معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

والولادة سوى الحمل ،.

(الثالث) السّببيّة ، وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة ، فالجملة نحو (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)(١). والصفة نحو (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ. فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ. فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ)(٢).

وقد تأتي في الجملة والصّفة لمجرّد التّرتيب نحو (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ. فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ)(٣) ونحو (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فَالتَّالِياتِ ذِكْراً)(٤).

الفاء الفصيحة : هي التي يحذف فيها المعطوف عليه مع كونه سببا للمعطوف من غير تقدير حرف الشّرط.

وقيل : سمّيت فصيحة لأنّها تفصح عن المحذوف ، وتفيد بيان سببيّته ، وقال بعضهم : هي داخلة على جملة مسبّبة عن جملة غير مذكورة نحو قوله تعالى : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ)(٥) أي : ضرب فانفجرت ، ونحو قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ)(٦) التقدير : فجاءهم محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالذكر فكفروا به ، ومثله قول الشاعر وهو أبو تمام :

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا

ثمّ القفول فقد جئنا خراسانا

الفاعل :

١ ـ تعريفه :

هو اسم (٧) ، أو ما في تأويله ، أسند إليه فعل تام (٨) ، أو ما في تأويله ، مقدّم عليه (٩) ، أصليّ المحلّ (١٠) ، والصيغة (١١).

فالاسم نحو (تَبارَكَ اللهُ) و «تباركت يا الله» ومثله «أقوم» و «قم» إلّا أن الاسم ضمير مستتر ، والمؤوّل به نحو : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا)(١٢). أي أو لم يكفهم إنزالنا ، (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ)(١٣) أي ألم يأن خشوع قلوبهم ، والفعل كما مثّل ، ولا فرق بين المتصرّف والجامد ك «أتى» زيد ونعم الفتى ، والمؤوّل بالفعل ، وهو ما يعمل عمله

__________________

(١) الآية «١٥» من سورة القصص «٢٨».

(٢) الآيات «٥٢ ـ ٥٣ ـ ٥٤» من سورة الواقعة «٥٦».

(٣) الآية «٢٦ و ٢٧» من سورة الذاريات «٥١».

(٤) الآية «٢ و ٣» من سورة الصافات «٣٧».

(٥) الآية «٦٠» من سورة البقرة «٦٠».

(٦) الآيات «١٦٨ ـ ١٦٩» من سورة الصافات «٣٧».

(٧) صريح ظاهر ، أو مضمر بارز أو مستتر.

(٨) متصرف أو جامد.

(٩) ليخرج نحو «محمد قام».

(١٠) ليخرج «فاهم علي» فإن المسند وهو فاهم أصله التأخير.

(١١) ليخرج الفعل المبني للمجهول.

(١٢) الآية «٥١» من سورة العنكبوت «٢٩».

(١٣) الآية «١٦» من سورة الحديد «٥٧».

٣٢١

ويشمل اسم الفاعل ، نحو «مختلف ألوانه» ، والصّفة المشبهة نحو «زيد حسن وجهه» وهكذا المصدر واسم الفعل والظرف وشبهه واسم التّفضيل ، وأمثلة المبالغة ، واسم المصدر كلّ هؤلاء ، محتاج إلى فاعل (انظر في أبوابها).

ويقول المبرّد في باب الفاعل : وهو رفع ، وإنّما كان الفاعل رفعا ، لأنّه هو والفعل بمنزلة الابتداء والخبر ، إذ قلت : «قام زيد» فهو بمنزلة قولك «القائم زيد».

٢ ـ أحكامه :

للفاعل سبعة أحكام :

(١) الرفع.

(٢) وقوعه بعد فعله أو ما في تأويله.

(٣) أنّه عمدة لا بدّ منه.

(٤) حذف فعله.

(٥) توحيد فعله مع تثنية الفاعل أو جمعه.

(٦) تأنيث فعله وجوبا ، وجوازا ، وامتناع تأنيثه.

(٧) اتّصاله بفعله وانفصاله.

وهاك فيما يلي تفصيلها :

(١) رفع الفاعل :

الأصل في الفاعل الرفع ، وقد يجرّ لفظا بإضافة المصدر نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ)(١) أو بإضافة اسم المصدر نحو قول عائشة (رض) «من قبلة الرّجل ـ امرأته الوضوء» (٢) ، أو يجر ب «من» أو «الباء أو «اللام» الزوائد ، نحو : (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ)(٣) أي ما جاءنا بشير ، و (كَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٤) أي كفى الله ، (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(٥). أي هيهات ما توعدون.

(٢) وقوعه بعد فعله أو ما في تأويله :

يجب أن يقع الفاعل بعد فعله ، أو ما في تأويل فعله (٦) ، فإن وجد ما ظاهره أنّه فاعل تقدّم على المسند ، وجب تقدير الفاعل ضميرا مستترا ، والمقدّم إمّا مبتدأ في نحو «الثّمر نضج» (٧) ، وإمّا فاعل لفعل محذوف في نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ)(٨) مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (٩) لأنّ أداة الشّرط مختصّة بالجمل الفعليّة ، وجاز

__________________

(١) الآية «٢٥١» من سورة البقرة «٢».

(٢) القبلة : اسم مصدر قبل و «الرجل» فاعله وهو مجرور لفظا بالإضافة و «امرأته» مفعول به «الوضوء» مبتدأ مؤخر وخبره «من قبلة الرجل».

(٣) الآية «١٩» من سورة المائدة «٥».

(٤) الآية «٧٩» من سورة النساء «٤».

(٥) الآية «٣٦» من سورة المؤمنون «٢٣».

(٦) وهو المشتق الذي يطلب فاعلا أو نائبا عن الفاعل.

(٧) في «نضج» ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود على الثمر و «الثمر» مبتدأ.

(٨) «أحد» فاعل فعل محذوف يفسره المذكور ، التقدير وإن استجارك أحد استجارك.

(٩) الآية «٦» من سورة التوبة «٩».

٣٢٢

الابتداء والفاعليّة في نحو قوله تعالى : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا)(١) وفي : (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ)(٢) والأرجح الفاعليّة لفعل محذوف.

وعند الكوفيين يجوز تقديم الفاعل تمسّكا بنحو قول الزّباء :

ما للجمال مشيها وئيدا

أجندلا يحملن أم حديدا

برفع «مشيها» على أنّه فاعل ل : «وئيدا» وهو ـ عند البصريين ـ ضرورة ، أو «مشيها» مبتدأ حذف خبره ، لسد الحال مسدّه ، أي : يظهر وئيدا.

(٣) الفاعل عمدة :

لا يستغني فعل عن فاعل ، فإن ظهر في اللفظ نحو «دخل المعلم» وإلّا فهو ضمير مستتر راجع إمّا إلى مذكور نحو «إبراهيم نجح» أو راجع لما دلّ عليه الفعل كالحديث : «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» ففي «يشرب ضمير مستتر مرفوع على الفاعليّة راجع إلى الشّارب الدّالّ عليه يشرب.

أو راجع لما دلّ عليه الكلام نحو : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(٣) ففاعل «بلغت» ضمير راجع إلى الروح الدّال عليها سياق الكلام.

(٤) حذف فعله :

يجوز حذف فعل الفاعل ، إن أجيب به نفي كقولك «بلى عليّ» جوابا لمن قال «ما نجح أحد» ومنه قوله :

تجلّدت حتّى قيل لم يعر قلبه

من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد (٤)

أو أجيب به استفهام محقّق ، نحو «نعم خالد» جوابا لمن قال : «هل جاءك أحد؟» ومنه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٥) ، أو مقدّر كقول ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد :

ليبك يزيد ضارع لخصومة

ومختبط مما تطيح الطّوائح (٦)

__________________

(١) الآية «٦» من سورة التغابن «٦٤».

و «بشر» يجوز أن يكون مبتدأ ، وسوغ الابتداء ، تقدم الاستفهام ويجوز أن يكون فاعلا بفعل محذوف يفسره يهدوننا.

(٢) الآية «٥٩» من سورة الواقعة «٥٦».

و «أنتم» يجوز أن يكون مبتدأ ، ويجوز أن يكون فاعل فعل محذوف يفسره المذكور.

(٣) الآية «٢٦» من سورة القيامة «٧٥».

(٤) فـ «أعظم الوجد» فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول النفي ، والتقدير : بل عراه أعظم الوجد ، و «تجلدت» من التجلد ، وهو التصبر ، «لم يعر» من عراه إذا غشيه.

(٥) الآية «٨٧» من سورة الزخرف «٤٣».

فلفظ الجلالة فاعل بفعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام ، والتقدير : خلقنا الله.

(٦) فـ «ضارع» فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر ، كأنه قيل من يبكيه؟ فقيل : ضارع أي يبكيه ضارع ، هذا على رواية لبيك مجهولا ، ورواه الأصمعي بنصب يزيد ، ولبيك معلوما ، فعلى هذا لا شاهد فيه ، وهذه الرواية ، أقرب إلى الصحيح.

٣٢٣

ويجب حذف فعله إذا فسّر بعد الحروف المختصّة بالفعل نحو (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(١).

(٥) توحيد فعله مع تثنية الفاعل وجمعه :

يوحّد الفعل مع تثنية الفاعل وجمعه كما يوحّد مع إفراده نحو «زحف الجيش» و «تصالح الأخوان» و «فاز السّابقون» و «تعلّم بناتك» ومثله «أزاحف الجيش» و «أفائز السّابقون» و «أمتعلّم بناتك». ولغة توحيد الفعل هي الفصحى وبها جاء التنزيل ، قال تعالى : (قالَ رَجُلانِ)(٢) و (قالَ الظَّالِمُونَ)(٣) و (قالَ نِسْوَةٌ)(٤) ولغة طيىء وأزد شنوءة (٥) : موافقة الفعل لمرفوعه بالإفراد والتّثنية والجمع نحو «ضربوني قومك» و «ضربنني نسوتك» و «ضرباني أخواك» وقال أميّة :

يلومونني في اشتراء النّخي

ل أهلي فكلّهم ألوم (٦)

وقال أبو فراس الحمداني :

نتج الرّبيع محاسنا

ألقحنها غرّ السّحائب (٧)

والصّحيح أنّ الألف والواو والنون في ذلك أحرف دلّوا بها على التّثنية والجمع تذكيرا وتأنيثا ، لا أنّها ضمائر الفاعلين ، وما بعدها مبتدأ على التّقديم والتأخير أو ما بعدها تابع على الإبدال من الضّمير ، بدل كل من كلّ.

والصحيح أنّ هذه اللغة لا تمنع مع المفردين ، أو المفردات المتعاطفة بغير «أو» نحو «جاءاني زيد وخالد» (٨).

(٦) تأنيث فعله وجوبا ، وجوازا ، وامتناع تأنيثه :

إن كان الفاعل مؤنّثا أنّث فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي (٩) وبتاء المضارعة

__________________

(١) الآية «١» من سورة الانشقاق «٨٤».

(٢) الآية «٢٣» من سورة المائدة «٥».

(٣) الآية «٨» من سورة الفرقان «٢٥».

(٤) الآية «٣٠» من سورة يوسف «١٢».

(٥) وهي المشهورة بلغة (أكلوني البراغيث) كما في سيبويه.

(٦) «أهلي» فاعل يلومونني ، فألحق الفعل علامة الجمع مع أنه مسند إلى الظاهر.

(٧) غر جمع «غراء» مؤنث أغر بمعنى أبيض ، وهي فاعل «ألقحنها» وألحق به علامة جمع المؤنث وهي النون.

(٨) وذلك كقول عبد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير :

تولى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم

(٩) جامدا كان الفعل أو متصرفا ، تامّا أو ناقصا.

٣٢٤

في أوّل المضارع. ويجب هذا التّأنيث في ثلاث مسائل :

(إحداها) أن يكون الفاعل ضميرا متّصلا لغائبة ، حقيقيّة التّأنيث أو مجازيّته (١) ، فالحقيقية ك «فاطمة تعلّمت أو تتعلّم» ، والمجازيّة نحو : «الشّجرة أثمرت أو تثمر» (٢).

ويجوز ترك تاء التّأنيث في الشّعر مع اتصال الضّمير إن كان التّأنيث مجازيّا كقول عامر الطائي :

فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها (٣)

ومثله قول الأعشى :

فإمّا تريني ولي لمّة

فإنّ الحوادث أودى بها (٤)

(الثانية) أن يكون الفاعل ظاهرا متّصلا ، حقيقيّ التّأنيث (٥) نحو : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ)(٦). وإنّما جاز في فصيح الكلام نحو : «نعم المرأة» و «بئس المرأة» لأنّ المراد بالمرأة فيها الجنس ، وسيأتي أنّ الجنس يجوز فيه الوجهان.

(الثّالثة) أن يكون ضمير جمع تكسير لمذكّر غير عاقل نحو «الأيّام بك ابتهجت ، أو ابتهجن». أو ضمير جمع سلامة أو تكسير لمؤنّث نحو «الهندات أو الهنود فرحت أو فرحن».

ويجوز التّأنيث في أربعة مواضع :

(أحدها) أن يكون الفاعل اسما ظاهرا مجازيّ التّأنيث نحو «أثمر الشّجرة أو أثمرت الشّجرة» أو حقيقيّ التأنيث ، وفصل من عامله بغير «إلّا» نحو سافر أو سافرت اليوم فاطمة» ومنه قول الشاعر :

إنّ امرءا غرّه منكنّ واحدة

بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور

ومنه قول العرب «حضر القاضي اليوم امرأة» والتّأنيث أكثر.

(الثاني) أن يكون جمع تكسير (٧)

__________________

(١) المراد بحقيقي التأنيث ما له آلة التأنيث والمجازي بخلافه.

(٢) بخلاف الضمير المنفصل نحو «ما قام إلا هي» و «شجرة اللوز ما أثمر إلّا هي» فتذكير الفعل واجب في النثر وجائز في الشعر وسيأتي في امتناع التأنيث.

(٣) القياس : أبقلت ، لأنّ الفاعل ضمير مؤنث متصل ، ولكن حذف التاء للضرورة ، يصف الشاعر : سحابة ، وأرضا نافعتين ، و «المزنة» السّحابة البيضاء و «ودق المطر» قطر «وأبقلت الأرض» خرج بقلها.

(٤) القياس : أودت لأنّ الفاعل ضمير متصل ، لكنه حذف التاء ضرورة و «اللّمة» الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن «أودى بها» أهلكها.

(٥) مفردا أو مثنى أو جمع مؤنث سالما.

(٦) الآية «٣٥» من سورة آل عمران «٣».

(٧) يعامل معاملة هذا الجمع : اسم الجمع ك «قوم» و «نساء» واسم الجنس ك «شجر» و «بقر».

٣٢٥

لمؤنّث أو لمذكّر نحو «جاءت أو جاء الغلمان أو الجواري».

(الثالث) أن يكون ضمير جمع مكسّر عاقل نحو «الكتائب حضرت أو حضروا».

(الرّابع) أن يكون الفعل من باب «نعم» نحو «نعم أو نعمت الفتاة هند» والتّأنيث أجود ـ هذا فيما علم مذكّره من مؤنّثه ، أمّا في غيره فيراعى اللّفظ لعدم معرفة حال المعنى ك «برغوث ونملة» وكل ذلك في المؤنّث الحقيقي.

أما المجازيّ فذو التاء مؤنّث جوازا ، والمجرّد مذكّر وجوبا إلّا إن سمع تأنيثه ك «شمس وأرض وسماء».

ويمتنع التّأنيث في ثلاث صور :

(إحداها) أن يكون الفاعل مفصولا ب «إلّا» نحو «ما أقبل إلّا فاطمة» والتّأنيث خاصّ بالشعر كقوله :

ما برئت من ريبة وذمّ

في حربنا إلّا بنات العمّ

(ثانيها) أن يكون مذكّرا معنى فقط ، أو معنى ولفظا ، ظاهرا أو ضميرا ، نحو «اجتهد طلحة وعليّ ساعده».

(ثالثها) أن يكون جمع سلامة لمذكّر نحو (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)(١).

(٧) اتّصاله بفعله وانفصاله :

الأصل في الفاعل أن يتصل بفعله ، لأنّه كالجزء منه ، ثم يجيء المفعول ، وقد يعكس فيتقدّم المفعول ، وكلّ من ذلك جائز وواجب.

فأمّا جواز الأصل فنحو (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ)(٢).

وأمّا وجوب تقديم الفاعل ففي ثلاث مسائل :

«أ» أن يخشى اللّبس بأن يكون إعرابهما تقديريّا (٣) ، ولا قرينة ، نحو «أكرم موسى عيسى» و «كلّم هذا ذاك» فإن وجدت قرينة جاز نحو «أكل الكمّثرى موسى».

«ب» أن يكون الفاعل ضميرا غير محصور ، والمفعول ظاهرا أو ضميرا ، نحو «كلّمت عليّا» و «فهّمته المسألة».

«ج» أن يحصر المفعول ب «إنما» نحو «إنما زرع زيد قمحا» أو ب «إلّا» (٤) نحو «ما علّم عليّ إلّا أخاه» وأجاز الأكثرون (٥) تقديمه على الفاعل عند الحصر ب «إلّا» مستندين في ذلك إلى قول دعبل الخزاعي :

__________________

(١) الآية «١» من سورة المؤمنون «٢٣».

(٢) الآية «١٦» من سورة النمل «٢٧».

(٣) ويشمل ذلك أن يكون الفاعل والمفعول مقصورين ، أو منقوصين أو إشارتين ، أو موصوليين ، أو مضافين لياء المتكلم.

(٤) هذا عند الكوفيين.

(٥) البصريون والكسائي والفراء.

٣٢٦

ولمّا أبى إلّا جماحا فؤاده

ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل (١)

وإلى قول مجنون بني عامر :

تزودت من ليلى بتكليم ساعة

فما زاد إلّا ضعف ما بي كلامها (٢)

وكذلك الحصر ب «إنما» يجوز تقديم المفعول على الفاعل نحو «إنما قلّم الشجر زيد».

وأمّا جواز توسّط المفعول بين الفعل والفاعل فنحو (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ)(٣).

وأمّا وجوب التّوسّط ففي ثلاث مسائل :

«إحداها) أن يتّصل بالفاعل ضمير المفعول نحو (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)(٤) و (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ)(٥) ويجوز في الشّعر فقط تأخير المفعول نحو قول حسّان بن ثابت يمدح مطعم بن عدي :

ولو أنّ مجدا أخلد الدهر واحدا

من الناس أبقى مجده الدّهر مطعما (٦)

(الثانية : أن يكون المفعول ضميرا ، والفاعل اسما ظاهرا نحو : «أنقذني صديقي».

(الثّالثة) أن يكون الفاعل محصورا فيه ب «إنّما» نحو (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ»)(٧) ، أو ب «إلّا» نحو : «لا يزيد المحبّة إلّا المعروف».

أمّا تقديم المفعول على الفعل جوازا فنحو (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)(٨).

وأمّا تقديم المفعول وجوبا ففي مسألتين :

(إحداهما) أن يكون له الصّدارة كأن يكون اسم استفهام نحو : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ)(٩).

(الثانية) أن يقع عامله بعد الفاء ، وليس له منصوب غيره مقدّم نحو :

__________________

(١) فقدم المفعول المحصور ب «إلا» وهو «جماحا» على الفاعل وهو «فؤاده» والجماح هنا : الإسراع ، وجواب «لما» في البيت بعده : تسلى بأخرى.

(٢) قدم أيضا المفعول المحصور ب «إلا» وهو «ضعف» على الفاعل وهو «كلامها».

(٣) الآية «٤١» من سورة القمر «٥٤».

(٤) الآية «١٢٤» من سورة البقرة «٢».

(٥) الآية «٥٢» من سورة الغافر «٤٠». وإنما وجب تقديم المفعول فيهما لئلا يعود الضمير على المفعول وهو متأخر لفظا ورتبة.

(٦) قدّم الفاعل وهو «مجده» وفيه ضمير يعود على «مطعما» وهو مفعوله ، وعاد الضّمير على متأخّر لفظا ورتبة ، وهذا في الشعر جائز.

(٧) الآية «٢٨» من سورة فاطر «٣٥».

(٨) الآية «٨٧» من سورة البقرة «٢».

(٩) الآية «٨١» من سورة غافر «٤٠».

٣٢٧

و (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)(١) و (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٢).

فرطك : أصلها من فرط : أي سبق وتقدّم ، وفرطك هنا : اسم فعل ، تحذّر به المخاطب شيئا بين يديه ، أو تأمره أن يتقدّم ، مثل أمامك ، والكاف فيه للمخاطبة.

فصاعدا : تقول «أخذت هذا بدرهم فصاعدا» التّقدير : أخذته بدرهم ، ثمّ زدت صاعدا ، ودخلت الفاء لأنها للتّرتيب والتّعقيب ، وقيل : الفاء لتزيين اللّفظ ، ولو أتيت ب «ثمّ» بدل الفاء لجاز ، ولكنّ الفاء أجود ، لأنّ معناه الاتّصال ، وشرحه على الحقيقة : أخذته بدرهم فزاد الثّمن صاعدا ، فحذف العامل وصاحب الحال تخفيفا.

ومثله : «أخذته بدرهم فزائدا» ولا يجوز أخذته بدرهم فصاعد ولا وصاعد ، لأنّك لا تريد أن تخبر أنّ الدرهم مع صاعد ثمن لشيء ، ولكنّك أخبرت بأدنى الثّمن فجعلته أوّلا ثمّ قصدت شيئا بعد شيء لأثمان شتّى.

فضلا : من قولهم : «فلان لا يملك درهما فضلا عن دينار» ومعناه : لا يملك درهما ولا دينارا ، وإنّ عدم ملكه للدينار أولى من عدم ملكه للدّرهم ، وكأنه قال : لا يملك درهما فكيف يملك دينارا.

وإعرابها على وجهين :

(أحدهما) أن يكون مصدرا بفعل محذوف.

(الثاني) أن يكون حالا من معمول الفعل المذكور وهو «درهما» وإنّما ساغ مجيء الحال منه مع كونه نكرة للمسوّغ وهو وقوع النكرة في سياق النفي ، ومثله : «زيد لا يحفظ مسألة فضلا عن القدرة على التدريس».

فعال : هذا الوزن المبنيّ على الكسر والمفتوح الفاء نوعان :

(الأوّل) : أن يكون بمعنى الأمر وهو اسم فعل نحو «نزال» و «طلاع» أي انزل واطلع.

(الثاني) : أن يكون صفة سبّ للمؤنّث ويلزمه النّداء ولا يجوز تأنيثه نحو «يا فساق» و «يا فجار» أي يا فاسقة ويا فاجرة.

الفعل :

١ ـ تعريفه :

هو ما دلّ على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثّلاثة.

__________________

(١) الآية «٣» من سورة المدثر «٧٤».

(٢) الآية «٩» من سورة الضحى «٩٣».

٣٢٨

ويؤخذ من لفظ أحداث الأسماء أي المصادر.

٢ ـ علاماته :

ينجلي الفعل بأربع علامات :

(إحداها) تاء الفاعل ، متكلّما كان ك «فهمت» أو مخاطبا نحو : «تباركت».

(الثانية) : تاء التّأنيث السّاكنة (١) ك «قامت وقعدت» (٢).

(الثالثة) : ياء المخاطبة ك «قومي ، هاتي ، تعالي».

(الرابعة) : نون التوكيد ثقيلة أو خفيفة نحو (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً)(٣).

٣ ـ أنواعه :

أنواع الفعل ثلاثة :

الماضي ، والمضارع ، والأمر ،

(انظر في حروفها).

الفعل الثّلاثيّ المجرّد :

١ ـ تعريف المجرد :

هو ما كانت جميع حروفه أصليّة ، لا يسقط منها حرف في تصاريف الكلمة لغير علّة تصريفيّة. ٢ ـ أوزان الثلاثي :

للمجرّد الثّلاثيّ باعتبار الماضي ثلاثة أوزان :

فالفاء ـ أول الكلمة ـ محرّكة بالفتح دائما.

أمّا العين ـ وسط الكلمة ـ فتكون إمّا مفتوحة ، أو مضمومة ، أو مكسورة. نحو «كتب ، وظرف ، وعلم».

وأمّا الماضي مع المضارع فله ستة أحوال جمعها بعضهم في قوله :

فتح ضمّ ، فتح كسر ، فتحتان

كسر فتح ، ضمّ ضمّ ، كسرتان

أي فتح في الماضي وضم في المضارع وهكذا الباقي وإليك تفصيلها بابا بابا :

الباب الأول :

فتح ضمّ ك «نصر ينصر» فتح في الماضي ، وضمّ في المضارع ، وضوابط هذا الباب التّقريبيّة : أن يكون مضعّفا متعدّيا نحو : «مدّه يمدّه» (٤) ، أو أجوف (٥)

__________________

(١) أما المتحركة حركة إعراب فتختص بالاسم ، والمتحركة حركة بناء فتدخل على الحرف في «لات» و «ربت» و «ثمة» وتكون في الاسم أيضا نحو «لا قوة».

(٢) بهاتين العلامتين ثبتت فعلية «ليس وعسى» خلافا لمن زعم حرفيتهما.

(٣) الآية «٣٢» من سورة يوسف «١٢».

(٤) وشذ من المضعّف : حبّ يحب ، وقياسه الضمّ لأنه متعدّ ، وجاء بالوجهين خمسة أفعال «هرّه يهرّه يهرّه» كرهه ، و «شدّ متاعه يشدّه ويشدّه» أوثقه ، و «علّه الشراب يعلّه ويعلّه» سقاه عللا بعد نهل» ، و «بتّ الحبل يبتّه ويبتّه» قطعه ، و «نمّ الحديث ينمّه وينمّه» أفشاه إفشاءا.

(٥) انظر الأجوف في حرفه ، وشذّ من الأجوف : طال يطول ، فإنه من باب شرف ، أي أن أصلها طول يطول.

٣٢٩

واويّا ك «قال يقول» ، أو ناقصا (١) واويّا نحو : «سما يسمو» ، أو مرادا به الغلبة والمفاخرة بشرط ألّا تكون فاؤه واوا ، أو عينه أو لامه ياء نحو : «خاصمني فخصمته فأنا أخصمه» بضم عين المضارع فيهما ، فإن كانت الفاء واوا ، أو العين واللام ياء فقياس مضارعه كسر عينه ك : «واثبته أثبه» و «بايعته أبيعه» و «راميته أرميه».

الباب الثاني :

فعل يفعل ك «ضرب يضرب» وضابطه التّقريبي : أن يكون مثالا واويا نحو «وثب يثب» و «وعده يعده» ـ بشرط أن لا تكون لامه حرف حلق ك «وقع يقع» و «وضع يضع» ـ أو أجوف يائيّا ك «جاء يجيء» و «شاب يشيب» و «باعه يبيعه» أو ناقصا ـ بشرط ألّا تكون عينه حرف حلق ك «سعى يسعى» و «نهاه ينهاه» خالف الباب لوجود حرف الحلق فيهما ـ.

وشذّ من الباب : «أبى يأبى» (٢) و «بغى يبغي». و «نعى ينعي» (٣).

أو مضاعفا لازما ك «حنّ إليه يحنّ» و «دبّ يدبّ» و «فرّ يفرّ». وندر مجيء المضعّف اللّازم على هذا الباب ، وهو نوعان : نوع شاذّ ، ونوع يصحّ فيه الوجهان : الشذوذ والقياس ـ وهو الأصل ـ.

أمّا الشّاذ : فورد منه خمسة وعشرون فعلا ، وهي «مرّ يمرّ» و «جلّ يجلّ» بمعنى ارتحل ، و «ذرّت الشّمس تذر» فاض شعاعها ، و «أجّ الظليم (٤) يؤجّ» إذا سمع له دويّ عند عدوه ، و «كرّ الفارس يكرّ» و «همّ به يهم» عزم عليه ، و «عمّ النّبت يعم» طال ، و «زمّ بأنفه يزمّ» تكبّر ، و «سحّ المطر يسحّ» نزل بكثرة ، و «ملّ في سيره يملّ» أسرع ، و «شكّ في الأمر يشك» ارتاب فيه ، و «شدّ الرّحل يشد» أسرع في السير ، و «شقّ عليه الأمر يشق» أضرّ به ، و «خسّ في الأمر يخسّ» دخل ، و «غلّ فيه يغلّ» دخل أيضا. و «قشّ القوم يقشّون» حسنت حالهم بعد بؤس ، و «جنّ عليه الليل يجن» أظلم ، و «رشّ السّحاب يرشّ» أمطر ، و «ثلّ الحيوان يثل» راث ، و «طلّ دمه يطل» أهدر ، و «خبّ الحصان يخبّ» أسرع ، و «كمّ النّخل يكم» طلع أكمامه ، و «عسّت الناقة تعسّ» و «قشّ تقشّ» رعت وحدها ، و «هبّت الريح تهب» فكلّها بالضم في المضارع ، وقياسها

__________________

(١) انظر الناقص في حرفه.

(٢) قياسه كسر عين المضارع لوجود الشرط فشذ.

(٣) قياس المثالين فتح العين فيهما لوجود حرف الحلق : فلحقا الباب الثاني شذوذا.

(٤) الظليم : الذكر من النعام.

٣٣٠

الكسر ولكن الضّم هو السماع.

أمّا الضّرب الثّاني الذي يصحّ فيه الوجهان : الشّذوذ والأصل ، فقد ورد منه سبعة عشر فعلا وهي : «صدّ عن الشّيء يصدّ يصدّ» أعرض عنه ، و «أثّ الشّجر والشعر يؤثّ ويئثّ» كثر والتفّ ، و «خرّ الحجر يخرّ ويخرّ» سقط من علوّ و «حدّت المرأة تحدّ وتحدّ» تركت الزّينة ، و «ثرّت العين تثر وتثرّ» غزر ماؤها. و «جدّ الرّجل في عمله يجدّ ويجدّ» قصده بعزم ، و «ترّت النّواة تتر وتترّ» طارت من تحت الحجر ، و «درّت الشّاة تدرّ وتدرّ» كثر لبنها ، و «جمّ الماء يجمّ ويجمّ» كثر ، و «شبّ الحصان يشب ويشبّ» لعب ، و «عنّ الشيء يعن ويعنّ» ظهر ، و «فحّت الأفعى تفحّ وتفحّ» نفخت بفمها وصوّتت ، و «شذّ عن الجماعة يشذ ويشذّ» انفرد ، و «شحّ بالمال يشحّ ويشحّ» بخل ، و «شطّ المزار يشطّ ويشطّ» بعد ، و «نسّ اللّحم ينس وينسّ» ذهبت رطوبته ، و «حرّ النّهار يحرّ ويحرّ» حميت شمسه (١).

الباب الثالث :

فعل يفعل : ك «فتح يفتح» و «ذهب يذهب» بفتح العين بالماضي والمضارع ، وضابطه : أن يكون العين أو اللّام أحد حروف الحلق ، بشرط ألّا يكون مضعّفا ، وإلّا فهو على قياسه السّابق من ضمّ عين مضارع المتعدّي ، وكسر عين لازمه ، وقد يرد عن العرب كسره مع وجود بعض حروف الحلق ، نحو «رجع يرجع» و «نزع ينزع» فلا يجوز فتحه ، وقد يرد بضمة نحو «دخل يدخل» و «صرخ يصرخ» و «نفخ ينفخ» و «قعد يقعد» و «أخذه يأخذه» و «طلعت الشمس تطلع» و «بزغت تبزغ» و «بلغ المكان يبلغه» و «نخل الدّقيق ينخله» و «زعم كذا يزعمه».

أمّا ما ورد من هذا الباب بدون أحد حروف الحلق فشاذ ك «أبى يأبى».

الباب الرابع :

فعل يفعل : ك «فرح يفرح» و «علم يعلم» و «خاف يخاف» (٢) و «شاء يشاء» و «رضي يرضى» و «وجي البعير يوجى» أصيب في خفّه. و «سئم يسأم» و «صحبه يصحبه» و «شربه يشربه» ولا ضابط له.

__________________

(١) وهناك ثلاثة ألفاظ ذكرها ابن مالك في لاميته من الشذوذ وهي كما في القاموس مما يصحّ فيه الوجهان : الشذوذ والقياس : وهي «ألّ السيف يؤل ويئل» لمع وبرق ، و «أبّ الرجل يؤب ويئب» تهيّأ للسّفر ، و «طشّت السّماء تطشّ وتطش» أمطرت مطرا خفيفا.

(٢) أصله : خوف يخوف وكذلك شاء يشاء.

تحركت الواو في خوف وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ومثلها : شاء : أصلها : شيىء يشيء تحركت أيضا الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.

٣٣١

وإنّما تأتي منه الأفعال الدّالّة على الفرح وتوابعه ، والامتلاء ، والخلوّ ، والألوان والعيوب ، والخلق الظاهرة التي تذكر لتحلية الإنسان ك «فرح يفرح ، وطرب يطرب وأشر يأشر ، وبطر يبطر ، وغضب يغضب ، وحزن يحزن ، وشبع يشبع ، وروي يروى ، وسكر يسكر ، وعطش يعطش ، وظمىء يظمأ ، وصدي يصدى ، وهيم يهيم ، وحمر يحمر ، وسود يسود ، وعور يعور ، وعمش يعمش ، وجهر يجهر (١) ، وغيد يغيد ، وهيف يهيف (٢) ، ولمي (٣) يلمي» وشذّ منه تسعة أفعال يجوز فيها الوجهان : الفتح على أصل الباب ، والكسر شذوذا عنه. وهي :

«حسب يحسب» بمعنى ظنّ ، «وغر صدره يغر» إذا اغتاظ ، و «وحر يحر» إذا امتلأ حقدا ، و «نعم ينعم» حسن حاله ، و «بئس يبأس ويبئس» ضدّ نعم ، و «يئس ييأس وييئس» بالمثنّاة التّحتيّة ، وهو من انقطع رجاؤه. و «وله يوله» فقد عقله لفقد من يحب ، و «يبس الشّجر ييبس» و «وهل يوهل» فزع.

الباب الخامس :

فعل يفعل : ك «كرم يكرم» و «عذب يعذب» و «حسن يحسن» و «شرف يشرف» ، وأفعال هذا الباب لا تكون إلّا لازمة بخلاف باقي الأبواب ، فإنّها تأتي لازمة ، ومتعدّية.

ولم يأت من هذا الباب يائيّ العين إلّا «هيؤ» الرجل ، حسنت هيئته ، ولا يائيّ اللّام إلّا «نهو» أي صار ذا نهية وهي العقل ، وإنما قلبت الياء واوا لأجل الضمة ، ولا مضاعفا إلّا قليلا ك «لبب» و «شرر» ويجوز في هذا المضعف الضم والكسر.

وأفعال هذا الباب للأوصاف الخلقيّة الدّائمة ، وقد تحوّل الأفعال الثلاثيّة إلى هذا الباب ، للدّلالة على أنّ معناها صار كالغريزة في صاحبه.

وربّما استعملت أفعال هذا الباب للتّعجّب فتنسلخ عن الحدث نحو :«شجع» إذا كنت تتعجّب من شجاعته ، ولا تريد الحديث عنها ،

الباب السادس :

فعل يفعل ، بكسر العين فيهما نحو : «حسب يحسب» و «ورث يرث» وهو قليل في الصحيح ، كثير في المعتل كما تقدم في الباب الرابع.

تنبيه (١) :

ليس معنى أن يكون الثلاثيّ المجرد محصورا في ستّة أبواب ، أنّه قياسيّ بل

__________________

(١) الأجهر : الذي لا يبصر في الشمس.

(٢) الهيف : ضمور البطن.

(٣) اللمى : سمرة في الشفة تستسحن.

٣٣٢

كلّه سماعي ، والضّوابط المذكورة ضوابط تقريبية.

تنبيه (٢) :

أكثر الأفعال الثّلاثيّة المجرّدة استعمالا في لغة العرب :

الباب الأوّل ثم الثاني ... وهكذا.

تنبيه (٣) :

يجب مراعاة صورة الماضي والمضارع معا ، لمخالفة صورة المضارع عن الماضي في الثلاثيّ المجرّد.

وشذّ عن الأبواب ستة : «دمت تدوم» و «متّ تموت» و «فضل يفضل» و «حضر يحضر» كما في لسان العرب.

الفعل الثّلاثي المزيد :

١ ـ مزيد الفعل الثّلاثي ثلاثة أقسام :

(١) ما زيد فيه حرف واحد.

(٢) ما زيد فيه حرفان.

(٣) ما زيد فيه ثلاثة أحرف.

أمّا المزيد بحرف واحد : فثلاثة أوزان :

«أ» «فعّل» ك «فرّح» و «برّأ» و «ولّى» و «زكّى» بتضعيف العين.

«ب» «فاعل» (١) ك «قاتل» و «آخذ» و «والى» بزيادة ألف المفاعلة.

«ج» «أفعل» (٢) ك «أكرم» وأحسن» و «آمن» و «آتى» و «أقرّ». بزيادة همزة قبل الفاء.

وأمّا المزيد بحرفين : فخمسة أوزان :

«أ» «تفعّل» (٣) ك «تقدّم» و «تزكّى» و «تقدّس» ومنه «اطّهر» و «ادّكر» بزيادة التاء وتضعيف العين.

«ب» «تفاعل» (٤) ك «تقاتل» و «تباعد» و «تبارك» و «تشاجر» ومنه : «ادّارأ» و «اثّاقل» بزيادة التاء وألف المفاعلة.

«ج» «انفعل» ك «انصرف» و «انكسر» و «انشقّ» و «انبرى» و «انقاد» بزيادة الهمزة والنون.

«د» «افتعل» ك «اجتمع» و «انتقى» و «اختار» و «اصطبر» و «اتّقل» و «اتّقى» بزيادة الهمزة والتّاء (٥).

«ه» «افعلّ ك «احمرّ» و «اصفرّ» و «ابيضّ» بزيادة الهمزة وتضعيف اللّام ، ومنه «ارعوى» وزن «افعلل» بفك الإدغام.

__________________

(١) وزن «فاعل» يكون للمشاركة غالبا نحو : «شاركه» و «قاسمه».

(٢) وزن «أفعل» و «فعّل» يكونان للتعدية غالبا.

(٣) وزن «تفعّل» يكون لمطاوعة فعل غالبا نحو : «قدّمته فتقدم».

(٤) وزن «تفاعل» يكون للمشاركة غالبا نحو : «تضارب خالد وعمرو» و «تقاتلا».

(٥) وزنا «انفعل وافتعل» لمطاوعة فعل غالبا تقول «كسر فانكسر» و «جمعته فاجتمع».

٣٣٣

وأما المزيد بثلاثة أحرف : فأربعة أوزان :

«أ» «استفعل» ك «استغفر» و «استعجل» و «استقام» بزيادة الهمزة والسّين والتاء.

«ب» «افعوعل» ك «احدودب الظّهر» و «اغدودن الشعر» (١) و «احلولى العنب» بزيادة الهمزة والواو ، وتكرير العين.

«ج» «افعوّل» ك «اجلوّذ» (٢) و «اعلوّط» (٣) بزيادة الهمزة والواو مضعّفة.

«د» «افعالّ» (٤) ك «احمارّ» و «اشهابّ» و «اخضارّ» بزيادة الهمزة والألف ، وتكرير اللام.

الفعل الرباعيّ المجرّد :

لمجرّد الفعل الرّباعي وزن واحد وهو «فعلل» ك «حصحص» (٥) و «دربخ» (٦) و «دمدم» (٧) و «سبسب» (٨) ويكون لازما كهذه الأمثلة ، ومتعدّيا ك «دحرجه». وقد يصاغ هذا الوزن من مركّب لاختصار حكايته كقولهم : «فلفلت الطّعام» أي وضعت فيه الفلفل ، و «نرجست الدّواء» أي وضعت فيه النّرجس. و «عصفرت الثّوب» أي صبغته بالعصفر ، ومنه بعض النّحت ك «بسملت» و «حوقلت» و «حمدلت» اختصارا : لبسم الله ، ولا حول ولا قوّة الا بالله والحمد لله.

ويلحق (٩) بالمجرّد الرّباعيّ سبعة أوزان :

(١) فعلل ، ك «شملل» (١٠) بزيادة اللّام وأصله : شمل.

(٢) فوعل ، ك «حوقل» (١١).

(٣) فعول ، ك «دهور» (١٢).

(٤) فيعل ، ك «بيطر».

(٥) فعيل ، ك «عثير» (١٣).

(٦) فعلى ، ك «سلقى» (١٤).

(٧) فعنل ، ك «قلنس» (١٥).

الفعل الرّباعيّ المزيد :

أبنيته ثلاثة :

(١) تفعلل ، بزيادة حرف واحد وهو

__________________

(١) اغدودن الشعر : طال.

(٢) اجلوذ : أسرع وهذا الوزن يدل على تكلف في العمل.

(٣) اعلوّط : تعلق بعنق البعير فركبه.

(٤) وزن افعال يدل على المبالغة في الألوان.

(٥) حصحص : بان وظهر.

(٦) دربخ : من دربخ الرجل : إذا طأطأ رأسه وبسط ظهره.

(٧) دمدم : من دمدم عليه : كلمه مغضبا.

(٨) سبسب : من سبسب الماء أساله.

(٩) انظر الملحق في حرفه.

(١٠) شملل البسر : التقط منه ما تحت النخلة.

(١١) حوقل : مشى فأعيا.

(١٢) دهوره : جمعه وقذفه في مهواه.

(١٣) عثير : أثار العثير ، وهو الغبار.

(١٤) سلقى : إذا استلقى على ظهره.

(١٥) قلنسه : ألبسه القلنسوة.

٣٣٤

التاء ك «تدحرج ، يتدحرج تدحرجا» ويلحق به «تجلبب» أي لبس الجلباب ، و «تجورب» لبس الجورب ، و «تفيهق» أكثر في كلامه ، و «ترهوك» أي تبختر ، و «تمسكن» أظهر الذّل والمسكنة ،.

(٢) افعنلل ، بزيادة حرفين : الهمزة والنّون ك «احرنجم» أي ازدحم ، ويقال : حرجمت الإبل فاحرنجمت : أي رددت بعضها إلى بعض فارتدّت ويلحق به نحو : «اقعنسس» أي تأخّر و «اسلنقى» أي نام على ظهره ولا يجوز الإدغام والإعلال في الملحق.

(٣) افعللّ ، بزيادة حرفين : الهمزة واللّام ، وهو بسكون الفاء وفتح العين وفتح اللام الأولى نحو : «اقشعرّ يقشعرّ اقشعرارا» أي أخذته قشعريرة.

تنبيه :

لا تكون زيادة في ثلاثيّ أو رباعي إلّا من حروف الزيادة (١).

ولا يلزم في كلّ مجرّد أن يستعمل له مزيد مثل «ليس ، خلا» ونحوهما من الأفعال الجامدة.

ولا يلزم من كلّ مزيد أن يكون له مجرّد ، مثل «اجلوّذ» (٢) و «اعرندى» (٣) ونحوهما من كلّ ما كان على «افعوّل» و «افعنلى» ولا يلزم أيضا فيما استعمل فيه بعض المزيدات أن يستعمل فيه البعض الآخر ، بل العمدة في ذلك على السّماع ـ إلّا الثلاثيّ اللازم ، فتطّرد الهمزة في أوّله للتّعدية ، فيقال في «قعد وخرج» :

«أقعدته وأخرجته».

فعل الشّرط وجوابه :

(انظر جوازم المضارع ٣).

الفعل المبني للمجهول :

(انظر نائب الفاعل).

فوق : ظرف مكان من أسماء الجهات ، وهو نقيض تحت ، تقول : «زيد فوق السّطح» وقد يستعار للاستعلاء الحكمي ، ومعناه الزّيادة ، أو الفضل تقول : «عليّ فوق أسامة» أي بالفضل أو العلم. ولها أحكام قبل وبعد (انظر قبل).

في : من حروف الجرّ ، تجرّ الظّاهر والمضمر ، نحو (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ)(٤) و (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)(٥).

ولها عشرة معان أشهرها :

(١) الظّرفيّة الحقيقيّة ، مكانيّة كانت ، أو زمانيّة نحو (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى

__________________

(١) انظر في حروف الزيادة.

(٢) اجلوّذ اجلوّاذا : مضى وأسرع.

(٣) العرندى : الصّلب.

(٤) الآية «٢٠» من سورة الذاريات «٥١».

(٥) الآية «٧١» من سورة الزخرف «٤٣».

٣٣٥

الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ)(١) والمجازيّة نحو (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٢).

(٢) السّببيّة نحو (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٣) أي بسبب ما خضتم فيه.

(٣) المصاحبة نحو (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ)(٤).

(٤) الاستعلاء نحو (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)(٥) على الاستعارة التبعيّة.

(٥) المقايسة ، وهي الواقعة بين مفضول سابق ، وفاضل لاحق ، نحو (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)(٦) ، أي بالقياس للآخرة.

(٦) أن تكون بمعنى الباء كقول زيد الخيل :

ويركب يوم الرّوع منّا فوارس

بصيرون في طعن الأباهر والكلى

الفينة : السّاعة والحين ، تقول : «ألقاه الفينة بعد الفينة» و «فينة بعد فينة» وهي ـ كما ترى ـ ظرف زمان.

__________________

(١) الآية «٢ و ٣ و ٤» من سورة الروم «٣٠».

(٢) الآية «١٧٩» من سورة البقرة «٢».

(٣) الآية «١٤» من سورة النور «٢٤».

(٤) الآية «٣٨» من سورة الأعراف «٧».

(٥) الآية «٧١» من سورة طه «٢٠».

(٦) الآية «٣٨» من سورة التوبة «٩».

٣٣٦

باب القاف

قاطبة : من ألفاظ الإحاطة ، تقول : «جاء القوم قاطبة» أي جميعا ، ولا تستعمل إلّا حالا.

قبل وإعرابها : قبل : في الأصل من قبيل ألفاظ الجهات الستّ الموضوعة لأمكنة مبهمة ، ثم استعيرت لزمان مبهم ، سابق على زمان ما أضيفت هي إليه ، وهي بحسب الإضافة تكون ، فإن أضيفت إلى مكان كانت ظرف مكان كقولك «المدينة قبل مكّة» ، وقد تستعمل الظّرفيّة المكانيّة في المنزلة والمكانة كقولهم : «عمر بالفضل قبل عثمان». وإن أضيفت إلى الزّمان كانت ظرف زمان نحو «جئتك قبل وقت الظّهر».

ول «قبل وبعد» حالتان : البناء على الضّم ، والإعراب ، أمّا البناء على الضم فله حالة واحدة ، وهي حذف المضاف إليه ونيّة معناه (١) ، سواء أجرّ ب «من» أم لا ، لا تزول معرفته ، نحو (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٢) ونحو (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ)(٣) وبدون «من» قوله تعالى : (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)(٤).

وأمّا الإعراب نصبا على الظّرفية ، أو جرّا ب «من» فله ثلاث صور :

(١) أن يصرّح بالمضاف إليه نحو : «زرتك قبل الغداء» و «بعد الفجر» و «جئتك من قبل الظّهر» و «من بعده».

(٢) أن يحذف المضاف إليه ، وينوى ثبوت لفظه فيبقى الإعراب وترك التّنوين كما لو ذكر المضاف إليه كقوله :

__________________

(١) المراد بنية المعنى : أن نلاحظ المضاف إليه معبّرا عنه تعبيرا ما دون الالتفات إلى لفظ بعينه.

(٢) الآية «٤» من سورة الروم «٣٠».

(٣) الآية «٨٠» من سورة يوسف «١٢».

(٤) الآية «٩١» من سورة يونس «١٠».

٣٣٧

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف (١)

أي : ومن قبل ذلك ، وهما في هذين الوجهين معرفتان أيضا.

(٣) أن يحذف المضاف إليه ، ولا ينوى شيء ، فيبقى الإعراب ، ويرجع التنوين لزوال ما يعارضه في اللّفظ كقول عبد الله بن يعرب :

فساغ لي الشّراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء الفرات

والمراد : قبلا مّا.

وقوله :

ونحن قتلنا الأسد أسد خفيّة

فما شربوا بعدا على لذّة خمرا

وهما في هذه الحالة نكرتان لعدم الإضافة لفظا وتقديرا ، ولذلك نوّنا.

قد اسم الفعل : هي مرادفة ليكفي يقال :

«قد خالدا درهم» و «قدني درهم» كما يقال : «يكفي خالدا درهم».

قد الاسميّة : هي مرادفة ل «حسب» ، وهي على الأكثر مبنيّة على السّكون ، يقال : «قد زيد درهم» و «قدني درهم» بنون الوقاية حرصا على بقاء السّكون ، وقليلا ما تكون معربة يقال : «قد زيد درهم» بالرفع كما يقال : «حسبه درهم» بغير نون ، كما يقال : حسبي.

قد الحرفيّة : تختصّ بالفعل المتصرّف الخبري ، المثبت ، المجرّد من ناصب ، وجازم وحرف تنفيس ، وهي معه كالجزء ، فلا تفصل منه بشيء إلّا بالقسم كقول الشّاعر :

أخالد قد ـ والله ـ أوطأت عشوة

وما العاشق المسكين فينا بسارق

وسمع : «قد ـ والله ـ أحسنت». وقد يضطّر الشاعر فيقدم الاسم ، وقد أوقع الفعل على شيء من سببه ، فليس للاسم المتقدّم إلّا النصب وذلك نحو «قد زيدا أضربه» إذا اضطّر شاعر فقدّم لم يكن إلّا النّصب في زيد ، لأنّه لا بدّ أن يضمر الفعل ، لأنّ «قد» مختصّة بالأفعال ، ولو قلت : «قد زيدا أضرب» لم يحسن كما قال سيبويه.

ول «قد» خمسة معان :

(١) التّوقّع ، وهو مع المضارع كقولك : «قد يقدم الغائب اليوم» وأمّا مع الماضي فتدخل منه على ماض متوقّع ، من ذلك قول المؤذّن «قد قامت الصّلاة» لأنّ الجماعة منتظرون ذلك ، وقد اجتمع في «قد قامت الصّلاة» ثلاثة معان مجتمعة : التّحقيق ، والتّوقع ، والتّقريب.

(٢) تقريب الماضي من الحال تقول

__________________

(١) وليس ببعيد أن تكون رواية البيت : ومن قبل فيكون مبنيا على الضم.

٣٣٨

«أقبل العالم» فيحتمل الماضي القريب والبعيد ، فإذا قلت : «قد أقبل» اختصّ بالقريب ويبنى على إفادتها ذلك : أنها لا تدخل على «ليس وعسى ونعم وبئس».

لأنهنّ للحال.

(٣) التّقليل ، وتختصّ بالمضارع نحو «قد يصدق الكذوب» ، وقد يكون التّقليل لمتعلّقه نحو قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ)(١) أي ما هم عليه هو أقل معلوماته سبحانه ، والأولى أن تكون في الآية للتحقيق.

(٤) التّكثير بمنزلة ربّما كقول الهذلي :

قد أترك القرن مصفرا أنامله

كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (٢)

ومن ذلك قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ)(٣).

(٥) التّحقيق ، نحو قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)(٤) ومنه (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ)(٥) فتدخل على الماضي والمضارع.

قدّام : قدّام خلاف وراء ، وهي من أسماء الجهات ، ولها أربعة أحكام (انظر قبل) ، وهي مؤنّثة اللّفظ ، وتصغّر بالهاء فيقال :

قديديمة ، ولا يصغّر رباعيّ بالهاء إلا قدّام ووراء.

قرب : تقول : «سكنت قرب المسجد» قرب : مفعول فيه ظرف مكان.

القسم : هو توكيد لكلامك ، فإذا حلفت على فعل غير منفيّ لم يقع لزمته اللّام ، ولزمت اللّام النّون الخفيفة أو الثّقيلة في آخر الكلمة ، وذلك قولك : «والله لأفعلنّ».

ومن الأفعال أشياء فيها معنى اليمين ، يجري الفعل بعدها مجراه بعد قولك : «والله» وذلك قولك : «أقسم لأفعلنّ» و «أشهد لأفعلنّ» و «أقسمت بالله عليك لتفعلنّ».

والقسم إمّا على إضمار فعل أو إظهاره ، تقول : «أحلف بالله لأفعلنّ» أو بالله ، أو والله ، ولا يظهر الفعل إلا بالباء لأنّها الأصل.

وإن كان الفعل قد وقع وحلفت عليه لم تزد على اللّام ، وذلك قولك : «والله لفعلت» وسمع من العرب من يقول : «والله لكذبت» فنون التّوكيد لا تدخل على فعل قد وقع ، وإذا حلفت على فعل منفيّ لم تغيّر عن حاله التي كان

__________________

(١) الآية «٦٤» من سورة النور «٢٤».

(٢) القرن : هو المقابل في الشجاعة ، الفرصاد : التوت.

(٣) الآية «١٤٤» من سورة البقرة «٢».

(٤) الآية «٩» من سورة الشمس «٩١».

(٥) الآية «٦٤» من سورة النور «٢٤».

٣٣٩

عليها قبل أن تحلف ، وذلك قولك : «والله لا أفعل».

وقد يجوز لك ـ وهو من كلام العرب ـ أن تحذف «لا» وأنت تريد معناها ، وذلك قولك : «والله أفعل ذلك أبدا ؛ تريد : والله لا أفعل ذلك أبدا ، وقال الشاعر :

فخالف فلا والله تهبط تلعة

من الأرض إلّا أنت للذّلّ عارف (١)

يريد : لا تهبط تلعة (٢).

ويقول سيبويه : سألت الخليل عن قولهم : «أقسمت عليك إلّا فعلت» لم جاز هذا في هذا الموضع؟ فقال : وجه الكلام ، لتفعلنّ ، ها هنا ، ولكنهم إنّما أجازوا هذا لأنّهم شبّهوه : بنشدتك الله ، إذ كان فيه معنى الطّلب.

وأجاب الخليل عن قول : لتفعلنّ ، إذا جاءت مبتدأة ليس قبلها ما يحلف به ، قال : إنّما جاءت على نيّة اليمين وإن لم يتكلّم بالمحلوف به.

حروف القسم : أحرف القسم ثلاثة : الباء ، والواو ، والتاء (انظر في أحرفها) وإذا حذفت من المحلوف به حرف القسم نصبته فتقول : «الله لأفعلنّ» أردت : أحلف الله لأفعلنّ ، وكذلك كلّ خافض في موضع نصب إذا حذفته وصلت الفعل ، نحو قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) أي من قومه ، ومثله قول ذي الرمة :

ألا ربّ من قلبي له الله ناصح

ومن قلبه لي في الظّباء السّوانح

ومن العرب من يقول : «الّله لأفعلنّ» وذلك أنّه قدّر وجود حرف القسم الجارّ وتقول في «إنّ» : «إنّ زيدا لمنطلق» وإن شئت قلت : «والله إنّ زيدا منطلق» فتكتفي ب «إنّ».

وتقول في «لا النّافية» : «والله لا أجاورك».

وفي «ما النافية» : «والله ما أكرهك» القسم على فعل ماض : إذا أقسمت على فعل ماض أدخلت عليه اللام ، تقول : «والله لرأيت أحمد يقرأ الدّرس» وإذا وصلت اللام ب «قد» فجيّد بالغ ، تقول : «والله لقد رأيت عمرا». وقد تقدم قريبا معنى هذا.

قط :

(١) تأتي بمعنى «حسب» تقول : «قط زيد درهم» و «قطي» و «قطك» كما يقال : «حسب زيد درهم» و «حسبي» و «حسبك»

__________________

(١) التلعة من الأضداد : يقال لما انحدر من الأرض ، ولما ارتفع ، وأراد الشاعر ، ما انحدر من الأرض.

(٢) الشرط والقسم.

٣٤٠