معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

ممّن حملن به وهنّ عواقد

حبك النّطاق فشبّ غير مهبّل (١)

وقد جعل بعضهم «فعّالا» بمنزلة فواعل فقالوا : «قطّان مكّة» و «سكّان البلد الحرام».

٥ ـ حكم تابع معمول اسم الفاعل :

يجوز في تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة : الجرّ مراعاة للّفظ ، والنصب مراعاة للمحلّ ، أو بإضمار وصف منوّن ، أو فعل نحو «العاقل مبتغي دين ودنيا» أي ومبتغ دنيا ، أو يبتغي دنيا ، ومنه قوله :

هل أنت باعث دينار لحاجتنا

أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق (٢)

نصب عبد عطفا على محل دينار ، ولو جر «عبد رب» لجاز ، بل هو الأرجح ، فإن كان الوصف غير عامل تعيّن إضمار فعل للمنصوب نحو قوله تعالى : (جاعِلِ)(٣) الْمَلائِكَةِ رُسُلاً (٤).

٦ ـ تقديم معمول اسم الفاعل عليه : يجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه نحو «الكتاب أنا قارىء» إلّا إذا كان اسم الفاعل مقترنا ب «أل» أو مجرورا بإضافة أو بحرف جرّ غير زائد فلا يجوز فيه تقديم المعمول نحو «قدم المؤلف الكتاب» و «هذا كتاب معلّم الأدب» و «ذهب أخي بمؤدّب ابني».

فإن كان حرف الجرّ زائدا جاز التّقديم نحو «ليس محمد خليلا بمكرم» والأصل «ليس محمد بمكرم خليلا».

٧ ـ إضافة معمول اسم الفاعل : يقول سيبويه : واعلم أنّ العرب يستخفّون فيحذفون التّنوين ـ أي من اسم الفاعل المفرد ، للإضافة ـ والنون ـ أي من المثنّى والجمع للإضافة ـ ولا يتغيّر من المعنى شيء ، وينجرّ المفعول (٥) لكفّ التنوين من الاسم ، فصار عمله فيه الجر ـ أي يصير المفعول مضافا إليه ومعناه المفعول ـ ودخل الاسم معاقبا للتنوين.

ويقول : وليس يغيّر كفّ التّنوين ، إذا حذفته مستخفّا ، شيئا من المعنى ، ولا يجعله معرفة فمن ذلك قوله عزوجل :

__________________

(١) الحبك : واحده : حبيك : الطرائق. النّطاق : ما تشده المرأة في حقوها. المهبّل : المعتوه الذي لا يتماسك.

(٢) دينار وعون بن مخراق كلها أعلام والمعنى :

هل أنت باعث لحاجتنا دينارا أو عبد ربّ الذي هو أخو عون بن مخراق.

(٣) إنما لم يعمل «جاعل» في الآية وهو اسم فاعل لأنه بمعنى الماضي و «رسلا» مفعول لجعل مقدرة.

(٤) الآية «١» من سورة فاطر «٣٥».

(٥) وخص المفعول ليخرج الفاعل والحال والتمييز فإنها لا تضاف.

٤١

(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(١) و (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ)(٢). (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ)(٣) و (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ)(٤) وأقول : ولو أتينا بالتّنوين وأعملناها ظاهرا لقلنا في غير القرآن : ذائقة الموت ، ومرسلون النّاقة ، وناكسون رءوسهم ، ومحلّين الصّيد والمعنى واحد ، ولكنّ حذف التّنوين والنّون أخفّ ، وأتى على الأصل قوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ)(٥).

ومما جاء في الشعر غير منوّن قول النابغة :

احكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت

إلى حمام شراع وارد الثّمد (٦)

وصف به النكرة ـ وهي حمام ـ لأنّ هذه الإضافة لا تفيد تعريفا كما تقدّم.

وقال المرّار الأسدي :

سلّ الهموم بكلّ معطي رأسه

ناج مخالط صهبة متعيّس (٧)

٨ ـ صيغة فاعل بمعنى مفعول :

وقد تأتي صيغة «فاعل مرادا بها اسم المفعول بقلّة وجاء من ذلك قوله تعالى :

(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ)(٨) أي مرضيّة.

ومنه قول الحطيئة يهجو الزّبرقان :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي

أي المطعوم المكسي وقد يجيء «فاعل» مقصودا به النسب ك «لابن» أي صاحب لبن. و «تامر» صاحب تمر (انظر النسب).

اسم الفعل :

١ ـ تعريفه :

هو ما ناب عن الفعل في العمل ولم يتأثّر بالعوامل ك «شتّان» و «صة» و «أوّه» وهو نوعان :

مرتجل ومنقول ، ومنها المتعدّي واللازم.

٢ ـ اسم الفعل المرتجل :

هو ما وضع من أوّل الأمر كذلك ك «هيهات» بمعنى بعد ، و «أوّه» بمعنى أتوجّع و «أفّ» بمعنى أتضجّر. و «وي» بمعنى أعجب قال تعالى : (وَيْكَأَنَّهُ لا

__________________

(١) الآية «١٨٥» من سورة آل عمران «٣».

(٢) الآية «٢٧» من سورة القمر «٥٤».

(٣) الآية «١٢» من سورة السجدة «٣٢».

(٤) الآية «١» من سورة المائدة «٥».

(٥) الآية «٢» من سورة المائدة «٥».

(٦) شراع : واردة للماء ، الثّمد : الماء القليل.

ويقول الشاعر للنعمان بن المنذر مصيبا للحق والعدل كما أصابت فتاة الحي وهي زرقاء اليمامة حين حزرت الحمام فأصابت.

(٧) معطى رأسه : ذلول ، ناج : سريع ، الصهبة : بياض يضرب إلى حمرة. متعيّس : الأبيض تخالطه شقرة.

(٨) الآية «٢١» من سورة الحاقة «٦٩».

٤٢

يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(١). أي أعجب لعدم فلاح الكافرين ، ومثلها «واها» و «وا» قال أبو النجم :

واها لسلمى ثمّ واها واها

هي المنى لو أنّنا نلناها

وقال الرّاجز من بعض بني تميم :

وا بأبي أنت وفوك الأشنب

كأنّما ذرّ عليه الزّرنب (٢)

و «وا» هذه اسم فعل ل «أعجب» ، و «صه» بمعنى اسكت ، و «مه» بمعنى انكفف ، و «هلمّ» بمعنى أقبل ، و «هيت» و «هيّا» بمعنى أسرع ، و «إيه» بمعنى امض في حديثك «وانظرها جميعا في حروفها». وورود اسم الفعل بمعنى الأمر كثير ، وبمعنى الماضي والمضارع قليل.

ولا تتصل باسم الفعل المرتجل علامة للمضمر المرتفع بها فهي للمفرد المذكر وغيره بصيغة واحدة.

وفائدة وضع أسماء الأفعال قصد المبالغة فكأنّ قائل «هيهات» أو «أفّ» أو «صه» يقول : بعد كثيرا ، وأتضجّر كثيرا ، واسكت اسكت.

٣ ـ اسم الفعل المنقول :

هو ما نقل عن غيره ، وهو : (أ) إمّا منقول عن : «ظرف» نحو «وراءك» بمعنى تأخّر ، و «أمامك» بمعنى تقدّم ، و «دونك» بمعنى خذ ، «مكانك» بمعنى اثبت.

(ب) وإما منقول عن «جارّ ومجرور» نحو «عليك» بمعنى الزم ، ومنه : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)(٣) و «إليك» بمعنى تنحّ ، ولا يقاس على هذه الظروف غيرها. ولا تستعمل إلّا متّصلة بضمير المخاطب ، لا الغائب ، ولا غير الضمير ، وموضع الضمير جرّ بالإضافة مع الظروف ، وجرّ بالحرف مع المنقول من الحروف ، وإذا قلت : «عليكم كلّكم أنفسكم» جاز رفع «كل» توكيدا للضمير المستكن ، وجرّه توكيدا للمجرور.

ج ـ وإمّا منقول عن مصدر وهو على قسمين :

(الأول) مصدر استعمل فعله ، نحو «رويد بكرا» أي أمهله ، فإنهم قالوا : «أروده إروادا» بمعنى أمهله إمهالا ، ثم صغّروا المصدر بعد حذف زوائده ، وأقاموه مقام فعله ، واستعملوه تارة مضافا إلى مفعوله ، فقالوا : «رويد محمد» وتارة منونا ناصبا للمفعول ، فقالوا : «رويدا

__________________

(١) الآية «٨٢» من سورة القصص «٢٨».

(٢) الزّرنب : ك «جعفر» نبات طيب الرائحة.

الشنب : ماء ورقّة يجري على الثغر.

(٣) الآية «١٠٥» من سورة المائدة «٥».

٤٣

عليا» (١). ثم نقلوه من المصدرية وسمّوا به فعله فقالوا : «رويد عليّا» (٢).

(الثاني) مصدر أهمل فعله نحو «بله» فإنه في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف ل «دع» و «اترك» يقال «بله عليّ» بالإضافة للمفعول ، كما يقال : «ترك عليّ» ثم نقلوه ، وسمّوا به فعله فقالوا : «بله عليّا» بنصب المفعول ، وبناء «بله» على الفتح على أنّه اسم فعل. وتستعمل «بله» بمعنى «كيف» فتكون خبرا مقدّما ، وما بعدها مبتدأ مؤخّر. وقد روي بالأوجه الثلاثة (٣) قول كعب بن مالك في وقعة الأحزاب :

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكفّ كأنّها لم تخلق (٤)

٤ ـ المنوّن وغير المنوّن من أسماء الأفعال :

ما نوّن من أسماء الأفعال كان «نكرة» وما لم ينوّن كان «معرفة» ، وقد التزم التنكير في «واها» والتزم التعريف في «نزال» و «تراك» وبابهما.

٥ ـ القياس في أسماء الأفعال لا ينقاس من أسماء الأفعال إلّا موازن «فعال» أمرا من الثلاثيّ التام المتصرف ك «نزال» و «أكال» بمعنى انزل وكل ، وما عدا ذلك فالمعوّل فيه السماع.

٦ ـ عمل اسم الفعل :

يعمل اسم الفعل عمل مسمّاه في التّعديّ واللزوم غالبا ، فإن كان مسمّاه لازما كان اسم فعله كذلك ، تقول : «هيهات نجد» كما تقول : بعدت نجد قال جرير :

فهيهات هيهات العقيق ومن به

وهيهات خلّ بالعقيق نواصله

وكذا إن كان متعدّيا تقول «تراك الفاسق» كما تقول «اترك الفاسق» و «حيهلا الثّريد» بمعنى إيته ، أو على الثّريد بمعنى أقبل عليه ، أو «بالثّريد» بمعنى عجّل به ، ومنه «إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر» أي أسرعوا بذكره ، ومن غير الغالب «آمين» بمعنى : استجب ، فإنّه لازم ، وفعله متعدّ.

__________________

(١) «رويد» في المثالين : مصدر نائب عن أرود وفاعله مستتر وجوبا و «محمد» في الأول مفعول به مجرور بإضافة المصدر إلى مفعوله و «عليا» في الثاني مفعول به منصوب.

(٢) والدليل على أن رويد «اسم فعل» كونه مبنيا بدليل كونه غير منون.

(٣) الإضافة والنصب على أنه مفعول به والرفع على أنه مبتدأ مؤخر.

(٤) فاعل «تذر» يعود على السيوف في البيت قبله وهو قوله :

نصل السيوف إذا قصرنا بخطونا

قدما ونلحقها إذا لم تلحق

والجماجم جمع جمجمة : وهي عظم الرأس ، وضاحيا من ضحا يضحى : إذا ظهر وبرز ، والهامة : وسط الرأس ومعظمه.

٤٤

٧ ـ لا يتقدّم معمول اسم الفعل عليه : فلا يقال عليّا رويد.

وأما قوله تعالى : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ)(١) وقول جارية من بني مازن :

يا أيّها المائح دلوي دونكا

إني رأيت الناس يحمدونكا

ف «كتاب» منصوب ب «كتب» محذوفة ، و «دلوي» منصوب بدونك محذوفا ، وليس معمولا لما بعده ، هذا ما عليه أكثر النّحاة (٢).

اسم الفعل المرتجل = اسم الفعل ٢.

اسم الفعل المنقول = اسم الفعل ٣.

اسم المرّة :

هو اسم مصوغ من فعل تامّ متصرّف غير قلبيّ ، ليس دالّا على صفة ملازمة كأفعال السّجايا وذلك للدّلالة على حصول الفعل مرّة واحدة.

ولا يصاغ من نحو «كاد» و «عسى» و «علم» و «ظرف» لأنّ الأول ناقص التّصرّف ، والثاني جامد ، والثالث قلبي ، والرابع من أفعال السّجايا وهو من الثّلاثي على وزن «فعلة» بفتح الفاء ك «جلس جلسة» و «أكل أكلة» إلّا إذا كان بناء المصدر على «فعلة» ك «رحمة» و «دعوة» و «نشدة» فالمرّة من هذه بوصفها ب «الواحدة» وشبهها ك «دعوة واحدة». أمّا من غير الثّلاثي فاسم المرّة منه بزيادة «تاء» على مصدره القياسيّ ك «انطلاقة» و «استخراجة» ما لم يكن المصدر القياسي بالتاء أيضا ك «إقامة» فيدلّ عليه بالوصف أيضا ، فيقال «إقامة واحدة» أو ما يدلّ على المرّة.

اسم المصدر :

١ ـ تعريفه :

«هو ما ساوى المصدر في الدّلالة على معناه ، وخالفه بخلوّه ـ لفظا وتقديرا دون عوض ـ من بعض ما في فعله» فخرج نحو «قتال» فإنّه خلا من ألف قاتل لفظا لا تقديرا ، ولذلك نطق بها في بعض المواضع ، نحو «قاتل قيتالا» لكنّها انقلبت ياء «لانكسار ما قبلها ، وخرج نحو «عدة» فإنّه خلا من واو «وعد» لفظا وتقديرا ولكن عوّض منها التاء ، فهذان مصدران لا اسما مصدر.

أمّا مثل «الوضوء ، والكلام» من قولك : توضّأ وضوءا ، وتكلّم كلاما ، فإنّهما اسما مصدر ، لا مصدران ، لخلوّهما لفظا وتقديرا من بعض ما في فعليهما ، وحقّ المصدر أن يتضمّن حروف فعله بمساواة نحو «توضّأ توضّأ» أو

__________________

(١) الآية «٢٤» من سورة النساء «٤».

(٢) أقول : وفي هذا تكلف ، وذهب الكوفيون إلى أن «عليك وعندك ودونك» يجوز تقديم معمولاتها كما في الآية والبيت.

٤٥

بزيادة نحو «أعلم إعلاما».

٢ ـ ما يعمل من أنواع اسم المصدر :

اسم المصدر على ثلاثة أنواع :

١ ـ علم نحو «يسار» علم لليسر مقابل العسر ، و «فجار» علم للفجور ، و «برّة» علم للبرّ ، وهذا لا يعمل اتّفاقا.

(٢) وذي ميم مزيدة لغير مفاعلة (١) وهو المصدر الميمي كالمضرب والمحمدة وهو عند كثير من النحاة مصدر.

(٣) ـ وغير هذين من أسماء المصادر اختلف فيه فمنعه البصريون ، وأجازه الكوفيون والبغداديون ، والشواهد كثيرة بإعماله ، ومن ذلك قول القطامي :

أكفرا بعد ردّ الموت عني

وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٢)

وقول الشاعر :

بعشرتك الكرام تعدّ منهم

فلا ترين لغيرهم الوفاء (٣)

وقوله :

قالوا كلامك هندا وهي مصغية

يشفيك قلت صحيح ذاك لو كانا (٤)

ومن ذلك قول عائشة (رض) «من قبلة الرجل زوجته الوضوء».

فالقبلة اسم مصدر بمعنى التقبيل وعمل في نصب مفعوله وهو «زوجته».

ومهما يكن من أمر فإعمال اسم المصدر قليل ، وإن كان قياسيا وقد مرّ بك التفصيل.

اسم المفعول : وأبنيته ـ وعمله :

١ ـ تعريف اسم المفعول :

هو ما دلّ على حدث ومفعوله ك «منصور» و «مكرم».

٢ ـ بناء اسم المفعول :

اسم المفعول : إمّا أن يأتي من الثّلاثي المجرّد ، وإمّا أن يأتي من غيره ، أمّا من الثلاثي : فيأتي على زنة مفعول ك «مضروب» و «مقصود» و «ممرور به» فإن بنيت «مفعولا» من الياء أو الواو ، قلت في ذوات الواو : «كلام مقول» و «خاتم مصوغ» وفي ذوات الياء : «ثوب مبيع» (٥) و «طعام مكيل» وكأنّ الأصل

__________________

(١) لغير مفاعلة : احترازا من نحو مضاربة فإنّها مصدر.

(٢) «عطائك» اسم مصدر وفاعله المضاف إليه والمائة مفعوله و «الرتاع» جمع راتعة وهي الإبل التي ترتع.

(٣) الشاهد في «بعشرتك الكرام» حيث عمل «العشرة» فنصب المفعول : وهو الكرام وهو اسم مصدر بمعنى المعاشرة.

(٤) الشاهدة في «كلامك هندا» حيث عمل «كلامك» فنصب المفعول وهو هندا وهو اسم مصدر بمعنى التكلم.

(٥) أصل «مبيع» مبيوع على وزن : مفعول نقلت حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبت الضمة كسرة لتسلم الياء ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين وأصل مقول : مقوول بواوين نقلت حركة الواو الأولى إلى الساكن قبلها ، ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين.

٤٦

مكيول ، ومقوول وإذا اضطّرّ شاعر جاز له أن يردّ مبيعا وجميع بابه ، إلى الأصل ، فيقول : مبيوع كما قال علقمة بن عبدة :

حتى تذكّر بيضات وهيّجه

يوم الرّذاذ عليه الدّجن مغيوم

وأنشد أبو عمرو بن العلاء :

«وكأنّها تفّاحة مطيوبة» وعند المبرّد : تصحيح مثل هذا للضّرورة ، أمّا عند سيبويه : فلغة عند بعض العرب ؛ يقول سيبويه : وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول : مخيوط ، ومبيوع (١) ، ومن غير الثّلاثي : يأتي من مضارعه المبني للمجهول بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة نحو «مستخرج» و «منطلق به» وقد ينوب «فعيل» عن «مفعول» ك «دهين» و «كحيل» و «جريح» و «طريح». ومرجع ذلك إلى السماع ، وقيل : ينقاس فيما ليس له «فعيل» بمعنى «فاعل» ك «قدر ورحم» لقولهم «قدير ورحيم».

٣ ـ عمل اسم المفعول :

يعمل اسم المفعول عمل فعله ، وشروطه كشروط اسم الفاعل ، وخلاصتها : أنّه إن كان ب «أل» عمل مطلقا (٢). وإن كان مجرّدا منها عمل بشرط كونه للحال أو الاستقبال وبشرط الاعتماد كما مر في اسم الفاعل (٣). تقول : «عامر معطى أبوه حقّه الآن أو غدا». كما تقول «عامر يعطى أبوه حقّه».

وتقول : «المعطى كفافا يكتفي». فـ «المعطى» مبتدأ ، ونائب فاعله عائد إلى «أل» ، و «كفافا» مفعول ثان ، و «يكتفي» الجملة خبر.

أسماء الزّمان والمكان :

١ ـ تعريف اسمي الزّمان والمكان :

هما اسمان مصوغان لزمان وقوع الفعل أو مكانه.

٢ ـ صيغهما من الثّلاثي :

هما من الثّلاثي على وزن «مفعل» إذا كان المضارع مضموم العين أو مفتوحها ، أو معتلّ اللام مطلقا ، نحو «مكتب» و «ملعب» و «مرمى» و «مسعى» و «مقام» من قام. وإن كان المضارع مكسور العين

__________________

(١) وكذا قال المازني في تصريفه.

(٢) أي سواء أكان للماضي أم للحاضر أم للمستقبل ، معتمدا على نفي وغيره أم غير معتمد. كما ذكر في شروط اسم الفاعل.

(٣) أي على النفي أو الاستفهام أو مخبر عنه أو صفة ومنها الحال.

٤٧

أو مثالا (١) مطلقا ، غير معتل اللام : فعلى وزن «مفعل» نحو «مجلس» و «مبيع» و «موعد» و «ميسر». ويستثنى من مضموم العين أحد عشر لفظا جاءت بالكسر ، وهي :

«المنسك ، والمطلع ، والمشرق ، والمغرب ، والمرفق ، والمفرق ، والمجزر ، والمنبت ، والمسقط ، والمسكن والمسجد». لاسمي الزمان والمكان.

٣ ـ صيغهما من غير الثلاثي :

تكون صيغة اسم الزّمان والمكان من غير الثّلاثي على زنة اسم المفعول ك «مدخل» و «مخرج» و «منطلق» و «مستودع».

وبهذا يعلم أنّ صيغة الزّمان والمكان ، والمصدر الميميّ واحدة في غير الثلاثي. وفي بعض أوزان الثّلاثي ، والتمييز حينئذ بينها يكون بالقرائن ، فإن لم تتضح فالصّيغة صالحة لكلّ منها.

٤ ـ صيغتهما من الاسم الجامد :

يصاغ بكثرة من الاسم الجامد اسم مكان على وزن «مفعلة» بفتح فسكون ، ففتح ، للدّلالة على كثرة ذلك الشيء في ذلك المكان ، ك «مأسدة» و «مسبعة» و «مقثأة» أي الموضع الذي تكثر فيه الأسود والسباع والقثّاء وهو مع كثرة وروده ليس له قياس مطّرد فلا يقال : «مضبعة» للموضع الكثير الضّباع ، ولا يقال :

«مقردة» لكثرة القردة في موضع. وقد تلحق اسمي الزّمان والمكان التاء نحو : «مقبرة» و «مطبعة» و «مدرسة» وذلك أيضا سماعيّ لا قياسيّ.

اسم الهيئة :

هو اسم مصوغ بشروط اسم المرّة نفسها (انظر اسم المرّة). للدّلالة على الحالة التي يكون عليها الفاعل عند الفعل. وزنته على «فعلة» بكسر الفاء ك «الجلسة» و «القتلة» ، إلّا إذا كان المصدر بالتاء فيدلّ على «الهيئة» بالوصف أو الإضافة نحو «نشد الضّالة نشدة عظيمة» أو «نشدة الملهوف».

أمّا بناؤه من غير الثّلاثي فشاذّ ك «خمرة» من اختمرت المرأة (٢).

و «نقبة» من «انتقبت» (٣) و «قمصة» من تقمّص أي غطّى جسمه بالقميص.

أسماء الاستفهام = الاستفهام.

أسماء الأصوات :

١ ـ أسماء الأصوات نوعان :

النوع الأول : ما خوطب به ما لا

__________________

(١) المثال : ما كانت فاؤه حرف علة.

ك «وعد» ـ المثال.

(٢) اختمرت المرأة : غطت رأسها بخمار.

(٣) انتقبت : غطّت وجهها بالنقاب.

٤٨

يعقل أو ما في حكمه من صغار الآدميّين.

مما يشبه اسم الفعل ، وذلك : إمّا زجر نحو «هلا» لزجر الخيل عن البطء ، ومنه قول ليلى الأخيلية للنابغة الجعدي.

تعيّرنا داء بأمّك مثله

وأيّ جواد لا يقال له «هلا»

و «عدس» لزجر البغل عن الإبطاء ومنه قوله :

عدس ما لعبّاد عليك إمارة

نجوت وهذا تحملين طليق

و «كخ» لزجر الطّفل ، وفي الحديث «كخ كخ فإنّها من الصّدقة» و «هيد» و «هاد» و «ده» و «جه» و «عاه» و «عيه» للإبل و «عاج» و «هيج» و «إس» و «هس» للغنم و «هجا» و «هج» للكلب و «سع» للضأن و «وح» للبقر و «عز» و «عيز» للعنز و «حرّ» للحمار.

وإمّا دعاء ـ أي طلب ـ ك «أو» للفرس و «دوه» للفصيل و «عوه» للجحش ، و «بسّ» للغنم و «جوت» و «حي» للإبل المورودة و «تؤ» و «تأ» للتيس المنزى و «نخ» للبعير المناخ و «هدع» لصغار الإبل المراد تسكينها من نفارها ، و «سأ» و «تشوء» للحمار المورود ، و «دح» للدّجاج و «قوس» للكلب.

النوع الثاني : ما حكي به صوت ، نحو «غاق» لحكاية الغراب ، و «شيب» لشّرب الإبل ، و «طيخ» للضّحك ، و «طق» لوقع الحجر على الحجر و «قب» لوقع السيف.

٢ ـ أسماء الأصوات لا ضمير فيها وهي مبنية :

أسماء الأصوات مبنيّة لمشابهتها الحروف المهملة ، فهي أسماء لا ضمير فيها.

أسماء الجهات :

أسماء الجهات هي : «خلف ، وأمام ، وقدّام ، ووراء ، وفوق ، وتحت». (انظر في حروفها).

ولها كلّها أحوال «قبل وبعد» (١) تقول : «وفد الناس وصديقك خلف أو أمام». تريد : خلفهم أو أمامهم. قال رجل من تميم :

لعن الإله تعلّة بن مسافر

لعنا يشنّ عليه من قدّام

وقال معن بن أوس المزني :

لعمرك ما أدري وإني لأوجل

على أيّنا تعدو المنية أوّل

وحكى أبو علي الفارسي : «إبدأ بذا من أول» بالضم على نية معنى المضاف إليه ، وبالخفض على نية لفظه

__________________

(١) (انظر قبل وبعد).

٤٩

وبالفتح على نية تركها ، ومنعه من الصرف لوزن أفعل والوصف.

الأسماء الخمسة = الأسماء الستة.

الأسماء الستة :

١ ـ هي «ذو» بمعنى صاحب و «فوك» وهو الفم ، و «أبوك» و «أخوك» و «حموك» و «هنوك».

٢ ـ إعرابها :

ترفع بالواو ، وتنصب بالألف ، وتجرّ بالياء بشروط ، هي أن تكون :

١ ـ مفردة لا مثناة ولا مجموعة.

٢ ـ مكبّرة لا مصغّرة.

٣ ـ مضافة لا مقطوعة عن الإضافة.

٤ ـ إضافتّها لغير ياء المتكلّم ، من اسم ظاهر ، أو ضمير ، فإن كانت مثناة أعربت كالمثنى نحو «أبوان» رفعا أو «أبوين» نصبا وجرا ، وإن كانت مجموعة جمع تكسير أعربت بالحركات نحو «آباء الحسن» و «أذواء اليمن» أو جمع مذكّر سالما أعربت بالحروف أي بالواو والنّون رفعا وبالياء والنّون نصبا وجرّا نحو «أبوون ، أبوين» و «ذوو فضل وذوي فضل». وإن صغّرت أعربت بالحركات نحو «أبيّك ، وأخيّك». وإن قطعت عن الإضافة أعربت بالحركات نحو (وَلَهُ أَخٌ) و (إِنَّ لَهُ أَباً) و (بَناتُ الْأَخِ) وإذا أضيفت إلى ياء المتكلّم أعربت بحركات مقدّرة على ما قبل الياء نحو (وَأَخِي هارُونُ) أمّا «ذو» فلا حاجة لاشتراط الإضافة فيها لأنّها ملازمة للإضافة ، ولكنّها لا تضاف إلى الضمير ، ومثلها «فو» فهي ملازمة للإضافة. أمّا «الفم» فتعرب بالحركات.

٣ ـ الأفصح في لفظ «الهن» : الأفصح في «الهن» (١) إذا استعمل مضافا النّقص أي حذف الواو منه ، وبذلك يعرب بالحركات الثلاث على النون ومن هذا الحديث : «من تعزّى بعزاء الجاهليّة فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا».

٤ ـ النقص في الأب والأخ والحم :

يجوز النقص بضعف في هذه الثلاثة وهو حذف حرف العلّة منها وإعرابها بالحركات ومن هذا قول رؤبة يمدح عديّ بن حاتم :

بأبه اقتدى عديّ في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

وقد تكون الضّرورة في الوزن اضطّرت الشاعر أن يحذف الياء في الأول والألف في الثاني.

٥ ـ خلاصة إعراب الأسماء الستة :

الأسماء الستة على ثلاثة أقسام :

(أولا) ما فيه لغة واحدة ، وهي

__________________

(١) الهن بتخفيف النون وتشديدها : كناية عن الشيء لا تذكره باسمه. ا. ه. نهاية.

٥٠

الإعراب بالحروف ، وهما «ذو» بمعنى صاحب و «فو» بمعنى الفم.

(ثانيا) ما فيه لغتان ، وهو «الهن» فإنّ فيه النقص وهو حذف حرف العلة ، وإعرابه بالحركات وهو الأفصح ، والإتمام وهو إعزابه بالحروف. وهو الأقلّ.

(ثالثا) ما فيه ثلاث لغات وهو : «الأب ، والأخ ، والحم» فإن فيهن «الإتمام» وهو الإعراب بالحروف ، وهذا هو الأشهر والأفصح ، «والقصر» وهو أن تلزمها الألف في جميع أحوالها كالاسم المقصور ، وهذا دون الأول «والنقص» وهو حذف حرف علّتها وإعرابها بالحركات ، وهذا نادر.

أسماء الشّرط = جوازم المضارع (٧)

أسماء الموصول = الموصول الاسمي.

الإشارة = اسم الإشارة.

الاشتغال :

١ ـ حقيقة الاشتغال :

أن يتقدّم اسم ويتأخّر عنه عامل (١) مشتغل عن الاسم المتقدّم بعمله في ضميره ، أو في سبب (٢) ضميره ، بواسطة أو بغيرها ، ويكون العامل بحيث لو سلّط على الاسم المتقدّم لنصبه لفظا أو محلا نحو «محمدا كلمته» و «هذا علّمته» أي كلمت محمدا كلمته وعلّمت هذا علّمته ، وحينئذ فيضمر للإسم السّابق إذا نصب عامل مناسب للعامل الظاهر ، ومناسبته له : إمّا بكونه مثله كما مرّ ، أو مرادفه نحو «هاشما مررت به» تقديره جاورت هاشما ، أو لازمه نحو «عليّا ضربت عدوّه» فيقدر «أكرمت عليّا أو سررت عليّا». لأنّه اللازم لضرب العدوّ.

٢ ـ شرط الاسم المتقدم ، وشرط العامل :

شرط الاسم المتقدّم أن يكون قابلا للإضمار ، فلا يقع الاشتغال عن حال ولا تمييز. وشرط العامل المشغول أن يصلح للعمل فيما قبله ، فلا يكون صفة مشبّهة ، ولا مصدرا ، ولا اسم فعل ، ولا فعلا جامدا كفعلي التّعجّب ، وألّا يفصل بينه وبين الاسم السابق بأجنبي.

٣ ـ حكم الاسم السابق :

الأصل أنّ ذلك الاسم يجوز فيه وجهان :

(أحدهما) راجح وهو الرفع بالابتداء لسلامته من التقدير.

__________________

(١) المراد بالعامل هنا : فعل متصرف أو اسم فاعل أو اسم مفعول فقط.

(٢) سبب ضميره : هو الاسم الظاهر المضاف إلى ضمير الاسم السابق نحو «علي أكرمت ابنه» و «ابنه» هو السبب.

٥١

(والثاني) مرجوح وهو النّصب لاحتياجه إلى تقدير فعل موافق للمذكور ، أو مرادف له ، أو لازم محذوف وجوبا ، فما بعده لا محل له لأنه مفسّر.

وقد يعرض له ما يوجب نصبه ، أو رفعه ، أو يرجّح أحدهما ، أو يسوّي بينهما فله حينئذ خمس أحوال :

(أحدها) وجوب النّصب :

يجب نصب الاسم المتقدّم إذا وقع بعد «أداة تختصّ بالفعل كأدوات التحضيض» نحو «هلّا أخاك أكرمته».

و «أدوات الاستفهام» غير الهمزة نحو «هل المدينة رأيتها» و «متى عمرا لقيته» و «أدوات الشّرط» نحو «حيثما عليّا تلقه فأكرمه» إلّا أنّ الاشتغال لا يقع بعد أدوات الشّرط والاستفهام إلّا في الشعر إلّا إذا كانت أداة الشرط «إذا» مطلقا أو «إن» والفعل ماضيا فيقع في النثر والنظم نحو «إذا السائل لقيته أو تلقاه فتصدّق عليه» و «إن المسكين وجدته فارفق بحاله».

(الثاني) وجوب الرفع :

يجب رفع الاسم المتقدّم في موضعين (أ) أن يقع الاسم بعد أداة تختص بالدخول على المبتدأ ك «إذا» الفجائية» نحو «خرجت فإذا الجوّ ملأه الغبار» و «ليت» المقرونة ب «ما» نحو «ليتما خالد زرته» لأنّ «إذا» المفاجأة و «ليت» المكفوفة لا يليهما فعل ، ولو نصبت ما بعدهما كان على تقدير الفعل ، ولا يتأتّى ذلك. (ب) أن يقع بعد الاسم المشتغل عنه أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها نحو «خالد إن علّمته يكافئك» و «مدارس العلم هلّا زرتها».

(الثاني) رجحان النّصب :

يرجح نصب الاسم المتقدم في خمسة مواضع :

(أ) أن يقع قبل فعل طلبيّ وهو «الأمر والدعاء» ولو بصيغة الخبر ، والفعل المقرون بأداة الطلب ، نحو «خليلا أرشده» و «محمدا رحمه‌الله» و «خالدا ليكرمه صديقه» و «محمودا لا تهمله».

وإنما وجب الرفع في نحو «محمد أكرم به». لأن الضمير في «به» محلّه الرفع لأنه في حقيقته فاعل.

(ب) أن يقع الاسم بعد أداة يغلب دخولها على الأفعال ك «همزة الاستفهام» نحو (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ)(١).

فإن فصلت الهمزة فالمختار الرفع نحو «أأنت محمد تكلّمه» إلا في الفصل بالظرف نحو «أكلّ يوم ولدك تزجره» لأنّ

__________________

(١) الآية «٢٤» من سورة القمر «٥٤».

٥٢

الفصل به لا يعتدّ به ومثل الهمزة النفي ب «ما» أو «لا» أو «إن» نحو «ما عدوّك كلّمته» أو «لا أخاك رأيته» أو «إن زيدا رأيته». ومنها : «حيث» نحو «حيث زيدا تلقاه فأكرمه» لأنّها تشبه أدوات الشرط فلا يليها في الغالب إلا فعل. فإن اقترنت ب «ما» صارت أداة شرط واختصّت بالفعل.

(ج) أن يقع الاسم بعد عاطف مسبوق بجملة فعلية ، وهو غير مفصول ب «أما» نحو «لقيت زيدا ومحمدا كلمته». ليكون من عطف الفعل على مثله ، وهو أنسب ، بخلاف «أصلحت الأرض وأمّا الشجر فسقيته» لأنّ «أمّا» تقطع ما بعدها عما قبلها فيختار الرّفع ، و «حتّى ولكن وبل» كالعاطف نحو «حدّثت أهل المحفل حتّى الرئيس حدّثته» و «ما رأيت محمدا ولكن خالدا رأيت أخاه».

(د) أن يجاب به استفهام عن منصوب نحو «خالدا استشرته» جوابا لمن سألك «من استشرت؟».

(ه) أن يكون النصب لا الرفع نصّا في المقصود نحو (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)(١) إذ لو رفع «كلّ» لأوهم أن جملة خلقناه صفة لشيء ، و «بقدر» خبر عن كل (٢). ومن ثمّ وجب الرفع في قوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)(٣). وأن الفعل صفة.

(الرابع) استواء الرّفع والنّصب :

يستوي الرفع والنّصب في الاسم المتقدم إذا وقع الاسم بعد عاطف تقدّمته جملة ذات وجهين (٤) بشرط أن يكون في الجملة المفسّرة ضمير المبتدأ ، أو تكون معطوفة بالفاء نحو «عليّ سافر وحسنا أكرمته في داره» (٥) أو «فحسنا أكرمته» أو «حسن» بالنصب والرفع فيهما لحصول المشاكلة في كلا الوجهين.

(الخامس) رجحان الرفع على النّصب :

يترجّح الرفع على النّصب في غير المواضع المتقدّمة.

٤ ـ المشتغل يكون فعلا أو اسما :

كل ما مرّ من الاشتغال يتعلّق بالأفعال

__________________

(١) الآية «٤٩» من سورة القمر «٥٤».

(٢) فيوهم أن الذي يقدر هو الشيء الموصوف بخلق الله ، وأن هناك شيئا ليس مخلوقا له ، وهو خلاف الواقع ، وإنما لم يتوهم ذلك في النصب لأن «خلقناه» يتعين أن يكون مفسّرا للعامل المحذوف لا صفة لشيء لأن الوصف لا يعمل فيما قبله ، فلا يفسّر عاملا.

(٣) الآية «٥٢» من سورة القمر «٥٤».

(٤) الجملة ذات الوجهين : هي جملة صدرها اسم وعجزها فعل كالأمثلة الواردة.

(٥) الهاء في داره تعود على المبتدأ وهو عليّ.

٥٣

المشتغلة فيما بعدها عما قبلها ، أما الاسم فقد يشتغل بشروط ثلاثة :

(١) أن يكون وصفا.

(٢) عاملا.

(٣) صالحا للعمل فيما قبله نحو «الكتاب أنا قارئه الآن أو غدا». فيخرج بالشرط الأول اسم الفعل والمصدر نحو «محمد عليكه وأخوك إحتراما إياه». وبالشّرط الثاني : الوصف للمضيّ لأنّه لا يعمل نحو «الباب أنا مصلحه أمس».

وبالثالث : الصفة المشبّهة نحو «وجه الأب محمد حسنه» (١).

٥ ـ رابطة الاشتغال :

لا بدّ في صحة الاشتغال من رابطة بين العامل والاسم السّابق ، وتحصل «الرابطة» بضميره المتصل بالعامل ، نحو «بكرا أكرمته».

أو بضميره المنفصل من العامل بحرف جر نحو «عليّا مررت به».

أو باسم مضاف للضمير نحو «محمدا كلمت أخاه». أو باسم أجنبيّ أتبع بتابع مشتمل على ضمير الاسم ، بشرط أن يكون التابع نعتا له نحو «خالدا استشرت رجلا يحبّه». أو عطفا بالواو نحو «محمدا علمته عمرا وأخاه». أو عطف بيان نحو «خالدا كلّمت عليا صديقه» لا بدلا ، لأنّه في نية تكرار العامل ، فتخلوا الجملة الأولى من الرابط.

الاشتقاق :

١ ـ تعريفه :

هو أخذ كلمة من أخرى بنوع تغيير مع التّناسب في المعنى ، والتّغيير : إمّا في الهيئة فقط ك «نصر» من «النّصر» أو في الهيئة والحروف بالزيادة أو النقص كالأمر من النّصر «انصر» والأمر من الوعد «عد» والاشتقاق من أصل خواصّ كلام العرب ، فإنّهم أطبقوا على أنّ التّفرقة بين اللفظ العربيّ والعجميّ بصحّة الاشتقاق.

٢ ـ أركان الاشتقاق :

أركانه أربعة :

(١) المشتقّ.

(٢) المشتق منه.

(٣) المشاركة بينهما في المعنى والحروف.

(٤) التّغيير.

__________________

(١) و «وجه» واجب رفعه بالابتداء ، وجملة «محمد حسنه» خبره ، ولا يجوز نصبهما لأنّ الصفة وهو «حسن» لا تعمل فيما قبلها ، وهذا التركيب وإن مثل به علماء النحو فهو بعيد عن فصاحة العربية وأصل التركيب.

محمد حسن وجه الأب ، فجرّب النحاة أن يقدموا معمول الحسن ويعيدوا عليه ضميره ليروا هل لا يزال يعمل فيه لفظ الحسن فقرروا أن الصفة المشبهة لا تعمل فيما قبلها فيتعين أن الاسم المتقدم هو مبتدأ ومن هنا جاء هذا التركيب.

٥٤

فإن فقدنا التّغيير لفظا حكمنا بالتّغيير تقديرا.

٣ ـ المشتقات :

المشتقات عشرة : «الماضي ، والمضارع ، والأمر ، واسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبّهة ، واسم التّفضيل ، واسم الزّمان ، واسم المكان ، واسم الآلة» (انظر بحروفها).

٤ ـ أقسام الاشتقاق :

أقسامه ثلاثة :

(١) الاشتقاق الصّغير وهو ما اتّحدت الكلمتان فيه حروفا وترتيبا ك : «علم» من «العلم» وهو كل ما سبق ، وهو المقصود عند الصّرفيين.

(٢) الاشتقاق الكبير وهو ما اتّحدت فيه الكلمتان حروفا لا ترتيبا ك «اضمحّل الشيء» و «امضحلّ» و «طمس الطريق» و «طسم» انطمس ودرس.

(٣) الاشتقاق الأكبر وهو ما اتّحدت الكلمتان فيه ، في أكثر الحروف مع تناسب في الباقي ك «الفلق والفلج» وهما الشقّ. و «أله ودله» بمعنى تحيّر.

٥ ـ أصل المشتقّات :

أصل جميع المشتقات «المصدر ، لأنّ معناه بسيط ، ومعنى غيره مركّب وقال الكوفيون : أصل المشتقّات : الفعل ، لأنّ المصدر تابع له في الإعلال ك «أقام إقامة». والبصريّون أنفسهم يعبّرون في كلامهم عن رأي الكوفيين إذ يقولون : إذا كان الفعل كذا فمصدره كذا يجعلون بالتّطبيق الأصالة للفعل.

٦ ـ لا يدخل الاشتقاق في أشياء :

لا يدخل الاشتقاق في خمسة أشياء :

(١) الأسماء الأعجمّية ك «إسماعيل».

(٢) أسماء الأصوات ك «غاق».

(٣) الأسماء الواغلة في الإبهام ك «من» و «ما».

(٤) اللغات المتضادّة ك «الجون» للأبيض والأسود.

(٥) الأسماء الخماسيّة ك «سفرجل».

ويجوز أن يدخل الاشتقاق في بعض الحروف وقد قالوا «أنعم له بكذا» أي قال له : نعم. و «سوّفت الرجل». أي قلت له : سوف أفعل ، و «سألتك الحاجة فلو ليت» أي قلت لي : لو لا. و «لا ليت» وهي كلمة واحدة : أي قلت لي : لا ، لا وأشباه ذلك.

أصبح :

(١) ـ تأتي ناقصة من أخوات «كان» وهي تامة التصرّف وتستعمل ماضيا ، ومضارعا ، وأمرا ، ومصدرا ، نحو «أصبح محمّد كريم الخلق» ، ولها مع «كان» أحكام أخرى (انظر كان وأخواتها).

٥٥

(٢) وتأتي تامّة فتكتفي بمرفوعها ، ويكون فاعلا لها ، وذلك حين يكون معنى «أصبح» دخل في الصباح نحو قوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(١).

الإضافة :

١ ـ ضمّ كلمة إلى أخرى بتنزيل الثانية منزلة التنوين من الأولى ، والقصد منها : تعريف السّابق باللّاحق ، أو تخصيصه به ، أو تخفيفه نحو «كتاب الأستاذ» و «ضوء شمعة» و «هو مدرّس الدّرس». أي الدرس المعهود ، وأصلها : هو مدرّس الدّرس.

٢ ـ ما يحذف بالإضافة :

يحذف ـ بالإضافة ـ من الاسم الأول : التنوين ، ونون مثنّى أو جمع مذكر سالم ، وما ألحق بهما ، نحو «دار الخلافة» (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(٢) و «سافر قاصدو الحجّ» و («أُولُوا الْأَرْحامِ)(٣). ولا تحذف النّون التي تظهر عليها علامة الإعراب ـ وهي النون الأصلية ـ نحو «بساتين عليّ» و «شياطين الإنس».

٣ ـ عامل المضاف إليه :

يجرّ المضاف إليه بالمضاف لا بالحرف المنوي.

٤ ـ الإضافة بمعنى «اللام» أو «من» أو «في» :

الغالب في الإضافة أن تكون بمعنى «اللّام» ودونها أن تكون بمعنى «من» ويقلّ أن تكون بمعنى «في» (٤). وضابط التي بمعنى «في» أن يكون المضاف إليه ظرفا للمضاف نحو (مَكْرُ اللَّيْلِ)(٥). و (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ)(٦).

وضابط التي بمعنى «من» أن يكون المضاف بعض المضاف إليه ، مع صحة إطلاق اسمه عليه نحو «خاتم ذهب» و «قميص صوف» فتقديره : خاتم من ذهب ، وقميص من صوف وظاهر : أن الخاتم بعض الذّهب. والقميص بعض الصوف ، ويقال : «هذا الخاتم ذهب» و «هذا القميص صوف». فإذا انتفى الشّرطان معا نحو «كتاب أحمد» و «مصباح المسجد» أو الأول فقط ك «يوم الجمعة» أو الثاني فقط ك «يد الصّانع» فالإضافة بمعنى «لام الملك أو الاختصاص».

__________________

(١) الآية «١٧» من سورة الروم «٣٠».

(٢) الآية الأولى من سورة المسد «١١١».

(٣) الآية «٧٥» من سورة الأنفال «٨».

(٤) الإضافة بمعنى «في» لم تثبت عند جمهور النحاة.

(٥) الآية «٣٣» من سورة سبأ «٣٤».

(٦) الآية «٤١» من سورة يوسف «١٢».

٥٦

٥ ـ التّعريف أو التخصيص في الإضافة :

الإضافة على نوعين :

(١) نوع يفيد تعرّف المضاف بالمضاف إليه إن كان معرفة ، نحو «رسل الله».

(٢) نوع يفيد تخصيص المضاف ، دون تعريفه ، وهو قسمان : قسم يقبل التّعريف ، ولكن يجب تأويله بنكرة ، وذلك إذا حلّ محل ما لا يكون معرفة نحو «ربّ رجل وأخيه» و «كم ناقة وفصيلها» و «جاء وحده». لأن «ربّ وكم» لا يجرّان المعارف ، فهما في تأويل «ربّ رجل وأخ له». و «كم ناقة وفصيل لها». وكذا «وحده» فهي في تأويل «منفردا» لأنّها حال ، والحال واجبة التنكير ، وقسم لا يقبل التّعريف أصلا ، وضابطه أن يكون المضاف متوغلا في الإبهام ك «غير» و «مثل» (١). إذا أريد بهما مطلق المغايرة والمماثلة نحو «أبصرت إنسانا غيرك» أو «مثلك» لأنّ المغايرة أو المماثلة بين الشّيئين لا تخصّ وجها بعينه.

٦ ـ الإضافة معنويّة ولفظيّة :

الإضافة التي تفيد تعريفا أو تخصيصا إضافة «معنويّة» ويسمونها محضة ، أي خالصة من تقدير الانفصال وهي المقصودة ، وتقدّمت في النّوعين السّابقين. وهناك نوع من الإضافة لا يفيد شيئا إلا الخفّة والتّزيين ، ويسمّونها : «الإضافة اللفظية» (وانظرها مفصلة في : الإضافة اللّفظية).

٧ ـ الجمع بين «أل» و «الإضافة» الأصل في الإضافة التّعريف ، فلا يجمع بينها وبين «أل» لما يلزم عليه من وجود معرّفين ، هذا بالنّسبة للإضافة المعنويّة ، أما بالنّسبة للإضافة اللّفظية فيمكن ذلك في خمس مسائل (انظر الإضافة اللفظية).

٨ ـ ما يكتسبه المضاف من المضاف إليه :

يكتسب المضاف من المضاف إليه أشياء :

(أحدها) : التّعريف : نحو «كتاب عليّ».

(الثاني) التّخصيص نحو «بيت رجل». والتخصيص أقل من التعريف.

(الثالث) تأنيثه لتأنيث المضاف إليه ، وبالعكس ، وشرط ذلك في الصّورتين الآتيتين : صلاحيّة المضاف للاستغناء عنه بالمضاف إليه ، فمن الأول «قطعت بعض أصابعه» وقراءة بعضهم تلتقطه بعض السّيّارة (٢) وقول الأغلب العجلي :

__________________

(١) وك «مثل» و «غير» شبهك ، وخدنك ، وتربك ، وكذا : حسبك ، وشرعك بمعنى حسبك.

(٢) الآية «١٠» من سورة يوسف «١٢».

٥٧

طول اللّيالي أسرعت في نقضي

نقضن كلّي ونقضن بعضي

ولا يجوز «قامت غلام هند» الإنتفاء الشرط المذكور ، وهو إمكان الاستغناء بالمضاف إليه عن المضاف.

ومن الثاني وهو تذكيره لتذكير المضاف إليه قوله :

إنارة العقل مكسوف بطوع هوى

وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا

قال : مكسوف ، ولم يقل مكسوفة ولا يجوز «قام امرأة خالد» لعدم صلاحيّة المضاف للاستغناء عنه بالمضاف إليه.

(الرّابع) التّخفيف كقوله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(١). وقوله : (ثانِيَ عِطْفِهِ)(٢). (انظر التفصيل في اسم الفاعل وأبنيته وعمله ٧).

(الخامس) الظّرفية نحو (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ)(٣) وقول الراجز :

«أنا أبو المنهال بعض الأحيان»

(السادس) المصدرية نحو : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٤) فـ «أيّ» مفعول مطلق ناصبه ينقلبون.

(السّابع) وجوب التّصدير ولهذا وجب تقديم المبتدأ في نحو : «غلام من عندك» وتقديم الخبر في نحو «صبيحة أيّ يوم سفرك».

(الثامن) البناء ، وذلك في ثلاثة أبواب :

(أ) أن يكون المضاف مبهما ك «غير ومثل ودون» فمثل «غير» قول أبي قيس بن الأسلت :

لم يمنع الشّرب فيها غير أن نطقت

حمامة في غصون ذات أو قال

و «غير» فاعل ب «لم يمنع» وقد بنيت على الفتح. ومثال «مثل» قوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٥) الأكثر على فتح «مثل» وهي صفة ل «لحقّ» مبنية على الفتح ، ومثال «بين» قوله سبحانه : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)(٦) فيمن فتح «بينا» ويؤيده قراءة الرفع.

(ب) أن يكون المضاف زمانا مبهما ، والمضاف إليه «إذ» نحو (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ)(٧) يقرآن بجرّ يوم وفتحه.

(ج) أن يكون زمانا مبهما والمضاف إليه فعل مبنيّ بناء أصليّا أو بناء عارضا ،

__________________

(١) الآية «٩٥» من سورة المائدة «٢».

(٢) الآية «٩ ـ ١٠» من سورة الحج «٢٢».

(٣) الآية «٢٤» من سورة إبراهيم «١٤».

(٤) الآية «٢٢٧» من سورة الشعراء «٢٦».

(٥) الآية «٢٣» من سورة الذاريات «٥١».

(٦) الآية «٩٤» من سورة الأنعام «٦».

(٧) الآية «٦٦» من سورة هود «١١».

٥٨

أمّا الأصلي كقول النابغة :

على حين عاتبت المشيب على الصّبا

وقلت ألمّا أصح والشّيب وازع

وأمّا العارض فكقول الشاعر :

لأجتذبن منهنّ قلبي تحلّما

على حين يستصبيبن كلّ حليم

فإن كان المضاف إليه فعلا معربا ، أو جملة إسمية وجب الإعراب عند البصريين ، ولكنّ قراءة نافع في قوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ) بفتح «يوم» وقراءة (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً)(١) بفتح «يوم» تجعلان جواز البناء صحيحا.

٩ ـ الإضافة إلى المرادف ، وإلى الصّفة وإلى الموصوف :

لا يضاف اسم إلى مرادفه ك «قمح برّ» ولا موصوف إلى صفته ك «رجل عالم» ولا صفة إلى موصوفها ك «عالم رجل». فإن سمع ما يوهم شيئا من ذلك يؤوّل ، فمن الأول المرادف قولهم : «سعيد كرز» (٢) وتأويله : أن يراد بالأوّل المسمّى ، وبالثاني : الاسم. أي : سعيد المسمّى كرزا.

ومن الثاني ـ وهو إضافة الموصوف إلى صفته ـ قولهم : «حبّة الحمقاء» و «صلاة الأولى» و «مسجد الجامع». وتأويله : أن يقدّر موصوف ، أي حبّة البقلة الحمقاء ، وصلاة السّاعة الأولى ، ومسجد المكان الجامع ، ومن الثالث ـ وهو إضافة الصّفة إلى موصوفها ـ قولهم : «جرد قطيفة» (٣) و «سحق عمامة» (٤). وتأويله : أن يقدّر موصوف أيضا ، ويقدّر إضافة الصّفة إلى جنسها ، أي : شييء جرد من جنس القطيفة. وشيء سحق من جنس العمامة.

١٠ ـ الأسماء بالنّسبة للإضافة : الأسماء بالنسبة لصلاحيّتها للإضافة أو امتناعها أو وجوبها ثلاثة أقسام :

(أ) أن تكون صالحة للإضافة والإفراد وذلك هو الغالب ك «ورق وقلم ، وعمل وأرض وغير ذلك كثير».

(ب) أن تمتنع إضافتها «كالمضمرات». و «أسماء الإشارة» و «الموصولات» ـ سوى «أيّ» ـ و «الأعلام» و «أسماء الشّرط» و «أسماء الاستفهام» ـ عدا «أيّ» منهما ـ فالأربعة الأولى معارف والبواقي شبيهة بالحرف.

(ج) أن تجب إضافتها ، وذلك على نوعين :

__________________

(١) الآية «١٩» من سورة الانفطار «٨٢».

(٢) الكرز : خرج الراعي ، ويطلق على اللئيم والحاذق.

(٣) الجرد : الخلق ، والقطيفة : كساء له خمل.

(٤) السّحق : البالي.

٥٩

(١) ما يجب إضافته إلى المفرد (١).

(٢) ما يجب إضافته إلى الجمل.

فالأول : قسمان : قسم يجوز لفظا قطعه عن الإضافة وهو «أيّ» و «بعض» و «كل» (٢) بشرط ألّا يكون «كلّ» نعتا لا توكيدا نحو : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٣). (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ)(٤).

والقسم الآخر يلزم الإضافة لفظا وهو ثلاثة أنواع :

(١) ما يضاف إلى الظاهر مرّة ، وإلى المضمر أخرى ، وهو «كلا وكلتا» و «عند ولدى» (انظر في حروفها). و (قصارى الأمر وحماداه» (٥). و «سوى» (انظر في أحرفها).

(٢) ما يختصّ بالظّاهر ، وهو «أولو أولات ، وذو ، وذات» وفروعهما. قال تعالى : (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ)(٦). (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ)(٧) ، (وَذَا النُّونِ)(٨) و (ذاتَ بَهْجَةٍ)(٩).

(٣) ما يختصّ بالمضمر ، إمّا مطلقا وهو «وحده» نحو (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ)(١٠).

وإمّا لخصوص ضمير المخاطب ، وهو مصادر مثنّاة لفظا ، ومعناها : التكثير ، وهي : «لبيك» و «سعديك» و «حنانيك» و «دواليك» و «هذا ذيك». (انظر جميعها في أحرفها).

وأمّا النّوع الذي يجب إضافته إلى الجمل فهو قسمان :

(أ) ما يضاف إلى الجمل مطلقا وهو «إذ» و «حيث» نحو (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ)(١١) و (اذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ)(١٢) ، «اجلس حيث جلس صاحبك» أو «حيث صديقك جالس» (انظر «إذ وحيث» في حرفيهما).

(ب) ما يختصّ بالجمل الفعليّة ، وهو «لمّا» الحينية عند من جعلها اسما نحو «لمّا جاءني عليّ أكرمته» و «إذا» وتضاف إلى الجملة الماضويّة غالبا ، وقلّ أن تضاف إلى الجملة المضارعيّة ، (انظر في حرفيهما).

وأمّا قول الفرزدق :

__________________

(١) المراد بالمفرد هنا : ما ييقابل الجملة.

(٢) انظر كلّا في حرفه.

(٣) الآية «٣٣» من سورة الأنبياء «٢١».

(٤) الآية «٢٥٣» من سورة البقرة «٢».

(٥) أي الجهد والغاية.

(٦) الآية «٣٣» من سورة النمل «٢٧».

(٧) الآية «٤» من سورة الطلاق «٦٥».

(٨) الآية «٨٧» من سورة الأنبياء «٢١».

(٩) الآية «٦٠» من سورة النمل «٢٧».

(١٠) الآية «١٢» من سورة غافر «٤٠».

(١١) الآية «٢٦» من سورة الأنفال «٨».

(١٢) الآية «٨٦» من سورة الأعراف «٧».

٦٠