدر عنه أيّة ردّة فعل في أيّ أمر من أمور الناس (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً) في ما يعينه البهتان من الافتراء والكذب على الغير ، الذي يواجهه به ، فكأن المؤذي يدّعي وجود سبب للإيذاء صادر عن الشخص الآخر من موقع موقفه ، فينسب إليه جرما بغير حق (وَإِثْماً مُبِيناً) لأنه ظلم واضح لا مجال للاعتذار عنه من قريب أو من بعيد.

* * *

٣٤٧

الآيات

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)(٦٢)

* * *

معاني المفردات

(جَلَابِيبِهِنَ) : الجلباب : خمار المرأة الذي يغطي رأسها ووجهها.

(وَالْمُرْجِفُونَ) : الإرجاف : إشاعة الباطل للاغتمام به ، وإلقاء الاضطراب بسببه.

(لَنُغْرِيَنَّكَ) : الإغراء بالفعل : التحريض عليه.

* * *

٣٤٨

آيات تشريع الحجاب

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) والجلباب ، ثوب تشتمل به المرأة فيغطي جميع بدنها ، أو الخمار الذي تغطي به رأسها ووجهها ، والمطلوب هو إسدال الجلباب على البدن وتقريبه منه كناية عن الستر (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) وقد فسره البعض ، بأن ذلك أقرب إلى أن يعرفن بالعفة والصلاح والستر والحجاب ، فيحترمهن أهل الفسق ، فلا يتعرضون لهن كما يتعرضون لغيرهنّ من النساء غير العفيفات. وربّما كان المعنى أن يعرفن أنهن مسلمات حرائر ، ولسن من الإماء ، أو من الكتابيات اللاتي لا يتقيدن بما تتقيد به المسلمات من السلوك المتزن القائم على العفّة والإيمان. وقد يكون المعنى ، أن يكون ذلك زيّا معيّنا يتميزن به عن غيرهن ، للتمييز بينهن وبين غير المسلمات.

* * *

الغاية من هذا التشريع

وقد يخطر بالبال ، أنّ حكمة هذا التشريع ، لم تنطلق من عمق المصلحة الكامنة في علاقة هذا الزيّ بالأخلاق ، بل انطلقت من مراعاة حالة طارئة في مجتمع المدينة الذي كان يخضع لسلوك بعض الشباب العابث الذي لا يحترم النساء ، فيراودهن عن أنفسهن بتخيّل أنهن من العابثات ، باعتبار أن الزيّ واحد لا تختلف فيه إحداهنّ عن الأخرى ، فكان من اللازم أن يفرض للمؤمنات من نساء النبي وبناته ونساء المؤمنين زيّ إسلامي بتميزن به عن الأخريات من الكتابيات والإماء ، ليبتعدن بذلك عن الأذى ، لما يعرفه هؤلاء الشباب من صلابة الإسلام في مواجهة هذا العبث ، بقدر ما يتصل بالمؤمنات ، فيمنعهم

٣٤٩

ذلك عن السلوك السلبي تجاههن ، فيكون هذا الأمر ، كما هو الأمر المرويّ في كلام الإمام عليّ عليه‌السلام عند ما سأله بعض الناس عن قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : غيّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود ، فقال (ع) : إنما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كان ذلك والإسلام قلّ فأمّا الآن ... فامرؤ وما اختار (١) ، مما يوحي بأنه تشريع ظرفيّ يراد به تميّز المسلمين عن اليهود في المجتمع المختلط لبعض المصالح التي تتصل بالملامح الشخصية للمسلمين.

وعلى ضوء ذلك ، فلا تكون الآية من آيات الحجاب الملزم ، بلحاظ أن الأمر يدلّ على الوجوب ، فإن الفقرة الثانية قد تصلح دليلا على عدم إرادة الإلزام في ذلك ، (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) يغفر للمذنبين ، ويرحم المؤمنين.

وقد جاء في تفسير القمي في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) فإنه كان سبب نزولها أن النساء كنّ يخرجن إلى المسجد ويصلين خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا كان الليل وخرجن إلى صلاة المغرب والعشاء الآخرة يقعد الشباب لهن في طريقهن فيؤذونهن ويتعرضون لهن» (٢).

وفي الدر المنثور ، «بإسناده عن أم سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها»(٣).

* * *

__________________

(١) نهج البلاغة ، قصار الحكم : ١٧ ، ص : ٣٥٧.

(٢) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ٣٥٠ ـ ٣٥١.

(٣) الدر المنثور ، م : ٦ ، ص : ٦٥٩.

٣٥٠

القرآن يهدّد المنافقين والمرجفين بالعقاب

(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) من أولئك الذين يعيشون العقدة النفسية ضد الإسلام والمسلمين ، والازدواجية بين ما يظهرون من الإيمان وما يبطنون من الكفر (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) الذين يعملون على بثّ الإشاعات وإثارة الأقاويل التي تضعف العزيمة ، وتشيع الفساد ، وتثير الفتن ، وتنشر الأضاليل والأباطيل ، لتحويل المجتمع إلى ساحة مهزوزة لا يتماسك فيها الموقف ولا يثبت فيها الموقع ، مما هو موجود في كل مكان وزمان ، حتى تحوّل في عصرنا إلى فنّ قائم بذاته ، في ما تعارف عليه الناس من «الحرب النفسية» التي يشنها المرجفون من العاملين في أجهزة المخابرات والإذاعة والصحافة والوسائل بأسلحتهم الإعلامية قبل أن تدخل في ساحة الصراع في الحرب الحارة.

وهكذا أراد الله أن يحذر هؤلاء الذين كانوا منتشرين في المدينة ليخلقوا المشاكل للنبيّ في خط الدعوة وخط الجهاد ، وإدارة المجتمع ، ويهدّدهم للمرّة الأخيرة ، لئن لم يمتنعوا عما هم فيه من الإرجاف والإفساد (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أي لنحرضنك عليهم وندفعك إلى ضربهم والقضاء على مواقع قوّتهم ، وإلى إخراجهم من المدينة (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) وهي المدّة التي تفصل بين إصدار الأمر وتنفيذه.

وقد نستطيع استيحاء الحكم الشرعي من هذه الآية في ضرب الأجهزة التي تثير الأقاويل والإشاعات الكاذبة ، وتعمل على إضعاف المجتمع عن طريق الاعلام المنحرف الذي يخطط لتنفيذ مؤامرات الأعداء ضد الإسلام والمسلمين ، وفي نفيهم خارج البلاد.

٣٥١

(مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا) أي أينما وجدوا (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) فهذا هو الحكم الشرعي الذي ينبغي أن ينفذ فيهم ليجتث الجذور الفاسدة من المجتمع ، التي إذا بقيت أهلكت المجتمع كله ، ولم ينفع معها أيّ دواء.

(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) فقد كان الله يمهل الكافرين والمنافقين والمرجفين مدة من الزمن ليتوبوا وليرجعوا إليه ، وليتركوا ما هم فيه من الضلال والإضلال ، ثم يقضي عليهم بكل قوّة لينقذ المجتمع منهم ، بطريقة العذاب النازل من السماء ، أو البلاء الذي يحيط بهم من كل جانب ، أو التشريع الذي تنفذه السلطة الشرعية القادرة فيهم.

(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) لأن سنن الله في الكون والمجتمعات ، لا تخضع لأوضاع طارئة لتكون شريعة مرحلة معينة من الزمن ، بل تخضع للمصلحة العامة المتحركة مع المسيرة المستمرة الممتدة في الحياة في حركة المجتمعات في ما يصلحها ويفسدها ، فلن تتبدّل ولن تتغير ، لأن معنى ذلك ، أن الله يترك الفساد لكي يمتد ويتجذّر في الواقع ليقضي على الحياة كلها.

* * *

٣٥٢

الآيات

(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً)(٦٩)

* * *

معاني المفردات

(وَجِيهاً) : عظيم القدر ، ورفيع المنزلة.

* * *

٣٥٣

الكافرون يلعنون ساداتهم وكبراءهم يوم القيامة

(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) في سؤال متكرّر يثيره الفضول الذي يلاحق الخصوصيات ليعرفها ، ليملأ به فراغ النفس ، بعيدا عما إذا كان الموضوع ضروريا أو غير ضروريّ ، في حاجة الفكر إلى المعرفة التي تغذيه بالنافع الجيد من الأفكار ، أو يثيره التحدي ، في ما كانوا يواجهون به النبي من الحديث عن التحديد الزماني ليوم القيامة ، ليدخلوا معه في جدال آخر ، حول طبيعة التوقيت وخصوصياته. ولم يرد الله للرسول أن يدخل معهم في هذا الجدال الفارغ الذي لا يؤدي إلى نتيجة في حاجتهم إلى المعرفة من جهة العقيدة ، أو من جهة العمل.

(قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) فهو الذي يعلم حدودها التي لا يريد أن يبيّنها لأحد حتى لخاصّة عباده الصالحين ، لأن غموضها في الزمن ينطلق من حكمة إلهية تريد من الناس أن يترقبوها ترقب المفاجأة الصاعقة لهم (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) فأنت والناس سواء في عدم العلم بها وفي ضرورة الانتظار القريب لها ، في ما يمكن أن يقترب من وقتها بشكل مفاجئ.

* * *

أحوال الكافرين في جهنم

(إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) لأن ذلك هو جزاء الكفر الذي لم يرتكز على قاعدة من علم وفكر ، بل ارتكز على عقدة ذاتية ضد الأنبياء والمصلحين ، وعلى عناد حاقد متحجّر في الإصرار

٣٥٤

على عقيدة الكفر التي توارثوها من الآباء والأجداد ، فلا يملكون حجّة على موقفهم ، مما جعلهم في الموقع الذي يجلبون فيه الضرر لأنفسهم وللبلاد والعباد.

(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) فتتحول من حال إلى حال ، فتصفرّ تارة وتسودّ أخرى ، أو تنتقل من جهة إلى أخرى ، كما هو اللحم المشويّ عند مسّ النار له.

* * *

إعلان الندم

(يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) فقد جاءنا الرسول بآيات الله ، وعرّفنا مواقع أمره ونهيه ، وما يرضيه ويسخطه ، مما يصلح أمورنا ويبعدنا عن الفساد ، ولكننا تمردنا وعصينا ، من غير وعي للنتائج ، ولا تقدير للموقف.

* * *

إضلال السادة الكبار المستضعفين

(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) الذين كانوا يسيطرون على مقدراتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية ، ويملكون الضغط علينا فكريا وعمليا ، في ما يضلّلونا به من العقيدة ، وما ينحرفون بنا من الخط ، فنخضع لضغوطهم كما يخضع كل ضعيف لأيّ قويّ ، من خلال حاجاته الموجودة عنده ، ونقاط ضعفه المتحكمة فيه (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) فانحرفنا عن صراطك

٣٥٥

المستقيم ، وابتعدنا عما أردتنا أن نسير فيه (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) لأنهم ضلوا في أنفسهم وكانوا السبب في ضلالنا (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) لأن جريمتهم لا تنحصر في مواقعهم ، بل تمتد إلى مواقع غيرهم من المستضعفين المسحوقين.

وهكذا نرى القرآن يؤكد في أكثر من آية على أن من أسباب الانحراف الشعبي سيطرة المستكبرين من طغاة المال والسلاح والسياسة ، مما يوحي إلى الضعفاء أن لا يستسلموا للضعف الذاتي الذي يستغله أولئك في عملية التحكم والإضلال ، بل أن يعملوا على استنفار نقاط القوّة الكامنة في شخصياتهم ، ليكونوا الأقوياء الذين يسقطون القوّة الغاشمة التي تقهر حريتهم وتصادر إنسانيتهم وتضعف مواقعهم. وتتنوع الأساليب القرآنية في عملية الإيحاء والإثارة ، لتقديم الصورة المعبّرة بكل ملامحها المثيرة في يوم القيامة ، فتعرض كيف يرى المستضعفون الذين لم تقفل كل السبل والمخارج في وجوههم ، لكنهم آثروا الإذعان والاستسلام ، أعمالهم حسرات ، وكيف يتبرأ منهم المستكبرون.

* * *

بنو إسرائيل يؤذون نبي الله موسى

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) وهم بنو إسرائيل الذين أخرجهم من ظلمات العبودية إلى نور الحرية ، حتى إذا ملكوا حريتهم ، انقلبوا عليه ، وتعقّدوا منه وبدأوا يثيرون المشاكل في طريقه ، وينسبون إليه التهم الباطلة ، والأقاويل الكاذبة (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا) وأظهر كذبهم عيانا (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) في علوّ درجته ورفعة مقامه ، وعلوّ شأنه ، لثباته في الدعوة إلى الله

٣٥٦

وإخلاصه في الجهاد في سبيله ، وذلك هو السبيل الوحيد الذي يملك فيه الناس الوجاهة عند الله ، من خلال الإيمان والعمل.

وهذه الآية خطاب للصحابة الذين كان بعضهم يثير الأقاويل الباطلة حول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكر في السيرة مما أثاروه في قصّة زواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بزينب بنت جحش بعد طلاقها من مولاه زيد.

وقد ذكر المفسرون في تفسير إيذاء بني إسرائيل بعض الأحاديث المروية في هذا الشأن التي لا تثبت بها حجة ، ولا تتماسك أمام النقد ، فليرجع إليها من أحب ، ولنجمل المسألة في ما أجمله الله منها ، ليكون الحديث حديث المبدأ لا التفاصيل.

* * *

٣٥٧

الآيتان

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً)(٧١)

* * *

معاني المفردات

(قَوْلاً سَدِيداً) : قولا صادقا وصائبا.

* * *

(اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) وليكن خطكم العملي على مستوى الحركة في الذات والواقع والعلاقات ، لأن ذلك هو معنى تجسّد الإيمان وتحوّله إلى حركة حيّة منضبطة في حياة الإنسان المؤمن ، فلا يكون مجرد كلمة تقال ، أو شعار يرفع ، (وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) وهو القول الذي يحمل في مضمونه الصدق والحق والعدل ، وينطلق في آفاق الصواب الذي لا مجال فيه للباطل والخطأ

٣٥٨

والعبث. وهذا هو العنوان الذي ينبغي أن تتعنون به الشخصية الإسلامية ، لتكون مثال الشخص المتوازن في كلامه ، بالتوازن في نظرته إلى الأمور ، وبالعمق في دراسته لها ، وبالامتداد في خط المستقبل في وعيه لمسائل الحاضر ، وبالنظرة العادلة إلى القضايا المطروحة في الساحة ، لتكون الأحكام أحكام عدل وحقّ. وإذا أردنا أن ندخل في التفاصيل الجزئية ، فيمكننا الإشارة إلى القول في الإصلاح بين الناس ، وفي إصلاح الخطأ في الرأي والموقف ، وفي الدعوة إلى محاربة الظلم وإقامة العدل ، والوقوف مع حركة الحرية في مواجهة الاستعباد ، ومع الوحدة على الحق ، في مواجهة التفرق في داخله ، أو الوحدة في الباطل .. وهكذا (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) لأن ذلك هو النتيجة الطبيعية للقول السديد الذي يحمل الرأي الحق والموقف العادل والنظرة الصائبة ، ويوجه إلى الصراط المستقيم ، الأمر الذي يحوّل الأعمال المنطلقة منه إلى أعمال صالحة ، لا مجال فيها للاهتزاز والفساد ، وذلك من خلال أن الفكرة هي صورة العمل ، وأن الكلمة حركته في الطريق إلى الواقع.

(وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) لأن الله يغفر للسائرين في طريق الرشاد والسداد الذي هو الطريق إليه ، فإذا انحرفوا في بعض المراحل أو أخطئوا في بعض الأعمال ، ثم استقاموا على الطريق وأصابوا في مضمون العمل ، ذكر الله لهم جهدهم في الحق وإخلاصهم له فغفر لهم ذلك كله.

(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) لأن خط الطاعة هو الذي يؤدي إلى الحصول على رضوان الله ، وإلى الدخول في جنته ، وذلك هو الفوز العظيم.

* * *

٣٥٩

الآيتان

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٧٣)

* * *

الأمانة التي حملها الإنسان

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) ما هي الأمانة التي عرضها الله على هذه المخلوقات الكبيرة الضخمة الجامدة ، وكيف هو هذا العرض؟

اختلف في تفسيرها على أقوال :

فقيل : المراد بها التكاليف الموجبة طاعتها دخول الجنة ومعصيتها دخول

٣٦٠