تفسير من وحي القرآن - ج ١٨

السيد محمد حسين فضل الله

تفسير من وحي القرآن - ج ١٨

المؤلف:

السيد محمد حسين فضل الله


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الملاك
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٠

واختيارها في ما تريد وما لا تريد ، أو في الأوضاع الصاخبة التي تدفع إلى الجنون في الإحساس ، والصخب في الانفعال ، والتوتر في المشاعر ، وتثير الضباب الذي يفقد معه الوضوح في داخل الإنسان ، أو في الأفلام والمشاهد الخليعة المثيرة التي تحتوي الكيان الإنساني في عملية استلاب للعقل وللتركيز والتوازن في الشعور.

وكلمة الشراء في قوله «يشتري» لا يراد منها معناها الحرفي بل معناها الكنائي الذي يعبّر عن الوسيلة التي يحصل بها على هذا النوع من لهو الحديث.

(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) الذي يقود الناس إلى الله في الفكر والشريعة والمنهج والطريق والغاية ، فيكون اللهو المتنوّع في الكلمة واللحن والجوّ والحركة والشكل والمضمون ، وسيلة من وسائل الإضلال من خلال انشغال الإنسان بها عن الرسالة والمصير ، أو من خلال اختزانه للمشاعر والأفكار المضادة ، أو تحريكه للنوازع المنحرفة ، أو تحضيره للأجواء المعقّدة البعيدة عن مواقع الشروق وينابيع الصفاء ، (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً) لأن مسألة هؤلاء الذين يعملون على إضلال الناس ليست مسألة العلم الذي يرتكزون عليه في مضمون حركتهم وخط فكرهم ، لأنهم لم ينطلقوا في ذلك من مواقع القناعة العلمية المرتكزة على الدليل ، بل من التخلف القائم على الجهل المتحرك في تقليد الآباء الذين لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ، ومن الأطماع الذاتية ، والمصالح الشخصية والامتيازات الطبقية التي تحكم كل مواقف التأييد والرفض ، للأشخاص وللأفكار وللأهداف.

(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) في الدار الآخرة ، لأنهم حاربوا الله في كتابه ودينه من دون أساس من عقل ، ولا حجة من علم ، فكان موقفهم عدوانيا في شكله ومضمونه ، فاستحقوا العذاب المهين الذي يتناسب مع حقارتهم الروحية والعملية.

* * *

١٨١

علاقة الآية بتحريم الغناء ، وحدوده

وإذا كانت بعض الأحاديث المأثورة قد فسّرت لهو الحديث بقصص الأكاسرة والجبابرة ، أو بالغناء ، فإن الجوّ الذي تتحرك به الآية أوسع من ذلك ، فهي تتحرك في خط النتائج العملية لما يقدمه هؤلاء من أحاديث يحاولون من خلالها إشغال الناس عن كلمات الله وعن دينه ، مما يجعل القضية المرفوضة والإنذار بالعذاب في نطاق السلوك الذي يتحرك فيه هؤلاء الناس ، من خلال الهدف الشرّير ، بعيدا عن طبيعة المضمون الذاتي للأحاديث ، لأن نقل قصص الماضين من الطغاة والجبابرة ليس محرّما في ذاته ، ما لم يؤكد غاية محرمة في حركته ، كما أن اعتبار الغناء مصداقا من مصاديقه أو تفسيرا من تفاسيره ، يوحي بأن المراد به المضمون الغنائي الذي يدفع إلى الإضلال ، أو اللحن الغنائي الذي يثير المشاعر المنحرفة المملوءة بالإغراء والإغواء ، فيؤدي إلى الضلال في الأخلاق وفي السلوك ، فإن ذلك هو الذي يتناسب مع جوّ الآية ومعناها.

أمّا الغناء الذي يتضمن الإيمان والخير والزهد والحديث عن القيم الروحية والأخلاقية ، فإنه لا يندرج تحت هذه الآية ، لأنه يقود إلى الهدى ، ويبعد عن الضلال. وهكذا تكون النظرة إلى اللحن الغنائي الذي ينساب في المشاعر بإيحاءات الصفاء والسموّ والطهارة ويبعث على هدوء الأعصاب ، وإزالة التوتّر ، وانفتاح الروح على آفاق الفرح الروحي في محبة الله ، فإن مثل هذا اللحن الذي يهذّب الروح ، ويروض الغريزة ، ويهدّئ مشاعر القلق الحائر المجنون ، يدفع الإنسان إلى الخير والنقاء والهدوء والصفاء ، بدلا من الضياع والشرّ والجنون ، مما يجعل من انطباق الآية على مورده ، وسيلة لتحديد الحرام في دائرة ضيقة لا تتسع لذلك.

١٨٢

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) ليستمع إليها ويتأملها ويفكر فيها ليكتشف من خلالها آفاق الحق والخير في آفاق الله ، وليعرف في مضمونها الخط الفاصل بين الحق والباطل (وَلَّى مُسْتَكْبِراً) في حركة سريعة هاربة لا تتوقف عند نداء العقل ودعوة الوجدان ، بل تثير الجوّ في صورة الإعراض الذي يوحي بالكبرياء المتمرّدة على الرسل في موقف استكبار ساذج ، تحت تأثير الفكرة التي تخيّل إليه ـ في طبيعتها ـ أنه أكبر من أن يسمع كلام الموعظة ، فيتحرك (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) وضجيجا يمنعه من السماع والتركيز على ما يسمع (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) لأن ذلك هو ما ينتظره في مقابل هذا الموقف الأرعن المستكبر.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فانفتحوا على الإيمان من موقع الوعي ، وعلى العمل الصالح من موقع المسؤولية الإيمانية بين يدي الله ، (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ* خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا) فقد وعد الله عباده بأن يمنحهم الجنة جزاء على إيمانهم وتقواهم ، وها هم يجدون صدق الله في وعده الحق ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي لا ينتقص المستكبرون الكافرون من عزته ، بكفرهم وضلالهم ، لأن ذلك لن يضره شيئا ، ولا يتمكنون من إخفاء حكمته عن العاقلين المفكرين ، أو إبطال مواقعها في كل شيء.

* * *

١٨٣

الآيتان

(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١١)

* * *

مظهر عزة الله وحكمته

ما هو مظهر العزّة والحكمة في ذات الله سبحانه؟

إنّ هاتين الآيتين تجيبان عن السؤال بطريقة خاصة ، وتطرحان التحدي ضد المشركين الذين اتخذوا آلهة من دونه؟

* * *

خلق السموات بغير عمد

(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) في ما يمثله ذلك من قدرة في هذا التماسك الذي يمنحها الثبات في مواقعها في فضاء الفراغ من دون ركائز وأعمدة ، في ما اعتاده الناس من حاجة البناء العلويّ إلى أعمدة في أعماق الأرض الثابتة ، فكيف حدث هذا ، هل هناك غير القدرة الإلهية التي تخلق

١٨٤

القوانين الكونية الحاكمة على النظام الكوني في قانون الجاذبية وغيره؟

ويمكن أن يكون قوله : (تَرَوْنَها) قيدا توضيحيا لتأكيد المعنى ، على أساس نفي وجود الأعمدة من موقع عدم رؤيتهم لها ، ويمكن أن يكون قوله قيدا احترازيا لنفي الأعمدة المرئية في مقابل الأعمدة غير المرئية ، والأول أظهر.

* * *

خلق الجبال في الأرض

(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) وهي الجبال التي قد تشارك في منع الأرض من الاهتزاز ، (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) مما خلقه الله من الحيوان الذي يختلف حاله بين من يمشي على رجلين ، وبين من يمشي على أربع ، ومن يمشي على بطنه ، لتتحرك الحياة على الأرض فتمنحها الحيوية والحركة ، (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) يمنح الأرض والإنسان والنبات الحياة ، (فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) وهو ما يتمثل في قانون الزوجيّة في النبات الذي يختزن العطاء والمنافع التي يقدمها للإنسان وللحيوان.

(هذا خَلْقُ اللهِ) في عظمته وإبداعه وروعة الأسرار المعجزة فيه ، (فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) من مثل ذلك ومما هو دونه ، إن كانوا آلهة كما تزعمون ، وما ذا يمثلون في ذواتهم من قوّة وعلم وتدبير ، فإذا لم يكن لهم شيء من ذلك ، فكيف تزعمون أنهم شركاء لله؟ ولكن المشكلة أنكم لا تركنون ـ في ما أنتم فيه ـ إلى فكر ، ولا ترجعون إلى علم ، بل تركنون إلى أهوائكم ، وتتحركون في جهالتكم ، وبذلك كنتم تتخبطون في الظلمات وتنطلقون في متاهات الضياع.

(بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) من خلال فقدانهم للأسس التي ينطلقون منها لتكوين قناعاتهم الفكرية ، ولتثبيت قواعدهم الروحية ، ليهتدوا إلى الطريق المستقيم الذي يصل بهم إلى معرفة الله والحصول على رضاه ، فقد ظلموا أنفسهم عند ما استغرقوا في أجواء الجهل والظلام.

* * *

١٨٥

الآيات

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١٥)

* * *

معاني المفردات

(وَهْنٍ) : الوهن : الضّعف.

(وَفِصالُهُ) : فطامه وترك إرضاعه.

١٨٦

(أَنابَ) : رجع.

* * *

حكمة لقمان وبعض وصاياه

ونقف أمام صورة لقمان الإنسان ، المنفتح على الفكر العملي الذي يبلغ بالإنسان إلى التوازن في حياته بين ما هو الفكر وما هو الواجب ، في ما يأخذ به ، أو يدعه ، لتستقيم له الحياة في الخط المستقيم.

* * *

إتيان لقمان الحكمة

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) في فكره وحديثه وحركته ، في الحياة ، وذلك من خلال ما حرّك به بصره نحو كل الأشياء التي تحيط به ، وتبدو له ، وما أصغى إليه بسمعه من كل ما يتحدث به الآخرون ، وما حرّك به عقله في إدارة ذلك كله ، في مواقع التأمّل والمقارنة والمحاكمة والاستنتاج ، ليعرف مصادر الأمور ومواردها وبدايات القضايا ونهاياتها ، وكيف تنفصل الأشياء وكيف تتصل ، وهكذا كان يواجه الحياة ، ويتحرك فيها مع الآخرين ، ليكون الإنسان الذي ينتج الفكرة من خلال حركة عقله وتجربته ، ثم يجلس مع الناس ليفتح عقولهم عليها ، وليوجّه مشاعرهم إليها.

وبدأ يفكر بالله ، وبنعمه التي يغدقها على الناس ، فيستمر بها وجودهم وترتاح معها أوضاعهم ، وتطمئن بها نفوسهم. ثم يتابع التفكير في الموضوع ، كيف يواجه الناس نعم الله ، وكيف يكون موقفهم أمامه ، هل يمرون بها بروح اللّامبالاة ، من موقع الألفة التي لا تثير في نفوسهم شيئا ، مهما كان الشيء

١٨٧

المألوف عظيما ، أو يتوقفون أمامها بروح الجحود الذي يتنكر لكل نعمة ولكل إحسان ، من موقع الشعور المعقّد الذي يثير العقدة ضد المنعم من قبل المنعم عليه ، أو ينطلقون في آفاق الشكر المنفتح على الخير كله ليتفاعلوا مع الخير في عقولهم وأرواحهم وقلوبهم وكل حياتهم فيشعرون بالامتنان وعرفان الجميل ، لكل لمسة حنان ، وفيض رحمة والتفاتة نعمة ، ونظرة لطف ، وخفقة حياة ، ونبضة روح ، ليتحوّل ذلك إلى شكر في الفكرة والكلمة والحركة ، وفي الحياة لله الذي خلقهم ورزقهم وشفاهم ونصرهم وأنقذهم من كل سوء.

وهكذا اكتشف لقمان الشكر لله ، كقيمة روحية من أسمى القيم ، ليقدمها لكل من يعي ويسمع ويتحرك في الاتجاه السليم.

* * *

الشكر لله

(أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) فهو وحده الذي يستحق الشكر من خلال وحدانيته في إغداق النعمة على الإنسان الذي لا مصدر لديه لأية نعمة من النعم التي تحتويها حياته إلا الله ، وليس دور القوى الأخرى المتنوعة الموجودة في الكون ، إلا دور الأدوات والأسباب المباشرة ، التي تستمد سببيتها من مسبّب الأسباب ، وهو الله.

(وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) من دون أن يكون لله نفع في هذا الشكر أو حاجة إليه ، لاستغنائه عن كل خلقه في كل شيء ، وليس لأحد منهم أن يضيف إلى ملكه شيئا ، لأنه لا يملك إلا ما ملكه الله ، ولا يتحرك بشيء إلا من خلال قدرته.

١٨٨

أمّا رجوع الشكر لنفس الشاكر ، فقد يكون من جهتين :

الأولى : أن الشكر يمثل حركة الإنسانية في داخل الذات في انفعالها بالنعم الإلهيّة ، مما يجعلها تنفتح على الله في وعيها الروحي لإحسانه وفضله ورحمته ، وفي ارتفاعها في مدارج السموّ لتصل إلى الموقع الأسمى الذي تصعد من خلاله إلى الوقوف بين يديه في صفاء الشعور ، وابتهال الكلمة ، وعبوديّة الذات ، وخشوع الموقف ، مما يحقق الصلة بالله أكثر ، ويثير الشعور بالسعادة الروحية بشكل أعمق ، ويدفع بالمعرفة بالله في الفكر والحسّ والوجدان ، إلى مجال أوسع.

الثانية : أن الشاكر لله ينال الزيادة في نعم الله عليه في الدنيا في ما وعد الله به عباده من ذلك ، مما تمثله الآية (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم : ٧]. كما ينال الثواب والرحمة واللطف من ربه في الآخرة.

(وَمَنْ كَفَرَ) فلم يشكر النعمة بل جحدها وأهملها وتمرّد على كل إيحاءاتها ، فلن يضر الله شيئا (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) ، فهو الغني عن كل عباده ، وهو الحميد بكل صفات الجلال والجمال في ذاته.

* * *

لقمان يعظ ابنه

(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ) وهذه هي الصورة الإنسانية الحميمة الرائعة ، التي تمثل النموذج الأمثل للمسؤولية التي يتحملها الجيل القديم بالنسبة إلى الجيل الجديد ، في علاقة الآباء بالأبناء ، فقد سبقوهم إلى التجربة ، في ما توحي به من المعرفة ، وإلى التأمّل ، في ما يوحي به من

١٨٩

العلم ، ولذلك فقد كان من الطبيعيّ للجوّ العاطفي الحميم أن يعمدوا إلى اختصار المرحلة التي يحتاج الأبناء إلى أن يقطعوها في وقت طويل ، وإلى تقديم التجربة ، وتحريك المعرفة في حياتهم ، ليبدأوا بداية طيبة من الموقع الثابت الصلب ، القائم على بدايات الآخرين ، لئلا يحتاجوا إلى أن يرجعوا إلى نقطة البداية في ذلك كله.

وهذا هو الذي جعل لقمان يجلس إلى ولده ، ليكون الدرس الأول الذي يقدمه له هو توحيد الله ، الذي عبّر عنه برفض الشرك ، لتتوحد كل آفاق الحياة لديه في أفق واحد ، ولتلتقي كل مواقعها في موقع واحد ، ولتتحرك كل اتجاهاتها في اتجاه واحد ، ليبقى الإنسان مع الله وحده ، وليدخل إلى الآخرين من الباب الذي ينفتح على الله ، لأنه وحده الحقيقة ، وكل ما عداه فهو ظلّ لوجوده.

وهناك نقطة أخرى وهي ربط مسألة الشرك بالله بالظلم ، في ما عبرت عنه الآية الكريمة : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لأنه ظلم مضاعف متعدد ، فهو ظلم لله من موقع التعدي على حق الله في توحيده في العقيدة وفي العبادة ، وكل تجاوز عن الحق ظلم ، من دون فرق بين انطلاقه من موقع القوّة أمام موقع الضعف ، وبين انطلاقه من موقع الضعف الذي لا يراعي حقوق القوي في خلقه وفي نعمه.

وهو ظلم للنفس ، لأنه يورّط النفس في عذاب الله ، كما يوقعها في الكثير من مواقع سخطه ، من خلال الارتباط بغيره ، والتعلق بالأهواء ، ونسيان الله تعالى ومنهاجه الذي يكفل للإنسان السعادة في الدنيا والآخرة.

* * *

١٩٠

توصية الإنسان بوالديه

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) ليشكرهما كما يشكر الله ، في الكلمة واللفتة والسلوك ، وهذا من الحكمة التي ألهمها الله لقمان ، والظاهر أنها من كلام الله لا من كلامه ، استكمالا لأجواء الشكر التي لا بد للإنسان من أن يعيشها في حياته مع الناس الذين يجب أن يشكرهم ، وخص الأم بالذكر لأنها الأكثر جهدا وتضحية والأشدّ خطورة في رعاية الولد ووجوده ، من الأب ، في ما يمثله الارتباط العضوي بين وجوده ووجودها في الحمل والولادة والإرضاع والتربية.

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) فهي تنتقل في حملها له من ضعف يستولي على كل جسدها ، إلى ضعف يكاد أن يسقطها في ما تنوء به من ثقل وما تتحمله من آلام ، وفي ما تعانيه من الخطر على الحياة عند الوضع.

(وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) وهي المدة التي تقوم فيها الأم بإرضاعه ، ليكون بعد ذلك لفصال ، وهو الفطام الذي يبدأ فيه الطفل بالغذاء الطبيعي بشكل عاديّ ، ثم ينمو ويتكامل في عقله وجسده لتبدأ المسؤولية العملية في حياته في ما حوله ، وفيمن حوله ، ليكون شكر الله هو البداية في ذلك ، حيث يحس بوجوده في كل عناصره التي تكفل له الاستمرار من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، فيبادر إلى الارتباط بالله من خلال هذا الإحساس العميق بالصلة التي تربطه به ، وتشدّه إليه. وإذا استقام له هذا الشكر الذي هو علامة الانفتاح عليه ، استمع إليه في وحيه (أَنِ اشْكُرْ لِي) لأني السرّ الأعمق في إرادة وجودك (وَلِوالِدَيْكَ) اللذين هما السبب المباشر والأداة المتحركة في فعليّة هذا الوجود ، ثم انطلق في الحياة من موقع الإيمان بأنك لن تخلد في الدنيا ، فإن لك عمرا محدودا لا بد من أن تستكمله ، لتموت من بعده ، ولكن لا لتنتهي الحياة عندك ، بل لتبدأ

١٩١

حياة جديدة ترجع فيها إلى الله حيث تواجه حساب المسؤولية. ولذلك فلا بد لك من أن تجعل كل حركتك وعلاقتك في الدنيا بكل الناس من حولك ، حتى أبويك ، مربوطة بالخط الذي يقرّبك إلى الله (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فإذا كان والداك هما اللذان أخرجاك إلى الحياة بشكل مباشر ، فإن الله هو الذي خلقهما من قبلك ، وهو الذي أودع في جسديهما سرّ انتقال الحياة إليك ، فهو الأوّل والآخر في ذلك كله.

* * *

لا طاعة للوالدين في الشرك

(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فاستعملا كل الضغوط التي يملكانها في السيطرة عليك لتنحرف عن خط التوحيد إلى خط الشرك الذي لا حجة لك عليه ، ولا علم لك به من ناحية البرهان ، أو لتنطلق إلى خط الضلال بعيدا عن خط التقوى ، لتتخبط في وحول المعصية ، ومتاهات الكفر ، ليقنعاك بأن الولد لا بد من أن يتبع والديه ، وينسجم مع قناعاتهما ، لأن طبيعة العلاقة الحميمة القوية تفرض الارتباط بالعقيدة والسلوك ، لتكون العائلة موحّدة في الفكر والانتماء والسلوك (فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) في هذا المنطق الخاطئ ، لأن طاعة الله هي الأساس ، فهو وحده الرب الذي يجب أن يعبده الناس كلهم ويطيعوه في كل أوامره ونواهيه ، ومهما بلغت علاقة الإنسان بالناس ، فإن علاقته بالله أقوى ، وحاجته إليه أشد ، لارتباط كل حياته به ، إذا كانت حياته ترتبط بهم في فترة معينة ، في الوقت الذي يمتد فيه الارتباط إلى إرادة الله ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولكن ذلك لا يمنع من بقاء الصلة الحميمة ، والإحسان إليهما ، والصحبة لهما بالمعروف ، بالرفق بهما ، والصبر عليهما ، والرعاية لهما في كل الأمور التي تفرضها العلاقة

١٩٢

في الدنيا ، مما يجعل من مسألة الأبوّة والأمومة ، شيئا يتصل بالإحسان والاعتراف بالجميل أكثر مما يتصل بالطاعة والانتماء الفكري والعملي.

(وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) لأن ذلك هو الخط الثابت للعلاقة الوثيقة التي تشمل الخط والانتماء والحركة ، وهو الذي يحدد للإنسان مجتمعة الحركي ، وقيادته المسؤولة ، ونهجه السليم. فليست الطاعة والانتماء إلا للذين يرجعون إلى الله في فكرهم وعملهم وكل توجهاتهم في الحياة. وذلك هو سبيل النجاة ، وهو الذي يجعل للحياة خطا مستقيما يؤدي بالإنسان إلى سعادته في الدنيا والآخرة ، (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) يوم القيامة ، حيث تلتقي العلاقات كلها بالله ، ليبقى منها ما ارتبط به ، وليزول منها ما انفصل عنه ، (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) لتواجهوا على أساس ذلك مسألة المصير.

* * *

١٩٣

الآيات

(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(١٩)

* * *

معاني المفردات

(عَزْمِ الْأُمُورِ) : العزم : عقد القلب على إمضاء الأمر.

(وَلا تُصَعِّرْ) : الصعر : ميل العنق ، والتصعير : إمالته عن النظر كثيرا.

(وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) : غض الصوت : النقص والقصر فيه.

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) : القصد في الشيء : الاعتدال.

* * *

١٩٤

لقمان يتابع مواعظه لولده

(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).

كيف ينبغي لك أن تفكر بقدرة الله وإحاطته بالأمور كلها في ما تفكر فيه من رزقك ، لتحصل على الثقة به ، ولتؤمن بالضمانة الإلهية التي تضمن لك استمرار وجودك في حركة رزقك؟

وكيف ينبغي لك أن تستلهم من ذلك كله كيف يحيط علم الله بالأشياء فيعلم أكثر الأمور دقّة ، وأشدّها خفاء ، وأبعدها عن الرؤية ، فلا يغيب عن علمه شيء في الأرض والسماء ، مما يجعلك تفكر في عمق المسؤولية ودقتها أمام الحساب الإلهيّ ، وتطمئن للإحاطة الإلهية ، في ما تطلع عليه من كل أدوات الحفظ والرعاية؟

هل ترى صغر الحبة التي لا تكاد تراها بالعين المجرّدة ، إلا بجهد وتركيز كبير؟ إن الله قادر في إحاطته المطلقة ، أن يأتي بها إليك إذا كانت عنصرا من عناصر رزقك ، ليضعها بين يديك ، سواء كانت في صخرة سوداء ، ضائعة في التراب المجتمع فوقها ، أو في الثغرات الموجودة في داخلها ، أو كانت في السماوات في أيّ مكان تفرض فيه ، أو كانت في الأرض في سطحها وعمقها ، لأن الله لطيف ، ينفذ علمه إلى كل شيء ، فلا يحجبه شيء ، عن شيء ، خبير بحقائق الأمور.

وإذا كان الله محيطا بالأشياء ، بهذا المستوى ، وقادرا عليها ، فهل يخفى عليه شيء من عمل الإنسان ، في ما يخفيه وفي ما يعلنه ، مما هو في مكنونات صدره أو ما هو في خفايا سرّه ، أو ما هو بارز في ظاهر حياته ، الأمر الذي يفرض عليه الشعور برقابة الله في كل أعماله وأقواله ، وفي كل نواياه؟!

* * *

١٩٥

الوصية بإقامة الصلاة

(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) فإنها معراج روح المؤمن إلى الله ، وهي التي تعمّق إحساس الإنسان بوجوده وبحضوره في كل حياته ، بالشعور بحضوره القوي في وعيه الفكري والروحي ، وهي التي تفسح المجال للعلاقة الحميمة أن تنفذ إلى قلب المؤمن في روحيته وعلاقته بربه.

* * *

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

(وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فتلك هي مسئولية الإنسان الذي يؤمن بالمعروف ويرفض المنكر ، من خلال رسالة الله ، فإن الإيمان والرفض ، لا يتحركان في معنى الانتماء كحالة ذاتية تبقى في وعي الذات وممارستها ، بل كخط رسوليّ يحوّل المؤمن إلى إنسان رسوليّ في الدور ، وإن لم يكن كذلك في الصفة ، لأن هدف الأنبياء أن يحوّلوا المجتمع إلى رسل تنفيذيين في امتداد الدعوة على مستوى تحريك الرسالة في طريق التطبيق ، وفي الرقابة الواعية على حركة المجتمع في هذا الاتجاه.

* * *

الصبر من عزم الأمور

(وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) فليس الصبر مظهر ضعف ولا

١٩٦

حالة هروب من الواقع ، ولا ابتعادا عن مواجهة التحدي ، بل هو مظهر قوّة في انتصار الإنسان على طبيعة الانفعال في مشاعره ، واهتزاز الاندفاع في خطواته ، وحركة الارتجال في مواقفه ، ليكون البديل عن ذلك عقلانية في التفكير ، واتزانا في الخطوات ، وتخطيطا في المواقف ، ليحدّد طريقه على أساس الدراسة الواعية المنفتحة على كل آفاق الحاضر والمستقبل ، وليواجه التحديات الطاغية ، بالخطة الدقيقة المتوازنة الباحثة عن الوصول إلى الهدف من أقرب طريق. إنها العزيمة الثابتة القوية الصلبة التي تمنح الإنسان معنى الصلابة في شخصيته ، ليواجه الحياة من هذا الموقع.

* * *

الله لا يحب المختال الفخور

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) وهو كناية عن وقفه التكبر والخيلاء التي يشيح فيها الإنسان بوجهه عن الناس ، ويعرض عنهم تكبّرا ، فإن المؤمن هو الذي يحترم الناس ويقبل عليهم ويتواضع لهم ، وينفتح لهم بكل وجهه وقلبه.

(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) لا تأخذك الخيلاء ، ومشاعر الزهو التي تملأ مشاعر الإنسان بالفرح الذي يطغى على شخصيته ، حتى يتحوّل ذلك إلى حركة استعراضية نزقة لا توحي بالهدوء والاتزان.

(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) لأن الاختيال يوحي بالتكبر والتجبر ، والله لا يحب المتكبرين المتجبرين ، ولأن الفخر يوحي بانتفاخ الشخصية من غير أساس واقعيّ معقول ، والله لا يحب الذين يزكون أنفسهم من دون واقع ،

١٩٧

لأن ذلك يمثل حالة كذب في الحركة والمظهر ، وإن لم يكن كذبا في اللسان.

* * *

القصد في المشي

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) ، والقصد هو الاعتدال في الشيء ، والمقصود أن على الإنسان أن يعتدل في طريقته في المشي ، من دون أيّة حركة استعراضية زائدة عن الحالة الطبيعية التي يؤدي بها المشي مهمته في الوصول إلى الهدف ، لأن ذلك يكشف عن عقدة نقص وعن حالة ضعف ، مما يستعمله الناس للإيحاء بنقيض ذلك ، ليكون المظهر غطاء للواقع المنهار ، كمن يدقّ الأرض بقدمه بشدّة للإيحاء بقوّة غير موجودة.

* * *

الغض من الصوت

(وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) لأن رفع الصوت بطريقة غير معتادة لا يدّل على أيّة حالة توازن ، لأن الصوت يمثل الوسيلة الطبيعية لتسهيل عملية التخاطب والتفاهم ، فيكفي فيه ما يحقق ذلك. أمّا ما زاد على ذلك ، فإنه يتحوّل إلى سفه وإزعاج للآخرين الذين قد يحتاجون إلى الهدوء والراحة والتخفف من صخب الواقع ، فيمنعهم الصوت العالي من ذلك كله ، هذا بالإضافة إلى أن الصوت كلما ارتفع أكثر ، كلما كان أبعد عن الذوق الفني الجماليّ ، لأنه يلتقي بأصوات الحمير المنكرة (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) الذي يملأ الجو بالإزعاج ويدفع الإنسان إلى التوتر العصبيّ في أكثر من موقع.

* * *

١٩٨

الاستنتاج من وصية لقمان لابنه

وقد نلاحظ أن وصية لقمان لابنه تصبّ في عدة مواقع :

الأول : موقع العقيدة ـ لا تشرك بالله.

الثاني : موقع العبادة ـ أقم الصلاة.

الثالث : موقع المسؤولية والثبات وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك.

الرابع : موقع التهذيب الاجتماعي في السلوك : ولا تصعر خدك للناس ، ولا تمش في الأرض مرحا ، واقصد في مشيك ، واغضض من صوتك.

وفي ضوء ذلك نستطيع أن نفهم كيف تتحرك الموعظة لتشمل كل القضايا المتحركة في هذه الخطوط ، ولتكون نهجا منفتحا على كل جوانب العقيدة والعبادة والمسؤولية في الدعوة والثبات ، والتحرك في المجتمع على أساس المحافظة على كل أجواء اللياقة الاجتماعية ، واحترام شعور الآخرين ، والاتزان في حركة الإنسان في نفسه ، ومع الناس ، ليكون الإنسان المؤمن إنسان الحياة المنفتح على وحدانية الله في العقيدة والعبادة والمسؤولية والسلوك.

* * *

١٩٩

الآيتان

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)(٢١)

* * *

معاني المفردات

(وَأَسْبَغَ) : الإسباغ : الإتمام والإيساع ، أي أتمّ وأوسع عليكم نعمه.

* * *

الكون مسخر لخدمة الإنسان

ويبقى الحديث عن الله وعن توحيده ، هو الأساس في هدف هذه السورة ، ليتأكد ـ من خلالها ـ جانب العقيدة التوحيدية في وعي الناس ، لتكون

٢٠٠