تفسير من وحي القرآن - ج ١٨

السيد محمد حسين فضل الله

تفسير من وحي القرآن - ج ١٨

المؤلف:

السيد محمد حسين فضل الله


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الملاك
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٠

الناس الذين يشعرون بالمسؤولية الروحية والمادية تجاه الذين يعانون الحرمان في حياتهم ، ويرتبطون بالوشائج القريبة في علاقاتهم ، لأنهم ينطلقون في ذلك من روحية العطاء وصفاء الإنسانية ، وانفتاح الروح على الخير المتدفق من وحي الله ، في جوّ إيمانيّ يتحرك في كل مواقعه وخطواته من خلال رضا الله ، ولا شيء غير رضا الله.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الذين يعيشون الاستقامة في خططهم العملية فيجعلون حياتهم تتحرك بالخير ، وتتجه نحو الله في كل مواقع حبّه.

* * *

الربا لا يربو عند الله

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) في ما تتعاملون به من الربا الذي تبتغون به تنمية أموالكم وزيادتها مما حرّمه الله ، أو في ما تقدمونه إلى الناس من عطيّة لا تقصدون بها وجه الله ، بل أن يمنحكم ذلك الموقع الذي ترتفعون به عند الناس لتحصلوا على مقابله أو لغير ذلك في تفسير آخر ، (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) أي فلا يزيد عند الله بالحصول على ثوابه الذي قد يكون نوعا من أنواع تنمية المال في حسابات الآخرة ، لأنكم لم تقصدوا وجهه ، ولم تستهدفوا ثوابه ، فليس لكم شيء عنده من خلال ذلك. (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) في ما تعطون منه ذا القربى والمسكين وابن السبيل ونحوهم من ذوي الحاجة ، امتثالا لأمر الله في ما يأمركم به من ذلك ، أو في ما يحبه منه ، (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) الذين يضاعف الله لهم مالهم في الدنيا في ما يحققه لهم من رزق واسع ، أو ما يمنحهم في الآخرة من ثوابه الذي يضاعفه لهم ، فيعطي الحسنة عشر أمثالها ، ويعطيهم بالحبة سبعمائة قابلة للزيادة.

١٤١

وقد ورد في الكافي بإسناده عن إبراهيم اليماني عن أبي عبد الله «جعفر الصادق عليه‌السلام» قال : الربا رباءان : ربي يؤكل وربي لا يؤكل ، فأمّا الذي يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك الربا الذي يؤكل ، وهو قول الله عزوجل : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) وأما الذي لا يؤكل ، فهو الذي نهى الله عنه وأوعد عليه النار (١).

وقد ورد عن الإمام علي أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الله فرض الزكاة تسببا للرزق ، وعن فاطمة الزهراء عليها‌السلام : فرض الله الزكاة زيادة في الرزق (٢).

وقد ذكر صاحب تفسير الميزان أن تفسير الربا بالربا المحرّم ، والزكاة بالزكاة الواجبة ، مبنيّ على أن الآية من الآيات المدنية ، أمّا إذا كانت من الآيات المكية ، فلا بد أن يراد به الربا المحلّل والزكاة المستحبة.

ويتابع كلامه فيقول : «وهذه الآية والتي قبلها أشبه بالمدنيات منهما بالمكيّات ولا اعتبار بما يدعى من الرواية أو الإجماع المنقول» (٣).

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ١٩٤.

(٢) (م. ن) ، ج : ١٦ ، ص : ١٩٤.

(٣) (م. ن) ، ج : ١٦ ، ص : ١٩١.

١٤٢

الآية

(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٤٠)

* * *

الله وحده يخلق ويميت

وتبقى مسألة الشرك هي المسألة الأهم التي يثيرها القرآن في ضمير الناس ، وفي وعي وجدانهم العقلي والشعوري ، ليثير أمامها مسألة التوحيد كعقيدة تفرض نفسها ـ من خلال الحقيقة ـ على العقل والوجدان والضمير.

(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) وهذه هي الحقيقة التي لا تستطيعون الشك فيها ، لأنكم لم تخلقوا أنفسكم ولم يخلقكم أحد من هؤلاء الذين من حولكم (ثُمَّ رَزَقَكُمْ) فهو الذي هيّأ للرزق وسائله ، في ما خلقه في الأرض وأنزله من السماء ، وفي ما أعطاكم من قوّة ، ولم يكن للآخرين من ذلك إلا دور الأداة ، (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) فهو الذي جعل للموت أسبابه ، من خلال ما أودعه من قوانين الموت والحياة في حركة النظام الكوني ، (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) وهذا هو ما

١٤٣

أثاره الوحي الإلهي الذي بلّغه الرسل في مختلف رسالاتهم مما يثبت العقل إمكانه ، ويفرض ضرورته.

(هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) في ما يملكون من قدرة أو يمكن أن يقوموا به في نطاق هذه الأمور (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فهو الله الواحد الذي لا يدانيه أحد ، ولا يملك أيّ مخلوق ما يقترب فيه من قدرته.

* * *

١٤٤

الآية

(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤١)

* * *

ظهور الفساد مرتبط بحركة الإنسان

هناك ارتباط عضويّ بين حركة الناس في الحياة في ما يمارسونه من أعمال ، وما يثيرونه من أقوال ، وفي ما يرتبطون به من علاقات ويحركونه من أوضاع في حياتهم العامة والخاصة ، وبين النتائج الإيجابية أو السلبية التي تحدث لهم أو تتحرك في ساحتهم ، لأن لكل موقف من المواقف الخيّرة أو الشرّيرة تأثيراته الذاتية في صعيد الواقع والإنسان ، فليس البلاء الذي يحدث مجرّدا عن ظروفه المحيطة به ليكون عقوبة إلهيّة للإنسان منفصلة عن العوامل الداخلية للسلوك الإنساني ، بل هو نتيجة طبيعية له. فقد أراد الله أن يربط بين الواقع العملي للإنسان ، وبين النتائج السلبية ، ليحسّ الإنسان ، بالطعم المرّ الذي يتذوّقه في معاناته من الآلام والأحزان والمصائب والمتاعب ، فيدفعه ذلك إلى الارتداع عن مواقفه السلبية ، وهذا ما أكدته هذه الآية : (ظَهَرَ الْفَسادُ

١٤٥

فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) في ما يتمثل من المشاكل الصعبة ، والأزمات المعقدة ، والأمراض والحروب واختلال الأمن وغير ذلك ، مما يجعل الكرة الأرضية في جميع مواقعها البرية والبحرية ساحة للفساد الأمني والاجتماعي والاقتصادي والصحي والفكري ، مما يتصل اتصالا طبيعيا بحركة الإنسان في إدارة شؤونه وحركة الحياة من حوله (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) فإن سنة الله في الكون اقتضت أن يكون الإنسان هو الذي يحرّك أوضاع حياته على خط السلبية عند ما يبتعد عن دائرة المسؤولية الإنسانية في نطاق القيم الروحية المنطلقة من وحي الله ، أو على خط الإيجابية عند ما يلتقي بالله في ما يريده من الخير للإنسان وللحياة.

وهذا ما أكده الله في أكثر من آية في قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل : ١١٢].

وأشار في آية أخرى إلى أن الإنسان هو صانع التغيير ، في ما تنطلق به إرادته ، وتتحرك به خطواته كما في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد : ١١].

ويشير في آية أخرى إلى الجانب السلبي في التغيير حيث تتحرك إرادة الله في العمق من خلال إرادة الإنسان بشكل مباشر ، على أساس أن الله يريد للإنسان من ناحية تكوينية ما يريده الإنسان لنفسه ، ليكون هو الذي يتحمل مسئولية عمله (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الأنفال : ٥٣].

(لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ليعيشوا الواقع الصعب في نطاق المعاناة الجسدية في ما يتصل بآلام الجسد ، والمعاناة الروحية في ما يتصل بالنتائج المعنوية والمادية في المؤثرات الفكرية والشعورية في حياته ، ليكون ذلك أساسا لإعادة النظر بكل الأوضاع والممارسات المنحرفة على ضوء

١٤٦

النتائج السلبية ليتراجعوا عنها ، وليستقبلوا حياة جديدة بعيدة كل البعد عما كانوا فيه. فالإنسان لا يفكر ـ عادة ـ بالتراجع عن خطواته المنسجمة مع أهوائه إذا لم يصطدم بالآلام القاسية التي تهز كل جوانب الواقع من حوله وفي داخله.

وفي ضوء ذلك ، فإننا نفهم من هذا القانون الإلهي ، أن الله يربّي عباده بالبلاء الناتج من أعمالهم المنحرفة ، كما يربيهم بالوحي النازل على رسله.

* * *

كيف نستوحي الآية؟

وقد نستوحي من هذه الآية ، أن على العاملين للإسلام ، في خط الدعوة أو في خط الحركة السياسية ، أن يثيروا أمام الناس المشاكل الصعبة التي تحلّ بهم من خلال الابتعاد عن الله ، والانحراف عن خط الإسلام ، على صعيد الحكم والنظام والموقف السياسي والوضع الاجتماعي والاقتصادي ، وقضايا الأمن والخوف ، والحرب والسلم ، ومحاولة التركيز على الربط بين المشكلة وبين واقع الانحراف ، ليعيشوا القلق المتحرك في ذلك كله ، وليفكروا بالتغيير والتحوّل عن هذا الواقع إلى واقع الإسلام ، الذي يحاول العاملون من جهتهم أن يقدّموه للناس في حلوله الواقعية لمشاكل الإنسان والحياة ، لينطلق الناس مع الإسلام فكرا وحركة ومنهج حياة ، وليبقى الوعي الإنساني السياسي للإنسان المسلم منفتحا على كل مفردات حياته وحياة الآخرين من موقع النظرة النقدية التي لا تستغرق في المشاعر الذاتية للشخص في الحسّ النقدي ، بل تنطلق من الخط الإسلامي في النظرة إلى الحياة. وبذلك لا تنفصل حركة الإنسان في الواقع ، عن الحس الإسلامي الذي يعيش مع الإسلام ، ليحركه في العقل والشعور والوجدان.

* * *

١٤٧

الآيات

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ(٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ)(٤٥)

* * *

معاني المفردات

(يَصَّدَّعُونَ) : أصله يتصدعون ، وتصدّع القوم : تفرّقوا.

* * *

أخذ العبرة من تجربة المشركين

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) في ما يمثله السير المتحرك في أنحاء الأرض في المواقع التي عاش فيها السابقون من الناس ، وانطلقت بها مطامعهم

١٤٨

ومطامحهم في آفاق الحياة وفي ساحة الصراع ، حيث استغرقوا في أوضاعهم ومشاكلهم ، فلم يفكروا بالجانب الآخر من شاطئ الحياة ، بل عاشوا في الضباب الفكري والروحي والشعوري الذي يحجب عنهم وضوح الرؤية للمصير الحاسم ، فيخيّل إليهم أنهم خالدون في ما حصلوا عليه من أموال وأولاد وجاه وملك كبير ، وفي ما بنوه من دور وقصور وقلاع.

إنها التجربة الحيّة التي يتحرك فيها الناس في ساحات التاريخ الحيّ في صورته الماثلة على الأرض ، في حقائق الواقع المكتوبة في مشاهده ، لا في حروفه وكلماته ، (فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ) فهل بقي منهم أحد ، وأين ذهبت حياتهم وأطماعهم ، وهل استطاعوا أن يخلدوا أو تخلد دورهم وقصورهم ، وهل استطاعت قلاعهم أن تحميهم من الموت ومن قضاء الله وقدره ، وهل انتفعوا بتمردهم على الله وابتعادهم عنه؟

* * *

كان أكثر الذين من قبل مشركين

(كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) يعبدون الأصنام ، ويتحركون في مواقع القيم الوثنية التي لا يعيش معها الإنسان الانفتاح على الله في ما يرتبط به من علاقة الرسالة بالحياة وبالناس الآخرين لديه ، ومن مسئوليته عن كل ما حوله ومن حوله من الموجودات الحيّة والجامدة ليجد فيها سرّ قدرة الله ، وإبداع حكمته. وهكذا كانت الحياة عندهم محكومة للجانب المتحجر من المادة ، لا الجانب الحيّ من الروح. فهل أفادهم ذلك شيئا ، فأين هم الآن ، وأين موقع الأصنام من كل حياتهم في مسألة البداية والنهاية؟ لقد عاشوا في تفكيرهم في مواقع الشيء الذي لا يحمل معنى ثابتا في ما هو العمق من معنى الحياة وسرّ

١٤٩

المصير ، ولذلك فإنهم انفتحوا في النهاية على اللّاشيء في المسألة الجدّية من الفكر والواقع.

ولعلّ في التعبير بقوله : (كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) بعض الإيحاء بأن الموحّدين المؤمنين هم الأقليّة التي صبرت على الفكر الذي يفرض جهد التأمّل ، وعمق البحث ، وانفتحت على الحقيقة من موقع المعاناة الطويلة القاسية ، وصبرت على الثبات في ساحة المبادئ وتمرّدت على كل تهاويل الأشباح ، حتى استقرت في مواقع التوحيد وفي آفاق العبادة الخاشعة بين يدي الله.

* * *

الاستقامة على الدين سلامة للمصير

وإذا كانت الأقلّية هي التي تلتزم الحق في الإيمان ـ غالبا ـ فإن المعنى الكامن في ذلك أن الأكثرية لا تمثل المقياس الدقيق للحقيقة (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) البليغ الاستقامة ، الذي لا عوج فيه لأنه يبدأ من توحيد الله ليستمر ، فيستقيم في خط الله على هدى وحيه وشريعته ، مما يجعل من الانتماء إليه ، والالتزام به ، وإقامة الذات في كل تطلعاتها وخطواتها في اتجاهه ، القاعدة الصلبة التي تنطلق منها سلامة المصير. فذلك هو وحده الفرصة الوحيدة والطريق الوحيد للخلاص ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) لأن إرادة الله قضت بأن يحشر الناس إليه في يوم القيامة ، فلا يستطيع أحد أن يردّه ، لأنه ـ سبحانه ـ لا يريد أن يردّه من جهته ، (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) فيصابون بالتصدع والتمزق والتفرّق ، فيذهب كل واحد إلى حيث أراد الله أن يذهب في خط مصيره ، فلا يبقى لهم من مجتمعهم الذي كانوا يجتمعون فيه ويلتقون على

١٥٠

قضاياه ، شيء ، لأن كل واحد منهم سوف يهتم بمصيره ، ليواجه مشاكل العذاب ومواقف الحساب.

* * *

ارتداد العمل على صاحبه

(مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) فهو الذي يتحمل مسئوليته ، فلا يتحملها أحد عنه ، ولا يضر أحدا شيئا من خلاله ، لأنه لا يضر إلا نفسه.

(وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) في ما يؤدي إليه العمل الصالح من تمهيد ساحة النعيم والرضوان التي تفتح كل جوانبها ولذاتها للمؤمنين الصالحين ، لأنه السبيل إلى الحصول على رحمة الله ورضوانه والدخول إلى الجنة في ما أعده الله للمتقين من ساحة جنته ، (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ) فيفيض عليهم من لطفه وعطفه ورضاه ، ويرزقهم سعادة الآخرة وثوابها ، فهؤلاء هم الذين يحبهم ويرعاهم.

(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) الذين جحدوا وجوده وأنكروا توحيده ، لأنهم لم يرتبطوا به برباط العقيدة والمحبة والطاعة والخضوع ، هذا هو الذي ينبغي أن يفكر به الإنسان في موقعه من ربه وعلاقته به ، لينطلق من خط الإيمان ، ويبتعد عن خط الكفر ، لأن الله يحب المؤمنين ، ولا يحب الكافرين.

* * *

١٥١

الآيتان

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(٤٧)

* * *

من آيات الله إرسال الرياح مبشرات

(وَمِنْ آياتِهِ) في قدرته ونعمته ورحمته التي تدل على سرّ ربوبيته التي لا يساويه فيها أحد من كل خلقه ، سواء هؤلاء الذين اتخذهم الكافرون شركاء أو الذين يوحون لأنفسهم أو للناس بذلك (أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالمطر الذي يسقي الأرض والحيوان والإنسان والنبات ، فتدب الحياة في كل شيء من خلاله ، فيجمع للناس الحلم الهنيّ بالمطر من خلال هبوب الرياح الذي يوحي به ، والواقع المهتز بالريّ والخضرة والحياة.

(وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) في ما تنتفعون به في غذائكم من خلال ما

١٥٢

تنبته الأرض من نبات ، وما تختزنه الينابيع المتفجرة من مياه ، وما يترتب على هبوب الرياح من تلقيح الأشجار ودفع العفونات وتنقية الأجواء وغير ذلك.

(وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) عند ما يتجمع الماء في البحار والأنهار ، فتسير السفن تبعا للقوانين التي أودعها الله في الكون في انسجامها مع حركة الماء والريح ، (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) في ما تتطلبونه ـ من خلاله ـ من رزقه (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على هذه النعم العظيمة التي ترتكز عليها حياتكم في استمرار الوجود وفي حركته ، وذلك بالكلمة التي توحي بالاعتراف بنعمة الله والثناء عليه ، وبالممارسة التي تسخّر عطايا الله لما أراده من طاعته.

* * *

حق على الله نصر المؤمنين

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) في مسيرة الأنبياء التاريخية الممتدة في الزمن ، حيث أراد الله للناس أن يكتشفوا سرّ الهدى في وحي الله وفي تشريع رسالاته ، وفي حكمة رسله وجهادهم من أجل تطوير الحياة في اتجاه الخير والعدل والسلام ، ليأخذوا بأسباب الهدى ، فيهتدوا به إلى رضوان الله ، (فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) لأن الله يريد للناس أن ينفتحوا على الإيمان به ، من خلال البينات الواضحة التي تقودهم إلى معرفته واكتشاف خط الرسالة الإلهية في دائرة الحياة وفي حركة المصير. وانطلق الأنبياء بالدعوة ، فأتبعهم فريق ، وكفر بهم فريق آخر ، ووقف الكافرون في مواجهة المؤمنين ، ومارسوا الجريمة الوحشية في قتل البعض ، وتعذيب البعض الآخر ، وفي السخرية بالنبيّ والنبوّة والكتاب ، وتجاوزوا الحدود في ذلك كله ، (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) بعد أن

١٥٣

أمهلهم الله ليعودوا إليه ، وليتراجعوا عن ضلالهم وكفرهم ، فلم ينفعهم ذلك ، ونصر المؤمنين الذي كانوا يعانون من وحشية الاضطهاد ، وهمجية الكفر.

(وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) لأن الله أرادهم أن يصبروا ويتحركوا في ساحات الجهاد ، ليعانوا ويتألموا ويحقّقوا الكثير من النتائج الإيجابية في واقع الإنسان والحياة ، ثم يأتي النصر من الله في إرادته الحاسمة في نصر عباده الذين آمنوا به وأخلصوا له في رسالته ، في الفكر والشريعة والهدف.

* * *

١٥٤

الآيات

(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠) وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ)(٥٣)

* * *

معاني المفردات

(فَتُثِيرُ) : الإثارة : التحريك والنشر.

(سَحاباً) : السحاب : الغمام.

(كِسَفاً) : الكسف بالكسر فالفتح جمع كسفة ، وهي القطعة.

(الْوَدْقَ) : القطر من المطر.

١٥٥

(مِنْ خِلالِهِ) : الخلال : جمع خلة ، وهي الفرجة.

* * *

النظر إلى آثار رحمة الله

ويبقى للأسلوب القرآني في توجيه الإنسان نحو الإيمان بالله حركته التي يلامس بها الشعور العميق في إثارة الإحساس الداخلي بالكون من حوله ، في ما يتحرك به من آثار رحمة الله ، وفي ما يفيض به من منابع نعم الله ، ولكن الإنسان يظل في مشاعره قلقا ، فيهتز للبشرى بالنعمة ، ويتعقد من خلال مظاهر الخوف ، ولا يدرس الأمور بعقله ليعرف طبيعة النظام الكوني الذي تتنوّع أوضاعه تبعا لتنوع أسرار الحكمة في داخله.

* * *

(يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً)

(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) بما تحمله من بخار الماء المتصاعد من كتلة الماء في الأرض ، وتحرّكه في الفضاء (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) ويفرشه في الجوّ كما لو كان بساطا ممتدا في الأفق (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) أي قطعا متراكمة بعضها فوق بعض ، فقد يصطدم بعضها ببعض ، وقد تنبعث شرارة كهربائية بين طبقة منه وطبقة (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) وهو المطر الذي ينبعث منه فيهطل ويتساقط على الأرض (فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) تبعا للحكمة التي يوزع فيها المطر على البلاد والعباد ، (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) به لتأثيره الكبير في حياتهم ، لأنهم يشربون منه ويزرعون من خلاله ، ويغتسلون ويتطهرون به.

١٥٦

(وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) أي يائسين ، في ما تمثله المشاعر القلقة الخائفة من إحساس خائف باليأس والقنوط عند ما يغيب السحاب من الأفق وتجف الينابيع من الأرض ، ويموت النبات من الظمأ ، وتتساقط الحيوانات أمام مظاهر الجدب.

* * *

الله يحيي الأرض بعد موتها

(فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) في خضرة الأرض المهتزة بالعشب وبالفاكهة المتدلّية من الأشجار النضرة ، وبالزرع الذي يحمل كل خصائص الحياة الغنية بعناصر القوّة للإنسان وللحيوان. ولا تشغلك مظاهر الجمال فيها عن التفكّر في الله الذي خلقها وأحياها وأعطاها سرّ الحيوية والامتداد ، وحاول أن تستشعر معنى الرحمة الإلهية في ذلك كله ، ليهتز الشعور بمحبة الله في نظرة الإنسان إلى آثار رحمته ، تماما كما يهتز بالانفعال بجمال الطبيعة في أجواء الربيع المهتز بالخضرة.

ولا يقتصر التوجيه القرآني في استلهام العمق العقيدي بالإيمان بالله والشعور برحمته ، على ما يثيره في نفس الإنسان من مشاعر الامتنان بالنعمة والرحمة ، بل يمتد إلى أن يحرك الفكر في اتجاه استشفاف عقلانية الإيمان باليوم الآخر في مواجهته للفكرة المضادة التي تنكر البعث على أساس استبعاده ، وذلك من خلال المقارنة بين موت الأرض وحياتها بقدرة الله ، وبين موت الإنسان وإحيائه بعد ذلك بقدرة الله ، فإن محيي الأرض هو محيي الإنسان (إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فإذا كان الله يملك القدرة المطلقة فلا يعجزه شيء ، في ما يخلق ، ولا في تدبيره ، ولا في تغييره بما يشاء.

١٥٧

(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا) يؤدي إلى اصفرار الزرع بعد خضرته بفعل المؤثرات التي يتأثر بها من خلال الريح الباردة التي تقتل الزرع بفعل الصقيع ، (لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) لأن مسألة الإيمان ليست فكرا مستقرا من خلال القناعة الوجدانية الثابتة القائمة على التأمل في مواقع العقيدة ومصادرها ، بل هي انفعال متحرك متزلزل بالأوضاع الخارجية المتصلة بحياتهم في ما ينزل عليهم من رحمة ، أو يصيبهم من نقمة. وتلك هي مشكلة الكثيرين من الناس في انفعالهم بقضايا العقيدة والرسالة ، حيث تتغير مواقفهم تبعا لتغير النتائج المرتبطة بتأثيرات الموقف على مصالحهم وانفعالاتهم ، فيقفون معها إذا جرت الأمور بما يشتهون ، ويبتعدون عنها ، بل يتعقّدون منها ، إذا اهتزت مصالحهم الخاصة ، وتأثرت شهواتهم الجامحة. وهذا هو الذي يجب أن يدرسه العاملون في حركة الإيمان في ساحة الانتماء والواقع.

* * *

لا تسمع الموتى ولا الصم

(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) الذين لا يملكون حسّ الانفعال بما حولهم من الأحداث والأقوال والأفعال ، وإن كانوا يملكون نبض الحياة في أجسادهم ، لأنهم في غيبوبة عميقة عن كل قضايا العقيدة والواقع المتصل بالرسالة ، لاستغراقهم في شهواتهم ، حتى أنهم لا يحسّون بشيء آخر غيرها.

(وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) الذي تدعوهم فيه إلى الإيمان أو التفكير أو الحوار ، لأنهم فقدوا إرادة الوعي ، فرفضوا الانتباه إلى الكلمات المنطلقة من وحي الله وأغلقوا آذانهم عن ذلك كله ، مما جعل عندهم نوعا من الصمم

١٥٨

الاختياري الذي قد يكون ـ في حساب المسؤولية ـ أشد خطرا من الصمم الطبيعي.

(إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) إذا ابتعدوا معرضين عن التجاوب معك من موقع العقدة المستحكمة في داخلهم ، والرفض العدواني في شخصيتهم. فإن أوّل شروط التفاهم بين الناس في ما يختلفون فيه ، هو إرادة الوصول إلى النتائج الحاسمة للفكرة ، فإذا فقدها أحد الفريقين ، تعطل الموضوع كله.

* * *

الهدى يحتاج إلى بصيرة

(وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) من هؤلاء الذين يملكون العيون التي يبصرون بها الطريق ، ولكنهم لا يملكون العيون التي يبصرون بها آفاق العقيدة ، ومواقع المسؤولية ، وسبل الهدف الكبير ، وهي عيون القلوب التي يشرق من خلالها الفكر على حركة الإيمان في الإنسان ، لأنهم أغلقوا عيونهم الفكرية عن التحديق بالحقائق الواضحة التي تقدمها الرسالة أمامهم ، في مواقع الوحي النازل من الله. ولذلك ضاعوا وضلوا الطريق ، فلا تستطيع هدايتهم إليه ، لأنهم قد عطلوا الأدوات الحيّة التي تقودهم إلى ذلك.

(إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) إيمان عقل ووعي وإرادة (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) منقادون لله ، خاضعون لإرادته ، لأنهم أسلموا كل حياتهم له ، بعد أن آمنوا بأنه يملك منهم ما لا يملكونه من أنفسهم ، لأنه هو الخالق الذي يملك الأمر كله والكون كله.

* * *

١٥٩

الآية

(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (٥٤)

* * *

الله يخلق ما يشاء

هل يملك الإنسان نفسه ، وما هو موقع إرادته في مسألة التحوّل البدني في مراحل النمو ، وفي حركة القوّة ، أم أن الله يملك ذلك كله من دون أن تكون للإنسان أيّة إرادة في ذلك ، فليس له من الحركة في داخل جسده ، إلا ما مكّنه الله من إدارة التفاصيل المتعلقة به.

هذا هو السؤال الذي تجيب عنه هذه الآية لتوجه الإنسان إلى التفكير الجادّ في حركة النموّ في داخل جسده ، ليعرف مواقع تدبير الله له ، وخضوع حياته كلها إليه ، لينفتح عليه من موقع الإيمان والطاعة ، ويسلّم أمره له في كل شيء.

(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) يتمثل في مرحلة الطفولة ، لأن الإنسان لا

١٦٠