معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

لأنّ الطالب لرفع زيد هو الابتداء ، والابتداء هو التجرّد ، والتّجرّد قد زال بدخول «إنّ».

«٢"» «إنّ زيدا قائم وعمرو» بعطف «عمرو» على المحلّ لا المبتدأ.

«٣"» «هذا مانح أخيه ومحمّدا الخير» بنصب محمدا على محل أخيه.

(الثالث) العطف على التّوّهم ، نحو : «ليس بكر بائعا ولا مشتر» بخفض مشتر على توهّم دخول الباء ، في الخبر ، وشرط جوازه صحّة دخول ذلك العامل المتوهّم ، وشرط حسنه كثرة دخوله هناك ولهذا حسن قول زهير :

بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى

ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

وقول الآخر :

ما الحازم الشّهم مقداما ولا بطل

إن لم يكن للهوى بالحق غلّابا

ولم يحسن قول الآخر :

وما كنت ذا نيرب فيهم

ولا منمش فيهم منمل (١)

لقلّة دخول الباء على خبر «كان» بخلاف خبري «ليس» و «ما». وكما وقع هذا العطف في المجرور ، وقع في المجزوم ، وقال به الخليل وسيبويه ، في قوله تعالى : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ)(٢) قالا : فإن معنى لو لا أخّرتني فأصّدق : إن أخّرتني أصّدّق وأكن .. وقرىء : وأكون على الأصل. وكذلك وقع في المرفوع ، قال سيبويه : واعلم أنّ ناسا من العرب يغلطون (٣) فيقولون : «إنّهم أجمعون ذاهبون» وذلك على أنّ معناه معنى الابتداء ، والتقدير : هم أجمعون.

٣ ـ حروف العطف :

هي «الواو ، الفاء ، ثمّ ، حتّى ، أم ، أو ، لكن ، بل ، لا ، لا يكون ، ليس».

(انظر كلّا في حرفه).

والأصل بالعطف أن يكون على الأوّل إلّا في حروف التّرتيب.

٤ ـ حروف العطف نوعان :

«أ» ما يقتضي التّشريك في اللفظ والمعنى مطلقا ، وهو أربعة : «الواو ، الفاء ، ثمّ ، حتّى» أو مقيّدا بشرط ، وهو إثنان «أو ، أم» وشرطهما ألّا يقتضيا إضرابا.

«ب» ما يقتضي التّشريك في اللّفظ

__________________

(١) النيرب : النميمة ، ومنمشن ومنمل : أي نمام.

(٢) الآية «١٠» من سورة المنافقون «٦٣».

(٣) أي يتوهّمون على ما مرّ.

٣٠١

دون المعنى ، إمّا لكونه يثبت لما بعده ما انتفى عمّا قبله ، وهو «بل ، ولكن» ، وإمّا لكونه بالعكس وهو «لا» و «ليس».

٥ ـ أحكام تشترك فيها الواو والفاء :

تشترك الواو والفاء بأحكام منها :

جواز حذفهما مع معطوفهما لدليل مثاله في الواو قول النّابغة الذّبياني :

فما كان بين الخير لو جاء سالما

أبو حجر إلّا ليال قلائل

أي بين الخير وبيني.

ومثاله في الفاء (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ)(١) أي فضرب فانبجست.

وجواز حذف المعطوف عليه بهما ، فمثال الواو قول بعضهم : «وبك وأهلا وسهلا» جوابا لمن قال له : مرحبا بك ، والتّقدير : مرحبا بك وأهلا وسهلا ، ومثال الفاء نحو (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً)(٢) ، أي أنهملكم فنضرب عنكم ، ونحو (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ)(٣) أي أعموا فلم يروا.

٦ ـ العطف على الضّمير :

يعطف على الضّمير المنفصل مرفوعا أو منصوبا ، وعلى الضّمير المتّصل المنصوب بغير شرط ، نحو : «أنت وزيد تسرعان» و «ما أدعو إلّا إيّاك وخالدا» ونحو قوله تعالى : (جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ)(٤).

ولا يحسن العطف على الضّمير المتّصل المرفوع بارزا كان أو مستترا إلّا بعد توكيده بضمير منفصل نحو (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٥) ، (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٦). أو بوجود فاصل ما ، نحو (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ)(٧).

فمن معطوفة على الواو في يدخلونها أو وجود فصل ب «لا» نحو (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٨).

ويضعف العطف بدون ذلك ، نحو : «مررت برجل سواء والعدم». بالرّفع عطفا على الضّمير المستتر في سواء لأنّه بتأويل مستو هو والعدم ، وهو في الشّعر كثير كقول جرير يهجو الأخطل :

ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه

ما لم يكن وأب له لينالا

عطف «أب» على الضّمير في

__________________

(١) الآية «١٦٠» من سورة الأعراف «٧».

(٢) الآية «٥» من سورة الزخرف «٤٣».

(٣) الآية «٩» من سورة سبأ «٣٤».

(٤) الآية «٣٨» من سورة المرسلات «٧٧».

(٥) الآية «٥٤» من سورة الأنبياء «٢١».

(٦) الآية «٣٥» من سورة البقرة «٢».

(٧) الآية «٢٣» من سورة الرعد «١٣».

(٨) الآية «١٤٨» من سورة الأنعام «٦».

٣٠٢

«يكن» من غير توكيد ولا فصل ، ويقلّ العطف على الضّمير المخفوض إلّا بإعادة الخافض حرفا كان أو اسما نحو (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ)(١) ، (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ)(٢). وهناك قراءة ابن عبّاس : تسائلون به والأرحامِ (٣) بالخفض من غير إعادة الخافض ، وحكاية قطرب عن العرب «ما فيها غيره وفرسه» بالخفض عطفا على الهاء من غيره.

٧ ـ عطف الفعل :

يعطف الفعل على الفعل بشرط اتّحاد زمنيهما ، سواء اتّحد نوعاهما نحو (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ)(٤) ، (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ)(٥) ، أم اختلفا نحو (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ)(٦) ، (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(٧).

ويعطف الفعل على الاسم المشبه له في المعنى نحو (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)(٨) و (صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)(٩).

فالمغيرات في تأويل : واللّاتي أغرن «صافّات» في معنى : يصففن.

ويجوز العكس كقوله :

يا ربّ بيضاء من العواهج

أمّ صبيّ قد حبا أو دارج (١٠)

ومنه (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ)(١١).

٧ ـ جواز حذف العاطف وحده :

يجوز بقلّة حذف العاطف وحده نحو :

كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا

يغرس الودّ في فؤاد الكريم

أي : وكيف أمسيت ، وفي الحديث : «تصدّق رجل من ديناره ، من درهمه) أي : ومن درهمه.

٨ ـ العطف على معمول عامل :

أجمعوا على جواز العطف على معمول عامل واحد نحو «إنّ أباك آت

__________________

(١) الآية «١١» من سورة فصلت «٤١».

(٢) الآية «١٣٣» من سورة البقرة «٢».

(٣) الآية «١» من سورة النساء «٤».

(٤) الآية «٤٩» من سورة الفرقان «٢٥».

(٥) الآية «٣٦» من سورة محمد «٤٧».

(٦) الآية «٩٨» من سورة هود «١١».

(٧) الآية «١٠» من سورة الفرقان «٢٥».

(٨) الآية «٣ ـ ٤» من سورة العاديات «١٠٠».

(٩) الآية «١٩» من سورة الملك «٦٧».

(١٠) العواهج : جمع عوهج ، وهو في الأصل الطويلة العنق من الظباء ، وأراد بها المرأة ، حبا : زحف ، درج الصبي : قارب بين خطاه.

(١١) الآية «٩٥» من سورة الأنعام «٦».

٣٠٣

وأخاك ذاهب» وعلى جواز معمولات عامل نحو .. أعلم المدير بكرا المدرس آتيا والأستاذ خالدا أباه حاضرا».

وأجمعوا على منع العطف على معمولي أكثر من عاملين نحو : «إنّ زيدا ضارب أبوه (١) لعمرو وأخاك غلامه لبكر» (٢) ، أمّا معمولا عاملين ، فإن لم يكن أحدهما جارّا فالأكثر امتناعه ، وإن كان أحدهما جارّا فإن كان مؤخّرا نحو «محمد في العمل والبيت أخوه» فهو ـ عند الأكثر ـ أيضا ممتنع ، وإن كان الجارّ مقدّما نحو «في عمله محمد والبيت أخوه» فمنع منه سيبويه والمبرد وابن السراج ، وأجازه الأخفش والكسائي والفراء والزجاج. والأولى المنع منه.

علامات الاسم :

(انظر الاسم).

علامات الفعل :

(انظر الفعل).

على :

(١) من حروف الجر ، وتجرّ الظّاهر والمضمر ، نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٣) ولها نحو تسعة معان أشهرها : الاستعلاء ، وهو الأصل فيها نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٤).

الظّرفيّة ، نحو : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ)(٥) أي في حين غفلة.

المجاوزة ، ك «عن» كقول القحيف العقيلي :

إذا رضيت عليّ بنو قشير

لعمر الله أعجبني رضاها

أي رضيت عني.

المصاحبة ، نحو (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ)(٦). أي مع ظلمهم.

موافقة «من» ، نحو (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ)(٧).

الاستدراك كقولك «فلان أطاع الشّيطان على أنّنا لا نيأس من إصلاحه».

(٢) يمكن أن تكون «على» اسما إذا دخلت عليها «من» كقول مزاحم العقيلي يصف القطا :

__________________

(١) هذه اللام للتقوية.

(٢) على أن أخاك عطف على زيد ، وغلامه عطف على أبوه ، وبكر عطف على عمرو ، والعامل في الثالث لام التقوية ، وفي الثاني ضارب وفي الأول : إنّ.

(٣) الآية «٢٢» من سورة المؤمنون «٢٣».

(٤) الآية «٢٢» من سورة المؤمنون «٢٣».

(٥) الآية «١٥» من سورة القصص «٢٨».

(٦) الآية «٦» من سورة الرعد «١٣».

(٧) الآية «٢» من سورة المطففين «٨٣».

٣٠٤

غدت من عليه بعدما تمّ ظمؤها

تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل (١)

عل : معناها وإعرابها :

توافق «فوق» في معناها ، وفي بنائها على الضّم إذا كانت معرفة كقول الفرزدق يهجو جريرا :

ولقد سددت عليك كل ثنيّة (٢)

وأتيت نحو بني كليب من عل

أي من فوقهم ، وفي إعرابها مجرورة بمن إذا كانت نكرة قول امرىء القيس يصف فرسا :

مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

أي من مكان عال.

وتخالف فوق في أمرين :

(١) أنّها لا تستعمل إلّا مجرورة ب «من».

(٢) أنّها لا تضاف ، فلا يقال : أخذته من عل السّطح ، كما يقال من علوّه ومن فوقه.

علّ : لغة في «لعلّ» بل يقال : إنّها أصلها ، قال الأضبط بن قريع :

لا تهين الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

وهي هنا بمعنى عسى ، وتعمل عمل «إنّ» ك «لعلّ».

والأصح والأفصح : لعلّ (انظر لعلّ).

علق : فعل ماض يدلّ على الشروع في خبرها وهي من النّواسخ ، تعمل عمل كان ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعليّة من مضارع فاعله ضمير يعود على الاسم ، ومجرّد من «أن» المصدريّة ولا تعمل إلّا في حالة المضيّ نحو «علق زيد يتعلّم» أي أنشأ وشرع ، (انظر أفعال المقاربة).

علم :

(١) فعل يتعدّى إلى مفعولين وهو من أفعال القلوب ويفيد اليقين ، وقد يفيد الرّجحان نحو قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)(٣).

(انظر المتعدي إلى مفعولين).

(٢) «علم» بمعنى عرف وتتعدّى إلى

__________________

(١) «غدت» من أخوات ، «كان» واسمها يعود إلى القطا «الظم» ما بين الشّربين للإبل ، و «تصلّ» تصوّت أحشاؤها «القيض» قشر البيض الأعلى ، وأراد به الفرخ و «زيزاء» الغليظ من الأرض ، «المجهل» القفر لا علامة فيه.

(٢) الثنية : الطريق في الجبل.

(٣) الآية «١٠» من سورة الممتحنة «٦٠».

والمراد : فإن تيقنتم إيمانهن ، فعلمتموهن لليقين هنا ، والظن أو الشك جاء من إن الشرطية لا من علمتموهن ، وقد يكون الظن في علمتموهنّ لأنه لا أحد يعلم يقينا إيمان أحد ، لأن الإيمان في القلب ، ولكن بغلبة الظن.

٣٠٥

مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً)(١).

العلم :

١ ـ العلم نوعان : علم جنسي ـ وسيأتي ـ وعلم شخصيّ.

٢ ـ العلم الشّخصي :

هو الاسم الخاصّ الذي لا أخصّ منه ، ويركّب على المسمّى لتخليصه من الجنس بالاسمية ، فيفرّق بينه وبين مسمّيات كثيرة.

٣ ـ العلم الشّخصي ، نوعان :

أحدهما : أولو العلم من المذكّرين ك «جعفر» والمؤنثات ك «زينب» ، الثاني : ما يؤلّف كالقبائل ك «قريش» والبلاد ك «دمشق» ، والخيل : ك «لاحق» والإبل ك «شدقم» والبقر ك «عرار» والغنم ك «هيلة» ، والكلاب ك «واشق».

٤ ـ العلم الشّخصي أربعة أقسام :

مفرد ، ومركّب ، ومنقول ، ومرتجل.

«أ» العلم المفرد هو الأصل :

لأنّ التّركيب بعد الإفراد ، وذلك نحو «خالد وعمرو» والمراد بالإفراد أنّه يدل على حقيقة واحدة قبل النّقل وبعده.

«ب» العلم المركّب : وهو الذي يدل على حقيقة واحدة بعد النقل ، وهو على ثلاثة أنواع :

(١) جملة ، وهو كلّ كلام عمل بعضه في بعض نحو «تأبط شرّا» و «ذرّى حبّا» ومثلها «شاب قرناها» و «برق نحره» و «جاد المولى» ومثل ذلك «يزيد».

يقول الشّاعر :

كأنّه جبهة ذرّى حبّا

ويقول :

كذبتم وبيت الله لا تنكحونها

بني شاب قرناها تصرّ وتحلب

(٢) من المركّبات اسمان ركّب أحدهما مع الآخر ، حتى صارا كالاسم الواحد نحو «حضرموت» و «بعلبك» و «معد يكرب» ومثل هذا يمنع من الصّرف. ومن هذا «سيبويه» و «نفطويه» و «عمرويه» ، إلا أنّ هذا مركّب من اسم وصوت أعجميّ ، وهو «ويه» ويبنى مثل هذا على الكسر.

(٣) من المركّبات المضاف وهو نوعان :

(الأول) : اسم غير كنية نحو «ذي النّون» و «عبد الله» و «امرىء القيس».

(الثاني) : الكنية نحو «أبي زيد» و «أمّ عمرو».

«ج» العلم على ضربين : منقول ومرتجل ، والغالب النّقل ، ومعنى النّقل :

__________________

(١) الآية «٧٨» من سورة النحل «١٦».

٣٠٦

أن يكون الاسم بإزاء حقيقة شاملة فتنقله إلى حقيقة أخرى خاصّة ، والعلم المنقول على ثلاثة أضرب :

منقول عن اسم ، ومنقول عن فعل ، ومنقول عن صوت.

فأمّا الأوّل وهو المنقول عن الاسم فنوعان :

منقول عن عين ، أو معنى ، أمّا العين فيكون اسما وصفة ، فالمنقول عن الاسم غير الصّفة كتسمية رجل «بأسد» أو «ثور» أو «حجر». وهي في الأصل أسماء أجناس ، لأنّها بإزاء حقيقة شاملة.

والمنقول عن الصّفة نحو «خالد» و «مالك» وفاطمة» فهذه الأسماء أوصاف في الأصل ، لأنّها أسماء فاعلين ، تقول في الأصل : هذا رجل خالد بذكره ، من الخلود ، وتقول : مالك ، من الملك ، وفاطمة من الفطام ، ومثله حاتم ، وعابد وناصر ، ونائلة.

وما نقل عن الصّفة وفيها «أل» المعرّفة فإنها تبقى بعد النقل للاسم نحو «الحارث» و «العبّاس».

وما نقل مجرّدا من «أل» لم يجز دخولهما عليه بعد النّقل نحو «سعيد» و «مكرم».

وقد تدخل «أل» بعد النقل للمح الأصل ، كأنّهم لمحوا اتّصافه بمعنى الاسم ، ومثله قول الأعشى :

أتاني وعيد الحوص من آل جعفر

فيا عبد عمرو لو نهيت الأحاوصا

فجمع اسم «أحوص» جمع الصّفة كما يجمع قبل النّقل فقال «الحوص» كأحمر وحمر.

أمّا ما نقل من المعنى فنحو «فضل» و «إياس» و «زيد» و «عمرو» فهذه الأسماء نقلت من المصدر ، والمصدر معنى ، ففضل : مصدر يفضل فضلا ، وإياس : مصدر آسه يؤوسه إياسا وأوسا إذا أعطاه ، وزيد مصدر زاد زيدا وزيادة ، يقول الشاعر :

وأنتم معشر زيد على مائة

فأجمعوا أمركم طرّا فكيدوني

ف «زيد» مصدر موصوف به كما تقول : «رجل عدل» و «ماء غور».

وأمّا الثاني وهو المنقول عن الفعل فقد نقل من ثلاثة أفعال :

الماضي ، والمضارع ، والأمر أمّا الماضي فنحو «شمّر» اسم رجل ، من شمّر عن ساقيه ، وشمّر في الأمر : إذا خفّ ، وأمّا المضارع فنحو «يشكر ويزيد ، وتغلب» ، وأمّا الأمر فنحو «اصمت» سميت به فلاة بعينها قال الراعي :

٣٠٧

أشلى سلوقيّة بانت وبان بها

بوحش اصمت في إصلابها أود (١)

ومثله لأبي ذؤيب الهذلي :

على أطرقا باليات الخيا

م إلا الثمام وإلا العصي (٢)

وأصل الفعل «اصمت» بضم الميم ، ولعلّه كسره حين نقله. وإذا نقل الفعل إلى الاسم لزمته أحكام الأسماء ، فقطعت الألف لذلك ، وربّما أنّثوا فقالوا «إصمتة» إيذانا بغلبة الاسمية بعد التّسمية.

وأمّا الثّالث وهو المنقول عن الصّوت فنحو تسمية عبد الله بن الحارث «ببّة» وهو صوت كانت ترقّصه به أمّه وهو صبي وذلك قولها :

لأنكحنّ ببّة

جارية خدبة

مكرمة محبّة

تحبّ أهل الكعبة

فغلب عليه فسمي به. الخدبّة : الضخمة.

«د» العلم المرتجل على ضربين :

قياسيّ ، وشاذّ. والمراد بالمرتجل ما ارتجل للتّسمية به أي اخترع ، ولم ينقل إليه من غيره من قولهم : ارتجل الخطبة : إذا أتى بها عن غير فكرة ، وسابقة رويّة.

أما القياسيّ فالمراد به أن يكون القياس قابلا له غير دافعه ، وذلك نحو «حمدان» و «عمران» و «غطفان» و «فقعس» فهذه الأسماء مرتجلة للعلميّة ، لأنّها بنيت صيغها من أوّل مرّة للعلمية ، والقياس قابل لها لأنّ لها نظيرا في كلامهم ، فـ «حمدان» كسعدان اسم نبت كثير الشّوك ، وصفوان : للحجر الأملس ، و «فقعس» مثل سلهب وهو الطويل.

وأمّا الشّاذ فالذي يدفعه القياس فمن ذلك «محبّب» الأصل فيه «محبّ» ومثله «حيوه» اسم رجل وليس في الكلام حيوه ، وإنما هي حيّة ، ومن ذلك : «موهب» اسم رجل و «موظب» في اسم مكان ، وكلاهما شاذّ لأنّ الذي فاؤه واو لا يأتي منه مفعل بفتح العين إنما هو مفعل بكسرها نحو موضع وموقع ومورد.

٥ ـ المركب الإضافي :

والمركّب الإضافي : هو كلّ اسمين نزّل ثانيهما منزلة التّنوين ممّا قبله ك «عبد

__________________

(١) أشلى الكلب : إذا دعاه ، وأسده : إذا أغراه بالصّيد. سلوقية : نسبة إلى سلوق بلد في اليمن ينسب إليها الكلاب. وإصمت : فلاة بعينها ، وبالنقل صارت همزتها همزة قطع.

الأصلاب : جمع صلب. أود : عوج.

(٢) أطرقا : اسم بلد ، قال الأصمعي : سمي بقوله ، أطرق أي اسكت كان ثلاثة قال أحدهم لصاحبيه : أطرقا فسمى المكان اطرقا.

٣٠٨

الله» و «أبي بكر» وهذا هو الغالب في الأعلام المركّبة.

وحكمه أن يعرب الجزء الأوّل بحسب العوامل رفعا ونصبا وجرّا ، ويجرّ الثّاني بالإضافة دائما.

٦ ـ العلم اسم وكنية ولقب ـ وترتيبها :

ينقسم العلم أيضا إلى اسم وكنية ولقب ، فالكنية : كلّ مركّب إضافيّ صدّر ب «أب» أو «أمّ» ك «أبي بكر» و «أمّ كلثوم».

واللّقب : كلّ ما أشعر برفعة المسمّى أو ضعته ك «الرّشيد» و «الجاحظ» والاسم : ما عداهما وهو الغالب ك «هشام» و «شام» وإذا اجتمع الاسم واللّقب ، يؤخّر اللّقب عن الاسم ك «عليّ زين العابدين».

ولا ترتيب بين الكنية وغيرها ، فيجوز تقديم الكنية على الاسم واللّقب وتأخيرهما عنها ، قال أعرابي : «أقسم بالله أبو حفص عمر» فهنا قدّم الكنية ، وقال حسّان بن ثابت :

وما اهتزّ عرش الله من أجل هالك

سمعنا به إلّا لسعد أبي عمرو

وهنا قدّم الاسم على الكنية.

٧ ـ إعراب اللّقب والكنية :

اللّقب إمّا أن يكون هو والاسم قبله مضافين ك «عبد الله زين العابدين» أو يكون الاسم مفردا واللّقب بعده مضافا ك «عليّ زين العابدين». أو يكونا بالعكس ك «عبد العزيز المهدي» ، في هذه الأحوال الثلاثة أتبعت الثاني الأوّل في إعرابه بدلا أو عطف بيان ، وإن شئت قطعته عن التّبعيّة إمّا برفعه خبرا لمبتدأ محذوف أو بنصبه مفعولا به لفعل محذوف وإن كان اللّقب والاسم الذي قبله مفردين ك : «عمرو الجاحظ» و «سعيد كرز» (١).

فجمهور البصريين يوجبون إضافة الأوّل إلى الثاني ، وبعضهم أجاز فيه البدليّة أو عطف البيان. وحكم الكنية وما قبلها من الاسم واللّقب إتباعا (٢) وقطعا (٣) ، إلّا أنّ الكنية لا تكون إلّا مضافة.

٨ ـ حذف التنوين من العلم :

وكلّ اسم غالب وصف بابن ثم أضيف إلى اسم غالب أو كنية حذف منه التّنوين ، وذلك قولك : هذا زيد بن عمرو ، وإنما حذفوا التّنوين من نحو هذا حيث كثر في كلامهم لأنّ

__________________

(١) الكرز : الجوالق أو الخرج.

(٢) أي على البدل أو عطف البيان.

(٣) القطع : تقدير مبتدأ أو فعل ، أي قطعها عن التّبعيّة لما قبلها.

٣٠٩

التّنوين حرف ساكن وقع بعده حرف ساكن ـ وهو الباء من ابن ـ ومن كلامهم أن يحذفوا الأوّل ـ وهو التنوين ـ.

وتقول : هذا أبو عمرو بن العلاء من غير تنوين عمرو ، لأنّ الكنية كالاسم الغالب ، وتقول : هذا زيد بن أبي عمرو ، وقال الفرزدق في أبي عمرو بن العلاء :

ما زلت أغلق أبوابا وأفتحها

حتّى أتيت أبا عمرو بن عمّار

وإذا لم يكن كما قدّمناه من شروط حذف التّنوين ، فإنّ التّنوين باق لا يحذف ، مثل قولك : هذا زيد ابن أخيك ، وهذا زيد ابن أخي عمرو ، وهذا زيد الطّويل ففي مثل هذه الأمثلة لا يحذف التّنوين بل يحرّك بالكسر للتّخلّص من التقاء الساكنين.

٩ ـ العلم الجنسي :

هو اسم يعيّن مسمّاه ، بغير قيد ، تعيين ذي الأداة الجنسيّة أو الحضوريّة ، فإذا قلت «أسامة أجرأ من ثعالة» فهو بمنزلة قولك : «الأسد أجرأ من الثّعلب» وأل في الأسد والثعلب للجنس ، وإذا قلت : «هذا أسامة مقبلا» فهو بمنزلة قولك «هذا الأسد مقبلا» وأل في «الأسد» لتعريف الحضور. (الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس (انظر اسم الجنس)).

١٠ ـ أحكامه :

هذا العلم يشبه علم الشّخص من جهة الأحكام اللّفظيّة ، فإنه يمتنع من «أل» فلا يقال : «الأسامة» كما لا يقال «العمر» ويمتنع من «الإضافة» فلا يقال «أسامتكم» ، ويمتنع من الصّرف ، إن كان ذا سبب آخر ، كالتأنيث في «أسامة وثعالة» ، وكوزن الفعل في «بنات أوبر» (١) و «ابن آوى» (٢). ويبتدأ به ، ويأتي الحال منه بلا مسوّغ فيهما ، ويمتنع وصفه بالنكرة ، فلا يقال : أسامة مفترس ، بل المفترس.

أمّا من جهة المعنى فإنه يشبه النكرة ، لأنّه شائع في أمّته ، لا يختصّ به واحد دون آخر.

١١ ـ مسمّى علم الجنس :

مسمّى علم الجنس ثلاثة أنواع :

«أ» أعيان لا تؤلّف ، أي سماعية ، وهو الغالب ك «أسامة» للأسد ، و «أمّ عريط» للعقرب و «أبي جعدة» للذّئب.

«ب» أعيان تؤلف ك «هيّان بن بيّان» للمجهول العين والنّسب ومثله «طامر بن

__________________

(١) علم على نوع من الكمأة.

(٢) حيوان فوق الثعلب ودون الكلب.

٣١٠

طامر» وك «أبي المضاء» للفرس ، و «أبي الدّغفاء» للأحمق.

«ج» أمور معنوية ك «سبحان» علما للتّسبيح و «كيسان» (١) للغدر و «يسار» (٢) للميسرة ، و «فجار» للفجرة ، و «برّة» (٣) للمبرّة.

العلم الجنسي :

(انظر العلم ١٤ و ١٥ و ١٦).

العلم الشّخصي :

(انظر العلم ٢ و ٣).

العلم المرتجل :

(انظر العلم ٥).

العلم المنقول :

(انظر العلم ٦).

العلم المركّب الإسنادي :

(انظر تقسيم العلم).

العلم المركّب المزجي :

(انظر تقسيم العلم).

العلم المركّب الإضافي :

(انظر تقسيم العلم).

عليك : اسم فعل أمر ويفيد الإغراء والأمر ، وهو منقول من الجارّ والمجرور تقول : «عليك زيدا» أي الزمه وخذه ، والكاف في «عليك» ومثلها «عليكم» والكاف والميم ضمير عند الجمهور في محلّ جرّ ب على» ، ومثله «عليك بزيد» ومنه قوله تعالى : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)(٤) و «عليك بالعروة الوثقى» أي استمسك بها ولا يقال : «عليه زيدا».

(انظر اسم الفعل).

عم صباحا : كلمة تحيّة ، كأنّه محذوف من نعم ينعم بالكسر ، كما تقول : كل من أكل يأكل ، فحذف من «عم» الألف والنّون استخفافا ، و «صباحا» ظرف زمان مفعول فيه أي أنعم في صباحك.

عمرك : هذا اللفظ يرد كثيرا في أقسام العرب أو تأكيداتها وأصله قسم بالعمر أو دعاء بطول العمر ، وهاك التفصيل من ناحيتي اللّغة والإعراب.

اللغة : العمر والعمر والعمر : الحياة ، يقال : طال عمره وعمره لغتان فصيحتان ، وفي القسم : الفتح لا غير : يقال :

__________________

(١) وقيل في ذلك :

إذا ما دعوا «كيسان» كانت كهولهم

إلى الغدر أسعى من شبابهم المرد

(٢) وقيل في ذلك :

وقلت امكثي حتى «يسار» لعلنا

نحج معا ، قالت أعاما وقابله

(٣) اجتمعت «فجار» و «برة» في قول النابغة :

إنا اقتسمنا خطيتنا بليننا

فحملت «برة» واحتملت «فجار»

(٤) الآية «١٠٨» من سورة المائدة (٥).

٣١١

لعمري ، لعمرك ، وقال الجوهري : معنى «لعمر الله» و «عمر الله» : أحلف ببقاء الله ودوامه ، وإذا قلت : «عمرك الله» فكأنّك قلت : بتعميرك الله ، أي بإقرارك له بالبقاء ، وقول عمر بن أبي ربيعة :

«عمرك الله كيف يلتقيان ، يريد سألت الله أن يطيل عمرك ، لأنّه لم يرد القسم بذلك.

أمّا الناحية الإعرابية فقولهم : «لعمري ولعمرك» يرفعونه بالابتداء ، ويضمرون الخبر ، كأنهم يقولون : لعمرك قسمي أو يميني (١).

وقال الأزهري : وتدخل اللام في «لعمرك» فإذا أدخلتها رفعت بها بالابتداء ، فإذا قلت : «لعمر أبيك الخير» نصبت «الخير» أو خفصته ، فمن نصب أراد إنّ أباك عمر الخير يعمره عمرا وعمارة ، فنصب الخير بوقوع العمر عليه ، ومن خفض «الخير» جعله نعتا لأبيك.

وقالوا : «عمرك الله أفعل كذا» أو «عمرك الله إلّا فعلت كذا». أو «إلّا ما فعلت كذا» على زيادة «ما» بنصب «عمرك» وهو من الأسماء الموضوعة موضع المصادر المنصوبة على إضمار الفعل المتروك إظهاره ، وأصله من : عمّرتك الله تعميرا ، فحذفت زيادته ، وقال المبرّد : في قوله : «عمرك الله». إن شئت جعلت نصبه بفعل أضمرته ، وإن شئت نصبته بواو حذفته (٢). وإن شئت كان على قولك عمّرتك الله تعميرا ، ونشدتك الله نشيدا ، ثمّ وضعت «عمرك» موضع التّعمير.

عمّ : مركّبة من «عن» حرف الجرّ ، و «ما» الاستفهاميّة وحذفت ألفها لدخول الجار.

عمّا : مركّبة من «عن» الجارّة ، و «ما» الزائدة ، ولا تكفّها عن العمل.

(انظر عن).

عمل اسم التّفضيل :

(انظر اسم التّفضيل ٦).

عمل اسم الفاعل :

(انظر اسم الفاعل وأبنيته وعمله ٥).

عمل اسم الفعل :

(انظر اسم الفعل ٦).

عمل اسم المصدر :

(انظر اسم المصدر ٢).

عمل اسم المفعول :

(انظر اسم المفعول وأبنيته وعمله ٣).

__________________

(١) وتقدم هذا في الخبر وبالخصوص في حذف الخبر.

(٢) أي واو القسم وعلى هذا نصب بنزع الخافض.

٣١٢

عمل تثنية اسم الفاعل وجمعه :

(انظر اسم الفاعل وأبنيته وعمله ٦).

عمل المصدر :

(انظر المصدر ٤).

عمل المصدر الميمي :

(انظر المصدر الميمي ٢ / ٢).

عن :

(١) من حروف الجر ، وتجرّ الظّاهر والمضمر ، نحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١). و (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ)(٢) ، وزيادة «ما» يعدها لا تكفّها عن العمل نحو «عمّا قليل» ولها نحو من تسعة معان :

منها : المجاوزة (٣) وهي الأصل ، نحو «سرت عن البلد» و «رغبت عن مجالسة اللّئيم».

ومنها : الاستعلاء كقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ)(٤) أي على نفسه.

ومنها : التّعليل ، نحو (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ)(٥) أي لأجله.

(٢) قد تكون «عن» اسما إذا دخلت عليها «من» وتكون «عن» بمعنى جانب كقول قطريّ بن الفجاءة :

فلقد أراني للرّماح دريئة

من عن يميني مرّة وأمامي (٦)

عند : مثلّثة العين ، وفي المصباح : الكسر هي اللّغة الفصحى ، وهي ظرف في المكان والزّمان ، فالمكان الحقيقي نحو (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ)(٧). والمجازي نحو (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ)(٨).

و «عند» غير متصرّف.

فلا يقع إلّا ظرفا أو مجرورا ب «من» كما مثّل ، وأمّا ظرف الزّمان ، فكقولك «جئتك عند مغيب الشّمس» ، وتلزم الإضافة فلا تستعمل بغير إضافة إطلاقا ، وقول العامة : «ذهبت إلى عنده» لحن ، والصّواب : ذهبت إليه.

عندك : اسم فعل أمر بمعنى خذ ، وتأتي بمعنى احذر ، تقول : «عندك الطعام» أي خذه ، وتقول : «عندك» تحذّره شيئا بين

__________________

(١) الآية «١٩» من سورة الانشقاق «٨٤».

(٢) الآية «٨» من سورة البينة «٩٨».

(٣) ولم يذكر البصريون غيرها.

(٤) الآية «٣٨» من سورة محمد «٤٧».

(٥) الآية «٥٣» من سورة هود «١١».

(٦) الدريئة : حلقة يتعلم فيها الطعن والرمي.

(٧) الآية «٤٠» من سورة النمل «٢٧».

(٨) الآية «٤٠» من سورة النمل «٢٧».

٣١٣

يديه وهو اسم فعل لا يتعدى.

عندما : مركّبة من «عند» الظّرفيّة الزمانيّة و «ما» المصدريّة ، نحو «عندما تطرق الباب يؤذن لك» أي عند طرقك الباب.

عوض : هو لاستغراق المستقبل مثل «أبدا» إلّا أنّه مختصّ بالنفي نحو «لا أفارقك عوض» قال الجوهري : يضم ـ أي آخره ـ بناء ويفتح بغير تنوين ، والضم قول الكسائي ، والفتح قول البصريين ، وهو أكثر وأفشى ، فإن أضيف أعرب نحو «لا أدعك عوض الدّهر».

٣١٤

باب الغين

غدا : «تعمل عمل كان» تقول : «غدا الزمن صعبا».

(انظر كان وأخواتها ٣ تعليق).

غدا : الغد : اليوم الذي يأتي بعد يومك على أثر ، ثمّ توسّعوا فيه حتّى أطلق على البعيد المترقّب ، وهو منصوب على الظّرفيّة الزّمانية.

غداة وغدوة : هما ما بين طلوع الفجر وطلوع الشّمس يقال : «أتيته غداة وغدوة» غير مصروفة لأنّها معرفة مثل «سحر».

فإذا نكّرت ـ بأن تريد غداة ما أو غدوة مّا ـ صرفت فقلت : «جئتك غدوة طيّبة» بالتّنوين ، وهما من الظّروف المتمكّنة ، تقول : «هذه غداة طيّبة» و «جئتك غداة طيّبة».

غديّة :تصغير الغداة.

غير : كلمة موغلة في الإبهام ، ولا تفيدها إضافتها تعريفا ، ولا يوصف بها إلّا نكرة نحو قوله تعالى : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)(١) إلّا إذا وقعت بين متضادّين كقولك : «عجبت من حركة غير سكون» ، فإنها تفيد تعريفا ، ومن ثمّ جاز وصف المعرفة بها نحو قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٢).

ول «غير» ثلاثة أنواع :

الاستثناء ، والوصف ، ومعنى لا.

(الأول) وهو الاستثناء فتأتي في جملة فيها مستثنى ومستثنى منه ، فتكون «غير» بمعنى «إلّا» الاستثنائية ، وعلى هذا فتعرب «غير» إعراب ما بعد «إلّا» على التّفصيل من تعيّن النّصب ، وجوازه والاتّباع ، والإعراب على حسب العوامل

__________________

(١) الآية «٤٦» من سورة هود «١١».

(٢) الآية «٧» من سورة الفاتحة «١».

٣١٥

نحو «أقبل الأهل غير أحمد». و «ما ذهب الأصحاب غير عليّ» و «ما تعلّم غير المجدّ» وغير ذلك من الأحكام التي تقدمت في «إلّا» (١).

أمّا حكم الاسم بعدها ـ وهو المستثنى في المعنى ـ فيجر بالإضافة وناب «غير» عنه في أحكام المستثنى. وأمّا حكم تابع المستثنى ب «غير» فيجوز فيه مراعاة اللّفظ ، ومراعاة المعنى ، تقول : «قام القوم غير زيد وخالد وخالدا» فالجر على اللّفظ ، والنّصب على المعنى ، لأنّ معنى «غير زيد» : «إلّا زيدا» وتقول : «ما قام أحد غير زيد وعمرو» بالجرّ وبالرفع على معنى : إلّا زيد.

(الثاني) وهو الوصف ب «غير» حيث لا يتصوّر الاستثناء ، نحو : «عندي درهم غير جيّد» فـ «غير» هنا صفة ل «درهم» ولو قلت : «إلّا» جيّدا لم يجز ، وإذا وصفت ب «غير» أتبعتها إعراب ما قبلها ، وشرط «غير» هذه أن يكون ما قبلها يصدق على ما بعدها تقول : «مررت برجل غير عالم» ولا تقول : «مررت برجل غير أمة».

(الثالث) أن تكون «غير» بمعنى «لا» النافية ، فتنصب على الحال ، كقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ)(٢) أي : فمن اضطر جائعا لا باغيا ، ومثله قوله تعالى : (إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ)(٣).

ول «غير» بحث في بنائها ، إذا أضيفت لمبني (انظر في الإضافة ٨).

ملاحظة : هل تدخل «ال» على «غير».

نقل النوويّ في كتابه «تهذيب الأسماء واللّغات» عن الحسن بن أبي الحسن النحوي في كتابه : «المسائل السّفريّة» : منع قوم دخول الألف واللّام على «غير وكل وبعض» وقالوا : هذه ـ أي غير ـ كما لا تتعرّف بالإضافة ، لا تتعرّف بالألف واللام ، قال : وعندي أنّه تدخل «أل» على «غير وكل وبعض» (٤) فيقال : «فعل الغير ذلك» هذا لأنّ الألف واللام هنا ليسا للتّعريف ، ولكنّها : المعاقبة للإضافة ، وذلك (٥) كقوله تعالى : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى)(٦) أي مأواه : على أنه ـ كما في التاج وتهذيب الأسماء ـ قد

__________________

(١) انظر «إلا» في حرفها.

(٢) الآية «١٧٣» من سورة البقرة «٢».

(٣) الآية «٥٣» من سورة الأحزاب «٣٣».

(٤) انظر كل وبعض في حرفيهما.

(٥) كما في التاج بحث «غير».

(٦) الآية «٤١» من سورة النازعات «٧٩».

٣١٦

يحمل الغير على الضّدّ ، والكلّ على الجملة ، والبعض على الجزء فيصح دخول اللّام عليها بهذا المعنى أقول : هذا من النّاحية النّظرية ، فهل سمع من العرب دخول «أل» على «غير»؟ ما أظنّه سمع.

غير بعد ليس :

(انظر ليس غير).

٣١٧
٣١٨

باب الفاء

الفاء بجواب الشّرط :

(انظر جوازم المضارع ٧).

الفاء الزّائدة : وهي نوعان :

(أحدهما) الفاء الدّاخلة على خبر المبتدأ إذا تضمّن معنى الشرط نحو «الذي يأتي فله درهم». وإنّما كانت زائدة لأنّ الخبر مستغن عن رابط يربطه بالمبتدأ.

(الثاني) التي دخولها في الكلام كخروجها قاله الأخفش واحتجّ بقول الشاعر :

وقائلة : خولان فانكح فتاتهم

وأكرومة الحيّين خلو كما هيا

الفاء السّببيّة : تختلف الفاء السببيّة عن العاطفة بأنّ العاطفة يدخل ما بعدها فيما دخل فيه الأوّل ، تقول : «أنت تأتيني فتكرمني» و «أنا أزورك فأحسن إليك».

أمّا الفاء السّببية فيخالف فيها ما بعدها ما قبلها ، وذلك قولك : «ما تأتيني فتكرمني». و «ما أزورك فتحدّثني» المراد : ما أزورك فكيف تحدّثني؟ وما أزورك إلّا لم تحدّثني ، على معنى : كلّما زرتك لم تحدّثني ـ كان النّصب ، وكانت الفاء للسّببية والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة وجوبا ، وإذا أراد : ما أزورك وما تحدّثني كان الرفع لا غير ، لأنّ الثاني معطوف على الأوّل ، أمّا فاء «كن فيكون» فيصحّ فيه الرّفع والنّصب ، فالرّفع على العطف والتّعقيب والنّصب على أنّ الفاء للسّببيّة ، فيكون لفظ «فيكون» سببا عن كن وهما قراءتان سبعيّتان ، والنّصب بعد فاء السّببيّة لا يكون إلا بأن يتقدّمها نفي أو طلب محضين (١) وذلك بأحد الأمور التّسعة

__________________

(١) وإنما قيّد الطلب والنّفي بالمحضين لإخراج النفي التالي تقريرا ، والمتلو بنفي ، والمنتقض ب «إلا» نحو «ألم تأتني فأحسن إليك» إذا لم ترد استفهاما حقيقيا ، والثاني : «ما تزال تأليفا فتحدثنا» ، والثالث نحو «ما تأتينا إلا وتحدثنا» وبالطلب المحض ، يخرج الطلب باسم الفعل نحو «نزال فنكرمك» وبما لفظه لفظ الخبر نحو «حسبك حديث فينام الناس» فالمضارع بكل هذا مرفوع لعدم محضيّة النفي والطلب.

٣١٩

وهي : «الأمر والدّعاء والنّهي والاستفهام والعرض والتّحضيض والتّمني والتّرجّي والنّفي» فالأمر نحو قول أبي النّجم :

يا ناق سيري عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا

والدّعاء نحو قول الشّاعر :

ربّ وفّقني فلا أعدل عن

سنن السّاعين في خير سنن

والنّهي نحو قوله تعالى : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)(١).

والاستفهام نحو قوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(٢).

والعرض نحو قول الشّاعر :

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدّثوك فما راء كمن سمعا

والتّحضيض نحو قوله تعالى :

(لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ)(٣).

والتمني نحو قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٤).

والتّرجّي نحو قوله تعالى : (لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى)(٥).

والنّفي نحو قوله تعالى : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٦). (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ)(٧).

الفاء العاطفة : وتفيد أمورا ثلاثة :

(أحدها) التّرتيب ، وهو نوعان : معنويّ كما في «دخل محمّد فعليّ».

وذكريّ : وهو عطف مفصّل على مجمل نحو قوله تعالى : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ)(٨) ونحو (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(٩) ولا ينافي إفادتها التّرتيب قوله تعالى : (أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا)(١٠) لأنّ التّقدير : أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا.

(الثاني) التّعقيب ، وهو في كلّ شيء بحسبه ، فإذا قلنا : «تزوّج خالد فولد له» فالتّعقيب هنا بعدم فترة بين التزوج

__________________

(١) الآية «٨١» من سورة طه «٢٠».

(٢) الآية «٥٢» من سورة الأعراف «٧».

(٣) الآية «١٠» من سورة المنافقون «٦٣».

(٤) الآية «٧٢» من سورة النساء «٤».

(٥) الآية «٣ و ٤» من سورة عبس «٨٠».

(٦) الآية «٣٦» من سورة فاطر «٣٥».

(٧) الآية «٦١» من سورة طه «٢٠».

(٨) الآية «٣٦» من سورة البقرة «٢».

(٩) الآية «١٥٣» من سورة النساء «٤».

(١٠) الآية «٤» من سورة الأعراف «٧».

٣٢٠