معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

باب الخاء

خال : يخال خيلا : من أفعال القلوب. وتفيد في الخبر الرّجحان واليقين والغالب والأشهر كونها للرّجحان تتعدّى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، مثالها في الرّجحان قول الشّاعر :

إخالك ـ إن لم تغضض الطرف ـ ذا هوى

يسومك ما لا يستطاع من الوجد

ومثالها في اليقين قول الشاعر :

ما خلتني زلت بعدكم ضمنا

أشكو إليك حموّة الألم (١)

لا لعجب نحو : «خال الرجل يخال» إذا تكبّر ، فإنّ فعلها لازم.

وتشترك مع أخواتها بأحكام.

(= المتعدي إلى مفعولين).

خبر المبتدأ :

١ ـ تعريفه :

هو الجزء الذي حصلت به أو بمتعلّقه الفائدة مع مبتدأ غير الوصف ، ويسمّي سيبويه خبر المبتد : المبنيّ عليه.

ويرفع الخبر بالمبتدأ كما المبتدأ يرفع بالخبر.

٢ ـ أقسام الخبر :

الخبر إمّا مفرد ، وإمّا جملة ، ولكلّ منهما مباحث تخصّه.

٣ ـ الخبر المفرد :

الخبر المفرد : إمّا أن يكون جامدا أو مشتقّا ، فإن كان جامدا ـ وهو الخالي من معنى الفعل ـ فلا يتحمّل ضمير المبتدأ نحو «هذا قمر» و «هذا أسد». وإن كان مشتقّا ـ وهو ما أشعر بمعنى الفعل ـ فيتحمّل ضمير المبتدأ نحو : «عليّ بارع» و «زيد قائم» ومثله : «العمران قادمان» ، و «التّلاميذ مجدّون» و «هند

__________________

(١) التقدير في البيت : خلت نفسي ضمنا بعدكم ما زلت أشكو شدة الفراق ، فرّق بين ما زال ، و «ضمنا» ، معناه : الزمن المبتلى وهي المفعول الثاني ل «خلتني» وخبر «ما زلت» جملة أشكو.

٢٤١

قائمة» و «الهندان قائمتان» و «الهندات قائمات» (١) إلّا إن رفع المشتقّ الاسم الظّاهر نحو «أحمد طيّب خلقه» أو رفع الضمير البارز نحو : «عليّ محسن أنت إليه».

ويجب إبراز الضّمير في الخبر المشتقّ في حالة واحدة ، وهي : إذا جرى الوصف الواقع خبرا على غير من هو له ، سواء أحصل لبس أم لا ، مثال ذلك : «محمّد عليّ مكرمه هو» فـ «مكرمه» خبر عن «عليّ» (٢) والجملة خبر عن «محمّد» والمقصود : أن محمّدا مكرم عليّا ، وعلم ذلك بإبراز الضّمير ، ولو استتر الضّمير لاحتمل المعنى عكس ذلك.

هذا مثال ما حصل فيه اللّبس ، ومثال ما أمن فيه اللّبس «بكر زينب مكرمها هو» فلولا الضّمير المنفصل «هو» لوضح المعنى وأمن اللّبس ، ومع ذلك أوجبوا أن يبرز الضّمير لاطراد القاعدة (٣). ٤ ـ الخبر الجملة ورابطها :

إذا وقع الخبر جملة فإمّا أن تكون الجملة نفس المبتدأ في المعنى فلا تحتاج لرابط نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٤). ومثله : «نطقي : الله حسبي».

وإمّا أن تكون غيره فلا بدّ حينئذ من احتوائها على معنى المبتدأ التي هي مسوقة له ، وهذا هو الرّابط وذلك بأن تشتمل على اسم بمعناه وهذا الاسم :

(١) إمّا ضميره مذكور نحو «الحقّ علت رايته» أو مقدّرا نحو : «السّمن رطل بدينار» أي منه.

(٢) أو إشارة إليه ، نحو : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ)(٥) إذا قدّر «ذلك» مبتدأ ثانيا ، لا بدلا أو عطف بيان ، وإلّا كان الخبر مفردا.

(٣) أو تشتمل الجملة على اسم بلفظه ومعناه نحو : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ)(٦).

(٤) أو تشتمل على اسم أعمّ منه نحو : «أبو بكر نعم الخليفة» فـ «أل» في

__________________

(١) فـ «الخبر» في ذلك متحمل لضمير مستتر عائد على المبتدأ.

(٢) وهو قائم بغيره لأن المكرم محمد لا علي ، وإن كان مكرمه خبر لعلي ، وهذا معنى قوله : إذا جرى الوصف خبرا علي غير من هو له.

(٣) وعند الكوفيين : إن أمن اللّبس جاز إبراز الضّمير واستتاره ، وإن خيف اللّبس وجب الإبراز ، وقد ورد السّماع بمذهبهم فمن ذلك قوله :

قومي ذرى المجد بانوها وقد علمت

بكنه ذلك عدنان وقحطان

التقدير : بانوها هم ، فحذف الضمير لأمن اللبس.

(٤) الآية «١» من سورة الإخلاص «١١٢».

(٥) الآية «٢٦» من سورة الأعراف «٧».

(٦) الآية «١» من سورة الحاقة «٦٩».

٢٤٢

فاعل «نعم» استغراقيّة.

وقد يجوز في الشعر عدم الرّبط ، وهو ضعيف في الكلام ، ومن عدم الرّابط في الشعر قول النّمر بن تولب :

فيوم علينا ويوم لنا

ويوم نساء ويوم نسر

والأصل : نساء فيه ، ونسر فيه ،.

وقول امرىء القيس :

فأقبلت زحفا على الرّكبتين

فثوب نسيت ، وثوب أجرّ

والأصل : نسيته ، وأجرّه.

أما قول أبي النجم العجلي :

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي

عليّ ذنبا كلّه لم أصنع

فهو ضعيف كالنّثر ، لأنّ النّصب في «كلّه» لا يكسر البيت ، ولا يخل به.

٥ ـ الخبر ظرفا أو مجرورا :

ويقع الخبر ظرفا نحو : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)(١) ومجرورا نحو (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وليس الظّرف أو المجرور هما الخبرين بل الخبر في الحقيقة متعلّقهما المحذوف المقدّر بكائن أو مستقر.

٦ ـ خبر المبتدأ وظرف المكان :

ظرف المكان يقع خبرا عن أسماء الذّوات والمعاني نحو «زيد خلفك» و «الخير أمامك».

٧ ـ خبر المبتدأ وظرف الزّمان :

ظرف الزّمان يقع خبرا عن أسماء المعاني غير الدّائمة (٢) فقط منصوبا أو مجرورا بفي نحو «الصّوم اليوم» و «السّفر في غد».

ولا يقع الزّمان خبرا عن أسماء الذّوات فلا يقال : «زيد اللّيلة» إلّا إن حصلت فائدة جاز عند الأكثرين ، وذلك في ثلاث حالات :

(أ) أن يكون المبتدأ عامّا والزّمان خاصّا إمّا بالإضافة نحو «نحن في شهر ربيع» فنحن ذات وهو عامّ لصلاحيّته لكلّ متكلّم وفي شهر كذا خاصّ ـ وإمّا بالوصف نحو «نحن في زمان طيّب» مع جرّه ب «في» كما مثّل.

(ب) أن تكون الذّات مشبهة للمعنى في تجدّدها وقتا فوقتا نحو : «الهلال اللّيلة».

(ج) أن يقدّر مضاف نحو قول امرىء القيس «اليوم خمر» أي شرب الخمر و «الليلة الهلال» أي رؤية الهلال.

__________________

(١) الآية «٤٢» من سورة الأنفال «٨».

(٢) فإن كان اسم المعنى دائما امتنع الإخبار بالزمان عنه فلا يقال : «طلوع الشمس يوم الجمعة» لعدم الفائدة.

٢٤٣

٨ ـ اسم المكان المخبر به عن الذّات :

اسم المكان المخبر به عن الذّات إمّا متصرّف ، وإمّا غير متصرّف (١). فإن كان متصرّفا فإن كان نكرة فالغالب رفعه نحو «العلماء جانب ، والجهّال جانب» ويصحّ «جانبا» فيهما.

وإن كان معرفة فبالعكس نحو : «الباب يمينك» ويصحّ «يمينك» وإن كان غير متصرّف فيجب نصبه ، نحو «المسجد أمامك».

٩ ـ اسم الزّمان المخبر به :

اسم الزّمان إن كان نكرة واستغرق المعنى جميعه أو أكثره غلب رفعه وقلّ نصبه أو جرّه بفي نحو : «الصّوم يوم» و «السّير شهر» وإن كان معرفة ، أو نكرة لم تستغرق ، فبالعكس نحو «الصّوم اليوم» و «الخروج يوما».

١٠ ـ اقتران الخبر بالفاء :

قد يقترن الخبر بالفاء ، وذلك إذا كان المبتدأ يشبه الشّرط في العموم والاستقبال ، وترتّب ما بعده عليه ، وذلك لكونه موصولا بفعل صالح للشّرطيّة نحو : «الذي يأتيني فله درهم».

١١ ـ المصدر النّائب عن الخبر :

قد يحذف خبر المبتدأ إذا كان فعلا ، وينوب المصدر منابه تقول : «ما أنت إلّا سيرا» أي تسير سيرا فـ «سيرا» في المثال مصدر سدّ مسدّ الخبر ، ومثله : «زيد أبدا قياما» ويجوز أن يكون التقدير : ما أنت إلّا صاحب سير ، فيقام المضاف إليه مقام المضاف ومثله قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ)(٢). وتأويلها : ولكن البرّ برّ من آمن بالله.

١٢ ـ تأخير الخبر وتقديمه :

الأصل في الخبر أن يتأخّر عن المبتدأ ، وقد يتقدّم ، وذلك في حالات ثلاث : وجوب تأخيره ، ووجوب تقديمه ، واستواء الأمرين :

(أ) وجوب تأخير الخبر :

يجب تأخير الخبر في أربع مسائل : «إحداها» : أن يخشى التباسه بالمبتدأ ، وذلك إذا كانا معرفتين ، أو نكرتين متساويتين في التّخصيص ، ولا قرينة تميّز أحدهما عن الآخر ، فالمعرفتان نحو «أحمد أخوك» أو «صديقك صديقي» ، والنّكرتان نحو

__________________

(١) المتصرف من أسماء الزمان والمكان : ما يستعمل ظرفا وغير ظرف نحو «يوم» و «ليلة» و «ميل» و «فرسخ» إذ يقال «يومك يوم مبارك» وغير المتصرف : ما يلازم الظرفية وشبهها وهو الجر ب «من» نحو «قبل وبعد ولدن وعند».

(٢) الآية «١٧٧» من سورة البقرة «٢».

٢٤٤

«أفضل منك أفضل مني» ، أمّا إذا وجدت القرينة نحو «عمر بن عبد العزيز عمر بن الخطّاب». جاز تقديم الخبر وهو «عمر بن الخطّاب» لأنّه معلوم أنّ المراد تشبيه ابن عبد العزيز بابن الخطّاب تشبيها بليغا ومنه قوله :

بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

ف «بنونا» خبر مقدّم ، وبنو أبنائنا مبتدأ مؤخّر ، والمراد الحكم على بني أبنائهم بأنّهم كبنيهم.

«الثانية» أن يأتي الخبر فعلا ، ويخشى التباس المبتدأ بالفاعل نحو «عليّ اجتهد» ونحو «كلّ إنسان لا يبلغ حقيقة الشكر».

«الثالثة» : أن يقترن الخبر ب «إلّا» معنى نحو : (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ)(١) أو لفظا نحو : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(٢) فلا يجوز تقديم الخبر لأنّه محصور فيه ب «إلّا» فأمّا قول الكميت ابن زيد :

فيا ربّ هل إلّا بك النّصر يرتجى

عليهم وهل إلّا عليك المعوّل

فضرورة لأنه قدّم الخبر المقرون ب «إلّا» لفظا ، والأصل : وهل النّصر إلّا بك ، وهل المعّول إلّا عليك.

«الرابعة» : أن يكون المبتدأ مستحقا للتّصدير ، والأسماء التي لها الصّدارة بنفسها هي : أسماء الاستفهام ، والشّرط ، وما التّعجّبيّة ، وكم الخبريّة ، وضمير الشأن ، وما اقترن بلام الابتداء ، نحو : «من أنت؟». و «من يقم أقم معه» و «ما أحسن الصدق» و «كم فرس لي» و (هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و «لزيد قائم».

وهناك اسم ليس له الصّدارة ، ولكنّه يشبه أحيانا ما يستحقّ التّصدير ، وهو «اسم الموصول».

إذا اقترن خبره بالفاء نحو «الذي يدرّس فله درهم» فالذي : اسم موصول مبتدأ و «يدرّس» صلته ، وجملة «فله درهم» خبره ، وهو واجب التّأخير ، فإنّ المبتدأ هنا ، وهو «الذي» مشبّه باسم الشّرط لعمومه وإبهامه واستقبال الفعل الذي بعده ، وكون الفعل سببا لما بعده ولهذا دخلت الفاء في الخبر وقد تقدم.

وكلّ ما أضيف من الأسماء إلى ماله الصّدارة ممّا مرّ فله نفس الحكم ، أي وجوب تأخير الخبر نحو : «غلام من أنت» فـ «غلام» مبتدأ و «من» اسم استفهام مضاف إليه و «أنت» خبر المبتدأ ، ومثله : «قال كم رجل عندك» وهكذا ..

__________________

(١) الآية «١٢» من سورة هود «١١» و «إنما» فيها معنى «إلا» وهو الحصر.

(٢) الآية «١٤٤» من سورة آل عمران «٣».

٢٤٥

(ب) وجوب تقديم الخبر :

يجب تقديم الخبر في أربع مسائل :

«إحداها» : أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوّغ إلّا تقدّم الخبر ، والخبر ظرف أو جارّ ومجرور أو جملة (١) ، نحو «عندي كتاب» و «في الدّار شجرة» فإن كان للنكرة مسوّغ جاز الأمران نحو «رجل عالم عندي» و «عندي رجل عالم».

«الثانية» : أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على بعض الخبر ، نحو : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(٢). فلو أجزنا تقديم المبتدأ هنا لعاد الضمير على متأخّر لفظا ورتبة ، ومنه قول الشاعر :

أهابك إجلالا وما بك قدرة

عليّ ، ولكن ملء عين حبيبها (٣)

«الثالثة» : أن يكون الخبر له صدر الكلام نحو «أين كتابك» (٤) و (مَتى نَصْرُ اللهِ)(٥). «الرابعة» : أن يكون المبتدأ محصورا ب «إلّا» نحو «ما لنا إلّا اتّباع أحمد» أو «إنما» نحو : «إنما المقدام من لا يخشى قولة الحق».

(ج) جواز تقديم الخبر وتأخيره :

يجوز تقديم الخبر وتأخيره ، وذلك فيما فقد فيه موجبهما أي فيما عدا ما مرّ من وجوب تقديم الخبر. ووجوب تأخيره كقولك «بكر العالم». فيترجح تأخيره على الأصل ، ويجوز تقديمه لعدم المانع.

١٣ ـ حذف الخبر :

قد يحذف الخبر إذا دلّ عليه دليل جوازا أو وجوبا.

فيجوز حذف ما علم من خبر نحو : «خرجت فإذا صديقي» أي منتظر ، وقوله تعالى : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها)(٦) أي كذلك. ويجب حذف الخبر في أربعة مواضع :

(أ) أن يكون المبتدأ صريحا في القسم (٧) نحو «لعمرك لأقومنّ» و «آيمن الله لأجاهدنّ» أي لعمرك

__________________

(١) وإنما وجب تقديم الخبر هنا لئلا يتوهم كون المؤخر نعتا ، لأن حاجة النكرة المحضة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها أقوى من المخبر.

(٢) الآية «٢٤» من سورة محمد «٤٧».

(٣) فـ «حبيبها» مبتدأ مؤخر «ملء عين» خبر مقدم ، ولا يجوز تأخير الخبر هنا أيضا لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

(٤) فـ «كتابك» مبتدأ مؤخر و «أين» اسم استفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ولا يجوز كتابك أين ، لأن لاسم الاستفهام الصدارة.

(٥) الآية «٢١٤» من سورة البقرة «٢».

(٦) الآية «٣٥» من سورة الرعد «١٣».

(٧) أي لا يستعمل إلّا في القسم ، ويفهم منه القسم قبل ذكر المقسم عليه ، فإن قلت : «عهد الله لأكافئنك» جاز إثبات الخبر لعدم صراحة القسم ، إذ يمكن أن يستعمل في غيره نحو «عهد الله يجب الوفاء به».

٢٤٦

قسمي ، وايمن الله يميني ، وإنما وجب حذفه لسدّ جواب القسم مسدّه.

(ب) أن يكون المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو هي نصّ في المعيّة نحو «كلّ رجل وضيعته» (١) ولو قلت «زيد وعمرو» وأردت الإخبار باقترانهما جاز حذف الخبر اعتمادا على أنّ السامع يفهم من اقتصارك معنى الاقتران ، وجاز ذكر الخبر لعدم التّنصيص على المعيّة قال الفرزدق :

تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى (٢)

وكلّ امرىء والموت يلتقيان

فآثر ذكر الخبر وهو يلتقيان.

(ج) : أن يكون الخبر كونا مطلقا (٣).

و «المبتدأ بعد لو لا نحو «لو لا العلماء لهلك العوام» فالهلاك ممتنع لوجود العلماء ، فالعلماء مبتدأ وخبره محذوف وجوبا ، التّقدير : لو لا العلماء موجودون لهلك العوام ، وإن كان الخبر كونا مقيّدا وجب ذكره إن فقد دليله كقوله : «لو لا زيد سالمنا ما سلم» (٤) وفي الحديث : (لو لا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم) (٥). وجاز الوجهان إن وجد الدّليل نحو : «لو لا أنصار زيد حموه ما سلم» ويجوز «لو لا أنصار زيد ما سلم» فجملة «حموه» خبر المبتدأ ويجوز حذف الخبر في المثال الثاني وهو : «لو لا أنصار زيد ما سلم».

فالمبتدأ دالّ على الحماية إذ من شأن الناصر أن يحمي من ينصره ، ومنه قول أبي العلاء يصف سيفا :

يذيب الرّعب منه كلّ عضب

فلو لا الغمد يمسكه لسالا (٦)

وجمهور من النحويين يوجب حذف

__________________

(١) وإعرابها : «كل» مبتدأ «رجل» مضاف إليه و «ضيعته» معطوف بالواو على «كل» والخبر محذوف وجوبا التقدير : مقرونان.

(٢) يشعب : يفرق.

(٣) وإيضاح الكون المطلق أن يقال : إن كان امتناع الجواب لمجرّد وجود المبتدأ كون مطلق ويقابله الكون المقيد ، كما إذا قيل : «هل زيد محسن إليك» فتقول «لو لا زيد لهلكت» تريد : لو لا إحسان زيد إليّ لهلكت ، فإحسان زيد مانع لهلاكي ، فالخبر كون مقيد بالإحسان والأصل في معنى «لولا» أنها حرف امتناع لوجود ، وهو الوجود المطلق.

(٤) فـ «زيد» مبتدأ وجملة «سالمنا» خبره ، وإنما ذكر الخبر هنا ، لأن وجود زيد مقيد بالمسالمة ولا دليل ـ إن حذف الخبر ـ على خصوصيتهما.

(٥) لفظ الحديث كما روي في صحيح مسلم (لو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر) ورواية الترمذي (لو لا أن قومك حديثو ... الحديث) وفي رواية مسلم : (لو لا حدثان قومك بالكفر لفعلت».

(٦) «يمسكه» خبر الغمد وهو كون مقيد بالإمساك ، والمبتدأ دالّ عليه ، إذ من شأن غمد السّيف إمساكه ، و «يذيب» نقيض يجمد ، «العضب» السّيف القاطع ، «الغمد» غلاف السيف.

٢٤٧

الخبر بعد «لو لا» مطلقا ، بناء على أنه لا يكون إلّا كونا مطلقا ، وأوجبوا جعل الكون الخاصّ مبتدأ فيقال في : «لو لا زيد سالمنا ما سلم» لو لا مسالمة زيد إيّانا أي موجودة ، ولحّنوا المعري ، وقالوا : الحديث مرويّ بالمعنى (١).

(د) أن يغني عن الخبر حال لا تصحّ أن تكون خبرا نحو «مدحي العالم عاملا» (٢) (أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد) «أحسن كلام الرّجل متأنيا» التقدير : مدحي العالم إذ كان (٣) أو إذا كان عاملا وكذا الباقي ... ولا يغني الحال عن الخبر إلّا إذا كان المبتدأ مصدرا مضافا لمعموله كالمثال الأوّل أو أفعل التفضيل مضافا لمصدر مؤوّل كالمثال الثاني أو صريح كالمثال الثالث ، فلا يجوز : مدحي العالم مفيدا بالنصب لصلاحية الحال للخبرية ، فالرفع هنا واجب وشذّ قولهم : «حكمك مسمّطا» (٤).

١٤ ـ تعدّد الخبر :

الأصحّ جواز تعدّد الخبر لفظا ومعنى لمبتدأ واحد نحو «عليّ حافظ شاعر كاتب راوية أديب» ومثله قوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)(٥).

والذي يمنع جواز تعدّد الخبر يقدّر «هو» للثاني والثالث من الأخبار ، وليس من تعدّد الأخبار. قول طرفة :

يداك يد خيرها يرتجى

وأخرى لأعدائها غائظة

لأنّ «يداك» في قوّة مبتدأين لكلّ منهما خبر ولا نحو قولهم : «الرّمّان حلو حامض» لأنّهما بمعنى خبر واحد ، تقديره «مزّ» ولهذا يمتنع العطف ، وإن توسّط المبتدأ بينهما ، أي نحو حلو الرّمّان حامض».

خبّر : من الأفعال التي تتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل على ما قاله الفرّاء تقول : «خبّرته الوعد آتيا».

ومنه قول الشاعر :

وخبّرت سوداء الغميم (٦) مريضة

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها

__________________

(١) مر قريبا الحديث والتعليق عليه.

(٢) مدحي مبتدأ ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله و «العالم» مفعوله و «عاملا» حال من العالم ، وهذه الحال لا تصح خبرا إذ لا يقال : مدحي عامل ، فالخبر ظرف زمان متعلق بمحذوف والتقدير : حاصل إذ كان عاملا.

(٣) التقدير ب «إذ» عند إرادة المضي وب «إذا» عند إرادة الاستقبال.

(٤) قاله قوم لرجل حكّموه وأجازوا حكمه ومعناه : نافذ مثبت والقياس رفعه لصلاحيته للخبرية ولكنه نصب على الحال ، وعلى النصب الخبر محذوف ، التقدير : حكمك لك مثبتا.

(٥) الآيتان ١٤ ـ ١٥ من سورة البروج «٨٥».

(٦) الغميم : موضع من بلاد غطفان.

٢٤٨

(انظر المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).

خلا : لها ثلاثة أوجه :

(١) أن يكون فعلا غير متصرّف ، متعدّيا ، ناصبا للمستثنى على المفعوليّة وفاعله ضمير مستتر عائد على مصدر الفعل المتقدّم عليها ، فإذا قلنا : «حضر القوم خلا عليّا» فالمعنى خلا حضورهم عليّا.

(٢) وتصلح أيضا أن تكون حرفا جارّا للمستثنى فلك أن تقول «حضر القوم خلا عليّ» بالجر ولا تعلّق لها بما قبلها وهي مع معمولها في موضع نصب بتمام الكلام (١). وإذا استثني بها ضمير المتكلّم وقصد الجرّ ، لم يؤت بنون الوقاية ، وإذا قصد النّصب أتي بها ، فيقال على الأوّل : خلاي ، وعلى الثاني : خلاني.

(٣) أن تدخل «ما» المصدريّة عليها ، فتتعيّن للفعليّة ، ويجب عند ذلك نصب ما بعدها ، وموضع «ما خلا» نصب على الحال فيكون التّقدير : حضروا خالين عن عليّ ، وقيل على الظّرف والتقدير : وقت خلوّهم عن عليّ وعلى ذلك قول الشّاعر :

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل

وكلّ نعيم لا محالة زائل

ولها حسب أحوالها أحكام ب «المستثنى» و «الجارّ والمجرور» (فانظرها فيهما).

خلال : من قوله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)(٢) هي ظرف مكان منصوب والمعنى : في خلال الديار.

خلف : من أسماء الجهات ، ولها أحكام قبل ، وهي ظرف مكان منصوب ومعناها : ضدّ «أمام».

(انظر قبل).

الخميس : يجمع في أدنى العدد على «أخمسة» ك «قفيز وأقفزة» وتجمع على «أخماس».

وجمع الكثرة «الخمس» و «الخمسان» وعلى «أخمساء» كنصيب وأنصباء.

خير وشرّ : يأتي هذا اللفظ اسم تفضيل على غير وزن «أفعل» لكثرة الاستعمال نحو «العلم خير من المال» وهذا هو الأكثر وقد يستعمل قليلا على وزن «أفعل» أي «أخير» ومثله «أشرّ».

(انظر اسم التفضيل وعمله ٢).

__________________

(١) أي إنها مثل ما بعد «إلا» فإنه منصوب ولا تعلق له بالعامل والعامل فيهما معنوي وهو تمام الكلام وكذا سائر الفضلات : أفاده الدسوقي.

(٢) الآية «٥» من سورة الإسراء «١٧».

٢٤٩
٢٥٠

باب الدّال

درى :

(١) فعل ماض تعدّى إلى مفعولين ومعناها : علم واعتقد وهي من أفعال القلوب وتفيد في الخبر يقينا نحو قوله :

دريت الوفيّ العهد يا عرو فاغتبط

فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد (١)

وتشترك مع أخواتها بأحكام.

(انظر المتعدي إلى مفعولين).

(٢) والأكثر في «درى» أن يتعدّى بالباء نحو «دريت بكذا» فإن دخلت عليه همزة النّقل تعدّى إلى واحد بنفسه ، وإلى الآخر بالباء نحو (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ)(٢).

(٣) وقد تأتي «درى» بمعنى ختل أي خدع فتتعدّى لواحد نحو : «دريت الصيد» أي ختلته.

دواليك : أي إدالة بعد إدالة قال عبد بني الحسحاس :

إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله

دواليك حتى ليس للبرد لابس

وهو مأخوذ من تداولوا الأمر بينهم يأخذ هذا دولة وهذا دولة. ويقول ابن الأعرابي : دواليك وأمثالها خلقت هكذا.

وهو منصوب على المصدر المحذوف فعله ، وتجب إضافته.

(انظر الإضافة ١٠ / ٣).

دون : نقيض «فوق» وهو تقصير عن الغاية ، وهو ظرف مكان منصوب يقال : «هذا دونك» في التّحقير والتّقريب ويكون ظرفا فينصب ويكون اسما فيدخل حرف الجرّ عليه. وتكون «دون» بمعنى أمام ، وبمعنى وراء ، وبمعنى فوق ، من الأضداد فمن معنى وراء قولهم : «هذا

__________________

(١) المفعول الأول التاء النائبة عن الفاعل في دريت والثاني الوفي ، أما العهد فيصح أن تكون فاعلا بالوفي ومشبها بالمفعول أو مضافا إليه.

(٢) الآية «١٦» من سورة يونس «١٠».

٢٥١

أمير على ما دون جيحون» ، أي على ما وراءه ، ومنه قول الشاعر :

تريك القذى من دونها وهي دونه

إذا ذاقها من ذاقها يتمطّق

وتكون بمعنى «غير» نحو قوله تعالى : (إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غير الله تعالى ، وقوله تعالى : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ)(١).

(انظر أسماء الجهات).

دونك : اسم فعل أمر بمعنى خذ يقال : «دونك الكتاب» أي خذه ، وفاعله أنت والكاف للخطاب والكتاب مفعوله ، ولا يقال : دوني.

(انظر اسم الفعل ٥)

__________________

(١) الآية «٤٨» من سورة النساء «٤».

٢٥٢

باب الذّال

ذا الإشاريّة : (= اسم الإشارة ٢).

ذا الموصولة : يقول سيبويه : هذا باب إجرائهم «ذا» وحده بمنزلة الذي وليس يكون كالذي إلّا مع «ما ومن» في الاستفهام فيكون ذا بمنزلة الذي ويكون «ما» حرف استفهام ، وإجراؤهم إيّاه مع «ما» بمنزلة اسم واحد (١).

أمّا إجراؤهم «ذا» بمنزلة الذي فهو قولك : «ماذا رأيت؟» فيقول : متاع حسن أي على البدلية من ما : المبتدأ» وذا : خبره ؛ قال لبيد بن ربيعة :

ألا تسألان المرء ماذا يحاول

أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

وأمّا إجراؤهم إيّاه ـ أي ذا ـ مع ما الاستفهامية ـ بمنزلة اسم واحد فهو قولك : «ماذا رأيت؟» (٢). فتقول : خيرا ؛ كأنك قلت : ما رأيت؟ أي جعلت «ماذا» كلها استفهاما ـ ومثل ذلك قولهم : ماذا ترى؟ فتقول : خيرا ، وقال جلّ ثناؤه : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً)(٣). ولو كان «ذا» لغوا لما قالت العرب : عماذا تسأل؟ ولقالوا : عمّ ذا تسأل كأنهم قالوا : عمّ تسأل ، ولكنهم جعلوا «ما وذا» اسما واحدا (٤) كما جعلوا ما وإن حرفا واحدا حين قالوا : إنّما.

ومثل ذلك : كأنّما وحيثما في الجزاء.

ومثل «ماذا» من ذا في جميع ما تقدّم. غير أنّ من ذا للعاقل ، وماذا لغير العاقل.

ذا : بمعنى صاحب.

(انظر الأسماء الخمسة).

__________________

(١) أي إما أن تكون «ما» اسم استفهام وذا اسم موصول : أو تكون «ماذا» كلها اسم استفهام فهذان قسمان.

(٢) فتكون ماذا مفعول رأيت ، وخيرا بدل منه.

(٣) الآية «٣٠» من سورة النحل «٢٧».

(٤) لا يرى سيبويه : أن «ذا» ملغاة في جعلها مع ما استفهاما بل يرى أنّ «ماذا» كلّها استفهام لا ما وحدها وذا ملغاة كما لا تكون ذا بمعنى الذي دائما ألبتة.

٢٥٣

ذات : (= اسم الإشارة ٢).

ذات مرّة : من الظروف غير المتمكّنة التي لا تأتي إلّا ظرفا ، ومثله : «ذات يوم» و «ذات ليلة» تقول : «سير عليه ذات مرّة» بنصب ذات ، لا يجوز إلّا هذا ، ألا ترى أنّك لا تقول : «إنّ ذات مرّة كان موعدهم» ، ولا تقول : إنّما لك ذات مرّة.

ذان وذين : (= اسم الإشارة ٢).

ذر : فعل أمر بمعنى «دع» ترك ماضيه كما ترك ماضي «دع» ولم يستعمل منهما إلّا الأمر والمضارع ، تقول : «يذر» و «يدع» واستعمل بدلا من ماضيهما كلمة «ترك» وبدلا من مصدرهما «الترك».

ذه : (= اسم الإشارة ٢).

ذو الطّائيّة : اسم موصول عند طيّء خاصّة ، وهي مفردة مذكّرة مبنيّة على سكون الواو في جميع الحالات على المشهور ، وتستعمل للعاقل وغيره كقول سنان بن الفحل الطّائي :

فإنّ الماء ماء أبي وجدّي

وبئري ذو حفرت وذو طويت

وقد تؤنّث وتثنّى وتجمع عند بعض بني طيء فتقول في المذكّر «ذو» وفي المؤنّث «ذات» وفي مثنّى المذكّر «ذوا» وفي المثنى المؤنّث «ذواتا» وفي جمع المذكّر «ذوو» وفي جمع المؤنث «ذوات» وقد تعرب بالحروف الثّلاثة إعراب «ذو» بمعنى صاحب كقول منظور بن سحيم الفقعسي :

فإمّا كرام موسرون لقيتهم

فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا

فيمن رواه بالياء ، أمّا الرّواية الأصليّة : «فحسبي من ذو» على الأصل في البناء على سكون الواو في حالاتها كلّها.

ذيت وذيت : قيل : إنّها مثلّثة الآخر ، والمشهور الفتح ، وحكي الكسر ، وهي من ألفاظ الكنايات وهي بمعنى : «كيت وكيت» وقيل : إنها تختصّ بالأقوال.

(انظر كيت وكيت).

ذي : (= اسم الإشارة ٢)

ذيّا : تصغير «ذا» للإشارة.

(= التصغير ١٣).

ذيّان : تصغير «ذان» للتّثنية.

(= التصغير ١٣).

ذين : (= اسم الإشارة ٢).

٢٥٤

باب الرّاء

رأى : فعل يتعدّى إلى مفعولين ، وهو :

(١) من أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر الرّجحان أحيانا ، واليقين أحيانا أخرى ، والأكثر أنّها لليقين ، نحو قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ)(١) قَرِيباً (٢). فيرونه الأولى للظنّ وهي قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) والثانية وهي قوله تعالى : (وَنَراهُ قَرِيباً) لليقين ، ولها مع أخواتها أحكام.

(انظر المتعدي إلى مفعولين).

(٢) «رأى» من الرّأي وهو المذهب تقول : «رأيت رأي فلان» أي اعتقدته ، وتتعدى هذه إلى واحد.

(٣) «رأى» بمعنى أبصر تقول : «رأيت العصفور على الشّجرة». أي أبصرته ، وتتعدّى هذه أيضا إلى واحد.

(٤) «رأى» الحلميّة وتتعدّى لاثنين ك «رأى» العلميّة كقوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٣).

ربّ : حرف جر لا يجرّ إلّا النّكرة ، ولا يكون إلّا في أول الكلام ، وهو في حكم الزّائد ، فلا يتعلّق بشيء وقد يدخل على ضمير الغيبة ملازما للإفراد والتّذكير ، والتّفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى كقول الشّاعر :

ربّه فتية دعوت إلى ما

يورث المجد دائبا فأجابوا

وهذا قليل.

وقد تدخل «ما» النكرة الموصوفة على «ربّ» وتوصف بالجملة التي بعدها ، نحو قول أمية بن أبي الصّلت :

ربّما تكره النّفوس من الأم

ر له فرجة كحلّ العقال

__________________

(١) يرونه : يظنونه ، ونراه : نعلمه ، فالآية مثال للظن واليقين.

(٢) الآية «٦ و ٧» من سورة المعارج «٧٠».

(٣) الآية «٣٦» من سورة يوسف «١٢». وجملة أعصر مفعول ثان والياء من أراني مفعول أول.

٢٥٥

والتّقدير : ربّ شيء تكرهه النّفوس ، وضمير له يعود على ما. وقد تلحق ربّ ما الزّائدة فتكفّها عن العمل فتدخل حينئذ على المعارف وعلى الأفعال فتقول : «ربّما عليّ قادم» و «ربّما حضر أخوك».

وقد تعمل قليلا كقول عديّ الغسّاني :

ربّما ضربة بسيف صقيل

بين بصرى وطعنة نجلاء

والغالب على «ربّ» المكفوفة أن تدخل على فعل ماض كقول جذيمة : «ربما أوفيت في علم» وقد تدخل على مضارع منزّل منزلة الماضي لتحقّق الوقوع نحو قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) وندر دخولها على الجملة الاسميّة كقول أبي دؤاد الإيادي :

ربّما الجامل المؤبّل فيهم (٢)

ومعنى «ربّ» التّكثير ، وتأتي للتّقليل

فالأوّل كقوله عليه الصلاة والسلام : (يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة).

والثاني كقول رجل من أزد السّراة :

ألا ربّ مولود وليس له أب

وذي ولد لم يلده أبوان (٣)

وقد تحذف «ربّ» ويبقى عملها بعد الفاء كثيرا كقول امرىء القيس :

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذي تمائم محول (٤)

وبعد الواو أكثر كقول امرىء القيس :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي (٥)

وبعد «بل» قليلا كقول رؤبة :

بل بلد ملء الفجاج قتمه

لا يشترى كتّانه وجهرمه (٦)

وبدونهن أقلّ كقول جميل بن معمر :

رسم دار وقفت في طلله

كدت أقضي الحياة من جلله (٧)

ربّة : هي «ربّ» لا تختلف عنها معنى وإعرابا مع زيادة التاء لتأنيث لفظها فقط.

ربّتما : هي «ربّة» دخلت عليها «ما» الزّائدة فكفّتها عن العمل وصارت تدخل على المعارف والأفعال.

(انظر ربّ).

__________________

(١) الآية «٢» من سورة الحجر «١٥».

(٢) الجامل : القطيع من الإبل ، المؤبل : المعد للقنية.

(٣) سكنت اللام من يلده تشبيها بكتف فالتقى ساكنان حركت الدال بالفتح اتباعا للياء.

(٤) طرق : أتى ليلا ، «التمائم» التعاويذ ، «محول» أتى عليه حول.

(٥) السدول : الستائر واحدها : سدل ، ليبتلي : ليختبر.

(٦) الفجاج : جمع فج : الطريق الواسع الواضح بين جبلين. «القتم» الغبار ، «جهرم» أراد : جهرميّة بياء النسبة وهي بسط الشّعر تنسب إلى قرية بفارس تسمّى جهرم.

(٧) الرسم : آثار الدار «الطلل» ما شخص من آثارها «من جلله» من أجله.

٢٥٦

ربّما : هي «ربّ» دخلت عليها «ما» فكفّتها عن العمل وقد تخفّف الباء نحو قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ).

(انظر ربّ).

ردّ :

(١) من أفعال التّصيير تتعدّى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قوله تعالى : (لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً)(١). ونحو قول عبد الله بن الزّبير :

فردّ شعورهنّ السّود بيضا

وردّ وجوههنّ البيض سودا

وتشترك مع «أخواتها» بأحكام.

(انظر المتعدي إلى اثنين).

(٢) وقد تأتي «ردّ» بمعنى رجع فتنصب مفعولا واحدا نحو : «ردّه الله» أي رجعه.

رفع المضارع : يرفع المضارع إذا تجرّد من النّاصب والجازم (٢) نحو «يلبّي» «يقرأ» و «أنتما تكتبان» و «أنتم تنظرون».

وإذا دخلت على المضارع السّين أو سوف فقد منعتها بها من كلّ عامل.

رويد : مصدر أرود مصغّرا تصغير ترخيم ، تقول : «رويدا» ، إنما تريد : أرود زيدا أي أمهله ، ومثله قول مالك بن خالد الهذلي :

رويد عليّا جدّ ما ثدي أمّهم

إلينا ولكن بغضهم متماين (٣)

وتقول : «رويدك زيدا» أي أمهله ، فزيدا مفعول به لرويد ، والكاف لتبيّن المخاطب. ول «رويد» أربعة أوجه من الإعراب.

اسم فعل أمر نحو «رويد زيدا» أي أمهله ، ولا تقول : رويده.

وصفة : نحو «ساروا سيرا رويدا».

وحال : نحو «سار القوم رويدا».

ومصدر : نحو «رويد أخيك» بالإضافة.

الرّيث : مصدر راث : بمعنى أبطأ ، فإذا استعمل في معنى الزّمان جاز أيضا أن يضاف إلى الفعل فتقول «أتيتك ريث قام زيد» وهو ـ على هذا ـ مبنيّ كسائر أسماء الزّمان المضافة إلى الفعل المبني وعلى

__________________

(١) الآية «١٠٩» من سورة البقرة «٢».

(٢) هذا ما شهر من إعراب المضارع المتجرّد وعند البصريين ، يقال فيه : مضارع مرفوع لحلوله محلّ الاسم ، كما يقول ابن هشام في المغني ، ويقول المبرد : اعلم أنّ هذه الأفعال المضارعة ترتفع بوقوعها مواقع الأسماء ، مرفوعة كانت الأسماء أو منصوبة أو محفوظة ، فوقوعها موقع الأسماء هو الذي يرفعها.

(٣) علي في البيت هو علي بن مسعود الأزدي أخو عبد مناة ابن كنانة من أمه ، فلما مات عبد مناة وضم علي إلى نفسه ولد أخيه عبد مناة وقام بأمرهم نسبوا إليه ، وقوله : جدّ مائدي أمهم «ما» زائدة ، وجد : قطع ، ولم يرد قطع نفس الثدي : وإنما يريد قطع ما بيننا وبينهم من الرحم. ومتماين : من المين وهو الكذب.

٢٥٧

هذا فالرّيث : المقدار من الزّمان يقال : «جلس عندنا ريثما أكل». وفي المثل «ربّ عجلة أعقبت ريثا» أي إبطاء وأجروه ظرفا كما أجروا قولهم : «مقدم الحجيج» و «خفوق النّجم» وهو من الظّروف المبهمة يرجّح بناؤه على الفتح إذا أضيف إلى جملة صدّرت بمبني ويرجّح إعرابه إذا أضيف إلى جملة صدّرت بمعرب. تقول بترجيح البناء : «انتظرنا ريث لبسنا» وبترجيح الإعراب : «لبث ريث نقرأ الرّسالة».

ريحانة : تقول : سبحان الله وريحانة ، قال أهل اللغة : معناه : واسترزاقه ، وهو عند سيبويه من الأسماء الموضوعة موضع المصادر.

وقال الجوهري : سبحان الله وريحانة نصبوها على المصدر ، يريدون تنزيها له واسترزاقا.

ريثما : هي «ريث» دخلت عليها «ما» الزائدة.

٢٥٨

باب الزّاي

زعم :

(١) فعل ماض ينصب مفعولين ، ومن أفعال القلوب ، وتفيد في الخبر رجحانا ، بشرط ألّا تكون لكفالة كما سيأتي ، ولا لرئاسة فتتعدى لواحد ، ولا سمن ولا هزال ، يقال : زعمت الشاة : سمنت أو هزلت ، فلا تتعدى. وبمعنى الظن قول أبي أميّة الحنفي :

زعمتني شيخا ولست بشيخ

إنّما الشيخ من يدب دبيبا

والأكثر في «زعم» وقوعها على «أن» أو «أنّ» وصلتهما نحو : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا)(١).

وقول كثيرّ :

وقد زعمت أني تغيّرت بعدها

ومن ذا الّذي يا عزّ لا يتغيّر

وتشترك مع «أخواتها» بأحكام.

(انظر المتعدي إلى مفعولين).

(٢) تأتي «زعم» بمعنى كفل ، ومنه قوله تعالى : (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أي كفيل به ، ولا تتعدّى هذه إلّا بحرف الجر ، تقول : «زعم الأخ بأخيه» أي كفل به.

زمان : من الظروف الزّمانيّة المبهمة وهو منصوب. (انظر الإضافة).

__________________

(١) الآية «٧» من سورة التغابن «٦٤».

٢٥٩
٢٦٠